عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-22, 05:42 PM   #6

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

المشهد التاني :

الخطوات يمكنها أن تكون شيئا غير مألوف إذا مشيناها داخل أرواحنا ، فليست كل الخطا مسيرها على الأرض ، ليست كل الخطا مدركة لمقصدها أو تائهة عنه ، فهناك خطا تبحث عن المغفرة ، تبحث عن النسيان ،تبحث عن الوصول إلى خط النهاية وكم هي دؤوبة تلك الخطا ، كم هي شجاعة نادرة ذات وهج ….فهي خطانا للخلاص ، كان هذا شعور بتول وهي تسير معلقة في يد فيلو كطفلة في شارع دي ريفولي الشهير ترتدي تنورة طويلة بلون فيروزي شاحب يعلوها بلوزه من الشيفون الأبيض يتخلله اللون الفيروزي بطريقة بوهيمية ملفته بقصات غجرية فوق الصدر والذراعين تجمع شعرها الغجري في كعكة ضخمة خلف رأسها وقد هربت الخصلات متمردة منها لتكمل طلتها بحذاء جلدي أنيق عالي الكعب بلون جملي آسر ، تشعر بقبضته التي احتوت كفها بقوة يسير بهوادة متأملا كل ما حوله بصمت وشرود بدا لها وكأنه منفصل عن المكان والزمان يكاد لا يرى ما حوله أو يعي أنه صامت منذ نصف ساعة ، رفعت رأسها تتأمل ملامحه الآسرة التي تلفت أنظار النساء حولهما كأنه مجال مغناطيسي لأعينهم وشعرت بنوع من المسؤولية والانتماء فحاولت كسر جليد الصمت الذي لا تعرف لما احتواه فجأة ومالت برأسها لذراعه في حركة خفيفة وهي تقول "على الأقل كن لبقا وأعلم أنها أول زيارة لي لهذا المكان الرائع ، وأخبرني عن تاريخه بدلا من شرودك الغير مفهوم والذي يبدو أنه يجذب النساء لك بطريقة غريبة " ابتسم فيلو بطريقة عابثة لكنها هادئة كأنها تعكس دواخله وقال " كل ما بي يلفت النساء وأثق من ذلك ، أنت فقط لا تعلمين مع أي رجل بالغ الوسامة والإثارة تسيرين خطواتك تلك ، أكاد أجزم أن كل امرأة ستقع عيناها علينا ستتمنى لو كانت مكانك ذهبيتي " قطبت بتول حاجبيها بعبوس وقالت " يا للتواضع ….ألم يخبرك أحد أن بالعالم الكثير والكثير والكثيييير من الرجال بالغي الوسامة والإثارة والغرور مثلك وهذا يعني أنك شخص عادي للغاية يوجد منه نسخ مكررة وبكل الجنسيات...بل أكاد أجزم أن هناك بمكان ما فتاة تقف مثلي الآن أمام رجل مثلك وتسمع منه نفس الكلام الغريب وتشعر أنه مجرد غرور بلا أي سبب " توقفت خطوات فيلو ونظر لها بتمعن قائلا " تجيدين تحجيم نزعتي النرجسية أيتها المتحفزة على الدوام ….ولكن أخبريني أيعني هذا أنك لا ترين بي شيئا واحدا فقط يدعوني للغرور ؟ " كان يسألها بأسلوب أشعرها أن الأمر تعدى كونه سؤال فأجابت بتلقائية " لأكون واضحة وأنا فتاة واضحة كما تعلم " قالتها بنوع من الغرور التمثيلي تقلده فأهداها بسمة ساخرة …. ساحرة لتكمل " حتى الآن لم أجد فيك سوى أمان جعلني أمسك يدك وأنا مطمئنة رغم أني أدرك أنك رجل كثير الخبايا، رجل كلما ظننت أنه طريق ممهد لخطواتي أدركت أني ضيقة الأفق وأنك فقط سمحت لي ببضع خطوات ممهدة إليك مقررا أن تصل بي إلى نقطة معينة داخلك وعند هذا الحد وسأقف مغصوبة لأني سأكتشف وعورة باقي الطريق الذي لم تمهده لي بعد …. ظنا منك أنه لم يحن الوقت لأتوغل به …..أنت رجل تدير في حياتك كل شيء حتى دواخلك لكنك بشكل غريب تتجاهل تدابير القدر وما قد يحدث لنا دون إرادتنا " إعصار صارخ مر في ربوع أحداقه لجزء من الثانية قبل أن يقول بتهكم وأصابعه تفتح زرين من أزرار قميصه " لم أجد في كلماتك إجابة مرضية ، سألتك سؤالا محددا وأريد إجابة محددة " لفحتهم نسائم الليل الباردة فطارت خصلاتها المتمردة حولها وهي تمد أصابعها إلى قميصه تغلق الزرين بهدوء وتقول " أنا أرى أن بداخلك أشياء طيبة لمستها بنفسي في مواقف عدة لكنها أبدا لا تصل بك إلى الكمال ولا تدعوك للغرور ، فلا أحد كامل يا فيلو ….لا أحد صدقني ، والغرور ليس للبشر مهما وصلوا ومهما أنجزوا نظل عباد الله و ما وصلنا وما أنجزنا إلا بتوفيق من الله ، ما تلاقينا وما افترقنا إلا حين شاء الله ، أفهم أن أمرك ليس بيدك كما تظن بل إنه بيد الله لذلك توقف عن جعل نفسك محور الكون لنفسك وتنحى عن هذه الدائرة لعلك ترى أمورك بشكل أفضل " يبدو أن إجابتها لم تكن مرضية له أو أنها كانت مخيفة وبشكل معقد فقد تجهم وجهه قبل أن يقول بمزاح خرج منه بخشونة غير مقصودة " لو كنت مع امرأة أخرى لما توقفت دقيقة واحدة ونظرت إلي ونحن بهذا الشارع ، كان كل ما سيهمها بطاقتي الائتمانية لتجهز بها على تلك المحلات ذات الماركات العالمية ، وأنت تقفين أمامي لاهية في فلسفة تبدو لي كثرثرة لن آخذ منها سوى صداع نصفي " زمت شفتيها وسألت بعصبية " أهذا مدح أم ذم ؟ " رفع أصابع كفه الحرة وأشار لها بالسبابة والوسطى " الاثنان " ردت عليه بعدم رضا " هذا أفضل من لا شيء ، على كل حال أؤكد لك أني لست أنثى تحب التكلف والمبالغة في كونها أنثي، فأنوثتي لا تعاني من خلل لأعالجه بأن أرتدي ماركات عالمية ثمنها ينهي مجاعات شعوب أو ألون وجهي بأصباغ بأسعار خيالية ، أو أغير ملامحي بأشياء طبية غريبة ، فخرا لي أني ما أنا عليه ، من روح الأنثى داخلي التي تحاول التقليل منها أخبرك أني أنثى استثنائية " ضحكة مفاجئة قوية ...كإعصار يضرب انطلقت ضحكة فيلو للحظات ثم قال " تحياتي للأنثى داخلك ، و أخبريها أني منبهر حقا وهذا قلما حدث " رفعت حاجبها بغرور تقلده فصارت كأنها جزء منه " واثقة ….مغرورة ….لا تهاب شيئا " قالها فيلو ببسمة فردت عليه بتول " من بعض ما عندكم " تحرك بها بضع خطوات ثم قال بصوت شعرت من ثقله أنها انزعجت " شارع المعركة " نظرت بتول للشارع العريق المبهر الممتد أمامها وسألته " لماذا سمي بهذا الاسم " جذبها لشرفة أحد المطاعم وسحب لها مقعد لتجلس وهو يقول " لست شغوفا بالتاريخ لكن قامت هنا معركة كبيرة منذ وقت طويل وانتهت بالانتصار " صمتت تتأمل كل ما حولها بشغف للحظات لتسمع صوته يقول بهدوء ثقيل مجددا " حين أتخيل ما حدث هنا منذ زمن أتيقن أن لا حياة بدون معركة " نظرت له بتأمل لا تدري بما تجيب لتقول " فعلا كلنا لدينا معارك مؤجلة ولعلها تؤجل للأبد " فقال بحرفة أخافتها وقد تشنج جسده " ومن أين يأتي الصبر للأبد ؟ من يؤجل معاركه أو يهرب منها إنسان مهزوم " أشاحت بوجهها عن عينيه كأنه صفعها بقوة وصمتت للحظة قبل أن تقول كأنها ترد له صفعة تجهل إن كانت مقصودة أم لا " ومن يدع شياطينه تقود معاركه هو مهزوم لا محال " نظرت لها عيناه بتطرف جعلها تفكر أي حجم يعيشاه معا بصمت وأي قدر ألقاهما في طريق بعضهما فأشار فيلو للنادل ليقترب وبعجرفة خالصة تجري بدمائه بدون أن ينظر حتى لقائمة الطعام طلب العشاء متخليا في لافتة طيبة منه عن المشروب الكحولي الذي يعتبر هو المشروب الأساسي في هذا المكان واستبدله بعصير الفواكه ليعم الصمت قليلا قبل أن تلتفت له بتول وقد تذكرت سؤالا ملحا فقالت " فيلو أين فيرونيكا لقد رأيت فتاة أخرى اليوم تحتل الغرفة خارج مكتبك ولكني كنت مشغولة أحاول أن أستوعب مسؤوليات المنصب الذي وكلته لي والذي أخشى أن يكون أكبر من قدراتي ….لا أريد أن أخذلك " كأنها وجهت سهما طائشا استهدف نبضه الذي استشعر الكلمة بطريقة عنيفة ولكنه ببرود مخفيا كل ما يدور داخله قال لها " لا تهتمي لفيرونيكا أو غيرها ، لا تهتمي من رحل ومن حضر ، ركزي في العمل السيد فيرنيل سيتولى أمر تهيئتك لمنصبك وسيكون معك خطوة بخطوة حتى تستطيعي تدبر الأمر بمفردك …...فأنا …...أعلم …...أنك لن تخذليني " كلمته لمست عمق الماضي ….عمقا مظلما بأسراره المخيفة وهي تسمع صوتا قويا حادا جاءها كطيف ذكرى يقول ببأس غاضب تميز به رنة الحزن " لقد خذلتِني " أفاقت من شرودها على ابتسامة النادل اللطيفة وهو يضع العشاء أمامهما فنظرت لفيلو وقالت " هل هاتفت بشر وعاصي لتقوم بواجب العزاء " رد عليها وهو يضع الهاتف أمام عينيه وينظر له باهتمام " هاتفت عاصي الذي بدا نوعا ما عصبيا ومتعجلا لإنهاء المكالمة ، أما بشر فلا أستطيع أن أصل إليه ، لعل لديهما ما يشغلهما لا أعلم ولكني شعرت ربما الأمر يخص تلك الفتاة …..لذلك " صمت ينظر لها بتفكير فحثته على أن يكمل حديثه وهي تسأله " لذلك ماذا " لم يُجِب وهو يحرك الشوكة والسكينة ويبدأ في الأكل محاولا تدارك غضبه معلنا أنه لن يبوح لها بجملة " لذلك خشيت أن أسأل " فليس هو من يخشى شيئا ولكنه يعلم حساسية روحه تجاه الظلم ….وجموحها المخيف تجاه الظلم ،فهو وكوكب الأرض متشابهان فحين يضيء نصف منه يكون الآخر مظلما مقفرا ، هو الآن هنا حيث روحه السوية تشرق شمسها وبعد ساعة سيكون هناك حيث موعد الشروق مع ذنوب فيرونيكا ، بدأت تأكل وهي ترى تجاهله الكامل الذي يؤكد لها أنه لن يفصح عن شيء وبمجرد أن أنهت طعامها تفاجأت بسيارة فيلو وسيارة الحراسة تقفان أمامهما مباشرة وقد وقف فيلو معلنا أن وقت الرحيل قد حان يمد لها يده فأمسكت بكفه بدون تفكير فهي أدركت أن وقت التفكير بحكايتها مع فيلو قد انتهى والآن فقط لم يبقَ للحكاية سوى أن تبدأ ……..

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
المشهد الثالث :

بعد عدة أيام

كم هو معقد أمر الهوية بالنسبة إليها ، فجميع البشر هويتهم عبارة عن اسم وسن وعنوان وهي هويتها ظروف لا تدري لما كانت بهذه القسوة ولا تريد أن تتذكر منها شيء يكفيها أنها الآن تملك اسما وسنا وعنوانا رغم زيفهم يحمونها كحصن حصين ….يكفي أنها تملك ذلك المتناقض المخيف ...الحنون الطفولي الذي مد بينها وبينه رباطا قويا لم يبدِ حتى الآن له أسباب ، تحركت نحو خزانتها الضخمة تشعر بالاختناق وهي تتلمس ساعدها وتحرك أصابعها على ذلك الوشم الذي يسكن أحداقها دون حتى أن تنظر له ، شعور مقبض يكتنفها فيجعل قلبها يتأرجح بصدرها ببطء مفزع فتود لو أن بإمكانها أن تجري نحو فيلو كطفلة وتتمسك به ثم تبكي بقوة رافضة أن تسافر وحدها وبرغم ذلك بأقدام حافية سارت داخل خزانتها حتى وصلت لركن وضعت به بعض حقائب السفر فسحبت حقيبة مناسبة وفتحتها ثم خرجت ووضعتها على السرير لتتجمد عيناها برفض لكنها تتمالك نفسها وتعود للخزانة وتبدأ في انتقاء بعض الملابس الرسمية والغير رسمية لسفرة ستمتد لأيام ،
بدون استئذان فتح فيلو باب الغرفة ودخلها حافيا كعادته لا يرتدي سوى بنطال بدلته دليل على أنه عاد من الخارج للتو يحمل بيده صندوقا ضخما وهو يقول " أيتها الذهبية " مرت من أمامه تضع الملابس في الحقيبة بصمت فلم يعد منظره يؤثر فيها بعدما اعتادته واعتادت احتواءه بدلا من توبيخه فحدسها أنبأها أن الأمر فوق طاقته وليس بيده ، وضع فيلو ما بيده بجوار الحقيبة وهو يقول " أهذا خصام مثلا " التفتت له بعيون أصبح يميز فيها الانتماء ...أصبح يرى فيها شيئا يخصه وقالت برجاء " تعالَ معي ،أو لنعتذر عن ذلك الحفل ، لا أريد أن أسافر وحدي ، لا أشعر بالراحة لهذا الأمر " قال فيلو بعملية وهو يمرر أصابعه بين الملابس المتراصة بالحقيبة " للأسف الخياران غير وارد النقاش فيهما ، أولا أنا لدي أمر هام هنا يمنعني من السفر ...ثانيا أنت أصبحت أمام العالم زوجتي وشريكة لي وضلع مهم يجب أن يظهر في عالم رجال الأعمال ...إذا العقل يقول بما أننا أصبحنا اثنان أنا سأظل هنا لأنتهي من أموري العالقة وأنت ستكونين هناك لتنوبين عني وتتسلمين زمام الأمور في عالم المال والعلاقات أكثر ، لا تخافي شيئا سأكون معك خطوة بخطوة …..حتى تحين عودتك " سألت بتوتر " ولما كل هذا ….إنه مجرد حفل سيقام غيره الكثير ، أنا لا أريد أن أسافر فيلو " اقترب فيلو منها ينظر في عينيها وهو يسألها " لماذا كل هذا التوتر" وضعت يدها على قلبها وقالت " شعور بعدم الراحة يملؤني ، قلبي منقبض ، في رأسي صوت يصرخ لا تسافري ...لا أعلم لكن كما لو أنه حدس ينبئني أن رحيلي بدونك ليس أمرا جيدا بتاتا " قال فيلو بسخرية " احذري أن يكون قلبك الغبي وقع في عشقي …..وكل ما يحدث لك أعراض غيرة قوية " لم تتجاوب بتول مع مزحته وقالت " فيلو أنا لا أمزح ، أرجوك إما أن تأتي معي أو أن تلغي فكرة سفري تماما " أمسكها فيلو من أكتافها وقال " بتول اعتدتك أكثر صلابة ليس أمر تافه كسفرك بضعة أيام هو ما يهزك هكذا ، لقد نفذت لك طلبك ولغيت رحلتك الخاصة وحجزت لك في إحدى خطوط الطيران ، وأرسلت معك فريقا كاملا سيكون رهن إشارتك ، كما أنك ستكونين في بلدك الذي تعشقين دفئه وتجيدين لغته ، والجميع هناك يحبك ويحترمك لا داعي لمخاوفك أبدا ...أيام فقط وستعودين لبيتك هنا " نظرت له بتول بيأس وقالت " على الأقل أخبرني بالأمر الذي ستبقى لأجله " أشاح فيلو بوجهه وقال " لا أظنك تريدين أن تعرفي ، دعي ما بيننا سلسا يا ذهبية أنت حافظت على وجودك في بقعة الضوء إذاً لا تحاولي المرور للجانب المظلم " قالت بقوة " لم أشعر أن ما تخفيه عليّ هذه المرة سيؤذيك " رد عليها بسخرية " وهل كنت تدرين ما أخفيه بالسابق لتشعري بذلك ، كل ما تمرين به ليس أكثر من توتر وربما تكون فورة هرمونات مجنونة أنا من سيدفع ثمن جنونها " قالت له " فيلو أنا لا أريد أن أفقدك ،لا أريد أن أهيم على وجهي مجددا بلا بر لأرسو عليه ، أنا أحتاجك ، وجودك بجواري وتعلقي بك أمر لن أستطيع شرحه لك ، لعلني بالماضي لم أكن أعبأ بغيابك ...برحيلك ...بغموضك ، لكني الآن أعبأ بك أكثر مما تتوقع ، وأخشى صمتك وعدم قدرتي على فهم ما يدور من حولك " لم تتوقع بتول أن يقترب منها بهدوء ثم يرفع كفيه لرأسها ويضمها لصدره ، كانت بعيدة عنه كأنه يحترم حدود علاقتهما وقريبة منه كأنه يفهم حقيقة ما يجمعهما وقال " لا تحاولي أن تفهمي شيئا …. وانفضي التوتر عنك ….واعلمي أني أثق بك " استكانت وكفاه المطبقان على رأسها بقوة كانا كأنهما يحكمان مخاوفها يدعمانها وقالت " ماذا فعلت لأستحق كل هذه الثقة " شعرت بصدره يعلو ويهبط ثم قال " لم تفعلي شيئا ، وهذا جعلني أرى فيك شيئا غريبا ساقني لما نحن عليه الآن ...ثقتي بك غير مشروطة وبدون أسباب " زفرت بيأس وقالت " ليس المزيد من الألغاز " ضحك فيلو وقال " وهل تنتهي الألغاز وأنت لغز كبير ….بتول " ناداها فرفعت له عينيها ليسأل " هل حين تختلين بنفسك للصلاة والحديث مع ربك تذكريني " صمتت لوهلة ثم قالت " دوما ما أدعو لك ...جميعنا نحتاج الدعاء " امتد الصمت لحظات قبل أن يطلق فيلو سراح رأسها وهو يقول مغيرا دفة الحوار مبددا جو السكون " ستنبهرين بالفستان الذي اخترته لك من أجل الحفل " فتح فيلو الصندوق لترى بتول طيات الحرير الذهبي الباهر الجمال مفرود بأناقة شديدة في طبقات فقالت " ذهبي مجددا ...هذا كثير " ابتسم فيلو ابتسامة بدت مصطنعة وقال " ماذا أفعل وأنا لا أراك سوى ذهبية مشعة ...الذهبي كان يناديك " قالت بتفكه " وأنت لبيت النداء…. يا لسعدي " نظر لها فيلو بعمق للحظات قبل أن يقول " لم يتبقَ علي موعد طائرتك الكثير هل أنهيت حقيبتك أم تريدين مساعدة ...خبرتي في الأزياء النسائية ستبهرك" نظرت له تدعي الغضب وقالت " هذا الشيء الوحيد الذي يخصك وأعلمه جيدا ...أنت تجيد انتقاء كل ما يخص النساء ….رجل لا أمان له " ضحك فيلو بصخب ورجولة فتجسدت صورته في عينيها كذكرى طبعت وقال " لماذا يتضرج وجهك بحمرة الغيرة بهذا الشكل ، لو كنت تريدين بعضا من سخاء مشاعري أنا دائما في الخدمة " تملك منها الغيظ الشديد فأمسكت بإحدى الوسائد تقذفها نحوه وهي تقول " أيها الغليظ لست من نوعي المفضل حتي فلتمت بقهرك ، فيوما ما سأجد رجلي الأسمر ذو الدماء الحارقة وأذوب به عشقا وأتركك وحيدا تبكي عليّ " تصلب جسد فيلو فجأة وشحب وجهه كأنما الدماء فرت منه ينظر نحوها بشيء من الخوف ليختفي كل هذا بلمحة كأنه ما حدث وهو يقول " حتى يحين ذلك الوقت حافظي على قلبك جيدا فأنا تأثيري مدمر على النساء " تحرك فيلو بعنجهية نحو الخزانة فيما تجمدت مكانها تقول بهمس " قلبي يحدثني أن أستعد للقادم ، وقلبي لم يكذب عليّ يوما " توسعت عيناها وهي تلمح فيلو يحمل قطعتين من ملابسها بين أصابعه وهو يقول بعبوس " ذوقك متدني جدا في هذه الأشياء" صرخت برفض وهي تقفز لتقذفه بالوسادة مجددا فيرد لها الضربة فارضا رأيه عليها في ترتيب الحقيبة …..مر الوقت بلمح البصر لم يتركها لحظة واحدة حتى وجدت نفسها تقف بجواره أمام سلم الطائرة وهو يحيط ذراعيها ويقول " حان موعد رحيلك أيتها الذهبية " ارتعش فكها وهي تنظر له نظرة لم تفهمها ولم يفهمها هو أيضا ، كانت نظرة لوم على شيء لا تدركه ، فقالت له " اهتم بنفسك فيلو …..لا إله إلا الله " حاول أن يدعي المرح وهو يقول " لا أذكر الرد على هذه الجملة هلا ساعدتني " انفجرت بالبكاء وهي تتعلق بعنقه بقوة تقول بصوت مرتعش لا تقوى على تجميع أحرفها " محمد…. رسول الله " رددها قلبه مرات عدة وذراعاه تتمسكان بها أكثر مما تحتوياها ليكون منظرهما الملفت كحبيب يودع حبيبته المنهارة جاذبا لأنظار جميع من حولهما خاصة ركاب الطائرة التي كان معظم ركابها من المصريين ، بنظرات هائمة اقتربت إحدى المضيفات تقول " سيدتي علينا أن نتحرك تفضلي معي " وكأنما أذن فيلو التي التقطت صوت المضيفة جعلت شخصيته الباردة المتعجرفة تظهر وهو يعي للموقف ، فأبعد بتول عنه يمسح دموعها بأصابعه ويقول " يكفي بتول ..هيا تحركي " أفاقت بتول مما يحدث لها وهي حقا لا تفهم ما بها ما الداعي لكل هذا التوتر والخوف الذي دفعها لذلك المشهد المخزي على الملأ….لا بل تفهم إنه ذلك الإحساس الذي لم تشعر به سوى مرة واحدة بعمرها ….إحساس غريب جدا يخبرها أن أمرا جللا سيحدث وبالماضي ما حدث فاق كل توقعاتها وألقى بها للجحيم وهي لم تعد حمل أي أوجاع لقد اكتفت ، كانت المضيفة تسحبها وعيناها معلقتان بفيلو الذي يلوح لها بنوع من الاستعراض سارقا لمعة عيون المحيطات به ، وقبل أن تصل باب الطائرة قال لها بصوت جهوري " أيتها الذهبية ...ظلي مشعة ...سنلتقي قريبا" ثم انسحب كأنه يتحكم في وقت إسدال الستار كعادته غير مدرك أن أحيانا حدسنا يكون خير دليل أن النهاية ستكون بالغة السوء ……


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس