عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-22, 04:07 PM   #2

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

مشاهد منذر :
المشهد الأول
مساء الخير والهنا ❤️❤️

منذر ..

المشهد الاول:

اقتربت أسمهان من باب القاعة لتجد إياد يقف مرتديا حلة سوداء أنيقة زادته وسامة وبجواره يقف أمير وفخر يتهامسان بعبث يشع من نظراتهما يرحبون بالضيوف وعلى رأسهم مأمون الصالحي الذي كان حضوره ذات سطوة تأسر والاسم وحده يكفي وقالت " ما الأخبار يا شباب " أطلق أمير صوتا مرحا وهو يقول " كليوبترا حفلنا ما هذا الجمال " ردت أسمهان بابتسامة هادئة " شكرا للمجاملة أمير ولكن لست وحدي من يخطف الأنظار ...فالعنصر الذكوري يطغى على الحفل بقوة " تدخل مأمون قائلا " مجهودك في تنظيم الحفل واضح جدا ...أحسنت أسمهان " ابتسمت بلباقة وهي تقول " شكرا مأمون ...هذه كلمتك لو أردت مراجعتها فبشر أصر أن يكون آخر من يلقي كلمته " التفتت حولها تسأل " لكن أين هو ؟ " نظر مأمون خارج القاعة وقال " دقائق وسيعود لا تقلقي.. هل تعلمين لما لم يصل منذر إلى الآن؟ " هزت رأسها وقالت "لا.. سأهاتفه لأعرف أين هو" تحركت بعيدا لتتوقف وقد تذكرت شيئا فتعود لتقترب منهم وهي تقول " كلمتك إياد لا أعرف كيف نسيت" قال لها إياد " من الجيد أنك تذكرتِني فجيجي ظلت تضع لمساتها على كلمتي بالأمس كأني أقوم بحملة انتخابية وقد دعت بعض سيدات المجتمع لحضور الحفل وتنتظر مني أن أرفع رأسها بفخر " سأله فخر بمزاح "هل تنادي " رد عليه إياد " وفيما سأريدك ركز أنت في همسك الخافت مع الواقف بجوارك وستفلحان بإذن الله" قهقه أمير وقال " أعلم أنك متوتر من فوج العرائس الذي دعته لك أمي على الحفل لذلك سأعتبرك تحقد عليّ لأني أمرح ببال رائق " رفع إياد حاجبه وقال " نحن في ذلك معا لا فرق بيني وبينك فنحن في نظر والدتك قد أصابتنا العنوسة " ضحك مأمون بقوة وقال " متلهفين أنا وسجى للتعرف على جيجي هانم " ضحكت أسمهان وقالت " ستتفاجأ من المرأة التي ستراها يا مأمون ...إنها أم بنكهة أصيلة ...هانم راقية في زمن أصبح الرقي فيه تزلف وادعاء " قال أمير " هذه شهادة نعتز بها كليوباترا العزايزة " همت بالرد ليقاطعها مأمون يقول بصوت هادئ " لقد وصل منذر " فيسأل فخر بذهول " من تلك الشقراء التي معه " لم يأته رد بينما منذر يقترب منهم وعلى وجهه ابتسامة واثقة وهو يقول " آسف علي التأخير لقد مررت لأجلب جارتي الجديدة فهي مدعوة علي الحفل ...الآنسة جيلان الحطاب بنة رجل الأعمال خليل الحطاب " قال مأمون بلباقة " الآنسة جيلان ووالدها غنيان عن التعريف ….أنرت الحفل يا هانم " ردت جيلان التي كانت كقطعة أنوثة منحوتة بدقة " الشرف لي سيد مأمون ..وأتمنى أن يجمعنا عمل ما قريبا " شعرت أسمهان أن هناك جرح في عمق قلبها في واد بعيد يئن لكنها ألجمته وهي تمد يدها ببسمة مشعة وتقول بترحيب " أهلا آنسة جيلان لقد شرفنا حضورك ...أين السيد خليل إنه من أوائل المدعوين وكنا نتمنى أن يشرفنا بحضوره أيضا" ردت عليها جيلان بود " والدي على وشك الحضور لم نكن لنفوت هذا الحفل يا أسمهان هانم " هزت أسمهان رأسها برقة وهي تتعامل بهدوء فأقل انفعال منها مرفوض لتنظر لمنذر وتقول " منذر من فضلك أريدك أن تتأكد من ضيافة رجال العائلة فبشر اختفى فجأة و مأمون وليل لا يعرفان أغلبهم " كلامها الهادئ ، نظرتها الباسمة ، وقفتها الواثقة حطموا ادعاءه بالثقة فأظلمت عيناه فجأة وهو يعترف أن أسمهان ستظل جرحا في قلبه لا يبرأ وقال " سأتصرف أنا ...تفضلي جيلان " تحرك هو ورفيقته ويقينه بالخسارة الذي يزداد بداخله جعل جموحا وتمردا جديدين عليه يفرضا سطوتهما على شخصيته ويتحكمان فيه بينما نظرت أسمهان للظرفين الباقيين بيدها وقالت " أين بشر وبتول الحفل سيبدأ " …….
❤️❤️❤️❤️❤️
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

المشهد الثاني

من الذي أخبرك أن السقوط له نهاية؟ فحين تهوي لا تنتظر لحظة الارتطام ولا تظن أن هناك أرضا ستحط رحالك عليها داخل هوة السقوط، فهي نافذة إلى مالا نهاية ولا نجاة لك منها إلا لو امتدت إليك يد قوية لتنتشلك وفي حالته كان الاستسلام للسقوط أفضل قرار، فاليد التي ينتظرها لتنقذه لن تقترب منه أو تتمسك به أبدا ولن تحول بينه وبين ما هو فيه، فما المانع إذاً أن يجعل من سقوطه قرارا فيكون صاحب الاختيار في منفاه؟ فيعيش سقوطه كما يحلو له.
ارتدى منذر سترة بدلته وخلل أصابعه بلحيته التي أطلقها لتعطيه هالة من الغموض والجاذبية ليكمل طلته بنظارته ذات الإطار الأسود، ثم نثر عطره الفخم وظل يناظر نفسه بالمرآة كأنه يبحث في طلته عن الشيء الناقص الذي يجعله دائما غير راض عنها، فتتكون الإجابة في طيف خرج من أفكاره ليتمثل أمامه كأنها تجاوره وتنظر لعينيه بالمرآة وكفها ينام بأريحة على كتفه والكف الآخر يتخلل شعرها الغجري النائم على كتفها بدلال كسره وزاد قهره وغضبه، ليتبخر طيفها حين دخلت جيلان ترتدي مئزر الحمام وتلف شعرها بمنشفة وهي تقول "ما هذا؟ هل ستخرج؟ ألن تنتظرني؟" نظر لها منذر بغضب وقال "ألا تملين؟ جيلان كم مرة أخبرتك أني لا أريد لأحد أن ينتبه لما بيننا؟ فيكفي أنني رافقتك للحفل ووضعت نفسي في موقف حرج" نظرت له بغضب وقالت "ألست أنت من طلب مني مرافقته؟ ألست من أكد عليّ أن أختار ما سأرتديه بدقة لأنني سأظهر بجوارك؟ كيف يكون الأمر محرجا لك وأنت من سعيت له؟" أجابها منذر ببرود "نعم طلبت منك هذا ولكنني كنت واضحا حين قدمتك للجميع كمجرد جارة لي لا أكثر، ولكن ما بدر منك طوال الحفل أعطى لهم انطباعا آخر وجعلهم يتساءلون عن حقيقة ما يجمعنا" تحركت لتقف أمامه وتنظر لعينيه وهي تقول "وأين المشكلة يا منذر؟ أليس حضورنا سويا كان تمهيدا منك للعائلة قبل إعلان ارتباطنا؟ فمن الطبيعي أن يتساءلوا عما يجمعنا" تحرك منذر بهدوء ليلتقط هاتفه من فوق المنضدة التي تتوسط الغرفة وهو يقول "لا أذكر أني لمّحت لك مجرد تلميح أن زواجنا شيء دائم أو سيظهر للنور، جيلان لا داعي للكآبة حبيبتي فقد تأخرت على الشركة وأمامي يوم طويل" تحرك منذر خارجا لتمسك جيلان ذراعه بقوة وهي تسأل بصدمة "ماذا تقصد؟ ما معنى هذا الكلام؟ هل الزواج لعبة بالنسبة إليك لتقول ما قلته؟ لقد كنت أظن أنك أخفيت أمر زواجنا بسبب عائلتك وأعرافهم مخططا أن تضعهم أمام الأمر الواقع لكن يبدو أنني كنت غبية وأن ما تخطط له أبعد مما ظننت بكثير" جذب منذر ذراعه بغضب وهدر بها "وما علاقتي بظنونك وأوهامك؟ فلتظني ما شئتِ لا يهمني، ثم لا تتحدثي عن الزواج وقدسيته بهذه الحرقة فأنا لم أعدك بشيء ولم أكذب عليك أبدا، زواجنا الذي تتشدقين به كان واضحا منذ البداية فأنا لم أذهب لوالديك لأطلب يدك منهما، بل أنا عرضتُ وأنتِ قبلتِ، الأمر بسيط لا تعقيد فيه فلا تطمعي بأكثر مما بيننا لأنه لن يكون" أدمعت عيناها وقالت بانهيار "فعلت ذلك لأني أحببتُك يا منذر، شعرت بك و بوحدتك وبوجعك الذي تخفيه، شعرت أنك جئت لتؤنس وحدتي وأن عليّ أن أكون بجوارك، فلم أفكر أبدا حين عرضت عليّ الزواج ففي النهاية أنا سأكون زوجتك وأمر إخبار العالم شيء بديهي سيأتي حين تكون مستعدا له" شعر منذر أن صبره نفذ فمسد كم بدلته الذي انكمش من قبضتها ببرود وقال "جيلان، أنا لا أريد أن نتحدث في هذا الأمر مجددا لأنني لا أحتمل وجع الرأس أو الكآبة فزواجنا تعلمين أوله، وحدوده هي ما تعيشينه فلا تتعجلي نهايته بما تفعلينه وهذا إنذاري الأخير فأنا لست صبورا ولا أملك ما يجبرني على تحمل هذا الوضع كما أنني ….." صمت يناظرها بنظرة تشي بالكثير ليكمل "بدأت أختنق" خرج منذر من الغرفة تاركا إياها خلفه تدور حول نفسها كطير جريح فيما كان هو كمن يمعن في دروب الجحيم ولا يعلم السبب، أهو الثأر ممن لم تتقبل ندمه وأسفه وجعلته منبوذا منفيا أم من نفسه التي تسببت في كل هذا؟ …….
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
المشهد الثالث :

توقفت السيارات في باحة المنزل الكبير يستقبلها منير وجعفر الصغير بالترحاب ليستغل منذر وجوده بآخر سيارة ويتحرك مبتعدا عن الأعين ليجيب على هاتفه الذي وصلته أكثر من خمسين مكالمة ورسالة لم يجُب عليهن لأنه لم يكن بمفرده في السيارة. تحركت أقدام منذر بجوار السور الخارجي ليجيب على هاتفه بغضب "ماذا تريدين يا جيلان؟ ألن ننتهي من هذا الموضوع؟" جاءه صوتها الباكي وهي تقول "أرجوك يا منذر لا تتركني أواجه المجتمع بطفلك كأنه ابن خطيئة، أنا لا أطلب منك سوى أن تعلن زواجنا حتى ولو لفترة" قال منذر بسخرية "زواجنا! هل تمزحين معي؟ ألم ينتهِ ما بيننا منذ ستة أشهر لأكتشف أنك كنتِ تنصبين لي فخا فسقطتِ فيه" تعالت شهقاتها وهي تقول "لم أقصد أقسم لك، هل سترمي طفلك يا منذر؟ هل أصبح قلبك حجرا؟" قالها لها منذر وهو يشعر بالتشوش والضياع كأنه غر أحمق لا يعرف كيف يتصرف ولا كيف يخفي ما جنت يداه "لقد أخبرتك منذ البداية إنه مجرد وقت وسيمر لكنكِ طمعتِ وأردت أن تحققي أحلامك وسعيتِ لها بجهد متناسية أنني لن أسمح لك بذلك إذاً أكملي ما بدأتِه بمفردك فأنا لن أُجبر ثانيةً على شيء لا أريده، أنا لم أخطئ لأتحمل نتيجة خطئي بل أنت من فعلتِ فتحملي" أنهى منذر المكالمة وهو ينتفض من الغضب والقهر بداخله يحنيه، تنفس بقوة يحاول لملمة مشاعره المبعثرة ليدثرها بثوب الثبات ولكن كيف وهو يراها تعيش بهدوء وتزداد جمالا ونضجا وثقة، تسرق الأنظار والعقول وتقصيه، تنفيه بل الأسوأ أنها تضعه في حدوده تماما فلا يستطيع أن يتخطاها، ابن عمي وأبو ابني والجميع سلّم بذلك فلا نقاش ولا جدال.
هم منذر بالعودة للشباب ليتفاجأ بخيال فتاة أو امرأة لا يدري تختفي داخل ملابسها السوداء من رأسها إلى قدميها وتقترب من البيت الكبير بخطوات متعجلة تحمل حقيبة طبية وتعبر البوابة ليرتد جسدها للخلف فجأة وتتوقف فبدت كأنها فزعت ورجل من داخل البيت يخرج قاطعا طريقها، فاقترب منذر بهدوء محاولا ألا يلفت النظر له ليسمع الرجل يقول ببرود "هل تستمتعين بحياة المطلقات يا بهية؟ حين تشعرين أنك ما عدت تتحملين الهمز واللمز تعالي إليّ وأنا سأحاول أن أسامحك وأردك لعصمتي، فالمرأة بلا رجل كأنها بلا حجاب يسترها" لم ترد بهية وحاولت التحرك لكن يوسف لم يسمح لها وهو يقول "سأتنازل وأردك لعصمتي لأستر عليك رغم أنك ناشز خرجتِ عن طوعي، صغيرة غبية تعتقدين كونك طبيبة سيربط الألسن عنك أو سيجعل رجلا آخر ينظر لك، أفيقي يا بنت عمي فأنا في الصباح أستطيع أن أتزوج فتاة صغيرة لم يسبق لها الزواج وأضعها تحت قدمي لكنني أرى أنني الأولى بسترك وثوابي على الله" كان منذر يتابع الحوار والصورة تتضح له فمؤكد هذه المرأة الثانية التي طلبت الطلاق حين أمره الشيخ بتطليق أسمهان، نظر منذر لصمتها وخنوعها أمام شبيه الرجال هذا واستغرب كيف لامرأة مسالمة مثلها لا تشبه أسمهان بشيء أن تطلب الطلاق ليتدلى فكه حين ارتفع رأس بهية كلبوة غاضبة تزمجر وقالت ليوسف "أنا لست عارا لتتستر عليّ بل أنا امرأة مطلقة ورب العرش كفل لي أن أختار حريتي متى أردت وقد اخترتُها، فمن أنت لتعتبر حقي عارا يحتاج التستر عليه؟ من أنت لتظن نفسك أفضل مني فقط لأنك رجل؟ من أنت لتقف أمامي وتتشدق بجواريك اللواتي ستخضعهن تحت قدميك؟ فإن كنت ترى أنك تستحق الجواري فدع الملكات للملوك يا بن عمي" يا الله، ما هذه القوة! كانت الدماء بعروق منذر تندفع بحماس إجلالا للملكة، كان كل شيء فيه ينحني بتقدير وانبهار، لم تسمح بهية ليوسف أن يقطع دربها أكثر فتحركت كالسيف تشق طريقها ولا تدري أنها شقت في عقل رجل متخبط دربا جديدا من الأفكار ....

دخل منذر المجلس الذي يتصدره عبد الرحمن يجاوره منير وخاله سالم وقد جلس الشباب على الجانبين فيما يقف جعفر الصغير ليضيفهم فيفز نزار واقفا يقول له من بين أسنانه "أين كنت؟" قال له منذر الذي بدا على غير طبيعته "أجريتُ مكالمة مهمة، ماذا حدث؟" رد عليه نزار "حمي العزيز منذ أن رأى وجهي وهو كمن يستعد للقتل تعال، واجلس" صدح صوت عبد الرحمن وهو يقول "إذاً يا بشر أنت هنا لتخبرني بقرارك في الزواج من خارج العائلة مجددا" همّ بشر بالرد لكن سالم سارع يقول بود "يا شيخ، بشر ابني معذور فهو لا يتخيل أن تأخذ واحدة من العائلة مكان ابنة خاله رحمها الله، والفتاة التي اختارها هذه المرة على خلق ما شاء الله" شعر بشر بامتنان كبير لدعم خاله له فنظر عبد الرحمن لمنذر الذي كان ما يزال واقفا وقال "وأنت يا بن محسن، ألم تجد فتاة غريبة لتتزوجها أنت الآخر؟ وكأن هذه العائلة لم تعد بها فتيات يتمناهن القاصي والداني" تسلطت الأنظار على منذر الذي كان يعاني من فورة جنون وأفكار تبتلعه، كان به شيء يدفعه إلى طريق مجهول وكانت الكلمات تنازع لتخرج بصخبها من بين شفتيه وهو متمسك ببقايا عقله لينتصر جنونه ويقول "أنا لن أتزوج إلا من هذه العائلة يا شيخ لذلك أنا أطلب منك يد بهية العزايزي للزواج" شلت الصدمة عقول الجالسين فتحولوا إلى جماد لا يعطي أدنى رد فعل ليقول عبد الرحمن بعيون تبرق بالظفر "الطبيبة؟" قال منذر كأنه يريد أن يتأكد من حتمية غرقه "نعم يا شيخ" هز الشيخ رأسه بهدوء غريب عليه وقال "وأنا موافق على بركة الله، وفيما يخص بشر لقد ترك الشيخ جعفر وصية …

كيف يمكن لإنسان أن يكون في منتصف شعور ما وفجأة يفقده، كأنه يشتعل بالإحساس في لحظة ليفقد الشغف في اللحظة الأخرى وتتباطأ خطواته وهو ضائع بين ذروة الشعور وقعره، فتتفجر أحلامه بلا سابق إنذار وبدون تفسير تخمد كأنها كانت وهما، ثم يستفيق ليشعر بنفسه قد تورط في شيء أكبر منه. كان هذا شعور منذر الذي انطفأت نيران عينيه حين باغتته موافقة الشيخ عبد الرحمن كأن هناك جزءا منه كان رافضا لما يحدث وأضحى الآن مهزوما مصدوما مما وصل إليه الأمر ،جذب نزار ذراع منذر ليجلس بجواره وقال له بغضب شديد "ماذا فعلت أيها الغبي؟ هل خطبت لنفسك للتو؟ لا أصدق، لماذا يا منذر؟ ألم تكن أسمهان تستحق منك الصبر قليلا؟ ألم تكن تستحق منك المحاولة أكثر؟ أنت هكذا قد سرت بطريق اللاعودة" حاول منذر أن يدعي الثبات وهو يقول بيقين "أسمهان مذ رحلت وهي من قررت ألا عودة لنا، لقد حاولت كثيرا لكنها مع كل محاولة كانت تؤكد لي أنه لا داعي لمحاولاتي فأنا لم أعد رجلا يليق بها، لم أعد رجلا ترتضيه لنفسها كزوج وأنا لم أعد أقبل ذلك على نفسي، وكان الحل أن أقطع حبل الأمل نهائيا على نفسي وعلى الجميع" تشنج جسد نزار وهم بالرد لكنه التفت على صوت والده المتوجس يقول "وما هي وصية الشيخ رحمه الله؟ خير إن شاء الله" حرك عبد الرحمن عصاه ووصية والده كقيد من نار ملتف حول عنقه ثم نظر لبشر وقال "ألا أردّ بشر خائبا إذا جاء يخبرني أنه يريد الزواج" تهلل وجه بشر بعكس الجالسين من حوله الذين مازالوا يغوصون في صدمة ما فعله منذر وقال "رحم الله الشيخ وغفر له وأطال بعمرك يا شيخنا" ليكمل عبد الرحمن بابتسامة كانت لبشر كلدغة عقرب أسقطته أرضا "آمين لكنّ الشيخ أوصى أيضا أن يقام زفافك هنا على أرض العزايزة حتى ولو لم تكن قد حانت افراح العائلة" صمت ثقيل ملأ المكان ليقول بشر بفزع أخرج كلماته متوترة "لكن يا شيخ لا اظن أن هناك داعي لذلك فالفتاة التي سأتزوجها ليست من العائلة وكنا سنكتفي بعقد قران واحتفال بسيط" رد عبد الرحمن وأمارات الغضب بدأت في الظهور على محياه "ليكون كل ذلك هنا إذاً تنفيذا لوصية الشيخ أم لديك اعتراض؟" سارع عاصي يقول "أبدا يا شيخ، هذا شرف لنا والله، بشر كان يقصد أنه لا يريد أن يقيم فرحا في بيت شيخنا وهو متوفي منذ شهور قليلة حفاظا على مشاعر أهل البيت" قال عبد الرحمن وهو يناظر الوجوه من حوله بتفحص "أهل البيت ينتظرون بلهفة تنفيذ الوصية والشيخة بنفسها من تلقت الوصية من الشيخ قبل وفاته وكبلتني بها كطوق يلتف حول عنقي لذلك حددوا موعد الزفاف وكل شيء سيكون جاهزا بما يناسب مقامك ومقام العروس، وعسي أن تكون الفرحة فرحتين حين نستشير الطبيبة في أمر منذر وترد بالموافقة" قال بشر برهبة "لكن ..." ليقاطعه خاله سالم الذي قصم تصرف منذر ظهره قائلا "لا داعي للاعتراض يا بشر، دعنا نفرح بك وبمنذر وننفذ وصية الشيخ، حدد موعدا أو الأفضل بما أن الزفاف سيقام هنا فليحدد الشيخ الوقت الذي يناسبه" شعر بشر أن الأمر خرج من يده وطارت منه الكلمات لا يدري كيف سيتصرف بهذه النكبة ليقول عبد الرحمن "نهاية الأسبوع ستكون مناسبةً بإذن الله وسأقوم بدعوة العائلة بأكملها وبإمكانكم دعوة شركائكم وأحبائكم فالكل مرحب به" نظر أسد لبشر الذي كان كمن تلقى ضربة عنيفة على رأسه ثم حادت عيناه لوالده الذي كان الحزن ينضح من نظراته، فزم شفتيه لكيلا يتهور فيزيد الوضع سوءا بينما رد سالم على الشيخ "بإذن الله سنفعل يا شيخ ففرحتنا ببشر ليست بالهينة أبدا ..." صمت سالم للحظة قبل أن يقول "ومنذر أيضا زاد الفرح فرحا، أتم لهما الله بالخير" التفت عبد الرحمن لمنير الصامت بجواره وقال "اؤمر بتحضير الغداء فلا أحد سيرحل قبل أن يتناول غداءه" وقف منير كمن جاءته فرصة للفرار وكل ما يفكر به أن عليه أن يلجأ لحورية وقال "أمرك يا شيخ" وهم بالتحرك ليقف نزار قائلا "لا داعي لذلك فنحن سنتحرك الآن لكيلا يدركنا الظلام ونحن في الطريق" رمقه عبد الرحمن بغضب وقال "لمَ أنت متعجل على الحديث يا بن العزايزي؟ كنا سنتحدث عاجلا أم آجلا ولكنني رأيت أن تأخذ واجبك أولا" هم نزار بالرد ليدخل جعفر الصغير الذي كان قد غاب لوهلة ويقترب من أذن والده يهمس له فيقف الشيخ ليقفوا جميعا، فينظر عبد الرحمن لهم ويقول "إذا كنتم مصرين لن أؤخركم ونحن على موعدنا بإذن الله" وقف الجميع ليقول سالم "بإذن الله يا شيخ، نراك على خير" سلم عبد الرحمن عليهم لينسحبوا واحدا تلو الآخر حتى بقي نزار وبجواره عاصي الذي قال "أيمكنني أن أسلم على أمي نعمة؟" نظر له عبد الرحمن وقال "لم تعد تستقبل أحدا لكنني سأبلغها وإن وافقت فلا مانع لدي" ثم استدار إلى جعفر ليقول له "أخبر أمك نعمة أن عاصي هنا ويريد رؤيتها" سارع منير يقول "سأذهب أنا لأخبرها" ثم تحرك نحو الباب المؤدي إلى داخل المنزل لينظر عبد الرحمن إلى نزار الذي يقف ببرود ويقول له "وأنت لماذا تقف هنا؟ اذهب وأحضر ابنتي ولا تقترب من أرض العزايزة إلا وهي معك" قال له نزار يدعي اللطف المبالغ فيه "سأفعل يا شيخ لكن لا يصح أن أرحل قبل أن أسلم على أمي منار" توسعت أعين جعفر الصغير حين ذكر اسم والدته وأشار لنزار يحاول أن يحذره لكن صوت عبد الرحمن الذي زلزل المجلس من شدة الغضب والغيرة لم يدع لأحد المجال ليتنفس....

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس