عرض مشاركة واحدة
قديم 14-10-21, 09:15 PM   #523

آمال يسري

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية آمال يسري

? العضوٌ??? » 462711
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 946
?  نُقآطِيْ » آمال يسري is on a distinguished road
افتراضي

جلست سمر على الكرسي في شرفة غرفتها في الفندق بينما عمران كان يفتح للموظف كي يأخذ منه طعام الفطور، أخذت هاتفها من على المنضدة وطلبت رقم أبيها، تلقي عليه الصباح، تبدأ به يومها حتى ينتهي شهر عسلها فتذهب مع عمران لرؤيته، جاءها الرد ببشاشته التي تصلها عبر الهاتف، نبرة صوته الدافئة التي احتضنتها لترد بتأثر:
" اشتقت لك أبي، كيف حالك!"
" بخير حبيبتي، كيف حالك أنتِ!؟"
قالها صلاح بينما يجهز كوب من الشاي مع شطيرة بالجبن ووضعهما على صينية متجها لصالة البيت؛ همست سمر أنها بخير ثم سألته عما يفعل فأجابها بأنه للتو جهز فطور خفيف، كبحت دمعة واحدة كادت تنفلت من عينها بينما كان عمران يضع الفطور على المنضدة، تتذكر كيف كانت ندى تجهز له الفطور بمساعدتها القليلة، تتمنى لو كانت معه الآن وجهزت أجمل فطور من يديها اللتين أصبحتا خبيرتين في إعداد الطعام بمساعدة ابن عمها الذي يرمقها بنظرة قلقة حين قالت بصوت بدا مختنق:
" لما تجهز فطور خفيف يا أبي، تغذى جيدا، لا تهمل في نفسك!"
جلس عمران على الكرسي الملاصق لها بينما كانت تنظر له كاتمة دموعها حين أجابها أبيها:
" عندما تأتي مع عمران لزيارتي، سيكون فطورا شهيا يا سمر، أدخره لقدومك حبيبتي!"
فلتت دمعة من عينها ليمسحها عمران من وجنتها بدلا عنها بينما تقول مختنقة:
" أحبك يا أبي!"
همس لها أبيها بشوقه وحبه الشديد لها لترد من بين دموعها وهي تفتح ذراعها:
" أبي؛ ها أنا أضمك، فضمني أنت الآخر!"
حملق فيها عمران لوهلة، يرى بعيني خياله موقف كهذا في أول زواجهما، يومها فتحت ذراعيها تعانق أبيها عبر الهاتف لكن يديها نزلت خاوية بعد الاتصال، كم تمنى لحظتها لو ضمها داخل صدره كما فعل الآن وجذبها بين ذراعيه فور اغلاق الهاتف مع أبيها لتتنهد بعلو وهي تتعلق به بقوة وتهمس:
" اشتقت لأبي يا عمران!"
مسد على ظهرها بحنو وهمس:
" سنزوره ولن نرحل إلا حين تطلبين حبيبتي!"
( عمران)
همست بها سمر ليرد عليها باسمها فيما هي قالت:
" كنت في يوم ما اتصل بأبي وعانقته وقتها عبر الهاتف لكن يدي عادت خاوية…"
ابتلع ريقه قائلا بينما أنامله تغوص في خصلات شعرها المموجة:
" أذكر…"
تشبثت في عناقه وهمست:
" لم أعرف بأن يدي الخاوية سيعوضها الله بهذا السخاء!"
" عطاء الله دوما سخيا يا سمر!"
قالها عمران لترفع سمر عينيها تنظر له كأنها لا تصدق أنه معها ويغدقها بكل هذا الحب، رجلا عاشق حد الثمالة، كم تمنت لو طاوعها لسانها وسألته أهذا حب ظهر بين ليلة وضحاها لقربنا بذات البيت ! لكن لسانها ينعقد ولا ينطق، لا تجد سوى عناقها القوي له يقول ما عجزت عنه.
★★★
احتضنت هالة الصندوق الورقي الصغير الذي يوجد فيه بعض اغراضها بالمكتب الذي طردت منه منذ لحظات بطريقة دبلوماسية، كزت على أسنانها بينما تسير في الممر المتوسط المكاتب، تحس بالقهر يتوغل لكل خلية فيها، هي حصلت على هذا العمل بصعوبة وكانت تتمنى لو نالت مكانة مناسبة لها لكنها خسرت كل هذا، لم تدر بأنها تجاوزت المصعد ونزلت السلالم شاردة في صوت مديرها المباشر الذي كان يجلس في مكانه بهدوء مفرط حين جاءت له تسأله بغضب عن سبب قرار فصلها من العمل ليرفع وجهه عن ملف كان يتفحصه باهتمام ثم قال بكل بساطة :
" الشركة فيا عمالة زائدة!"
لترد بحنق:
" إذن لم تم قبول توظيفي!"
ليرد بنبرة عملية:
" كان خطأ وقمنا بتصحيحه!"
صوته ونظرته لها كانت توحي بالكثير لتعلم بأن أحمد رمزي لم يكن ليتركها بعد فعلتها تلك، خسرت بأولى جولاتها لا بأس، ستعوضها، هذا ما فكرت فيه بينما تسير تجاه الباب الرئيسي للشركة، لتلقي نظرة يائسة خلفها ثم تخرج وفي عقلها ألف سؤال، تتساءل كيف ستجد عملا جديد في خضم غضب أحمد عليها والذي من المؤكد سيغلق كل الشركات في وجهها..
أوقفت تاكسي وأخبرته عن وجهتها حيث بيتها والذي اختارته في أحد الأحياء الراقية ليليق بمكانتها وعملها!؛ عملها!؛ تفجرت الكلمة في عقلها كأنها قنابل مدوية فأرخت رأسها على الكرسي، تمنع صرخة عالية توجهها لأحمد رمزي الذي انتقم منها لأجل فتاة لا تساوي شيء في نظرها، فتاة بالكاد كانت توافق أن تستخدمها كخادمة لديها وهو ربما يستخدمها لذات الغرض وفوقه أشياء أخرى!، وفور أن يملها سيطردها..
" هل تصدقين نفسك، هل من كان بالمتجر رجلا يمل من فتاة ، إنه دافع عنها وكأنها أحد أفراد أسرته!"
صرخت بهذه الكلمات في عقلها ولم تع بأنها نطقت بها حتى سألها السائق إن كانت تريد شيء لكنها التفتت للنافذة دون الرد عليه، تفتح زجاجها عل الهواء البارد يخفف من حدة الحرارة التي تلتهم جسدها من شدة الغضب!.
★★★
في حديقة فيلا رمزي، جلست نغم على الكرسي المجاور للمنضدة فيما تمسك كوب من العصير الطازج كانت قد أعدته لها ياسمين، الجو اليوم بدا لطيف خاصة مع الشمس التي عانقت السماء تغمر بدفئها أرض الحديقة على عكس الأيام السابقة التي تلت الحادث، تنهدت بخفوت تختلس النظر لياسمين التي تجلس قبالتها تقرأ في أحد كتبها، منهمكة فيما تفعل، منذ ذلك اليوم لا تبتعد عنها إلا لو كان أحمد موجود! بأمر منه..
أحمد؛ يصدح الاسم في رأسها فتسبل أهدابها بوجل، توردت وجنتيها بحمرة بدت رائعة بينما تذكر أنه أخذ إجازة من عمله وأصر على متابعتها بنفسه حتى أنها رفضت هذا لكن ياسمين تدخلت وقالت:
"هل هناك انثى تجد الدلال من حبيبها وترفضه!"
حينها أحست بدوار يطوف بها بينما ترى تلك النظرة الجديدة في عيني أحمد والتي تغافل جليده فتظهر بين الحين والآخر، بسمته الجانبية جعلتها ترتجف أكثر لتتراجع عن جدال الأخوين تاركة لهما حرية إدارة الأمور لقد رأت احمد جديد في تلك الأيام ربما كان موجود قبل لكنها لم تكتشفه إلا بعد ما حدث لها، تحس بأنه يثبت لها أن قرار موافقتها الزواج صحيح وأنها لم تتعجل وبأنه لم يعرض عليها ذلك شفقة ولا ذنبا، يعاملها برفق شديد، يتعمد اللطف معها واحيانا تحس بتوتره إن وجدها تتمشى في الحديقة وتتحرك تجاه الجانب المتواجد فيه حوض السباحة ليذهب هذا اللطف ويتحول لحدة تحسها لا إرادية منه فتلتمس له ألف عذر لعدم ثقته في أن تعيد الكَرة، لكنها اقسمت له ولنفسها أن لن تفعل أبدا وأنها استعادت بعض من قوتها التي هدرت ..
تنهدت بعمق وارتشفت القليل من العصير ترنو بنظرها تجاه نافذة مكتب أحمد المطلة على الحديقة والذي تركهما منذ وقت قليل بحجة أن لديه عمل يريد انهائه بينما هو يعفيها من الحرج حين اتاها ذاك الاتصال الذي علم ماهيته ما إن وجد عينيها تدور في محجريها كمن يبحث عن مكان للهرب ككل مرة يأتيها ذات الاتصال فيترك لها مساحتها الخاصة ويبتعد، تحس بأنها بذلك تضغط على أعصابه لانها تستقبل مكالمات حاتم في الفيلا لكن ماذا تفعل لقد تركت عملها وهي الآن لا تخرج أبدا كما أن أحمد وياسمين جانبها دوما فلم يكن لديها حلا سوى استقبال مكالمات حاتم القلقة والذي أخبرته ابنته عن وقوع نغم في الماء لتثير الذعر في قلبه والذي لم ينطفئ قليلا إلا بعد حديثه مع نغم التي طالبت ياسمين أن لا تحكي له عن زواجها من أحمد كي تكلمه هي عن هذا الأمر، منتظرة حتى تشفى تماما وتتصل به في مكالمة مطولة تقص له عن زواجها العجيب الذي إلى الآن لا تصدق بأنه سيتم أو أن احمد بالفعل عرض عليها الزواج، لم تدر بأنها أطالت النظر تجاه نافذة مكتب أحمد إلا حين وجدته ينظر لها من خلالها، لا يحيد النظر عنها، يتأملها بهدوء كما اعتاد الأيام السابقة، أحيانا تحس بنظرته تلك تطول لدرجة تصهر وجنتيها من الخجل، أسبلت أهدابها بسرعة واستدارت عنه تنشغل بارتشاف كوب العصير في حين هو ارتسمت على شفتيه بسمة مليحة ، يحس بأنه يرى وجنتيها المشتعلتين رغم كونها بعيدة عنه الآن بعض الشيء لكن هذا الانصهار الذي دوما يراه كلما نظر لها أصبح مطبوع في مخيلته لا يغادره فيتمنى لو همس لها:
" يليق بالقطة الشرسة الخجل!"
لكنه لا يفعل ويظن بأن لسانه لن تنفك عقدته، زفر بعمق يلقي ما يفكر به جانبا مؤقتا بينما يستدير عن النافذة ليذهب يشارك نغم وياسمين جلستهما.
بخطوات هادئة واثقة سار نحوهما، لتحس نغم باقترابه فتتململ في جلستها، ترنو لياسمين الغارقة في مذاكرتها حين سمعت صوته الأجش يعلن عن وجوده ليسحب كرسي ويتوسطهما ، تقلصت يد نغم حول الكوب في حين انتبهت ياسمين أخيرا مما هي فيه ورفعت رأسها لهما قائلة لأحمد بينما تجمع حاجاتها من على المنضدة:
" الآن سأترك لك أمانتك وسأذهب لغرفتي!"
اتسعت عينا نغم وهي تنظر لياسمين برجاء كي لا تتركها لكن الاخيرة لم تنتبه لها بينما تنظر لاخيها تغمز له بتسلية قائلة:
" أظن بأن وجودي الآن سيكون كعزول!"
ضحك أحمد بصوت عالي جعل نغم تتعلق بجانب وجهه بينما يرد على ياسمين يحاكيها مرحها:
" أحب فيك نباهتك ياسمين!"
احتقن وجه نغم بحمرة قانية فور سماعها لاحمد يرد بتلك الصراحة حتى ولو كانت ممازحة لأخته التي ابتسمت له وقبلته على وجنته كما فعلت مع نغم التي احتقن وجهها بينما تنتقل قبلة ياسمين من خد أحمد لوجنتها، أطبقت نغم على شفتيها تمنع تأثرها حين قالت ياسمين وهي تنحني بينهما تضمهما بين ذراعيها:
" كونا سعداء!"
تعالت نبضات قلب نغم بصخب تلك اللحظة مع التقاء نظرتها مع أحمد الذي أطال النظر في عمق عينيها لتسبل أهدابها في حين استأذنت ياسمين منهما، تأخذ حاجتها وتصعد لغرفتها.
ساد صمت طويل بينهما، نغم بنظرتها المحتارة حولها كي لا تلتقي بعيني أحمد والاخير بنظرته المتفحصة لها والتي تحس بها حتى دون النظر له فتكاد تصرخ به:
" لا تنظر لي هكذا!"
قاطعت نغم الصمت وضجيج أفكارها وهي تلتف لأحمد قائلة بنبرة حاولت أن تكون حادة لكنها بدت له مرتجفة:
" لم يكن عليك مجاراة ياسمين في مزاحها!"
" أي مزاح تقصدين يا نغم!"
قالها بصوت الأجش العميق الذي زاد من توترها، تدرك بأنه يفهم مقصدها لكن كعادته يحب سماع أفكارها منطوقة لترد وقد احست بالغضب الذي لم تحدد سببه:
" انها، اقصد ..."
قاطعت حديثها تطبق على شفتيها باستحياء راق كثيرا لاحمد الذي شبك يديه على المنضدة يكمل حديثها:
" أنها ترى نفسها عزول!"
تنهدت نغم بعمق تجيبه بنعم ، تحاول أن لا تستدير بعينيها عنه وتواجهه حين تابع حديثه:
" ياسمين لا تعلم طبيعة علاقتنا؛ وأنا لن أسمح أن تشعر بشيء كهذا يا نغم!"
ضغط على كل حرف بحزم مغلف بلطفه يؤكد لها حقيقة يجب الالتفات لها بأن ياسمين ليست ضمن تلك اللعبة التي لا تعلم إلى أين تذهب بهما!.
رمشت نغم بعدم استيعاب رغم تفهمها ما يقوله لكنها أيضا ليس لديها المقدرة الكافية لاتباع تلك اللعبة ومدارة الأمر عن ياسمين إذ أنها لو فلحت مرة ستفشل الأخرى، قاطع أفكارها صوت أحمد:
" نغم، لا حاجة لكل هذا التفكير؛ الأمر أبسط من هذا!"
هنا وضعت الكوب الذي كاد ينكسر في قبضتها من شدة تقلصها حوله وهتفت بصوت مختنق:
" لكنني لا أستطيع مجاراة ما تفعله أنت!"
انحنى قليلا والتفت لها بوجهه، يبتسم بطريقة أربكتها حتى أنها ارتدت في جلستها، تستند على ظهر الكرسي حين قال بنبرة ذات مغزى:
" وما الذي أفعله يا نغم …!"
حدقت فيه الأخيرة بذهول، تبحث في رأسها عن رد لكن بلا جدوى، تتعلق عينيها بكوب العصير فيبتسم بخفوت حين توقع أن ترشقه بمحتوى الكوب وقال بمرح:
" إياك وفعلها!"
نظرت له في حدة ثم قالت بنبرة تحاكي نظرتها:
" بشمهندس، زواجنا ليس حقيقيا!..."
" أمام ياسمين وكل البشر، حقيقي بما تعنيه الكلمة من معنى نغم!"
ابتلعت ريقها الجاف واحتقن وجهها حتى أنها لديها يقين بأن بسمته الآن استمتاعا بمدى توترها ووجهها الذي من المؤكد يشبه حبة الطماطم لترخي رأسها عنه، تعي بأن كل ما تنطق به هباء حين قاطع إحباطها نبرته الهادئة:
" عيشي اللحظة كأنها حقيقة يا نغم!"
التفتت له مقطبة الحاجبين ليضيف موضحا بعد تنهيدة طويلة:
" استمتعي كونك أنثى تم طلبها للزواج!؛ فتاة مخطوبة، مقبلة على الزواج، عيشي كل هذا وتذكري أن تلك الأوقات لا تعوض يا نغم!"
فغرت الأخيرة فاها لما تسمعه من أحمد، الذي تابع بهدوء:
" لا تجعلي خوفك ينسيك أنكِ عروس!"
كادت تنطق لكنها قاطعها بحزم لطيف:
" ياسمين لو رآتك كذلك ستظن مائة ظن!"
نهض من مكانه وانحنى على المنضدة يستند بيديه بينما يرى وجهها المخضب بحمرة قانية يمتزج بعدة انفعالات، كان متفهما لمدى ما تحس به لذا همس قائلا:
" نغم، اتركي العنان للفرحة في قلبك ولو كما تظنين بأنه ليست حقيقة، جربي ستجديها متعة لن تعوض وتذكري أني حدثتك بهذا حتى لا تأتي لي يوما وتقولين لي، لما لم تنبهني أحمد!"
لم يترك لها فرصة كي ترد بل اعتدل بوقفته وأخذ هاتفه من جيبه ليطلب رقما ما ليتمشى في الحديقة بينما يتحدث مع أحدهم في حين كانت نغم تقلب كلامه في رأسها وعينيها تدور معه بكل حركة يخطوها أمامها! وتلك الكلمات تصدح بقوة في رأسها؛ لما لم تنبهني أحمد!؟؛ تتساءل هل تصل علاقتهما لمرحلة كتلك بل هل تستطيع تخطي الحاجز بينهما او حتى ان تعيش اللحظة كما يطلب، هل يظن اصطناع الفرحة سهلا، اصطناع أنها عروس بحد ذاته أمر صعب تحاول أن تستوعبه!.
يتبع 💜


آمال يسري غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس