الموضوع: جيران المدينة
عرض مشاركة واحدة
قديم 22-03-22, 08:56 PM   #223

sun 256
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 404805
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 340
?  نُقآطِيْ » sun 256 is on a distinguished road
افتراضي

من جلستهما حيث تلفان أصابع المحشو كانت علياء ونوال قادرتين على مراقبة جلسة أفنان وعلي التي يغلب عليها المرح.. إذ وجدت أفنان كعادتها الحجة للتهرب من العمل مفضلة مجالسة خالها على الذهاب للمدرسة والاستعداد لبداية العام الدراسي الوشيكة..

"لا تروقني تصرفات هذه الفتاة"

"هل حددا موعدًا بالفعل؟"

تمتمت نوال وعلياء وكل منهما لديها ما يشغلها من الأفكار والتخيلات التي تتمنيان ألا تكون واقعًا..

ثم رفعت نوال صوتها لتُسمِع الثنائي المنسجم:"ولأن مزاجنا رائق وقد عاد إلينا المصنع.. لم لا نعد وليمة في الشرفة كالأيام الخوالي؟"

قطعت أفنان حوارها مع خالها وانتفضت شاهقة..ثم عادت للجلوس ببطئ وعضت شفتها السفليه مدركة أنها فضحت ارتباكها لذا حاولت تصنع الابتسام ربما تنجو من مأزقها..

لكن نوال حدجتها بنظراتها المرتابة المتوعدة بكشف أمرها اليوم دون تباطؤ..

في حين ناظرت علياء شقيقها بترقب.. لن تسأله أو تصر على رفضها لكن تتمنى أن يخبرها قبلًا هذه المرة فليحترم كونها شقيقته الكبرى على الأقل!!

بينما كانت أفنان في شغل عن حديث خالها ووالدتها الصامت بمحاولة التظاهر بالثبات أمام حماتها ..وحين لم تحتمل نهضت مستئذنة وطلبت من خالها أن يرافقها..

وهمست مستنجدة بينما ينزلان الدرج:"خالي هل تترافع لإنقاذي هذه المرة"

ضحك علي معقبًا:" سبق وأجبرني إخوتك على فعلها فلا يصح أن تكوني الاستثناء"

ضربت الأرض بقدمها وقالت كأنها على وشك البكاء:

لا تسخر مني..أنا لم افعل شيئًا إنه فادي الوغد""

"ماذا فعل هذه المرة أيضًا؟"سأل علي بتوجس متوقعًا أن تكون إحدى مصائب فادي المعتادة..

فأشارت له أفنان أن يلحقها قائلة:"تعال معي"

ولم يزده قولها إلا قلقًا فعدم قدرتها على مصارحته بالأمر مباشرة ينبئه بخطورته!

فتحت شقة عمها الخالية في هذا الوقت من رجالها ودلفت تسبق خالها ثم أشارت للشرفة قائلة:

"أقنعت زوجة عمي بصعوبة أنني نظفتها وهاهي تريد الإشراف على عملي بنفسها"

"وبعد؟"

"لقد كذبت..كنت أساعد فادي في مداراة شئ لا أعرفه"

ظهرت التسلية على وجه علي وكان مرحبًا بسماع موكلته الطريفة بدلًا من الانشغال بتفسير مغزى نظرات علياء أو حسم علاقته بساكنة قلبه العليل..

وأجابها بمرح:"من حقك الآن اكتشاف ما يخبؤه فادي وإن لم يكن يستحق مناوراتك هذه فبإمكانك الاقتصاص منه كما تشائين"

"أليس كذلك؟"

تساءلت أفنان بتقرير وقد انقلب خوفها غضبًا جعلها تفتح الشرفة بحدة وتدخلها متوعدة فادي بكل أنواع العقاب الممكنة..

لحقها علي مبتسمًا ولم يلبث أن تسمر إلى جانبها ذاهلًا.. في حين عقبت أفنان بعينين دامعتين من الانبهار بموهبة شقيقها:

"المجنون!! أهكذا استغل الزجاج؟"

ناظرها علي باستفهام فأخبرته عن حادثة انكسار اللوح الزجاجي ثم عانقته قائلة:"سأنال منه هذا الوغد..لقد أخافني بلا داع"

"لحظة! كيف فعل هذا دون ملاحظاتكم؟ هذا العمل مكلف بلا شك.."

ابتعدت عنه تشير باعتزاز للحائط خلفها قائلة:

"خالي دعني أعرفك إلى أعمال الفنان الصاعد فادي السفيري.."

"حقًا؟!!!"حدق علي بالجدار مبهوتًا فقد توزعت تدرجات الألوان بانسيابية سالبة للأنفاس..تراجع للخلف ليراه بنظرة أكثر شمولية فاتضح أن فادي قد قسم الحائط لجزء بألوان باردة كأنما هي أمواج بحر متلاطمة تشعرك أنك تشتم رائحة اليود

في الأرجاء.. وآخر بألوان حارة كأشعة شمس دافئة انبثقت من خلف الغيوم لتضمك بحنان..

حركت أفنان كتفيها مستمتعة وقالت:

"الآن أستطيع تنظيف الشرفة وإكمال الجزء الخاص بي من المفاجأة"

فعقب علي مبتسمًا:"أؤكد لك أنها صاعقة وليست مجرد مفاجأة عادية"

راقب خروجها من الشرفة وعودتها بعد حين بأدوات التنظيف حتى أنها شرعت بالعمل وهو لايزال على وقفته الحائرة..

حتى ناداها أخيرًا مقررًا إلقاء سؤاله وليكن ما يكون..لن يضيره معرفة رأيها حتى إن تشابه مع رأي والدتها..

"لماذا لم أتلق العتاب منك أو من إخوتك؟حتى والدك لم يحدثني أبدًا بشأن زواجي السابق!! ألا تعقيب على أمر زواجي المرتقب؟! أم ربما العلة بي أنا! فزواج شخص بعمري أمر لا يدعو للحماس كما أظن!"

صمتت أفنان لثوان حتى ارتاب بدرجة وضوح صوته بينما يطرح سؤاله..لكنها لعقت شفتيها أخيرًا قائلة:

"إن أردته سرًا فهو كان ولايزال شأنًا خاصًا بك ولا يحق لأحدنا حتى إبداء رأيه.. لكن إن شئت إثارة حماسنا ومعرفة رأينا بشأن العروس فعليك اتباع الخطوات التقليدية..وفقًا للأصول يا خالي!"

أضافت جملتها الأخيرة بمرح تلومه على جهله بأمر كهذا!

فانفرجت أسارير علي وقبلها شاكرًا قبل أن يغادرها قائلًا:

"سأذهب لمراجعة الأصول حتى أتمكن من إثارة حماسكم هذه المرة"

ضحكت أفنان واستدارت تُتم عملها بسرعة فلازال عليها البحث عن وسيلة لإصلاح حاسبها المحمول غريب الأطوار مؤخرًا..

بعد دقائق..

دلف هيثم شرفة شقة والده المفتوحة على غير العادة مؤخرًا وزادت دهشته حين وجد أفنان تجلس وحيدة على الطاولة ..ظهرها للباب لذا لم تنتبه بعد لوجوده..

اقترب منها بتؤدة ليستكشف ما تفعله..فوجد حاسبها أمامها وقد قلبته رافعة أحد المفكات كالسلاح تستعد للانقضاض به على الحاسب ومهما كان الشئ الذي تنوي فعله كان عليه إيقافها فلا يبدو أنه أمر محمود العواقب..

أسرع يمسك يدها قبل أن تصل للحاسب فأجفلت أفنان وحركت يدها حتى كاد المفك يصيب عينه لكنه تراجع برأسه قائلًا:

"ألن تتوقفي عن مخططاتك الإجرامية بحقي؟!!"

والتقطه من يدها يبعده مع أقرانه بعد أن صدمه وجود دزينة منهم على الطاولة..

استند بيديه إلى الطاولة ليكون كأنه يحتضنها بمقعدها سائلًا:

"خيرًا؟!ماذا تفعلين؟"

أعادت قلب الحاسب وفتحته قائلة:"انظر! من المفترض أن أضغط هكذا فتضئ الشاشة وتظهر خانة كتابة كلمة المرور ..لكنها لا تظهر أبدًا!!"

"حسنًا..ولم أحضرت هذه العُدّة؟! لأي شئ تخططين؟"

أجابته أفنان بمنطقية:"يحتاج للإصلاح"

"امممم..الإصلاح أم الإفساد..اسمحي لي للحظة"

كرر الضغط دون أي استجابة فالحاسب متجمد على خلفية شاشة الإغلاق بلا أمل في الترحيب بمستخدمه كما يفعل عادة..

قلب الحاسب فعقبت أفنان متهكمة:"هاك..ستفعل ما كنت على وشك فعله حالًا"

"أخبريني بالظبط ماذا كنت ستفعلين يا فراشة؟"

"كنت سأستخدم المفك لإزالة هذه المسامير ثم أزيل البطارية وأ..."

بترت جملتها حين غادر الشرفة ثم عاد بدبوس رفيع وضغط به في ثقب تنبهت لوجوده للمرة الأولى!!

سألته باستنكار تحاول إبعاد يده عن حاسبها بالقوة:"ماذا تفعل؟"

"لتعيدي تشغيل هذا النوع من الحواسيب المحمولة ذات البطارية المدمجة ستدخلين دبوسًا في هذا الثقب المزيل برمز البطارية..ترين الرمز أليس كذلك؟"

أومأت أفنان فأعاد هيثم قلب الحاسب وشغله بكل بساطة أمام عينيها الدهشتين..

صفقت مبتهجة ولكمت كتفه بخفة قائلة:"أحسنت..لقد أزحت عن عاتقي عبئًا ثقيلًا"

استقام هيثم متكتفًا وناظرها باستياء قائلًا:"تبحثين عن وسيلة لإصلاح حاسبك وزوجك هيثم السفيري!! كم هذا أمر معيب؟!!"

تهربت أفنان بعينيها شاعرة بالذنب فكتم هيثم ضحكته واستمر في تظاهره بالحزن مردفًا:"كيف أتحمل الطعنة إن كانت من زوجتي؟!! أقرب الناس إلي!!"

زمت شفتيها مستاءة من الموقف الذي وضعت نفسها به..كان عليها أن تلجأ إليه من البداية دون أن تحاول التذاكي..الآن سيستغلها أسوأ استغلال وربما يطالبها بشئ يصعب عليها تنفيذه..

لذا قالت أول ما خطر بذهنها محاولة التهرب من سطوته وربما نجحت في تشتيت ذهنه رغم أن المستحيل أقرب إليها :

"ولكنك لم تخبرني سبب مشكلة حاسبي.."

"أغلب الظن أنها الحرارة..ضعيه على سطح صلب أثناء الاستخدام فيما بعد.. ودعي الأشياء اللينة لي"

رمشت أفنان بعينيها واحمرت تدريجيًا بينما تدرك مقصد حديثه..إذ كانت تضعه على فخذيها حين يجلسان معًا..

تنحنحت تغير الموضوع سائلة:"ماذا تفعل هذه الأيام؟ صرت تكتم أخبارك عني"

"أحاول المساعدة في الجانب التقني للمصنع إلى جوار عملي ريثما نجد فريقًا موثوقًا لهذه المهمة..بالإضافة لشئ جديد قررت تجربته وحدي قبل أن أطلعك على النتيجة..غير أنني أشرف على العمل في شقتنا..أتسمعين طرقاتهم؟! ملؤها الطرب أليس كذلك؟"

ضحكت أفنان وأومأت برأسها توافقه مما جعل هيثم يغرق بالضحك..فحبيبته المرتبكة تحاول مراضاته بأي طريقة لتتهرب منه..

جاهدت أفنان لاستجماع رباطة جأشها وكررت محاولتها لتغيير الموضوع قائلة: "أخبرني إن احتجت المساعدة إذًا"

"في الحال يا عزيزتي"

واقترب بنية تقبيلها فتراجعت قائلة:"سأطلعك على رسائلي..كنت تريد الإطلاع عليها أليس كذلك؟!!"

ضحك هيثم وفضل تأجيل قبلته لمكان أكثر أمانًا يستطيع حصرها به دون أن تجد سبيلًا للفرار.. وجاراها فيما تريد قائلًا:"بلى أريد..أحسنت باختيار طريقة مراضاتي ..استمري على هذه المنوال"

تنهدت براحة بعد أن نجت منه أخيرًا ونهضت قائلة:"حسنًا..سأعيد العُدة لمكانها وأنت افتح أحد هذه الرسائل ريثما أعود"

عادت إليه خلال ثوان لتجده يقف متكتفًا يناظرها بحاجب مرفوع..نظرت لشاشة الحاسب حيث رسالتها التي بدأتها بإمطاره بوابل من الشتائم ردًا على رسالته المغيظة إليها حينها.. فاختارت أردئ الألفاظ مما سمعته من أحاديث أشقائها لتصفه بها تنفيسًا عن غضبها..

اندفعت للحاسب بغية إغلاق هذه الرسالة الفاضحة فحال هيثم دون ذلك وطوقها بذراعيه يقرأ كل كلمة كتبتها حتى شهق ذاهلًا من دناءة الكلمة التالية..

"لا..عقابك سيكون بذات الطريقة..لن أطلق سراحك قبل أن تنطقي هذه الكلمة تحديدًا ..هيا أنا أقف أمامك قوليها بوجهي"

ضربت أفنان جبهتها قائلة بإحراج:"يا إلهي! كيف خانني الحظ لهذه الدرجة؟ ألم تجد أخرى أفضل من هذه لتفتحها؟!"

"اخترت بعشوائية..العيب على من تخيرت الألفاظ وكتبتها"

"أوووف..هيثم..كنت طائشة..أرجوك امسحها أو اخترعقابًا آخر..المهم هو أن نغلقها قبل أن يراها غيرك أرجوك"

"لا تجرؤين على نطقها؟! حسنًا قبليني وأنا سأمسحها وأنسى أنني قرأتها"

كانت لاتزال أسيرة ذراعيه لذا عوضًا عن محاولة فاشلة بالهرب حاولت التفاوض معه قائلة:"سأريك أخرى..كتبتها في إحدى نوباتي العاطفية"

"قولي أنك غازلتني بها..أيجب أن تصفيها بهذا الوصف المتواري؟!

"حسنًا أيًا كان.. هل وافقت؟"

حركت هيثم رأسه نافيًأ وانقض على وجنتيها يقبلها حتى يصل لبغيته قائلًا:

"لا لن أتنازل عن قبلتي"

ضحكت أفنان وحاولت التهرب من شفتيه قدر استطاعتها حتى تجمدا معًا مع نحنحة رجولية وظهور زيد عند باب الشرفة..

أفلتها هيثم فأنزلت شاشة الحاسب كرد فعل أولي وراحت تتلاعب بأصابعها مرتبكة بانتظار رد فعله...

تقدم زيد وراح يتلفت حوله كأنما يفكر في التعقيب المناسب على ما رآه وتنبه للوحة المجسمة على حائط الشرفة فوضحت أفنان:"إنه فادي..كان يخفي عنا موهبته"

"رائع..وأنتِ كيف حالك؟"

فغرت أفنان فاها عاجزة عن استيعاب سؤاله..

ناظرت هيثم الذي حرك كتفيه بجهل..وعادا ينظران لزيد الصامت..

حارت أفنان كيف تتصرف فتقدمت منه وعانقته إذ مضى وقت طويل منذ آخر حديث بينهما..

بادلها زيد العناق بهدوء وقبل رأسها فسألته بتردد:"هل أنت مستاء مني؟"

"لا يا عزيزتي..أتمنى لكِ السعادة"

وربت على ظهرها مغادرًا الشرفة..

فنظرت لهيثم باستفهام ليشاركها تخمينه قائلًا:"ربما نضج زيد أخيرًا في هذا الجانب"

"ماذا يعني النضوج؟ هذا ليس أخي!"

أخذت حاسبها مغادرة الشرفة بدورها..فاستوقفها هيثم مشاكسًا:"لم االعجلة؟ دعيني أستضيفك في غرفتي حتى تتم تجهيزات الشقة"

تابعت طريقها دون أن تلتفت لمزاحه بينما مرر هيثم أنظاره على حائط الشرفة الذي لم ينتبه له بادئ الأمر في خضم انشغاله بأفنان..

ورغم تألق الإعجاب في عينيه تمتم بامتعاض:

"كيف يفعل هذا الوغد شيئًا كهذا قبل أن يطلب الإذن؟!"

¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤


sun 256 غير متواجد حالياً