عرض مشاركة واحدة
قديم 21-08-21, 10:31 PM   #132

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي

نفضت كل شيء موجود بالخزانة العملاقة وهي تلقي بكل ما تقع عليه يديها خارجا بعنف حتى فرغت تماما من الملابس بعد ان اصبحت كل قطعة بزاوية بعيدة عن الأخرى ، لتتوقف بعدها عن ما تفعل وهي تخفض ذراعيها للأسفل بقوة وصدرها يلهث بقوة وبسرعة فائقة وكأنها بسباق !

زمت شفتيها بوجوم حانق وهي تخفض نظراتها ببطء لملابسها الرجالية والتي ما تزال ترتديها وهي عبارة عن بنطال ازرق طويل رياضي مع قميص فضفاض ذو خطوط حمراء متداخلة مع خطوط بيضاء وقد تبين بأنها تخص ذاك الرجل والمتواجد معها بنفس المنزل مثل باقي جميع الملابس والتي وجدتها بالخزانة ، وهي تشعر بعطره الخاص يحوم بالمكان بقوة بدون اي منفذ للهروب منه وهي تتخلل لجسدها لتستقر بجزيئات بشرتها وبذرات انفاسها !

تنهدت بهدوء وهي تتنقل بنظرها بقطع الملابس المهملة وبزوايا الغرفة الكبيرة والمطلية بلون الابيض الناصع مثلها مثل باقي اثاث المنزل والذي يتداخل مع الطلاء الاخضر ببعض الديكورات البسيطة بالمنزل الريفي ، لتستقر بالنهاية بنظراتها الصامتة على المرآة المستديرة والمعلقة على زاوية الجدار المقابل لها وهي تظهر كل شيء بدون ان تخفي اي عيوب للناظر لها ، وكم كانت تبدو شبيهة حقا بالمشردين كما كان يقول عنها ذاك وخاصة مع شعرها الاسود المنفوش بغجرية بعد ان تجعد بماء البحيرة بالأمس وجف بعدها على نفس تموجاته لتبقى على هيئته الفوضوية لليوم الثاني بدون اي تهذيب او تسريح وكأنه مصاب بصعقة كهربائية جعلته على هذه الهيئة المخزية ، ولن تنسى ايضا ملامح وجهها الذابلة والجافة بتقشر من ملوحة مياه البحيرة وكأنها موجة جراد حلت على بشرتها البيضاء !

ولكن كل هذا لا شيء امام صدمتها الأخيرة والتي جعلتها تفيق على نفسها وهي تندفع لا إراديا امام المرآة ما ان لمحت لون حدقتيها السماويين والتي تجردت من لونها البحري والذي اعتادت على تلوين عينيها به واخفاء زرقة عينيها الاصلية بألوان قاتمة ادخلتها لحياتها لتلون بها مجرى نظراتها امام العالم !

استدارت حول نفسها بوجل وهي تنقض على السرير نافضة كل شيء عنه قبل ان تتسمر بمكانها بتجمد لوهلة ما ان لمحت العدسات اللاصقة فوق الوسادة والتي كانت تنام عليها قبل دقائق وستكون سقطت عن عينيها بسبب الماء المالح والذي دخل بهما بكثرة .

امسكت بالعدسات بحذر وهي تنظر لها بسعادة وبأنفاس متقطعة بإجهاد ، لتعود من فورها امام المرآة وهي تلصق العدسات فوق كل عين على حدة لتخفي زرقتها السماوية بلون بحري قاتم اعتادت على رؤيته منذ سنوات حتى اصبح لون عينيها الطبيعي والجزء الملتصق بتلك الأحداق ، ولن تنسى ابدا نظرات زوج والدتها النافرة من لون احداقها السماوية الغريبة والمتفرد والشبيه بوالدتها لتخفيه عندها بلون آخر اكثر قتامة فقط لكي لا ترى تلك النظرات بعينيه والتي مقتتها منذ كانت طفلة .

بعدها بلحظات كانت تمسك بالمقص الحاد وهي تنظر للمرآة امامها لتبدأ بعدها بقص اطراف القميص بحذر حتى اصبح طوله يصل لمنتصف خصرها ، لتربط بعدها اطرافه المقصوصة معا بربطة عند خصرها اظهرت نحافة جسدها المتناسق مع وركيها وهي تنظر لنتيجة عملها المثمر بما انه ليس لديها اي قطعة ملابس هنا وملابسها التي كانت ترتديها من قبل غير موجودة ، وحتى تعثر على ملابس تناسبها ستضطر ان تتقبل فكرة ارتداء هذه الملابس القبيحة والتعديل عليها بالشكل الذي يناسبها ويروقها .

انتفضت بمكانها بجزع ما ان سمعت صوت اقتحام احدهم لغرفتها بدون اي سابق إنذار ، لتستدير بعدها بكلتيها للخلف بعنفوان وهي تصرخ به بحنق بالغ مع احتقان وجهها باحمرار الغضب
"كيف تتجرأ على اقتحام الغرفة بدون اي حياء ! ألا تعرف كيف تطرق الأبواب قبل الدخول ؟ ام تظن نفسك تعيش وحدك بهذا المكان"

عقد حاجبيه بحدة باردة وهو يلوح بيده قائلا بلا مبالاة
"هذا منزلي إذا كنتِ قد نسيت ذلك ، وايضا كنت اريد اخبارك......"

توقف عن الكلام فجأة ما ان تمعن بالنظر بهيئة الواقفة امامه والتي دفعته ليجحظ بعينيه على اقصى اتساعهما لبرهة وهو يلاحظ قطع قماش القميص المقصوص والملقاة ارضا من حولها وقد حولته لخرقة بالية ليناسب مقاس جسدها العلوي وهو يصل لخصرها بربطة طريفة ، ليرمش بعدها عدة مرات بعينيه بتجمد الصدمة وهو يحاول التركيز بما يراه من كارثة متحولة امامه تعيش معه بعد ان ارتبط اسمه بها طيلة حياته القادمة بدون اي تراجع او تفكير ، وهو يتلقى اول صدمات هذا الزواج الكارثي والذي سيحيل حياته لجحيم كما يبدو !

همس بعدها بلحظات ما ان تمالك نفسه بابتسامة ممزوجة بصدمة الذهول مع خطر محدق
"ما هذا الذي ترتدينه ؟"

زمت شفتيها بتشنج ما ان وصلتها نبرة صوته الباردة بطريقة تخللت لعظامها بحذر غريزي ، وهي تهمس بلحظة بابتسامة هادئة ببساطة
"هذه ملابسك نفسها والتي بدلتها لي بالأمس ، وهل لي غيرها اصلا بهذا المكان لأستر به جسدي !"

ارتفع حاجبيه ببطء جليدي وهو يحرك رأسه بهدوء ليقول بعدها وهو يبتسم بتفكير قاتم
"وماذا فعلتِ بالقميص والذي يكون اساسا قميصي ؟"

زمت شفتيها بوجوم لبرهة وهي تخفض نظراتها للقميص بحذر قبل ان تتمتم بابتسامة جانبية ببرود
"عذرا منك ! ولكن القميص كان يبدو كبيرا جدا عليّ فهو ليس بمقاسي وهذا الأمر كان يضايقني بشدة ، لذا اجريت عليه بعض التعديلات ليناسبني اكثر ويناسب حجمي بما انني لا املك غيره لأرتديه"

اومأ برأسه بغموض وهو يتقدم باتجاهها عدة خطوات بثبات بعثت الرعشة بأطراف جسدها جمدتها بمكانها ، لترفع بعدها حدقتيها الزرقاوين بتوجس ما ان وقف امامها تماما وهو يهمس بابتسامة مائلة التوت بتحفز
"إذاً فعلتِ ما برأسكِ بدون الأخذ برأي احد ولا بصاحب القميص ! وبكل جرأة عديمة الحياء وكأنكِ تملكين الحق بفعل ما تشائين بحياتك"

ردت عليه من فورها وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها هامسة بإيباء
"وهل كان لديك شك !"

تشنجت ملامحها بصمت ما ان صرخ المقابل لها من بين اسنانه بحدة صارمة اتسعت معها حدقتيه السوداوين بغضب
"ماسة"

رفعت وجهها نحوه بحدة وهي تنفض خصلات شعرها المجنونة للخلف قائلة باستياء حاد
"انت من ارغمني على ارتداء هذه الملابس بدون علمي ، والآن تغضب مني لأني لعبت بملابسك وافسدتها ! لو انك تركت لي ملابسي القديمة لما احتجت لهذه الملابس القبيحة لأستر بها نفسي"

تصلبت ملامحه للحظات قبل ان تحتل ابتسامة باردة محياه وهو يرفع الكيس بيده قائلا بهدوء حاد ممزوج بالسخرية
"وهذا ما اتيت من اجله ، لقد جفت ملابسك والتي غسلتها وعلقتها لكِ بالخارج بالصباح الباكر ، ويمكنكِ ارتدائها الآن بدون ان تضطري لارتداءِ ملابسي القبيحة ، فأهم شيء عندنا هو راحة جلالة الملكة"

عبست ملامحها بغضب وإحراج استبد بها مما تفوهت به قبل قليل وهي تشعر بقبح فعلتها والتي تجلت واضحة امامها باستياء ! لتتنفس بعدها بقوة وهي ترفع يدها بسرعة وبلمح البصر باتجاه الكيس ولكن ما لم تتوقعه ان يبعد الكيس بعيدا عن مرمى يدها باللحظة التالية وهو يقول بابتسامة ماكرة مع ارتفاع حاجبيه بهدوء
"ولكن اولاً وقبل حدوث هذا اريد ان استعيد ملابسي ، واقصد البنطال والقميص المشوه فهما يخصانني واريدهما حالاً قبل ان تكملي تشويه ما تبقى منهما"

انفرجت شفتيها بانشداه وهي تخفض يدها بهدوء لتقول بعدها بعبوس حانق
"سأرجع لك ملابسك ما ان ابدلها ، لذا اعطيني ملابسي لأستطيع إعادة ملابسك"

حرك رأسه ببساطة وهو يلوح بالكيس جانبا قائلا بابتسامة اتسعت بخبث واضح
"لا استطيع ، اخلعي ملابسي اولاً ، وبعدها اعطيكِ ملابسك"

اتسعت حدقتيها بصدمة تحولت بلحظة لشرارات حاقدة بشر وهي تلوح بذراعها قائلة باستنكار
"هل تقصد ان ابدل ملابسي امامك ؟"

اومأ برأسه بالإيجاب وهو يتقدم بخطواته اكثر حتى اصبح لا يفصل بينهما شيء ليهمس بعدها امام وجهها القريب منه بصوت اجش متسلي
"اجل وما لمانع ، فأنا بالنهاية اكون زوجكِ ولست شخصاً غريبا عنكِ"

عضت على طرف شفتيها بحنق وهي ترفع ذراعيها لا إراديا لتضمهما امام صدرها هامسة بخفوت عنيف
"لا تحلم بها يا ابن الفكهاني"

عض على طرف شفتيه بعبث وهو يرفع يده ليمسح على رأسها برفق وهو يعيد بأصابعه خصلات شعرها المجعدة لخلف اذنيها بقوة ، ليهمس بعدها بالقرب من اذنها بفحيح مستمتع
"هيا يا ماسة لا تعاندي اكثر ، وألا بدلت ملابسكِ بنفسي مجددا كما فعلت بالأمس"

امتعضت ملامحها للحظات وهي تخفض جفنيها بقوة تعصرهما فوق احداقها لا إراديا وهي تتبع لمسات اصابع يده بنعومة الريشة والتي وصلت لعنقها وهو يتحسس نبض عروقها البارزة بقوة ، لينتقل بعدها لا شعورياً ليدها المضمومة عند صدرها وهو يحررها من تشبثها عند صدرها بخشونة قبضته قبل ان تشعر باللحظة التالية بثقل بيدها بعد ان وضع شيء ثقيل بيدها المضمومة ، ليختفي بعدها كل شيء ما ان ابتعد عنها مع انفاسه ورائحة عطره والتي شعرت بها تخنق حواسها المنتفضة واطرافها المشدودة بانقباض !

فتحت عينيها ببطء حذر وهي تنظر لآخر لمحة من خياله وهو يخرج من الغرفة ببساطة ، لتخفض بعدها نظراتها بسرعة للكيس بيدها والذي كان يضعه من لحظة بداخل قبضتها المضمومة باستماته وهي ما تزال تستشعر ملمس خشونة قبضته على يدها وذرات انفاسه بحواسها وهي ما سمرتها عن الحركة للحظات طويلة بدون ان تجرب محاربته كما تفعل عادةً مع كل من يتجاوز حدوده معها ! فماذا فعل بها للتو حتى اوصلها لهذه الحالة من التخبط المخزي والمثير للشفقة بالنسبة لها ؟

_______________________________
بعدها بساعات طويلة كانت تقف عند باب المطبخ بهدوء وهي تكتف ذراعيها فوق صدرها ناظرة بملل للذي كان يعبث بخزائن المطبخ المعلقة بالجدار وهو يقضم تفاحة بيده الأخرى باستمتاع واضح على ملامحه الباردة وهو يبحث عن شيء ما من نظراته السوداء المسلطة على الخزائن بانتباه ، لتخفض بعدها نظراتها لا شعوريا لجسده الطويل وهو ينحني امام الخزائن بمرونة وقد تبدلت ملابسه عن السابق والتي اصبحت عبارة عن بنطال جينز قصير يصل تقريبا لركبتيه مع قميص فضفاض بدون اكمام وهي تظهر عضلات ذراعيه وانبساط جسده الطويل بلياقة ومرونة واضحة بحركات جسده وكأنه واحد من لاعبين كرة القدم او السلة والذين تراهم على التلفاز والتي تناسب صفاته وميزاته الخوض بتلك الألعاب والتي تحتاج لروح رياضية دائما ما يتحلى بها ....

عضت على طرف شفتيها بتأنيب متشنج لما وصل له تفكيرها المرهق من انحدار كارثي ! وهي تتفحص بجسد هذا الشخص وتلقي عليه بالأحكام والآراء بظاهرة لم تحدث معها من قبل ؟ لتتلون بعدها وجنتيها باحمرار محتقن وهي تحرك نظراتها جانبا بعيدا عنه برعشة ارتجاف سرت بأطرافها بسرعة كما حدث معها البارحة مع تلك القبلة والتي اودت بمشاعرها للتخبط باشتعال دمائها وبأروقة روحها الباردة وهي تطفو على السطح .

غرزت اسنانها لا إراديا بطرف شفتيها ما ان قال المقابل لها والذي ما يزال مستمر ببحثه بدون ان يعطيها اي انتباه
"هل اعجبكِ ما رأيته حتى تسمرتِ بمكانكِ هكذا"

عادت ملامحها للجمود بلحظة وهي تدير حدقتيها باتجاهه بنفس الوقت والذي التفت به الواقف امامها برأسه نحوها ، لتتقابل عندها النظرات بينهما لبرهة بحرب طويلة توقف بها الكلام والتي لا يفهمها سوى من عايش بعلاقتهما بكل تفاصيلها ومشاكلها ! وهي تشعر بلمحة سخرية خاطفة ظهرت بنظراته السوداء وهو يطيل النظر بحدقتيها والتي كشف سرها وسبب تلونها بزرقة قاتمة بعد ان قابلته بالصباح بلونهما السماوي وقد كانت تتوقع ان تصل لهذه المواجهة بعد ان غفلت عنها وتجردت امامه وهي تحافظ عليها منذ سنوات بلونها الاصطناعي المزيف ، ولكن ما لم تتوقعه بأن تكون هذه المواجهة بينهما مؤلمة لها ولكبريائها الهش والذي اخترقه بنظراته السوداء والتي تتلون سخرية لم تراها من قبل بكل هذه القسوة والتي فاقت نظرات زوج والدتها النافرة !

كسرت حرب العيون وهي تخفض نظراتها بضعف يظهر على محياها لأول مرة وهي تهمس بتصلب خافت
"هل انتهيت ؟"

ابتسم المقابل لها بهدوء وهو يغلق الخزانة بجانبه ليستدير بجسده كاملا امامها وهو يتفحص الساكنة امامه بنظراته الغامضة ببطء وهي تبدو شخص مختلف تماما عن الدمية الفوضوية والتي قابلها بالصباح وخاصة بأنها قد استحمت قبل ان تعود لارتداء ملابسها القديمة والتي سلمها لها قبل ساعات ، وهو ينظر بداية من بنطالها الجينز والذي قصر قليلا بسبب مياه البحيرة مظهرا ساقيها البيضاوين مع قميصها الممزق عند الأطراف وقد ربطت الشق الطويل عند خصرها بعقدة صغيرة لكي لا يظهر منها شيء بالرغم من انها اظهرت اكثر انشداد خصرها المستدير بإغراء واضح ، ولكنها مع ذلك تبقى افضل بكثير من ملابسه الكبيرة عليها والتي لم تناسبها ابدا وشوهت انوثتها الطاغية ، ليصل بالنهاية لشعرها والذي عقدته للخلف وهو مجموع على هيئة ذيل حصان طويل بعد ان عاد لنعومته وتهذيبه بالرغم من انه احب حقا تموجاته الملتفة اكثر بتجعد خصلاته ....

رفع التفاحة لوجهه وهو يعود ليقضم منها بهدوء متسلي ما ان عادت لرفع حدقتيها نحوه والتي اكتشف سبب قتامة لونها الغريب والتي كانت تخفيها بعدسات مزيفة بدون ان يفهم سبب وجودها بعينيها وما هو وضعها ؟ فكل ما يعلمه واصبح متأكد منه بأن تلك العدسات اللاصقة هي السبب الحقيقي من تجمع الدموع دائما بعينيها بسبب الحرقة والتي تنتج عنها بأغلب الأوقات وخاصة عندما تمزج مع الماء !

اسند ظهره بإطار الرخام من خلفه وهو يقذف التفاحة للأعلى عدة مرات قائلا بغموض بارد
"حسنا يبدو بأننا قد اكتشفنا اليوم بسر جديد يخص زوجتي الغامضة والتي تحب التخفي دائما برداء الأكاذيب وهي تزيف الحقائق كما يحلو لها ، ويبدو بأن هناك الكثير من التزييف والتحريف علينا ازالة الستار عنه وجعله يتعرى امامنا......"

قاطعته من فورها التي تقدمت بعيدا عن الباب وهي تقول بانفعال حاد
"كفى ، انا لا اسمح لك بأن تنتقد شخصيتي كما تشاء وكما يفكر عقلك"

كانت ابتسامته تميل بهدوء بدون ان ينطق بأي كلمة وهو يفترس ملامحها المشتعلة بتصلب بصمت مريب ، لتدير وجهها بعيدا عنه بضيق قبل ان تقول بلحظات بوجوم عابس
"انا جائعة ، أليس هناك شيء يؤكل !"

استقام بوقوفه ببساطة وهو يلوح بالتفاحة بيده قائلا بعبوس مصطنع
"للأسف لا يوجد شيء بالمطبخ يؤكل ، فقد حاولت البحث بالفعل عن طعام بالخزائن وبكل مكان ، ولكن لم اجد سوى هذه التفاحة لتفي بالغرض حتى استطيع شراء مستلزمات جديدة للمنزل"

رفعت حدقتيها نحوه باتساع مندهش قبل ان تهمس بتجهم واضح وهي تلوح بذراعها باستياء
"هل تمزح معي ؟ إذا كان لا يوجد شيء بهذا المنزل لما احضرتني إليه ! ام انك كنت تريد ان تتسلى بوقتك وانتِ تهينني وتذل كرامتي بهذه الطريقة بدون اي ملابس او طعام"

ارتفع حاجبيه بخفة لبرهة وهو يتقدم نحوها عدة خطوات ليقف امامها تماما قبل ان يلوح بالتفاحة امامها وهو يهمس بابتسامة جامدة بسخرية
"اهدئي يا ألماستي فكل شيء بهذه الحياة له حل ، لا داعي لكل هذا الاستياء والاحباط ، وبخصوص رأيكِ بفكرة إحضاركِ إلى هنا ، فأنتِ التي جلبتِ لنفسكِ الإهانة والذل بدون تدخل احد ، وصدقيني ألقاء اللوم على الآخرين بأفعالك لن ينجيكِ من مصيرك المحتوم"

تشجنت ملامحها بلحظة والدماء تتدفق بحرارة بأوردتها بعنف وهي تهمس من بين اسنانها بانقباض لا إرادي
"ألن تتوقف عن سخريتك المقيتة فهي ليست مضحكة ابدا وتظهرك بمظهر سخيف للغاية !....."

قاطعها من امسك بيدها بقوة وبدون مقدمات كان يضع التفاحة براحة كفها وهو يدنو بوجهه امامها قائلا بصوت اجش هادئ
"خذي وتناولي هذه التفاحة فقد تسكت القليل من جوعك ومن لسانكِ الأحمق والذي لا يعرف سوى قول التفاهات ، واتمنى حقا ان تفي بالغرض ولا تنقرضي جوعا فأنتِ حالة نادرة وسيكون من المحزن فقدانك"

فغرت شفتيها بصدمة للحظات وهي تنظر بجمود متقد عاد ليقدح بعينيها بشرارات طائشة وهو يحاول قلب الطاولة واظهارها بدور المذنب ليكسب الحرب ، وكم تشعر بالضيق الشديد من هذه الخسارة الفادحة والتي الحقت بها لأول مرة من بين جميع مواجهاتها معه !

انسحب بعدها بلحظات من امامها وهو يتجاوزها بعيدا بصمت ، بينما سافرت عينيها للتفاحة بيدها وهي تنظر لجزئها المأكول وعلامات اسنانه ما زالت واضحة عليها ، لتقلبها بعدها للجهة الأخرى وهي تقضمها بأسنانها بعنف استبد بها وبقسوة المغلوب على امره .

_______________________________
اخرجت صينية الدجاج من الفرن وهي تمسك جانبيها بالقفازات الخاصة بالطبخ ، لتبتسم بعدها برضا وهي تنظر لعملها الناجح واكثر شيء تتقنه ويرضيها بهذه الحياة ، وهي تتمنى لو تكون الحياة فقط عبارة عن طبخ ودمج كل اصناف المأكولات والنتيجة تحسم بعد تذوقها للطعام لكانت عندها استطاعت التفوق بها ولم تواجه اي مشاكل بحياتها البتة .

انتفضت واقفة وهي تستدير للتي كانت تكلمها بجدية وهي تخرج الأطباق من الخزائن
"هل انتهيتِ من تجهيز الطعام ؟"

اومأت برأسها بالإيجاب وهي ترفع الصينية قائلة بسعادة طفيفة
"اجل لقد انتهى ، وايضا الرز قد نضج مع الدجاج ، ولم يبقى سوى توزيع الموائد على الطاولة"

اقتربت منها عدة خطوات قبل ان تقف امامها وهي تهمس بابتسامة شاحبة بهدوء
"لا داعي للمزيد من العمل يا عزيزتي ، فقد عملتِ اكثر من طاقتك اليوم ، وقد ابهرتني حقا بنشاطك اليوم بالعمل والطبخ ، لقد كنت اظن بأن فتيات هذه الأيام لا يهتمون ولا يفقهون شيئاً بالأمور المتعلقة بالطبخ والعمل ، ولكنكِ اثبتِ لي سوء نظريتي هذه"

اخفضت نظراتها بإحراج اصبح يلازمها كثيرا مع وقتها الطويل والذي قضته مع هذه المرأة ، لتشعر بعدها بيدها وهي تربت على كتفها بحنان قبل ان تعود للكلام هامسة بصوتها المتدفق حنان وسخاء مع لمحة مرح
"وايضا نسيت ان اخبركِ بأن نسبة من الفتيات الجميلات لا يحبون مثل هذه الأعمال المنزلية الطويلة ولا يستطيعون الجمع بينهما ، ولكنكِ استطعتِ ان تجمعي تلك الصفتين معا لتظهركِ اكثر جمالا وفتنة"

عضت على طرف ابتسامتها بحياء لون وجنتيها بسعادة بالغة لم تشعر بها من قبل بكل هذا القدر وكأنها رفعتها لفوق السحاب بلحظات ! فهي بحياتها لم تنتظر ثناء من اي احد على عملها والذي كانت تنجزه كل يوم بمنزل عائلتها والذي كان ينقصه لمسة انثوية بتلك الحياة بسبب انها الانثى الوحيدة بالعائلة ، بالرغم من ان والدها كان يثني دائما على عملها وشخصيتها احيانا بطريقة غير مباشرة حتى اعتادت على الأمر واصبح مجرد كلام عابر لم يعد له اي تأثير ، ولكن كلام هذه المرأة وطريقة مدحها حرك بها مشاعر امومية كانت قد نست مذاقها وتأثيرها عليها مثل شعور حنان الأم والذي لم تجربه يوما !

همست بعدها بلحظات بخفوت ممتن
"شكرا لكِ يا عمتي هيام....."

علقت الكلمات بحلقها وهي تنتفض لا شعورياً ما ان صدح صوت فتح باب المنزل بقوة وهي تعلم بأنه شخص واحد من لديه الحق بالدخول للمنزل بالوقت الذي يشاء ! لتبتلع بعدها ريقها بارتباك وهي تنظر بوجل للتي كانت توجه نظراتها للخارج وهي تهمس بهدوء
"يبدو بأن جواد قد عاد !"

تنفست بانفعال وباحمرار غزى اغلب ملامحها بلحظة بدون ان تفهم سبب كل هذا الانفعال والذي يبعثه بوجوده بحياتها وبروحها المتخبطة بجسدها ؟
شعرت بعدها بيدها وهي تدفعها بكتفها برفق لتفيق على نفسها وهي تهمس لها بعجلة
"هيا يا صفاء اذهبي انتِ لاستقبال زوجك ، وانا سأهتم بباقي الأمور الخاصة بموائد السفرة"

كانت على وشك الرفض وهي تحرك رأسها بالنفي بحركة غير ملحوظة قبل ان تسبقها التي امسكت بصينية الدجاج وهي تسحبها منها رغما عنها قائلة بجدية هادئة
"هيا يا ابنتي ، لا داعي لكل هذا الخوف من زوجك ، فلا نريد ان نترك جواد ينتظر وحده اكثر"

عبست ملامحها بتوجس وهي ما تزال تشعر بيدها وهي تدفعها للأمام برقة ، لتتحرك بعدها من مكانها بخطوات بطيئة مترددة وقبل ان تخرج بلحظة اوقفها الصوت الحاني وهي تهمس من خلفها بتنبيه
"صفاء لا تنسي ان تخلعي القفازات عن يديكِ"

التفتت بوجهها قليلا للحظات وهي تنظر للقفازات بيديها والتي قد نست وجودها تماما ، لتنزعها بعدها بهدوء عن كلتا يديها وهي تتقدم باتجاه الطاولة لتضعها فوقها بلحظة وامام نظرات المقابلة لها والتي ما تزال تتابعها بحنان متدفق بتلك المقلتين الواسعتين .

تنهدت بهدوء وهي تغادر من المطبخ بأكمله بلحظات ويديها تعدلان بأطراف ثوبها لا إراديا وهي تسير بخطوات بدأت بالتراجع والتمهل تدريجيا وهي تقبض على يديها بتشنج احتل احشاءها بألم بدأت تشعر ببوادره ومن قبل ان تقابل تلك القسوة والمتمثلة بذلك الشخص ! وما ان وصلت لغرفة الطعام والتي كان يجلس برأس الطاولة ذلك الهرم والذي لطالما كان يتربع على عرش تفكيرها حتى رفع وجهه بلحظة دخولها بالذات وكأنه يشعر بخطواتها من قبل ان تصل للغرفة وهو يحدق بها بذلك السواد العميق وببحار لا تعلم إلى اين يصل مداها ؟

ادارت حدقتيها العسليتين بضعف بعيدا عنه وقد بدأت تشعر ببوادر صقيع سواده تلتف من حولها من نظراته المسلطة عليها بطريقته والتي تجردها تماما من كل شيء ، بينما تقدم بجلوسه مثل اسد متربص لها وهو يسند مرفقيه فوق سطح الطاولة ونظراته تدور من حولها بقوة قبل ان يتبعها بلحظات بصوته الحاد بخشونة متسلطة
"ماذا تفعلين هنا ؟ أليس من المفترض ان تكوني الآن بالمطبخ تساعدين والدتي كما امرتك !"

عضت على طرف شفتيها بألم وقد بدأ يمطرها بأوامره القاسية وكأنه زعيم عليها وكم يناسبه ذلك اللقب وخاصة بطريقة جلوسه هذه وهيئته والتي تظهره وكأنه يتربع على عرش الزعامة ! حركت رأسها بقوة وهي تنفض عنه تلك الأفكار التافهة والتي ما تزال تأخذ حيز بمخيلتها عن تلك القصص والتي تتكلم عن الخيال والأساطير .

ادارت نظراتها تلقائيا باتجاه الذي كان يصرخ بحدة نافذة وهو يعقد حاجبيه بغموض
"صفاء انا اكلمكِ ، لما لا تجيبين على اسئلتي ؟ ام انكِ قد ذهبتِ لعالمكِ الآخر والبعيد عن الواقع !"

اتسعت مقلتيها العسليتين بانشداه وهي تبتسم لا إراديا بسعادة عابرة ما ان تذكرت تلك العبارة الشهيرة والتي كانت تنعتها بها (ماسة) كلما شردت عنها وابتعدت بتفكيرها ، لتعود بنظرها بلحظة للذي كان يعبس بريبة وهو يراقب ابتسامتها بضيق واضح وقد اختفت القسوة عن تعابير وجهه للحظات وهو يهمس بخفوت اجش
"ما سبب هذه الابتسامة !"

ردت عليه من فورها التي كانت تبتسم بشرود وبسعادة لمحها بمقلتيها العسليتين
"انت تتكلم مثل ماسة"

عقد حاجبيه بتفكير للحظات قبل ان يتمتم بوجوم
"هل هذه صديقتك المقربة ؟ والتي تتكلمين عنها دائما"

اومأت برأسها بقوة وببريق ومض بعينيها بابتهاج عسلي بالغ ، بينما ارتفع حاجبيه من كان يراقبها عن كثب وهو ينظر لتحول حالها والمتناقض تماما عن الصباح مثل ألوان الطيف وخاصة بثوبها القصير بلون الاصفر المتوهج والذي جعلها اكثر انارة من قبل وكأنها كتلة بهجة وسعادة هبطت امامه !

اشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يقطع تلك الهالة المبهجة قائلا بجمود صخري
"غير مهم فهذا ليس موضوعنا والذي كنا نتكلم عنه والذي تجاهلته بكل وقاحة"

اخفضت نظراتها بعبوس مرتجف احتل اطرافها وهي تتمنى ان ينتهي هذا الحال بسرعة ، لتتنفس بعدها الصعداء ما ان دخلت منقذتها والتي كانت تحمل الصينية مع الأطباق بتوازن وهي تقول ببشاشة بالغة
"اعتذر على التأخر يا اولاد....."

قاطعها من وقف عن الكرسي بقوة وهو يقول بانفعال حاد
"امي لما تحملين كل هذا ؟ لما لا تعطين بعض المهام للخادمة والتي احضرتها لكِ ؟"

زادت من القبض على يديها بقوة حتى شعرت باحتكاك اظافرها بباطن كفيها بألم لا يضاهي شيئاً بما تشعر به الآن بروحها المنقبضة بقوة وهي تتنفس بحشرجة مسننة علقت بمجرى انفاسها وهو يحطم كل احلامها بلقب دمر كل افكارها عن هذه الحياة الوردية بقسوة جديدة اسوء من سابقتها !

زمت شفتيها بوجوم لوهلة مع انخفاض اهدابها للأسفل وهي تحاول استعادت ضبط مشاعرها المنفلتة ما ان تكلمت التي وصلت امام المائدة بلحظات وهي توزع الاطباق فوقها قائلة بعتاب صارم
"توقف عن هذا الأسلوب القاسي بالكلام ، وألا صدقني لن اسمح لك بتذوق شيء من هذا الطعام ، وسأطردك عندها من المنزل بأكمله مثل الكلاب الجائعة"

عاد للجلوس بمقعده بصمت مقيت وهو يدير حدقتيه بعيدا عنها بلا مبالاة ، بينما بقيت الساكنة بمكانها تراقب بعيون حزينة نظرات تلك المرأة والتي كانت تحرك رأسها لها برقة واطمئنان مواسية حالها ، وما ان انتهت حتى جلست على مقعدها بيمين ابنها وهي تشير للأخرى بعينيها قائلة بمحبة
"تعالي يا ابنتي واجلسي على المقعد بجانب زوجك"

اومأت برأسها بطاعة وهي تتقدم للكرسي المطلوب قبل ان تجلس عليه بيسار ابنها ومقابل لوالدته بدون ان تنظر لأي احد منهما ، ليتدخل بعدها بلحظات من وجه نظراته لوالدته وهو يقول بعبوس متجهم
"متى اصبحت ابنتكِ ؟ انا ارى بأنكِ تغدقينها حب اكثر مما تستحق"

كانت (صفاء) تنظر ليديها بحجرها بصمت تام متناقض عن شخصيتها وبدون ان تبالي بما حولها من قسوة عقدت لسانها وجمدت قلبها بمكانها وكأنها تمثال حي عن البرود والصمت ، بينما نطقت التي كانت تسكب بطبقه الارز مع الدجاج المشوي وهي تقول بحدة عاتبة
"اجل اكيد ابنتي ، فهي تبقى افضل منك يا قاطع القرابات والارحام والذي لا يسأل عن والدته ابدا سوى بالمناسبات"

رفع عندها الملعقة بجانبه بشرود وهو يهمس ببرودة جمدت الأجواء من حولهم
"هل هذا يعني بأنكِ قد استبدلتها بهذه السرعة ؟"

تغضن جبينها بحيرة الصامتة بمكانها وهي ترفع نظراتها بوجل للمرأة الجالسة امامها والتي شحب وجهها فجأة لوهلة وهي تشدد من الإمساك بالملعقة بيدها بقوة ، لتعود بعدها بلحظات للابتسام بهدوء وهي تكمل سكب الطعام بالأطباق بدون ان تفهم لمحة الحزن والأسى والتي لمحتها بتلك المقلتين المتسعتين بسواد قاتم ؟

قطع الصمت والذي لفهم معا بهالة من الجمود الصقيعي من كان يتناول طعامه وهو يمضغ الدجاج الخاص به بأسنانه هامسا بجفاء
"الطعام اليوم مختلف عن السابق ونكهته مميزة ، سلمت يداكِ يا امي"

ابتسمت والدته بهدوء وهي تراقب التي كانت تتلون بالحياء وهي تعض على طرف شفتيها ببريق سعادة خاطف وقد كان هذا المدح موجه لها ، لتقول بعدها التي كانت تربت على ذراع ابنها بحنان وهي تقول بثقة كبيرة
"هذا لأنني لست الذي اعددت هذا الطعام ، بل هذه زوجتك صفاء الحسناء والمحترفة بالطهو"

رفعت حدقتيها العسليتين بتوجس ما ان تجمد الهرم بمكانه بصمت دام للحظات قبل ان يبعد الطبق من امامه وهو ينتفض واقفا امام نظراتهما الحائرة ، ليهمس بعدها بنبرة خاوية لا تعبير فيها
"عذرا ولكني قد شبعت"

فغرت الوالدة شفتيها بصدمة وهي تنوي الكلام بغضب قبل ان يسبقها بلحظة الذي غادر المكان بأكمله بخطوات سريعة بجمود ! لتقف من فورها عن مقعدها التي كانت تصرخ من خلفه بحدة صارمة
"انتظر يا جواد"

ولكن لا حياة لمن تنادي فقد كان قد غادر بالفعل المكان بأكمله ، ليترك العيون متسعة من خلفه بصدمة بينما عينيها العسليتين كانت تشاهد بهدوء ما يحدث من حولها وهي ترثي حلمها الوردي والذي تبخر مع قسوته وسلبه منها للأبد بدون قرار بالتراجع .....

يتبع............


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس