عرض مشاركة واحدة
قديم 12-07-22, 07:58 PM   #68

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السابع

كانت الصدمة قد ألجمتها لدقائق عن الرد.. فعكف دومينك فمه بازدراء وقال
((اصعدي أو تابعي السير ليكون أمامك خيارين.. تموتين بردا أو يلاحقك السيد إيستون ويقتلك))
تصلب جسد أوركيد للهجته الخطيرة خاصة وان كلماته توحي بتهديد بين طياتها.. كانت ترغب بصفق باب الشاحنة والمغادرة لكن الندم لهربها في مثل هذا الجو كان قد بدأ بالفعل يتسلل لها والبرد القارس ينخر عظامها.. إنها بالفعل في حال أخطر من أن ترفض، وعلى ما يبدو أن كاميرون خرج مطمئنا من مسألة بقائها.. ذلك أنه ظنها تتمتع بحس سليم بما يكفي لعدم مخاطرتها في الخروج بمثل هذا الطقس.. عادت أوركيد للواقع ودون أن تنبس ببنت شفة صعدت الشاحنة وأغلقت الباب وراءها ليباغتها الهواء الجاف الحار في الداخل ويجعلها تغيير الحرارة الفجائي ترتعش، فراحت أسنانها تصطك..
شغل دومينك محرك الشاحنة فسارعت بربط حزام الأمان وأصابعها المرتعشة تطاوعها بصعوبة، إذ أن ثيابها المليئة بالثلج تسرب بللها ليطال بشرتها.. قالت بعد برهة بوهن
((إياك أن تذكر ما حدث للسيد إيستون))
لم ينظر دومينك إليها وهو يقود الشاحنة ببطء.. ارتاحت لتجاهله إياها ومدت يديها نحو مصدر الهواء الساخن في الشاحنة وحركت أصابعها تنعمها بالدفء بعيدا عن الهواء البارد الذي كان يفتك فيها في الخارج..
إغلاق دومينك المحرك ووصوله للمزرعة انتشلها من شرودها وأعاد انتابها له فنظرت إليه لتشعر انه على وشك قول شيء يشع مكرا وخبثا بينما يفتح شفتيه
((يمكنك أن أساعدك بالهروب، لكن هناك مقابل..))
كانت كلماته المذهلة تصريحا صريحا بما يريده منها، ورغم إجفالها إلا إنها قاومت لتستعيد رباطة جأشها وتقول بحزم
((أنا لا أبحث عن مغامرة عاطفية مع رجل مثلك))
انخفضت رموشه قليلا دون أن تخفي لمعان عينيه الخبيث وقال
((وأنا لا أريد المقابل الذي تبادر لذهنك بل امر أخر لن تمانعيه حتى أساعدك للخروج، لكن النوايا الطيبة تبدو في غير محلها أحيانا خاصة عندما يكون الذي أمامك بطبعه يسيء الظن))
وظل التوتر بينهما مشدودا كالوتر ثم أفلت من فمه ضحكة قميئة على قلبها أحرقت أعصابها لتهتف شرزا
((قل ما هو مقابلك؟))
لم يرد عليها بل جمع حقيبتها وترجل من الشاحنة.. تبعته بعد أن ترددت لحظة، كانت قد قطعت أكثر من نصف المسافة بقليل في الردهة المعتمة حين أطبق عليها أحساس بالذهول عندما شاهدت ماتيلدا تجلس مبتسمة وتشير لها إلى كرسي مقابل لها للانضمام.. ففعلت أوركيد لتقدم لها القهوة وكأنها كانت في انتظار أن يعيدها دومينك!
أمسكت أوركيد الكوب بكلتا يديها بحذر.. احتست رشفة تلذذت بطعمها القوي وانسابت الحرارة إلى داخلها لتدفئ جوفها.. وبقيت تقبض على الكوب بثبات وهي تناظر ماتيلدا حتى تدلي بدلوها..
صمتت ماتيلدا في البداية فتعاظم التوتر في صدر أوركيد وراح يمتد في كل اتجاه ليرسل نوعا آخر من القشعريرة خاصة وهي تراها تبادل نظرات دومينك بضحكة رقيعة! هذان الاثنين غير مريحان إطلاقا!
تجلى حماس مفرط غير مألوف فيها ثم قالت بمكر ودهاء
((لدي دومينك وعائلتي خطة تساعدك على الهرب مع بعض مكاسب أخرى من المزرعة))
اضطرب شيء من ملامح أوركيد فرفعت ماتيلدا حاجبيها وهي تداعب حافة كوبها بأصابعها قائلة
((لا تقلقي بشان دومينك، إنه بصفي أنا!))
كانت أوركيد تنظر إليها غير مصدقة ثم دمدمت فجأة وهي تناظره
((مستحيل، دومينك هو جرو السيد إيستون المخلص))
امتقعت ملامح دومينك من إهانتها فالتوت شفتا ماتيلدا بابتسامة وقالت محيدة عن امر دومينك
((قد يكتشف كاميرون أن والدي متورط بسرقة مواشيه ومواشي مزارع أخرى والمتسبب الأول في إضرام الحرائق فيهم.. لقد بدأ يقتنع بهذه الفرضية بعد ان كان يؤمن لمدة طويلة أن والدي هو من يعيله على تكبد خسائر السرقة والتخريب التي تتعرض له مزرعته!))
عقب دومينك وهو يضيق عينيه
((هناك بعض الأدلة التي قد تدين والد ماتيلدا.. علينا الحصول عليها قبل هربنا جميعا.. وقتها قد تتقدم ماتيلدا بطلب طلاق في المحكمة مرتاحة البال))
تساءلت أوركيد بحذر
((وما هو دوري أنا؟))
أجابتها ماتيلدا على الفور بغطرسة
((أن تشغلي كاميرون خارج المزرعة في اليوم الذي نقرر فيه الهرب، وبعد عودتكم سيتدبر دومينك بنفسه أمر خروجك منها تماما))
صدرت عن أوركيد بعد دقيقة تأمل وتفكير بالخطة ضحكة ذاهلة لا تحمل أي مرح، ثم قالت نبرة جليدية قاسية
((حسنٌ جدًّا، بمجرد أن استنشق هواء الحرية سأذهب للشرطة وابلغ عن كاميرون وخطفه لي طوال تلك الأشهر))
راقبتها ماتيلدا بملامح هادئة ثم همست بتشفي
((سأشهد لصالحك، سيتعفن في السجن))
أمسكت أوركيد بكفيها يدا ماتيلدا قائلة بإيمان
((ادعميني بتفاصيل لتنفيذ الخطة لأعرف كيف اشغل السيد إيستون عنكم في اليوم الموعود، وأثق تماما بأنك لن تغدري بي بعد هروبك))
رسمت ماتيلدا لها ابتسامة ودودة وأومأت برأسها تأكيدا على كلامها قبل أن تبدأ بتوجيهها بتنفيذ الخطة!
==========================
داخل إحدى الحظائر.. تنهد كاميرون عدة مرات ودعك ما بين حاجبيه بحركة تساعد في استرخاء عضلاته المرهقة قبل أن يفاجئ بأوركيد تدلف للداخل بغتة وتغلق الباب خلفها قائلة بصوتٍ لا يخفي ارتباكها الذي تحاول إخفائه بلا فائدة
((سيد إيستون لقد سمعتك قبل قليل تخبر دومينيك أن يذهب إلى البلدة لابتياع علف الجياد الخاص الذي لم تستطع جلبه في تلك الخروجة بسبب الطقس، فكنت أفكر بالذهاب بدلا عنه لأني أريد أن انتقي بنفسي ما قد نحتاجه، صدقني أنا لي خبرة في هذا الشأن أكثر من دومينك لأني من أعمل مع الجياد))
عبس وجهه تماما فأكملت بلهفة أكبر
((ستذهب معي أنتَ بنفسك لتتأكد من أني لا أخطط للهرب!))
كان المنطق يخبره بألا يتهور ويسمح لها بالخروج.. أساسا هو في غاية انشغاله وهذا ما دفعه لأمر دومينك ان يخرج عنه.. لكنه تجاهل هواجسه المقلقة وقال يستجيب لشعور لذيذ يلح عليها بمرافقتها
((حسنًا سنذهب سويا))
احكم كاميرون الخناق على أوركيد طوال الطريق وأثناء إحضارهم المستلزمات.. عادا الاثنين يستقلان شاحنة النقل الصغيرة من أجل العودة فبدأت أوركيد تتلاعب بأصابعها بتوتر.. لقد عادا أسرع مِمَّا توقعت.. وليس أمامها إلا خيار واحد..
وبحركة متهورة غير مدروسة انقضت على عجلة القيادة لتنحرف مسار الشاحنة إلى طريق أخر منزلق وسط زمجرة كاميرون الثائرة
((ماذا تفعلين أيتها المجنونة، توقفي، سنلقا حتفنا حن الاثنين))
لم ينجح في دفعها عن عجلة القيادة وقد كان كل تركيزه منصب حول التحكم في الشاحنة التي بدأت فعلا بالانزلاق.. انطلقت عدة تأوهات متألمة من أوركيد من دفعات كاميرون العنيفة لكنها استعادة رباطة جأشها وحاولت أن تمسك العجلة بإحدى يديها والإصرار يهاجمها على تأخيره في العودة مهما كلف الأمر.. لكنها فجأة أبعدت يدها لتمسك ذراع الباب حينما ازدادت سرعة الشاحنة بسبب انزلاق إطاراتها الخلفية.. ارتعبت من أن تكون قد أقدمت على ما قد ينهي حياتها معه بهذا الشكل البائس!
لم يستطع كاميرون استخدام المكابح في هذا الطريق المنزلق حتى لا تحيد الشاحنة عن الطريق وتخرج عن السيطرة فكان خياره الوحيد هو مماشاة الانزلاق قدر الإمكان.. لكن جاءه صراخ أوركيد المضطرب مشبعا بالشعر
((ماذا تفعل أيها المجنون! أوقف الشاحنة أو سنلقي حتفنا حقا بسبيك.. أوقف الشاحنة))
وقامت بحركة عفوية غير محسوبة بدفعه حتى تمسك المقود مِمَّا جعله يفقد سيطرته على الشاحنة وتندفع لتقع على الطريق من جهة أوركيد التي اندفعت بعنف واصطدم كتفها بالباب مع توقف شاحنة النقل الصغيرة فجأة..
جحظت عينا كاميرون واندفع ملهوفا قلقا على أوركيد التي لم تفقد وعيها لكنها كانت مصدومة ضائعة بطيئة التجاوب معه.. لم يسعفها الحظ مثله هو الذي نجا من مكروه محتم لأنه كان يرتدي حزام الأمان.. سألها بقلق عارم
((هل أنتِ بخير يا أوركيد؟))
حاولت أن تعتدل جالسة باستقامة لكنه تأوهت أمام قوة الألم التي هاجمت كتفها إثر الحركة.. هون عليه بحنو وهو يرفعها
((على رسلك، تحركي ببطء))
دفعها الصوت القلق المهتم في صوته لان تنظر إليه مباشرة، فأخر ما توقعته في مثل هذا الموقف أن يهتم بسلامتها بدلا من خنقها بيديه لأنها كادت أن تودي بحياته في خطر..
أعاد تشغيل الشاحنة ووجهها إلى الأسفل بمهارة دون أن ينقلب أو يتسبب بانزلاقها.. ثم قادها حتى ارتفع إلى مستوى الطريق وتساوى بجانب الطريق المرصوف بالحصى ثم انحرف إلى الطريق بعد عدة محاولات بطيئة ووعرة.. ثم بدأ يسير بالشاحنة في الطريق..
أطلقت عدة تأوهات متألمة من شفتيها فاسترق النظر لها ليراها تغمض جفنيها يجفلها الألم وتشدد على إغلاقهما وهي تلامس تورم وانتفاخ كتفها بيدها الأخرى، تتحامل على وجعها وتتمتم
((أشعر بدوار وغيثان))
قال بصوت أجش أعطى كلماته الساخرة لذعه قارصة
((لقد أنقذتك من موت محتم وهكذا أصبحت حياتك ملك لي وحقي في أن أتحكم بها، وقد قررت أن لا تخرجي من سجنك في مزرعتي))
بقدر ما كان راغبا في لومها على هذا وبقدر ما كان غضبه يندلع في أعماقه على فعلته المتهورة! إلا أن قلبه سيتفتت كلما مر خاطر هذا الحادث الى ذهنه وتخيل ولو لجزء من ثانية إنها فعلت ما فعلته بغية إنهاء حياتها!
عندما وصل الى الطريق الداخلية للمزرعة فتح كاميرون باب الشاحنة ولم تنأى أوركيد بعينيها عنه لكن لم يكن هناك الكثير الذي يستطيع أن يستخلصه من قسمات وجهها المغلقة ليعرف هواجسها.. فقط هالة من البرود والتباعد والقسوة في الطريقة التي تتماسك فيها.. انها ليست نادمة على ما فعلته بل التحدي بادي في مستوى رأسها المرفوع وممتزجا بشكل غريب مع لمعان قلق صغير في عينيها لم تستطع مواراته..
تجاهلته وترجلت من الشاحنة ففعل نفس الشيء ليجد دومينك بانتظاره بوجه مريع لا يفسر وهو يخبره عن هروب ماتيلدا وفشلهم في ردعها.. وهنا تعلقت الكلمات في الهواء.. وارتفع الاحمرار إلى وجه كاميرون العاصف.. وسلط عينيه التي تنم قسوة على أوركيد
((لقد كنتي تعرفين بشأن خطة ماتيلدا بالهروب؟ لذلك أصررت على أن نخرج سويا اليوم))
ارتفع أحد أطراف فمها سخرية ثم رفعت ذقنها قليلا وأرغمت عينيها على التحديق بعينيه متحدية بسفور
((نعم لقد كنت أساعدها على الهروب))
أضحت ملامح كاميرون تشع قسوة أكبر كفولاذ براق إلا أنه فمه التوى هادرا
((أنا أكثر من قادر على جعلك تدفعين الثمن غاليا))
ثم ألقى أوامره بحدة على دومينيك
((لا أريدها أن تخرج أبدًا من القبو))
نفذ دومينك أوامر كاميرون وأحتجز أوركيد في القبو دون أن تعقيب أو إجابة على أسئلتها المتدفقة عليه.. بقيت هناك لعدة أيام بلا طعام وشراب يهاجمها البارد القارس حتى ظنت بأنهم يخططون لقتلها ببطء.. ففقدت حواسها الشعور بأي شيء من حولها وبدأ صداع مريع يفتك برأسها، وكل ما هي ناقمة عليه هو دومينك!
ألم تعدها ماتيلدا بأنه سيخرجها في اليوم التالي؟ لماذا تأخر؟ هل غدروا بها ونجوا بحياتهم تاركين إياها تتحمل مسؤولية كل شيء!
==========================
انتهى.



التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 16-07-22 الساعة 04:59 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس