عرض مشاركة واحدة
قديم 25-09-22, 08:04 PM   #795

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

القلوب الطيبة كالأطفال أبسط الأشياء تجعل الفرحة تزورها

" ألا تعرفين أين داليدا ؟"

سألها معاذ لخديجة وهو يرفع الهاتف لأذنه معاوداً مهاتفتها
هزت أخته رأسها نفياً وهي تقول :-
" لقد صعدت لشقتكم حتى تُنهي فيها اللمسات الأخيرة "
لمعت عينا معاذ بشقاوة إلا أنه قطب راسماً تعبيراً منضبطاً على وجهه وهو يتنحنح قائلاً :-
" حسنا حين تنزل أبلغيها أني كنت أريدها "
أومأت خديجة وهي تتحرك ناحية المطبخ قائلة :-
" حسنا إن رأيتها "
خرج من باب الشقة مغلقاً الباب خلفه بهدوء ثم صعد لشقتهم ضاغطاً الجرس دون أن يستخدم المفتاح قاصداً حتى لا يجفلها
دقائق وكانت تفتح الباب إلا أنها قطبت قائلة بتفاجؤ :-
" معاذ هل تريد شئ "
خطفت انظاره بطلتها البسيطة في فستان قطني مزركش بالعشب بينما شعرها لأول مرة يراه وهي تضع على مقدمته (منديلاً) مكلل بالورود
حين أعادت سؤالها
دفع الباب برفق وهو يدخل ويغلقه خلفه قائلاً باستهبال :-
"أه نعم لقد تذكرت أن ماسورة الحمام تحتاج لضبط "
ضيقت عينيها بعدم تصديق إلا أن النظرة الجادة على وجهه جعلتها تصدق وهي تتحرك لغرفة النوم قائلة :-
" حسنا أنا أُنهي ترتيب غرفة النوم حين تنتهي نادي علي "
أومأ برأسه بحماس ودخل إلى الحمام يفتح صنبور المياه ثم يغلقه إلا أنه قبل أن يخرج عاد وابتسم بابتهاج
لقد اختارت كل شئ على ذوقها فجعلت الشقة مبهجة
وكأنها شقة من إحدى شقق الريف الأوروبي رغم بساطتها
أرض الحمام باللون الأبيض أما المرحاض والحوض فباللون الأبيض أما نقوشهم فعباردة عن ورود وردية اللون
ربما يجدر به أن يكنيها بعاشقة الورد أو فتاة الريف الأوروبي
انتبه لذاته فخرج مسرعاً عارجاً على غرفة النوم لكنها أسرته بمنظرها وهي تجلس أرضاً أمام الخزانة ترتب ملابسه وشعرها مدلى مجاوراً لساقيها المثنيتان أسفلها
الجمال الحزين الذي سيسعي لأن يبعث في قلبه كل فرح
حرك عينيه في الغرفة التي أصبحت جاهزة لاستقبالهم بعد أيام فابتسم لملاءة الفراش المكللة بالورود فقال مبتسماً :-
" أنتِ مهووسة بكل ماهو به ورد ويعود طرازه للطراز القديم "
أجفلت داليدا بخجل لوجوده إلا أنها استقامت واقفه باتزان وهي تسأل باهتمام :-
" هل قمت بتصليح الماسورة ؟"
تقدم معاذ منها ونظراته تلتهمها بتوق قائلاً بغباء :-
"أي ماسورة ؟"
قطبت داليدا وهي تقول :-
" ألم تقل أن ماسورة الحمام تحتاج للتصليح ؟"
لم يكن ذهنه معها بل كل حواسه وعينيه تتشرب جمالها فهمس بلا تركيز لكن بنبرة حارة :-
" الماسورة جميلة بل جميلة جداً "
قطبت داليدا واحمرت وجنتيها بشدة وهي تتبع مسار نظراته شديدة الوقاحه مما جعلها تتكتف منادية عليه بنبرة مغتاظة :-
" معاذ هل أتيت حقاً من أجل الماسورة ؟"
أجفل ممتعضاً إلا أنه عاد ورسم ملامح بريئة على وجهه وهو يقول ويزداد في الاقتراب منها حتى وقف أمامها:-
" بالطبع كنت اطمأن على الماسورة "
عاد العبث ليزور وجهه فواصل وهو يميل عليها هامساً :-
" وإمكانيات الماسورة وجمال الماس"
" ألن تجعلني أقود سيارتك يا عم معاذ "
انتفض معاذ للنبرة الطفولية التي لا يعلم من أين خرجت حتى شاهد إبراهيم أخيها يخرج من الشرفة فزارت البلاهة ملامحه وظل دقائق يضبط أعصابه مغتاظاً ومنتشياً من صوت ضحكاتها الرقيقة
حك مؤخرة رأسه والولد يكرر عليه الحديث فأومأ برأسه قائلاً ببشاشة زائفة :-
" نعم يا حبيبي تعالى لننزل هيا "
تحرك مع الطفل لكن قبل أن يخرج التفت لها قائلاً بغيظ حقيقي :-
" حقا لم أكن أعرف أن لكِ وجهاً خبيثاً "
تعالت ضحكاتها ثم توقفت وهو يعود لها بعد أن خرج قائلاً بنفس النبرة المغتاظة وبضيق:-
"لستِ مضحكة على الإطلاق "
" يا عم معاذ "
امتعض معاذ قائلاً بتبرم :-
" يا عم إبراهيم أتٍ أتٍ "

...........................

على متن الدقات تتوحد قلوب العشاق

لا تصدق أنها تعيش أسعد أيام حياتها مع عمر
عمر ذاته وليس أحد غيره
منذ أن أخذ زواجهم شكله الطبيعي وعزم هو على أخذها أسبوعاً للسفر سوياً
كانت تظن أنه سيأخذها لمدينة ساحلية قريبة لكنه أخذها إلى أسوان منذ يومان
أنهت تحضير الإفطار وتحركت لصنع الشاي بالحليب قبل إيقاظه لكنها فوجئت به يدخل عليها قائلاً تحية الصباح بنبرة أجشة
ردت عليه برقة تضع الأكواب على الطاولة ثم جلست أمامه يتناولا الإفطار بصمت
تناظره بغيظ هامسة بينها وبين نفسها بضيق :-
"ألن يقول شئ ؟
أليس هذا بمثابة شهر عسل لهم ومن المفترض أن يغازلها ويلقي على سمعها الكثير من كلام الغزل
لن تنكر هو يغازلها دوماً بعينيه ويشعرها كم هي أنثى تملئ عينيه وحواسه
لكنها تبقى تتوق لكلمة تطرب سمعها من نبراته التي تأسر عليها قلبها
لوت شفتيها متأففه مما جعله يتوقف عن لك الطعام يناظرها بتساؤل فبللت شفتيها قائلة بأمل :-
" عمر "
همهم منتظراً فصمتت ثم قالت بترقب :-
" لما لا تتحدث وأنت تتناول إفطارك "
بلا إدراك لمغزاها كان يقول بخشونه :-
" ليس هناك شئ أتحدث به "
تبلدت ملامحها بخيبة إلا أنها عادت وابتسمت ابتسامتها الحلوة التي جلبت اللمعة لعينيه فتحمست قائلة :-
" لما لا تقول لي كلام حلو على الإفطار "
تعاقبت الانفعالات على وجهه وعيناه تدويان بألف قصيدة غزل وحين تحركت شفتيه ظلت مترقبه لهم فزادت بهجتها منتظره بترقب أنثى ما سيقوله رجلها إلا أن ابتسامتها انحسرت وبهجتها وأدت في مهدها وهو يجلي حنجرته قائلاً ببنرة فظة لم يقصدها :-
" لا كلام على طعام "
أخذت تفرك كفيها تحاول الحفاظ على ماء وجهها وهي تتظاهر أنه لم يحدث شئ مثله تماماً وقد استمر في تناول طعامه
بعد ساعة ...
ابتسمت ناظرة لنفسها في المرأة بالغلالة التي ارتدتها باللون العنابي تنتظر دخوله وفور أن فعل هذة المرة لم يخيب أملها وعيناه تلتهمها من رأسها لأخمص قدميها بشوق ملهوف
همست برقه :-
" ما رأيك ؟"
ابتسم عمر يثقل لسانه أن ينطق بالكلمات فلا يجد شئ أصدق من مشاعره نحوها ليعبر لها فعلا ً أبرع من ألف قول
اقترب حتى احتواها يغيبها في عاطفته حتى أذابها تماماً ..

عصراً
كانا يسيران سوياً اتجاها لأحد الأماكن التي يستطيعا منها ركوب مركب بالنيل حتى صادفهم الذرة المشوي
حين رأه ابتسم ومال عليها قائلاً باهتمام :-
" هل أجلب لكِ الذرة ؟"
أومأت سنابل بحماس طفولي وهي تشاهد كل شئ حولها باستمتاع حتى عاد لها بالذرة وكيس كبير بحلوى غزل البنات الملونة
الفرحة على وجهها أخبرته كم هي طفلة خاصة وهي تتعلق بذراعه بسعادة ظاهرة
مالت سنابل برأسها على ذراعه بتنهيدة حالمة جعلته يوكزها بخفة هامساً بتنبيه :-
" هل نسيتِ نفسك نحن بالشارع "
تبرمت سنابل ممتعضة دون رد تسير جواره ودقائق وكانا يتجهان لركوب المركب
ركب عمر ثم مد ذراعه ليساعدها على الصعود إلا أنها خافت قائلة بميوعه :-
" احملني يا عمر اخاف السقوط "
" انضبطي "
النظرة على وجهه جعلتها تبتلع لسانها وتبتسم له بببلاهة مستجيبه له وهو يساعدها على الصعود حتى صعدت معه
حين جاورته وبدأ المركب في التحرك كانت تحاول فتح كيس غزل البنات وحين لم تستطع وجدته يسحبه منها فاتحاً له ثم أعاده لها مرة أخرى
بدأ الراكبين في غناء أغاني فلكولورية جعلتها تندمج بفرحه ولأول مرة تعيش شيئاً كهذا
خاصة مع خفة دم أهل البلد وترحيبهم الزائد بهم حتى أن أحدهم عرض عليه أن يستضيفهم ببيته
حين اندمجت بدأت في التصفيق فنظر لها مبتسماً بتعاطف لكن ابتسامته انحسرت وهو يراها نست نفسها تهز كتفيها
مد عمر ذراعه حولها يحيط كتفيها فيما بدا حباً بها لكن قسوة ذراعه وهو يوقف تحركها جعلها تتوجس فهال هامساً لها من بين أسنانه :-
" أنتِ جننتِ اليوم بالتأكيد
نحن بالشارع ووسط ناس وليس بالبيت انضبطي يا سنابل فضلا أن اضبطكِ أنا "
ظلت صامته لدقائق بحزن ثم تكتفت بتمرد أنثوي يعززه مكانتها عنده وهي تقول بتأفف:-
" لقد سأمت أريد العودة "
ليلاً
منذ أن عادا وهي تكبت مشاعرها بعنف متربعة أمام التفاز ولم تفارقه حتى جاورها قائلاً باهتمام :-
"ألن تدخلي لننام ؟"
ناظرته سنابل بغيظ ثم قالت بأمل وهي تحتضن الوسادة:-
" سيأتي الآن فيلما رومانسياً اسمعه معي ثم ننام "
ناظرها عمر بغيظ ثم قال بفظاظة :-
" لا اسمعيه أنتِ أنا لا أسمع هذة السخافات "
تابعته بعينيها حتى دخل للغرفة ثم رفعت الهاتف لأذنيها حتى أتاها صوت والدته فبكت بشدة
أتاها صوت حماتها قائلة بقلق :-
" ما بكِ يا قلب أمك "
في ثانية كانت تبتسم ببلاهة للجملة التي نطقتها حماتها ثم همست بانفعال :-
" ابنك جلف يا أمي "
حركت سعاد عينيها في جميع الاتجاهات على الجانب الاخر ثم قالت بانفعال أمومي :-
" اتفلي من فمك يا سنابل هل عمر يستحق منكِ هذا ؟"
زاد بكاء سنابل مما جعل سعاد تقطب قائلة بمهاودة :-
" حسنا يكفي ربما هو جلف قليلاً أخبريني "
قصت عليها سنابل ما حدث بالخارج مما جعل سعاد تخبط على صدرها هامسة بلا صوت :-
" خيبك الله هل جعلت الفتاة تصاب بالاحباط في شهر عسلها يا عمر "
شرعت في تهدأتها ثم أغلقت معها لتتصل به
أتاها صوته الهادئ جعلها تنسى كل شئ و تقول دون ترتيب :-
" توحشت قلب أمك لا أراك الله وحشة أبداً "
ابتسم عمر يسألها عن أحوالها ووأخذ يتبادلان حديثاً بسيطا لم تعرف ماذا تقول حتى قالت أخيراً :-
" يا حبيبي كنتِ لتوي أحادث زوجتك صوتها تخيل لي أنه ليس رائقاً هل هي بخير ؟"
" بخير يا أمي "
سرعته في الرد جعلتها تلوي شفتيها هامسة في نفسها بانعدام أمل
" نبيه يا قلب أمك لا وواثق أيضا ماشاءالله "
بعد ساعة ...
أغلقت سنابل أضواء الشقة التي يقطنانها ثم دخلت الغرفة نائمة جواره على الفراش
إدراكها لنومه جعل الوحشة تزداد في قلبها فبدأت في البكاء كاتمة صوتها إلا أن عمر بعد فترة قطب فاتحاً عينيه على النهنهات الناعمة جواره في الظلام فاعتدل مناديا بقلق ودون شعور :-
" سنابل ما بكِ حبيبتي "
الكلمة جعلت شهقة تخرج منها رغماً عنه وتشق صدره
فمد ذراعه يرفعها لحضنه يضمها له قائلاً بحنو متلهف يسيره قلبه دون تركيز :-
" بسم الله عليكِ حبيبتي لما تبكين هكذا ؟"
" وهل أنا حبيبتك ؟
هل أنا حبيبتك يا عمر ؟"
همستها بتلوع حزين منفعل جعلته يقطب ببلاهة قائلاً :-
" سنابل ما بكِ لما تبكين ؟"
لم تستطع الكبت أكثر فقالت :-
" أنت السبب أنت السبب
تعاملني بحدة وخشونه وكأنك تكرهني
تارة تشعرني أني شيئاً فريداً لقلبك وتارة أخرى وكأني لا شئ ؟"
اتسعت عينيه بذهول هامساً :-
" متى أشعرتك أنكِ لا شئ ؟"
نزع ذراعيه عنها مواصلاً بانفعال :-
" هل أنتِ غبية ؟
هل أنتِ غبية فعلا أم تتغابين ؟"
صرخت به هي الأخرى ولا تعرف سبب الجنون الملم بها بلا صبر :-
" أخبرني يا عمر لما لا تغازلني ؟
ها ؟
لما لا تخبرني أني حبيبتك إن كنت فعلا ؟"
صمتت ثم اقتربت منه أكثر قائلة بنعومة :-
" لما لا تخبرني أني جميلة يا عُمر "
ثارت عليه مشاعره خاطفاً أنفاسها هامساً بذهول ونبره أجشة :-
"أنتِ جميلة بالفعل "
"أخبرني أنك تحبني يا عمر "
ضمها له دافناً رأسها في صدره بعجز لا يعرف كيف يشرح لها
هل يخبرها أنه كلما حاول نطق كلمات الغزل لها تخشى رجولته من أن تكون سمعت مثلها أو أفضل منها ؟
هل يخبرها أن كلمات الحب تملئ حواسه وجوارحه لها
أنه كان من السهل عليه نطقها مع غدي قبلاً بسلاسة لكن معها هي تتحجر على شفتيه ويثقل لسانه علن النطق
لقد روض غيرته كثيراً ودوماً ما يحجم شيطان وسوسته لكنه بالأخير بشر
رفع وجهها له ماسحاً دموعها بلطف ثم همس بحنو لائم :-
"ألا تتحمليني قليلاً يا سنابل ؟"
كادت أن تتحدث فوضع إصبعه على شفتيها مقاطعاً يحركه بنعومه ثم يقول :-
" أنا أخترتك زوجة بعقلي وقلبي وجوارحي يا سنابل
ربما بضع حواجز نفسية ما تمنعني لكن الأيام كفيلة بها "
رفع وجهها له حتى اختلطت أنفاسهم حتى لم يعد فاصلاً فهمس بعاطفة من بين أنفاسها :-
"ألا تتحمليني قليلاً ؟"
وبلهفة بلا تفكير كانت تهمس قبل أن تذوب فيه كقطعه من الزبد السائح
"أتحملك بعمري كله يا عٌمر"
.......................

الفرحة آسرة للقلوب حين تتوحد المشاعر

ليلة زفاف داليدا ومعاذ

أغلقا باب الشقة وراء أمه التي مازالت تزغرد وهي تنزل السلم فضحك معاذ وهو يفك رابطة عنقه قائلاً :-
" أمي ستبيت الليلة تزغرد لأن ابنها البكر أخيرا تزوج "
ابتسمت داليدا بفتور لم يفت عليه بينما تتحرك في فستان زفافها البسيط الذي أصر عليه هو وتقول بتوتر ملحوظ :-
" بارك الله فيها
سأدخل لأبدل ملابسي فأنا أشعر بالحر "
زار العبث نبرته وهو يقترب قائلاً بشقاوة :-
" معك حق الجو شديد الحرارة "
لم تفتها الحسية في نبرته مما جعلها تتوتر أكثر وهي تتحرك ناحية غرفة النوم فدخل معها قائلاً بنبرة مطمأنه :-
"سأخذ ملابسي وابدلها بالغرفة الأخرى حتى تنتهين "
لم ترد عليه وهي تشعر باهتزاز كل وتر فيها انفعالاً
ظلت تحوم في الغرفة كحمامة أغلقوا عليها القفص شاعرة بالاختناق فبدأت تفك وشاح زفافها بغضب لم تستطع السيطرة عليه
ماذا تفعل ؟
بل كيف فعلت بنفسها هذا
كيف ارتضت أن تتزوج رجلاً وتظلمه معها ؟
الهلع بداخلها بدأ يزداد فتحركت تغلق باب الغرفة بالمفتاح وبلا تفكير كانت تطلب رقم حفصة التي ردت عليها من الرنة الثانية قائلة بنبرة حنونة :-
" كنت انتظر اتصالك فلم أغلق هاتفي"
لم يصلها من داليدا سوى نحيب فقالت بحنو :-
"اهدأي حبيبتي لما تبكين "
مسحت داليدا عينيها هامسة بنشيج :-
"ألا أظلمه معي يا حفصة ؟
أنا أخاف أن انساق لسعادتي محلقة ثم فجأة أسقط لسابع أرض
ألا أخدعه ؟"
تنهدت حفصة على الطرف الأخر بصبر ثم قالت بنبرة حازمة قوية :-
"إن كنتِ تخافين ألا تُسرق سعادتك حقاً فادفني الماضي يا داليدا وعيشي
احمدي الله لزواجك السابق رغم كرهك للأمر لكنه كان كل الخير
الشيطان يلعب بكِ الليلة وهي أهم ليلة عنده حتى يفسد بين المرأ وزوجه
إما أن تنسي وتنعمي بحياتك الجديدة مع معاذ شاكرة الله أن رزقك زوجاً صالحاً مثله
وإما أن تنساقي لشيطانك وتخبريه بما ليس من حقه أن يعرفه من الأساس
أنتِ ثيب يا داليدا لأنكِ كنتِ زوجة للسيد رأفت هذا ما يخص معاذ نقطة وانتهى السطر "
بالخارج
طال وجودها بالغرفة فتحرك ليفتح الباب فوجده مغلقاً بالمفتاح فطرق قائلاً بمشاكسة :-
" هل سنلعب الغميضة يا داليدا ؟"
أغلقت الهاتف مع حفصة مسرعة وتحركت لتفتح له أسفة
تحمس لصوت المفتاح إلا أنها فور أن طلت له قطب قائلاً بقلق :-
" داليدا لما تبكين ؟"
مسحت وجهها وهي تهمس برقة :-
" لا أبكي "
لم يصدقها فاقترب يمسح وجهها مقبلاً جبهتها بحنان صبور ثم قال أول ما طرأ بباله :-
" هل تقلقين على إخوتك وجدك لأنهم أول مرة ينامون دونك "
أومأت برأسها بتلهف ولم تكن كاذبة فقال بحنو متوتر :-
" هل ننزل لهم ؟"
كادت أن توافق متلهفة إلا أنها تعقلت قائلة :-
" يكفي أن أهاتف خديجة لأطمأن عليهم منها "
بعد وقت
سلما من الصلاة سوياً فالتفت لها يضمها لحضنه باثاً فيها الطمأنينه وهو يقرأ على جبهتها الدعاء ثم همس باهتمام جعل الدفء يسري بأوصالها :-
" أمازلتِ قلقة من شئ ؟"
أرادت أن تخبره أنها قلقة من القادم إلا أنها أسرتها في نفسها لا تعلم أنه يظهر جلياً في غيوم عشب عينيها
رجل بعمره لن يفوته أن يعرف إن كانت المرأة بين ذراعيه الأن راغبة بخجل طبيعي أم كارهة بخوف
ظل يربت عليها وكأنه يعودها على لمسته بعد أن خلع إزار صلاتها ثم همس بصراحة :-
" داليدا هل لديكِ خوف من العلاقة الزوجية ؟"
انتفضت داليدا تناظره بقلق ثم نكست رأسها لا تعرف ماذا تقول
أتخبره أن الأمر مع زوجها السابق لم يكن أكثر من علاقة غريزية باحته من طرفه بينما كانت هي تذبح فيها كل ليلة بنفورها
أتخبره أنها تخاف قربه فيزورها النفور الذي كان مصاحباً لها مع رأفت
كبلت مشاعرها كما تفعل دوماً وهي تبتسم له هامسة بنبرة صادقة متجاهلة الرد على سؤاله
" أنا لا أخافك يا معاذ لا أخافك أبداً "
وكأنها أعطت لمشاعره ضوءاً أخضر فمال يرتشف أنفاسها برقة أذابتها حتى أنها دون وعي لفت ذراعيها حول عنقه مما أرضاه تاركاً لمشاعره العنان في بثها عاطفته

نظراته الموقدة تنساب عليها فتحيي أنوثه منطفأة في أعماقها
يضمها له بشغف متوله فتتوحد القلوب في الدوي والدبيب
دويها خوف ودبيبه توق للوصل
لكن بعاطفته المشبعة بالحنان أخذها بدنيا غير الدنيا
الدوامة الذاخرة بالمشاعر التي أخذها فيها جعلتها بين فنية وأخرى تشهق دون صوت بذهول
أهذا الذي تشعر به حقيقي ؟
تلك اللمسات الشغوفة والهمسات التواقة التي تتجاوب معها منبهرة من لهفته الحنون
ليلة تخيلتها من نار الجحيم لكنه أخذها إلى جنةٍ ونعيم

صباحاً
قبلاته تمر على وجهها بعاطفة شغوفة هامساً بتلهف مغتاظ:-
" داليدا يكفي نوم وكأنكِ لم تتذوقي النوم قبلاً "
قطبت من بين نومها إلا أنه بطريقته أجبرها على الاستيقاظ
بدايةً فتحت عينيها على وجهه بامتنان لم يفهمه لكن سرعان ما كسى الخجل وجهها فأغمضت عينيها بقوة هامسة بنبرة حييه :-
"لا أصدق "
امتعض معاذ قائلاً بضيق :-
"أنا الذي لا أصدق أن هناك عروس تترك زوجها وتنام فجراً ثم تظل نائمة للسابعة صباحاً "
ضمت داليدا حاجبيها شاعرة بالغباء محاولة حساب الوقت والتوقيت ثم فتحت عينيها على اتساعهم هامسة بانفعال:-
" هل تيقظني من السابعة يا معاذ ؟"
مط شفتيه بملل قائلاً بغيظ :-
"كان أحرى بكِ ألا تنامي كأي عروس خجول
كيف تنامين بحق الله ؟"
العبث بنظراته جعلها تبتسم قائلة بقلة حيله :-
" حقاً لا أصدق أنك معاذ نفسه دكتور الشريعة الجامعي "
رفع معاذ حاجبيه قائلاً باندهاش عابث:-
" والله لا أعرف ما دخل هذا بذاك
هل الدكتور الجامعي ليس له في العسل أم ماذا ؟"
" معاذ "
همستها بتأنيب وابتسامة جميلة جعلته يميل أخذاً أنافسها بتوق يشبع رئتيه من جمالها بعد أن قال بلهاث :-
"أنتِ أصبحتِ ثرثارة "
كانت تتجاوب معه بتوق شغوف لكنه أُمي بالعاطفة
الشئ الذي لمسه أمساً وجعله يدرك أن علاقتها بزوجها السابق لم تكن سليمة
داليدا كانت تعطي فقط بلا أخذ أو تجاوب وكأنها امرأة جاهلة بالعاطفة حتى دللها محاولاً أخذها معه في دوامته
شئ أراحه وجعله يشفق عليها
بعد فترة أطلق سراح أنفاسها هامساً بانشداه:-
"لا أصدق جمالك "
"انا التي لا تصدق " همستها دون أن تنطق بها
لو يعرف أحد شعورها ؟
شئ أشبه بزهرة مهملة ذبت أوراقها ثم أتى الساقي ليهتم بها فتفتحت بجمال
توقه اللحظة للعاطفة بينهم لم تجفل منه بل تجاوبت بفضول ورغبة في أن تأخذ داليدا شيئاً مرة من أجلها
لقد أن للزهرة الذابلة أن تتفتح أخيراً
.........................
بالجنة بيوتاً للحامدين

مطار القاهرة الدولي ......

مال رشاد هامساً لعمر :-
" لما أصريت على استقباله "
ابتسم عمر بسماجه ثم قال :-
" لي ثأر عنده على استغفالي "
ابتسم رشاد هو الأخر مثرثراً وهو ينظر في القادمين حتى انحسرت ابتسامته هامساً ببلاهة:-
" أخشى أن تكون تأخرت "
قطب عمر وقبل أن يلتفت له متسائلاً اتسعت عيناه قائلاً :-
" هل ما أراه حقيقياً ؟"
تسمر الاثنان بدهشة على القادم أمامهم سائراً في طريقه بلا تركيز
لم يكن أكمل البدوي كان هيكلاً عظمياً منه
ثياباً غير مهندمة وذقناً غير حليقه عينان غائرتان لوجه نحيل لا يشبهه بتاتاً
خطواته غير متزنه وكأنه هائماً على الأرض لا يعرف أي درب يسلك
اقتربا منه بتسارع ولم يطرأ بذهنهم سوى أنه كان يُعذب هناك
توقفوا أمامه يجبروه على التوقف فرفع وجهه لهم لكن لوهلة لم يتعرف إليهم وهو ينظر لهم شارداً
حتى كان عمر أول من تحدث قائلاً :-
" حمدالله على سلامتك "
هز أكمل رأسه إيجاباً ثم عاد وهزها نفياً فنطق رشاد بقلق :-
" هل أنت بخير ؟"
لم يرد وقد ظل مطرقاً برأسه طويلاً ثم حين رفعها نطق بما أذهلهم :-
" أريد زيارة قبر ابني "
ثم دمعت عيناه ونطق بنبرة ضعيفة لوعت قلوبهم :-
" هل تعرفون أين قبر ابني ؟"
" ابنك ؟"
نطقها رشاد وعمر في نفس التوقيت إلا ان عمر أسرع مبتعداً طالباً رقم سراج متسائلاً بقلق:-
"هل مات ابن أكمل ؟"
أتت له نبرة سراج مذهولة وهو يرد فاهماً أن المقصود جنين غدي :-
" كيف عرفت ؟"
حك عمر جبهته بتوتر هامساً :-
" بل قل كيف عرف هو؟"
" هو هل تواصلت مع أكمل يا سيد عمر "
التفت عمر لمنظر أكمل ثم نطق بشفقة :-
"أكمل بمطار القاهرة الأن يسأل عن قبر ابنه "
صمت سراج ثم قال بنبرة مقتضبه :-
"سأتحرك حالاً وأقابلكم بمنتصف الطريق "
حين عاد عمر لهم ناظره رشاد بتساؤل إلا أن نبرة أكمل المكلومة قطعت تواصلهم وهو يقول بتوسل :-
" هل عرفت أين قبر ابني ؟"
وضع عمر كفه على ظهره بمؤازره وهو يقول بنبرة رحيمة :-
" تعالى معنا يا أكمل "
بعد ساعتين
بمنتصف الطريق السريع
تقابلت السيارتان وتوقفتان ونزل كل من سراج وعمر والأخير يقول بشفقه:-
" لقد نام بغته "
أومأ سراج وهو يتحرك ناحية سيارة عمر يفتح الباب الخلفي منادياً على أكمل الذي فتح عينيه وظل صامتاً فور أن رأى سراج وكأن ما عاد به طاقة للحديث
طالت الدقائق حتى وكأن روحا شريرة دبت به روحاً أخرى لا تناسب ضعفه الملحوظ وهو يدفع سراج نازلا من السيارة ثم هاجمه وهو يضربه في كل ناحية حتى أسقطه أرضا صارخاً بجنون :-
" هل فرطت في الأمانة ؟
هل فرطت في الأمانة "
تركه سراج يخرج انفعالاته فيه مشيراً لعمر ورشاد بعدم التحرك
" كيف مات يا سراج
هان عليك ؟
هان عليك تترك بن صاحب عمرك للموت "
حاول سراج ضمه مهدئاً إلا أن عيناه اتسعتا ونبرة أكمل المقهورة تأتيه
" هل هان عليك علي يا سراج ؟"
" علي !"
انتفض سراج مخلصاً نفسه من أكمل الذي تكوم باكياً فهزه قائلاً بتلهف :-
" أفق يا أكمل أفق علي حي ليس بميت "
نظر كل من رشاد وعمر لبعضهم البعض يشعران وكأنهم بفيلماً سينيمائياً
بينما العالم توقف حول أكمل يشعر الأرض تدور من تحته والدنيا تتماوج أمام عينيه ودوي الأصوات تتداخل
" علي مات"
" علي حي ليس بميت "
لم يستطع التحمل أكثر فوضع كفيه على أذنيه صارخاً قبل أن يفقد وعيه
" يكفي عذاباً يكفي عذاباً "
بعد مرور يومان
فتح عينيه على نبرة سراج العطوفه :-
"أوقعت قلبي يا صاحبي "
رمش أكمل بعينيه هامساً بلا روح :-
" ما الذي حدث ؟"
اقترب سراج منه رابتاً على كفه وهو يقول بشفقة :-
"لقد فقدت وعيك وفور أن جلبتك للمشفى كانت زارتك الحمى المعتادة لكن الحمدلله أنها انخفضت "
صمت أكمل كالمعتاد ثم عاد ولمعت عيناه وانتفض قلبه فانتفض جسده
يشد على كف سراج يحاول فتح فمه بتلهف يريد السؤال لكنه يعود ويطبقه خشية
ودون شعور كان يضم قبضته لصدره كأبكماً لا يعرف التعبير
يرفع عينان دامعتان حملتا توسل العالم أجمع لسراج الذي دمع هو الأخر وقد فهم فمال يضمه له قائلاً :-
" علي حي ابنك حي يا صاحبي "
وجملة سراج ترافقت مع جملة الطبيب وهو يدخل للغرفة قائلاً بأشراق :-
" لقد استيقظ الابن وأبيه هل قلوبكم على اتفاق ؟"
دفن أكمل وجهه بصدر سراج باكياً بشهقات رجولية لاهجاً بالحمد
قلبه يتقافز كمفرقعات العيد والنكته البيضاء تتربع ماحيه كل سواد بينما الدقات تدوي لاهجة
" لك الحمد كما أكرمتني "
مسح وجهه مسرعاً نازعاً المحلول من يده وهو يتحرك بتلهف قائلاً :-
"هل هو هنا ؟
أريد رؤيته أريد رؤيته "
دقائق طويلة مرت عليه كالسنوات حتى سمحوا له بالدخول بعد أن اطمأنوا على الصغير
تحركت ساقي أكمل ببطأ وكأنه يخشى أن يدرك فور دخوله أنه في حلم جميل وسيستيقظ بغتة على الكابوس
فور أن دخل من باب الغرفة تخشب مكانه وقلبه يهدر كالطبول للعينان الطفوليتان اللتان تناظرانه بشوق مماثل
" ابني ابني "
يغمض عينيه ويفتحهم ثم يعود ويهمس لنفسه :-
"يا إلهي إنه ابني
علي لا غيره هو الذي يناديه بعيناه "
يضع كفيه فوق بعضهم على صدره بالتتابع قائلاً بألم بنبرة مسموعه لأذنيه :_
" يارب يارب
كريم يارب
كريم يارب"
يستشعرها اللحظة أجمل وأصدق من أي لحظة
ظل يضحك طويلا بفرحة ظن أنها حُرمت عليه
لم يكن سواه الميت
ولم يعود غيره للحياة اللحظة
ضحك حتى دمعت عيناه وأخيراً بكى وهو يخر ساجداً لاهجاً بنبرة مهزوزة بنغمات بكاؤها :-
" يارب يارب يا رحيم
رحيم كما أخبروني رحيم يارب
الحمدلله الذي رد روحي لي
الحمدلله يارب "
"أكمل حبيب علي " النبرة الطفولية جعلت قلبه ينتفض كمريض سلم للموت ثم بغتة أطبقوا على صدره بجهاز الانعاش فعاد منتفضاً الدم يضخ في شرايينه والحياة تنبض بين أوردته
سلم من سجوده ثم هرع فتعثر وسقط إلا أنه زحف حتى جاور فراش علي
علي الذي مد ذراعه الصغير قائلاً بحنو وتلهف طفولي :-
"أكمل تألم ؟"
"يا إلهي إنه صوته
إنه صوته الحبيب لقلبه هو ما يداعب أذنيه الأن بشذى نغماته"
استقام اكمل على قدميه ثم مال ينتزعه لصدره بلهفه باكياً
قلبه يعوي كجراء صغير ظن أنه فقد أمه ثم فجأة استظل بحنانها فظل يتخبط كالأعمى بلا تصديق
بعد وقت طويل شعر بمحاولات على للفكاك فأفرج عنه قليلاً فأماتته وأحيته حركة علي وهو يرفع كفاه الطفوليتان ماسحاً عنه دموعه متمتماً بضعف :-
" علي يحب أكمل
أكمل حبيب علي "
عاد أكمل وغرسه في صدره مرة أخرى بلا شعور متشمماً له بوله أهوج وهو يوزع قبلاته على كل إنش به
هل تعرف الشعور ؟
تماما كمن شيعوا جنازة حزنه لدار الخلد ناصبين له من الفرح ليالٍ

أنتهى


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس