عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-22, 03:23 PM   #56

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس

مرت الأيام وعاد كاميرون يسمح لها بالعمل في المزرعة بدلا من البقاء في البيت.. وعدا ذلك لم يحدث أي تغير ملموس في أحوالها أو أحوال هذا الطقس الذي تقارب حرارته من الصفر، حيث الثلج مستمر بالهطول فوق أكداس الثلج المتراكمة..
ولجت أوركيد المنزل ثم فتحت سحاب السترة الواقية من الريح لتنزعها وتظل بسترة الجينز.. استخدمت ممسحة الأقدام لتزيل ما علق في حذائها الثقيل من ثلج، توجهت إلى المطبخ لتناول فطورها وحيدة.. التهمت آخر لقمة من البيض واللحم الذي أعدته، ثم أخذت نفسا عميقا تلقن نفسها القوة أثناء ما هي مقدمة عليه..
دلفتْ غرفة كاميرون في المنزل بدون إذن وتقدمت بينما تُخفي السجادة نقرات حذائها قبل أن يجفل الأخر بعينيه الفضوليتين عليها تمد يدها بظرف وتهدر بتحفظ
((سيد كاميرون هل يمكن أن تعطي هذه الرسائل لعائلتي؟ علاقتي ليست جيدة معهم ولكن ربما الآن هم مفزوعين من اختفائي، وهذه الرسائل تخبرهم أني بخير وسبب انقطاعي عنهم هي رغبتي في العيش وحيدة عنهم لفترة))
لم تنحسر ملامحه التي تمنحه تلك الكاريزما المسيطرة وهو يجيبها ذوقيًا
((لا تقلقي، إنهم لا يشغلون فكرهم عليك ولو بمقدار ذرة، ذلك أنهم لم يبلغوا أحدا عن فقدانك، سيعرفون بأنك بخير دون هذه الرسائل))
وعلى الفور كان يأخذ منها الظرف ويمزقه لألف قطعة وقطعة ويلقيهم في سلة المهملات تحت أنظارها الذاهلة المصدومة.. فاستنكرت بقهر يتدفق بعينيها
((لماذا مزقتها! أنتَ إنسان مريع))
واندفعت نحو إحدى الوسائد الكلاسيكية الموضوعة على أريكية لتلقيها عليه بقوة مِمَّا جعله يحتمي من هجمتها بذراعيه قبل أن ينتصب واقفا يهتف عاليا
((يكفيني في هذا المنزل ماتيلدا مجنونة واحدة، ولا ينقصني أنتِ))
ألقت الوسادة أرضا وقبل أن ترحل وهي تجرجر أذيال الخيبة انفلت صوته من بين شفتيه
((عندي سؤال لك))
رغم أن الانفعال في داخلها لا زال مشتعلا إلا أنها عقبت بمرارة
((وما الحاجة لطلب الإذن طالما أني سأكون مجبرة على الإجابة!))
ردد عليها بنفاذ صبر
((أجيبي وحسب))
زفرت نفسا ملتهبا وتبسمت متحاملة على نفسها وقالت
((أدلِ بدلوك))
تنحنح متوترا قليلا ينقر على ذراع الكرسي ثم تابع بخجل يحاول مواراته
((النساء من سنك ماذا يحببن أكثر؟ المجوهرات أم الزهور؟))
رفرفت بعينيها يأسرها الذهول وهي تراه ينتشل من علبة مجاورة إكليل زهور خلاب بالإضافة إلى عقد مجوهرات يخطف الأنفاس ببريقه اللامع.. عبست ملامحها وغمغمت مجيبة دون تفكير وهي تشير بيدها إلى الإكليل الزهور
((زهور هذا الأكليل في غاية الجمال))
وضع عينيه في عينيها مرددا بخفوت
((أنتِ تحبين الزهور كثيرا، صحيح؟))
شاب صوتها الشجن وهي تقول
((نعم، عمتي كانت تقول "إذا كان لديك سنتان فاشتري بأحدهما رغيفًا، وبالثاني زهرة" فالأزهار والورود تشكل عالمًا دائمًا في حد ذاته، وعندما نقف أمامها يتكشف لنا كلّ ما يضج به هذا العالم ويدهشنا))
تساءل بذهول تملكه
((ألهذا الحد؟))
رسمت له ابتسامة خلابة وهي تجيب
((نعم وهذا لأن الورد لغة يتداولها جميع البشر في العالم لا تحتاج لمترجم لتعبر عن السلام والنقاء والحب أيضاً.. من يقدم لك الورد هو شخص يقول لك سأجعل الحياة جميلة من أجلك))
اعتراه الحماس ليقول عازما
((حسنًا سأعطي ماتيلدا إكليل الزهر هذا))
شجعته وهي ترفع له إبهامها
((هذا جيد، وتذكر أن أريج الزهرة يلتصق باليد التي تقدمها أيضا))
طبع ابتسامة خجول على محياه ثم ترك عقد المجوهرات جانبا وأخذ يتحسس إكليل الزهور بيديه، لقد صنع بنفسه واحدا مشابه للأكاليل التي تصنعها أوركيد.. أما الأخرى فرغم كل بغضها وكرهها له، إلا أنها شعرت بأنه بريء ومسكين مع زوجته، فرغم إبقائه عليها رغما عنها مع علمه بكرهها له إلا أنه لا يتوانى بين الوقت والأخر عن محاولات التحبب والتقرب لها! يا ترى هل يحبها حقا ام أنه فقط لا يريد للطلاق ان يحدث ويقتسما ممتلكاتهما!
==========================
بعد أن أنهت أوركيد تنظيف الحجرة من أوراق زهور الإكليل التي مزقتها ماتيلدا عندما أهداها له كاميرون.. حانت منها خطوة تجاه الحمام المرافق تناظر فيه الحوض المبهر الكبير، وتساءلت لم لا تجربه لعلها تسترخي قليلا؟
وكان هذا ما فعلته، فدلفت للحمام وأغلقت الباب خلفها ثم اقتربت من ذاك الحوض الواسع والعميق والأشبه بالجاكوزي.. ماتيلدا الحمقاء لا تستخدمه أبدا مهما تحثها على فعل ذلك! إن تلك المتعجرفة لا تعرف كيف تستغل امتلاك حوض مثله لتخفف من العصبية الملازمة لها بشكل دائم!
بدأت تعبئ الحوض بالماء الحار وتضع فيه شيء من المنتجات الباهظة التي تملأ الرفوف وبعضا من الزهور الندية، ثم غمرت جسدها فيها لتبدأ جلسة الاسترخاء الطويلة التي امتدت لساعات حتى أنها لم تشعر بمرور الوقت إلا بعد أن طرقت ماتيلدا باب الحمام وصدح صوتها المستاء عاليا
((لماذا تغلقين الباب عليّك أيتها الحمقاء؟))
جفلت أوركيد وتخبطت قبل أن تقول متلعثمة
((أنا أنظف في الداخل))
استنكرت ماتيلدا بعصبية
((ولماذا تغلقين الباب؟))
ردت عليها أوركيد
((لأني أتجرد من معظم ملابسي أثناء التنظيف))
ضربت ماتيلدا الأرض بقدمها بغضب مشتعل وانصرفت من غرفتها مغمغمه
((خدم حمقى))
أما أوركيد فعادت تريح نفسها على الحوض لا تشعر بأي ندم ينتابها بل تخطط لتحظى بمثل هذا النوع من الاستجمام يوميا..
==========================
في الإسطبل قادت أوركيد أخر جواد وربطته إلى الممر بين الحظائر لتنظيف حوافره بشكل جيد ومتقن.. أكملت ما بدأت به بطريقة رتيبة ثابتة ثم وضعت قشًا نظيفًا في حظيرته التي نظفتها قبل أن تعيده وتعطيه العلف..
قامت بعدة رحلات قصيرة إلى الخارج لرمي محتويات عربة اليد قبل أن تسرع عائدة إلى الداخل عندما وجدت كاميرون في الداخل يتأكد من إتقانها عملها.. وإحقاقا للحق فقد كانت تقوم بعملها بمهارة وعلى أتم وجه ففي النهاية هي تنحدر من عائلة مزارعة أصيلة من مونتانا.. وضعت أوركيد القش الذي تحمله جانبا وتطلعت ببرود نحوه فبادر بدرامية وكأنه يتعمد استفزاز هدوئها الذي تتسم به مؤخرا
((أخبريني يا أوركيد، ألا زلت تريدين إرسال رسائل لعائلتك الحبيبة! سمعت يكادون يموتون كمدا عليك))
تجهمت ملامحها لمزاحه الثقيل ودمدمت بازدراء
((أيها البغيض!))
وتابعت قولها بجفاء وثبات وهي تناظره
((إذن هل تفكر بتحريري من هنا؟))
رفع إحدى حاجبيه وقال متلاعبا
((ألن ننتهي من هذه السيرة أبدًا!))
تقبضت يديها بغضب فهو من تعمد بالإتيان بمثل هذه السيرة! هل يستمتع باحتجازها هنا! قالت ساخطة
((ولكنك قلت بأن بقائي هنا مؤقت!))
شابت كلماته الحزم وهو يصحح لها
((ثم أخبرتك أنه للأبد..))
تغرغرت الدموع في عينيها ووجدت يدها تندس داخل القش ثم تقذفه عليه قبل أن تندفع مغادرة وتدخل مباشرة لحمام حجرة ماتيلدا حيث يقبع ذلك الحوض الكبير المهجور بنية أخذ حمامٍ دافئ فيه، إذ أنه الشيء الوحيد القادر على استرخاء أعصابها المتلفة في هذا السجن..
ولم تخرج إلا بعد مرور ساعات طوال كان فيها قد أسدل الليل ستاره.. جففت نفسها وشعرها، خرجت تلتقط بعض الزهور الخلابة تعتزم على صنع إكليل زهور أخر.. هي حقا مهووسة بهذه الزهور.. في الماضي كانت كلما شعرت بالتشاؤم، تتأمل وردة وزهرة، فتأملهم يدفع بإحساس جميل لينتابها.. وكأن لسان حال هذه الورود يعدها بجعل الحياة جميلة لها.. الورود هي الطبيعة الصامتة النابضة بكلّ أنواع الحياة..
جفلت على صوت ماتيلدا تقترب منه فاتسعت مقلتاها
((سيدة إيستون ماذا تفعلين هنا!))
جلست ماتيلدا بجانبها وقالت بوجه خالي ملامح
((أنتِ ماذا تفعلين هنا؟ لماذا لم تحاولي مجددا الهروب؟))
بهت وجه أوركيد ولفها الذهول لتهز الأخرى كتفها وترد
((لا تستغربي، لقد عرفت بمحاولتك السابقة للهرب، وعن اتهام كاميرون لك بالسرقة حتى يقيدك بجريمة لم تقترفيها وتبقي مسجونة هنا..))
ثم أردفت باشمئزاز يعتريها
((لقد اتضح أنه يحب سجن كل من يعرفه لا أنا فقط، ذاك المنحط))
قطبت أوركيد حاجبيها متسائلة
((سجنك أيضًا؟ ولكن.. اشعر بأن السيد إيستون يحبك فلماذا تتعمدين دائما إهانته؟))
انفلتت أعصاب ماتيلدا لتبوح بصراحة ممزوجة بالازدراء
((ولكني لم أعد أحبه، وهو لا يريد الطلاق خوفا من تقسيم الأملاك..))
كنت لا تزال الصدمة تسيطر على أوركيد بينما تعرض عليها بصوتٍ خطير
((ما رأيك أن أساعدك في الهروب؟))
ازدردت أوركيد ريقها وقبل أن تجيب قاطعهما صوت كاميرون وهو يقترب منهما متسائلا بوجوم
((ما الذي تفعلهن هنا الآن؟))
كان متوجسا من وجودهما سويا، عندما هتفت ماتيلدا بعصبية
((هل كنت تتنصت علينا!))
صوب أنظاره المحتدة إلى أوركيد بينما يمد يده ويقبض على كف ماتيلدا هادرا
((هيا بنا، لقد تأخر الوقت!))
انصرف كاميرون بصحبة ماتيلدا التي ناظرت أوركيد من فوق كتفها وهي تشير لها بعينيها أن تنتبه للرسالة التي تركتها لها جانبا..
==========================
قرأت أوركيد الرسالة وجاءت في وقت أخر لماتيلدا التي واصلت تخبرها عن رغبتها الملحة بالطلاق من كاميرون، إلا أنه يسجنها هي الأخرى بهذه المزرعة ويماطل في الوصول إلى اتفاق طلاق حتى لا يخسر شبرا من مزرعته هذه أثناء التسوية.. وكل هذا بإيعاز من والديها الذين يرغبون منها الاستمرار قليلا في هذا الزواج من أجل مصالح تجارية بينهما تخص المزارع والماشية..
وهي الآن فقط وجدت ما قد يجعل والديها يدعمانها بسألة الطلاق وفك أي ارتباط بكاميرون..
لم تكن أوركيد متأكدة من منطقية وصدق كلام ماتيلدا إلا أن الأخرى أعطتها رسالة لتضعها في العلية لأحد الرجال الذين يعملون في المزرعة لصالحها وفي تلك الرسالة كتبت بجلاء أنها تعرف بأنهم وراء حوادث سرقة الماشية الأخيرة من المزرعة، وتريد مساعدتهم في الرحيل من هنا مقابل إمدادهم بمعلومات إضافية تساعد مآربهم.. أكدت عليها ماتيلدا ان توصل الرسالة للعلية فكاميرون يخفي الهاتف الوحيد المتواجد هنا..
حاولت أوركيد أمامها الاعتراض خوفا من أن يكشفها كاميرون وينالها عقاب من بطشه، إلا أن ماتيلدا هددتها بالوشاية له كذبا بأنها كان تحاول الهرب، فرضخت لها بقلة حيلة..
ليلا تأكدت أوركيد من أن الظلام الدامس خيّم المكان ثم ارتقت درجات السلم بحذر وخفة.. مدت يدها تريد فتح مقبض باب العلية إلا أنها جفلت مصعوقة بالمصابيح فوق رأسها تُضاء على طول الممر.. وزوجين من العيون المستشره العائدة لكاميرون ودومينك مستقرة عليها.. اقترب كاميرون منها مغمغما بخيبة أمل تفيض من ملامح وجهه
((هذه أنتِ! هل أنتِ يا أوركيد من كنتي تحاولين مساعدة زوجتي في الهرب!))
تغضن جبين دومينك بالشر هادرًا
((سيدي أخبرتك بأنها ستثير مشاكل وعلينا التخلص منها))
انفعل كاميرون صارخا بأمر وهو يشير لرجله ((اسحبها للقبو حالا يا دومينك، لا أريد رؤيتها أبدًا))
وغادر المكان غير آبها لصرخات أوركيد التي لم تستوعب الموقف وكيف تم كشفها قبل حتى أن تبدأ! كيف عرف سبب صعودها للعلية فورا دون قراءة الرسالة؟
أما كاميرون فما أن قرأ محتوى الرسائل حتى تيقظ أخيرا بل وتأكد من أن عائلة ماتيلدا متورطة بكل الحوادث التي كانت تحدث مزرعته والمزارع المجاورة له..
اندفع إلى غرفة زوجته وصرخ باسمها وهو يغلي غضبا.. وقفت ماتيلدا دون تردد أو رهبة خوف منه هاتفة
((نعم لقد كنت أحاول الهرب، ولو لم تُكشف أوركيد لربما نجحت خطتي في الهرب!))
رفع يده يحاول صفعها إلا أنه دفعها بقسوة للخلف فتقهقرت للخلف حتى كادت أن تسقط أرضًا.. ارتعد جسدها مجفلة من وجهه المخيف وأنخرس صوتها لحظة.. لحظة واحدة ثم صرخت فيه
((أنا أكرهك.. أكرهك وأريد أن تعجل في تقسيم الأملاك بشكل دقيق قبل الطلاق))
==========================
انتهى الفصل.



التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 22-06-22 الساعة 03:11 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس