عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-22, 11:52 PM   #28

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
1111 مقدمة وأولى قصاصات رواية (وانطوت صفحة الهوى) - المشاركة الثالثة

(3)



إليك – عزيزي القارئ – قصة قصيرة:

في البداية تظل تبحث عن الهوى، ثم يصيبك بغتة من حيث لا تتوقع، فتتحول نبضات قلبك لشرارات كهربية تسري بكيانك بأكمله فيضيئ لها قلبك بالأمل والبهجة..

وعندما تقرر أن تكلل ذلك الهوى بالزواج وأنت تظن أنك ستعيش سعيدا بداخل قصة حب أبدية، تماما مثل أبطال حكايات عالم ديزني الخيالي.. لكن الواقع يقف لك بالمرصاد ما بين ظروف واختبارات حياتية واختلافات شخصية وفكرية، فلا تفيق إلا بعد أن تلسعك لطمة الفراق، وذلك بعد أن تستسلم لضغوط الحياة وتقر بعجزك عن مواجهة تحدياتها.. فتنطوي صفحة الهوى في دفاتر حياتك..

والبعض يظن أن الحب هو حكاية مشاعر دافئة عمرها قصير نسردها بأسطر قليلة وبكلمات مقتضبة، فتبدأ بخفقة قلب استثنائية وتنتهي بمرسوم فراق، فلا يقرر هؤلاء المجازفة لأنهم بالأساس لا يمتلكون حس المثابرة والإصرار على النجاح..

والفراق قرار نظنه الحل السحري لكل آلامنا، وإن كنا نعترف أنه نفسه ينطوي على بعض الألم، ظنا منا أن ألم الفراق يبدأ كبيرا ثم يتلاشى مع مرور الوقت..

والحال أن الفراق هو بئر سحيقة تختبئ خلف غطاء براق اسمه راحة البال.. وحين نتأكد أن هذا الغطاء لم يكن سوى ستار وهمي لم يحقق لنا السكينة التي نرجوها، عندها تبدأ معاناتنا الحقيقية بعد أن تبتلعنا تلك الهوة..

يقول جبران خليل جبران: (المحبة لا يُعرف عمقها إلا ساعة الفراق)، ولهذا فإن الفراق يكون الاختبار الحقيقي لمقدار الحب، فإن اخترنا التوقف قليلا وتقييم الأوضاع واكتشاف مواطن الضعف ونقاط الخطأ، ثم سعينا جديا لتصحيحها وتقوية دعائم الحب من جديد، أصبحنا وقتها نستحق المكافأة الكبرى باستعادته مرة أخرى..

فالفراق يجعلنا ننحي العاطفة جانبا لبعض الوقت وننظر للأمور بمنظور محايد، بلا لوم ولا أعذار.. والصادقون فقط هم من يعترفون بأخطائهم ولا يكابرون، ويبدؤون بانتقاد أنفسهم وتعداد نواقصهم.. وهؤلاء هم من يستحقون الفرصة الثانية..

والحب حين يخسر أمام الظروف ولا يُدرك النهاية الحالمة التي يبشرنا بها الشعراء والأدباء، فإننا نكتم بداخلنا غصة تستقر بالقلب، وتجعل كلٌ منا عاجزا عن الفضفضة بشكل منطقي، فيفشل السرد في الالتزام بالحياد والتسلسل المنمق، فيروى الأحداث كيفما اتفق، ولا يسعنا سوى أن نطالع بضع قصاصات مبعثرة من دفاتر العشق..




القصاصة الأولى
(جنة الأطفال)


كلما ازددت قوة وبأسا في مواجهة الحياة، كلما اشتدت عليك ووضعت التحديات والعقبات في طريقك، فتتعثر تارة وتنجح تارة أخرى.. لكن الدرس الأكبر الذي تخرج به من تلك المواجهات هو:
إن اختبارات الحياة لن تتوقف أبدا.. الحياة لن تعقد معك هدنة لمجرد أنك نجحت بامتياز في اختبارها الأخير، بل ستظل خلفك تلاحقك بإصرار، فتضعك في اختبارات أكثر قسوة حتى تستسلم وتعترف بالهزيمة..

لكن الإنسان كائن تنافسي بطبعه.. يحب التميز ويعشق التفوق ولا يعترف سوى بالفوز.. فيظل يتناطح مع الحياة حتى اليوم الأخير من عمره.. أملا في الخروج ظافرا والانتشاء بنصره ولو مرة واحدة..




تسير في غابة شاسعة ذبلت حشائشها وسقطت الأوراق الوارفة عن أشجارها التي وقفت خاوية على عروشها تواجه إعصارا قاسيا يفوقها بأسا، فتفشل في الصمود أمامه، فتُقتلع من جذروها وتسقط معلنة استسلامها..

تتحرك في كل الاتجاهات بذعر حقيقي، وبداخلها شعور غريب بأنها عارية وحيدة لا تجد لها سندا ولا معينا.. إلى أن ساقتها قدماها صوب ثلاث شجرات صلبة أغصانها مزهرة وأوراقها خضراء نضرة تنبض بالحياة..

وما أن اتخذت الشجرات الثلاثة جدارا واقيا لها من الإعصار فوقفت خلفها تحتمي بها، فوجئت بصاعقة برق مدمرة تضرب المحيط، فأصابت الشجرة الأولى - الأكبر والأضخم - بأحد أغصانها لتكسره تماما وتسقطه أمام جذعها، فتحركت عدوا نحو الشجرة الأخرى، لتجد زوبعة عنيفة تقتلعها من جذورها وتسحبها بعيدا، فهرولت بما تبقى لديها من قوة نحو الشجرة الثالثة، لتجد أن البرق قد أصابها في جذعها بموجة كاسحة نسفته تماما فتفتت إلى حطام نثرته الرياح مبعثرا في الأرجاء، لتسقط هي على الأرض وتطلق صرخة نحيب حادة سحبت المتبقى من أنفاسها لتفقد وعيها..


نهضت شادن من نومها مذعورة، وأخذت تحدّق بالمحيط لكي تستوعب أين هي.. ثم رفعت يدها لكي تبعد خصلات شعرها التي أحاطت عنقها كطوقٍ لعينٍ يكبل عنقها ويحرمها التنفس بحرية.. ثم بدأت تملس بأناملها جبهتها المتعرقة وهي تبسمل وتستغفر، ثم عادت للخلف مسندة رأسها على مقدمة السرير، وهي تأخذ أنفاسها ببطء لتسيطر على نوبة الذعر التي تصيبها كلما فرض هذا الكابوس نفسه على أحلامها..

كم تكرر هذا الحلم البغيض؟ وكم حاولت طرده عن مخيلتها بإتباع طقوس خاصة قبل النوم، تارة بالاستماع للموسيقى الهادئة الباعثة على الاسترخاء، وتارة بممارسة تمارين التأمل، حتى أنها صارت منتظمة في تدريبات اليوجا، إلا أن الوضع لم يتغير كثيرا على مدى عامين كاملين..

بخطوات متثاقلة، نهضت شادن عن سريرها وتحركت للحصول على حمام دافئ تنعش به صباحها، فاليوم أمامها أعمال كثيرة واجتماعات متعددة في دار الحضانة التي افتتحها منذ أشهر قليلة "Kids Heaven" (جنة الأطفال)، حيث ستتابع الاستعدادات للعام الدراسي الجديد بعد أن اقترب فصل الصيف من نهايته، وبدأ أطفال المداومة الصيفية في الانسحاب تباعا للسفر مع أسرهم لقضاء عطلة على البحر قبل بداية رحلتهم المدرسية الجديدة مع بداية فصل الخريف..

ارتدت شادن فستانا فضفاضا بنقوش متداخلة بألوان الأصفر والأخضر والأبيض والبني، ثم جدلت شعرها البني في شكل كعكة خلفية تحدها جديلتان أماميتان تحيطان مقدمة رأسها بشكل نصف دائري كإكليل طبيعي..

بعدها صنعت لنفسها كوبا ضخما من القهوة، ثم غادرت شقتها الواقعة في أحد المباني بإحدى التجمعات السكنية الجديدة، والذي تقطنه مع أربع جارات، اثنتان منهما قريبتاها وأقرب صديقاتها حاليا، بالإضافة لصديقة ثالثة جمعتها بهن صدفة غريبة لتصبح كإحدى قريباتهن أيضا، أما الرابعة فهي جارتهن التي تعرفن عليها بعد أن انتقلت مؤخرا للإقامة في الشقة الخالية الواقعة بالطابق الأرضي..

لقد هربت هي وقريبتيها من العاصمة بعد أن أحرقتهن بصخبها وجنونها، وبعد أن فتت الخذلان قلوبهن، فآثرن الابتعاد والبدء من جديد في مكان أهدأ يبثهن السكينة والسلام فيصبحن قادرات على تنشئة جيل جديد بطريقة صحية وآمنة بعيدا عن الزحام ومحترفي السرقة والتحرش، وذلك على الرغم من رفض الكثير من أقاربهن لفكرتهن الغريبة، حتى أن البعض اتهمهن بالانسلاخ عن جذروهن والابتعاد عن تقاليد مجتمعهن.. فاثنتان منهما مطلقتان والثالثة أرملة، بالإضافة لصديقتهن الرابعة، وهي أيضا مطلقة، حتى الجارة التي تعرفن عليها بعد انتقالهن لذلك المبنى كانت مطلقة كذلك..

في طريقها للطابق السفلي، فوجئت بجارتها نرمين تهبط خلفها بخطوات متعجلة لكي تلحق بها قبل أن تهبط الدرج وتصل لسيارتها وتغادر..

فقد اعتادت نرمين على الارتكان إلى التكاسل وعدم توصيلها لابنها فهد إلى الروضة بنفسها، معتمدة على أن صاحبة الحضانة هي جارتها، وأصبحت تراقب مواعيد مغادرتها حتى حفظتها تماما وكأنها تتلصص عليها أو تضع أجهزة استشعار لكي تكتشف لحظة مغادرتها لشقتها، فتتبعها فورا وتمنحها ابنها صاحب الأربع سنوات مع حقيبة طعامه ليغادر معها..

تنهدت شادن بتعب.. فآخر ما ينقصها هذا الصباح هو حديث مطول جديد مع نرمين عاشقة النميمة، لذا سارعت بالقول: "صباح الخير يا نرمين.. سآخذ فهد لصفه، ولكن احرصي على أن تعودي لاستلامه بحلول موعد الانصراف لأن أمامي الكثير من المشاوير والترتيبات ولن أعود للمنزل إلا في المساء.. ولن أكون قادرة على متابعته ومراقبته إذا تركتيه لما بعد مواعيد دوام الحضانة، حيث ستغادر المشرفات تباعا"..

علقت نرمين بحرج وهي تخفي امتعاضها: "حسنًا يا (شايدز) Shades.. سآتي لاصطحابه بحدود الساعة الرابعة"..

ردت شادن بحزم: "بل الثانية.. لقد ألغينا ساعتيّ المتأخر منذ بداية أغسطس نظرا لأن المواعيد الصيفية الممتدة لم تعد قائمة لسفر أغلب أولياء الأمور بأطفالهم.. ونحن الآن في مرحلة تجهيز الروضة لاستقبال العام الدراسي الجديد.. وأحتاج للتركيز على ديكورات سبتمبر وموضوعها (العودة للدراسة) وكذلك إعداد غرفة الموسيقى وغرفة الأنشطة الفنية وغرفة التكنولوجيا"..

أجابتها نرمين بفتور: "لا بأس.. سأحضر لاصطحابه في الثانية"..

أمسكت شادن بكف الطفل الذي وقف صامتا مترددا طوال تلك المحادثة التي جمعت بين والدته ومديرة حضانته.. فقد تكررت تلك المحادثة كثيرا وألِفها الطفل، ورغم ذلك مازال يحس بالغرابة مستشعرا أن والدته قد ارتكبت خطأ ما..

حين ربطت شادن حزام الأمان حول فهد، لاحظت أنه يجلس على مقعده عابسا منطويا على نفسه، فاعتدلت في مقعدها ثم طلبت منه أن يقترح أغنية يريد الاستماع إليها خلال رحلتهما بالطريق حتى الحضانة، فهمس الطفل خجلا: "Baby Shark"، وبالفعل نفذت طلبه لتتغير حالته المزاجية فورا ويبدأ بالرقص مع موسيقى الأغنية المبهجة..


يتبــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس