عرض مشاركة واحدة
قديم 29-06-22, 05:25 PM   #250

ريما نون

? العضوٌ??? » 484937
?  التسِجيلٌ » Feb 2021
? مشَارَ?اتْي » 802
?  نُقآطِيْ » ريما نون is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن والثلاثون
لم ينم منذ أن جاءه خبر الإفراج عنه، أخيرًا سيخرج من سجنه الذي زج بِه ظلمًا، صحيح أنه كان يعرف منذ مدة احتمالية أن يدخل السجن، لكن السمع شيء والدخول شيءٌ آخر تمامًا كان مكبلًا بالداخل، ليس بأصفاد حديدية فقط بل بأصفاد الخذلان، أكثر من خذله فرح!
لا يستطِع لومها كليًا على ما فعلته، يعرف بأن معرفتها بأمر خطبته الغبية كان هو النقطة الفاصلة التي جعلتها تعجل في طلبها للطلاق.
نعم عجلت في الطلاق، يعرف من قبل أن يتزوجها حتى أنها لا ترغب في إكمال حياتها معه، هي فقط وافقت تحت ضغط من الجميع ولأنها أحبته، راهن هو على ذلك الحب بأن يجعلها تلغِي الماضي وتستمر معه، بل يشفع له عندها لكي تسامح عن هفوته.
ما فعله مع سابين خطأ يمكن إصلاحه وجل من لا يخطئ، لكن للأسف كم كانت آماله عالية وأحلامه مستحيلات التحقيق.
فرح كانت مثل الصياد الصبور الذي ينتظر وقوع فريسة في الفخ؛ مهما طال الزمن وحاولت الفريسة سلك طرق أخرى علها تنجو بحياتها لكنها وقعت في النهاية، لتجد الصياد منتظر بالسكاكين المسنونة ليذبحه دون رحمة.
كان كل من ساجي وسليم في انتظاره خارجًا حتى يتم إجراءات خروجه مع المحامي، بمجرد أن ظهر لهما من بعيد أسرع ساجي ليحتضنه في بادرة هي الأولى من نوعها جعلت حاجبي سراج ترتفعان في تعجب
قال وهو ينظر له في غير تصديق:
- من أنت؟ لست ساجي لوح الثلج، هل قام الفضائيين باختطافك والعيش في جسدك. تراجع وهو ينظر له وقد عادت له نظرة البرود، حرك شفتيه للجنب في استهزاء:
- من الواضح أن السجن جعل روح الفكاهة لديك عالية، هيا تعال معي هناك من ينتظرك في السيارة!
شعر بقلبه يدق بقوة قادرة على إخراجه من بين ضلوعه، هل عادت فرح بهذه السرعة!
لا يمكن ليست فرح من تفعل ذلك، هل تنازلت وقررت أن تأتي لترحم قلبه الملتاع من نار الفراق؟
رغم يقينه التام باستحالة حدوث ذلك اقترب من السيارة وهو يبحث عنها متجاوزًا والده الذي أمسكه من ذراعه واحتضنه في حنان أبوي، لحسن حظه لم يطل في ذلك الحضن ليشاهد باب السيارة يفتح ببطء، كان أن يقفز من مكانه لولا أنه شاهد تلك التي خرجت منها، لا ليست هي للأسف!
خرجت تلك الصهباء ذات الجسد المتناسق والعينين الواسعتين بلون البندق الفاتح وشفتين تبتسمان برقة وشقاوة، مشت في دلال طبيعي ولدت به لم تتصنعه من ما زادها أنوثة، لتتسع تلك الابتسامة الخلابة وهي تنظر له في شوق قائلة:
- ماذا؟ كنت تنتظر شخصًا آخر! ربما صفراء ذات لسان يحتاج قصه.
عقد حاجبيه وقال بصوت خفيض يتخلله بعض الغضب:
- ميلا، لا تتحدثِي عنها هكذا خصوصًا في غيابها.
مطت شفتيها ورفعت خصلة حائرة من شعرها خلف أذنها لتقول وقد ضمت إصبعيها السبابة والابهام وأغلقت بهما فمها بحركة قفل:
- مع أني لم أقل اسمها لكن لن أتكلم عنها حتى لا تغضب أيها الوسيم.
ضرب ساجي بوق السيارة وهو يقول في نفاذ صبر:
- طائرا الغرام هلا أكملتما الحديث في السيارة؟ لا نريد أن يزج بنا كلنا في السجن لتعطيل الطريق العام.
هز سراج رأسه وقال مبتسمًا:
- هذا ساجي أخي الحمد لله أن الكائنات الفضائية أعادته لنا.
ركب الجميع متوجهين لمنزل العائلة، فقد قرر ساجي أن يعطيه مهلة قبل إخباره بالمستجدات وأولها قضية عمته واتهامه والدتهما بالتورط في مقتلها.
*****
أطلقت نساء مجموعة الدعم شهقات ثم ضحكات عالية بعد أن أخبرتهن غسق ما دار بينها وبين ساجي من حديث.
نطقت إحداهن:
- كيف أتتك الجرأة لقول ذلك، لا تبدين من النوع الوقح!
وضعت يدها على فمها في حرج من كلمتها وقد تخصب وجهها بحمرة الخجل.
- لا أقصد، ما أعنيه أنك تبدين رقيقة.
ابتسمت لها غسق لتزيل عنها الإحراج:
- لا بأس أفهم ما تعنيه، في الحقيقة لست بتلك الوقاحة في العادة، بل أبدًا لا أذكر بأني قمت بإحراج أحد مثلما فعلت معه؛ لكنه أغاضنِي كثيرًا.
قالت أخرى بنوع من الخبث:
- وهل هو حقًا سيء إلى تلك الدرجة؟!
حاولت أن تضبط انفعالاتها وتجيب بهدوء:
- لا في الحقيقة هو جيد جدًا، بل أكثر من ذلك هذا الشيء، لطالما كان قادرًا على أشعاري بأنوثتي وجعلي أذوب بين ذراعيه، رغم أني كنت أحاول دائمًا أن أكبت رغبتِي به لكنه قادر على إشعال تلك الرغبة بل إنه يجعلني أطالب بالمزيد، أحيانًا كنت أُمثل بأنِي اكتفيت حتى لا يظن بأنِي غير محترمة لكنه... قاطعتها الطبيبة:
- لحظة، من قال بأن رغبة المرأة في العلاقة الحميمة تعتبر فسق أو أنها غير محترمه؟
شعرت غسق بإحراج شديد، فخرج صوتها خفيض محشرج:
- الموضوع يختلف من مكان إلى آخر، كما أن نشأتي هنا جعلتني تحت المنظار، إذا كنت أكثر تحررًا مع زوجي قد يظن بأني ذات خبرة أو أنني لست محترمة.
ارتفعت حواجب معظم الجالسات وهن ينظر لها في تعجب، كأنها تتكلم بلغة غريبة عنهم أو أنها قالت شيء لا يقبله عقل.
زاد شعورها بالإحراج لتنكمش على نفسها وتبحث عن حقيبتها التي لم تجلبها من الأساس كي ترحل؛ لاحظت الطبيبة ذلك وقررت التصرف بسرعة، لو غادرت غسق الان بهذه الحالة يعني أنها سوف تنتكس وهي قد بدأت التقدم بشكل جيد.
لتقول بسرعة:
- عزيزتي من الطبيعي أن يكون لديكِ رغبة حسية لشريككِ أو زوجكِ، بل يجب أن يكون عندك تلك الرغبة وإلا لن تكونِي طبيعة بل بك خلل، إظهارها لا يعني أبدًا بأنكِ فاسقة أو غيرها من تلك التسميات الغريبة بل يسمى أنك إنسانة، امرأة طبيعية، الأمر ليس له دخل بمكان أو دين أنتِ من وضعتِ ذلك في رأسك، خصوصًا وأن زوجك كما قلتِ لم يكن يحب هذا الجانب منكِ أعني الخجل الزائد.
لم تتكلم غسق بل كانت تقلب الأمر في رأسها، فقد كانت تستمع لفرح وهي تحكيِ لها قصصها مع سراج وكيف أنها تقوم بالمبادرة في أوقات كثيرة؛ ربما الطبيبة ليست مخطئه تمامًا.
لتقول إحدى الناجيات تلك التي أتت من شرق آسيا بغضب واضح:
- كيف تتكلمين على الأمر بأنه ممتع ويشعرك بأنوثتك؟ من يرى وجهك وطريقك كلامك يجزم بأنك تشتاقين للعلاقة الجنسية مع ذلك المدعو سادي.
اتسعت عينها في اندهاش من هجومها غير المبرر وأزدرت ريقها علها تجد الإجابة عليها:
- لم أقل بأني أشتاق إليه أو للعلاقة معه، أصلًا هو لم يعد زوجي لا يجوز أن أفكر به بتلك الطريقة، أنا فقط أجبت عن سؤال طرح عليَّ.
لم تكمل بل تحشرج صوتها، مرة أخرى تشعر بإحراج في أقل من بضع دقائق
قالت الطبيبة بصوت عالي حازم:
- في الواقع لو كانت غسق تشتاق للعلاقة الجنسية مع زوجها فهذه علامة جيده جدًا، تعني بأن ذلك المجرم لم يحدث بها العطب الذي يصعب إصلاحه،
لنتفق على شيء؛ كل الموجودات هنا يعرفن بأن ما حدث لهن ليس علاقة طبيعية بل اغتصاب، حتى تلك التي لم تقاوم منكن واستسلمت خوفًا أو لِأي سبب آخر.
تعالت الإيماءات الموافقة لها.
فتابعت:
- جيد، والآن يجب أن تعرفن بأن هناك فرق بين العلاقة الحميمة والاغتصاب، إذا كانت غسق أو أي واحدة منكن تشعر أنها تشتاق للعلاقة الحميمية السليمة فهذا يعني أن المجرم الذي قام باغتصابها لم يقم بالضرر الذي لا يمكن إصلاحه، بل إنها في طريقها للتعافي، لا أقول بأن تخرج من هنا وتقيم علاقة فورًا، هذا غير منطقي ولن يحدث بالطبع، لكنِي أتوقع منكن في مرحلة ما أن تقمن بذلك مع الشريك المناسب الذي يستطِيع جعل كل واحدة منكن تنسى ما مرت ويتعامل معها برقة وحكمة، عمومًا لازال الوقت مبكرًا لنصل إلى تلك المرحلة، المهم أن تكون أذهانكن متفتحة لتلك الفكرة.
عم الصمت المكان بعد تلك الكلمات، حتى صوت التنفس كان معدوم، كأن النساء قمن بكتم أنفاسهن خوفًا من افتضاح ما فكرن فيه.
لتقول غسق قاطعة ذلك السكوت القاتل:
- ساجي.
التفت لها الرقاب لتطالبها العيون في تساؤل غير منطوق
أجلت حلقها قائلة:
- اسمة ساجي وليس سادي، وهو طليقي وليس زوجي.
قالت أحد النساء بابتسامة ذات مغزي:
- كما أنه جيد في الفراش بل أكثر من جيدًا.
غمزت بعينها في وقاحه لتنطلق ضحكات معظم النساء من ضمنهن غسق، فقد تغير الجو من مشحون لساخر مع بعض التلميحات التي لا علاقة لها بالعلاج النفسي أو هكذا تظن هي!
******************
بعد مرور يومين على خروج سراج لاحظ بأن ساجي لا يبيت بالمنزل كذلك والدته، لم يسأل في البداية لكنه قرر بأن يعرف فقام بالاتصال بساجي كي يأتي ليعرف منه كل شيء.
جاء ساجي بعد فترة لكنه جلس في الحديقة متحجِجًا بأن الجو جميل.
جلس سراج معه غير مقتنع وانضم لهما سليم فهو أيضًا يريد تفسيرًا من ساجي على بعده غير المبرر من وجهة نظره.
كان سراج أول من تحدث:
- حسنًا ليخبرنِي أحدكم ما يحدث بالضبط؟ لماذا أمي ليست هنا وماهي قصة تلك القضية؟ والأهم لماذا لا تسكن معنا ساجي؟
لم يجب ساجي بل ظل على وضعه، يظهر البرود الخارجي دون أن يظهر عليه أي شيء من ما يجول بداخله.
فقرر سليم التحدث بصوت ظهر به الأسف رغمًا عنه:
- والدتك في منزل خالك لقد طلقتها.
فغر سراج فاه وجحظت عينيه من هول الصدمة دون أن ينطق بحرف، فقد ظل ينظر لوالده بذهول.
- قبل أن تتعجب يجب أن تعرف بأن والدتك فعلت مالا يغتفر؛ كنت دائمًا أجد لها الأعذار وأتغاضى عن أذيتها للغير بل أني كنت أجعلها تتمادى في الظلم لأني أشفقت عليها، عندما أعادها والدها للمنزل وقال بأن لا مكان لها إلا منزلي، وقتها شعرت بأنها كسرت، فقدت ظهرها ومصدر أمانها، لذلك أقسمت بأن لا أكسرها وأجعلها تشعر بأنها معززة في منزلي بقربي لكنها اعتقدت بأن ذلك ضعف مني واستغلته أسوأ استغلال.
توقف قليلًا ليلتقط أنفاسه:
- مُنى تآمرت مع شقيقة مجد للتخطيط لمقتل فجر وأولادها ومجد!
- ماذا؟!
صرخ سراج غير مصدق وقد أصبح وجهه أبيض بلون قميصه القطني الذي يرتديه.
نظر لساجي عله يخبر بأن ما سمعه كذب أو أنه يتخيل؛ لكن للأسف نظرات ساجي أكدت له كلام والده.
خرجت الكلمات متلعثمة من فمه:
- كيف فعلت ذلك؟ أعني متى؟ لا أصدق!
تكلم ساجي لأول مرة منذ أن بدأت الجلسة:
- قرأت الرسائل التي بينك وبين غسق وعرفت بموعد وصولهم ثم اتفقت مع سميحة شقيقة مجد، والباقي تعرفه.
وضع رأسه بين يديه وأخذ يهزه بعنف كأنه يريد أن يخرج ما عرفه منه بالقوة.
ليرفع رأسه فجأة بقوة:
- هذا يعني بأنِي مشارك معها! فقد أخذت المعلومات مني؛ يا إلهي لقد شاركت في قتل عمتي.
وقف وهو يردد كأنه تذكر للتو:
- غسق ماذا قالت عندما عرفت؟ هل تلومني؟
وضع ساجي ساق فوق الأخرى وضم يديه ليضعهما أسفل وجهه:
- اهدأ قليلًا وكف عن نوبة جلد الذات هذه؛ لا لست مشارك في الجريمة، وغسق لا تلومك لا تخف على منظرك أمامها فقط جد طريقة تعيد بها فرح بعد فعلتك الحمقاء.
تغير وجهه سراج مئة وثمانين درجة ونظر له بحاجبين منعقدين:
- فعلتي حمقاء؟ ماذا عنك؟ ثم لماذا أحضرت ميلا؟ هل لي أن أعرف؟ ألا تعرف بان فرح تغ...
قطع كلامة وقد وضحت الصورة أمامه! إذن هذا ما يريد ساجي فعله؛ ارتسمت ابتسامة عابثة على وجهه وعاد لمكانه.
ما لبث أن تذكر أمرًا ليسأل ساجي مرة أخرى:
- وأنت لماذا تركت المنزل؟ هل تجد بأن هذا هو الوقت المناسب لتقرر الاستقلال بعيدًا عن العائلة؟
نظر سليم لابنه وهو يرجو بأن يتمكن سراج من تغيير رأيه وإعادته لهم.
وقف ساجي وقام بإغلاق أزرار حُلته وقال وكأنه لم يسمع ما قاله سراج للتو.
جهز نفسك سوف نذهب للعزاء الليلة وبعدها لدينا موعد مع أيهم، لا تنسى أن تحضر معك ميلا.
ظهر شبح ابتسامة لم تصل إلى عينيه ثم استدار مغادرًا المكان بأكمله.
*******
رغم كل غضبها منها، بل إنها كانت تود في لحظة بأن تشهد ضدها، لكن خبر موتها بتلك الطريقة البشعة جعلها تنهار باكية بشدة، لم تستطِع إمساك نفسها لدرجه جعلت يحيى يمنعها من الذهاب معهم للمقابر عند الدفن.
من حسن حظها بأن الحريق لم يقم بالتهامها بالكامل، بل بقى جزء كبير منها ومن ابنتها غير مشوهه فساعد على التعرف عليهما، أما الأطفال فقد كانوا متفحمين بالكامل لم يستطيعوا أن يتبينوا ملامحهم ولا حتى أخذ عينات من التحليل الحمض النووي للتفرقة بينهم؛ لولا أنهم وجدوا رسالة انتحار من سما تصف بها ما فعلته بأبناء شقيقيها وما فعلته والدتها بشقيقيها، وأنها أصيبت باكتئاب شديد لذلك قررت بأن تنهي حياتها وحياة أولادها معها خوفًا عليهم من أن تصيبهم لعنه أفعالها، أما والدتها فقد قررت أن تنتحر أفضل من أن تسجن بعد هذا العمر.
غرقت سمر في حزنها لدرجة جعلتها تستغرب نفسها، ربما أكثر ما جعلها تحزن هو موت الاطفال بالذات، رغم كل شيء لقد أحبتهم جدًا، هي من عاشت ولادتهم بل بقوا معهم لفترة طويلة عند ولادتهم خصوصًا الكبير كان الأقرب لقلبها، حتى الصغير كان دومًا تشعر نحوه بالشفقة وهي ترى شقيقتها تعامله بجفاء.
دخلت هبه عليها لتجدها تحتضن ابنها وهي تبكي فاقتربت منها وربتت على كتفها في حنان؛ رفعت سمر عينيها الممتلئتان بالدموع التي أبت إلا أن تنسكب كشلالات تغرق وجهها.
قالت هبة وهي تمسح دموعها:
- تعالي معي هناك الكثير يريدون أن يقدموا واجب العزاء لكِ.
هزت رأسها بنفي:
- لا أقدر صدقيني قلبي يتألم بشدة، لم أكن أعرف بأني لازلت أحب أمي لهذه الدرجة، لابد بأنكِ تعتقدين بأني كاذبة، بل كل الذين في الخارج عندما يرون شكلِ سيعتقدون بأني منافقة، كيف أحزن على سما وأطفالها بعد الذي فعلته بي.
أخذت شهيق وقالت بحزم:
- سامي منهار أكثر منكِ، وأنا أيضًا حزينة على سما؛ هذا يسمى إنسانية وليس كذب أو نفاق، هذا الآن معدنك النقي من الداخل، مثل ما غضبتِ ونفرتِ مما حدث لكِ، لم تتحملِي ما حدث لهما، هيا سمر لم تكونِي يومًا متخاذلة ولن تجعلِي هذا يغير ما بداخلكِ، أخرجي وتقبلي العزاء في والدتك وشقيقتك؛ إذا استطعتِ أن تدعي لهما افعلِي وإن لم تقدري فلا يقدر الله نفسًا إلا وسعها؛
هيا سمر انا أحتاجك بقربي حتى ننتهي من العزاء على الأقل.
بعد فتره خرجت سمر مع هبة تتقبل العزاء وجعلت حزنها يظهر دون أن تداريه.
كان وسام يبكي بحرقة شديدة جعلت من يراه يصدق بكل تأكيد بأنه زوج محب وأب حنون خسر فلذات كبده، حتى وقت التحقيق معه استطاع أن يثبت بأنه كان خارج المدينة ثم قدم رسالة الانتحار وعدة تسجيلات لسما تعترف فيها بجريمتها وخوفها من أن يقع العقاب على ابنها.
ذهب ساجي وسراج لتقديم واجب العزاء، لم يخفى على ساجي الصدمة التي ظهرت في عيني وسام، هذا ما أكد ظنونه، المشكلة أنه لم يجد بعد الصلة بينهما، حتى سابين لم تستطِع التأكيد على علاقة روبين ووسام.
تخطاه ليقدم التعازي لسامي ويجلس بقربه؛ استغرب سراج فهو يعرف بأن ساجي يفضل أن يجلس منفصلًا في هذه المناسبات، هناك شيء يخطط له ساجي لاحظ بأن به تغيير، صحيح بأن التغيير طفيف يكاد لا يميز لكن أي شخص يعرف ساجي يلاحظه بسهولة!
مال ساجي على سامي يسأله في اهتمام:
- عرفت بأنك بلغت غسق عن القضية هل أخبرتها عن العزاء أيضًا؟
- لا لم أفعل لم تتوفر فرصة في الواقع.
شعر ساجي بالغضب فهو يريد التأكد إذا كان سامي يتواصل معها أم لا، وسامي لا يفصح عن شيء.
- جيد، سوف أخبرها أنا لا داعي أن تتعب نفسك في هذه الظروف.
قال سامي ببساطة:
- لا بأس.
شعر برغبة في تحطيم وجهه يا إلهي أبناء الديب كلهم نفس الشيء، لا يعرف ربما يكون هو سند غسق في محنتها، خصوصًا وقد أظهر رغبة حقيقة في التعرف عليها ومد حبال الود بينهما بحجة أنها ابنة خاله الوحيدة!
يعرف بأنه متزوج لكن ذلك لا يمنع، لن يجازف بأن يجعل أحد يقترب من غسق الآن هي تقوم بإجراءات الطلاق، يعني أنها تعتبر امرأة حرة ماذا لو؟!
هزه سراج ليفيق من أفكاره التي تشعل النار بداخله، ليصرخ به:
- ماذا هناك؟
توجهت الأنظار إليه بسبب علو صوته، فاعتذر وأخذ شقيقة ليبتعد عن الجميع.
قال بصوت خفيض غاضب:
- ماذا تريد؟
- لا شيء، فقط أذكرك بأن لدينا موعد مع ميلا على المركب.
زفر وخلل شعره ثم ذهب يستأذن من سامي الذهاب، لينطلق مع شقيقه للموعد الهام.
في المركب دخلت ميلا وهي ترتدي فستان أزرق كحلي يعكس بياض بشرتها الوردية يصل إلى أسفل قدميها مع فتحه جانبية، يحتضن جسدها مظهرًا مفاتنها، له فتحة من الأمام تظهر كتفيها الناعمتين بسخاء أما ظهره فكان عبارة عن فتحة دائرية أكثر اتساعًا تصل إلى منتصف ظهرها، الذراعين مغطاتان، ترتدي حذاء أسود لامع بكعب متوسط وحقيبة صغيرة.
كانت تمشي بدلالها المعهود وقد زادت من غنجها عندما رأته يجلس مقابلًا لها يراقبها كصقر بعينيه البراقتين اللتان لم تفقدا سحرها، تلك اللحية جديدة لم تكن موجودة سابقًا لكنها جعلته أكثر فتنة.
اقتربت من سراج تتأبط ذراعه وهي تهمس في أذنه:
- لا تنسى أن تسحب الكرسي المقابل له.
بالكاد تحكم في ضحكته:
- أنتِ حالة ميؤوس منها لا أصدق بأنكِ لازلتِ تضعين أملًا على هذا القفل المعقد!
- ومن أخذ رأيك؟ ثم لا تنسى بأني أساعدك في استعادك طويلة اللسان تلك، افعل الخير وألقه في البحر.
اقترب منهما ساجي ليهمس:
- لقد سمع خطتكما كل من بالمكان لا داعِ للتجربة أراهن على فشلها.
عقد كلٌ من ميلا و سراج حاجبيها، بينما تقدم ساجي من طاولة أيهم وفرح،
فعل سراج ما طلبته منه ميلا حيث سحب لها الكرسي المقابل لأيهم لتجلس به، أما هو فقد جلس على الكرسي الملاصق لها.
لم ينسى أن يتجاهل فرح فقد سلم على أيهم وتجاهلها تمامًا، قال مرحبًا فقط مع ابتسامه سمجة جعلتها تشتاط غضبًا.
- حسنًا أيهم بما أن معظم الأعمال بدأت في النهوض ببطء كما أن المبلغ الذي بعت به أسهم شركة خالد، قام بتغطية مرتبات العمال لست شهور قادمة، أعتقد بأنه حان الوقت كي نعلن عن الشركة الجديدة.
قالت ميلا مقاطعة:
- لا أوافق ساجي، أعني القضية لم تقفل وسراج لم يبرأ تمامًا، كما أن غسق لم تنهي عملها كله أعتقد بأننا يجب أن ننتظر قليلًا ، على الأقل لنضمن باقي الأسهم.
فتح أيهم فمه ليتكلم لكن فرح التي كانت تجلس على جمرات مشتعلة هي من فعلت:
- من أنتم بالضبط؟ منذ متى أصبحتِ جزء من الشركة والعمل، بل تتكلمين باسم غسق! من الأفضل لكِ بأن تجدي فستان يغطي مفاتنك التي تعرضينها بسخاء قبل أن تتكلمِي باسم عمل أخي وزوجي.
هل قالت زوجي؟! كاد سراج أن يرقص فرحًا لا بل يريد أن يضمها ويغرق ذلك الثغر الذي أخرج منذ قليل الكلمات السليطة الكثير من القبل حتى لا تقدر على النطق.
بصعوبة استطاع السيطرة على نفسه من فعل ذلك، كان ليد ميلا التي أمسكت بيده من أسفل الطاولة الأثر الأكبر.
حركت إصبعها السبابة على حافة كوب الماء الموضوع أمامها وهي تقول:
- يسعدني بأن مفاتنِي نالت إعجابكِ، بالمناسبة لقد خسرتِ الكثير من الوزن وأصبحتِ مقبولة، أما العمل فأنا أعمل معهم منذ مدة طويلة جدًا، سنوات في الواقع، آه نسيت، أنتِ لا تهتمين لعمل أحد سوى نفسك؛ أخيرًا سراج ليس زوجك بل مطلقك إذا كنتِ نسيتِ.
نظرت لها بدهشة وهي تشير لنفسها:
- أنا مقبولة؟!
التفتت لشقيقها:
- هل سمعت ماذا قالت؟ أنا مقبولة!
مال أيهم على أذنها:
- اهدئي فرح هي تحاول استفزازك لا تجعليها تكسب.
شعرت بأنها ستنفجر، أسفل رقبتها انتفخ مثل ديك رومي غاضب؛ ما زاد غضبها هو تجاهل سراج لكل ما يحدث، بل إنه يتهامس معها ويبتسم لها في الوقت الذي يتجاهلها فيه؛ لقد أتت لأنها ظنت بأنه يريد أن يراها هكذا لمح لها شقيقها، من الواضح بأن أيهم واهم! يا إلهي هو حتى لم يلاحظ التغير الذي حدث لها فقد فقدت الكثير من الوزن فعلًا؛ دون أن تقصد في البداية وجدت نفسها تتوقف عن الأكل وتنام كثيرًا، ثم قررت أن تمارس الرياضة؛ لم ترغب في العودة للعاصمة إلا بعد إلحاح أيهم، في الواقع هي كانت تخشى مواجهته تخاف لومه، لكن معاملته الباردة تلك هي ما لم تحسب لها حسابًا أبدًا.
وتلك البائسة ذات الشعر الأحمر، عادت الآن لتأخذه منها، تعرفها هي زميلته سابقًا كانت مقربه منه لكن لم تكن تعرف بأنها تعمل معهم.
حسنًا يا بسكوت الزنجبيل سوف أقرمشك بين أسناني قبل أن تقتربِي منه.
- هل قلتِ شيء؟
انتفضت فقد كانت تعتقد بأنها تتكلم في سرها ثم قالت لتداري إحراجها:
- أريد بسكوت الزنجبيل أحب قرمشته.
وأعطت ابتسامة ذات معنى لميلا التي لم تبالي بها.
وسط هذه الحرب كان أحدهم يحترق شوقًا، حاول إخماد ناره لسنوات طويلة، أنكر وجودها من الأساس؛ لكنه يتأجج الآن إنها أمامه، بقربه، يشتم عطرها الخلاب، ويرى تحديها له بتلك الملابس، المشكلة بأنه قرر منذ زمن أن لا يفتح قلبه وهي لازالت مصممة على اقتحامه.
أغمض عينيه محاولًا كبت انفعالاته؛ قد يقدر على إنكار تأثيرها عليه، لكنه لن يقدر على رؤيتها مع شخص آخر أمامه أبدًا، ها هو بين نارين فماذا سيختار؟
******
كعادته مؤخرًا يُمضي معظم لياليه في المكتب يتابع الأعمال ثم يتحدث مع طفليه ويقرأ مذكراتها كنوع من جلد الذات.
دقات على الباب ثم دخلت ميلا وسراج.
قالت ميلا مازحة:
- أهلًا بالهارب، لم أعد أراك لقد اشتقت لك.
ابتسم:
- أنا هنا لم أذهب إلى مكان.
جلس سراج بالكرسي المقابل له وقال ببساطة:
- ولماذا لا تذهب ماذا تنتظر؟
نظر له في استغراب:
- أين أذهب؟ لا أفهم.
أرجعت ميلا ظهرها للكرسي لتجيب هي:
- من يحبك يكسر ألف حاجز ليصل لك، عبارة قرأتها مرة، أصبحت مقتنعة بها مؤخرًا؛ أنت هنا تبكِ حبك على غسق! لماذا لا تكون شجاع كفاية لتذهب لها؟
أرجع رأسه للوراء:
- لأنها لن تقبل بي؛ ماذا فعلت كي أستحق مسامحتها وأن تقبل عودتي، أعتقد بأن الجنسية ستكون ورقة رابحة لكن سامي سبقني وأخبرها، ليكون كلامي لا معنى له، حتى قضية عمتي تقريبًا لن تحل ولن يجدوا الجاني؛ إذن بأي وجه أذهب إليها وماذا أقول لها؟
تطوع سراج ليرد عليه:
- قل ما تشعر به أخبرها بأنك تحبها وأنك نادم، أخبرها بأن أسوأ قرار اتخذته في حياتك هو التفريط بها والزواج من غيرها، أخبرها بأنها من ترى من خلال عينيها الحياة، هي من تشرق الشمس لتضيء عينيها وترسم الابتسامة على وجهها، قل لها أن ابتسامتها تفقد الليل وعيه ويخجل القمر من رقتها، أخبرها أن البعد عنها أسوأ من الموت فحتى التنفس صعب ومؤلم لأنها لا تتنفس بجوارك.
فتحت ميلا فمها ليغلقه لها ساجي، لم تهتم بل قالت:
- يا إلهي سراج لا أعرف لماذا لم أقع في حبك؟! ابتليت بجبل جليد لا يؤثر به شيء وأنت تعشق سليطة اللسان تلك.
- ميلا أخبرتك بأن لا تتكلمِي عنها بسوء أمامي ولا خلفي حتى.
مطت شفتيها وهي تمتم:
- للفراخ حظوظ.
كاد سراج أن يتكلم لكن ساجي قال بصوت عالي:
- هلا توقفتما وإلا سوف أضرب رأسيكما ببعض لعلكما تكبرا قليلًا.
تراجعت ميلا في مقعدها خوفًا من صراخه، كذلك فعل سراج من الواضح بأن أعصاب ساجي لا تتحمل أي مزاح.
- الآن ماذا تقترحان عليَّ أن أفعل؟ مع العلم غسق لازالت متزوجة قانونيًا من ذلك اللزج.
قالت ميلا بجدية:
- ساجي هل حقًا لا تهتم كونها تزوجت غيرك؟ أعني أعرف بأن هذا الموضوع صعب على الرجال الشرقين كيف ستتقبل الأمر كون رجلًا غيرك ملكها.
بعد أن أتمت جملتها تمنت لو أنها لم تنطق بها فقد قام من مكانه وأخذ أحد أثقال الأوراق ليرمي بها قاصدًا الجدار لكنها اخترقت النافذة وليسقط الزجاج كله بصوت عالي.
تراجعت ميلا أكثر في كرسيها وهي تضم قدميها، أنا هو فقد كان صدره يعلو ويهبط بسرعة أما عينيه فقد تحولتا للون الدم.
دار ليجلس في كرسيه وهو يحاول أن يتمالك نفسه بصعوبة شديدة،
مضى وقت قبل أن يقول:
- لا أريد أن أفكر في الموضوع فهو يقتلني؛ لا أسوأ إنه يمزقني من الداخل ببطء شديد ليكون الألم أكبر؛ أحاول أن أتجاوزه وأقول أنا السبب، أنا من أوصلتها لذلك، ربما لو لم أطلقها أو لم أتركها في المستشفى أو... أو...، أنا اقرأ مذكراتها لعل ذلك يخفف من حقيقة كونها تزوجت غيري، لكني لا أستطيع لن أكذب الأمر صعب جدًا لا أعرف إذا كنت أقدر على تجاوزه، لكني أعرف شيء واحد مهما كان الألم من زواجها من غيري هو أقل من ألم بعدها عني وخسرانِي لحبها.
بعد فترة سكوت قال سراج:
- ماذا تنتظر؟ اذهب لها وأخبرها بأنك تحبها.
- أخبرتها ولم تهتم!
- أخبرها مرة ثانية وثالثة ومليون حتى تصدقك وتعتاد؛ ساجي كنت معها جبل ثلج أكثر من أيهم لميلا ربما حان الوقت كي ينصهر هذا الثلج.
قال بعد اقتناع:
- ماذا لو رفضتني أو طردتني؟
أجابت ميلا بحماس:
- لن تفعل ولو فعلت حاول مرة أخرى؛ اسمع أنا من ستكون مستشارتك الغرامية التي ستساعدك لاستعادة غسق.
نظر لها وقد زم شفتيه في إشارة واضحة للرفض:
- المرأة التي فشلت في جعل أيهم يحبها رغم محاولتها لعدة سنوات، أعتقد بأني سأستغني عن خدماتك.
زمت شفتيها وخبطت قدمها في الأرض بغضب:
- لم أفشل لعلمك الخاص أنا متأكدة من أنه يحبني هو فقط يتدلل عليَّ وأنا لم أكن جادة من قبل في محاولاتي.
رفع سراج يده وهو يقول:
- أنا أيضًا سأكون مستشارك، لا تستطِيع أن تنكر قدراتِي.
- حسنًا ماذا أفعل أولًا.
ابتسم سراج وميلا ونظرا لبعضهما بنظرة شقية، ها قد جاء اليوم الذي يكون ساجي تلميذًا لهما.
********
ربتت غسق على كتف سارة التي قاربت على الانهيار فقد مضى وقت ولم يجدوا المتبرع بعد.
- لا تيأسي، لا بد بأن الله سيقف معه.
قالت والدة عمر:
- لو كان في بلده لما حدث له ذلك.
زفرت سارة دون أن تجيبها
فتولت زهراء الرد:
- لو كان في بلده يا خاله لم يكن ليدخل في قائمة المتبرعين لأنها ببساطة غير موجودة، بل ستكونون تبحثون عن من يقوم بإعطائه جزء من كبده وفي الغالب ستقومون بدفع مال له وهذا يعتبر حرام شرعًا؛ إذًا هنا أفضل لأنكم لن تدفعوا للمتبرع بل هو من سيقوم بالتبرع بكامل إرادته.
نطرت لها من تحت جفنها غي راضيه:
- ومن السبب في وضعه ذلك من الأساس.
قبل أن ترد عليها أسرعت الممرضات لغرفة عمر مما جعل قلب سارة يقع وكادت أن تقع مغشيًا عليها لولا أنها استندت على غسق.
ثواني وكانت الممرضات والأطباء يخرجون عمر من غرفته لتجري خلفه سارة وهي تسأل وقد أغرقت الدموع وجهها:
- ماذا حدث إلى أين تأخذونه؟!
أجابها الطبيب باسمًا:
- لقد وجدنا تطابق سوف نجري له عملية الزرع الآن.
سقطت على ركبتيها ثم سجدت تحمد ربها لتقوم غسق بإيقافها بالقوة
- تعالي معي لنفعلها بالطريقة الصحيحة.
تبعتهم زهراء وهي تنظر لوالدته قائلة:
- سبحان الله لو نحمده كفاية فقط.
خرج عمر من غرفة العمليات إلى العناية المركز، وقد أخبرهم الطبيب بأن العملية مرت بسهولة والآن عليهم الانتظار كي يروا تفاعل الجسم وتقبله للكبد الجديدة لكنه متفائل جدًا.
مضي النهار فطلبت سارة من غسق وزهراء أن تعودا لمنزلهما، لم تعترض غسق بالذات فهي اشتاقت لطفليها.
توقفت مع زهراء في الطريق، كانت زهراء تريد إخبارها بزيارتها لآدم لكنها خائفة من ردة فعلها، أزدرت ريقها وقالت:
- تعرفين يا غسق بأنه لا يوجد إنسان كامل، حتى أكثر الناس شرًا بهم خير أو جانب جيد.
- حقًا! لم أفكر في هذا الموضوع من قبل!
تابعت بحماس:
- نعم، انظري مثلًا هتلر هو أسوأ شخصية في التاريخ.
- أعتقد هناك من هم اسوأ منه.
- أعرف لكن لو وضعنا بالحسبان عدد الناس الذين تسبب بقتلهم سنجد بأنه الأسوأ؛ رغم ذلك لديه جانب جيد فهو يحب الفن وكان يحب والدته ومخلص لحبيبته.
حركت شفتيها في لا مبالة:
- ممكن لا أعرف! حسنًا العثمانيون قاموا بإحراق الأرمن أيضًا ماهي ميزتهم؟
- قاموا بتوسيع مملكتهم، نشر ثقافتهم، رغم كرهي للحكم العثماني لكن به مزايا لا يمكن إنكارها.
- معكِ حق لكن ماهي مناسبة هذا الحديث؟!
فتحت فمها لتجيب لكنها لم تقدر لتعود وتغلقه.
رسمت ابتسامه مسروقه، قالت:
- لا شيء فقد تذكرت مقالة قرأتها.
- أعجبني الموضوع، قد أناقشه مع طبيبتي إذا لم يضايقك الأمر.
أجابت بسرعة وقد وجدت الحل:
- بالعكس أرحب بشدة، افعلي أرجوكِ.
استغربت ردة فعلها لكنها لم تعلق.
وصل لمنزلها متأخرة توقعت أن تجد الطفلين نائمين، لكنها سمعت أصوات ضحك عالية لتبتسم وتدخل لهم بوجه بشوش، لكنها وقفت أمام الصالة فقد صدمها المنظر الذي رأته بل هي متأكدة بأن ما تراه ليس حقيقي!
لا يمكن أن يكون.

نهاية الفصل


ريما نون غير متواجد حالياً  
التوقيع
ريما معتوق رواياتي
غسق الماضي
س وس
سيل جارف
رد مع اقتباس