عرض مشاركة واحدة
قديم 21-11-21, 12:33 AM   #212

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الواحد والثلاثون

الفصل الواحد والثلاثون.........
كان يقف بميلان مستريح بظهره على الجدار الاسمنتي من خلفه وهو يشرد بغمامة صمته البعيدة والتي اصبحت تأسر عالمه مؤخرا....وهو يشعر بنفسه يعود لتلك المرحلة الفاصلة من حياته والتي سبقت دخول العاصفة لها والتي دمرت روح على يديه ليعيش بذنبها وبذكراها المتبقي من حياته...وبعد ان تأكد من مسح ذاكرته وروحه عن كل اثر باقي من تلك الذكريات لسنوات وكأنها لم يكن لها وجود بحياته الحافلة بالأخطاء....ها هو يعود مجددا لنفس تلك الهوة السحيقة من ذكرياته مصحوبة بالذنب والذي توسع اكثر بدائرة حياته بدون سبيل لتصحيح كل هذا !...

حرك رأسه عاليا وهو يتأمل ببرود سيقان اوراق الياسمين المعلقة على حواف الجدار المستند عليه وهي تشكل ظل تحميه فوق رأسه من اشعة الشمس الحارقة ، وهذا حال باقي المنازل الحجرية بمثل هذه المناطق الشبه ريفية والتي تهتم بالزراعة والرعي اكثر من حداثة البناء بدون ان يدخل التطور والتحديث لها ، وهذا الأمر جعل اغلب السكان يغادرون هذه المناطق والتي تعاني من قلة توفر المساعدات الطبية والتعليمية بها حتى اصبحت عبارة عن اراضي زراعية ومنازل قديمة يعيش بها نسبة قليلة ومن بقي من الناس قاطنا بها بدون ان ينجذب بسحر المناطق الحضرية .

اخفض رأسه وهو يرهف السمع لصوت الهدوء الذي كان يحوم بالمكان والذي نادرا ما تمر به بعض السيارات والمركبات الصغيرة بسبب طرقها الوعرة والمطبات الكثيرة بها ، ليخترق بعدها سمعه الشارد بين موجة ضباب صمته صوت الخطوات الراكضة قبل ان يتبعها بلحظات الصوت المحرج بطفولية محببة
"اعتذر على التأخر ! هل انتظرتني طويلا ؟"

تنهد بقوة عدة مرات وهو يهمس مع نفسه بابتسامة مائلة بافتراس
"اجل تأخرتِ كثيرا ، ألن تتوقفي عن هذه العادة بالتأخر يا مدللة ؟"

اجاب نفس الصوت الطفولي بحزن مبرر
"اعتذر مجددا يا مازن ، لا اعلم متى سوف اتعلم الاستيقاظ مبكرا ؟ فأنا لا احب حقا التأخر عليك ، وسعيدة جدا بأنك دائما تواصل انتظاري مهما بلغ مدى تأخري كما الآن !"

حرك رأسه بيأس وهو يهمس بخفوت ساخر
"لا تتأملي كثيرا يا فتاة ! فأنا ليس لدي صبر لأنتظركِ كل هذا الوقت الطويل بكل مرة ، وعليكِ ان تكوني ممتنة بأنني ما ازال صابر عليكِ لهذه اللحظة !"

صمتت للحظتين فقط ليسمع صوتها مجددا بخفوت يتخلله بعض الحياء عندما يتعلق الأمر بمشاعرها الوليدة المبكرة
"اعلم بأنك لن تفعلها ! فأنا اعرف مازن جيدا والذي سيكون مستعد لينتظر مدللته طول العمر بدون اي ملل مهما طالت مدة تأخرها وكانت مصدر إزعاج له ، لأنه بالواقع يحبها ويثق بها كما هي تحبه وتثق به كذلك"

قطب جبينه بجمود صخري وهو يميل برأسه جانبا بحركة طفيفة ناظرا بعينيه العسليتين للفراغ الموحش من حوله وبعد ان اختفت خيالات الماضي البعيد والمكلل بتلك الفجوة السوداء والتي حفرها بنفسه ليقع بشر اعماله ، لم يكن يتوقع بحياته ان يحيك قصة حب مزيف مع فتاة تقرب ان تكون طفلة فكل علاقاته كانت محدودة بالفتيات الاكبر سنا منه او بنفس عمره بسبب جاذبيته ناحية الجنس الآخر ! ولكن سرعان ما ان ينتهي الأمر بخيانتهن او هجرهن بعيدا بدون رغبة حقيقية بالاستمرار بعلاقة لا قيمة لها بحياته ، وخاصة بأنه قد حدد علاقته الرئيسية مسبقا والتي ربطها بتلك الطفلة المجنونة وهو يضعها بقمة اهدافه القادمة واساس مخططاته المستقبلية ، ولكن الذي حدث ناقض مخططاته تماما مع تلك المراهقة الصغيرة والتي جرب معها كل انواع المشاعر المزيفة والتي يشعر بها الآن فقط بقيمتها الحقيقية واهميتها بحياته !

رفع نظره ليعود لتأمل اوراق الياسمين الصغيرة والتي لطالما كانت رفيقته برحلة انتظاره لتلك المدللة والتي تتعمد التأخر على الدوام ولتكون مكان لقائهما الثابت وبداية رحلة ذهابهما للمدرسة ، ليرفع بعدها ذراعه عاليا وهو يقطع بعض الأوراق بيده بقوة ليقرب الاوراق امام نظره وهو يهمس لها بشبه ابتسامة باهتة
"لقد ربحتِ يا مدللة ، فيبدو بأنني حقا لا استطيع التوقف عن انتظارك مهما طالت مدة تأخرك !"

قبض على اوراق الياسمين بداخل يده بقوة ما ان وصل لسمعه هذه المرة اصوت خطوات راكضة حقيقية تقترب من مكان وقوفه ، ليتغضن جبينه بلحظة بوجوم وهو يخفض قبضتيه بصمت اجتاح حياته فجأة ، لينقل بعدها نظراته ببطء للجانب الآخر قبل ان يلمح امرأة متوسطة العمر تتوقف على بعد خطوات منه وهي تحني جسدها قليلا وانفاسها تخرج بلهاث واضح من الجري الطويل على ما يبدو !

ضيق عينيه بحدة وهو يدس كفيه بجيبي بنطاله وبلمحة خاطفة علم بأنها قاطنة بهذه المناطق ، ادار عينيه بعيدا عنها بملل وهو يفكر بحظه العاثر والذي يلقيه دائما بمواجهة هذا النوع من الفتيات العاملات تحديدا !

رفعت الفتاة نظراتها بريبة لتتجمد بمكانها لوهلة وهي تراقب الواقف امامها مستند بالجدار بطريقة همجية لا تبشر بالخير ، لينتفض كل جزء بجسدها بإدراك لا شعوريا ما ان اكتشفت هوية الواقف امامها والذي قابلته بذلك اليوم بصباح العمل والذي كان سيكون آخر يوم بحياتها المهنية والبشرية ! فمن اين ظهر لها الآن ؟

ابتلعت ريقها بتوجس ما ان وجه نظرات جانبية نحوها وهو يتبعها بالهمس بضيق واضح حفظت نبرة صوته الشرسة
"ماذا هناك ؟ هل يعجبك شكلي ؟"

تلجلجت بمكانها وهي تشيح بنظراتها بعيدا عنه بحياء لون وجهها بامتقاع ، لتزفر بعدها انفاسها بهدوء وهي تحاول استجماع شجاعتها الضائعة امام هذا النوع من الرجال والذي سبق وتعاملت معه ، لتختار عندها الوسيلة الاسهل بالتخلص منه والخروج سالمة بدون اي مشاكل وبما انه لم يعرف من تكون للآن ! لتهمس من فورها بلحظات ببرود متعمد
"اعتذر على سوء الفهم ، ولكني شبهتك بشخص آخر"

نظر لها للحظات وهو يستقيم بمكانه ببطء اوقع قلبها بين قدميها وكل شحناتها تتابع حركاته بتنافر رهيب ، وكل تفكيرها الآن يدور بنقطة واحدة وهي إذا كان قد كشف هويتها ؟ ليقول بعدها بعدم اهتمام وهو ينقل نظراته بعيدا عنها
"هذا امر شيق ! اتساءل إذا كنت حقا اشبه الشخص والذي ظننته بي إلى هذه الدرجة ؟"

زمت شفتيها بارتعاش وهي تخفض نظراتها بتفكير مضطرب لتهمس بعدها بعبوس مرتجف
"لا ليس كما تظن ! مجرد شبه بسيط ! لا تهتم"

مالت ابتسامته ببرود مفترس وهو ما يزال يدقق النظر بها ولأول مرة يلاحظ بأنها تقارب بداية العشرين واكثر بملابس عملية تعطيها مظهر اكبر من عمرها وانطباع بأنها سيدة تجاوزت عمر الثلاثين وهذا ما شعر به للوهلة الأولى ، ليعبس بعدها بتشنج وهو يهمس بتفكير شارد
"هل تعيشين بهذه المنطقة ؟"

رفعت عينيها نحوه بحيرة لتقول بسرعة ما ان تقابلت مع نظراته الحارقة والتي توديها قتيلا
"اجل انا اعيش هنا منذ زمن ، هل تحتاج مساعدة بالطريق فأنا اعلم اغلب اماكن هذه المنطقة بيت بيت ؟"

ارتفع حاجبيه بانتباه لوهلة ليقول بعدها بابتسامة غريبة بريبة
"هذا يساعدني كثيرا ، إذاً هل تعرفين منزل عائلة مصعب ؟"

عقدت حاجبيها بتفكير لثواني قبل ان تقول بسرعة وهي ترفع يدها بتذكر
"اجل تذكرت تلك العائلة قد انتقلت من هذه المنطقة منذ سنوات ، وتقريبا منذ تلك الحادثة لم يعد يظهر لهم اثر"

اومأ برأسه وهو يدعي التفهم بالرغم من انه يعرف الحقيقة مسبقا ، ليتابع تحقيقه الهادئ وهو يقول بحيرة عابسة
"ولكن لماذا انتقلوا من الحي ؟ هل تعرفين السبب ؟"

ارتبكت ملامحها وهي تنظر بعيدا بتوتر على ذكرى تلك الحادثة التي شغلت الحي بأكمله ، لتقول بعدها بلحظات بحزن انضح بصوتها بخفوت
"السبب هو بأن ابنة تلك العائلة قد ماتت مقتولة بسبب إشاعة تقول بأنها كانت تواعد ابن عصابات ، وهذا الأمر قد ادى إلى نشر الكثير من الإشاعات عن القصة ومنهم يقول بأن الموت لها افضل ورحمة من العيش بعد العار والذي جلبته لكل نسلها وكل من يقرب لها بصلة !"

شدد من القبض على يديه بقسوة الجليد وهو يتنفس من بينهما باشتعال منصهر عاد ليستولي على كيانه ، لينظر نحوها بلحظة بانتباه وهي تتابع كلامها بقهر شديد وبنبرة غضب عارمة
"ولكنهم نسوا بأنها ليست الملامة الوحيدة بكل الذي حدث ! فقد تجاهلوا الطرف الآخر والاساسي بهذه العلاقة والجميع فقط يلوم الفتاة المقتولة ، هكذا هي طبيعة مجتمعنا المتدني والذي لا يجد سوى الفتاة ليوقعوا عليها الذنب والسخط بسبب انها اضعف المخلوقات ولا تقدر على الدفاع عن نفسها بدون ان ينظروا لأنفسهم وبأن فتيات العالم ليسوا معصومين عن الخطأ مثل الرجال ، ولكن هذا ارحم لها من العيش طول حياتها تلام وتهان بسبب خطأ واحد سيكلفها تجريح وتخديش طيلة حياتها ستتمنى بها ان تموت ألف مرة !"

تنفست بقوة بعد ان انتهت من سيل كلماتها الثائرة والتي خرجت عن سيطرتها دفعة واحدة وامام رجل غريب عنها ، لتتدارك موقفها بسرعة ما ان لاحظت صمت الواقف امامها وهي تلوح بيديها هامسة بتبرير متوتر
"اعتذر يبدو بأن الدفاع عن النفس قد اخذني بعيدا...."

قاطعها الذي رفع عينيه بعيدا عنها متجاهلا كلامها الاخير وهو يهمس بشبح ابتسامة
"وجهة نظر لا بأس بها !"

انفرجت شفتيها بانشداه بدون ان تفهم فحوى جملته الاخيرة والتي تجمع عدة معاني ؟ لتفضل عندها الصمت تماما وهي تشتم لسانها المنطلق الطويل والذي ثرثر اكثر مما ينبغي وهو يظهر غريزة الدفاع بأسوء وقت وامام آخر شخص كانت تود منه سماع ثرثرتها ! ولن تلومه ابدا لو صوب المسدس فوق رأسها مثل المرة السابقة لتتعلم ان تحشر لسانها بداخل فمها بدون ان تخرجه امام امثاله !

انتفضت برجفة سريعة ما ان تحرك المقابل لها والذي استدار بعيدا عنها وهو يقول بصوت خفيض هادئ يختلف عن نبرة صوته المعتادة
"حسنا عليّ الذهاب الآن ، وشكرا لكِ على هذه المعلومات الشيقة ، انتبهي على نفسكِ من الطريق يا رجاء"

سار بعدها بعيدا عنها باتجاه الطريق التي جاء منها امام عينيها المشدوهتين بصدمة اسرتها لوهلة ، لتشهق بعدها بصدمة وهي ترفع قبضتها لا إراديا لفمها هامسة بلا وعي بتشتت
"كيف عرف اسمي ذلك المجرم ؟"

اخذت عدة انفاس منفعلة وهي تحاول ان تهدأ قليلا من فورة اضطرابها من هول اللحظة وكأنها تعايش كابوس ، لتحين منها نظرة للساعة بمعصمها وهي تعود للشهيق بصدمة اكبر هامسة بانذهال
"يا إلهي لقد تأخرت كثيرا !"

انطلقت بسرعة تجري بعيدا بطريق معاكس عن الآخر قبل ان تتدارك نفسها وهي تعود لتغيير وجهتها للطريق الصحيح بلحظة تشتت عقلها بمجريات ما حدث ، بدون ان تفكر اكثر بكيفية معرفته باسمها وبأنه قد اكتشف هويتها بالفعل من اللحظة الأولى بدون ان تعلم بذلك او تشعر !

_______________________________
وقفت امام بناء الشركة وهي تنظر بعيون متسعة بطقس غائم يكسوها عواصف على وشك التحرر من داخل قوقعة روحها الثائرة...لتتنهد بعدها بابتسامة متمايلة بتحفز واستعداد للانطلاق بحربها بسبيل تحقيق هدفها الجديد القابع خلف اسوار هذه الشركة...وكأنها قد عادت مرة اخرى لتلك الشخصية القديمة المطموسة بداخل هويتها والتي صنعتها بداخلها الحياة القاسية وبين التأقلم ببيئة العصابات لتصبح ما هي عليه الآن !...بدون ان تستطيع تغيير مكونها الاساسي والذي انزرع بتربة روحها والتي ما تزال تحافظ عليها بكبريائها الطموح .

دخلت مباشرة للشركة وهي تسير بثبات خطواتها المعتادة والتي لا تحيد عن طريقها الممهد ، ونظراتها تتوزع بالمكان بحذرها الغريزي المتنبئ بأي خطر قد يحوم من حولها ، لتمسك بعدها بطرف اصابعها مقدمة قبعتها وهي تحيد قليلا بخطواتها بعيدا عن طريق مجموعة من العاملين كانوا يسيرون بخط مستقيم امامها مباشرة .

توقفت على محاذاة الجدار وهي تنظر لهم بأطراف عينيها الغائمة بعد ان تخلصت منهم بدون ان يكشف احد هويتها للآن ، لتكمل بعدها طريقها من فورها باتجاه المكتب وهدفها المقصود ، وبعد عدة لحظات كانت تقف بجمود مثل تمثال جليدي مجرد من المشاعر امام المكتب الذي كانت تجلس عليه السكرتيرة الجديدة والتي حلت مكانها منذ تركت الوظيفة ، ولكن ليس هذا ما بعث الشرارات الحارقة بحدقتيها الداكنتين بلحظة بل هيئة السكرتيرة التي تبدو بنفس عمرها وهي ترتدي افظع الملابس من الممكن ان تراها على هيئة مخلوق ! ولا تلائم بأي شكل موقع الوظيفة التي هي بها الآن ! وهي تمرر نظرات نافرة بازدراء من تنورتها القصيرة التي لا تتعدى ركبتيها يعلوها قميص قصير بدون اكمام بألوان صاخبة لا تندرج تحت الموضة ومع طبقة تكسو وجهها بتبرج صاخب اخفى ملامحها عنها ، وهي تظهر بذات الوقت نيتها الحقيقية والسبب بأخذ هذه الوظيفة والتي لا تتناسب معها لتوقع بعض الفرائس السهلة بعرضها السخي لهم ! هذا إذا لم توقع رئيس عملها نفسه ؟

عضت على طرف شفتيها بقسوة بآخر نقطة توصلت لها بأمواج عقلها الهائجة ، لتطفئ كل هذا بلحظة خاطفة وهي تستمر بمهمتها المنشودة حتى لو اضطرت بها لتحمل هذه النوعيات المزعجة من البشر لتوصلها لمآربها ، توقفت مباشرة امام مكتبها وهي تفتعل ابتسامة بلهاء هامسة لها بمودة معدومة
"مرحبا يا آنسة"

اجابتها السكرتيرة بعملية فظة بدون ان ترفع رأسها نحوها وكأنها معتادة على تكرار نفس الاجابة لكل من يقابلها
"اعتذر ولكن المهندس شادي غائب عن العمل بسبب ظروف خاصة ! لذا إذا كنت تريد مقابلته عليك ان تحجز موعد مسبقا حتى يأتي وقت عودته"

زمت شفتيها بامتعاض وهي تحاول السيطرة على ذرات غضبها ببوادر فقدان تحكم جماحها ، لتزفر انفاسها للحظات وهي تكتف ذراعيها هامسة بضيق متسلط
"ولكنني قد سمعت بأنه قد عاد من السفر بالأمس ، وهذا يعني بأنه من المفترض ان يعود للعمل اليوم !"

رفعت السكرتيرة وجهها بلحظة وهي توجه لها نظرات متعالية من رأسها حتى اخمص قدميها ، لتقول بعدها بابتسامة ساخرة بحاجبين مرفوعين بخفة
"حسنا لم يصلنا اي معلومات بهذا الخصوص ، لذا هو واضح بأنه لن يعود قبل يوم غد !"

اومأت برأسها بجمود وهي تهمس بابتسامة اتسعت ببساطة
"لا امانع من انتظار عودته !"

عبست ملامحها بنفور واضح وهي تريح ذقنها فوق قبضتها هامسة بتفكير قاتم
"ومن تكونين انتِ بالنسبة له ؟"

مالت على مكتبها بجسدها برشاقة وهي تهمس مقابل وجهها بابتسامة جانبية بتملك
"انا بالنسبة له عميل مهم جدا من الدرجة الأولى ويتجاوز مخيلتك المحدودة"

ارتعشت ملامحها وهي تتراجع تلقائيا هامسة ببلاهة بشفتين حمراوين بلونهما القاني المصبوغ
"ماذا تقصدين ؟ ومن تكونين تحديدا !"

زمت شفتيها بتفكير لوهلة قبل ان تهمس من بينهما بحذر متسلي
"ستعرفين كل شيء بالوقت المناسب !"

ردت عليها بسرعة باستنكار عابس
"مستحيل ! انتِ كاذبة ! فلا يبدو عليكِ ابدا بأنكِ من النوع الذي قد يلفت انتباه شخص مثل المهندس المحترم شادي ؟"

ارتفع حاجب واحد بحدة وهي تهمس بتحدي سافر
"هل تراهنين ؟"

تجمدت ملامحها بارتباك ظهر واضحا على محياها ، لتتراجع (ماسة) باستقامة امامها وهي تهمس بابتسامة هادئة بظرافة
"إذاً ليس لدي حل سوى ان انتظره امام مكتبه !"

امتعضت ملامح السكرتيرة وهي تراقب التي جلست على الاريكة امام مكتبها بأريحية وكأنها تملك المكان ، لتمثل بعدها ملامح الغرور الواثق وهي تهمس بعصبية نافرة
"يا لكِ من وقحة ! حسنا انتظري كما تشائين لأنه لن يظهر اليوم وسيذهب كل تعبك بانتظاره هباءً ، فهو لن يخالف توقعاتي ولن يأتي اليوم للشركة فقط من اجل ان يرضي غرورك"

امسكت بطرف قبعتها وهي تهمس بابتسامة صغيرة بغيظ
"سنرى يا قبيحة !"

اتسعت عينيها بصدمة منذهلة انطبعت بملامحها المتبرجة وهي تشيح بوجهها بذات اللحظة هامسة من بين اسنانها بغضب مستعر
"اللعنة عليكِ"

تجاهلتها (ماسة) وهي تلوح بساقيها امامها بعدم اهتمام ، لتقول بعدها بدقائق وهي تعود للنظر لها بكسل
"اريد قدح من القهوة الساخنة المحضرة على اليد ، لذا هلا حضرتي لي قدح لو تكرمتي ؟"

ارتفع حاجبيها باستنكار وهي تتقدم بجلوسها هامسة بإيباء
"اذهبي وحضريه بنفسكِ ، فأنا لست خادمة عندكِ"

لوت شفتيها بشبه ابتسامة عابسة وهي تهمس بتفكير مستاء
"ولكنكِ خادمة حقا ! أليست هذه هي وظيفتك ؟"

انتفضت واقفة وهي تصرخ بغضب فقدت زمام امورها
"ماذا ! هل تظنيني خادمة ؟ كيف تتجرأين يا منتحلة ؟....."

قاطعتها بهدوء بالغ وهي تلوح بيدها امام فمها بإشارة للصمت
"اهدئي يا فتاة ، نحن لا نريد افتعال اي مشاكل من اجل موقعكِ بهذه الشركة ، فإذا وصل للرئيس كيف تعاملين عملاءه فهو لن يتساهل معكِ ابدا ! وهذا كله لصالح وظيفتك هنا"

عضت على طرف شفتيها باستياء حانق بدون ان تعلق بكلام آخر ، لتتحرك من فورها بعيدا عن المكتب بخطوات مشتعلة وتنورتها تتراقص من حولها بدعوة مبتذلة رخيصة ، لتصرخ بسرعة بصوت مرتفع ناحية التي غادرت خارج المكتب بالفعل
"لا تنسي اريدها محضرة بيديكِ وفورية !"

تنفست الصعداء وهي تنهض عن الاريكة بهدوء لتدور من فورها بخطوات انيقة حول المكتب الخاص بالسكرتيرة ، قبل ان تصبح بلحظة مقابل الحاسوب المفتوح امامها على صفحة العملاء ، رفعت يديها ببطء وهي تتنفس بمهل لتبدأ بالضغط على الازرار بتركيز بأصابعها الطويلة وبثواني كانت تفتح امامها عدة نوافذ بمئة كلمة سر وقفل ، لتقضي عليها الواحدة تلو الاخرى بمهارة محترف اعتاد على فن فتح الأقفال المحكمة والتي لا تستطيع الصمود امام اصابعها الخبيرة طويلا ، وعينيها تعكس كل الصور على الشاشة بانتباه مشدود وبتأهب واضح وكأنها متواجدة بنفس الغرفة الصغيرة وليس امامها سوى عشر دقائق تفصلها عن الانتهاء من مهمتها المستحيلة والتي تصعب على اذكى الخبراء وليس فقط على طفلة لم تتجاوز عمر الرابعة عشر ! وهذه كانت ميزة الفتاة المعجزة وكنز تلك العصابة والتي لم يستطع احد مجاراتها بها لتكون هي مفتاح لكل ابواب رفاهيتهم !

تجمدت اصابعها ما ان وصلت للقائمة والتي تحوي على اسماء العاملين السابقين مكان سكرتيرته ، لتتنقل بعدها بينهم بتمهل شديد قبل ان تتصوب من فورها على الاسم المقصود ، (وفاء شديد) .

ضمت شفتيها بارتعاش وهي تدخل على معلوماتها الشخصية ، لتتجاهل كل ما ليس له صلة بهدفها وهي تكتشف بأنها غير متزوجة وعملت معه بهذه الوظيفة لمدة ثلاث سنوات ، وبنفس الوقت الذي غادرت به العمل كان وقت توظيفها هي مكانها ، وهذا يعني بأنها قد كانت البديلة عنها بدون ان تفهم سبب تركها للعمل !

تغضن جبينها بحدة ما ان علقت نظراتها على شيء آخر مدون بين معلوماتها وهو مكان التنشئة الاصلية وهو خارج البلاد بدون اي تفاصيل عن الأمر ، ولكن لما لا يبدو عليها بأنها من عائلة اجنبية ؟ واين عائلتها اساسا ؟ وبعدها صفحة بيضاء لا يوجد معلومات اخرى !

ضربت على سطح المكتب بقبضتها بقوة وهي تتنفس ببؤس فيبدو بأنها قد خرجت بالنهاية فاضية الأيدي بدون اي معلومات تفيد فضولها وسر الحقائق المخفية التي تعيش معها ! فأما ان تكون تلك الفتاة قد طمست هويتها عن الجميع بنجاح ؟ واما ان تكون هي من الغباء الذي جعلها تغفل عن سر مهم يكشف لها حقيقتها ؟

ما ان كانت على وشك اغلاق الصفحة حتى وقعت عينيها على رقمها مدون مع معلوماتها ، زمت شفتيها بتفكير وهي تحفظ الرقم بنظرة خاطفة له ، لتغلق بعدها الصفحة بأكملها وهي تعود لنفس الصفحة التي كانت عليها بالسابق ، استقامت بمكانها وهي ترفع يدها لتنزع القبعة عن رأسها بلحظة بخواء قبل ان تتخلل شعرها المعقود بتعب مفاصلها وهي تهمس بعزم مرهق
"عليّ ان اساوم الأمر مع تلك الفتاة المدعوة وفاء شديد ، واعرف الحقيقة الكاملة منها وألا لن ارتاح قبل ان احرق حياة كل من يربط بهذه القصة بصلة !"

_______________________________
كان يسير باتجاه الرواق المؤدي لمكتبه بملامح متلبدة بجمود بدون اي حياة...لتتباطء خطواته رويدا رويدا ما ان بدأ بلمح التي ظهرت بمجال نظره بلحظة الجالسة امام مكتب السكرتيرة الخاصة به تضع ساق فوق الأخرى بخيلاء...وهو يمرر نظرات مندهشة باتساع لا إرادي على قمة رأسها والتي تعتلي قبعة ذكورية مع ملابس عملية تستطيع بها استفزاز الناظر لها والتشكيك بضعف نظره !...وليس بسبب عيب بها او نقص بإمكانياتها الجمالية بل بسبب شكلها الاقرب للذكوري من الصبياني بدون ان يحدد اصل جنسها الحقيقي تحت كل هذه الاقنعة المخبئة تحتها ؟!

توقفت خطواته تماما بدون ان يصل للمكتب ما ان وقعت نظراته هذه المرة على وجهها الذي ارتفع نحوه بلحظة وعينيها تتسع ببحار غائمة بتموج قاتم ، وما هي ألا لحظة واحدة حتى تتبعت حواس إدراكه للخطر القابع امامه وهو يلمح ابتسامتها التي احتلت محياها بسيطرة حولت عينيها لسماء حالمة بغيوم انقشعت عنها الظلمة ، وكما توقع بدأت بالنهوض بعيدا عن المقعد بطريقة مدروسة وهي تتحرك باندفاع اطلقت سراح جماحها المعهود ليتربص لهما ، لتصل له فقط بمهلة لحظات قبل ان تنقض على الواقف بمكانه بدون سابق إنذار وهي تتعلق بعنقه بكل قوة جديدة عليه حاصرتهما بعالمها وفصلتهما عن الواقع لثواني !

حرر ابتسامة متسعة شقت طريقها بملامحه الباردة ما ان همست المتعلقة به بشفتين حمراوين مغريتين
"اهلا بعودتك يا عزيزي ، تأخرت كثيرا !"

رفع يديه بدون ان يتحكم بقيودهما واللتين اطلقت سراحهما بدون ان يأبه بموقعه الحالي بمكان عمله وبمؤشر إدراكه بخطر الخوض بلعبتها ، ليمسك بخصرها بهدوء الموج وهو يهمس بخفوت اجش نادم
"اعتذر يا عزيزتي ، لو كنت اعلم بوجودك لما اخذت كل هذا الوقت بالمجيئ !"

اومأت برأسها بنفس الابتسامة المغرية وهي تخفض يديها عن عنقه لتمسك بهما طرفي سترته لتهمس بلحظة برقة لا متناهية
"لا بأس ، المهم بأنك قد وصلت يا عزيزي"

عض على طرف شفتيه بكبت وهو يشعر بانهيار حصونه وتمادي بدأ يعبث بتيارات عقله ليهمس من بين اسنانه بفورة
"لا تتمادي اكثر بلعبتك لكي لا نندم على هذا طيلة حياتنا !"

عضت على طرف ابتسامتها وهي تتراجع عدة خطوات للخلف بدون ان تترك اسر عينيه بتلك الاحداق المجنونة بلغات التحدي والتي اعتاد على اتقانها ، ليخفض بعدها يديه عن خصرها على مضض وهو يدسهما بجيبي بنطاله قبل ان يوجه نظراته لمسار آخر قائلا بود واضح
"صباح الخير يا سالي ، نهارك سعيد"

انتفضت صاحبة الملامح المنذهلة والتي كانت تحدق بهما بشفتين منفرجتين وفك ساقط ببلاهة مسرحية ، لتتمالك بعدها نفسها بسرعة وهي تنهض باهتزاز لتهمس بتعثر محمر ربط لسانها لوهلة
"صباح... ، صباح الخير سيدي ، مرحبا بعودتك ، لم تشرفنا برؤيتك منذ وقت طويل ، وانا الذي ظننت بأنك غائب عن العمل اليوم !"

ابتسم بعملية وهو يقول بهدوء ساحر متجاهلا النظرات المسلطة عليه بحنق
"شكرا على مجهودك يا عزيزتي ، ولكن قد حان الوقت الآن لاستلام مهامي بالعمل كما يجب ان يحدث واخفف من الحمل الملقى عليكِ ، واعتذر بشدة على طول الفترة والتي حملتكِ بها المسؤولية كاملة ، فكل هذا كان خارج عن إرادتي"

ارتجفت بمكانها بحياء طاف على ملامحها المتبرجة وهي تهمس بابتسامة صغيرة بامتنان
"لا داعي لهذا يا سيد شادي ، فأنا موجودة هنا لخدمتك وسعيدة جدا بوضع كامل ثقتك بي !"

عبست ملامح (ماسة) بغيظ وهي تشعر بمضمون الكلام الودي بينهما يتجاوز حدود الرسمية التي يجب ان تكون بين مدير وموظفته وهي تعبث البراكين بغريزتها الهائجة ، نظرت بعدها للذي تجاوزها وهو يتجه مباشرة لمكتبه بدون اي كلام آخر ، لتسير بعدها عدة خطوات رشيقة امام مكتب السكرتيرة وهي تهمس لها بشبه ابتسامة ساخرة بشماتة قبل ان تغادر بعيدا
"مبروك لي الفوز بالرهان يا قبيحة"

نظرت لها بامتعاض غاضب احمر معها وجهها المتبرج مثل المسخ وهي تنظر للتي غادرت باتجاه المكتب بدون ان تهتم بالشعلة والتي اوقدتها من لحظة كما تفعل عادةً مع كل من يعترضها ويحاول افساد رتابة حياتها الهادئة .

دخلت للمكتب وهي تتشرب بملامح البرود والذي عاد لتلبسها بلحظة هامسة باستياء ساخر
"هل قلت للتو عزيزتي ؟"

استدار نحوها الواقف امام المكتب وهو يرفع عينيه قليلا هامسا بسخافة متعمدة
"هل بالغت بالكلام وانحدرت كثيرا بالتمثيل ؟ لم اتوقع ان تجرحكِ الكلمة بحقك لهذه الدرجة والذي يدفعك للسخط عليّ !"

اغلقت باب المكتب من خلفها بعنف ليدفعه للهمس بتسلية واضحة
"مهلك على الباب يا صبيانية !"

عبست ملامحها بشيطانية وهي تتقدم بسرعة عدة خطوات امامه هامسة باستنكار
"من التي تدعوها بالصبيانية ؟"

حرك كتفيه بإشارة ساخرة وهو ينظر لها من رأسها حتى اخمص قدميها ليتبعها بهمس واجم
"حسنا هيئتك وتصرفاتك اكبر دليل على انني تزوجت طفلة لا تتجاوز عمر العاشرة بأنوثة معدومة شبيهة بالصبيان !"

توقفت للحظة بجمود لتعبس بسرعة بتجهم وهي تلوح بذراعها هامسة بحنق
"لم يجبرك احد على الارتباط بفتاة صبيانية بعمر ابنتك !"

ارتفع حاجبيه باهتمام مشدود لبرهة ليهمس من فوره بابتسامة ملتوية بسيطرة
"ولكني مع ذلك احبها ، مع كل عيوبها احبها !"

انفرجت شفتيها بهالة من الذهول اللحظي والذي اجتاحها بقوة اعترافه والذي ينطق به لأول مرة بوضوح ليزيد من اغلال قلبها بقيد سلطه على حياتها منذ وقت ليس ببعيد ، لتشيح بوجهها بسرعة بعيدا عنه وهي تتنفس بثورة تشعر بها تكاد تقتلع احشاء روحها بدون اي سبيل للنفاذ من سلاسل مشاعره !

قبضت على يديها فجأة بألم وهي تهمس بجفاء مفاجئ
"هل هذا هو الأسلوب والذي تتبعه دائما مع كل فتاة تقابلها بحياتك ؟ هل هذه هي مهاراتك بالإيقاع بقلوب الفتيات العذراوات كما فعلت قبل قليل مع تلك السكرتيرة التي تبدو هائمة بحبك !"

تجمدت الاجواء بينهما بصقيع جليدي اصم اي صوت آخر بصدى ارواحهما الخاوية ، ليبتسم بلحظة بنفس البرود وهو يحرك ذراعه هامسا بلا مبالاة
"إذاً تقصدين تلك السكرتيرة الصغيرة ! الحقيقة احب ان اعامل الجميع وكل من يقدم لي معروف بالود والمجاملة ، لكي يشعر بقيمة مجهوده والذي بذله لإرضائي وهذا مثل جزء من شخصيتي لا استطيع تغييره بسهولة فقط لأعدل نظرتكِ نحوي !"

زمت شفتيها بوجوم وهي ترفع نظراتها نحوه بإيباء هامسة بازدراء وهي تصم اذنيها عن سماع اي صوت آخر يتلاعب بمشاعرها
"هذه صفة جميلة بك يا زوجي العزيز ! ولكن عندما يتجاوز اسلوبك الودود ولطفك الحد المعقول مع اناس لا يستحقون ما تقدمه لهم من عطايا ستصبح عندها مجرد شخص ساذج بنظرهم ، الآن فقط عرفت كيف حصلت على لقب معشوق الفتيات !"

ساد الصمت بينهما للحظات طويلة قبل ان تشق شبه ابتسامة على زاوية شفتيه وهو يتمتم بجفاء
"هذا فقط بمنظوركِ الاحمق يا ألماستي ، وايضا كيف لي ان اتجاهل مجاملة الفتيات الفاتنات على عطائهن بالعمل معي ؟ هذا سيكون بمنتهى الوقاحة !"

اتسعت مقلتيها البحريتين بذهول وهي تلوح بذراعها للخلف هامسة بتعجب ساخر
"هل تقصد تلك المسخ بالفتيات الفاتنات ؟ انها اشبه بضفدع تلوث بوحل البحيرة !"

ارتفع حاجبيه ببطء مشدوه لثواني قبل ان ينفجر بالضحك فجأة وهو يتمسك بطرف المكتب من خلفه وقد اطلق العنان لموجة ضحكه والتي تخرج لأول مرة بكل هذه القوة والانشراح ، شردت قليلا بشكله وهو يضحك بقوة وبانبساط ممزوج برجولة ساحرة لا تستطيع ان تغفل عنها قيدت غلالة روحها بقوة اكبر .

ادارت عينيها بعيدا عنه لوهلة ما ان توقف عن الضحك ليقول فجأة بأنفاس منفعلة بشك
"هل يعقل بأنكِ تغارين منها يا عزيزتي ؟"

نظرت له بسرعة لتصطدم بعينيه الصلبتين وبعد ان عاد لقناعه الجاد البارد ، لتقول بسرعة وهي تشدد من القبض على يديها بامتعاض ساخر
"بماذا تهذي ؟ هل تظن بأني سأشعر بالغيرة حقا اتجاه ذلك المسخ ؟ إذا كان هذا حقا تفكيرك فأنت إذاً واهم....."

قاطعها بسرعة بابتسامة ملتوية وبملامح اكثر ثقة
"لقد قصدت بكلامي بأنكِ تغارين منها لأنني قلت لها كلام ودود ونعتها بالجميلة ؟ أليس كذلك !"

ضمت شفتيها بارتعاش سرى بكامل جسدها بلمحة خاطفة قبل ان تهمس بخفوت باهت بدون اي تعبير
"افعل ما تريد وتكلم مع الفتيات بقدر ما تشاء وكما يحلو لك ! وعندما تنتهي قد تفكر عندها بالعودة لزوجتك الصبيانية والتي تمتلك اقل انوثة من الباقين واقل مرتبة ، افعل ما تريد ولكن إياك وان تقارني بتلك الحثالة مجددا ، فهمت ؟"

حرك رأسه للأسفل قليلا وهو يهمس بخفوت شارد
"هل هذا ما تريدينه ؟"

عقدت حاجبيها بحدة وهي تصرخ بغضب
"انت إيها الماكر !....."

قطعت كلامها بوجل ما ان اندفع نحوها بخطوتين بلمح البصر ليقيدها من كتفيها بقوة جعلتها تتراجع تلقائيا بتعثر حتى ارتطمت بالأريكة بلحظة وهي تسقط نصف مستلقية ، وباللحظة التالية كان يحاصرها بأنفاسه الهوجاء والتي اجتاحت كيانها بثواني وهو يتبعها بقبلته القاتلة والتي تشعر بها مختلفة عن اي مرة سابقة ! وهو يعبر بها عن كل ما لا يستطيع بوحه لها بمشاعر حررت مقاليد قلبها بثواني طغت على كل الاصوات الحائلة بينهما .

تنفست بارتعاش محتقن ما ان حررها وهو يهمس بقوة هادرة بعثت بمجريات حياتها
"هل فهمتِ الآن الفرق بينكِ وبين الفتيات الأخريات ؟ ام اعيد الشرح لكِ مجددا !"

حركت رأسها بالنفي بحركة طفيفة تكاد تختنق من هول موقفها بدون ان يحررها من وجوده الطاغي من حولها ، ليتلمس بعدها بأطراف اصابعه جانب وجهها للحظات قبل ان ينتشل القبعة بعيدا عن رأسها وهو يلقي بها بطول ذراعه جانبا .

رفعت عينيها الواسعتين باهتزاز مماثل لكل عضلة بجسدها ما ان نطق بابتسامة هادئة بخفوت آسر
"حتى لو ارتديتِ مئة تنكر تخفين به شكلك الحقيقي تحت انوثتك المدفونة ! فأنتِ ستبقين من اسرتني سابقا ومن نظرة واحدة لسماء بحار عينيكِ !"

تسمرت بمكانها بتجمد طاف على ملامحها وهي ترمش بعينيها الدامعتين عدة مرات بدون ان تمنع نفسها من التأثر بالسيطرة على جموح كيانها الذي انطفئ بلحظة ، لترتجف داخليا على ملمس اصبعه الذي وصل لأطراف احداقها وهو يهمس بشرود هائم
"فقط لو افهم ما سبب تسرب الدموع دائما بعينيكِ ! إذا كانت من تأثير العدسات ام هي طبيعة بعينيكِ البحريتين واللتين لا يجيدان سوى التفنن بإثارتي ؟"

زمت شفتيها بارتجاف وهي تشيح بوجهها بلحظة باتجاه باب المكتب والذي فُتح فجأة بدون طرق ، لتطل السكرتيرة من خلف الباب وهي تقول بعملية
"المعذرة سيد شادي....."

تحنطت السكرتيرة بمكانها بذهول الموقف والذي وضعت به وهي تشاهد الذين ما يزالان على وضعهما الحالي والذي يبعث التأكيد برأس الناظر لهما بدون اي شك ، لتخفض رأسها بسرعة للأسفل بخزي وهي تهمس بتلعثم محمر تكاد تختنق بكلامها
"اعتذر ! اعتذر بشدة على المقاطعة ! اقصد اعتذر على الدخول بدون اذن ! عذرا منكما...."

تدخل الذي استقام بعيدا عنها وهو يقول باتزان بدون اي تأثر او خجل من منظره امامها
"لا داعي للاعتذار فلم يحدث شيء تحرجي عليه ! فنحن بالنهاية ازواج ونستحق بعض الوقت بمفردنا ، ولكن يبدو بأن الجميع يصر على افساد لحظات خلوتنا بوقاحة منقطعة النظير !"

ارتجفت اكثر وهي تعود للاعتذار بإحراج اكبر
"اعتذر مجددا ، لم اكن اعلم....."

عاد للكلام بملامح جادة بدون اي مرح
"حسنا ماذا كنتِ تريدين ؟"

رفعت وجهها نحوه بوجل وهي تمد قدح القهوة الممسكة به بارتجاف طغى على حركاتها هامسة بآلية
"هذا قدح القهوة الخاص بالآنسة ، فهي لم تكمله وتركته عند مكتبي....."

قاطعها بجدية وهو يعدل على كلامها بتسلط
"لا تقولي آنسة ، بل قولي زوجة السيد شادي ، فهي تكون زوجتي لا تنسي وانتبهي لألفاظك اكثر ، فهذه اهم صفة عندي بالعمل"

اومأت برأسها بانصياع وهي تهمس بخفوت مرتبك من خزي موقفها
"حاضر"

تقدم امامها عدة خطوات قبل ان يلتقط القدح منها وهو يقول بأمر صارم
"حسنا يمكنكِ الذهاب الآن ، ومرة اخرى إياكِ والدخول لمكتبي بدون طرق او استئذان ، فلن استطيع ان اتغاضى عن اخطائكِ لفترة طويلة !"

عادت للإيماء بارتجاف وهي تنسحب بسرعة بتعثر لخارج المكتب بعد ان تلقت إهانة لن تنساها بحياتها ، لينظر بعدها باتجاه التي قالت ببرود خافت
"لم اكن اعلم بأنك تملك هذا الجانب !"

حرك رأسه بابتسامة وهو يتجه مباشرة للمكتب ليجلس بلحظات على كرسيه باسترخاء هامسا بغموض
"من اي ناحية تقصدين ؟"

زمت شفتيها لوهلة وهي تهمس بخفوت مستاء
"اقصد بأنك كنت صارما مع الفتاة بشكل مبالغ به ، ولم ارى بأنها قد اخطأت لهذه الدرجة !"

عقد حاجبيه وهو يحرك قدح القهوة جانبا هامسا ببساطة
"لا احب التهاون بالعمل ، وهي قد تجاوزت حدودها المرسومة بالعمل وهذا ما لا اسمح به"

ضيقت حدقتيها الزرقاوين بغموض لبرهة لتهمس بعدها بقنوط عابس
"حقا انت ماكر !"

تجاهل كلامها الاخير وهو يرتشف من قدح القهوة بهدوء مستمتع ، لتهمس من فورها بحاجبين مرفوعين بصدمة
"هذا الذي تشرب منه قدح القهوة الخاص بي !"

اخفض نظره لقدح القهوة بتفكير وهو يهمس بخفوت مبتسم
"ولكن الذي اعرفه بأنكِ لا تحبين القهوة ! إذاً لن تمانعي لو شربته بدلا عنكِ بما انكِ قد طلبته ولا يوجد احد لشربه ومن التبذير التخلص منه"

تبرمت شفتيها بوجوم بدون ان تمنع نفسها وهي تهمس بحنق
"ولكني قد شربت منه !"

اتسعت ابتسامته بانتشاء اكبر وهو يهمس بخفوت واثق مكملا شرب قهوته باستمتاع واضح
"وهذا ما يجعل مذاقها اطيب ! فكل شيء قد وضع عليه بصمة من زوجتي لن يستطيع احد مقاومة سحر بصماتها ، اعلم هذا جيدا لأني قد جربت"

ابتلعت ريقها بحياء وهي تخفض نظراتها بتخبط بعيدا عن منظره والذي اسرها مجددا بدون إرادة منها ، وهي تشعر ببوادر ضعفها واستسلامها الجديد لكل شيء يسيطر عليها بغلالة تقيدت بها واحكمت قيدها ومختلفة عن كل انواع القيود بحياتها...وهذا اجمل ما فيها !

يتبع............


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس