عرض مشاركة واحدة
قديم 25-09-22, 08:02 PM   #794

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الإشراقة السابعة والأربعون

#جلسات_الأربعاء

ستذنب ثم تُطهر من آثامك بالنار وفور أن تطأ قدماك باب الجنة ستنسى أي جحيم كنت به وهكذا هو عوض الله فور أن تتذوق حلاوته ستنسى مرارة الابتلاء
...................

من منا لا يخطأ ؟
عبارة نتندر بها متعذرين لأنفسنا حين يحشرنا القدر بزاوية الحقيقة
لكن ماذا لو لم نعترف بأخطاءنا ؟
ماذا لو لم نراها أخطاء وزينت لنا أنانية النفس أن ما فعلناه عين الصواب
ماذا لو أخذنا نصيبنا من كرسي الاعتراف فقلبنا الحقيقة أننا مظلومين؟
تسجد ماريان باكية وتدعو بقلبٍ عُمي عن رؤية أي أحد سوى ذاته
"يارب هدأ نار قلبي
يارب هدأ نار قلبي "
ترتفع عن السجود ثم تعاود الكاره مرة أخرى ببوح:_
"يارب قلبي يؤلمني
لا أستطيع العيش بهذا الشعور
احرق قلبه يارب .. احرق قلبه يارب "
سلمت من الصلاة ثم خلعت إزارها وهي تتسكع بالغرفة كالمهووسة أو كالتي أصابها المس
لقد نعتها بأبشع الألفاظ .. لقد طردها
نعتها هو وزوجته بالعاهرة ... العشيقة
تعشقه ؟
نار حارقة تندلع بعروقها ولم تعد تدري بأي أرض تطأ مشاعرها
تشعر أنها تكرهه ملئ الأرض وتريد أن تثبت له أنها تعشقه ملئ السماوات
اللقاء الأخير بينهم يعاد بذهنها كشريط تالف ظل يكرر المشهد الأكثر وجعاً بالحكاية
ما ذنبها أنها أحبته ؟
لقد شب قلبها وتفتحت أزهار مشاعرها على حبه
لم يكن بحياتها غيره بالأساس
لقد كان محورا حياتهم البعض ينامان على نبرة الصوت ويستسقظان على ذاتها
إنها تعرف عنه أكثر مما لا يعرفه أهله
لقد كان طيلة حياتها منذ أن عرفته أقرب لبعضهم البعض من الأنفاس
كيف استطاع أن ينظر لغيرها وقد توحد الرجال فيه بعينها
كيف استطاع أن يحب الأخرى أو ينظر لها
لقد كانت مستعدة أن تقدم حياتها بأكملها قرباناً لنظرة حب واحدة من عينيه
تشبك أصابعها في شعرها كالمجنونة لا تعرف بأي طريق تذهب حتى فتحت أمها باب غرفتها مذعورة فأدركت اللحظة أنها تصرخ باكية وقلبها لا يتحمل ما قيل رغم كل شئ
أن تنظر لها زوجته گ خائنه ليس بشئ مهم لكن أن ينظر لها هو كساقطة لهو الموت حيا بذاته
ظلت تصرخ وكأنها لا تتحمل الأذى الذي أحدثه بقلبها حتى أسرعت والدتها للاتصال بأحد للنجدة
بعد ساعتين....
المشفى
"ماذا بها يا دكتور طمأني" قالتها الأم بلهفة باكية فتنهد الطبيب ضائقاً ثم قال بأسف:_
"حالتها سيئة للأسف
إنها منهارة
يبدو أنها كتمت بنفسها طويلاً حتى تضرر جسدها
ما أريد قوله أنها صدمة متأخرة الإدراك"

............................

بعض العشق أسود گ رحم يلتهم نيران شهوة الامتزاج لكنه أهوج سرعان ما يجهض جنين البقاء

صوت الهاتف مرافقاً لدبيب الليل أفزع القلوب على التوالي مرافقاً لقول مقتضب من زوج رنا
" الأمر طارئ متعجل
مشفى ........... يرجى منكم الحضور في التو واللحظة "
ردة فعل حمزة وعبدالحميد كانت متشابهة فالأول صرخ بغضب وكل عرق به ينتفض :-
" طمأنني ما الذي حدث لرنا ؟"
والثاني كان ضعيفاً متهدجاً يتسائل برعب وهو يتهالك على الأريكة :-
" رنا ابنتي ما بها ؟"
نور غائبة عن الذهن لا تطرأ على العقول أن يكن شهاب يتصل بهم ليلاً من أجلها
انتفض رأفت بقلق وشعور مبهم جعله لا يسأل وفعل عمار المثل
أما نجلاء متجلدة ولم يزر ذهنها سوى أن شهاب لم يتصل إلا من أجل زوجته

المشفى فجراً
اقترب الطبيب من شهاب المحتضن لرنا يحاول بث الدفء لأوصالها المرتعشة
حين جاوره أسر له بقلق :-
" دكتور شهاب نحن نريد الاتصال بالشرطة
الرجل الذي جلبها غاب منذ أسبوعاً مشدداً على قتلنا إن أصابها مكروه
الأمر يستدعي الشرطة "
لم يرد شهاب وهو في عالم أخر وكأنه لا يستوعب أن نور الصغيرة غادرت دنياهم
نور التي فور أن وضعت طفلها ذو الحالة الخطرة وهو بشهره السادس استدعته هو على وجه الخصوص
فور أن نظر لوجهها زارت الدموع عينيه بغزارة خاصة وهي تتمسك بكفه هامسة بلهاث :-
" لا تترك خالد دون أن يسامحني
أرجوك
أرجوك "
أومأ برأسه يطمأنها ثم مال على أذنها يلقنها الشهادة بتروي ودقائق وكان صفير الجهاز بغرفة العمليات يعلن توقف القلب
الوحشة التي زارت قلبه وهو يبكي محوقلاً لو أخبره أحد أنه سيبكي من أجلها تأثراً وليس شفقةً فقط لم يكن ليصدق
لجم نفسه سريعاً وهو يبدأ في اتصالاته بالجميع ثم أخيراً أخبر رنا التي من وقتها وهي منهارة تبكي بين ذراعيه إلى هذة اللحظة
ساعتين وكانت المشفى تعج بالجميع الذي يركض ناحيتهم مهرولاً
حمزة الذي علم فوراً من الطبيب وأخبر والديه بحزن بينما الجميع واقفاً على رأسه الطير لا يعرف كيف يصوغ الأمر لوالديها وأخيها
شعور بالرعب غير مألوف ظل ينهش قلب عمار وهو يقترب من رنا وشهاب متسائلاً بهلع غير مبرر :-
" ما الذي حدث لما شكلكم هكذا ؟"
اقترب منه حمزة يتمسك بقبضتيه بشدة بينما يهمس من بين دموعه
" البقاء لله في نور
تجلد من أجل والديك "
انفرجت شفتي عمار يناظره ببلاهة ثم همس بذهول شاحب :-
" من ؟
من قلت يا حمزة ؟"
" اصبر واحتسب "
قالها حمزة بتجلد جعل عمار يدفعه بعنف مستديراً لوالديه وقد بدأ في البكاء بالفعل بينما يقول بنبرة مذهولة مستنكرة :-
" حمزة يهذي يقول لي البقاء لله في نور
أي نور ؟"
يعود ويلتفت لحمزة غير عابئاً بالصدمة التي ألقاها بوجه والديه صارخاً في حمزة :-
"أي نور يا حمزة هل جننت ؟"
تهالك رأفت من فوره واقعاً أرضاً ولم يستطع صلب طوله باكيا بجزع أب مكلوم
الوحيدة التي لم تبكي نجلاء
تحركت هادئة حتى وصلت لشهاب ورنا هامسة بارتعاش خائف:-
" ما الذي يقولونه؟
بما يهذون ؟
من التي يتحدثون عنها ؟"
زاد بكاء رنا حتى أصبح شهقات عالية وهي تستدير لأمها بعينين متورمتين لا تعرف ماذا تقول
إلا أن منظر نجلاء جعل القلوب تهتز وهي تحتضن جسدها بذراعيها مرتعشة وهي تقترب من رنا محتميه فيها هامسة برعب أشبه بطفلة تحادث أمها :-
" ما الذي يقولونه يا رنا بما يهذون ؟"
بدأت الدموع تطفر في عينيها فاقتربت رنا لتضمها واحتمت فيها نجلاء هامسة بلوث :-
" يهذون
يهذون إنهم يهذون "
احتضنتها رنا بقوة وبلحظة كان صوت تشارك بكاؤهم سوياً
الحضن الأول بين الأم وابنتها كان مشاركة في رثاء الأخت المفقودة
أي حزن أشد وقعاً من هذا ؟

المقابر ....
القلوب تتشارك الحزن والنفوس تتشارك النميمة
أليست تلك المتوفاة هي نفسها التي ذاع عنها صيت تركها لزوجها في المدينة بأكملها من أجل رجل أخر؟
لا أحد يتحامل على نفسه من أجل أحد الجميع متهالك ولا قدرة له على سند الأخر
فور أن انتهى الامام من الدعاء وكأن لحظة إفاقة انتابت قلب نجلاء وهي تجري بجنون دافعة رنا بقسوة حتى وصلت لجثمان ابنتها
تحتضنها محاولة كشف وجهها وهي تبكي بذعر قائلة :-
"لا لا لا
اتركوها لي لا تدفنوها
لم أخبرها بعد أني لم أتخلى عنها
لم أخبرها أنها قطعة من روحي وأني لم أنشغل بنفسي عنها كما لامتني
لم أذهب لانتشالها كنت ذاهبة
كنت ذاهبة "
اقتربت رنا تحاول رفعها حين يأس الجميع في الفعل إلا أنها دفعتها قائلة بقسوة وجنون لم تتعمده اللحظة فماصبها أقوى :-
" ابتعدي
هل ارتحتِ الأن هاهي ماتت
لما لم تكوني أنتِ لما أخذوها هي ؟"
الأنظار كلها تحولت ناحية رنا مترقبة انهياراً إلا أنها ابتعدت بهدوء وقبل أن تجاور أحد كان حضن ياسر الجوهري الذي شدها له ملاذاً لها بينما قسوة عينيه كادت تردي نجلاء قتيلة
أدار عينيه بين الوجوه وشئ من الشفقة انتابه وعيناه تقعان على رأفت الواقع أرضا أمامه يهذر بندم مسموع :-
"أنا السبب أنا السبب
لقد تركتها لقد تركتها "
عمار يبكي بحضن حمزة قائلاً بندم :-
" لقد لفظتها يا خالو
قسوت عليها بالحديث
أخبرتها أني لا أريدها أختاً
كنت أحبها والله كنت أحبها يا حمزة"
بدأت مراسم الدفن وقبل أن تنتهي فزع الجميع للصوت الجهوري الصارخ مقتحماً الجمع ينتزع جسدها صارخاً باسمها والهمهمات تعلو
" اتقي الله يا رجل "
"إكرام الميت دفنه "
لم يبالي بهم رفعت يدفعهم بقسوة يحدثها بجنون وكأنها تسمعه
" انهضي معي هيا ؟
انهضي ؟"
لا ترد فيعادو الصراخ بلوث :-
" انهضي هيا أنتِ لم تموتي "
من بعيد كانتا هناك عينان مراقبتان له بقسوة ومشاعر جامدة لما يحدث
عينان ظلتا معه حتى بعد انتهاء الدفن وذهاب الجميع
عينان كان سبباً في انطفاء رجولة صاحبهما
عينان تريدان الفتك به والخلاص منه اللحظة
عينان تشمتان بهذره مناديا باسمها وسط الليل البهيم
يتحرك رفعت من مكان لأخر متحدثاً لها وكأنها أمامه حتى كان أخيراً يبكي لأول مرة منذة طفولته هاذراً:_
" لما تركتيني ؟
كنت أحببتك "
بلا شعور أخرج سلاحه من جيب سرواله فانقبض قلب خالد وكأنه لا يصدق إلا أنه قبل أن يتحرك كان رفعت ضرب برأسه ومازال يهذر قبل أن تخرج روحه مستنكراً موتها
لم يخدعها
لم يروج أمامها بطيبه مزعومة هو لا يحتاجها بالأساس
هو فخور بشره ولا يدعي غير ذلك
نحن في زمن الطيبة به رداء بالي مهترئ لا يصلح للإرتداء
هي إمرأة الخديعة
لم يسلب براءة أبعد ما تكون عنها
هي تستحق وأكثر
هي كانت تعلم لهيب جحيمة والتحفت به مغمغمة بالرضا
ندمها أتى متأخراً وجميع مقاعد النجاة في كنفه شاغرة
والروح العطنة تفيض لبارئها أخيراً
رُفِعَتْ الشرور وجفت الطيبة ..

...............................

أحياناً تأتينا الدنيا في صورة امرأة زاهية ترتدي من الثياب أحسنها وتُرتل من الحكم أجملها
حشمتها فتنة للناظرين
وغطاء وجهها مثير للمترقبين
إذا حدثتها أعجبتك وإذا اقتربت منها جذبتك
لكنك فور أن ترفع غطاؤها يصدمك قبحها
كلامها كان الفضيلة وفعلها لم يكن أقل وقعاً من الرذيلة
وهكذا هم بعض البشر!

شهور حملها تمر الواحد تلو الآخر ويزداد تعبها معها لكن كل هذا ليس بشئ جوار إنهيار نفسيتها جواره
لو قص أحدهم لها أحداث حياتها كفيلماً سينيمائياً لم تكن لتصدق أن هناك مؤلف على وجه الأرض به من البراعة لكتابة بطل به من التلون ما يكفي لشخصيات الأرض أجمع كزوجها
لقد اعتزلها نهائيا
اخر مكان نقلوا به حديثا كان من دورين أخذ هو العلوي وتركها ككم مهمل في السفلي
تارة يتذكرها بطعامٍ ونقود وتارة تسد رمق أحشائها بخبز جاف وشاي
أمها تتصل لتطمأن عليها
أبيها وياسين وحتى شهاب
الجميع لا يغفل عن الاتصال بها لكنها تنأى عنهم وهي تتظاهر بالخير
إن كان أهلها تخلوا عنها فلما ستحمل شهاب فوق طاقته
تنهدت ماسحه دموعها وكل مرة تتحدث فيها إلى حالها تصعب عليها كشحاذة شريدة لا مأوى لها
استقامت وطوت سجادة الصلاة ثم حاولت الابتسام عبثاً وهي تتنفس بأمل صاعدة له بعد أن نظرت للساعة
لقد أرسلت لابن خاله خفية مستنجدة وهاهو موعد وصوله
دقائق وكان يفتح لها مرتديا قناعاً للوجه كالذي يُرتدى بالمشفى وكأنه يخاف استنشاق الهواء
رفعت حاجبيها وهي تسأله بتوتر :_
"هل يمكنني الدخول يا سعد؟"
ناظرها من رأسها لأخمص قدميها نظرة جعلت الرعدة تسري في انحائها
وكأنه يبحث عن شئ ما ثم أخيراً أشار لها بعينيه لتدخل
فور أن فعلت مسدت كتفيها من برودة المكان وقد كانت جميع النوافذ مفتوحه هذا خلافاً عن المكيف
مكيف في هذا الجو البارد في هذة المنطقة النائية والخالية من البشر
بللت شفتيها وهي تسأله همساً :_
" سعد ألا تشعر بالبرودة "
لم يرد عليها وهو يقول بنبرة جليدية مستهزأة:_
"وجه الحنان لا ينطلي علي ماذا تريدين ؟"
تنهدت بألم اعتادته ثم اقتربت منه قائلة بتوسل رقيق:_
"سعد لما تبتعد أكثر لما لا نتفاهم سويا لنكون أسرة سوية ؟"
صمته شجعها على الاقترب تمد كفها للمس كتفه فابتعد مرتعدا كالملسوع فاتسعت عينيها للهلع الذي أصابه من لمستها
عيناه تطرفان بتتابع وقد اصفر وجهه زاعقاً فيها بجنون :_
"لعنك الله
هل انضممتِ لهم لتضرونني؟
تخططون لقتلي"
يبتعد أكثر صارخاً بغضب جعل الرعب يدب فيها:_
"اخرجي عليكِ اللعنة
اخرجي يا ابنة ال ....."
"اخرجي يا فاسقة يا فاجرة يا زنديقة اخرجي عليكِ لعنة الله "
اتسعت عينيها بصدمة وكأنها رغم كل شئ لم تكن لتصدق أن ألفاظ كهذة تخرج من شيخ الفضيلة !
هو سعد ؟
سعد القيسي بذاته هو من ينعتها بهذا؟
تهز رأسها نفيا بجنون والدوار يلم بها فلم تلحظه وهو يتحرك كالمجنون حتى وجد عصى خشبية يركب بها شئ كأداة للتنظيف
اقترب يدفعها بها وبلا قصد أو نية كان الدفع ببطنها
حاولت الركض لكن الدوار كان يلم بها فسقطت أرضاً تبكي بضعف واحتياج وهي تشعر نفسها بلا مأوى أو سندٍ فتحاول الزحف أرضاً متلاشية ضربه ودفعه لها وهي تقسم له بتوسل ذليل:_
"كفى يا سعد بالله عليك اتركني سأخرج "
تركها وتحرك مسرعا ناحية الباب يفتحه صارخاً فيها كالأعمى أن تخرج
فزحفت بتسارع كفأر مسموم ينازع الموت تلوعاً حتى اقتربت من حافة السلم محاولة أخذ نفسها فتفل عليها صارخاً:_
"أنتِ طالق يا ملعونة "
انحبست أنفاسها ولم تخرجها طوعاً أو كرها لا يفرق وقدمها تتعرقل بفستانها فتدحرج على الدرجات بلا أدنى استنجادٍ أو صراخ حتى توقفت عند قدمان صاعدتان لم يكونا سوى لنوح الذي التقطها مذهولا وهو يصرخ :_
"يا رب السماوات "
يرفع رأسه لسعد مذعور العينين متجمد الجسد أمامه ولم يحتاج السؤال فرفع هاتفه طلباً للإسعاف متمتماً بألم :_
"يا مغيث أغثنا"
.........................
يتبع


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس