عرض مشاركة واحدة
قديم 05-07-22, 12:32 AM   #260

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي


(3)
وقفت أمام المرآة الطويلة، تنظر إلى شكلها ظاهرا، بينما تفكيرها يقود بها إلى أعماق نفسها الجريحة، نفسها التائهة في غيابات من الألم و الشتات. فكانت صورة الخارجية بعيدة جدا مشوهة في عينيها رغم جمالها، كانت ترتدي فستانا باللون الأزرق السماوي، ينسدل على جسدها بخفة و نعومة، و قد كان مغلفا بالشيفون الشفاف، الذي يحيط ذراعيها، فيظهر بشرتها البيضاء الناصعة بشكل واضح، و في الأسفل كان يجتمع على شكل طباقات خفيفة جعلته أشبه، بوردة تفتح أورقها لتعانق أشعة الشمس، أحاطت جيدها بطوق فضي رقيق، كان هدية من أمها لما إجتازت المرحلة الثانوية، و من يومها لم تخلعه أبدا، بينما تركت خصلاتها الملتوية بنعومة ككل شيء فيها، حرة طليقة كما تحب دوما،و كأنها تكره أي نوع من القيود و تبغضه، و بعد إصرار مكثف من بيلسان، وضعت زينة خفيفة، خفيفة جدا، تكاد لا تظهر حتى، فقط كان الغرض منها إعادة القليل من الروح لملامحها المرهقة، و قد كان لها ذلك، فقد اضفت على وجهها المتعب إشراقة لا تليق بروحها الغاربة أبدا، أنزلت يديها تتحس مرة أخرى فستانها الرقيق. تشد على ثوبه و كأنها تشد على يد حبيبتها، سافر خيالها للوراء، يحيي ذكرى أخرى، من ذكريات التوليب الغابرة.
"_أمي. أنظري لهذا الفستان ما رأيك فيه أليس جميلا؟
رفعت توليب الفستان تتأمله لتقول زمتا شفتيها و هي تضيق عينيها بتركيز.
_أغلى أمنية عندي، الفستان جميل، لكن أنا لا أحب اللون الأسود عليك في الحقيقة أتشأم منه.
عقدت أمنية حاجبيها و هي تقول بيأس
_لكن يا أمي اللون الأسود، لون جميل يمنح مرتديه رقيا و غموضا رائعا، هو لون أنيق جدا.
إبتسمت توليب لتبتعد عنها متجهه إلى مكان معين في المحل و الذي تعود ملكيته لشركتها، فكانت تعرف كل إنش فيه، و كيف لا و هي تحس أن هذه الملابس التي صممتها عن حب، و قامت بتتبعها و هي تخرج من الورق للتشكل شيئا فشيئا في الواقع، كأبنائها تماما، التي رافقتهم في جميع مراحل حياتهم، منذ ولادتهم كفكرة على ورق، إلى وصولهم لأرفف المحالات، عادت إلى أمنيتها الحبيبة حامله، فستان، بلون السماء في يوم ربيعي صافي، وضعته فوق جسد إبنتها و هي تقول.
_عندما كنت جالسه فوق المكتب، أحمل قلمي، أناشد الأفكار، كنت أنت من خطرت في بالي، حين وجدت نفسي أرسم هذا الفستان، و أتشوق لأراه عليك يوما، أنا أراك أنت و أختك دائما ملائكة، و لا أتخيل عليكما إلا الألوان الفاتحة، رغم أنني أدرك تماما، أنكما ستبدوان مذهلتين في الألوان الغامقة.
ثم رفعت كتفيها، بعد أن عادت من حالميتها. لتقول بإبتسامة رقيقة و نبرة مداعبة.
_ماذا تفعلين بقلب الأم. تحمليني قليلا صغيرتي.
تنهدت أمنية و هي تقول زمة شفتيها بضيق طفولي
_إذن سيدة توليب بما أنك قد إخترت لنا الفساتين مسبقا، لما تأتين بنا لنعيش الدور و نختار و في الأخير يكون القرار قرارك.
ضحكت توليب بخجل و هي تعض شفتيها قبل أن تقول.
_أمنيتي أنا فقط يعني...لا شيء. يمكنك أخذ الفستان الأسود إن أردت. فالقرار الأول و الأخير لك حبيبتي، هي فقط وجهت نظر.
حركت أمنية رأسها بنفي و هي تضم الفستان إليها، لتنحني مقبلتا وجنة أمها و هي تقول بحب صادق
_بل أحببت هذا كثيرا، و كثيرا جدا، و هل أستطيع رفض فستان إختارته الملكة من أجلي، سأذهب لأقيسه.
همت أمنية بالذهاب لكن توليب أمسكتها من يدها قائلة برقة
_هو في مقاسك تماما، لكن في الحقيقة أنا أريد رؤيته عليك في مناسبة جميلة.
_وصلاتكما الرومانسية لا تنتهي أليس لي مكان بينكما؟
ضحكت توليب برقة لتجذب كل من إبنتيها لحضنها تضمهما بقوة، بينما تقبل رأسيهما. قائلتا بعاطفة.
_أنتما حياتي، كل حياتي، و أنتم جميع أمانيها، و أغلى أمنيتها.
بعد أن أنهت إحتضانهما سألت اماني و هي تنظر إلى الفستان الذي بيد أمنية.
_إذن هل إخترت فستانك؟
رفعت أمنية قائلة برضى
_الملكة تكلفت بذلك.
إبتسمت أماني و هي تتحدث بروح مشرقة لم تعرف الهم يوما
_إذن أنت محظوظة يا مدللة الأسرة، أنا ايضا إخترت أحد الفساتين و أتيت لأخذ رأي أمي.
ثم عرضت عيهما فستان، من الوردي الفاتح الذي يميل للبياض، كان فستانا رقيقا جدا، هادئا، ملائكيا بحق. غامت عينا توليب بعاطفة قوية، و هي تقول.
_أنت إخترت الفستان الذي كنت أريده لك.
شعرت أمنية ببعض من الغيرة، فهي دائما ما تستغرب من العلاقة التي تربط أمها بأختها التوأم، و كأنهما شخص واحد في تفكيره، و في ميولاته، و حتى في شبه أماني الغريب لأمهما. أماني نسخة طبق الأصل عن امهما في كل شيء شكلا و روحا و فكرا. أحست بأماني تضمها إليها و هي تقول.
_نحن نحبك غاليتي كثيرا، لا تنسي ذلك.
لقد أحست بها أماني كالعادة تحس دوما بكل ما يجول بخاطرها، فهي كانت دوما كتابا مفتوحا أمامها. بادلتها أمنية العناق فهي تحبها تحبها كثيرا و مشاعر غيرة لحظية سرعان ما تطير أدراج الرياح أمام الحب الكبير الذي يجمعهما، إبتسمت توليب بحنان لتردف بصوت مرح.
_أيتها الخائنتين، كيف تحتضنان بعضكما من دوني. أتبعت كلماتها بإقترابها منهما معانقتا إياهما بقوة تود لو كان بإمكانها تخبئهما في صدرها، و صوت ضحكاتهن السعيدة تتعالا في الأرجاء.
_يا إلهي تبدين مذهلة جدا أمنية.
أفاقت أمنية من أفكاركها على صوت بيلسان التي أتت لتديرها إليها و هي تتفحصها قائلة بحب شديد
_الفستان رائع جدا أمنية متى أخترته، إنه يليق بك كثيرا حبيبتي، تبدين فيه كأميرة هربت من قصص الحكايات
إبتسمت أمنية بحزن شديد و هي تقول بنبرة مقهورة
_لست أنا من إخترته.
عقدت بيلسان حاجبيها و هي تسألها بإستفسار
_ و من فعل؟
_من إختاره لأجلي لم يعد موجودا، و لن يكون موجودا ليراه، بعد ما كان يتمنى ذلك.
شحب وجه بيلسان قليلا و قد ظهر الحزن على قسماتها الجميلة و هي تسألها بتردد
_أتقصدين...
حركت رأسها تؤكد على السؤال الذي لم ينطق، بينما تجيبها بنبرة ملؤها الألم و الشجن.
_أجل أمي. أمي هي من صممت هذا الفستان من أجلي و كانت تتمنى رؤيته علي في مناسبة سعيدة، لكنها لن تراه! لن تراه أبدا! لقد منعتني يومها من أن أقيسه رغبة منها برؤيتي و أنا أرتديه في يوم خاص! لكنها ما كانت تدري أنها بذلك لن تراه! لن تراه أبدا! لما الحياة هكذا قاسية؟! لما لا تضع إعتبارا لأي شخص أو شيء كان!
عضت بيلسان على شفتيها و هي تحاول حبس رغبتها في البكاء لتحدث أمنية بصوت رغم إرتجافة الحزن به إلا ان نبرته كانت قوية مساندة، تمسح على ذراعيها و هي تحدثها.
_أمنية حبيبتي إرتدؤك لهذا الفستان يعني شيئا واحدا. أمك ستبقى معك دوما في أي خطوة تخطينها و في كل نفس تتنفسينه، الموت هو إختفاء فقط للجسد تحت التراب، و تحرر للروح من سجنها الدنوي. أمك ستظل حاضرتا دوما! دوما ثقي بذلك.
شردت أمنية قليلا لتقول بمرارة يشوبها بعد الإستهزاء و عينيها تملئان قهرا و شوقا.
_من أخذته الموت فهناك عذر لغيابه على الأقل!
علمت بيلسان أنها تشير إلى غياب أماني بقولها، لتربث على كتفيها و هي تهمس لها بدفئ محاولة التخفيف عنها
_كل غائب حجته معه يا أمنية، و أنت تعريفين جيدا أن أماني تحبك. فلا تدعي للشك بقلبك مجالا.
_يا فتيات قد جاء العريس. ألم تنتهيا بعد.
كان ذلك صوت السيدة نارين الدافئ التي أطلت من باب الغرفة. و هي تبتسم بحنانها المعهود. لتقترب من أمنية و هي تقول بعاطفة أمومية صادقة و قد إمتبأت عينيها بالدموع
_بإسم الله ما شاء الله. تبدين فاتنة، فاتنة جدا حبيبتي. حماك الله و رعاك، توليب ستكون سعيدة بك كثيرا يا صغيرتي.
ذبلت أعين أمنية من الحزن، و قد أصبح إسم أمها مؤلما، مؤلما جدا بالنسبة لها، فغريب كيف يحول الفراق ما كان دواء لكل شيء إلى أكبر داء.
لكن نارين لم تمهلها وقتا للإكتأب و هي تجرها معها للخارج.
تسمرت عيناه على تلك الحسناء الأتية بإتجاهه، أيه حسناء؟ إنها ملاك. ملاكه هو وحده، إنها حوريته الخاصة، إنها حياته هو، لم يفطن إلى نفسه و هو ينهض من مكانه، و عيناه تتفحصانها بحب.
_إقتربي يا إبنتي سلمي على ضيفنا.
قالها السيد أدم زوج السيدة نارين، و هو يشير لأمنية بالإقتراب، إقتربت بخطوات مترددة و هي لا ترفع عينيها له أبدا. مدت إليه يدها الصغيرة، ليحتضنها وسط كفه الكبير نسبتا إلى كفها، إن يديها تبدوان في كفه كيدي طفلة صغيرة، رفعت عينيها إليه بعدما أطال إحتجاز يدها وسط يديه، و هي تحس بضربات قلبها العنيفة تصم أذنيها، بينما لون الخجل المميز قد زحف ليحتل وجنتيها إلتقت عينيها بعينيه المليئتين لعاطفة جياشة. و هو يطوقها بحب سلب أمفاسها، بينما يسألها بصوت دافئ
_كيف حالك أمنية؟
أجابته بتلعثم و هي تهرب بعينيها من ربيع عينيه الآسر.
_ب...بخير.
إبتسم و هو يفك حصار بديها أخيرا، لتبتعد عنه جالسة في أبعد ركن منه، كانت تجلس منكمشتا على نفسها في الأريكة، و هي تعبث بأصابعها الرقيقة، رفعت عينيها عندما أحست بجسد السيدة نارين التي جلست بجانبها، ثم إلى بيلسان التي أحضرت صينية المشروبات.لكن السيدة نارين أوقفتها و هي تقول
_دعي أمنية هي من توزع العصير يا بيلسان.
رفعت أمنية عينيها للسيدة نارين بصدمة. لتحتها على ذلك و هي تربث على رجليها برقة
نهظت أمنية من مكانها لتأخذ الصنية من بيلسان و تبدأ في توزيع القهوة بيدين مرتعشتين، بينما كان هو يراقب توترها بإستمتاع، أخذ الفنجان من صنيتها لكنه تعمد ملامسة يدها لترفع عينيها إليه، فيقفل إحدى عيناه غامزا لها. إزداد توترها أكثر، و هي تمرر أخر كأس إلى السيد أدم لتتجه إلى مكانها هاربا بخطواتها المتعثرة
_إذن أظن أن الوقت مناسب لنحدد سبب الزيارة.
قالها رائد موجها حديثه إلى الحاضرين.
_تفضل بني. نحن نسمعك.
إبتسم رائد للسيد أدم قبل أن يقول.
_جئتكم اليوم لأطلب يد إبنتكم أمنية. إن قبلتم بي بالتأكيد.سيد أدم.
إبتسم أدم بوقار و طبعه عمليه كأستاذ جامعة يغلب عليه و هو يرد.
_الكلمة الأولى و الأخيرة لإبنتنا أمنية، و كما يبدوا فهي موافقة، لهذا أستطيع أن أقول لنقرأ الفاتحة على بركة الله.
وبعد إن إنتهو من التلاوة اجمعين وقف رائد وقد أخرج دبلة الخطوبة من جيبه. ليستأذن منه إلباسها لأمنية. توجه إليها لتقف هي تلقائيا ما إن وصل أمامها.أمسك يدها الأيمن ليضع الدبلة في بنصرها، بينما تعال التصفيق، و زغاريد السيدة نارين.كانت بيلسان تحاول تصوير المشهد من جميع الإتجهات، لترسله لاحقا إلى أماني، التي هي واثقة أنها تعيش هذه اللحظة الموجعة على جمر من ألم.
ما إن أدخل رائد الخاتم في إصبعها، حتى رفع يديها إلى شفتيه يطبعه عليها قبلة رقيقة و هو يقول.
_مبارك علينا حبيبتي.
همهمت أمنية بخفوت.
_ليست إلا خطوبة.
لكنه سمعها لينفجر من الضحك قائلا.
_إن أردتي حبيبتي نجعله عقد قران و زفافا حتى.
إحمرت وجنتا أمنية و هي تضرب على كتفيه متمتمة بضيق
_قليل اللادب.
_و ما في هذا من قلة الأدب، كل هذا يا صغيرتي لأنني أريد أن أتزوجك.
أحست بيده تمدتد ليدها ليضع وسط راحتها شيئا معدنيا باردا، أخفضت عينيها له لتجد ذبلة خطوبة رجالية، و تسمع صوته الهامس يقول لها
_دورك. حبيبتي ألبسني الذبلة.
قالها و هو يمد لها يده اليمنى، لتمسكها بيدين مرتجفتين، و هي تدخل الذبلة في أصبعه، ما إن إنتهت حتى تعالا التصفيق مرة أخرى، ليقبلها رائد على جبينها، قبل أن يبتعد عنها لتلقي المباركات.
كانت امنية تتلقى أحضان كل من بيلسان و السيدة نارين، بينما قلبها يهفوا إلى أحضان اخرى تعلم أنها لن تنالها أبدا.
_____________
وقفت في غرفة الإجتماعات، تستند على طاولة أبعد بقليل، من الطاولة الكبرى الذي كان يترأسها فؤاد. بينما باقي المستثمرين يحيطون به. وقفت تتأمله بعينيها الماكرتين، حسنا لا بأس به فعلا، هو يملك قدرا كبيرا من الوسامة و الجاذبية، بقامتها الرجولية و جسده الرياضي، و ملامح وجهه الوسيمة و الهادئة. لكنها تفضل الخبرة عن كل هذا، فلا يزعجها شيء أكثر من رجل لا خبرة له، و مع ذلك فهي تتوق لتذوق هذا النوع الجديد.
_سلين من فضلك هاتيني الملف الأحمر من مكتبي.
_حاضر.
قالتها بصوتها الناعم، لتتوجه إلى المكتب متبخرتا في خطواتها. قبل أن تقترب منه مناوله إياه الملف متعمده لمس يده بطريقتها المدروسة، لتبتسم بداخلها، على حالة التوتر التي تجتاحه دوما كلما تعمدت لمسه بطريقة عشوائية.
بعد مدة إنتهى الإجتماع، ليظل وحيدين في المكتب، كان يلملم أوراقه إستعدادا للمغادرة، بينما عضت شفتيها مفكره أنه لن يبادر بالخطوة الأولى أبدا إن ظلت تنتظره، لذا من واجبها هي أن تبادر أولا. إقتربت منه لتربث على ذراعه، ما جعله ينتفض مستديرا إليها و هو يسألها بتوتر و قد بدأ جبينه يتعرق من قربها الشديد الذي بعثر حواسه.
_سيلين هل أنت بخير؟ هل تريدين شيئا؟
إقتربت منه و هي تضع رأسها على صدره ما جعله يقف جامدا لا يقوى على الحراك، لتقول بصوتها المغوي.
_لست بخير أبدا، أما عن ما ما أريد فأنا أحتاجك أنت.
لم يستطع أن يبدي أية ردة فعل، فقط رفع يديه بصعوبة ليربث على ظهرها، بينما هي زادت من حشر نفسها بحضنه. ليبعدها بعد مدة و هو يقول بصوت مبحوح
_دعينا نذهب من هنا الأن.
كان صامتا طوال الطريق و هو يقود سيارته إلى الفندق الذي تقيم به سيلين، هي أيضا لم تحدثه، فقد رمت الطعم و الباقي عليه، علمت انها يجب عليها تتركه لترتيب أفكاره، فأعطته الفرصة لذلك.
أوقف السيارة عند باب الفندق. لينزلا معا حيث أخذها إلى مطعم الفندق، جلس أمامها و ظل صامتا لمدة بعد أن أتى النادل، فأملاه طلباتهما.
ليتحدث بعد ذلك و قد جمع شجاعته.
_إذن يا سيلين ماذا كنت تريدين؟
كتمت غيظها على غبائه، لتقول مدعيتا الحزن.
_أنا أعلم أنني أثقل عليك كثيرا، لكن ليس بيدي حل، فؤاد أتدرك أن لا أحد لي في الحياة غيرك؟
بعد تردد إستطاع أن يمد يده إلى يدها الموضوعة في الطاولة، ليمسكها ، أدارت هي له كفها، لتضغط على يديه، توتر كثيرا من ردة فعلها و قد ضاع منه الكلام، ليتجاوز بعد ذلك توتره و هو يفول لها بإبتسامة دافئة
_بالعكس سيلين أنت لست عبئا علي أبدا، و أنا سعيد جدا بتواجدك في حياتي.
_حقا؟!
قالتها و هي تنظر إليها بعينيه. التي تشبه عيون القطط. ليحرك رأسه قائلا.
_كوني أكيدة من ذلك.
______
خرجت من غرفة العمليات بأنفاس لاهثة، و الدوار يزيد حدة في رأسها، كل ما تراه أصبح ضبابيا و واقعها يستبدل بأحداث أخرى مأساوية حفرت في ذكرتها بوشم من نار. كلام نائل العملي و هو يقر حالة المرأة كان بعيدا جدا عليها و لم تعد تفهمه، المهم انها اتمت كل مهمتها بنجاح.
_لقد تمكنا من إيقاف النزيف بصحوبة بليغة و الرحم قد تأثر كثيرا.لكننا خرجنا بأقل الاضرار و الحمدلله، ستحتاج لفترة نقاهة طويلة، فجسمها ضعيف جدا كما أنها تعاني من فقر الدم.
كل تلك الكلمات ما كانت تستوعبها و صرخات قوية تملأ رأسها مع صوت صوط جلدي ينزل على جسدها الصغير دون رحمة!
جرت بخطوات متعثرة إلى غرفة مكتبها، لتغلق الباب وراءها بقوة و هي تسقط أرضا، يرتجف جسدها بالكامل و تختنق أنفاسها و كأن المكان قد افرغ من الهواء، سنوات طويلة لم تأتيها هذه الحالة حتى نستها، كانت تريد الصراخ لطلب النجدة لكن صوتها خانها فلم تخرج منها إلى شهقات مكتومة، تزيل المعطف عنها و هي تضغط على صدرها بيديها حتى أدمته بأظافرها محاولة أخذ أنفاسها دون أن تفلح، و وعيها يهرب منها أكثر و أكثر، فتعود إلى نفس المكان المظلم الذي حجزت فيه بالطفولة مع الجردان و الخفافيش و كل أنواع الحشرات، فكادت تجن مما حدث لها، أطرافها تألمها بشدة و كأن السوط عاد ليجلدها من جديد كي يوقف صوت بكائها فلم يهتم بتوسلات طفلة بريئة، جائعة وحيدة تماما.





انتهى الفصل الثامن
قراءة ممتعة لكم حبيباتي
موعدنا يوم الاثنين











التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 05-07-22 الساعة 01:26 PM
نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس