عرض مشاركة واحدة
قديم 21-08-21, 10:16 PM   #131

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 712
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثاني والعشرون


الفصل الثاني والعشرون...........
امسكت القلم بيدها وهي تحركه بين اصابعها بملل لتلقي به فوق الدفتر المفتوح امامها وهي تكتف ذراعيها معيدة ظهرها للخلف بوجوم ، لتزفر بعدها انفاسها بقنوط وهي تنقل نظراتها بحذر باتجاه هاتفها الملقى جانبا ، زمت شفتيها بلحظة وهي تتمتم من بينهما بطرافة
"لا بأس بأخذ قسط من الراحة ، لن يمانع الاستاذ العصبي"

ضحكت بعدها بخفوت مع نفسها وهي تتخيل شكله الآن وهو يسمع كلامها ، لترفع بعدها سبابتها وهي تضغط بها على شفتيها هامسة بعبوس مقلدة نبرته الصارمة والتي يقابلها بها دائما
"إياكِ وان تهملي دراستكِ او ان تأجلي وظائفك الجامعية للغد ، فكما اقول دائما لا تأجل عمل اليوم للغد"

عادت للضحك بمرح وهي تمد يدها لتلتقط هاتفها من على المكتبة قبل ان تفتحه وهي تريح نفسها على ظهر الكرسي باسترخاء ، لتتنقل بعدها بصفحاتها واماكنها المفضلة والخاصة بالأسواق المفتوحة والتي لا تحتوي سوى على الملابس والماركات العالمية والتي تكون مصدرة من البلدان الخارجية لتنزل على شكل حسابات الكترونية وتوصيل بالاسم والعنوان لكل محافظات العالم .

ولكن شغفها بهذه الاماكن ليس شراء الملابس من القطع الباهظة الثمن كما يفعل الآخرون من رواد الصفحة بل النظر لهذه السلع والمعروضات على الصفحة هو الذي يشبع غريزة التأمل عندها وكأنها تزور هذه الأماكن بالفعل على الواقع وتزور بلدانها وليس مجرد سلع معروضة على شاشة الهاتف لتشكل عندها هوس التأمل والنظر وهواية تشغل بها وقت فراغها الطويل ، بالرغم من امكانياتها المادية والتي تسمح لها بشراء كل هذه المعروضات بسهولة فائقة ولكن ما يمنعها هو انعدام رغبتها بارتدائها ما ان تصل لمتناول يدها وكأن شغفها يختفي ما ان تصبح تلك القطع الفاخرة معها وهي تكتشف الفرق الشاسع بينها وبين المعروضة على الشاشة وكأنها تمثيلية رخيصة لجذب الزبائن لا اكثر ، لذا دائما ما تكتفي فقط بتأملها من خلف الشاشة بدون ان تصل لها لكي لا يختفي بريقها بعينيها .

اتسعت عينيها بوجل وهي تنتفض معتدلة بجلوسها ما ان وصلت رسالة لحسابها الشخصي والتي كانت من رقم استاذها والذي تحفظه عن ظهر قلب وقد لمحت الرسالة معلقة بأعلى الشاشة وهي مكتوبة بوضوح
(يكفي سهر يا سلحفاة)

اخفضت الهاتف بسرعة وهي تفكر بحل لمصيبتها فقد نسيت بخضم ما حدث بأنها قد سجلت رقمه بجهازها لكي تستطيع التواصل معه بخصوص دراستها وهو بالمقابل فعل المثل ايضا ! والآن قد اكتشف سهرها لمثل هذه الساعة المتأخرة بالرغم من انها قد وعدته سابقا بأنها ستتوقف عن السهر منذ ذلك اليوم والذي تأخرت به على اختباره بالجامعة بسبب سهرها طول الليل ، والآن كيف تبرر له سبب سهرها ؟

وضعت الهاتف جانبا بمكانه السابق وهي تلتقط القلم بارتجاف شل مفاصل اصابعها ما ان عاد هاتفها للرنين بصوت رسالة أخرى ، لتنظر بعدها بأطراف حدقتيها العسليتين للهاتف الساكن بمكانه وكأنها تنتظر منه ان يبادر بالحركة او ان يخرج منه صاحب الرسالة والذي سيكون الآن ينتظر ردها على الرسالة بفارغ الصبر .

تنهدت بيأس وهي ترفع يدها لتمسك بالهاتف قبل ان ترفعه امامها وهي تنظر للرسالة الاخيرة والتي دفعتها للتحديق بها بصدمة لدقائق قصيرة
(لا تحاولي تجاهلي ، فأنا اعلم جيدا بأنكِ مستيقظة الآن ، وليس من الجيد اللعب على استاذك)

عضت على طرف شفتيها بانفعال مكبوت وقد بدأت الدماء الحارة بتلوين وجنتيها باحمرار الإحراج ممزوج بالغضب ، فمن يظن نفسه ليتكلم معها هكذا بكل مرة يمسكها بموقف مخزي اسوء من الذي قبله ؟

تنفست بهدوء وهي تحاول ضبط زمام امورها ما ان عاد لإرسال رسالة جديدة غيرها
(استمري بقراءة الرسائل وتجاهلها ، ولكني بالغد سأعرف عملي معكِ)

انفرجت شفتيها بانشداه وهي تدخل لموقع الرسائل لتكتب له رسالة سريعة باختصار
(مساء الورد يا استاذ ، اراك ما تزال مستيقظ !)

زمت شفتيها بوجوم وهي تنظر لكلمات رسالتها البلهاء والتي تعبر عن مدى تفاهتها وهي ترحب به بود منقطع النظير بعد سيل الأوامر الساخرة والتي ألقاها عليها ، ولكن بماذا كان عليها ان ترد بعد كل تلك التهديدات والتي ستنهي على حلمها القريب بالتخرج من الجامعة ؟

عادت بنظرها للهاتف ما ان انارت رسالته الشاشة وهي تحدق بها ببلاهة
(هذا شيء رائع منكِ ان تحاولي تغيير صورتكِ امامي ، ولكن الآوان قد فات على هذا الكلام فقد اخطأتِ بالتصرف وعليكِ تلقي العقاب بالغد)

عبست ملامحها وهي تنظر بصدمة للمكتوب طالت للحظات قبل ان تعود لترد على رسالته بأخرى متوسلة
(لا تقولها يا استاذ هشام ، صدقني لم اخطئ معك بشيء ، ارجوك لا تعاقبني بمزيد من الاختبارات فقد اكتفيت منها حقا)

رفعت يدها بالقلم وهي تعض على طرفه بتوتر تشنجت معها ملامحها بترقب ، لتصل الرسالة اخيرا بعد عدة دقائق اتلفت اعصابها
(لن اعاقبكِ بشرط ان تخبريني عن سبب سهرك لهذه الساعة المتأخرة والتي جعلتكِ تخلفين بوعدكِ معي ، وإياكِ والكذب على استاذك)

عضت على طرف شفتيها بارتباك وهي تنظر للدفتر المفتوح امامها ، لتكتب بعدها من فورها رسالة اخرى وبابتسامة واثقة بمكر
(لقد كنت اذاكر دروسي وانجز وظائفي الجامعية كما وعدتك ، فكما تقول دائما لا تؤجل عمل اليوم للغد ، وانا الآن اتبع نصيحتك)

ردّ عليها من فوره برسالة سريعة بلحظة
(وهل تتضمن الدراسة اللعب على الهاتف يا اميرة الحيل)

شهقت بغضب وهي ترفع الهاتف بعيدا تنوي قذفه بعيدا عن مرأى نظرها وهو يلصق بها لقب جديد اشعل الفتيل المتبقي بكرامتها من سخريته الدائمة منها ، لتمتعض بعدها ملامحها لبرهة وهي تعيد الهاتف امامها لتتبرم شفتيها بعبوس وهي تكتب من جديد بوجوم حانق
(لم ألعب به سوى الآن)

ردّ عليها بلحظات معدودة بسخرية واضحة
(وتصرين على الكذب يا سلحفاة)

ازدادت ملامحها عبوسا وهي لا تجد ما تداري به كرامتها المهدورة ، لتكتب له رسالة اخيرة برجاء وبآخر ذرة امل
(ارجوك يا استاذ هشام)

نظرت للحظات لشاشة هاتفها بتوجس قبل ان تصل اخيرا الرسالة والتي اطلقت اسر انفاسها المكبوتة
(لا بأس يا غزل لن اعاقبكِ بشيء ، ولكن عليكِ ان تنتبهي الا تعاد مرة اخرى فلن اكون متهاونا معكِ بكل مرة ، هل فهمتي يا اميرة الحيل)

ماتت ابتسامتها وهي تعود للعبوس من جديد على آخر كلمات رسالته وكأنه يصر على تعذيبها بهذه الألقاب المستفزة والتي لا تعبر عنها ! وما ان كانت على وشك قفل الهاتف نهائياً بوجهه وقد ضاقت ذرعا منه حتى عاد ليرن من جديد برسالة اخرى من نفس الشخص ، لتعود بلحظات لفتح الرسالة وهي تنظر لها بجمود
(هل انتهيتِ من دراستكِ وانجاز وظائفك ؟)

كانت تود ان تترك رسالته معلقة بدون إجابة انتقاما منه ولكن قلبها المنتفض بذعر منعها فلا ينقصها المزيد من صرامته والتي يسلطها عليها ، وعند هذه النقطة ارسلت له بسرعة من فورها بتوجس
(تقريبا)

ردّ عليها بعدها بلحظات برسالة اخرى
(يكفي دراسة واذهبي للنوم ، ولا اريد ان اراكِ ساهرة مرة اخرى لهذه الساعة ، فلديكِ غدا يوما حافل بدراسة والاجتهاد وليس بالنوم والكسل)

عضت على طرف ابتسامتها وهي تخفض نظراتها للوظائف المتراكمة عليها والغير منجزة ، لترسل له بعدها بطاعة تامة
(حاضر يا سيدي ، ومن الذي سيتجرأ على رفض اوامرك)

اقفلت بعدها الهاتف وهي تعض على طرف لسانها بمرح ، لتغلق بعدها الدفتر وهي تلقي القلم بداخله لتريح بلحظة جانب خدها المورد عليه وهي تغطي شفتيها بكفها بضحكة خافتة غير مسموعة تخرج لأول مرة بكل هذه السعادة ومن صميم قلبها الصغير ، ولم تكن تعلم بحال الشخص الذي كان على الطرف الآخر والذي كان شبيه بحالتها وهو يبتسم بسعادة فريدة تنتابه لأول مرة مع هذه الاميرة والتي عجزت الألقاب عن التعبير عنها ؟

______________________________
صباح اليوم التالي...........

فتحت عينيها على اتساعهما بلحظة واحدة وهي تشهق بانتفاض بذات الوقت قبل ان تجلس بمكانها بعنف وهي توزع نظراتها بارتباك مشوش بالغرفة الغريبة والمتواجدة بها وبالسرير النائمة عليه والذي لا تعلم اساساً كيف وصلت له ؟ فكل ما تذكره من ليلة امس بأنها قد غفت امام النار المشتعلة وبالدفء والذي كان يحوم من حولها بعيدا عن البرودة بداخلها ليسحبها لعالمها المظلم ؟

ابتلعت ريقها بوجل وهي ترفع يديها بحذر لترجع خصلاتها المبعثرة عن جانبي وجهها لخلف اذنيها ، قبل ان تتسع مقلتيها الزرقاوين على اقصى استدارتهما جمدتها طويلا وهي تلاحظ لأول مرة الملابس الجديدة والتي كانت ترتديها وليس هذا ما اوقف عقلها عن العمل لثواني وبعث رعشة عنيفة بكل اجزاء مفاصلها بل بسبب مقاس الملابس والتي تبدو اكبر من حجمها ومن رائحة عطرها والساكنة بها والتي تدل بأنها خاصة بالرجال وليس اي رجل بل الشخص ذاته والذي عقدت قرانها به بالأمس ونامت بأحضانه بدون ان تشعر ! لتصل باليوم الثاني لسريره وهي ترتدي ملابسه الخاصة بدلا عن ملابسها ؟

امسكت بكم القميص الطويل بأصابعها الطويلة بارتجاف وكأنها تتأكد من حقيقة ما تعيشه وما تشعر به الآن ؟ لتغرز بعدها بلحظات اسنانها الحادة بطرف شفتيها بانفعال وغريزتها تنتفض بداخلها باستهجان لما يدور من حولها وهو يعود للسيطرة على اطراف جسدها المتشنج من تحت الملابس الواسعة ، لتنتفض عندها مجددا باللحظة التالية وهي تلقي بالغطاء بعيدا عنها بعنف قبل ان تنهض بعيدا عن السرير وهي تتجه بأقصى سرعة لخارج الغرفة بأكملها .

ما ان وصلت لبهو المنزل الريفي والذي كان مختلفا عن السابق بسبب ضوء شروق الشمس والذي كان واضحا من خلف النوافذ الزجاجية والمطلة على الطبيعة بالخارج بمثل هذه الأماكن المفتوحة وهي تعكس نورها بجميع محتويات المنزل وكأن الشمس تعيش بداخلها نافضة غمامة الحزن وظلام الليل بعيدا عنها بجمال مشهد الشروق ، التفتت بعدها بلحظات بوجل نحو مصدر الصوت وللفرد الثاني والساكن معها بنفس المنزل والذي كان يجلس امام تلك المدفئة والتي كانوا قد استخدموها من قبل وهو يبدو يجمع الحطب منها ليضعه بالسلة بجانبه بدون ان تفهم فائدة ما يفعله ؟

عقدت حاجبيها ببطء حاد وهي تسير باتجاهه بجمود قبل ان تقف بالقرب منه وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها بغضب مكتوم ، لتهمس بعدها بخفوت عنيف
"هلا شرحت لي ما فعلت !"

توقف الجالس عن العمل للحظات وهو يرفع رأسه ببطء ليضيق عندها عينيه السوداوين بتمهل وهو يتفحص هيئة الواقفة امامه بتحفز متناقض عن شكلها الخارجي وهي تبدو شبيهة بالدمى الصغيرة والتي يلبسونها ملابس اكبر منها لتبدو اصغر من حجمها الطبيعي وخاصة مع احداقها الملونة والتي تلونت لأول مرة بزرقة سماوية غريبة لا تناسب حالة مزاج صاحبها والتي يجزم بأنها تكاد تقضي على البشرية بأكملها لو كان بيدها ، ولكن ما جذب انتباهه اكثر هو لون عينيها المختلف عن السابق والذي ذكره بنقطة معينة بحياته ولسبب ما لم يستطع استعادة تلك الذكرة ؟!

ابتسم بعدها بلحظات بهدوء ما ان لاحظ تشنج ملامحها بغضب مكتوم من خلف بشرتها المتصلبة ، ليقول عندها وهو ما يزال يتنقل بنظره بملابسها ببرود
"رائع لم اكن اتوقع ان تناسبكِ ملابسي هكذا ، فهي تبدو جميلة عليكِ ومثيرة للغاية ، الحقيقة كل الملابس تناسب ألماستي وتزيد من لمعانها"

رفعت حاجبيها بوجوم للحظات قبل ان تعبس ملامحها بغضب متهدج وهي تقبض على يديها بتصلب هامسة من بين اسنانها بعنفوان
"كيف تجرأت !"

عقد حاجبيه بتفكير وهو يستقيم بوقوفه ليمسح يديه بقميصه قبل ان ينظر لها بهدوء وهو يقول بابتسامة باردة
"أتقصدين كيف تجرأت على تبديل ملابسك المشبعة بالماء والممزقة بأخرى جديدة ! الحقيقة لم يكن الأمر سهلا مع تحركاتك الكثيرة وتقلباتك المستمرة ولكن بالنهاية استطعت النجاح بالمهمة وبدلت ملابسك كما ترين ، فنحن لا نملك بهذا المنزل سوى ملابسي الخاصة بما اني القاطن الوحيد بهذا المنزل وشرف كبير لي ان تجرب زوجتي ارتداء ملابسي الخاصة بما اننا زوجين وعلينا تشارك كل شيء معاً......"

قاطعته من صرخت بانفعال حانق لون وجنتيها بغضب الإحراج المتقد والذي يصل لأول مرة لمنتهاه
"من الذي سمح لك ! ومن اعطاك الحق بتبديل ملابسي بنومي ؟ انت انت......"

ارتفع حاجبيه بانتباه مشدوه وهو يلاحظ لأول مرة عدم مقدرتها على الرد ومجابهته بالمثل وكأن الكلمات قد علقت عند طرف شفتيها بعجز من الإحراج والذي يكاد يفتك بها وبحالة يواجهها منها لأول مرة ! ولكنها مع ذلك تثير اعجابه بكل الحالات وهي تلون ملامحها بحمرة جديدة بعيدا عن البرود والذي يكتسح ملامحها على الدوام وكأنها شبح حيّ وليس مخلوق بشري مثل الجميع يشعر ويخجل ....

رفع ذراعه عاليا وهو يسندها فوق رأسه قائلا بابتسامة جانبية وبحاجبين مرفوعين بتعجب
"هل هذا ما اراه حقيقي ؟ هل زوجتي تخجل مني حقا ؟ ماذا حدث هل اكل القط لسانك !"

عضت على طرف شفتيها بحنق منفعل زاد من احمرار هياج دمائها ، وقبل ان تتكلم سبقها بالكلام من اخفض ذراعه وهو يقول بابتسامة هادئة بجدية
"حسنا اهدئي يا قطة ، انا كنت فقط قلق عليكِ من المرض وانتِ ترتدين ملابس ممزقة بهذا الجو البارد وخاصة بأن جسدك كان مثل قطعة الجليد ، لذا لم يكن لدي خيار سوى ان ابدل ملابسكِ بنفسي وبملابس اخرى مريحة ودافئة وتحمي جسدك من الجو البارد"

عادت للكلام بلحظة وهي تلوح بذراعها بعنف قائلة باندفاع
"وهل تجرأت على فعل ؟......"

صمتت بالكامل ما ان شعرت بخطورة ما تتفوه به من سفاهة لم تصل لها بحياتها ! لتخفض بعدها نظراتها للأسفل بامتعاض صامت ما ان وجه المقابل لها نظرات غامضة بمغزى وهو يبتسم باتساع متسلي قبل ان يقرب وجهه امامها بلحظة وهو يرفع حاجبيه بدهشة قائلا بصوت اجش خافت
"ماذا قلتِ للتو ؟ لم اسمعكِ جيدا ، هلا تابعت كلامكِ يا عزيزتي لأعرف مكمن المشكلة"

نظرت له بأطراف احداقها الزرقاء المتسعة بوجوم وهي تلمح التسلية المتجلية بملامحه ، لتستدير بعدها بلحظات بلمح البصر بعيدا عنه وهي تعطيه ظهرها بدون ان تواجه نظراته الشامتة والتي ارتشفت كل ذرة تفكير متبقية بعقلها ستوديها للقاع على غباءها الغير محدود .

شعرت بعدها بتحرك الواقف من خلفها حتى اصبح بمحاذاتها وهو يحدق بها بتمهل قبل ان يصل بلحظة لجانب وجهها ليقول عندها بابتسامة جانبية بغموض
"أتعلمين بأنكِ تبدين اجمل وانتِ تتخذين هذه الوضعية الخجولة والتي تدل على انتمائكِ لجنس الاناث"

ادارت وجهها باتجاهه بغضب عاد لاجتياح كيانها بلحظة من جديد وهو يعود لسخريته على طباعها والتي لا تنتمي لجنس الاناث بمنظوره الاحمق ، لتتصلب بعدها بلحظات بمكانها بتحنط ما ان انحنى مقابل جانب وجهها بخفة ليقبل خدها بهدوء وهو يهمس بجانب اذنها بخفوت اجش
"صباح الخير يا ألماستي"

ليبتعد بعدها بنفس الهدوء وهو يعود لينحني قليلا ليلتقط السلة من امامه قبل ان يغادر ببساطة باتجاه باب المنزل وبدون ان ينتظر ردها على صباحه ، لتتابعه بعدها بنظراتها الزرقاء الغائمة وهي تنظر بأثره بصمت سكن دواخلها وكل ما يحيط عالمها فجأة !

____________________________
وقفت عند إطار باب الغرفة المفتوح والقريب من ممر غرفتها ما ان قابلت المشهد امامها للجسد الواقف امام المرآة وهو ملتف ببدلة انيقة سوداء حددت جسده الرياضي الطويل مع خصلات شعره السوداء المهذبة للخلف بنعومة اظهرت تقاسيم ملامحه السمراء بجاذبية قاسية ، وكم ذكرتها هيئته بيوم عقد قرانهما ويوم زواجها المزعوم عندما كان كل شيء بعينيها وردي وهو فارس احلامها البطولي والذي حلمت به منذ كانت طفلة قبل ان يتحول كل شيء لسواد قاتم شبيه بسواد ملابسه هذه ، ولا تعلم ماذا ينتظرها ايضا بهذا الحلم الوردي والذي تدمر على يديّ فارسها النبيل ؟

انتفضت لا شعورياً ما ان قال المقابل لها بجفاء وبدون ان يكلف نفسه بالنظر لها وكأنها غير متواجدة بمجال نظره
"ماذا تريدين ؟"

لعقت طرف شفتيها بارتجاف وهي تخفض نظراتها العسلية بضعف هامسة بخفوت شديد
"كنت فقط اريد ان اطلب منك ان تأخذني لمنزل والدي فقد اشتقت إليه كثيرا واريد زيارته"

مرت لحظات ساكنة بينهما قبل ان يخرج صوته وهو يقول بحدة آمرة
"غير مسموح"

رفعت بلحظة حدقتيها العسليتين المتسعتين بانشداه وهي تهمس بخفوت متوجس
"ماذا تعني غير مسموح ؟......"

قاطعها من كان يشدد على قبضتيه وهو يعدل بربطة عنقه بعنف قائلا بقسوة حادة
"كلامي واضح جدا ولن اكرره مرة اخرى ، بمهلة زواجك هنا لن تخرجي من هذا المنزل وستبقين به لآخر يوم بهذه المهلة ، اعجبكِ هذا ام لا ، ويمنع ايضا الزيارات منعا باتاً من طرف احد من عائلتك ، وإذا حدث وخالفتِ شيء من هذه القوانين فلا تحلمي عندها ان يستمر هذا الزواج طويلاً"

كانت حدقتيها متسعتين على اقصى استدارتهما حتى آلمها الأمر واجهد عضلات عينيها وهي لا تعلم من ماذا تتألم تحديدا بعد كل هذه الصدمات والموجهة ناحية قلبها الملهوف والذي انشطر اكثر من مرة بدون ان يرحم بقايا حب ما تزال تقاتل لتخرج للحياة والتي حلمت بها طويلاً ؟ وبدون حتى ان تعلم ذنبها والذي اقترفته بحياتها الخالية من العثرات والأعداء وهذا اكثر ما يؤلمها ويؤرقها بهذه الحياة ؟

زمت شفتيها بنشيج خافت ما ان توقف عن ما كان يفعل ليوجه نظراته السوداء ناحيتها طالت لدقائق قبل ان يتبعها بصوته والذي عاد لقسوته الباردة
"هل ستبقين واقفة بمكانكِ طويلاً ؟ فوجودكِ هنا يعكر عليّ مزاجي ويفسد صباحي"

ابتلعت اهانته الواضحة مع غصتها والتي نحرت روحها بصمت معذب ، لتهمس بعدها بلحظات بخفوت مشتد
"ولكن كيف سأستطيع التواصل مع عائلتي ، إذا لم اذهب لزيارتهم"

ردّ عليها من فوره ببرود جليدي وهو يعود للنظر للمرآة بهدوء
"يمكنكِ التواصل معهم بالهاتف واختلاق الأعذار الواهية لهم ، وهذا كل ما لدي لكِ"

رفعت نظراتها الدامعة باتجاهه لوهلة وهي تراقبه وهو يعدل هذه المرة ياقة قميصه لتقول عندها بلحظة بابتسامة مرتجفة بدون ان تمنع نفسها
"إلى اين انت ذاهب ؟"

شددت على قبضتيها لا إراديا ما ان ترك ياقة قميصه وهي تتوقع ان يمطرها بكلماته القاسية كالعادة ! ليقول بعدها بلحظة بهدوء وهو يمسك بساعة معصمه من على طاولة الزينة بغموض
"ذاهب للعمل"

اتسعت ابتسامتها بارتباك وهي تهمس من فورها بلهفة مغلفة بالحماس
"ستذهب لدار النشر....."

قاطعها بقوة صارمة وهو يقتل سعادتها الوليدة وبحقيقة اقسى من سابقتها
"اكيد لن اذهب لذلك المكان ، فأنا اصلا لا اعمل به وليس من مجال عملي ، وتلك الفترة والتي عملت بها بذلك المكان كانت من اجل هدف وانتهى بتحقيقه ، والآن يمكنني العودة لعملي السابق بمكتب المحاماة وليس مجرد صحفي اعمل وراء الطابعة"

انفرجت شفتيها بارتعاش مشدوه من بين انفاسها المصدومة وانذهال غيم على ملامحها لثواني شعرت بها اطول فترة تعيشها بحياتها شبيهة بلحظة معرفتها بحقيقته بأول دخول لها بهذا المنزل ! ولا تعلم حقا إذا كانت قد انتهت الحقائق عند هذا الحد ام ان هناك ما يخفى لم تعلم عنه بعد ؟ ولما تشعر بنفسها تعيش بكذبة كبيرة اختلقها جميع من حولها وهي وحدها من صدقها وانطلت عليه الحيلة ؟

تنفست بقوة وبكل ما تشعر به من تناقضات من حولها وحرقة عادت للهيب بروحها لتصل ألسنتها لخيوط احداقها وهي تشكل دموع حارة تكاد تحرق تفاصيل حياتها ، بينما تابع الآخر كلامه بعدها بلحظات بضيق واضح
"كفى كلام ، واذهبي الآن لمساعدة والدتي بالعمل بالمنزل ، فكما اخبرتك عليكِ......"

توقف عن الكلام ما ان لمح فجأة اختفاءها من مكانها لتخلف من بعدها سكون غيم من حوله بدون ان يشعر بذهابها ! بينما من كانت تسير بعيدا عن ذلك الممر وهي تتجاوز الأروقة بخطوات هادئة تنشج بضعف وبدموع عادت للسيل على وجنتيها بصمت تام وكأنها تعطيها الحرية لتعبر عن حالتها وحزنها الذي تعيشه بطريقتها الخاصة والتي لا يشعر بها احد .

توقفت بمكانها لبرهة ما ان وصلت امام المطبخ وهي تمسح وجنتيها المحمرتين بيدها بقوة ، لتتابع بعدها سيرها لداخل المطبخ وهي تراقب المرأة التي كانت تعمل امام الفرن وهي تعطيها ظهرها .

تنفست بعدها بهدوء وهي تتوقف من خلفها لتضم عندها قبضتيها معا بارتباك قبل ان تهمس بخفوت محرج بتلعثم
"صباح الخير"

التفتت المرأة بنصف وجهها بصدمة قبل ان تستدير بكامل جسدها بلحظة وهي تنظر لها بعيون سوداء متسعة بتفكير دام لدقائق ، لتقول بعدها بابتسامة هادئة بحنان
"صباح الخير يا عزيزتي ، سعيدة بأنكِ قد خرجتي من الغرفة اخيرا ، كيف حالكِ الآن ؟ هل كل اموركِ بخير ؟"

اخفضت (صفاء) وجهها للأسفل بإحراج يكاد يفتك بها من معاملة هذه المرأة الغريبة عنها والتي تبدو تعرفها جيدا منذ سنوات وليس منذ يومين ! لتشعر بعدها بيدها وهي تربت على كتفها بهدوء قائلة بنبرة تشع عطف وحنان غير محدود
"لا تخجلي مني يا صغيرتي ، فأنا اكون والدة زوجك يعني بمرتبة والدتك ، لذا لا اريدكِ ان تخجلي مني مرة اخرى وإذا احتجتِ لأي شيء او واجهتِ اي مشكلة بحياتك مع ابني فقط اخبريني"

حركت رأسها بالنفي بضعف وهي ترفع احداقها الدامعة لوجه المرأة المبتسم بشحوب حاني يناسبها لولا ذلك الحزن والذي يسكن تلك العينين الجميلتين ، لتقول بعدها بلحظات بابتسامة حاولت جعلها بكل سعادة تملكها بقلبها الحزين
"شكرا لكِ حقا ، هذا لطف منكِ يا سيدتي"

ارتفع حاجبيها السوداوين بوجوم لوهلة قبل ان تضحك بهدوء ضعيف انحصر بداخل روحها وهي ما تزال تربت على كتف المقابلة لها ، لتقول بعدها بلحظات بابتسامة جادة بمرح
"لا تقولي سيدتي مجددا ، بل ناديني عمتي هيام ، هل فهمتي ؟"

اومأت برأسها تلقائياً بدون كلام وهي ما تزال مشدوهة بهالة المرأة المتشحة بالسواد والتي لونت عالمها بدون ان تصل لروحها البيضاء وطيبتها النابعة بمقلتيها السوداوين المتسعتين بحنان ، لتخرج من شرودها ما ان عادت المرأة للكلام وهي تهمس بحيرة حانية بنبرة صوتها والذي يطغى عليها الحزن
"انتِ اسمكِ صفاء صحيح !"

اومأت برأسها مجددا وهي تهمس بخفوت شديد
"اجل صحيح"

ابتسمت المرأة بتلك الابتسامة الحانية والتي تبعث بالنفس الذي يقابلها على السرور والراحة ، لتقطع من فورها تلك الهالة من اخفضت نظراتها بحياء وهي تهمس بامتنان
"كنت اريد ان اشكركِ على طعام العشاء والذي حضرته لي بالأمس ، وشكرا حقا على اهتمامكِ"

عقدت حاجبيها بتفكير للحظات قبل ان تهمس بسعادة بالغة
"هذا يعني بأنكِ قد تناولته ، انا سعيدة حقا لأنكِ قد تناولتِ ذلك الطعام والذي حضرته لكِ فأنتِ لم تتناولي شيئاً منذ صباح الأمس ، وهذا ليس جيد على صحتكِ يا صغيرتي"

عادت (صفاء) للابتسام بهدوء متشنج بدون ان تجد الجرأة على اخبارها بأنها لم تتناول من ذلك الطعام سوى لقمتين فقط بتقلبات معدتها لتتخلص من باقي الطعام بوضعه للقطط الموجودة عند نافذة غرفتها عندما لم تجد منفذ للتخلص منه ، وتتمنى حقا ان لا تكشف فعلتها امام هذه المرأة لكي لا تحقد عليها ايضا مثل ابنها ذاك !

قطع عليهما الأجواء الساكنة من حولهما صوت الذي كان ينادي من بعيد بخشونة حادة تميزها جيدا
"امي"

تحركت بسرعة المقصودة بالنداء لخارج المطبخ ، لتتبعها بعدها بلحظات الأخرى بفضول عاد لينهش روحها المكسورة بالرغم من كل جراحها الدامية لتستمع فقط لصوته وهي تقف عند إطار باب المطبخ بصمت .

كانت تستمع لصوته الحاد بنبرة آمرة وهو يقول بقوة
"اسمعي كلامي جيدا يا امي ، من الآن وصاعدا ممنوع الزيارات أياً كان وكذلك خروج من المنزل بدون علمي ممنوع ، فأنتِ عليكِ البقاء مع صفاء طول الأيام القادمة ومنعها من الخروج من المنزل مهما حدث ، وبخصوص ما تحتاجينه وكل شيء ينقصك بالمنزل فأنا سأوفره لكِ بالوقت الذي تريدينه"

امسكت بيدها شفتيها ما ان خرج صوت والدته وهي ترد عليه بغضب مكبوت
"وما دخلني انا بكل هذا ! هل تراني اعمل عندك حارسة لزوجتك ؟ ولماذا ايضا كل هذا التشديد معها فهي بالنهاية ليست طير حتى احبسها بقفص ؟"

ردّ عليها المقابل لها بحدة نافذة عادت للخروج من صوته بقسوة
"ارجوكِ يا امي ، هي مجرد مهلة مؤقتة ، وبعدها كل شيء سيعود كما كان ، افعلي ما اقوله فأنا ليس لدي احد آخر اثق به غيرك ، وإذا حدث وخالفتي اوامري يا امي فأنا اعدكِ عندها بأنكِ لن تري وجهي مجددا بحياتك....."

قاطعته والدته وهي تصرخ بنحيب حانق بمرارة
"حسنا فهمت كفى ، توقف عن تهديدي بهذه الطريقة القاسية بكل مرة وكأني لست والدتك التي انجبتك وربتك وتعبت عليك ، وبعد كل هذا تهددني بالخروج من حياتي ببساطة ، وانت اكثر من يعلم بما اعانيه بغيابك وبوجودك المهم بحياتي"

مرت لحظات بطيئة وقاتلة على القلوب المحيطة بها وخاصة القلب والذي كان يحتضر بمكانه بمعنى الكلمة بدون ان يخرج اي لمحة من ألمه ، ليقطعه بعدها صوت (جواد) مجددا وهو يقول بجمود خافت بعد ان غابت القسوة عنه
"وماذا افهم الآن يا امي ؟"

لم تستمع بعدها لباقي الكلام وهي تعود للدخول للمطبخ بحزن عميق عاد ليسكن روحها بجرح جديد ، لتشعر بعدها بلحظات بدخول التي كانت تسير من خلفها بهدوء قبل ان تهمس بحنان عاد للتدفق بصوتها
"هل ما تزالين تقفين هنا يا صغيرتي ؟"

استدارت بسرعة خلفها وهي تعود للابتسام باتساع وكأن شيء لم يكن ، لتعبس ملامحها بلحظة ما ان نظرت لها المرأة بحزن وهي تقول ببرود هادئ
"لقد سمعتِ الكلام صحيح !"

رفعت حاجبيها بصدمة بدون ان تجد ما تقوله فهذه المرأة ليست فقط تملك هالة تريح الناظر إليها بل تملك ايضا موهبة قراءة افكار الآخرين وبدون ان ينطقوا بما يجول بدواخلهم ! لتخفض بعدها نظراتها بضعف للحظات وهي تعود لضم قبضتيها معا بتشنج احتل اطرافها بقوة .

عادت لرفع وجهها ما ان قالت المرأة امامها بابتهاج عاد للتدفق بمحياها بدون ان يؤثر بها كل ما حدث معها قبل قليل
"انسي كل ما حدث يا عزيزتي فهو ليس بالأمر المهم ، واخبريني الآن بما تريدينه وتحتاجين المساعدة به ؟"

زمت شفتيها بحياء وهي تهمس بابتسامة خافتة بشرود
"اريد مساعدتك بالعمل ، هل تسمحين لي يا عمتي هيام ؟"

انحنت ابتسامتها بارتباك وهي تقول بتفكير واجم
"وما لداعي لمساعدتي بالعمل ! فأنتِ لستِ خادمة عندي ، هل جواد هو الذي طلب منك هذا ؟....."

قاطعتها وهي ترفع قبضتيها امام صدرها هامسة بتوسل حزين
"ارجوكِ يا عمتي هيام ، انا اريد هذا"

تنهدت المقابلة لها بتعب ظهر بمنحنيات وجهها الشاحبة بحزن تجلى على ملامحها بوضوح ، لتعود بعدها للنظر لها وهي تربت بيدها على كتفها بخفة هامسة بخفوت حاني
"كما تريدين يا صغيرتي ، ولكن إياكِ ان تعملي فوق طاقتك او ترغمي نفسكِ على شيء فقط اعملي بما تجيدين فعله ، ألا إذا كنتِ لا تحبين عمل اي شيء من الأعمال المنزلية الروتينية"

اومأت برأسها بهدوء وابتسامة صغيرة حفرت على طرف شفتيها الورديتين رغم كل ما تشعر به وهي تهمس بحالمية شاردة
"اعتمدي عليّ بهذا يا عمتي هيام ، فما لا تعرفينه بأن هذا الدور لعبتي الخاصة منذ ان كنت صغيرة وما ازال احتله للآن"

يتبع.............


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس