عرض مشاركة واحدة
قديم 14-06-22, 08:29 PM   #51

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الرابع

داخل إحدى الحظائر جلس كاميرون متكاسلا بعد أن أرخى إحدى ذراعيه على مؤخرة الكرسي المجاور يراقب أوركيد تنظف إحدى الجياد بمهارة وخبرة.. قبل أسابيع كان يُلزمها بصرامة البقاء داخل المنزل ويمنعها من الاختلاط بغير زوجته ومدبرة المنزل ومساعده دومينك، إلا أنه في إحدى الليالي المطرية احتاج لإحضار جهاز تحكم حراري لإصلاح المرجل في إحدى الحظائر متدنية الحرارة، ولأنه لم يكن يتواجد أي من عمال المزرعة داخلها، عرضت عليه أوركيد مساعدته فاضطر مرغما الإذعان لإلحاحها بمرافقته، وساعدته بالتفتيش بين قطع الغيار التي يحتفظ بها على ما يحتاجه وإصلاح الجهاز.. قبل أن تدنو من إحدى العجول وتداعبها، ومن هنا بدأت تفاجئه بمهارتها في التعامل مع الحيوانات وما تمتلكه من خبرة وفيرة في التعامل مع واجبات المزرعة ومهامها.. بل وقالتها صراحة له أنها مستعدة أن تنظف الإسطبلات عدة مرات في اليوم على البقاء داخل المنزل مع مدبرة منزله الفظة وزوجته المتسلطة.. ومن وقتها سمح لها بالخروج من المنزل ومساعدة العمال في المزرعة مع تهديد صريح بإنزال اقصى درجات العقاب عليها لو فكرت ولو مجرد تفكي بإخبارهم حقيقة خطفها.. عودة للواقع أحست أوركيد بعينيه تلاحقان كل حركة منها فأدخلت الجواد بعد أن أنهت تنظفيه ثم أسندت ظهرها إلى السياج وهي تمسك الأكاليل التي صنعتها.. فاخذ كاميرون رشفة متكاسلة من قهوته ثم تشدق ((أرى أنه قد أعجبك العمل في مزرعتي ولم تعودي تريدين الرحيل من هنا)) دنت منه مقتربة وقالت ببرود ((نعم العمل هنا أقل سوءا من العمل لدى زوجتك المتعجرفة، ولكن ستبقى حريتي هي مطلبي الرئيسي.. بالمناسبة أعتقد أنه من الأفضل أن أنقل أغراضي إلى تلك الغرفة في نهاية سقيفة نوم العمال لأني لم اعد أحب المكوث معظم أيامي في القبو)) وقبل أن تستدير صدح صوته رافضا ((لن اسمح لك بالمبيت هناك مع عمال المزرعة، انهم يمكثون هناك معظم الأيام)) تحولت شفتاها إلى خط مشدود مصمم ثم جادلته ((وأنا لن اسمح لنفسي بالبقاء في ذاك القبو، إذا لم نتفق يمكنك ببساطة اتركني ارحل، وسألتزم بكلمتي بعدم تصعيد أي شكوى ضدك)) دون أي اضطراب قابل التحدي في عينيها ((قلت لن تنتقلي إلى سقيفة العمال)) ثم وقف بعفوية لكنها أحست أنها حركة لتعزيز سيطرته فاضطربت مغمغه ((توقف عما تفعله، لم تعد نظراتك المظلمة أو طباعك الخشنة تخيفيني)) ودفعت كرسي بجانبها إلى الوراء قبل أن تأخذ قبعتها وتغادر فانطلقت يده تمسك بمعصمها.. تطلعت لوجهه وتصادمت نظرتاهما قبل أن يعلن ((سأطلب من دومينك أن ينقلك لغرفة لا يشغرها أحد داخل المنزل)) مررت أصابع مرتجفة في شعرها ثم ردت دون أن ينحسر البرود عنها ((ًهذا خيار أقل سوء)) راقب كاميرون أساريرها المشدودة.. ولسبب مبهم تلاعب حنان لم يكن يدري بوجوده وتحرك في داخله بشكل خطير ضد الرغبة التي يثيرها تحديها فيه.. لذلك سارع يرفع إبهامه محذرا إياها بوجه متحجر ((وحتى ذلك تابعي عملك هنا، فبكل الأحوال أنا كنت بحاجة إلى يد عاملة جيدة، اعملي بجد بدون أن تصادقي أحد من عمال المزرعة ودون أن تثيري المتاعب معهم حتى أضمن أنك لا تخبرين أحد بشأن خطفك، وأعدك بأني قد أفكر بإطلاق سراحك مع أجرة بدل الأيام التي عملتي فيها هنا)) نفضت يده عنها بقوة، دست قبعتها جيدا فوق عينها، أخذت معطفها الواقي من المطر وتمتمت بصوت منخفض ((حسن جدًّا)) خطت إلى الخارج لتصدم أنفاسها أول هبة ريح فأقفلت السحاب إلى ذقنها ثم تابعت مندفعة نحو المنزل تاركة إياه.. عليها الانتظار لايام معدودة قبل ان يتحسن الطقس وتفكر بالهروب من هنا إذ أنها لا تثق بأن ذاك المتحذلق سيفي بوعده لها!! بقي واقفا مكانه يحدق في إثرها ليرتجف النور فوقه عدة مرات ثم يغوص قبل أن يعود مجددا.. حانت منه نظرة الى تلك الأكاليل المصنوعة من زهور الشتاء ورفع حاجبيه.. إنها مهووسة بصنعها كثيرا.. ========================== بعد أسابيع.. أيقظ السكون أوركيد قبل الساعة الرابعة فجرا.. أطلقت عدة أنفاس كانت تجيش في صدرها.. لقد حان الوقت للهرب من هذا السجن، لقد عملت في هذا المكان لمدة لا بأس فيها أصبح الجميع بمن فيهم كاميرون يثق فيها وبأنها قطعيا لن تفكر بالهرب.. وبالتالي قلّت الأعين المسلطة عليها.. ناهيك عن أنه في العطل يغادر عمال المزرعة السقيفة وتبقى المزرعة خالية من معظمهم، وحتى كاميرون يغادر المقاطعة كلها قبل الفجر في هذه الأيام.. لم تتوقف الرياح في هذا الوقت عن الهبوب وسمعت من نشرات الأخبار في الراديو أن الطقس لن يتحسن خلال الأيام القليلة القادمة كما خمنت وهذا يفسد جزء من خطتها، لكنها عازمة على الهروب بكل الاحوال والظروف فالانتظار لن ينفعها بشيء.. ذلك إن هي بقيت هنا أكثر قد تألف وتحب سجنها.. يا إلهي كم هي متلهفة لتحرير نفسها من هذا المكان.. عليها فقط أن تتخذ حذرها.. ارتدت ثيابها وحضرت أغراضها ثم رتبت السرير بحذر وراحت تزيل أي أثر لوجودها.. خطت بهدوء نحو الردهة المظلمة وهي تحمل حقائبها وتخرج من المنزل الهادئ بخفة.. بالتأكيد أقلقها الوقت المبكر من هذا اليوم وعدم حيازتها على مال لكنها لم تأبه لشيء إلا الخروج من هذا المكان.. شقت طريقها نحو الشرفة الخلفية والخوف مسيطر عليها من أن يتم إمساكها أثناء تسللها للخارج رغم أنها متأكدة من مغادرة كاميرون البيت قبل ساعة على الأقل.. بدأت الأمطار بالهطول وهبوب الريح يتلاعب بأغصان الأشجار التي تحف الطريق المؤدي إلى البوابة الصغيرة فحافظت على حيطتها.. وصلت عند باب المزرعة الضخم مستبشرة بالحرية القريبة، لكن سرعان ما أصابها الإحباط، ذلك أنها وجدت أن الباب مؤصد بمفاتيح وسلاسل حديدية، رفعت حجرا وبدأت تضرب الحديد عدة مرات حتى يئست من إمكانية فتحه.. أخذت نفسيا عميقا وحاولت تسلقه.. لكن أوقفها الصوت الرجولي الخشن الصادح عاليا ((من هناك؟ توقفي حالا)) تجمد الدم بعروقها وتسمرت مكانها، وعندما كرر عليها تهديده حاولت تحريك أطرافها المتشنجة وهبطت أرضا، وببطء رفعت وجهها الباهت له بخوف مِمَّا جعله يضيق عينيه متفحصا ملامحها قبل أن يهتف بصوتٍ ملأ الساحة بعجيجه الساخط ((هل أنتِ المستخدمة الجديدة في المزرعة؟ لماذا تحاولين الهرب خفية بهذه الطريقة؟ أجيبي! هل سرقتي شيئا؟)) اضطربت ملامحها فبقي الرجل يحقق معها ويحاصرها قبل أن يصل كاميرون مهرولا متحفزا بصحبة دومينك.. اعترتها الصدمة من ظهوره! ألم يغادر بعد المنزل؟ تصاعد ارتعاشها خوفا من القادم لا بردا من الأمطار الغزيرة المتساقطة عليها.. صوب كاميرون أنظاره أمام أوركيد المبتلة بمياه الأمطار وبدا متصلب الملامح، شفتاه في خط مشتد.. تساءل بامتعاض ((ما الذي حدث هنا؟)) ظل ينظر إلى ملامحها المرتعبة بعينيه طبيعية الاحتدام كأنه يتفحص أعماق ما تفكر به بينما نظر الرجل إلى كاميرون قائلًا بعملية ((لقد قبضت عليها تهرب من المكان بطريقة مثيرة للريبة، وتخفي شيئا في حقيبتها التي تضعها على ظهرها..)) اتسعت مقلتا أوركيد لذكره موضوع حقيبتها التي لا تضع فيها شيئا مهما إلا بعض بواقي الأطعمة التي أخذتها من المطبخ برغم معدتها المتصلبة وملابس لمجابهة المجهول والنجاة لأيام بعد الهرب.. استرقت النظر إلى كاميرون بملامحه الغاضبة كالعواصف الليلية في برودها بينما يأمر رجله ((انزع الحقيبة عنها)) ونزع الرجل فعلا الحقيبة منها بسهولة وناولها لكاميرون الذي قام بفتحها بخشونة وتفتيشها وعندما لم يجد شيئا يُذكر رماها لدومينك بفظاظة ثم هتف من بين أسنانه ((لقد سرقت شيئا مهما وغاليا جدًّا من منزلي، يمكنك المغادرة من هنا ونحن سنتولى أمرها)) غادر الرجل الذي يعمل في المزرعة وبقي دومينك الذي حاول القبض عليها إلا أنها قاومته بضراوة فرماها كاميرون بنظرة مرعبة وهسيس منتشي وهو يميل إلى أذنها ((لم ينفع معك الحسنى، الآن ستعيشين للأبد في القبو)) صرخت وحمى رعدية هائلة تصيبها ((أخبرتك بأني لن أشي عنك بشيء، لا داعي لإبقائي هنا أكثر)) التفت كاميرون لها نصف استدارة وضيق عينيه لعنادها المتعب فاقترح دومينك بصوتٍ بث الرعب فيها ((سيدي علينا أن نهي حياتها وإلا ستسبب لنا مشاكل)) ارتجف جسدها لتهديده فغمغمت وقد وامتزج صوتها بنبرات شاحبة، وكأنما تخرج من أعماق الشعور بالظلم ((لا أرجوكَ، لا، ذنب لي بأي شيء يحدث)) تخصر كاميرون بإحدى يديه مدعيا التفكير ثم قال ((إذا سأسامحك، لكن إياك أن تفكري بالهرب مجددا)) أذعنت له وهزت رأسها.. فاقتادها دومينك إلى غرفتها لا القبو مطيعا أوامر كاميرون.. أغلق الباب عليها تاركا إياها تجهش ببكاء حار، لما تعيشه دون ذنب أو خطأ فعلته سوى أن هناك أناس متجبرين يتسلون بالتحكم بها وتدمير حياتها.. تابعت تبكي حياتها التي أضحت أكثر بؤسا حتى تحول سيل الدموع الى شهقات مكتومة مخنوقة.. ارتدعت أطرافها وهي تتجه نحو عقد الزهر الذي صنعته بوقت سابق، لامسته ببطء ودموعها وصوت نشيجها يأبى التوقف ووضوح رؤيتها يتلاشى بسبب دموعها.. لقد كانت عمتها أنجيلا تصنعه لها بالورود التي تملأ مزرعة منزلهم كل يوم وتزين شعرها وجبينها به قائلة بأن هذه الزهور تزيدها جمالا وتألقا، لكن رحلت عمتها التي خطفها الموت منها ولم يبقَ أي ذكرى لها يعزي أيامها إلا هذه الأكاليل التي تصنعها! أطلقت نفسا عميقا ثم أغلقت جفنيها تأخد قسطا من الراحة.. هل عليها تقبل مصيرها هنا للأبد؟ ========================== بعد تلك الليلة منعها كاميرون من الخروج من بيت المزرعة وحصر مهامها في مساعدة مدبرة المنزل فقط.. دلفت أوركيد كروتين معتاد إلى غرفة نوم ماتيلدا لتوضيبها ولم تكن قدمها قد تعبت الباب حتى صدح صراخ ماتيلدا مع زوجها المعتاد ((أنا أريد الطلاق! عليك أن تتفق معي بتسوية عادلة ولا تماطل أكثر! أشعر أنى سجينة هنا في هذا المكان الخالي والمهجور من أي إنس)) تمتمت أوركيد بصوتٍ خافت ((يبدو أني لست السجينة الوحيدة هنا!)) لكن الصوت برغم خفوته كان مسموعا كفاية لكاميرون الذي استقبله فناظرها بملامح قاتمة لا تفصح شرارات قداحة الغضب في داخله قبل أن يغادر غاضبا معكر المزاج كما العادة للاهتمام بشؤون مزرعته.. نظرت أوركيد لماتيلدا مشفقة على البؤس الذي تعيشه وحاولت أن تقترح عليها بما تظنه قد يخفف من بؤسها ((سيدة إيستون هل اعد لك حماما حارا في حوضك الكبير المبهر؟ صدقيني سيغير مزاجك..)) قاطعتها ماتيلدا بعصبية ((اصمتي فقط ولا تدخلي..)) ========================== انتهى الفصل.





التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 22-06-22 الساعة 03:09 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس