عرض مشاركة واحدة
قديم 14-05-22, 09:41 PM   #13

روايات نور محمد

? العضوٌ??? » 500766
?  التسِجيلٌ » Mar 2022
? مشَارَ?اتْي » 195
?  نُقآطِيْ » روايات نور محمد is on a distinguished road
افتراضي ضجيج الصمت-نور محمد

الفصل الثامن
"خرج رامز من مكتب والده متوجهاً إلى مكتب رامـي، الذي كان يجلس وحيداً شارداً، ولم ينتبه إلا عندما أشار رامز بيده أمام عينيه بعد أن جلس جواره ليلتفت له.
ابتسم رامز ابتسامة خفيفة مشيراً"
- المفروض تكون مبسوط إننا لقيناها

"نظر له رامـي دون رد حتى أشار"
- عرفت إني أصم

"قال رامز مشيراً"
- وإيه المشكلة؟

"تنهد رامـي مشيراً"
- نظرتها ليا هتبقى مليانة حزن وشفقة كمان

"نظر له رامز ثم أشار"
- المفروض تكون فرحان إنك هتشوفها وماتفكرش في الكلام ده، ماما مستحيل هتبصلك بالطريقة دي، هي مش هتفكر في حاجة غير إنها شافتك بعد كل السنين دي وبس

"نظر له رامـي ثم أشار"
- هتزورها امتى؟

"ابتسم رامز مشيراً"
- إيه رأيك نزورها بكرة؟

"هز رامـي رأسه في نفي مشيراً"
- لا، روحلها أنت الأول، وأنا هبقى اروح من بعدك

"ثم اتبع بابتسامة"
- أنت محتاج تكون معاها لوحدك، أنا متأكد إنها وحشاك اكتر مني

"ابتسم رامز ابتسامة هادئة دون رد، إن رامـي هو الشخص الوحيد الذي يفهم صمته الذي لا يبوح به أبداً.
أحياناً كان يشكر الظروف التي لم تفرقهما سواء بهروبه مع والدته، أو بمعاملة أبيه له."
.....
"عندما خرج رامز من المكتب، قام رامـي من على الأريكة الموجودة في الغرفة وتوجه ناحية مكتبه وجلس إليه.
كان يريد مطالعة بعض الأوراق ولكنه شعر بأن ذهنه مشتت للغاية، استند بظهره إلى الكرسي وأسند رأسه إلى الخلف وهو يفكر فيما علمت والدته عنه للتو، لا بد أن خبر صممه قد صدمها بل وربما تلوم نفسها عليه أيضاً. كان يتمنى في داخله أن تحدث معجزة ما وينتهي عجزه هذا قبل أن يراها.
نعم، معجزة... هكذا قال آخر طبيب ذهب إليه منذ سنوات خاصة وأن حالته ليست مستعصية، وهذا ما حيّر الأطباء كثيراً حتى أن بعضهم قد فسّر الأمر على أنه حالة نفسية خاصة مع فقدانه للنطق. زعموا أن انتظامه على الأدوية مع جلسات العلاج النفسي قد يغير من الأمر شيئاً، ولكن دون جدوى.
لقد توقف عن تناول الأدوية منذ سنوات وقد بدت له كما الحلوى المُرّة الغير مفيدة، ولم ينتظم في العلاج النفسي إلا عندما قابل نسمة. كان يحاول أن ينقذ نفسه بأي طريقة، ولكنه لم يحرز تقدماً سوى بضع لمسات وعناق لأخيه كان بمثابة معجزة صغيرة بالنسبة إليه.
هل يمكن أن يغيّر لقاء والدته أي شيء؟ هل يكون هو المعجزة التي ينتظرها لتنكسر عزلته الإجبارية تلك عن ضجيج العالم؟
أغمض عينيه، ودون أن يشعر، غفا لعدة دقائق، دقائق قليلة ولكنه رأى فيها الكوابيس ذاتها مرة أخرى، ذات الأصوات تتكرر والتي كان آخرها صوت صرخة أمه باسمه، وعندها شعر بلمسة أحدهم ففتح عينيه فجأة في فزع وانتفض مكانه ليجد وجه شمس أمامه وقد انتفضت هي الأخرى من الصدمة."

***

"كانت قد قامت ببعض الأشياء التي قد كلفها بها منذ آخر اجتماع وتوجهت إلى مكتبه لتطلعه عليها، لم تجد نهال فطرقت الباب علها تكون بالداخل، وعندما لم يصلها الرد، قررت أن تفتح الباب، وعندما دخلت، تعجبت عندما رأته مستنداً إلى الكرسي مغمض العينين، فكرت في أنه ربما يشعر ببعض الإرهاق فأغمض عينيه للحظات، ولكن عندما طالت المدة تأكدت بأنه قد غفا.
كانت فرصة جيدة لتتأمل ملامحه قليلاً، ولكن قطع تأملها انقباض ملامحه وضمة حاجبيه وكأنه يرى حلماً سيئاً.
كانت تريد أن توقظه، ولكنها تذكرت ما حدث في سلم الحريق فخافت من أن تكرر نفس الفعلة فيضربها هذه المرة، ولكن لأنها تهوى المخاطرة، استدارت حول المكتب وتوقفت أمامه، وعندما مدت يدها ناحية كتفه ولمسته لتوقظه، وجدت عينيه قد فُتِحَت فجأة في فزع فانتفضت مبتعدة خطوتين للوراء.
أخذ ينظر إليها في صدمة وصدره يعلو ويهبط بعنف، ولم تكن نظرتها هي الأخرى مختلفة فقد كان شكله غريباً كتلك المرة التي رأته فيها، وشعرت بالخوف من أن يقوم بأي فعل مجنون لمحاولتها الاقتراب منه.
قام من مكانه فعادت للوراء حتى اصطدمت بالحائط، قالت محاولة استجماع الكلمات"
- أنا آسفة... أنا حسيت إنك مش كويس... قلت...

"وقبل أن تكمل كلامها، كان قد مر من أمامها وتوجه ناحية الحمام الموجود في مكتبه وغاب فيه لدقائق قليلة.
خلع سترته ثم رابطة عنقه وفتح الأزرار الأولى من قميصه واستند إلى الحوض وأخذ يلتقط أنفاسه.
كيف غفا؟ وما المدة التي نام فيها ليرى ذلك الكابوس مجدداً؟ وما الذي رآه حين استيقظ؟ لقد حاولت لمسه مجدداً.
هل لمستها هي التي جعلته ينتفض؟ أم ذلك الكابوس الذي قد تركه لبضعة أيام ثم عاد الآن؟ هل خبر العثور على والدته وتّره لهذا الحد؟
فتح صنبور المياه ثم غسل وجهه وجففه، وعندما شعر بأنه أصبح بحال أفضل، فتح الباب وخرج ليجد شمس لا تزال بانتظاره، توقف في مكانه للحظات ثم توجه ناحية المكتب ليجلس إليه ويمد يده إليها لتعطيه الأوراق المطلوبة.
أعطته إياها في توتر فأخذ يطالعها في وجوم بينما كانت هي تنظر إليه وتفكر... إنها نفس الهيئة الفوضوية التي كان عليها من قبل... جميل...
شعرت بأن صوتاً ما بداخلها ينعتها بالحمقاء، لقد كان يعاني منذ دقائق وكان على وشك أن يضربها عند استيقاظه وهي تتغزل بهيئته.
قطع شرودها رؤيتها له وهو يكتب على الهاتف ويقدمه ناحيتها فأخذت وقرأت"
- سيبي الورق ده هنا يا شمس وأنا هبقى ابعتلك نناقشه بعدين. تقدري تتفضلي!

"لم تتحرك بل ظلت في مكانها، نظر إليها متسائلاً فقالت"
- حضرتك كويس؟

"نظر لها واومأ إيجاباً فاتبعت"
- أنا... أنا آسفة... ماكنتش اقصد...

"قطع حديثها إشارته لها بأن تصمت فصمتت ليكتب هو"
- حصل خير يا شمس! اتفضلي.

"تأكد إحساسها بأنه ليس على ما يرام، ولكنها لم تشأ أن تزعجه أكثر فخرجت في هدوء من المكتب ليلتفت هو إلى هاتفه ويكتب إلى نسمة"
- نسمة! ينفع اشوفك دلوقتي؟

"وصله الرد فوراً منها"
- أكيد

"قام من مكانه و أخذ سترته و توجه إلى عيادتها ليتحدث معها حديثاً طويلاً."

.....

"خرج رامز من مكتب أخيه عائداً إلى مكتبه، كانت خطواته متكاسلة غاضبة.
لم يكن يدري هل يشعر بالارتياح لأنه قد أفصح أخيراً عن شيء لطالما كان يؤلمه أم يغضب لاندفاعه الذي لم يكن في وقته. على كلٍ، المهم هو أنه قد أخرج جزءاً من غضبه حتى وإن لم يغيِّر شيئاً.
وأثناء شروده، وجد ندى تأتي من بعيد، وعندما وصلت ناحيته، قالت بوجه جامد"
- أنا كنت طالعة لحضرتك عشان تشوف الشغل اللي كلفتني به

"نظر لها ثم قال"
- تمام، نطلع سوى

"وعندما صعدا إلى مكتبه، دخل رامز ثم جلس وأعطته ندى الأوراق المطلوبة، أخذ يطالعها بوجه واجم بدى غير مستريح، كانت تطالعه بنظرات متسائلة، وعندما انتهى، قال"
- تمام يا ندى! تقدري تتفضلي

"ثم قام من مكانه واتجه ناحية النافذة الواسعة لمكتبه ونظر منها إلى الخارج في شرود وضيق.
كانت ملامحها هي واجمة جامدة، ولكنها عندما رأته بتلك الحالة لانت كثيراً، إنه يبدو مختلفاً عما اعتادت عليه، وجدت نفسها تسأله في قلق"
- حضرتك كويس؟

"التفت لها ولم يرد، لحظات وهي تنظر إليه تستدعيه بأن يقول أي شيء حتى تفوَّه قائلاً محاولاً رسم ابتسامة على وجهه"
- كويس

"ساد الصمت بينهما حتى اتبع"
- ندى!...

"ثم سكت، أخذت تنظر إليه تدعوه أن يكمل فقال"
- ايه رأيك نتغدى سوى برة؟

"بدت مترددة فاتبع بابتسامة"
- لو وافقتي مش هخصملك اليوم

"ابتسمت في سخرية قائلة"
- موافقة

"ثم اتبعت وهي تشير بسبابتها ناحيته"
- بس مش عشان الخصم يترفع

"ابتسم دون رد فاتبعت"
- وكمان أنا اللي هختار المكان

"هز رأسه في نفي ثم قال"
- دي بقى لا

"ضمت حاجبيها في حنق فاتبع"
- في مكان معين أنا عاوز اروحه... هرتاح فيه، والمرة الجاية أنتِ نقي المكان، موافقة؟

"صمتت تفكر، لم تشأ معاندته فيبدو أنه ليس على ما يرام، قالت"
- موافقة المرة دي

"خرجا سوياً من الشركة ومضى رامز بسيارته إلى الوجهة المقصودة، لاحظت ندى أنهما يبتعدان عن المدينة فقالت"
- احنا رايحين فين؟

"ابتسم وهو ينظر أمامه قائلاً"
- الساحل

"نظرت إليه في صدمة قائلة"
- ماينفعش

"نظر لها قائلاً"
- ليه؟

"قالت متوترة"
- عشان الفكرة غريبة وكمان أنا ماعرّفتش حد إني ماشية، وكده هتأخر عن ميعاد رجوعي، هقولهم كنت فين ومع مين؟

"ابتسم قائلاً"
- مش محتاجة تخافي، اللي أنتِ معاه ده أسرع واحد يروح الساحل ويرجع قبل النهار ما يروح

"انكمشت في مكانها ونظرت إلى الطريق من خلف الزجاج وبدت قلقة لتجد السيارة تتوقف فجأة، نظرت إليه متسائلة فنظر لها وقال في ضيق"
- ممكن اعرف أنتِ خايفة ليه؟

"نظرت إليه باندهاش سرعان ما انقلب إلى قوة وهي تقول"
- أنا مش خايفة، وماتتعصبش عليا تاني

"مرت لحظات وهما يتبادلان نظرات القوة تلك حتى نظر هو أمامه وزفر بضيق ثم نظر لها وقال"
- ندى! أنا محتاج أحس إنك مش خايفة مني، وتعرفي إني مش هأذيكي، أنا بس عايز أبعد عن الزحمة شوية، فاهمة؟

"نظرت له دون رد فعاد هو لينظر أمامه ويكمل الطريق، وخلال وقت قليل، كانا قد وصلا عند مطعم مطل على البحر فجلسا عند طاولة بالخارج.
وعندما جلسا، ساد الصمت لعدة دقائق كان رامز فيها ينظر إلى البحر في شرود بينما كانت هي تنظر ناحيته.
شعرت بأنها رأت جانباً آخراً منه، أين ذهب ذلك العابث الساخر الذي كان يقرّبها من الجنون؟ حسناً... أو ليس ما يفعله الآن يقرّبها من الجنون أيضاً وبشكل أسرع؟
وجدته يلتفت إليها ويبتسم في هدوء فوجدت نفسها تقول"
- مالك يا رامز؟

"ابتسم قائلاً"
- أنا كويس

"ردت قائلة"
- مش شايفة كده

"سألها بدوره"
- شايفة إيه؟

"تنهدت قائلة"
- شايفاك هادي كده

"ثم ترددت قبل أن تقول بنصف ابتسامة"
- وعاقل

"ضحك منها كثيراً ثم قال"
- عشان عاقل بقيت مش كويس؟

"ابتسمت ثم قالت"
- اتعودت أشوف رامز بيضحك ويهزر، إيه اللي حصل؟

"صمت للحظات قبل أن يقول بوضوح"
- أنتِ حبّة مين فيهم؟

"اتسعت عيناها في دهشة من سؤاله الجريء فابتسم من دهشتها، وجدت نفسها تقول"
- أنا مش فاهمة حاجة، أنت عاوز إيه؟

"قال متجاهلاً سؤالها"
- أنتِ ماجاوبتيش على سؤالي

"ردت بدورها"
- جاوبني أنت على سؤالي

"استند بظهره إلى الكرسي وقال"
- اللي هو إيه؟؟

"قالت وقد عاد شعور التيه إليها مجدداً"
- أنا حاسة إني مش فاهماك، أو مش فاهمة حاجة خالص، أنت بتعمل حاجات وبتقول حاجات بتحسسني إني متلخبطة ومش فاهمة، من أول مرة شفتك فيها وخرجنا سوى لغاية ليلة عيد ميلاد يارا

"ابتسم بغموض عندما تذكر تلك الليلة، الليلة التي تغيرت فيها أمور كثيرة، أمور لا يعلم إلى أين ستأخذه، اتبعت"
- اختفيت فجأة وظهرت تاني النهاردة بس على إنك مديري اللي مابيسمحش بأي تقصير، وبعدها بشوية عزمتني عالغدا في آخر الدنيا عشان اشوف حد تالت خالص غير الاتنين الأولانيين

"ثم أنهت كلامها متنهدة"
- أنا تايهة

"ابتسم قائلاً"
- أنتِ دايماً تايهة يا ندى

"هزت رأسها في نفي قائلة"
- عمري ما كنت كده قبل ما كل ده يحصل

"ابتسم قائلاً"
- وعاوزة إيه؟

"قالت سريعاً"
- عاوزة اوصل، عاوزة افهم، وعاوزة ارتاح

"قال ببساطة"
- قلتلك قبل كده، مش دايماً بنرتاح لما بنوصل

"قالت مباشرة"
- يبقى تهنا ليه من الأول؟

"نظر لها دون رد حتى قال"
- أنا مش أفضل شخص تسأليه السؤال ده

"قالت متسائلة"
- ليه؟

"ابتسم قائلاً"
- عشان أنا كمان تايه

"ثم اتبع وهو ينظر ناحية البحر"
- وخايف

"قالت في حيرة"
- وبعدين؟ إيه الحل؟

"نظر لها بابتسامة ثم قال"
- خلينا تايهين... لما نشوف هنوصل لإيه في الآخر

"ترددت قبل أن تقول"
- خايفة مانوصلش لحاجة في الآخر

"هز رأسه قائلاً بغموض"
- ماعتقدش

"قطع حديثهما صوت رنين هاتفه ليجد المتصل "نانسي"، نظر إلى ندى ثم قال"
- ده تليفون في الشغل، عن إذنك

"ثم قام من مكانه مبتعداً عنها وفتح الخط"
- ألو!

"وصله صوتها الناعم قائلاً"
- ازيك يا رامز؟

"قال بهدوء"
- كويس يا نانسي! في حاجة حصلت؟؟

"قالت باختصار"
- لا لا أبداً، أنا بس اتصلت عشان أقولك إن ميعاد المتابعة الجاي هيتأجل أسبوع وهيبقى في نص الشهر

"رد قائلاً"
- تمام، هكون معاكي اكيد

"صمتت للحظات قبل أن تقول"
- مش هشوفك قبلها؟

"ابتسم قائلاً"
- أنتِ عارفة إني ماليش مواعيد، ممكن تصحي تلاقيني جنبك

"ابتسمت قائلة"
- يا ريت

"ضحك قائلاً"
- أنا معاكي بقالي اسبوع، المفروض تكوني زهقتي مني

"قالت في لهفة"
- ماتقولش كده، أنا عمري ما ازهق منك أبداً

"ابتسم دون رد فاتبعت"
- أنا هستناك، ولما تيجي هعملك الأكلة اللي بتحبها

"قال في حنان"
- هتوحشيني على ما اشوفك

"قالت في نعومة"
- وأنت كمان يا حبيبي! مع السلامة

"قال هو الآخر"
- مع السلامة

"وعندما أغلق الخط، ظل في مكانه للحظات يفكر فيها، أحياناً يخطر بباله أنه لا يستحق امرأة مثلها.
إن المشاعر التي تحملها نانسي تحتاج لرجل يعشقها بكل تفاصيلها وليس رجلاً يتخذها مهرباً فحسب.
عاد إلى ندى ثانية وكان الغداء قد وصل فتناولاه سوياً وهما يتبادلان أطراف الحديث حتى انتهيا من الغداء، نظر إليها قائلاً"
- مرتاحة دلوقتي؟

"نظرت إليه دون فهم فاتبع"
- اقصد... كنتي متوترة قبل ما نوصل

"طالعت البحر للحظات قبل أن تعاود النظر إليه لتقول"
- المشكلة إني ببقى متوترة ومع ذلك بكمل عشان اكتشف إني ماكانش ينفع أخاف من البداية

"ابتسم قائلاً"
- يعني مش هتخافي مني تاني؟

"هزت رأسها في نفي قائلة"
- مش هخاف

"ابتسم لها دون رد، ومرت دقائق أخرى في صمت حتى قال"
- نمشي؟

"اومأت بابتسامة قائلة"
- نمشي

.....

"وصل رامـي إلى عيادة نسمة وطلب الدخول إليها، ولكن السكرتيرة أخبرته أن لديها حالة ما أوشكت على الانتهاء معها ومن ثم سيدخل هو.
جلس على أحد الكراسي جوار امرأة ما كانت تطالعه منذ أن دخل العيادة بنظرات متفحصة رغم أن هيئته لم تكن ملفتة أبداً، لقد نسي رابطة عنقه ونسي إغلاق أزرار قميصه الأولى، ولم يهتم بالتأكد مما إذا كان شعره على ما يرام أم لا، لم يكن ينقصه سوى أن ينسى سترته أيضاً، ولكنه أحضرها.
والحقيقة أن مدمنة العلاقات الجالس بجوارها قد افتتنت بتلك الهيئة كثيراً حتى أنها نسيت كونها مريضة تأتي لتعالج إدمانها وفكرت في اصطياده.
كانت نظراتها موترة للغاية فأمسك بإحدى المجلات وأخذ يتصفحها لينشغل عنها، وعندما لم تحد بعينيها عنه، قرَّب المجلة من وجهه كثيراً حتى اختفى خلف غلافها، ولكنه عندما أنزل المجلة قليلاً وجد وجهها أقرب إليه فاتسعت عيناه لوهلة في صدمة لتبتسم المرأة قائلة"
- شيريهان

"نظر لها في تعجب فاتبعت"
- اسمي شيريهان وممكن تقولي يا شيري!

"نظر لها في دهشة ثم نظر أمامه حتى يتفادى نظراتها التي أصبحت تشبه نظرات سالي فوجدها تميل إلى الأمام قليلاً لترى وجهه بوضوح وركزت بعينيها في عينيه قليلاً ثم عادت مكانها وقالت"
- هي عينيك لونها ايه؟

"لم تتغير نظرات الدهشة في عينيه، إنه حتى لا يستطيع أن ينظر لها بازدراء كما يفعل مع سالي، كانت هي تنظر إليه في هيام حتى هزت رأسها قائلة"
- عرفته... فسدقي

"عقد حاجبيه في دهشة ثم نظر ناحية الباب فوجد الحالة التي قبله قد خرجت فقام من مكانه سريعاً ودخل إلى نسمة تاركاً تلك المرأة تنعي حظها لأنها لم تستطع أخذ رقم هاتفه.
كانت نسمة ترتب بعض الأشياء في مكتبها بعد خروج الحالة حتى وجدت رامـي يدخل إليها سريعاً ويغلق الباب في وجه السكرتيرة التي كانت تخبره بأنه يجب أن ينتظر لتبلغ الطبيبة أولاً وجلس على الأريكة الموجودة في الغرفة.
وقفت نسمة في مكانها تنظر باندهاش لما حدث، ما به؟ توجهت ناحيته ثم جلست على الكرسي أمامه وقالت"
- هو في إيه؟ داخل بتجري ليه؟

"نظر في ضيق ناحية الباب ثم نظر لها وأشار"
- السكرتيرة بتاعتك دي صوتها مسرسع

"نظرت نسمة إليه في دهشة، لطالما كان صوت سميرة يذكرها بماكينة نشارة الخشب، قالت"
- صح، أنت عرفت منين؟

"ابتسم دون رد ثم أشار"
- وفي ست تانية برة كانت على وشك التحرش بيّ لولا إن جلستك خلصت بسرعة

"ضحكت نسمة بشدة ثم قالت"
- أنت تقصد شيريهان؟ دي عسل

"نظر لها بحاجب مرفوع ثم أشار"
- عسل؟! دي عايزاني اقولها يا شيري، وبتقولي لون عينيك فسدقي

"ضحكت نسمة مرة أخرى ثم قالت من بين ضحكاتها"
- أنا فعلاً لسة ماعرفش لونهم ايه، بس شيريهان ليها نظرة اكيد هي صح

"وجد نفسه هو الآخر يضحك من كل تلك الأحداث المريبة التي أصابته في يوم واحد وختمتها شيريهان بغزلها بلون الفستق في عينيه، والذي وإن كانت عينيه تميل له أحياناً إلا أنه بعيد عن لونها الاصلي... الرمادي الفاتح.
قطع أفكاره إشارات نسمة القائلة"
- ايه اللي حصل بقى؟

"صمت للحظات قبل أن يشير"
- اكتر من حاجة حصلت، أولها إني عرفت مكان ماما

"أشارت نسمة في سعادة قائلة"
- هايل، ده خبر حلو اوي، كده بابا نفذ وعده ليك ودي بداية جديدة في علاقتكم ببعض

"اومأ برأسه دون رد فأشارت"
- بس أنت ليه مش فرحان؟

"رد مشيراً"
- فرحان يا نسمة بس...

"ظلت صامتة ليكمل هو"
- بابا راحلها واتكلم معاها وفهمها وضعي عشان ماتتفاجئش أما تشوفني

"أشارت نسمة"
- زعلان إنها عرفت؟

"ظل صامتاً حتى أشار بوجه حزين"
- هي أكيد هتعرف طالما هشوفها، بس حاسس إني مش قادر اواجهها، حاسس إني مش زي ما كانت متخيلة، وأكيد حاجة زي كده صدمتها وده هيبان عليها لما تشوفني

"ثم صمت قليلاً قبل أن يتبع"
- أنا مش عاوزها تشوفني على إني ابنها الضعيف اللي لازمله معاملة خاصة، مش هقدر اتحمل نظرات شفقة جديدة زي اللي شفتها في عيون الكل لما كنت صغير

"ابتسمت نسمة مشيرة"
- رامـي! أنا حاسة إنك بتحاول تأخر الزيارة دي بأسباب مختلفة عشان تبعد عن السبب الأصلي... إنك خايف تقربلها

"ظل صامتاً دون رد فتأكدت من تحليلها، أشار"
- عشان الاتنين

"ابتسمت مشيرة"
- بس ده السبب الرئيسي

"ثم اتبعت"
- أنت مش قلتلي إنك بقيت تتعود من لمسة القريبين منك عادي؟ زي سناء هانم ورامز كمان، أنت مش قلتلي إنك قدرت تحضنه في مرة؟

"اومأ برأسه فاتبعت"
- يعني نسبياً بقيت جاهز تشوفها، وكمان أكيد باباك فهِّمها النقطة دي يعني هي هتستناك أنت اللي تاخد الخطوة دي ومش هتجبرك

"ظل صامتاً يفكر في وجهة نظرها، إنها تبدو محقة، أشار"
- برضو هستنى شوية قبل ما اروح، أنا اتفقت مع رامز يروحلها هو الأول، هو محتاج يشوفها لوحده، وبعدين هروح أنا

"هزت رأسها متفهمة ثم أشارت"
- دي فكرة كويسة

"ساد الصمت قبل أن يشير"
- حصل موقف جديد مع شمس

"ابتسمت نسمة مشيرة"
- مواقفكم كترت، احكيلي!

"أشار وقد روى لها كل ما حدث قبل أن يأتي وهي تستمع إليه بابتسامة وعندما انتهى أشار"
- بتضحكي على إيه بقى؟

"أشارت نسمة محاولة كتم ضحكتها"
- أنا بحب شمس اوي

"ابتسم دون رد فاتبعت"
- بس كويس إن جالها جراءة تحاول تلمسك تاني بعد اللي حصل في سلم الحريق، أنا لو مكانها أخاف لا تضربني

"ضحك ضحكة قصيرة ثم أشار"
- ما هي افتكرتني هضربها فعلاً ولما قمت من مكاني خافت أكتر

"أشارت نسمة وقد أشفقت عليها"
- يا أخي حرام عليك، ارسالك على بر معاها بدل ما أنت حبة راعبها وحبة مطمنها كده

"رد مشيراً"
- هي اللي بتيجي في الوقت الغلط يا نسمة

.....

"وفي وقت متأخر من نفس اليوم، دخل رامز إلى المنزل وتوقف عند الباب قليلاً، كان حلاً جيداً ألا يعود إلى القصر الآن، لقد شعر فجأة بأنه حانق للغاية حتى أنه فكر في الانتقال للعيش مع أخيه في المزرعة بدلاً من الاحتكاك بوالده مجدداً.
خلع حذائه عند الباب ثم توجه إلى غرفتهما، وعندما دخل، أغلق الباب خلفه في هدوء لئلا تستيقظ، خلع سترته وقميصه وتمدد إلى جوارها في هدوء واقترب منها قليلاً وأمسك بخصلات قليلة من شعرها الأحمر الطويل وأخذ يلفها حول إصبعه في شرود حتى غط في نوم عميق.
وفي الصباح، استيقظت نانسي من نومها، وعندما فتحت عينيها وجدته إلى جوارها، ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهها، لقد كان محقاً، ستستيقظ لتجده إلى جوارها في أي وقت.
اقتربت منه وقبّلت وجنته في سعادة فلف ذراعه حولها وأسند رأسها إلى ذراعه الأخرى وضمها إليه وقال دون أن يفتح عينيه"
- نامـي!

"ضحكت قائلة"
- حاضر

"ثم أغمضت عينيها مرة أخرى ونامت والبسمة الواسعة لا تزال على شفتيها لوجوده بالقرب منها.
مرت ساعات أخرى حتى استيقظا وأعدت نانسي طعاماً خفيفاً لأجله ووضعته في الحديقة الصغيرة للمنزل.
جلس رامز ثم أجلسها فوق ركبتيه وأخذ هو يطعمها بنفسه كطفلة صغيرة، كان يبدو هادئاً فسألته وهي تمسح بيدها على شعره"
- رامز! أنت كويس؟

"نظر لها بابتسامة"
- هو في إيه؟

"نظرت إليه بعدم فهم فاتبع"
- أصل ندى شافتني امبارح وسألتني نفس السؤال، هو سكوتي مقلق للدرجة دي؟

"شعرت بالحزن لذكره ندى أمامها لكنها لم تظهر ذلك وقالت"
- مش سكوتك، بس أنا بحس بيك، وعارفة إنك متضايق

"ثم صمتت مترددة قبل أن تقول"
- لو ماكنتش متضايق ماكنتش هتيجي بسرعة هنا

"نظر لها وقد فهم قصدها فقال مشدداً على كلماته"
- أنا باجي عشان برتاح هنا يا نانسي! مش عشان متضايق، فاهمة؟

"ظلت صامتة فاتبع وهو يمسح بيده على ظهرها"
-من فضلك بلاش التفكير ده، أنا محتاج حد يفهمني من غير ما اضطر أشرح وأبرر أي حاجة

"ردت قائلة في حنان"
- فاهماك، أنا ماعنديش أهم منك عشان افهمه وأحس به، عشان كده عارفة إنك متضايق

"صمت قبل أن يزفر في ضيق قائلاً"
- امبارح كانت أول مرة اتكلم مع بابا بصراحة، قلتله كل حاجة جوايا

"سألته في هدوء"
- وهو قال إيه؟

"ابتسم قائلاً"
- ماقالش حاجة، أو أنا ماديتلوش فرصة يقول حاجة، مافيش حاجة هتتغير، أنا بس حبيت أقول اللي جوايا وخلاص

"قالت في حزن"
- بس هو بيحبك

"ابتسم في حزن قائلاً"
- طول ما أنا بسمع كلامه بس

"ظلت صامتة في حزن فاتبع بعد أن ضمها إليه"
- مش مهم، المهم إن أنتِ بتحبيني

"تمسكت به قائلة"
- بحبك اوي

"ابتسم ثم وضع يده على بطنها وقال متحدثاً عن الصغير بالداخل"
- أنا هعمل عشانه حاجات كتير اوي، مستحيل يكون زيي، هقدمله كل حاجة أنا اتحرمت منها

"ابتسمت في حنان قائلة"
- ربنا يخليك لينا يا حبيبي!

"نظر في ساعته ثم قال"
- أنا لازم امشي، عندي اجتماع مهم

"قالت في لهفة"
- أنا مالحقتش اقعد معاك

"ابتسم قائلاً"
- هرجعلك تاني، وهعزمك عالعشا برة

"ثم غمز لها قائلاً"
- يعني اجهزي

"ضحكت ضحكة ناعمة فقبّل وجنتها قبل أن يرحل قائلاً"
- سلام يا حبيبتي!

"وعندما ذهب، جلست في مكانها وعلى وجهها ابتسامة بلهاء من شدة السعادة ثم قفزت من مكانها وركضت إلى الداخل لتستعد."

.....

"ذهب رامز إلى الشركة وأنهى ما لديه من اجتماعات وأعمال وأوراق بحاجة إلى توقيع،
لم يرَ والده قط، ولم يرسل والده بطلبه ليسأله أين قضى ليلة أمس، ربما قد وقع الخصام بهذه الطريقة، لا بأس... لم يكن هناك حديثاً لينقطع من الأساس.
خرج من الشركة دون أن يذهب إلى رامـي أو أن يرى ندى، كان يفكر في سهرته مع نانسي التي ينوي أن يجعلها فريدة.
حسناً... إن نانسي تجعل كل شيء فريد دون أدنى محاولة منه، فماذا إن حاول؟
ابتسم متشوقاً لميعادهما ثم ذهب إلى أحد أكبر محلات المجوهرات واختار طوقاً رقيقاً من الماس لأجلها، قرر أن ما لن يستطيع تقديمه لها سيعوضها عنه بالهدايا والكثير من السهرات التي لا تُنسى.
وعندما وصل إلى المنزل، كان المساء قد حل، فتح الباب ثم دخل، وعندما لم يجدها بالخارج، توجه ناحية الغرفة وطرق الباب ليصله صوتها الناعم قائلاً"
- ادخل!

"وعندما دخل، اتسعت عيناه من ذهول ما رأى. كانت قد استعدت لتلك السهرة وارتدت أبهى ثيابها فاختارت ثوباً بلون النبيذ الأحمر ضيقاً يصل بالكاد إلى ركبتيها بدون حمالات، وتركت شعرها الطويل منسدلاً دون قيود على أكتافها وظهرها، وترتدي حذاءاً بنفس اللون ذا كعب عالٍ ورفيع، وصبغت شفاهها باللون الأحمر وزينت عينيها بالكحل الأسود فبرز جمالهما.
اقترب ناحيتها في خطوات ثابتة حتى أصبح أمامها، نظر في عينيها للحظات حتى قال"
- تجنني

"ابتسمت ابتسامة ساحرة فقال بعد أن طالع ثوبها مرة أخرى"
- الفستان ده...

"ثم صمت، قالت في توتر"
- وحش؟

"نظر لها ثم قال باقتضاب"
- مافيش حاجة عليكي وحشة

"عادت لتبتسم ثانية فاتبع"
- بس كده هتلفتي نظر الناس كلها مش أنا بس

"قالت في حزن"
- أنا لبسته عشان عارفة إنك بتحب الفستان ده

"صمت يفكر ثم قال"
- الفستان ده مش ضيق بالنسبة للحمل؟

"ردت قائلة"
- لا خالص، مريحني أوي

"نظر لها ثم سألها"
- مريحك؟

"اومأت برأسها فاتبع وهو يحك ذقنه بأنامله"
- كده هنغير الخطة

"قالت مستفهمة"
- مش هنخرج؟

"رد قائلاً"
- هنخرج، بس مش هنا

"نظرت له دون فهم فأمسك بيدها وقادها ناحية المرآة وقال"
- غمضي عينيكي

"أغمضت عينيها وارتسمت ابتسامة هادئة على وجهها لشعورها بملمس أصابعه حول عنقها حتى سمعت صوته يقول"
- افتحي عينك يا حلوة!

"فتحت عينيها فوجدت طوقاً رقيقاً وأنيقاً للغاية تتوسطه ماسة جميلة، تلمستها في سعادة وقالت"
- حلو اوي

"ابتسم ثم احتضنها من الخلف فاتبعت"
- بس... ده كتير اوي

"عقد حاجبيه قائلاً"
- كتير إيه؟! أنتِ مراتي وده حقك واللي يليق بيكي يا نانسي!

"دمعت عيناها رغماً عنها، لو كان جاء أحدهم وأخبرها أن حياة فتاة الليل التي كانت تنعت نفسها بالرخيصة والمنفرة ستتغير تماماَ لتتزوج من رجل مثله يمطرها بالهدايا الثمينة والألعاب الطفولية واللحظات الرائعة لكانت نعتته بالجنون.
وها هي الآن تعيش حلماً مستحيلاً وتجرب وقع كلمة لم تكن تحلم بها حتى... إنها زوجته، وتلك هي أكبر هدية قد منحها إياها.
سمعت صوته يقول في ضيق وهو يديرها لتواجهه فيرى وجهها ويمسح تلك الدمعة الهاربة من عينيها بحرص حتى لا تتأثر زينتها"
- أنا لو بعذبك مش هتعيطي كده، أنتِ بتجيبي دموع لكل ده منين يا مفترية؟

"ارتسمت البسمة على وجهها ونظرت في عينيه قائلة"
- أنت كتير عليا اوي

"ابتسم قائلاً بعد أن احتضنها"
- مش كتير ولا حاجة، اتأكدي إنك قدمتيلي حاجات كتير أكبر من كل اللي أنا قدمتهولك.

"ابتسمت دون رد ففاجأها بأن حملها وركض بها خارج الغرفة وهو يقول"
- كنتي هتنسيني السهرة، يلا بسرعة ورانا حاجات كتير

"خرج بها إلى حيث السيارة ثم وضعها بالداخل وأغلق الباب ثم جلس هو الآخر في مقعده وانطلق بالسيارة بسرعته المجنونة وابتعد عن المدينة بالكامل.
لاحظت نانسي ابتعادهما فقالت"
- احنا رايحين فين؟

"قال في حماس"
- الفيلا بتاعتي في الساحل

"نظرت له في دهشة فاتبع"
- أنا وعدتك هنتعشى برة، وفي نفس الوقت مش هينفع حد يشوفك بالفستان ده غيري أنا والبحر اللي احنا رايحينه

"قالت بسرعة"
- أيوة بس أنا ماجهزتش وماعيش حاجة ألبسها هناك

"نظر لها بنصف عين ثم قال في مكر"
- ماتجبرينيش ابقى قليل الأدب يا نانسي

"فهمت مقصده فاحمر وجهها وانكمشت في مكانها فضحك بشدة، ولم تمر ساعة حتى وصلا إلى هناك.
شعرت نانسي براحة كبيرة عندما شمّت نسيم البحر، وعندما نزلا من السيارة، نظرت إلى رامز في سعادة وقالت"
- البحر يجنن، ينفع نتعشى عند الشط؟

"ابتسم قائلاً"
- طبعاً، أنتِ تؤمري يا حلوة!

"وفي خلال ساعة واحدة، كانت طاولة العشاء قد تم تحضيرها وفوقها ألذ الطعام.
كانت نانسي مبهورة للغاية بكل ما يحدث وتشعر أنها في حلم جميل، وعندما أصبح كل شيء جاهزاً، جلسا سوياً لتناول الطعام.
لم تستطع التركيز في الطعام بسبب كثرة الضحك من مزاح رامز وكلماته الضاحكة، إنه يملك روحاً مرحة تطغى على كل ما حولها، تجعلها لا تهتم لشيء سوى الاستماع إليه، وعندما انتهيا من الطعام، قاما للرقص على أنغام موسيقى البحر فقط، وأثناء الرقص، ابتسمت نانسي ضاحكة ثم قالت"
- معقول بنرقص من غير موسيقى؟

"ابتسم قائلاً"
- مين قال مافيش موسيقى؟ البحر له موسيقى كمان

"ثم ضمها إليه أثناء الرقص وهمس جوار أذنها"
- غمضي عينك وركزي مع صوت الموج بس

"فعلت تماماً كما قال، وبدأت تستشعر نغمة في صوت الأمواج، ليس فقط الأمواج بل صوت الهواء أيضاً، والأهم... صوته هو، مزيج غريب خلق مقطوعة موسيقية رائعة في رأسها لن تنساها أبداً.
مرت دقائق طويلة على هذا الوضع حتى قال ممازحاً إياها"
- اوعي تكوني نمتي

"ضحكت في هدوء قائلة"
- لا صاحية

"نظر لها بابتسامة عابثة قائلاً"
- كفاية رقص؟

"اومأت برأسها ثم ضحكت فحملها وترك الشاطئ متوجهاً إلى الداخل بسرعة."

****
"في اليوم التالي، وأثناء كان رامـي يسير في الشركة عائداً إلى مكتبه بعد إنهاء أحد اجتماعاته، وجد شمس تركض في إحدى طرقات الشركة باكية.
تعجب كثيراً من رؤيتها بهذا الشكل ثم توقف أمامها ونظر لها نظرة متسائلة فقالت بصوت باكٍ"
- ماما! ماما في المستشفى يا رامـي!

"توجه معها ناحية المصعد لينزلا سوياً إلى الجراج ليتوجه بها ناحية سيارته ويذهبا إلى عنوان المشفى الذي أخبرته به، وفي غضون دقائق قليلة كانا قد وصلا. ركضت شمس ناحية الاستقبال وسألت الموظفة"
- سمية... سمية حسين

"أجابتها الموظفة سريعاً"
- الدور التاني في العناية المركزة

"ركضت شمس على درجات السلم ومن خلفها رامـي حتى وصلا إلى الطابق المقصود فتقدمت ناحية الزجاج ونظرت ناحية والدتها النائمة بين الأجهزة ومعها الطبيب والممرضات، وعندما خرج الطبيب من الغرفة، تقدمت ناحيته شمس وقالت بصوت باكٍ"
- عاملة إيه يا دكتور؟ أنا شمس بنتها

"رد الطبيب قائلاً"
- كانت أزمة قلبية مفاجأة والحمد لله أنقذناها، لازم تفضل في العناية الليلة دي لغاية ما حالتها تستقر، عن إذنكم

"عادت دموعها تنهمر ثانية والتفتت إلى رامـي الواقف خلفها لتجد نفسها تستند إلى صدره وتبكي.
شعر بأن أطرافه قد تجمدت فجأة مما فعلت، شعر بأشياء كثيرة في وقت واحد لم يستطع تحديد أيٍ منها.
أول مرة انتفض للمستها والآن هي مستندة إلى صدره بكامل ضعفها، ولكن رغم كل شيء، شعر برغبة عارمة في طمأنتها فرفع ذراعيه تدريجياً حتى أحاطها بهما في هدوء وضمّها إليه ضمة خفيفة كي تهدأ.
لحظات مرت بكليهما لم يقطعها سوى صوت كمال، ابن عمها الوحيد"
- شمس!

****

"شعرت بطمأنينة وأمان عندما استندت إليه وطوقها بذراعيه، سنوات تقف بمفردها في مواجهة الجميع، لا يوجد من يقف إلى جوارها، من يعينها على كل ما تواجهه.
وعندما كان هو إلى جوارها، شعرت بالراحة التي أخبرتها أنها ليست بمفردها، وأن كل شيء سيكون على ما يرام.
ولكن في غمرة ارتياحها ذاك، أتى صوت ذلك السمج ليبعدها عن راحتها، ابتعدت عن رامـي في هدوء والتفتت إليه وقالت في حنق"
- أنت بتعمل ايه هنا؟

"ابتسم ابتسامة سمجة وهو ينظر إلى رامـي مطالعاً إياه بنظرات سخيفة فبادله رامـي نظراته بأخرى قوية ومستعدة للشجار، عاد لينظر إليها ثم قال"
- المفروض تشكريني، أنا اللي جبت مرات عمي هنا لما تعبت

"اشتعلت نظراتها في غضب وتقدمت ناحيته قائلة"
- يبقى أنت السبب في وجودها هنا دلوقتي، قلتلها إيه يا كمال؟

"قال في برود"
- بقى ده جزائي إني جبتها هنا؟

"رمق رامـي بنظرة أخرى ثم نظر إليها وقال"
- عموماً مايصحش نتكلم في حاجة ادام الغُرب

"ثم ابتسم بوقاحة قائلاً"
- ولا الباشا مش غريب؟

"قالت شمس بنبرة قوية"
- امشي يا كمال، وصدقني لو ماما جرالها حاجة بسببك هيبقى حسابك معايا كبير

"قال بابتسامة استفزازية قبل أن يرحل"
- لما تبقي تخرجي من بيتي ابقي اتكلمي وهدديني، سلام!

"وعندما رحل، جلست شمس على أحد المقاعد المجاورة في غضب ليتقدم رامـي ناحيتها ويجلس إلى جوارها قبل أن يمسك بهاتفه ويكتب"
- مين ده يا شمس؟

"نظرت إليه وقالت في ضيق"
- كمال ابن عمي

"شعر من تعبير وجهها ومن هيئة ابن عمها السمجة أنهما ليسا على وفاق، كتب"
- واضح إن في بينكم مشكلة، أقدر اعرف إيه هي؟

"ظلت صامتة فاتبع كاتباً بسرعة"
- أنا عاوز اساعدك، قوليلي لو في أي حاجة أنا ممكن اتصرف

"هل تخبره أن وجوده الآن هو أكبر مساعدة ممكنة؟ قالت في هدوء"
- ماتقلقش، كل حاجة كويسة

"لم يصدقها، إن الغضب الذي تلبَّسها يوحي بمدى كرهها له، ولكنه لم يشأ أن يضغط عليها، نظرت إليه ثم قالت بابتسامة هادئة"
- شكراً يا رامـي!

"ابتسم لها ثم كتب"
- أنا ماعملتش حاجة، إن شاء الله تبقى كويسة

.....

"عاد رامز من سفرته القصيرة وأوصل نانسي إلى منزلها ثم ذهب إلى حيث العنوان الذي أعطاه إياه والده.
إنها منطقة بعيدة نسبياً، صف سيارته، ولكنه لم ينزل منها بل جلس في مكانه يشعر بتوتر غريب، أو ليس من المفترض أن يكون فرِحاً؟ ما الذي أصابه الآن؟
أخذ يتأمل المنزل من الخارج، كان منزلاً متوسطاً وله حديقة صغيرة جميلة مليئة بالأزهار، إنها تشبه ركناً في حديقة قصرهم مليء بنفس تلك الأزهار، وكانت والدته تسقيها كل صباح وتعتني بها، وكان أحياناً يسقيها معها ثم يحفر حفراً صغيرة لوضع بذور المزيد من الأزهار.
ابتسم لتلك الذكرى الجميلة ودب فيه الحماس من جديد لكي ينزل أخيراً من السيارة، وبالفعل نزل وتقدَّم ناحية البوابة الصغيرة للمنزل ففتحها ثم سار ناحية الباب ليتوقف أمامه للحظات ماداً يده ناحية الجرس في تردد حتى ضغط عليه في النهاية.
مرت دقيقة كانت قاتلة بالنسبة إليه وقد ظن أنها ليست هنا حتى فُتِح الباب أخيراً."

****

"منذ زيارة سليم لها وهي في حالة مربكة لا تستطيع تحديدها، مشاعر متضاربة تعيشها تتعلق بابنيها.
كانت تشعر بالحزن لفراقهما، والفرح والشوق لرؤيتهما، والغضب الشديد لما أحدثه الفراق بهما خاصة بـ رامـي الذي تأذى كثيراً بكل ما حدث.
وحالة من التوتر تنتابها عندما تفكر في رامز الذي تركته وهو غاضب منها يحملها مسئولية كل شيء ويراها هي الخائنة، هل لا يزال كما هو؟
وأثناء ما كانت في مطبخها تعد بعض المخبوزات الشهية، سمعت جرس الباب، خلعت مريلة المطبخ ثم غسلت يدها وتوجهت ناحية الباب وفتحته لتجد رجلاً شاباً أمامها.
مرت لحظات لم تدرِ كيف لم تتحدث فيها ولكنها تطلعت إليه قليلاً... كان يرتدي بدلة رمادية أنيقة الشكل وكانت ملامحه وسيمة ومألوفة بالنسبة لها.
كان ينظر لها نظرة مرتبكة ومذهولة، كان صامتاً يتأمل في داخله أن تعرفه وحدها، ونظرة واحدة منها إلى عينيه الخضراء التي تشبه عينيها جعلتها تهمس في ذهول"
- رامز!

"اومأ برأسه في هدوء ولمعت عينيه بالدموع حتى همس هو الآخر بصوت منخنق"
- وحشتيني يا ماما!

"فتحت له ذراعيها فدخل بسرعة إليها لتحتضنه بشدة وتنهمر دموعها قائلة"
- مش مصدقة إنك ادامي، وحشتني اوي

"لم يعرف كيف أو متى انهمرت دموعه هو الآخر، ولكنه شعر بالراحة أخيراً. لقد أمضى سنوات وهو يحيا حياة شخص آخر غير نفسه الحقيقية كي يهرب من حقيقة احتياجه، لطالما كان يقنع نفسه بالأفكار التي زرعها والده في رأسه منذ طفولته حتى يتناسى اشتياقه لها.
والآن، لقد انتهى كل ذلك، إنها هنا تحيطه بذراعيها... لقد وجدها، قال"
- حضرتك كمان وحشتيني اوي!

"نظرت إليه في فرح وشوق ثم مدت يدها ومسحت دمعاته الهاربة بابتسامة مشتاقة ثم أمسكت بيده وقالت"
- تعالى!

"قادته ناحية الأريكة الواسعة في غرفة المعيشة وجلسا عليها، نظرت إليه تتأمل ملامح وجهه التي تغيرت قليلاً، قالت في حنان"
- كتكوتي الأصفر كبر

"ضحك في هدوء وقد تذكر ذلك اللقب الذي كانت تدعوه به في طفولته بسبب عشقه للون الأصفر فقد كانت ملابسه كلها بذلك اللون.
ولكن تأثره بتلك اللحظات لم يمنعه عن روحه المرحة فقال في هدوء بابتسامة ممازحة"
- كبر... بقى فرخة

"ضحكت هي الأخرى ثم قالت"
- بقيت زي القمر

"ابتسم فنظرت إليه قبل أن تقول"
- لسة زعلان مني يا رامز؟

"أمسك بكلتا يديها ثم هز رأسه في نفي وقال في هدوء"
- مش زعلان

"ثم قال في حزن"
- أنا آسف، آسف إني صدقت كل اللي قاله زمان وبعدت عنك

"مدت يدها ناحية رأسه وأخذت تمسح بيدها فوق شعره فاتبع في حزن"
- ماتزعليش مني يا ماما

"عادت لتضمه إليها مجدداً وقالت بابتسامة حنونة"
- أنا مستحيل ازعل من كتكوتي الأصفر أبداً، كفاية إني شفتك دلوقتي وبس، مايهمنيش اللي فات كان إيه

"ادخلت كلماتها الرقيقة وصوتها الحنون الراحة إلى قلبه المتعب، نظر لها فقالت"
- هو رامـي ماجاش معاك ليه؟

"ابتسم في هدوء قائلاً"
- هو حب إني آجي لوحدي الأول عشان اقعد معاكي براحتي، وهو هييجي من بعدي

"ابتسمت قائلة"
- أنت محظوظ، أنا كنت عاملة البسكوت اللي بتحبه، فاكره؟؟

"لمعت عيناه في سعادة قائلاً"
- وحشني اوي

"قامت من مكانها وقالت في حماس"
- حالاً ويكون جاهز

"ولم تمر دقائق حتى أعدت الشاي وأحضرت طبقاً كبيراً من البسكويت الشهي، وعندما جاءت، كان رامز يتأمل البيت من حوله ويتأمل إطارات الصور الصغيرة الموضوعة على الطاولة أمامه، والتي تجمعهم سوياً.
جلست إلى جواره بعد أن وضعت الصينية على الطاولة، قال بابتسامة غامضة"
- كنا عيلة حلوة اوي

"ارتسمت ابتسامة حزينة على وجهها وقالت"
- معاك حق... كنا


"نظر لها ثم سأل"
- كنتي فين السنين دي كلها يا ماما؟

"أجابته قائلة"
- كنت برة مصر... كل اللي حصل لسنين بعد طلاقي من سليم أثر على بابا بشكل كبير خصوصاً مع إحساسه بالعجز إنه مش قادر يساعدني... ومع السن، زاد التعب والمرض، واضطرينا نسيب مصر من عشر سنين ونسافر برة عشان يتعالج...

"ثم اتبعت"
- السنين عدت وأنا شايفة تعبه بيزيد كل يوم عن اللي قبله وأنا زيه... حاسة بالعجز ومش قادرة اعمله حاجة لغاية ما مات من سنة واحدة بس

"ثم دمعت عيناها رغماً عنها لتكمل"
- ساعتها حسيت وكأن كل الوجع اللي جوايا صحي فجأة وبقى أعنف بكتير. طول السنين اللي فاتت كنت بحاول أكون قوية قصاده عشان مايحسش بحاجة، ولما مات حسيت إن كل حاجة زي ما تكون حاصلة امبارح بس. اخدت وقت لغاية ما قررت أرجع، وفعلاً جيت هنا من شهور قليلة واشتريت البيت ده. قررت كمان إن كل اللي بيحصل ده لازم ينتهي... لازم اشوفكم، أنت ورامي الحاجة الوحيدة اللي مخلياني لسة عايشة لغاية دلوقتي.

"ثم ختمت حديثها بابتسامة هادئة رغم حزنها قائلة"
- بس سليم سبقني وجالي عشان يقولي إنه هيخليني اشوفكم، واديك ادامي اهو

"همس في غضب"
- أناني

"أمسكت يده ثم قالت في حنان"
- رامز يا حبيبي! اللي حصل حصل خلاص، وصدقني أنا مش عايزة أي حاجة من الدنيا دلوقتي غير إني أشوفك أنت وأخوك ادام عينيا وأحاول اعوض كل الوقت اللي عدى وانتو بعيد عني

"رد رامز قائلاً"
- البيت من غيرك بقى لا يطاق، أنا ورامـي كنا بنهرب منه ونقعد في بيت المزرعة، حتى رامـي دلوقتي عايش هناك

"قالت متسائلة"
- وعمتكم سناء؟ سليم قالي إنها كانت بتهتم بيكم

"ابتسم رامز في حزن قائلاً"
- اهتمت فعلاً واستحملتنا كتير، بس ماحدش يقدر ياخد مكانك

"بدى الحزن على وجهها قاتبع"
- بس لما سافرت أنا ورامـي نكمل تعليمنا برة هي رجعت عالفيوم

"ثم صمت للحظات قبل أن يقول"
- وبابا اتجوز اكتر من مرة

"ثم اتبع في ضيق"
- ودلوقتي متجوز واحدة أصغر مني أنا ورامـي... سالي.

"كانت جملته الأخيرة كالسكين طعنت قلبها الذي لم يتوقف نزيفه حتى الآن، لم تستطع الرد أبداً، ولكنها حاولت الحديث قائلاً"
- يمكن... بيحبها

"ابتسم رامز في سخرية ثم قال"
- حب؟! سالي تقضية وقت مش اكتر

"ثم اتبع في ضيق"
- ماعتقدش إن بابا بيعرف يحب

"قالت مؤنبة إياه"
- ده باباك، ماينفعش تتكلم عنه بالطريقة دي

"نظر لها قبل أن يقول في ضيق"
- حضرتك ماتعرفيهوش كويس

"ابتسمت دون رد، لم يكن يعلم أحد حقيقة ودواخل سليم الراوي سواها هي فقط، رغم كل شيء فعله، كانت تعلم حبه جيداً، ولكن قسوته التي طغت على كل شيء حتى عليها هي لم تدع للحب مجالاً ولم تدع أي فرصة للاستمرار.
لقد اضطرها لدفن قلبها بعيداً والمضي محافظة على ما تبقى من مشاعر جميلة كانت بينهما، ومن الواضح أن قسوته التي من المؤكد أنها اشتدت بعد رحيلها قد طغت على ابنيهما أيضاً."

.....

"مرت ساعات عديدة وهو إلى جوارها حتى حل المساء، وجاء الطبيب لفحص والدتها، وعندما خرج، تقدمت شمس ناحيته وسألته في قلق"
- عاملة ايه دلوقتي؟

"ابتسم الطبيب مطمئناً إياها قائلاً"
- بقت احسن، من بكرة نقدر ننقلها على غرفة عادية

"وعندما غادر، نظرت إلى رامـي في سعادة فبادلها الابتسامة ذاتها، قالت شمس بابتسامة هادئة"
- شكراً مرة تانية على كل حاجة يا رامـي! أنا تعبتك معايا اوي النهاردة

"كتب على هاتفه"
- قلتلك أنا ماعملتش حاجة، ماينفعش اسيبك في الظروف دي

"قالت في حرج"
- بس أنا كده أخرتك اوي، وأكيد كان في شغل كتير لازم يخلص

"ابتسم وقد كتب"
- مش مهم الشغل، كل حاجة تخلص بكرة مش مشكلة

"ترددت قبل أن تقول"
- بس أنت اكيد محتاج ترتاح خصوصاً اليومين دول باين إنك تعبان

"ابتسم وقد تذكر ذلك اليوم القريب ثانيةً وكتب"
- خضيتك؟

"ضحكت في حرج قائلة"
- بصراحة آه

"ضحك ضحكة خفيفة فاتبعت"
- أنا اصلي مابحبش اشوف حد بيشوف حلم وحش واسيبه نايم، لازم انقذه

"ابتسم دون رد فشعرت بالخجل، كتب"
- شكراً إنك صحيتيني، كان فعلاً حلم وحش.

"كانت تود أن تسأله عن ذلك الحلم، أو الكابوس، ولكنها امتنعت، وجدته يكتب"
- إيه رأيك ننزل نشرب حاجة تحت؟ مش هنتأخر

"اومأت موافقة، فقد كانت بالفعل في حاجة لشرب القهوة، وبالأسفل جلسا عند إحدى الطاولات ومعهما كوبين من القهوة الساخنة، أخذت شمس رشفة من القهوة وقالت بتلذذ"
- ياااه! اليوم الطويل ده محتاج قهوة بجد


"ابتسم لها ثم كتب"
- أنتِ ماعندكيش اخوات يا شمس؟

"هزت رأسها في نفي قائلة"
- ماما قالتلي زمان إن كان عندي أخت بس ماتت صغيرة اوي وبعدين أنا جيت، الله يسامحها سابتني لوحدي

"ثم نظرت إليه واتبعت"
- حلو إحساس إن يبقى عندك أخ، مش كده؟

"ابتسم ثم كتب"
- بيبقى حلو طبعاً

"ابتسمت قائلة"
- بس أنا مش بحس إنك شبه باشمهندس رامز

"ابتسم لها دون رد لكي تكمل فاتبعت في حرج"
- بحسك أعقل منه

"ضحك منها فاتبعت سريعاً"
- أنا آسفة والله ماقصدش حاجة

"ضحك أكثر ثم كتب"
- أنا عارف، وأنتِ معاكي حق، أنا مابحبش جو السهر زي رامز، بحب أقضي وقتي مع ورد... الخيل بتاعي.

"قالت في سعادة"
- الله! عندك خيل؟

"اومأ برأسه فاتبعت"
- نفسي اركب خيل من زمان، كنت بتخيلني في السباقات وبنط الحواجز كده بمهارة

"ابتسم لها ثم كتب"
- إن شاء الله تحققيها قريب

"ابتسمت في خجل وقد ارتبكت لتلك الجملة البسيطة التي، وإن بدت عادية، ولكنها نسجت لها خيالاً رائعاً في رأسها."

.....

"مرت ليلة كاملة عليهما وهما في المشفى بالقرب من العناية المركزة. من يصدق أنها كانت نائمة على كتفه طوال الليل؟
في يوم واحد جعلته يعيش مشاعر متضاربة صادمة بالنسبة إليه هو الذي أقام سوراً عالياً من حوله لا يصل إليه أحد لتنساب هي من خلاله بمنتهى السهولة دون حتى عناء التسلق، مرت كنسمة هادئة إلى قلبه الذي يعاني في صمت دون شعور أحد.
لم يسعفه النوم في تلك الليلة بقدر ما أسعفها هي التي كانت تنام في راحة كبيرة.
مرت بعض الممرضات في الطابق ليوقظها صوت خطواتهن، انتبهت لرأسها التي كانت مستندة إلى كتفه فرفعتها بسرعة ونظرت إليه في حرج قائلة"
- أنا آسفة، نمت على كتفك من غير ما أحس

"ابتسم لها ثم أمسك بهاتفه ليكتب"
- ولا يهمك، أنتِ كنتي محتاجة ترتاحي

"ابتسمت في خجل ثم قالت"
- صباح الخير!

"ابتسم لها ثم اتبع كاتباً"
- صباح النور! أنا مضطر اروح الشركة دلوقتي، في اجتماع مهم لازم احضره ومحتاج اجهز.

"اومأت متفهمة ثم قالت"
- أكيد طبعاً، وأنا آسفة مرة تانية على تعبك معايا

"ابتسم لها ثم اومأ برأسه واتبع"
- أنتِ اجازة اليومين دول لغاية ما مامتك تبقى أحسن، وأنا هاجي ازورها لما تفوق إن شاء الله

"ابتسمت له في امتنان فاتبع"
- إذا حصل أي حاجة ماتتردديش تبعتيلي رسالة، ماشي؟

"اومأت برأسها بابتسامة امتنان كبيرة فبادلها ابتسامتها وقام من مكانه مودعاً إياها ثم رحل وتركها غارقة في أفكارها.
وكأن كل ما حدث في يوم وليلة كان مقدراً لتختبر جانباً آخراً من علاقتها معه.
لقد شعرت بمشاعر كثيرة إلى جواره في عدة ساعات فقط كان أهمها هو الأمان، كانت لتشعر بالوحشة والضيق إن نامت كالمساكين في طرقة المشفى بمفردها دون أحد جوارها... خاصة هو.
والشعور الثاني هو الراحة، إن وجوده يبعث راحة في نفسها خاصة عندما يتحدث إليها ببساطة ويبتسم بتلك الطريقة المربكة، إنه من القلائل الذين لم تخشَ منهم. نظرته، حتى وإن قست، فلا تُخيف بل تبعث فيها الطمأنينة.
كان هذا شعورها منذ أن رأته أول مرة، شعور يزداد تدريجياً مع كل مقابلة، والبارحة فقط... تضاعف مئات المرات.
لقد رسمت له العديد من اللوحات بينما رسم هو صورته في قلبها منذ اللحظة الأولى."

.....

"ذهب رامـي إلى المزرعة وبدل ثيابه ثم توجه إلى شركته وأنهى ما لديه من أعمال ليتوجه بعد ذلك إلى شركة والده، وعندما وصل إلى مكتبه، استقبلته نهال بابتسامة وأشارت"
- صباح الخير!

"ابتسم رامـي مشيراً"
- صباح الخير يا نهال!

"لاحظت نهال الإرهاق البادي على وجهه فأشارت"
- شكلك مرهق النهاردة

"اومأ برأسه ثم أشار"
- ايوة، مانمتش كويس

"ثم اتبع"
- نهال! الاجتماع هيتأجل اسبوع كده، شمس في اجازة وأول ما ترجع هنعمل الاجتماع

"سألت نهال في قلق"
- حصل معاها حاجة؟

"أشار رامـي مهدئاً إياهاً"
- ماتقلقيش هي كويسة، مامتها تعبانة شوية بس

"هزت رأسها متفهمة ثم اتبعت"
- رامز مستنيك جوة في المكتب بقاله شوية

"رد مشيراً"
- تمام، اعمليلنا قهوة يا نهال

"ابتسمت مشيرة"
- حالاً

"دخل رامـي إلى المكتب فوجد رامز يجلس على الأريكة واضعاً ساقاً فوق أخرى على الطاولة فتوجه ناحيته وأشار في ضيق"
- يابني أنت فاكر نفسك في اوضتك؟!

"ابتسم رامز مشيراً"
- صباح النور والله

"أشار رامـي غير ملتفتاً"
- شكلك رايق النهاردة

"أشار رامز وقد لاحظ حالته"
- وأنت شكلك مش طايق نفسك

"كان رامـي ممسكاً رأسه بيده قبل أن يشير"
- عندي صداع رهيب، مانمتش طول الليل

"ابتسم رامز بعبثه مشيراً"
- إيه اللي كان مسهرك يا شقي؟

"وكزه رامـي مشيراً"
- احترم نفسك، هو أنت تعرف عني كده؟

"ضحك رامز مشيراً"
- وماتبقاش كده ليه؟ ده احنا عيلة ما يعلم بيها إلا ربنا

"ضحك رامـي من جملته وشعر بصدقها، إنهم عائلة غريبة بالفعل، قطع حديثهما دخول نهال بفنجاني القهوة، أخذ رامز منها رشفة ثم قال"
- تسلم إيدك يا نهال! ماتعرفيش واحدة شاطرة في القهوة زيك كده اتجوزها؟

"قالت نهال بابتسامة"
- لا ماعرفش

"قال ممازحاً إياها"
- طب لسة مش قادرة تقتنعي بيّ كعريس؟

"ضحكت نهال قائلة"
- وطابور المعجبات تعمل فيه إيه؟ دول يقتلوك

"رد بغرور"
- معاكي حق، ماقدرش اسيب معجباتي

"ثم اتبع في حزن"
- مضطر اضحي بسعادتي عشان خاطرهم

"قالت نهال بتأثر مصطنع"
- يا حرام، مسكين!

"اومأ برأسه وداعة فنظرت هي إلى رامـي وقالت"
- أنا همشي قبل ما ارتكب جريمة

"رمقها رامز بنظرة مخيفة فركضت من أمامه وخرجت من المكتب سريعاً، عندها نظر إلى رامـي وقال"
- أنا شفت ماما امبارح

"تسارعت دقات قلب رامـي ليسأله"
- عاملة ايه؟

"ابتسم رامز مشيراً"
- ماتغيرتش أبداً عن زمان، كأنها سابتنا امبارح، اتكلمنا كتير اوي وكانت عاملة البسكوت اللي كنا بنحبه، فاكره؟

"ارتسمت ابتسامة على وجه رامـي لتلك الذكريات ثم اومأ برأسه إيجاباً، فاتبع رامز"
- وسألت عنك، ومستنياك

"ظل رامـي صامتاً للحظات قبل أن يشير"
- هروحلها بكرة

***
انتهى الفصل


روايات نور محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس