عرض مشاركة واحدة
قديم 09-08-22, 01:41 AM   #392

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 941
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

وقلب لا تساع جدرانه قهره، خطأ خلف خطأ ولا يتأثر سواه، تتمزق أوردته وشرايينه وينزف بلا نهاية ويأتي العشق فلا يجد له مكانًا والشوق يموت في أوج أوجاعه..
..
غادرت بيتهم مكسورة الخاطر، لم تأبه لاتساخ جلبابها الأسود ولا حجابها بفعل الماء المقرف الذي سقط فوق رأسها فقد تعاظم شعور القهر بداخلها ولم تعد ترى ولا تهتم بسواه، مضت بين شوارع القرية دون الالتفات لأحد، لماذا ينظرون إليها الآن في حين أنهم لا يهتمون بما تعانيه أو تصرخ به ولا يسمعونها حتى، وصلت بيت أهلها بلا طاقة، كل شيء بداخلها قد تساقط مع خطواتها في أثناء عودتها، فتحت الباب الخشبي ولم تقابلها أمها أو أحد إخوانها المراهقين، دلفت إلى الحمام وغسلت وجهها من أثر اتساخه ثم صعدت الدرج ببطء امرأة تشظت روحها لأشلاء وتناثرت في المدى وأوشكت على الانتهاء، جلست على أعلى درجات السُلم تحت الشمس الساخنة دون اكتراث بحرارتها اللاهبة، خلعت عنها حجابها ووضعته جانبًا، قد جفت الماء على ثوبها وتركت بقايا طمي يابس ظل عالقًا واستحال من لون داكن إلى رمادى فاتح، طالت جلستها وسال عرقها فأغرقها كليًا، انكسرت حدة الشمس بعد عدة ساعات ولم يبحث عنها أحد، انحنت بجذعها جانبًا وأراحت كفها على سطح الدرج لتميل برأسها وتستقر فوقه، طفرت من عينيها دموع مالحة، صادقة مثل حزنها، تظنها نادرة وأولادها لا تمتلك مشاعرًا لذا يدعسونها ويستمرون في الدعس حتى كادت تنسحق كليًا، اهتز جسدها مع اشتداد بكائها ولم تهدأ حتى شعرت بيد ثقيلة تحط على كتفها، أجفلت واعتدلت جالسة تزيح عبرات ضعفها بحدة مؤلمة، رأته من خلف سيل الدموع حزينًا، أشاحت بوجهها عنه تسأله بقلة تهذيب:
- لماذا جئت؟
قبض على كفها بخشونة غير متعمدة وتهالك جالسًا في الأسفل على بُعد درجتين منها، انتصب ظهرها فيما تناظره من محلها المرتفع وسألته بنبرة لا تخلو من سخط وعتاب:
- هل أتيت لتكمل صفعاتك يا زكريا؟
أحزنه ما وصلا إليه وأمسك بكفها يتفقد وجهها المتورم بندم شديد:
- لم أكن أعاقبك يا مأوى.
أزاحت واجهها إلى جهة مغايرة، تهبط عيناها من السماء التي اكتسب الصفاء لتوها إلى ساحات الأراضي البعيدة، كل شيء بعيد ولا يشبهها، إلا الألم القريب بشدة والذي يبدو أكبر منها ومن طاقتها على التحمل، ضغط على كفها بذلك الشعور العظيم بالفقد الذي تسرب إليها فأجبرها على العودة والسقوط أسيرة لحظته:
- ماذا كنت تفعل إذًا؟!
استدعى الهدوء كي يصل معها لبر أمان وينقذها من حالة اليأس التي أغرقتها:
- كنت أنبهك فقط، أخرجك من حالة الاهتياج وفقدان السيطرة التي صابتكِ.
ندت عنها ضحكة هازئة طالت حتى ارتجف جسدها واحتشدت الدموع في مقلتيها:
- ألم تنبهك حالتي المزرية تلك بوجود خطب ما؟... شيء خاطئ جعلني أتصرف بتلك الطريقة..
استهدفته بسؤالها المقهور:
- ألم تشعر بالظلم الذي تعرضت له!
كان صادقًا في نفيه، في قهره عليها وفي ندمه حين أجابها:
- لم أنتبه، كان الحدث أكبر من استيعابي يا مأوى، ما رأيته فرض عليّ سوء الظن.
لفهما صمت وسبحت كلماته في عقلها ببطء جعل الألم يتضخم بداخلها فسألته بخيبة أمل:
- أتعرف ما الفارق بيني وبين هاجر يا زكريا؟
لم يحب أن تتطرق لسيرة طليقته ولم يستسغ تلك المقارنة البتة فزمجر وترك كفها في حجرها ليكورها على ركبته:
- لا داعي لهذا الحديث يا مأوى، لستِ ضُرتها لتقارني نفسك بها.
أشرست عيناها وانحنت بجذعها صوبه لتستند بكلا كفيها إلى فخذيها وتخبره بفحيح متخطية تعليقه:
- الفارق أن لها ظهرًا يحميها، رجالها كُثر والجميع يدافع عنها ويقف في صفها مهما حدث.
لم تتمهل لالتقاط أنفاسها فتهدج صوتها حين أردفت:
- الفارق كبير يا زكريا، كبير جدًا.
شعر بالإهانة والخزي من أن يخذلها لهذه الدرجة، كان عليه أن يفض النزاع بينهم ويفهم أولًا لكن الصدمة صابته بالشلل وجعلته يتصرف بتلك الطريقة العشوائية، وألجمته عن إبداء أي رد فعل بعدها فقط أمضى ليله ساهدًا يفكر، ومثلما قالت قبل قليل قد أدرك أن هناك شيء خاطئ قد حدث، لاسيما وأنه يعرف خالته وأخته جيدًا ولم تكن تلك سبقتهما الأولى لتخريب حياته، وما أكد له ظنونه هي مكالمة فاروق قبيل الظهيرة مباشرة والتي كشفت له ما حدث كله، رنت جملتها في أذنه فأكدت له كم هو سيء ولم يقف في ظهر زوجته في أوج احتياجها له
( لقد سبتا شرفي وأنتَ صفعتني)
احتقن وجهه وأمسك بكفها وضعها فوق رأسه وأطرق:
- حقك فوق رأسي يا مأوى، حقك هنا، أنا لم أسمع أو أفهم الأمر جيدًا وظلمتك بشدة..
جذبت يدها منه بحدة فرفع رأسه ببطء إليها:
- لن أطلب أن تعودي معي اليوم لكن أطلب أن تتقبلي اعتذاري، كان عليّ الفهم ثم التصرف.
تنهد بقوة من عمق صدره واستأنف:
- لا أريد هدم حياتنا، الدفء والسكينة التي أشعر بها معكِ يكفياني ولا أريد سواك أنتِ وطفلي الصغير.
ضاعف من ضغطه على قبضته وزاد انفعاله حتى ظهر وريد في جبهته:
- لقد عرفت كل شيء.
استعطفها بنظرات احتياج وأسف عميقين:
- هما مسئوليتي ولا أستطيع التخلي عنهما لكنني لن أسامح في إهانتك ولن أقايض على سمعتك وشرفك.
ضيقت عينيها وسألته بحذر:
- ماذا عرفت بالظبط؟.
زفر بعمق وطل الغضب من بين مقلتيه:
- عرفت ما فعلتاه بكِ وأنك لن تنفعلي هكذا دون سبب وجيه لذلك.
لم يذكر سلامة البتة فسألته مترقبة:
- وهل عرفتِ كيف تطاولتا عليّ؟.
هز رأسه نفيًا وأعماه غضبه:
- ولماذا أخوض في تفاصيل مسيئة؟.. ما حدث هو أن تأكدت مما قلتِه أنتِ.
أشفقت عليه من الحال الذي وصل إليه ومن قريبتاه اللتين تتخذانه ملكية حصرية وتفعلان في مقابل ذلك كل شيء دون رادع، حد تواصلهما مع أكثر شخص قد يستاء منه زكريا،
غمرها الحزن جوار اليأس والكثير من فقدان الأمل، كادت تفشي له الأمر وتخبره عما فعلتاه صالحة وطاهرة من خلف ظهره وشعرت بالألم لأجله إن عرف، هذا الرجل طيب القلب لا يستحق أن تكسر رجولته بتلك الطريقة، لكنه يستحق أن تغضبه بعض الشيء فأخبرته بانفعال صريح:
- أنا أكره الجميع، صالحة وطاهرة وسلامة..
صمتت برهة وأضافت بكره مضاعف:
- والست هاجر.
نطقها ساخرة تحمل الغل والقهر سويًا، تصلبت عضلات وجهها ولم تحد ببصرها عنه:
- الكل يستحق أن يتألم يا زكريا لذا ذهبت إلى بيت الهلالي.
استنفرت حواسه فقد حذرها قبلًا من تكرار الأمر ولم تأبه به فراحت تسرد له بتصالح تام مع نفسها:
- ذهبت إلى هاجر لا تقلق لم يكن زوجها هناك.
ندت عنها ابتسامة شرسة متشفية:
- قصدتها هي شخصيًا، وأخبرتها عن زوجها الحقير وأكدت لها أنها اختارت أسوأ شخص.
أمسك برسغها يضغط عليه بغضب عارم وغمغم من بين أسنانه:
ـ لقد حذرتك يا مأوى من تكرارها، كل مرة تثبتين لي قلة احترامك لي.
جابهت نظرته بالمثل:
ـ هل ستهددني بالطلاق مجددًا!
ضاعف من ضغطه على يدها حتى شعرت بالألم حارقًا لا تكاد تطيقه:
ـ لا، لن أطلقتك لكن ربما سأكسر قدميك.
نفضت يدها منه بحدة:
ـ قلت لكَ لم أره هناك وقصدت هاجر ووجدتها هناك.
سألها مقطب الجبين ولم يتخطى سخطه من رعونة تصرفها واستهانتها به:
- وما ذنبها أصلًا وما دخلها هي وزوجها في مشكلتك مع خالتي وأختي يا مأوى، لماذا تورطين الناس في مشكلاتنا.
رفعت أحد حاجبيه وانثنى ثغرها بتلك الابتسامة المريرة التي تقتله قتلًا وتخبره كم كان ناقص قوامة حين تركها تفعل أفعالها البغيضة وحين احتاجت دعمه الحقيقي وتفهمه وخذلها، تخطى شعوره الكريه وسألها بغضب عارم ووجه محتقن:
- ألم أحذرك من الذهاب إلى هناك؟
نهض بغتة فقلب الموازين وتفوق بطوله الفارع جعلها تشرئب بعنقها ناظرة إليه فسألها دون رفق:
- كيف تظلمين امرأة غيرك وأنتِ من جربتِ الشعور بالظلم بالأمس؟!
تدرج في عينيها ملوحة البحر وظُلمته واكتنفها ضيق أكثر من كل ما سبق:
- وأنتَ كيف تدافع عنها اليوم ولم تدافع عني بالأمس، أي منا أحق بدفاعك يا زكريا.
أحس باحتياجها له رغم جملة أخطائها فانحنى يمسك بكفها يمررها على لحيته وينظر إليها يمنحها الأمان وبعض من سكينة وفيض من الحب:
- أنتِ تستحقين مني اعتذارًا كبير وعودة حقك ودفاعي إلى الأبد.
تنهد بقوة وأطبق أجفانه ثم فرقهما:
- وهي تستحق الدفاع لأنها أم ابني ولأنها لم تخطئ في حقك يا مأوى.
حرر كفها واستوى واقفًا مرة جديدة:
- مشكلتك الكبيرة أنك تضيعين حقك بانفعال شديد ليس في محله.
برقت عيناها فاستدرك:
- لا أقصد ما حدث بالأمس، لا ألومك في الدفاع عن شرفك وما يطاله من أكاذيب، ألومك على اندفاعك المستمر الذي ينقلك من خانة الضحية لخانة المذنبة.
قالها وأولاها ظهره وشرع في الرحيل مغمغمًا:
- اهبطي إلى أسفل واستحمي وبدلي تلك الملابس ثم حاولي النوم يا مأوى يكفيكِ تعب بعد الآن.
غادر بيتها واجتاح ذاكرته مشادة الظهيرة وما حدث فيها، فبعد مكالمة فاروق الهاتفية قد فهم كل شيء، لم يخبره فاروق سوى كلمات بسيطة عن خالته وأخته، قال أنه سمعهما تتهامسان عن مأوى زوجته وتحتفلان بالنصر عليها فقد استفزتاها كي تنفعل وتهم بضربهما فيأتي هو ويرى صورة مرسومة بدقة هدفها تشويه صورتها أمام زوجها، وكانتا تتوقعان رد فعل زكريا الذي سيجعلها هي تصر على الانفصال عنها، تجاوز تلك الصاعقة التي سقطت على رأسه من السماء وربط ما قاله فاروق وما قالته مأوى وتأكد من أنهما سبتا شرفها بالفعل، ترك كل شيء وذهب إلى بيت العائلة، طرق الباب ففتحته له خالته، كانت الكدمات ظاهرة بوضوح على وجهها وتضم ذراعها لصدرها في ألم أيضًا، تهللت أساريرها حين جاء وهمت باحتضانه فأوقفها على بعد ذراع منه:
- أين طاهرة؟
توجست من طريقته الغريبة وسألته مترقبة:
- ماذا بك يا زكريا!
كرر سؤالها بانفعال مكتوم:
- أين طاهرة يا خالتي؟؟
أشارت لأعلى دون أن تحيد ببصرها عنه:
- في شقتها في الأعلى.
تخطاها قائلًا من خلف ظهره:
- اتبعيني من فضلك.
تلكأت في خطواتها من خلفه، شعرت بأن وراء تبدل حاله كارثة كبيرة، ربما تكون الحرباءة التي تزوجها قد نجحت في قلب الموازين بأفعوانية!
شحذت كل أسلحتها وتأهبت للهجوم وصعدت خلفه، طرق باب أخته التي نهضت من فراشها بإعياء تفتحه له، ما إن رأته حتى ارتمت في أحضانه متلهفة:
- أخيرًا أتيت يا زكريا؟
أبعدت رأسها عنه لتنظر إليه فترهبها نظراته والغضب العارم الذي يكتنفه، لم تأخذه بهما شفقة وزعق يرج الجدران:
- سعيدتان الآن!
نقل بصره بينهما في سخط لا حد له فردت خالته تهاجم مأوى مباشرة:
- زوجتك قلبتك علينا، هل صدقت تلك ال.....
زعق ثانية ورفع كفه بينهما يوفقها بحزم:
- زوجتي الشريفة، التي خضتما في سيرتها دون خوف من الله!
تجاهل خالته واستهدف أخته بأكثر من اللوم والعتاب:
- أنتِ أختي الصغيرة يا طاهرة، أنا من ربيتك كيف تفعلين ذلك بي؟
ارتجفت طاهرة وكادت تسقط أرضًا لولا أن دعمت نفسها بالتمسك بحاجز الباب:
- ماذا فعلت أنا، هي من....
قاطعها بضرب الباب بقبضة قوية:
- لا يا حبيبة أخيكِ أنتِ ووالدتك من تعديتما على حرمة بيتي في غيابي.
همست اسمه بضعف والعبرات تجمعت تغرقان وجنتيها:
- أنتَ تفهم الأمر بطريقة خاطئة.
هز رأسه بمرارة:
- بل كنت أفهم الخطأ بالأمس يا أختي لكن اليوم الغشاوة قد زالت عن عيني.
تراجع للخلف يهبط الدرج بعدما منح خالته نظرة حارقة من غيبة الأمل:
- إن تماديتما في حقها ثانية سيكون فراق بيني وبينكما.
***
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس