نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة ? العضوٌ???
» 77031 | ? التسِجيلٌ
» Feb 2009 | ? مشَارَ?اتْي » 7,187 | ?
نُقآطِيْ
» | | وها هي الآن تتذكر تلك اللحظات التي وقفت فيها الى جانب أمها المريضة , ساعية قدر الأمكان أن تحافظ على العلاقة الأسرية القائمة في هذا المنزل , محاولة أن تنسى اللحظة التي وقف فيها أبوها موقفا لا أنسانيا مدعيا بأن هذا جزاءه لأنه دلل أولاده أكثر مما يستحقون , مما جعلهم يخرجون عن طاعته , ولا يفعلون الا ما يدور في رؤوسهم , كل هذا لم يزد جين الا تمردا وأحتمالا , الى أن جاء اليوم الذي جعلها تكسر الطوق وتتخذ موقفا جديا في الخروج عن هذه السيطرة العائلية , عندما قرر والدها أن يزوجها من أحد أبناء عمومتها فليكس براون , ليكون شريكا له في مشاريعه ,وهذه الفكرة وحدها كانت كفيلة بأن تجعل جين ترتجف , وتتخذ قرارها بعدم مرافقة أهلها في السفر الى كندا لقضاء العطلة الصيفية هناك , وألا فستجد نفسها بين يوم وآخر مخطوبة لفيلكس بدون أن تعرف كيف ولماذا ,وفي هذا الجو المشحون , كان كل ما يفكر به السيد براون , وهو في مطار هيثرو هو كيفية أستغلال هذه العطلة , في توقيع عقود جديدة , وتجديد علاقات قديمة بعكس زوجته التي كانت كطفلة لحظة الرحيل فهي تكاد لا تصدق بأن زوجها سيكون بكليته لها في هذه الرحلة , رغم قلقها لعدم مرافقة جين لهما. ومع أختفاء الطائرة بين الغيوم , شعرت جين بالراحة , وأثناء عودتها الى المنزل قررت السفر الى أسكوتلندا , بعد أن كانت حائرة بين دعوتين موجهتين اليها من فرنسا , وعلى الرغم من حبها لفرنسا , رفضت الدعوتين بدون أن تعرف السبب , وكأن القدر هو الذي كان يخطط مسارها. لم يقطع عليها هذه الذكريات الا صوت السائق الذي أشار اليها لدى وصولها الى محطة هاي لينتون .. حيث نزلتةو هي تتنفس الصعداء , وسلكت الطريق الضيق متبعة التعليمات وبعد أن سارت في هذا الريف الموحش فترة , بدون أن تلمح أثر لشيء ,قالت بصوت عال: " يبدو أنني ضللت الطريق...". وفور تسرب الشعور باليأس الى نفسها , وهي تلعن السائق الذي رسم لها الطريق , لمحت بناء يكاد يختفي نصفه وراء ستارة من الأشجار , وعندما أقتربت أكثر , شاهدت منزلا حجريا ضخما غائرا الى جانب الطريق محاطا بمزرعة , وعلى المدخل كتب اسم المزرعة( هاي لينتون) , فتنفست بأرتياح , ومشت في الممر الفخم ,الذي يؤدي الى المدخل الرئيسي وطرقت الباب. وفي الداخل رنت خطوات ثقيلة تقترب من الباب , وما لبثت أن ظهرت أمرأة منذ أن رأتها جين عرفت بأنها السيدة التي تحدثت اليها على الهاتف , قالت السيدة بصوت أجش: " أعذريني أذ تأخرت عليك , لا بد أنك تريدين مقابلة السيدة تيت". وجهت نظراتها الفاحصة الى جين التي طمأنتها بقولها فورا: " أنا جين براون , أتصلت هذا الصباح , بخصوص الأعلان الذي كان منشورا في الجريدة , وطلبت مني الحضور , وهكذا أخذت أول قطار...". فقاطعتها المرأة وقد أنتقع وجهها : " آه ... هذا صحيح , فأنا التي كلمتك على الهاتف, أنا السيدة ديك زوجة الحارس , وكما أخبرتك فأن السيدة تيت المسؤولة عن البيت غير موجودة". وهنا بذلت جين ما في وسعها لتحافظ على أبتسامتها وقالت: " لقد حدثتني عن السيد غريرسون , فلعله يستطيع أستقبالي؟ وأذا كان ذلك مستحيلا فيمكنني أن أنتظر عودة السيدة تيت". ولم تستطع السيدة ديك أن تخفي قلقها وحاولت أن تتحاشى نظرة جين: " أرجو أن يستطيع مقابلتك لأنه يكره أن يضيّع وقته". قالت جين لنفسها وهي تحاول أن تكبت مشاعرها , ماذا تريد أن تقول هذه المرأة؟ هل أعتقدت بأنني من الفتيات اللواتي لسن بحاجة ماسة للعمل؟ أذن لماذا هذا الذر؟". وأخيرا حاولت جين أن تخفي نفاذ صبرها عندما قالت: " لو كان لديّ أحساس بأنني سأضيع وقت السيد غريرسون لما أتيت الى هنا". وهنا أنبسطت أسارير السيدة ديك وقالت: " صحيح ليس هناك أي تشابه بينط وبين تلك الفتاة التي جاءت في الآونة الأخيرة ولكنني لا أريد أن أثير حفيظة السيد غريرسون , لأنني سأتحمل جزءا من المسؤولية , سأذهب لأرى أذا كان موجودا في الأصطبل والا فلن يكون أمامك الا الصعود الى مكتبه بنفسك". أحست جين برعشة خوف , وهي تتبع السيدة ديك داخل المنزل , حتى تخيّلت أن يكون السيد غريرسون عجوزا متسلطا وقاسيا , ولدى دخول جين الى المكتب أغلقت السيدة ديك الباب بعناية. وها هي جين الآن تجول بصرها في أرجاء المكتب , حيث رصفت الجدران بالمكتبات , ونسقت عليها الكتب , أما المدفأة فقد أضفت جوا ريفيا دافئا على الغرفة , وأحيطت بعدة مقاعد جلدية مريحة , ورتبت الأوراق فوق المكتب بعناية تدعو الى الملل , بعد أن ألقت جين نظرة على محتويات الغرفة , تركت نفسها تتهاوى على أحد المقاعد الوثيرة , وتنهدت لأجتيازها أولى المراحل, ولكن النور الآتي من النافذة شدّ بصرها الى ذلك الحقل الممتد بلا نهاية , والى ألوانه الرائعة في نهاية الصيف , والى تلك الأشجار الجميلة التي تكسر الرتابة الغالبة على المرعى , حيث كانت تسرح بعض الحيوانات , وهذا ما كان يميز تايندال , وعلى عكس ما شاهدته في ذلك الطريق الوعر الى هاي لينتون والتلال المحيطة بها والمجاورة لنورثوميرلند. أحست فجأة بالأرتياح , ها هي الآن في المنطقة التي أختارت العمل فيها , وأذا مر كل شيء على ما يرام , وأستطاعت الحصول على هذه الوظيفة , فهذا هو المكان المثالي بالنسبة اليها لتتخلص من هيمنة والدها ولتثبت له أين تكمن مقدرتها الحقيقية , وما أن سرى الدفء في جسم جين المتعب , وأسترخت على مقعدها , وتسرب النعاس الى أجفانها , حتى دوّى صوت خشن من ورائها: " صباح الخير". قفزت جين من جلستها لتفاجأ بالنظرة العابسة الموجهة اليها , قالت في نفسها , لا شك أنه السيد غريرسون, عينان رماديتان , حاجبان كثيفان سوداوان , وجه ذو تقاطيع حادة , قامة طويلة , جسم نحيل ومنكبان عريضان , ويبدو أنه لم يتجاوز الأربعين من العمر, أذن لم يكن ذلك العجوز الذي توقعته ,المفاجأة شلت جين فغاصت بهدوء في المقعد , وقلبها يخفق بشدة , ثم أستسلمت لما سيحدث , ولكن يا للعنة لماذا ترتجف الى هذا الحد؟ قابلت رجالا من أمثاله في المصنع.... قررت أن تتماسك , وقبل أن تغوص أكثر في تساؤلاتها قال لها بلهجة ساخرة: " قد يكون بأستطاعتك أن تنزعي هذه القبعة المضحكة عندما تشعرين بأنك أستيقظت من نومك , وأخبريني ما الذي أتى بك الى هنا؟ أنا شارل غريرسون مالك هذه المزرعة , أخبرتني هيلدا بأنك تبحثين عن عمل". وبصعوبة شديدة حاولت جين أن تخفي سخطها من هذا الرجل الذي تجرأ على محادثتها بهذه اللهجة القاسية , والتي لم يسبق أن حدثها أحد بها الا والدها , وبعفوية رفعت يدها الى رأسها وتحسست قبعتها , أنها القبعة المفضلة لديها , والتي أستطاعت بها أن تخفي ضفائر شعرها الجميلة , ظنا منها أن هذا المظهر الرزين سيعطيها فرصة أكبر للنجاح , وهنا أرادت أن تثأر لنفسها , فوجهت الى محدثها نظرة تحمل الكثير من الفخر والتحدي: " أذا كان أحتفاظي بها لا يؤثر عليك فأفضل ذلك". أجاب السيد غريرسون وهو يهز كتفيه بلا مبالاة : " كما تشائين... أذن يسرني أن أطرح أسئلتي على شابة في مثل سنك لا أرى منها سوى نصف الوجه". ثم خلع سترته الأنيقة وجلس خلف المكتب , ومن خلال قميصه الرقيق برزت تفاصيل جسمه الرياضي , وبدأ يقلب بعض الأوراق , ويقرأ بعض الملاحظات المسجلة أمامه , أما جين فقد تكورت في مقعدها وأخذت تتفحص هذا الرجل أكثر , وتبين لها أنه رجل ذو طبع فخور وقاسي , ولا بد أن يكون قويا ومتسلطا ,يأمر فيطاع , وأن الكل يجب أن ينحني أمامه. أنها في النهاية أمام رل كأبيها , قطعت كل هذه المسافة ظنا منها أنها نجت بنفسها من أبيها... وها هي الآن أمام نظيره, وكأن القدر يحب أن يسخر من الناس أحيانا , يبدو أن السيد غريرسون قرر أخيرا أن يخصص لها جزءا من وقته , فقال بلهجة جادة: "قرأت الأعلان في الجريدة ثم رغبت في العمل هنا... على ما أعتقد؟". هذا السؤال المباشر جين ترتبك قليلا وتتلعثم بردها: " نعم , أتصلت هذا الصباح , والسيدة ديك نصحتني أن أحضر وأقدم نفسي ". ولم تكن جين بحاجة الى أن تنظر في وجه محدثها لترى أبتسامة السخرية المرسومة على شفتيه , بل كانت متوقعة ذلك عندما قال: " أدخلي مباشرة في الموضوع , فأنا لا أحب من يكون سببا في ضياع وقتي". ردت جبن على الفور: " أرجو ألاتعاملني معاملة متميزة". هذا الجواب الفظ خرج من شفتي جين بدون أن تستطيع الأمساك به , وبأرباك أضافت: " أذا كنت مشغولا يمكنني أن أنتظر وكيل أعمالك , لأنني أعتقد بأن مثل هذا الموضوع لا يشكل أهمية بالنسبة اليك". " أنت مخطئة يا آنسة... جين براون , على العكس تماما أنا أهتم جدا بهذا الموضوع". ثم وجه اليها نظرة ثاقبة جعلها تخفض نظرها وأضاف: "أنا من يدير هذه المزرعة ,بمساعدة وكيل أعمالي , ولكنني متمسك بمعرفة الموظفين الذين سيشاركوننا العمل , لأنني يجب أن أعتمد على كل موظف يعمل هنا". أمام هذا الرجل الواثق من نفسه لم تستطع جين منع نفسها من تقليده فأجابت بوقاحة مفتعلة: " هذا يعني أن الحظ لن يسعدني في الحصول على هذه الوظيفة؟". أجاب وهو محتفظ بالتعابير المرتسمة على وجهه: " ولكنني لم أقرر ذلك بعد". " ولكن أنطباعك عني لم يكن جيدا!". " لماذا تستنتجين أمورك بهذه السرعة؟". وهنا خصّها بنظرة جعلتها تشعر بتفاهة تصرفها , أضاف بهدوء: " لنبتعد عن التشاؤم , ولنبدأ ببحث الموضوع. لجمت جين رغبتها القوية في الخروج من الغرفة , وأرغمت نفسها على المكوث في مقعدها ,وهنا نظر اليها الرجل بسخرية وكأنه فهم هذه الرغبة المتولدة لديها: " لا أعتقد أنك من هذه المنطقة؟ لا أذكر أنني قابلتك من قبل!". شحب وجهها وأرتجفت أجفانها وشعرت بغبائها عندما أعتقدت بأنها لن تتعرض الى مثل هذا النوع من الأسئلة, حدقت في السجادة المفروشة في أرض الغرفة , أجابت: "لا". كان ينتظر أجابة كاملة , فتابعت: " أسكن بالقرب من برادفورد وصلت منذ قليل الى هذه المنطقة التي قررت أن أقضي فيها عطلتي الصيفية". وهنا شعرت بأنها أستعادت هدوءها , فألتفتت الى محدثها لتتغلب على النظرة الثاقبة, فقال: " وشعرت فجأة بالرغبة في العمل هنا". وبدا لها أنه أكثر أنتباها عندما أضاف: "أذن أنت لا تعرفين هذه المنطقة ولكن على الأقل هل تعرفين ما معنى مزرعة؟ أنا شخصيا أشك بذلك". هنا شعرت جين بأنها وقعت في الفخ فردت بمراوغة: " أنا أحب الجياد وأعشق الريف ... ومتأكدة من أنني سأعتاد على ذلك بسرعة". " كثيرات قبلك أظهرن الحماس نفسه ولسوء الحظ لم تكن النتيجة سوى الفشل". قالت جين: " ربما...". وقبل أن تتم كلامها قاطعها: " أتريدين أن تعرفي السبب؟ لأن هؤلاء الفتيات كن من أسر غنية , نشأن على النعومة , فهن مثلا لا يعرفن ما معنى كلمة عمل , ولذلك قررت أن أكون أكثر حذرا من السابق ,هل لي أن أعرف ما هو عمل والدك". |