عرض مشاركة واحدة
قديم 19-09-22, 11:21 PM   #3

سار@

? العضوٌ??? » 506764
?  التسِجيلٌ » Sep 2022
? مشَارَ?اتْي » 209
?  نُقآطِيْ » سار@ is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الأول

تجمع عائلي في قصر قاسم الشيخ كبير عائلة الشيخ الذي أقام امبراطوريتها على مر العصور داخل البلاد وخارجها, يجمع ابنيه وزوجتيهما وأحفاده حوله في تجمع أسبوعي لا يستطيع أحد مخالفته إلا لعذر قهري يتأكد منه قاسم جيدًا.
جلس على رأس الطاولة كعادته قويًا شامخًا رغم بلوغه الخامسة والسبعين ولكن هيبته لم تقل يومًا رغم ابتعاده عن العمل وتركه لابنيه وأحفاده منذ سنوات بعد مرض زوجته التي ظل إلي جوارها إلى أن رحلت تاركةً إياه في منتصف الرحلة وحيدًا بائسًا.
على يمينه جلس ابنه الأكبر رؤوف وبجواره زوجته لبنى وابنه زياد وابنته لوسيندا حفيدته الأثيرة والتي أسماها باسم حبيبته الراحلة فهي تحمل بعضًا من طباعها الشقية وملامحها الرقيقة باستثناء شعرها الأسود الذي ورثته عن أمها, وعلى يساره جلس ابنه الأصغر راجح وبجواره زوجته صفاء وابنته الصغرى شهد بينما ابنه الأكبر سليم غيّر مقعده ليواجه مقعد ابنة عمه مما أثار حفيظة والدها وتأهب متحفزًا ولكنه راعي وجود والده وهذا ما يعرفه ويستغله حفيده جيدًا,فهو يعشق مشاكسة عمه منذ رفضه زواجه من لوسيندا ورغم تحذير جده وأبيه لكنه لا يتوقف أبدًا.
نظر لمقعدها الفارغ منذ رحيلها بعينين يملؤهما الفخر والحزن لفراق نصفه الآخر, وكأنه يخبرها بحبه واعتزازه بتلك الهدية الجميلة التي أهدته إياها قبل رحيلها.
ابتهجت لوسيندا وقالت مبتسمة وهي تنظر لصنف الطعام الذي تحبه:
-أووه.. الفراخ المحشية التي أحبها سأقبّل أم فتحي لأنها طهتها من أجلي
اتسعت ابتسامة سليم بمكر قائلًا:
-أنا من أخبرتها كي لا تنساها أعلم كم تحبينها.
ارتبكت نظراتها خجلًا وخوفًا من والدها وقالت وهي تتحاشى نظراته:
-شكرًا سليم
-عفوًا يا قلب سليم
ولكن بالطبع كلمته الأخيرة لم تتعد حاجز حنجرته حتى لا تندلع الحرب ولكن هيهات فعمه كان له بالمرصاد وسخر منه قائلًا:
-والمحاشي التي أحبها موجودة هل أنت أيضًا من أوصيت لي بها سليم بك ؟ أم طهوتها بنفسك نظرًا لميولك الحديثة نحو الطبخ وأصناف الطعام المفضلة لأفراد العائلة؟
بادله سليم سخريته وهو ينظر للولسيندا قائلًا:
-في الحقيقة أنا لا أمانع أبدًا عمي أن أصنعها بنفسي ولكن ليس لكل أفراد العائلة.
وغمز لها ضاحكًا وقبل أن يرد عمه غاضبًا قاطعه قاسم بخشونة وحزم:
-أنا من يوصي الخدم دائمًا أن يصنعوا لكل فرد منكم ما يحبه فبالنهاية تهمني راحتكم وألا يمنعكم عن حضور هذا الاجتماع العائلي أي شيء فهذا بيتكم جميعًا.
تنحنح رؤوف مؤنبًا:
-لا يا أبي هذا بيت أخي راجح أو بالأدق بيت ابنه الحفيد البكر نحن مجرد ضيوف هنا.
توتر فم راجح وترك ملعقته ونظر لزوجته التي ربتت على كفه تؤازره فابتسم لأخيه بود قائلًا:
-وهل هناك فرق بيننا أخي ؟ أنت تعلم أنني لم أرغب بذلك ولكنها كانت وصية أمنا ولم أستطع مخالفتها.
هتف رؤوف بحدة:
-ولماذا تعترض وأنت الابن المدلل ودائمًا ما تحظى بالأفضل؟
-وما الذي يمنعك من العودة للعيش معنا أخي ؟ أنت من أصر على الرحيل منذ سنوات رغم توسلات أمي ورجائى لك.
-لكل منا أولوياته أخي وما كان يجوز بالأمس لا يجوز الآن.
رافق كلماته الأخيرة نظرته نحو ابن أخيه حاقدًا عليه وعلى أبيه يتمنى فرصة واحدة .. واحدة فقط يقتص بها من كل ما فعلوه به طيلة حياته ويقسم أنه لن يضيعها أبدًا.
انتبه الجميع لصوت عصا قاسم التي دقت الأرض بقوة وقال حاسمًا الجدال:
-كفى نحن على الطعام فلنترك الأحاديث الجانبية ولنتفرغ لتناول كل هذه الأصناف الجميلة قبل أن تبرد.
والتفت لحفيدته الصغرى ذات الجديلة الذهبية وقال مبتسمًا برقة:
-هيا شهد أخبريني حبيبتي بأخر إنجازاتك الفنية.
ابتسمت شهد بوله على ذكر لوحاتها وفن الرسم الذي تعشقه وقالت:
-سأريك إياها جدي بعد الغداء بل سأهديها لك أيضًا.
التفت ذراع سليم حول كتفيها وصاح يشاكسها:
-لا أرجوكِ لم يعد هناك مكان في غرفة جدكِ لمزيد من تلك الشخابيط الخاصة بكِ وأنا لا أريده أن يُضطر لوضعها في غرفة المكتب ,كيف سيكون شكلي أمام عملائي؟!
ضحكت لوسيندا على مزاحه ونظرت لأخيها الذي نفى بشدة:
-لا تصدقيه شهد أنتِ حقًا فنانة موهوبة وأتمنى أن تهديني إحدى لوحاتِ كي أضعها في مكتبي.
ونظر لسليم مُغيظًا إياه فضحك الجميع بينما رد سليم:
-هاي احترس أنت تتغزل بشخابيط أختي أمامي وأنا أحذرك.
وكزته شهد في صدره فارتد مدعيًا الألم:
-أصبحتِ عنيفة للغاية شهد.
تذمرت أخته بطفولية التاع لها قلب الجالس أمامها وقالت:
-لا تقل هذا عن لوحاتي فأنا أدرس بكلية الفنون وما تقوله ينافي على الأقل رأي أساتذتي ناهيك عن معجبيني.
ونظرت لزياد برقة فتابع سليم يسترضيها:
-تعلمين أنني أمزح فأنتِ فنانة العائلة حبيبتي.
ضربته لوسيندا بحذائها في قدمه فكتم تأوهه ونظر نحوها بغيظ فبادلته نظرته بتحدي .

*******

بعد الغداء جلس الجميع في بهو المنزل بانتظار القهوة, بينما يجلس رؤوف متوترًا لا يحبذ هذا التقارب والود الظاهر بين أبنائه وأبناء أخيه فلطالما حرص على ابتعادهم وألا تتلاقى طرقهم أبدًا ولكن ماذا يفعل بأبيه الذي يصر على تدمير مخططاته دائمًا ويقف بالمرصاد لأي انعزال أو تشتت لأحد أفراد العائلة.
انخرط مع والده وأخيه في حديث جانبي لا ينتهي عن العمل يطمئن فيه قاسم على أخر ما وصل إليه ابناه فبالرغم من عملهما في مكان واحد ولكن لكل منهما اختصاصاته التي لا يتدخل بها الآخر مطلقًا إلا في أضيق الحدود وهذا ما حرص عليه لأنه يعلم جيدًا طبيعة أبنائه .
جلست الزوجتان تتحدث كلا منهما في حذر مع الأخرى .. كانتا في وقتٍ سابق صديقتان ولكن مع كثرة الخلافات آثرتا السلامة واقتصرت العلاقات على المناسبات فقط وقريبًا منهم جلست الفتاتان تتحدثان عن أخر أخبارهما وجلس معهم زياد يتحدث مع شهد باهتمام بينما اختفى سليم تمامًا.

يتبع


سار@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس