عرض مشاركة واحدة
قديم 31-05-22, 07:54 PM   #32

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني

رغم أن الضرب الذي انهال به جون عليها لم يكن أول مرة، إلا أنه ترك آثارا غائرة في نفسها، ووجدت نفسها تحزم حقيبتها وتغادر المنزل فجرا مقررة أن تستقل بحياتها عنهم لعلها تشعر بحقوقها كإنسانيتها وكيانها، وتعيش حياة لا يمتهن فيها أحد كرامتها..
استقلت أوركيد الحافلة واستقرت بجانبها كل حقائبها التي حزمتها، كانت مضطرة أن ترحل من المنزل رغم أنها لم تكن تعرف إلى أين ستذهب وكيف ستدبر أمورها، لكنها عرفت بأن هناك في داخلها شيء قد كسر وللأبد!
==========================
في ولاية وايومنغ.. في إقليم الجبال من غرب الولايات المتحدة حيث تغطي سلاسل الجبال والمراعي ثلثي مساحتها.. تقدمت هناك للعمل في إحدى المزارع المستقرة فوق تل بطيء الانحدار، وتكفل لها أحد الذين تعرفهم نزلا يبعد عن المزرعة مسافة شاسعة ولكنه بإجار بخس يمكنها النوم فيه ووضع أغراضها..
كانت قد انتهت من نقل عربات التبن لصغار الحيوانات عندما بدأت تطعم الدجاجات وتضحك ببراءة لأصواتهم وركضهم حولها.. أخذت نفسا عميقا ثم استندت إلى عامود خشبي، ورغم التعب الذي كان يستبد بها، إلا أنها لم تشعر بمثل هذه الراحة أو السعادة منذ زمن طويل.. عندما انتهى وقت عملها غطت شعرها المترامي بجديلة كثيفة بقبعة رعاة بقر سوداء، زررت معطفها ووضعت حمالة الحقيبة على كتفها ثم اندفعت للخارج.. لاحظت اكفهرار السماء وانقلابها إلى لون رمادي قاتم وطقس ينذر بدنو عاصفة ثلجية، فرجّت حقا أن تصل إلى النزل في البلدة قبل سقوط الثلج..
انتشلت من جيبها ساعتها القديمة وتفحصتها مجددا مستغربة من عدم مرور الحافة خاصة وقد فات الكثير من الوقت على موعدها..
أصبح للريح أنين عالي الصوت، وحتى أن المظلة فوقها كانت في حركة دائمة وهي تخفق بشدة للخلف والى الأمام حتى كسر أحد أعمدتها الساندة بفرقعة حادة وتطاير بعيدا لتنفلت منها شهقة خوف..
جاءها صوت تساؤل صاحب المزرعة باهتمام قلق
((لماذا لم تصعدي للحافلة يا انسة مولر؟))
هزت له رأسها نافية وهي تمسح كفيها ببنطلونها الجينز فتابع محذرا
((يبدو إنها فاتكك.. يمكنك المكوث هنا الليلة لان النزل الذي تمكثين فيه أمامه مسيرة طويلة سيرا على الأقدام وهناك عاصفة ثلجية سيئة قادمة إذا صدقت تقديرات الأخبار الجوية))
ابتسمت بتهذيب وقالت كاذبة حتى لا يعتريه القلق عليها
((لا تقلق، هناك أحد ينتظرني في منتصف الطريق ليوصلني إلى النزل))
اطمأن صاحب المزرعة لكلماتها ووقف يراقبها تغادر حتى اختفت من فوق قمة التل..
بقيت أوركيد تسير برفقة عويل الريح وهي تنفث سحبا رمادية عاصفة عبر السماء.. يبدو أن العاصفة الليلة ستكون سيئة بحق..
في منتصف الطريق وصلت إلى أحد المقاهي الذي رأت فيه ملاذا حتى انتهاء العاصفة.. لكن بعد مدة وجيزة تهادى إلى سمعها صوت صاحب المقهى الخالي من أحد غيرها يتمتم بسباب منخفض مع هبوب ريح قوية راحت تضرب النوافذ الأمامية.. ففهمت بأنه يطلب منها ضمنيا المغادرة حتى يتمكن من إقفال المقهى.. خاصة وقد قال فعلا
((لن أستطيع الليلة ان أبقى المقهى مفتوحا بسبب العاصفة))
هبت واقفة تغادر بصمت، ثم أمسكت حقيبتها بيد واحدة وبالأخرى كانت تشد قبعتها فوق رأسها اتقاء للرياح، لا شك أن الثلج سيتساقط مع حلول الظلام.. لو كانت تعرف بأن هذا المقهى لن يظل مفتوحا خلال الليل لكانت أكملت الطريق وحيدة بدلا من تضيع الوقت هنا.. لكن ما زاد الأمر سوءً أن الأجواء الان بدأت تشهد سحب رعدية ممطرة مصاحبة للريح الشديدة التي تشهدها المقاطعة منذ المساء.. فنظرت له بعيون متوسلة هادرة
((لن أستطيع المغادرة بهذه الأجواء، ارجوك اسمح لي بالبقاء))
رد عليها بصوت رخيم
((لا تقلقي ستمر الان أكثر من شاحنة.. قفي بالخارج، ولن اقفل المقهى قبل مغادرتك))
تهدلت كتفيها ثم وقفت أمام المقهى متأملة قدوم صاحب شاحنة طيب.. ولم يمر الكثير قبل ان يتناهى الى اذنها هدير شاحنة تتقدم منها.. ها قد جاء الخلاص.. توقف صاحب المركبة الذي كان عجوزا ومن تلقاء نفسه عرض عليها أن يوصلها لمقصدها.. في البداية ترددت لأن المركبة كانت فارغة من أي حاجيات أو ماشية، لكن بإعادة النظر لسنه الكبير، ومظهره الوقور، والجو العاصف الذي قد يقتلعها هي نفسها من جذورها لو بقيت مكانها قررت قبول دعوته، فاستقلت الشاحنة متمتمه بعبارات الشكر تثمينا لعرفانه..
طال سير مركبة السائق إلى بغيتها ومر بطرق كثيرة لم تتعرف عليها فبدأت تتسرب الريبة لها واستفحل قلقها.. طلبت منه أن ينزلها على الطريق لكنه تجاهل طلبها وقال
((العاصفة ستبدأ، ستخاطرين بحياتك))
صرخت به بعلو صوتها
((قلت لك أنزلني وحسب))
لكنه استمر في تجاهل إلحاحها مِمَّا جعلها تحاول فتح باب المركبة أثناء قيادتها هاتفة
((إذا لم توقف المركبة سأرمي نفسي للخارج))
كانت قد فتحت باب المركبة فعلا وبدأت الريح تصفع أجسادهما فأوقف المحرك فجأة وباغتها يمسك ذراعها قبل أن تتمكن من الخروج كليا والهروب.. بدأت تصرخ عاليا محاولة الإفلات من بين قبضتيه القويتين المناقضتين لمظهره الكهل لكنه بحركة خاطفة انتشل سلاح من حزامه وصوبه نحو رأسها مهددا إياها
((أي حركة أخرى سأفرغ هذا السلاح في رأسك الصغير))
ازدردت أوركيد ريقها بصعوبة وأنفاسها تتصاعد ثم استسلمت له لتفاجئ به يكممها بمنديل مخدر أفقدها الوعي!
==========================
انتهى الفصل.



التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 31-05-22 الساعة 10:22 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس