عرض مشاركة واحدة
قديم 09-10-22, 08:09 PM   #813

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 629
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الإشراقة التاسعة والأربعون
#جلسات الاربعاء
المعجزات انتهت نعم
لكن قدرة الله مستمرة لا تنتهي
خزائنه لا تنفد وإرادته تكون رغما عن نظريات البشر وتحليلاتهم
ثق به سيجعل الذي ظننته معجزة مقدراً بالدعاء بين كفيك
_____________

الماضي ربما يُدفن لكنه لا يموت
الجروح تندمل لكن آثارها لا تُمحى
لا تغرس حوافر أنانيتك بقلوب من تحب ثم تحزن لأن قطرات دماؤهم أعمتك

" ألا تريد الدخول للحمام يا علي ؟"
سألها أكمل لعلي الجالس بين أحضانه بينما هو يجلس مجاوراً لسراج في سيارته في طريقهم لعمته لزيارتها
هز علي رأسه نفياً ينقلب في جلسته بدلال حتى أصبح ظهره ملاصقاً لفخذي أكمل بينما رفع ساقيه يضع رقبة أكمل بينهم
ابتسم أكمل قائلاً بنبرة مبحوحه :-
"هكذا سأختنق منك فأنت بطل قوي بينما أنا ضعيف "
ضحك علي ضحكته المحببة يزيد من ضغط ساقيه على رقبة أكمل الذي مد كفيه مدغدغاً له حتى عاد علي لجلسته الأولى ثم مال يطبع قبلات كثيرة على صدر أكمل
ضمه أكمل له بقوة مشدداً عليه وهو يطبع عدة قبلات على رأسه وعنقه متلمساً لجسده بهوس جعل سراج يشفق عليه
أكمل نوبات الهلع لا تتركه ومازال لا يصدق أن علي مازال حي
أراد أنه يخرجه مما هو فيه قليلاً فمط شفتيه قائلاً بازدراء مصطنع:-
" حالتكم ميؤوس منها أنت وابنك
لا تفعل هكذا أمام أحد حتى لا يظنونك أحد متحرشي الأطفال "
حدجه أكمل بامتعاض ثم نظر لعلي قائلاً بنبرة حزينة تأخذ مسارها لقلب الصغير:-
" العم سراج يحزن أكمل يا علي ويغضبه "
عقد علي حاجبيه بشدة يناظر سراج بنظرة طفولية غاضبة ثم بلا مقدمات ولا توقع مد كفه الصغير وخرمش جانب عنق سراج الذي اتسعت عيناه مذهولاً والصغير يواصل بهذر لا يفهمه سواهم :-
" أكمل
علي موجود أحد أكمل يحزن "
" وعلي موجود لا أحد يحزن أكمل"
ما قاله وفعله جعل قلب أكمل يرتجف كعصفور رضيع يتخبط بين ضلوعه حتى أنه أخذ عدة أنفاس متسارعة
هذا الصغير رغم ملكوته ودنياه المختلفة عنهم إلا أنه في كل مرة يثبت له أنه رحمة السماء به
لو يعلم
لو يدرك فقط كم يحبه أكثر مما يفعل
تلك الجملة التي قالها دوماً ما كان هو من يقولها له
" لا أحد يحزن علي وأكمل موجود "
ضمه له بشده وقد ذرفت إحدى عيناه دمعه تكفى عن أطنان من البكاء بينما يضحك ضحكة مختنقه وهو يقول :-
" حبيب أبيك أنت "
قبله عدة قبلات جعل سراج يسبهم سوياً فضحك علي بينما قال أكمل بخبث :-
" لا يهمك منه يا ولد تعلم لو أردت أن تتبول على وجه العم سراج أيضاً فداك وسأجعله ينظفه راضياً "
ناظره سراج بغضب بينما يمط شفتيه قائلاً بغضب :-
" لعن الله شيطانك أنت وابنك "
بعد قليل
كانت السيارة تشق بهم الطريق فقال سراج :-
" هل تحفظت الدولة على كل أملاك البدوي ؟"
أومأ أكمل برأسه ثم قال :-
" حين ذهبت للتحقيق وإكمال الاجراءات القانونية لإخلاء سبيلي من كل ما يخص قضايا البدوي أخبروني هناك بذلك ؟"
" هل كانا متعاونين معك ؟" سأل سراج باهتمام فأجاب أكمل بنبرة مستغربة :-
" نعم وأكثر من اللازم ولا أظن عمر السبب
لكن كان هناك شئ غريب ؟"
" متى سيتم تبرأتك نهائياً ؟"
زفر أكمل يعدل من وضعية علي النائم ثم قال :-
" أظن مع الحكم عليه لا أعلم ولم أهتم "
"أكمل أنت محامي "
مط أكمل شفتيه ثم قال ببرود:-
" كنت "
لم يسمح لسراج بالمجادلة وهو يقول :-
" الليلة سأواصل ما أفعله من الذهاب لكل من تسببت في ظلمهم واستسمح منهم
كل حساباتي بالبنك قمت بإغلاقها بعدما سحبت النقود "
تنهد سراج متسائلاً :-
" وماذا ستفعل بها ؟"
صمت أكمل ثم قال :-
" من تسببت بضياع أرضه سأشتري له أرضاً
ومن تسببت بضياع حقه لن أبرح حتى أبلغ اعادته له
أما باقي النقود سأتركها للأيتام وخلافه "
صمت سراج ثم سأله :-
"بما أنك تنازلت عن ميراثك من أبيك البيولوجي منذ زمن
ماذا عن ميراث علي من أبيه كيف ستتصرف فيه "
هز أكمل كتفيه وهو يقول :-
"لم ألمسه مازال الحساب الوحيد بالبنك لا أعتبره باسمي
مال علي وحلاله"
" لكنك لم تصرف منه قرشاً واحدا منذ ولد علي "
تنهد أكمل ثم قال وهو يضم علي له :-
"لا أضمن أن أعيش له
هذا المال حقه إن لم أعد موجود "
زفر سراج ثم قال بتنبيه فهو يعلم أن أكمل أصبح يبحث في أمور الدين :-
"حسنا لكن علينا الوصول لفتوى عن وضع المال بالبنك وخلافه حتى تكن مطمأن "
أومأ أكمل فصف سراج السيارة أمام بيت البدوي ثم نزل ليأخذ علي من أكمل الذي قال باهتمام :-
" لقد تعرق جسده والهواء سيصيبه بالبرد انتظر حتى يهدأ جسده "
قالها ثم عاد نظره لارتفاع البيت الشاهق
البيت الذي كان باسم عمته فلم يتم الحجز عليه
البيت الذي عاش به عمره تقريباً
البيت الذي ذاق به من القسوة والجحود كما لم يذق أحد
البيت الذي أخيراً تحرر من السياج الذذي دوما ما كان يجذبه له
سياج البدوي
اختناق يطبق على صدره فلا يريد النزول
لا يريد الدخول لهذا المكان ولا المرور من أمامه أبداً
هذا المكان الذي عاش به مسيراً على الشر مخيراً على القبول به طوعاً أو الاجبار عليه قسراً
هذا البيت الذي شهد دموعه طفلاً ثم تجلده مراهقاً وقسوته شاباً

تنهد قاطعاً سيل أفكاره ينزل من السيارة بعدما أخذ سراج علي منه يحاول إبقاظه
تقدموا للداخلوكلما خطا خطوة شعر باالأرض تميل من حت قدميه
هو يشعر بالاختناق لكن الاختناق يتزايد وشعور كريه يسيطر عليه لا يفهمه
فور أن ضرب الجرس وفتحت له عمته تشده بين ذراعيها تحاول احتضانه لكنه كالعادة يتركها تفعل دون أن يحتضنها هو فتبتعد بخذلان لا تظهره بينما تلتفت ناحيو سراج تحييه وهي تشير لعلي الذي يفرك عينيه لتسلم عليه
دخلوا معاً حتى جلسوا بالردهه إلا أن الاختناق كان أقوى من أكمل وهو يفتح أزرار قميصه قائلاً لسراج بنبرة متعبة جعلت خديجة تناظره بقلق وتردد :-
افتح النوافذ يا سراج"
تحرك سراج ليفعل لكنه تسمر مكانه وهو يبصر أم أكمل تجلس على كرسيها وارؤه تكتكم فمها بكفيها باكية
رنا بنظره ناحية خديجة التي يتعاقب على وجهها الألوان توجساً وأكمل الذي يظهر عليه التعب وكأنه يشعر
رفع أكمل رأسه لسراج قائلاً بنبرة منهكه :-
" تحرك يا سراج"
نظرة سراج المتوترة جعلته يقف وهو يقول بوجل :-
"سأفع..."
علقت الكلمة بحنجرته وهو يبصر أمه أمامه فزدا اختناقه فأخذ يكح بشكل متواصل ووجهه يحتقن بدرجه مخيفه حتى أنها صرخت باسمه تقترب بكرسيها بلهفه
ناوله سراج كأس الماء متلهفاً وخديجة تربت على ظهره المنحني فتتمنى أمه بلوعة أم تكن هي الفاعل
لكنها لا تستطيع
أهناك أم تخشى لمس ابنها مثلها حقاً؟
تخشى بقدر ما تتمنى
تخشى عليه روعه كالتي هو فيها الأن
وتخشى على قلبها الأمومي خذلان نفوره
بلحظة كانت القسوة بقلب أكمل تتغلب عليه فيدفع كف سراج الممدود له بكأس الماء مرة أخرى حتى سقط متهشماً يناظرها بعينان شرستان وهو يقول بغلظة :-
"لما أنتِ هنا ؟
ما الذي أتى بكِ "
نظر لخديجة نظرة خذلان وهو يقول بنفس النبرة :-
" مالذي أتى بهذة المرأة هنا ؟"
دمعت عينا خديجة وهي تقول بارتجاف :-
"أمك يا قلب أمك "
وأمك الأولى لأمه والأخيرة لقلبها الذي طالما أحبه وللعجيب فهم ما قصدت وليته ما فعل
لقد ابتسم ساخراً بينما عينه اليسرى ترف بضعف وتلمع بها دموع مخزونة بينما يقول بنبرة مهتزة لكنها خشنة مرة كعلقم :-
" هي ليست بأمي وأنتِ لم تكوني يوماً"
هل لكمها أحد في قلبها للتو ؟
بل هل انتزع أحد قلب الأخرى من أحشائها
كلاهما تتشاركان نفس شعور الجزع فتبكيان بدرجه مثيرة للشفقة حتى أن سراج أخذ علي وانسحب خارجاً
ابتسم أكمل ببرود ومازال ينظر لخديجه وهو يقول :-
" ماذا يا عمتي لما أنتِ مصدومة هكذا وكأني فاجئتك ؟
أنتِ مثلها تماماً لا تحبين سوى نفسك "
هزت خديجة رأسها نفياً باكية وهي تهمس بتحشرج :-
" والله إنك لأحب من عيني يا قلب أمك "
مسح أكمل عينه الدامعه بطارف كفه حتى أنها احمرت من شدة قسوته إلا أنه لم يبالي وهو يقول بنبرته المتوحشة :-
" لو كنتِ لم تكوني لتأخذيني منها
لو كان لديكِ قلب يشعر لما وافقتي على انتزاع طفلاً من حضن أمه
أنتِ تنظرين لنفسك بعد التوبة يا عمتي وأنا أراكِ قبلها"
ران بنظره ناحية المكلومة التي تحتضر اللحظة من قسوة حديثه ثم عاد لخديجة وقال :-
"إن كانت هي بلا قلب وأنتم تنتزعوني منها مفضلة النقود علي فأنتِ لم تقلي عنها أنانية
أعلم أن بداخلك تقولين وإن كانت أمك فعلت
لكن أرد وأقول كنتِ حاولي إبعاده عني"
نطقت عمته من بين نشيجها :-
"ألم أفعل يا أكمل ؟"
هز رأسه نفياً قائلاً بسخرية سوداء:-
" لا يا عمتي
دوماً كنتِ خانعه له
لو أحببتني يوماً كنتِ دافعتي عني
كنتِ حاولتي بث الخير في قلبي وفكري
كان الخير لينتصر على شره
لو أحببتني حقاً كنت حميتني منه
لكنكِ تركتني له
أنتِ لم تحبني كابنك يوماً يا عمتي ولو فعلتي لكان قلب الأم بكِ خاف علي من شره والتي أكثر من يعلم به
تركتيه يحركني كاللعبة بين يديه كيف يشاء
لو أحببتني حقاً يا عمتي لكنتِ القيتي لي طعم اليمين لكنكِ تركتيه ليأخذني لليسار"
بكت خديجة بشده واضعه رأسها بين كفيها وهي تغمغم :-
" كنت أخاف منه كنت أخاف منه "
صراخ أكمل بغضب :-
" وأنا ؟
أنا الذي أخذني طفلا ليعجنني بماء شره ومكره ألم أكن أخاف ؟
كنتِ تخافين فتركتيني له كالعبد
ألم أكن أخاف أنا الأخر بينما لم يكن يفعل شئ سوى تهديدي وحقني بكل ماهو عطن
لقد حولني المسخ حولني المسخ "
" لا " صرختها أمه بجزع بينما أعطى لهم ظهره محاولا تحرير دموعه لكن لا شئ ينزل فقط الوهن يشتد بروحه فاستدار مرة أخرى لكن وجهته كانت أمه التي كانت أمامه اللحظة فلم يبتعد
رفعت كفيها محاولة تناول كفيه وحين لم يبتعد تناولتهم بلهفة تقبلهم بوله أمومي هامسة من بين دموعها:-
"ابني ابني"
بينما كان هو واقفاً جامداً كالجبال منهاراً كالزلزال
الأرض أسفله تميل والجدران تطبق على ذاته لكنه يتجلد ثم أخيراً قال بالنبرة التي تشبه وقع السياط :-
" هل انتهيتِ ؟"
توقفت عن تقبيلها لكفيه تناظره بتذلل إلا أنه قال بنفس النبرة :-
"أنا أسف حقاً لكن لا أجد في قلبي شفقةً عليكِ
قبلاتك كالنار بين كفاي وصوت تذللك يزيد في قلبي الوحشة
لا أشعرك أمي لا أشعرك أمي
لا تحملوني فوق طاقتي لا تحملوني فوق طاقتي "
أنهى كلامه بصراخ جعلها تسحب كفيها تناظره ببهوت والدموع تتحجر في عينيها
إلا أنها ورغم كل شئ مست القلب الذي دوماً ما كان حنون رغم غمامته
كانت كسيرة كسيرة اللحظة بدرجه لم يرتضيها فجثى على ركبتيه أمامها يحاول صد ضجيج قلبه لا يعرف كيف يضيغ لها شعوره
هل يخبرها أن الليلة التي أفلتت كفه الصغير فيها شاخ قلبه وكبر أعواماً فوق عمره الذي لم يتعجى السنوات؟
تنهد بوجع ثم واشتد فكه بقسوة ثم أخيراً همس بنبرة مبعثرة وعينين مائلتين من شدة حزنهما :-
"كنت اسأل نفسي كل ليلة عن الذنب الذي اقترفته طفلاً لتتركيني بصدر رحب
اسأل نفسي كل ليلة هل هنت عليكِ حقاً ؟
هل عوضك أصف "
تهز رأسها نفياً باكية مخذولة من نفسها وتلعنها ألف مرة يوم ظنت هذا وارتضت بالنقود
تلعن نفسها ألف مرة أنها لم تنهش لحومهم يوم أخذوه منها
تلعن نفسها ألف مرة أن لم تموت كمداً في ساعة فقده ولا تعش ساعة كهذة
إلا أن قلبه الفاقد لمعنى أمومتها لم يقرأ على وجهها كل هذا بل واصل بإنهاك :-
" كنت كل ليلة اتسائل هل نسيتني ؟
ألا تشتاق لرائحتي وحضني كما أفعل ؟
أكبر فتشتد قسوتي وتظهر قوتي متظاهراً بالنسيان بينما اسدل وجه ثباتي ولامبالاتي أمامهم
أتعلمين لما ؟"
ضحك ضحكة سوادء خشنه تبتلع دموعه المخنوقة ثم واصل :-
" حتى لا أسمه جملة تخلت عنك بكامل إرادتها اتذكرها حقاً ؟
سمعتها منه يوم كنت صغير ولم أنساها
بداخلي دوماً كنت احترق من شدة الحوجة والفقد"
ابتلع ريقه الغير موجود بالأساس بينما يشعر بحلقه متخشب فواصل باحتراق وهو يضع يده على صدره:-
"لا تعرفين أبداً حجم الوجع الذي لازمني في صدري إلى لحظتنا هذة
سامحيني لأني لا أستطيع السماح"
تهدج صوته واحتقنت عيناه بالدموع بينما تواصل هي لا الجزعه :-
" أنتِ لا تحبيني لا توهمي نفسك بذلك
أنتِ تريدين عوضاً عن أصف وأنا لست هو
أعلم شعورك وقد ذقته بأمر ما يكون حتى أني أتمنى لو أعاد الله لكِ ابنك لكنه ليس أنا
الابن لا يعوض "
تحاول مد كفيها هامسة بحبه فصرخ بانهيار:-
" واالله لا أصدق
لا تطلبين مني تصديق حبك والله لن أفعل
ارحميني الأمر فوق طاقتي لن استطيع التعاطي مع حضنك لن أصدقه يوماً
كيف تطلبين مني تصديق حبك وأنتِ لم تزرعيه في قلبي
والله لا أصدق ولن أفعل ارحميني"
انتفض متجهاً ناحية الخارج يصحبه صوت عويلهم ونحيب خسارتهم إلا أنه قبل أن يخرج عاد وقال :-
" الابن لا يعوض رحم الله ابنك أصف وتولى تؤمه اليتيم برحمته "
ولو كان أحرق قلبها ولحمها كله بقنينه من زيتٍ مغلي لكان أهون عليها مما نطق
..........................

الخسارة لا تُدرك مرة واحدة بل تُدرك تباعاً

" هل كنتِ تعرفين ؟
هل كنتِ تعرفين عنه كل هذا وتزوجتيه ؟" قالها عامر لغدي بغضب فهزت رأسها نفياً قائلة بثبات وهي تنظر لجدها :-
" لم أكن أعلم يا بابا أقسم لك "
خبط عامر كفيه ببعضهم يجلس على الأريكة جوار والده بمضيفة بيت البلدة وهو يقول :-
" لم أصدق نفسي حين قرأت الأخبار بالجريدة
الأخبار التي تتناولها الصحف من وقتها ولم أعرف سوى الأن صدفة حين أتينا للبلد فمررت ببائع الجرائد من باب الفضول "
نظرت غدي لجدها بخوف فأومأ بعينيه لها أن تصمد ولا تخاف ثم نظر لابنه قائلاً باهتمام :-
" وحد الله يا عامر كل أمر وله حل "
نظر عامر لوالده قائلاً بغضب :-
"أي حل يا أبي إنه مجرم ابن مجرم "
"ليس ابنه يا بابا " دافعت دون وعي بينما خرجت نبرتها حزينه فانتفض عامر قائلاً من بين أسنانه :-
" وتدافعين عنه أيضاً "
عضت غدي شفتها ماسحه وجهها ثم قالت بتعب :-
"لا أدافع والله لا أدافع لكني أقول الحق
أنا لا أبرأه لكن أيضاً هو ليس له ذنب أن يكون الرجل الذي ربا هكذا "
" كما أنه خرج من كل القضايا برئ صحيح يا ابنتي ؟"
قالها الجد ببراءة جعلت ابنه يناظره بذهول بينما غدي ترد :-
" أظن هذا لا أعرف كل التفاصيل "
"أبي هل تدافع عنه ؟"
خبط أبيه بعصاه أرضاً وهو يقول :-
"أنا لا أدافع عن أحد أنا أتحدث معكم بالأخير هو زوج حفيدتي"
" سيكون طليقها لن تظل على ذمته سأطلقها منه " قالها عامر بحميه أبويه وهو يجلس جوارها مقبلاً رأسها رغم غضبه فمالت دافنه رأسها في حضنه باكيه
لا أحد يقدر أبداً مقدار ما تعانيه
لا أحد يعرف كيف أنها مازالت لم تتعافى من فقدها لجنينها
لا أحد يعرف أنها مازالت لم تتعافى من كل ما مرت به معه
هذا الذي يعرف جدها المساند لها جزءاً منه
هذا الذي لو قصته كله على أحد لظن أنها تحيك عليه قصة لأحد المسلسلات الهندية
لا أحد يعلم القهر الأنثوي بداخلها بعدما تخلى عنها ونبذها
يا إلهي
إنه حتى لم يخرج لها
لم يتسرع لرؤية وجهها
أهذا هو نفسه أكمل البدوي الذي سقى أنوثتها من الدلال أطناناً ؟
أهذا هو نفسه الذي لم يكن ينام ليلة دون قران أنفاسها ؟
أأأأأه مريعه تشق صدرها ولا تقدر على البوح بها
تسمع أبيها يهدهدها الأن متوعداً بطلاقها ظاناً أنها تبكي لهذا
ما بينها وبينه لا يبكى ولا تخط له سطور الوجع
ما بينهما كان أكبر من هذا
لقد استولى على روحها ومشاعرها بالوقت الذي كانت به تتغنى بجمود مشاعرها ولامبالاة قلبها تجاه الحب وما يقرب منه
ثم ماذا ؟
ثم لا يسأل عنها ؟
لا يسأل عن جنينه المفقود ؟
يغرق في رثاؤه وحده ؟
وأين هي من رثاؤه هذا اللعنه عليه وعلى حبه
لا وبالأخير حين كانت عنده حين يأست واستدارت تذكر ليناجي اسمها بتلك النبرة المكلومه التي لعنت قلبها لتعاطفه معها
لا واهم
واهم أكمل البدوي أن ظن حبه سيضعفها
أفلح إن ظنها ستغفر له شئ كهذا
أبعد كل ما مرت به معه ووقفت جواره يكن نصيبها هي اللفظ ؟
انتفضت بحميه أنوثة رغم الهون الذي يدب كل إنش بها وهي تتحرك قائلة بعزيمة ونبرة مقتضبة بينما تشيعه نظرات جدها المشفقة والمفكرة:-
"أريد الطلاق يا بابا "
.........................

من الواجب ألا نبخل على أنفسنا بحقها في نيل السعادة
من الواجب أن ننسى ذنوبنا طالما صدقت توبتنا

من الصباح وهي متوترة وبها شئ غريب حتى حين صحبها معه صباحاً للجامعه من أجل محاضرات الدراسات العليا التي تحضرها ظلت صامته في الطريق ولم تتحدث
وهاهي منذ أن عاد تجلس على الفراش تقلب في الهاتف بملل لكنها شاردة في عالم أخر
اقترب معاذ وجاورها على الفراش مقبلاً وجنتها وهو يقول باهتمام :-
" حبيبتي ما الذي يشغلك ؟"
ناظرته داليدا بعينين متوسلتين فهمس بحنو :-
"أخبريني "
أطرقت برأسها مترددة :-
"أتسمعني بأذن الصديق أم بأذن الزوج "
ابتسم معاذ ثم قال بعبث:-
" لا أذن الزوج لها كلمات خاصه لتسمعها لكن معكِ أذن الصديق هيا تحدثي "
شبكت داليدا أاصابعها وهي تقول بنبرة حزينة :-
" لقد وصلني خبر "
" و؟"
أخذت نفساً مثقلاً ثم قالت :-
"لقد وصلني خبر وفاة ابنة زوجي السابق "
لمعت عينا معاذ بإدراك وهو يقول :-
" رحمها الله لكن أشعر أن روحك عالقه بشئ "
أومأت داليدا وبلا مقدمات بكت وهي تقول بألم :-
"ألست سبباً يا معاذ ؟
ألم أكون سبباً يوماً في زعزعة هذة الأسرة ؟
فماتت البنت "
أغمض معاذ عينيه متنهداً بصبر ثم عاد وفتحهم وفتح معهم ذراعيه هامساً :-
" تعالي "
لجأت لأحضانه فظل يهدهدها متحدثاً بتروي :-
" أولاً موت البنت قدر الله بوجودك أو غيره
ثانياً زواجك منه يا داليدا كان رغماً عنكِ
أي أحد يقول غير هذا هو شخص لا يستطيع تقييم الأمور ولا يفهم بالحياة
ثالثاً والأهم "
صمت قليلاً ثم واصل :-
"لا أريد قول هذا غيبةً لأحد
لكن لنكن متفقين يا داليدا بعدما قصصتِ علي قصة زواجكم
هذا الرجل هو من استغل حاجتك وليس أنتِ "
" لكن "
حاولت الاعتراض فوضع أصابعه على شفتيها قائلاً بحزم :-
" لا يوجد لكن يا داليدا
التبرير لن يفيد
لا تبرري للأخرين فتوصمين نفسك عبثاً
ومسألة عدم تقبلك له التي صارحتيني بها قبلاً أنتِ لم تظهريها له إذاً لست أثمه "
رفعت عينيها لها وهمست برقه :-
" أليس لي ذنب في موتها ؟"
هز معاذ رأسه نفياً بتأكيد وهو يقول :-
" بل هو قدرها رحمها الله
هوني عليكِ حبيبتي "
ابتسمت وعينيها تلمعان بينما تهمس :-
" لا حرمني الله منك "
قبل رأسها يرد لها الدعوة ثم لمس وجنتها بأصابعه شارداً :-
"هل تعرفين بما أكنيكِ منذ أن رأيتك ؟"
ضيقت عينيها بتساؤل فلثم شفتيها بخفه وهو يقول :-
" الجمال الحزين
تماماً كلوحه رسمها فنان مبدع لا تشوبها شائبة لكن مكنونات نفسه المتعبة تغلبت عليه فطغت على اللوحة ونثرت عليها الشجن "
" لم اسمع تشبيهاً كهذا من قبل "
مال مرتشفاً أنفاسها بنعومة ثم همس بمحبة صافيه :-
" لكني سأعمل على محو كل ذرة شجن وحزن حتى تصفوا فقط لجمالها "
........................

بالوقت الذي تكن ترثي ذاتك لأجل مصيبتك يكن القدر يجهزها لتكون عطية لآخر
سبحان الذي خلق كل شيء بقدر !

" هل رأيته ؟
هل رأيته يا شهاب ؟
أرأيت كم كان صغيراً جداً بحجم كف يدي " قالتها رنا بحزن فأومأ شهاب برأسه قائلاً بتعجب :-
" سمعتِ كلام الطبيب ؟
إنه يعافر للحياة رغم تضرره الشديد"
دمعت عينا رنا وهي تسأله بقلق:-
"إن عاش يا شهاب هل سترفض أن نربيه ؟"
صمت شهاب بحيرة ثم قال :-
" لن أرفض صحيح لكن ماذا عن والدتك إن طلبت أخذه ؟"
ابتسمت رنا ساخرة وهي تقول :-
" صحيح لم أخبرك
أمي ستسافر هي وعمار ووالده للبلدة التي كانوا بها مرة أخرى "
اتسعت عينا شهاب بدهشة وهو يقول :-
" ماذا ؟"
أومأت برأسها وهي تقول :-
" نعم لقد زارني عمار اليوم
حالته سيئة جداً أنا إلى هذة اللحظة لا أصدق أنه طلق زوجته وخسر بيته وطفله وحياته ومن ثم أخته
إنه مبعثر بشدة "
مط شهاب شفتيه وهو يقول :-
" زيجتهم لم تكن مريحه لعله خير لكن" قبل أن يواصل حديثه قاطعهم صوت الجرس فنظر لها شهاب متسائلاً :-
" ألم تخبريني أن ريم أخذت الأطفال ليناموا بغرفة أمي بالأسفل كما طلبت حين وصلنا للبلدة اليوم ؟"
هزت رنا أسها نفياً وهي تقول :-
" ربما عبدالرحمن أو أحد أبناؤه
أطفالك لو كانوا أمام الباب كان صوتهم ليصلنا "
مط شفتيه ثم تحرك ليفتح الباب إلا أنه ذهل وهو يبصر أنس وزوجته أمام باب شقته بالبلدة الأن في العاشرة ليلاً
قطب شهاب قلقاً وهو يدعوهم للدخول بعدما نبه رنا بنبرته العالية
فدخلت روضة الغارقة في حزنها وأنس المتحرج بغضب
دقائق وكانوا يجلسون جميعاً بغرفة الضيافة فنظرت رنا لروضة متسائلة بقلق :-
" هل أنتِ بخير حبيبتي ؟"
بينما نظر شهاب لابن أخيه قائلاً بقلق :-
" متى أتيتم وماذا بك ؟"
نظر أنس لزوجته ثم تنهد بقلة حيلة وقال بنبرة متحرجه :-
"أنا أسف حقاً لزيارتنا المفاجئة بهذا الوقت
لكنها متعبة منذ أيام واليوم زاد عليها الأمر فأتيت لها كي تصارحها أم حياة علها تهدأ وتنسى "
نظر كل من شهاب ورنا لبعضهم البعض بحيرة ثم نطقت رنا قائلة :-
"أنا ؟"
استغفر أنس ثم قال :-
"أخبريها يا رنا أخبريها أنكِ لن تعطيها ابن أختك رحمها الله
أخبريها أنه ليس يشئ يعطى
أخبرها يا شهاب علها تهدأ وترضى بنصيبنا "
تبعثر التوتر في الأجواء وكل من شهاب ورنا لا يفهمان شئ بينما قالت نارة ببهوت :-
" كيف ؟
أنا لا أفهم شئ "
شبك أنس أصابعه يناظر روضه بحزن من أجلها
تلك الانتكاسه التي ظن أنها تعافت منها ثم ما لبث أن تفاجئ بتوغلها داخلها
شرع في قص عليهم الأمر وهوس روضه بتبني الطفل منذ أن علمت
حركت رنا عينيها لشهاب الذاهل تستنجد به فمسحت روضه الصامته عينيها وهي تقول بنبرة مبحوحه :-
" هل لكم أن تسمعونني ؟"
ابتلعت ريقها وواصلت :-
" لديكم ثلاثة أبناء حفظهم الله "
انتحبت بخوف أن يفهموها خطأ ثم واصلت :-
" والله إنهم لأحب لي من عيني
لكن أقول أيضرك إن أخذت ابن اختك اليتيم
كلانا فقيد
هو فقيد أهله وأنا فقيدة أمومتي "
حركت نظرها بينيهم بخجل ثم قالت بتوسل :-
" والله سأحبه
سأحبه أكثر من نفسي سأجعله في قلبي وعيناي
وأعوضه عن ما فقده "
مالت ملامح رنا بحزن وهي تقول بتأثر :-
"لو بيدي شئ ما بخلت عليكِ يا روضة لكن هو ابن أختي كيف أفرط فيه ؟
ماذا لو عاتبني عند كبره؟
بما أخبرها حين أقابلها في الأخرة أني فرطت بابنها ؟"
هب أنس واقفاً يعين روضه على الوقوف معه ثم قال باقتضاب :-
" فقط أردتها أن تسمع هذا
اعذرونا لنذهب إلى هنا وأنا كفيل بزوجتي "
صباحاً ...
كان كل من شهاب ورنا وريم وعبدالرحمن يتناولان الافطار بشقة الأخير والذي كان يقول :-
"أنا حقاً أشفق على أنس وبنفس الوقت أعذرها "
تناولت ريم قطعه من المخبوزات وارتشفت من الشاي بالحليب صامته تستمع لحوار رنا وشهاب معه والمعارضان للأمر رغم أسفهم على حال روضة فتنحنحت قائلة :-
" عندي فكرة وتظل مجرد فكرة لكم القبول بها أو رفضها "
التفت لها كل من شهاب ورنا باهتمام فتحدثت بنبرة موضوعية قائلة :-
" لنتفق أنكم لن تفرطا بالطفل أبداً ولا خلاف لأحد على هذا
بل سيكون كابنائكم تماما
لكن ونضع خط تحت لكن هو سيظل ك وليس ابنكم "
" هل تقولين أني سأفرق في معاملته يا ريم ؟" قالتها رنا بعتاب فهزت ريم رأسها نفياً بصدق وهي تقول :-
"والله هذا ليس قصدي حبيبتي
أنتِ لن تفعلي لكنه سيظل عائشاً على أمر أنه ليس ابنكم
أن البيت ليس بيته وأنه بن خالتهم وليس أخيهم "
صمتت متنحنحه ثم واصلت بحذر :-
" حبذا حين يكبر ويعرف الماضي أو شئ منه
مثلا تاريخ والده سيتكون عنده عقده حين يقارن أبنائكم بنفسه "
أطرق شهاب مقتنعاً بالحديث الذي فكر فيه قبلاً لكن رنا سألت بحزن :-
"إلى أين تريدي أن تصلي يا ريم ؟"
"أريد أن أقول لو تربى بين أنس وروضة لا شك عند أيا منا أنه سيكون أبنهم تماماً
وسيحسنون تربيته خلافاً عن الرفاهية كونه سيكون وحيداً
هذا غير أنه سينشأ بأسرة سوية يكون أبناً لها
حتى إن كبر وعرف
ما سيزرعه أنس وروضه به كأب وأم له وليس خالة وزوجها سيكون كفيلاً بالجبر "
نظر لعبدالرحمن باعجاب لزوجته غامزاً لها فحدجته بغيظ بينما تنظر بتركيز لرنا التي قالت :-
" لا أشعر أني استطيع التفريط به أزوره كالغريبة وربما لا أراه "
صمتت ريم ثم قالت بتركيز :-
" لدي فكرة وأعتقد لن يعارضاها أنس وروضة "
" ماهي ؟" سأل شهاب باهتمام فقالت ريم :-
"ماذا لو استأجر أنس وروضة شقة معكم بنفس المبنى أو بالمبنى المقابل ؟"
لمعت عينا رنا قائلة :-
" يعني ؟"
" يعني سيكون أسفلك أو جوارك سيتربي معك وأمام عينك ومنه ينشأ له أب وأم يخصوه
صدقيني يا رنا لو فكرتي فيها ستجدين هذا لمصلحته هو أكثر من روضه "
صدح صوت عبدالرحمن متسائلاً باهتمام :-
" ماذا عن كونه ذكر وحين يبلغ سيكون محرماً عليها ؟"
أومأ ريم وهي تقول ببساطة :-
"أظنه أمراً سهل
فالرضاعه الكيميائية الأن مباحه دينياً على ما أظن
تأخذ أدويه تدر لها لبناً وتقوم بإرضاعه فيكون ابناً لها ولزوجها
فقط فكرا بموضوعيه "
.............................

أحيانا لا نستطيع إظهار ضعفنا أمام أحد وحتى أمام أنفسنا !

" ماذا حدث له ؟"
قالتها غدي بلهفة فور أن فتح لها سراج بعد أن وصلها أنس الذي دخل معها متسائلاً باهتمام :-
"هل جلبتم له طبيب ؟"
أومأ سراج وهو يدعوهم للدخول قائلاً :-
"إنها حمى ترد عليه من فترة لأخرى ونعم لقد جلبت الطبيب "
صمتت غدي متحرجه من طلب الدخول له في وجودهم فتنحنحت قائله بنبرة حازمة :-
" حسنا أنا سأظل معه الليلة حتى يفيق بإمكانكما الذهاب"
" تظلي أين ؟" قالها أنس باستنكار فأسرع سراج بالرد كذباً في محاولة للتقريب بينهم قصديقه يحتاج لقوة امرأة كغدي في حياته فضلاً عن كونها حبيبته :-
" هو فعلا يحتاج وجودك فأنا لدي عمل الأن "
لم يمهلم الفرصة للحديث وهو يهب واقفاً بينما يقول :-
" علي ليس هنا لا تخافي إنه عندي "
فور أن خرج سراج التفت أنس لغدي قائلاً :-
" هل جننتتِ؟ لتوه أبيكِ كان يتحدث في طلاقك بينما أنتِ تقولين أنكِ ستظلين معه "
صمتت غدي مطرقه تحجب أفكارها خلف غيوم عينيها ثم أخيراً همست بصلابة معهودة بها :-
" اتركني يا أنس معه الليلة
إنه طريح الفراش ولن يأكلني لكنه يحتاجني
طرقنا ستفترق والطلاق أنا اطلبه قبل أبي حتى لكن الليلة لن اتركه "
قالتها شارده فيما قصه عليها سراج عن انهياره النفسي لأيام عقب مقابلته مع أمه ثم أخيراً سقوطه فريسة للحمى
نظر لها أنس ملياً ثم وقف قائلاً :-
" حسنا لكن سأنتظرك في السيارة "
رفعت غدي عينيها له هامسة بدهشة :-
"أي سيارة أنا سأبيت الليلة هنا ولتخبر أبي يا أنس بل سأفعل أنا الأن "
أمسك يدها التي رفعتها بالهاتف ورنت عيناه ناحية الغرف التي من الممكن أن يكون أكمل بإحداها
تذكر نفسه ليالٍ كان يناجي فيها روضة لتعود له
صحيح هو يخاف على أخته لكن موقف جده بصف أكمل يطمأنه لذا همس بتأكيد :-
" وأنا سأبيت بالسيارة فقط رنة واحدة منكِ لهاتفي سأكون عندك
أما عن أبي فسأخبره عن مبيتك معي "
ابتسمت غدي له بامتنان ثم احتضنته بقوة فقبل جبينها هامساً :-
" كوني قوية كما أنتِ دوماً "
بعد خروج أخيها خلعت حذائها وأرخت وشاحها بينما تحركت للداخل حيث يوجد
فور أن طلت من باب الغرفة تمسكت بحافته هامسة بجزع مذهول :-
"يا إلهي "
لم يكن هذا أكمل ؟
وجهه أسود من الحمى وجسده هزيلاً من الضعف لكن ما هزها
ما هزها حقاً تحريك إبهامه بشكل متتابع رغم ارتخاء ذراعه
تحركت حتى وقفت أمامه لتسمع همهماته فاتسعت عينيها واهتز كيانها لما تسمع
أكمل كان يناجي ربه
"يارب يارب
سامح ني يارب متعب
علي .. غدي ..جبيبتي ..ابني "
ارتج قلبها في صدرها بينما هذرة يتزايد:-
" الله أكبر
التحيات لله ... السلام عليك "
لم تعي أنها تبكي حتى سمعت صوت شهقتها
لم تصدق سراج عن توبة أكمل لكن ما رأته الأن سيظل محفوراً بقلبها
أكمل في غمرة الحمى كان يناجي ربه
"أه أه أه "
توجعه جعلها تخرج من ذهولها ماسحه عينيها بينما تجس جبهته فتلسعها حرارته
استلت هاتفها مسرعه تسأل سراج عن مواعيد الأدوية فأخبرها ثم وصاها بحمام بارد وكمادات مياه باردة كما قال الطبيب
خلعت عباءتها التي ارتدتها مسرعه فوق منامتها البيتيه ثم شرعت في عمل كمادات له بعد أن أحضرت اللازم
تضع القماشة على وجهه وأنحاء جسده فيرتجف هاذراً :-
" هي لا تحبني
لا تطلب مني السماح "
يفتح نصف عينيه فتشهق بلا صوت من بين غشاوة دموعها لكنه لم يكن يراها
كان يرى أمه وهو يقول بنبرة متعبة متألمة ومحمومه:-
" كنت أريد عناقك أريد الشعور بطعم حضنك الذي أنستني له قساوة الأيام
أريد أن أشعر بقبلتك على وجههي علها تشفيني"
يصمت طويلاً وتتوسله روحها الملتاعه ألا يتحدث مرة أخرى
أليس هذا الذي أقسمت قبل ساعات على عدم عودتها له ؟
أليس هذا الذي لعنته كارهه بينما تبكي بين أحضان غرفتها؟
أليس هذا الذي عهدت على نفسها ألا تسامحه وأن تسقيه من المرار أطياناً؟
لما قلبها يؤلمها من أجله هكذا؟
لما تشعر بالقسوة التي تجعلها تريد الذهاب لضرب أمه حتى تزهق روحها فقط لأخذ حقه
لما تريد الأن بعاطفة أمومية باحته نهش كل من سمم روحه وألمه؟
يعود للانتفاض مرة أخرى مواصلاً :-
" لن أسامحه
أنا لم اتذوق لفظ أبي بعمري أبداً ولم اشتاق له
حتى يوم موته لم أحزن عليه
لكني حزنت على أصف "
دمعه تفر من عينه فتمسحها بكفها بحنو لكن حركته وهو يميل بصدغه على كفه وكأنه يفتقد الحنان أمالت قلبها بوجع فلم تبخل عليها وهي تحتضن صدغه بكفها بينما يواصل بنبرة حزينه:-
" كرهت أصف لأن أمي أحبته هو
ولأن ....أحبته هو "
اتسعت عينا غدي بجنون الغيرة تسحب كفها منه تناظره بغضب وكأنه مستيقظ أمامها
حتى أنها بجنون ألقت قطعة القماش فارتطمت بصدره العاري وكادت تقوم لولا أن واصل هذره :-

" لكني كنت بداخلي أحبه وأشعر بألمه لفراقي لم يكن له ذنب أن أحبته ولم تحبني أعلم لكني لم استطع إلا أن أراه سارق أمي"
" وغد" همستها بغضب وهي ترى قلبها يعود ويميل له حزنا لأجله لكن هذا لم يكن شئ جوار تبعثر أشلاء مشاعرها بينما يهمس بقول محموم :-
" اشتقت لكِ
اشتقت لجنونك وناريتك أنوثتك الطاغية وفتنتك الشافية
سامحيني لقتلي ابننا "
دمعت عينيها بحزن وهي تملس على بطنها فيقول بنبرة لاهثه وهي تعلم أنه يراها اللحظة ويظنها بعالم أحلامه :-
" لم أعشق امرأة سواكِ رغم توقف قلبي عن الشعور
ألم أخبرك ؟
هناك حب لا يموت وإن أماتت الحياة قلوبنا ؟"
زفرت غدي نفساً مرتجفاً تواصل سباباً لا متناهي له ولنفسها ثم ربتت على وجنته تحاول إيقاظه هامسة :-
"أكمل ساعدني حتى تستحم "
وضعت ذراعيها أسفل جسده تعينه على القيام وهي تقول :-
" جسدك يحتاج لحمام بارد ساعدني هيا "
وجدته يقطب بضعف يفتح عين ويغلق الأخرى بينما يهمس بنبرته الوقحة وإن تاب ألف توبة تظل الوقاحه متأصله به :-
" هل ستفعلي ؟
هل ستحمميني "
تأففت غدي هامسة بغضب :-
" هل هذا وقته بحق الله ؟"
عاد وارتخى جسده على الفراش وحين حاولت مرة أخرى رفعه شهقت وقد التف ذراعه حول جسدها يميل برأسه ناحية عنقها متشمماً لها بوله هامساً :-
" اشتقت
اشتقت حد الموت "
ثارت مشاعرها بتفاعل وكل حواسها تشاركه اشتياقه إلا أنها ابعدته بحزم بينما تقول بغضب شاعره بجسدها كله ينتفض :-
" والله لن أفعل كيف أضمن دخولي معك اساساً الحمام
حتى وأنت محموم لا أمنك يا بن البدوي
إنك معجون بالوقاحه وقلة الحياء "
تأففت تعود لغمس قطعة القماش بالماء المثلج وتضعها على جسده
تعلم أن تخاريفه تعود للأدوية خلافاً عن شدة الحمى
ستعطيه الحقن ولن تجازف بأمر تحميمه هذا وإن كان بملابسه
مع مرور ساعات الليل الطويلة كان جسده يهدأ وأنفاسه تنتظم بلا تسارع أو هذر ينام مرتاحاً لكنه متمسكاً بكفها
تلك الحركه التي فعلها وفعلت بقلبها الأفاعيل
وكأنه خائف أن تتركه فيتمسك بكفها بقوة
كرضيع يتمسك بمقدمة سترة أمه خوفاً من أن يفتقدها أثناء رحلة أحلامه
حين اشتد بها التعب والسهر بعد أن صلت الفجر داهمها النوم وسحبها لسلطته
وبعد ساعتين كان يستيقظ متتفضاً وهو يمد كفه للهاتف فيستغفر مغمضاً عينيه باحباط
لقد ضاعت صلاة الفجر التي يواظب على الاستيقاظ لها
تنهد وهو يعود ويفتح عينيه مفكراً في علي لكن كل أفكاره تشوشت وهو يبصر الهالة الأنثوية الممدده جواره على الفراش
فرك عينيه داعكاً جبينه وكأنه ينفض عنه وهن جسده لكنه عاد واتسعت عيناه بانبهار
إنها هنا جواره بكامل بهائها وجمالها حتى ملامحها الحزينة التي هو سبباً أصيلاً بها
توجع قلبه من فرط ضرباته فرحاً بوجوجها فظل مشرفاً عليها دون أن يحرك إصبعاً عليها
فقط يتأمل ملامحها التي اشتاقها حد الوله
لكنه لم يصمد كثيراً وكل حواسه تؤلمه حاجة للمسها
فقط لمسها
مد إصبعه يلمس وجنتها فتململت ثم عادت للسكون
ابتسم ابتسامة حزينة مشتاقة وهو يسحب يده بخوف عازماً على التحرك بعيدااً
لكن الطاقة هنا كانت عكسية بجاذبية جيشان مشاعر العشق في قلبه فتجذبه للقرب
القرب الذي جعله يغمض عينيه ضائعاً وهو يميل يرتشف من شفتيها إكسير الحياة
يضمها له مشتاقاً بأصابعه لكل إنش فيها غير واعياً لحاجتها للتنفس
حاجتها التي جعلتها ترى نفسها داخل أمواج متلاطة تحاول دفعها علها تتنفس حتى أنها رفعت كفيها فاصطدمتا بجدار صلب لكنه يهدر بقوة
جدار أعاد لها الوعي تفتح عينيها على اتساعهم وهي تدفعه بقوة حاجتها للنفس
عيناه تجيشان بالمشاعر وعيناها تغيمان بالذهول حتى همست لاهثة :-
" هل جننت ؟"
" هل تنفستِ ؟" همسها بجنون عنيف جعلها تناظره بغباء غير فاهمة
لم يهتم لإفهامها وهو يشدها له بقوة كاتماً أنفاسها مفشياً كل طاقة الشوق والحاجة بداخله فيها
حاولت إبعاده بكفيها لكن ضربات قلبه الهادرة تحتهم كانت وكأنها صرخات الحرب
الحرب التي لفتهم معاً في عناق حميم ملتهب لا مكان للعقل في وجوده
أنفاسه تتمهل على أنحائها هاذراً بعشق محموم لم تكذبه يوماً:-
" أشتقت لكِ اشتقت لكِ بحجم الجحيم "
تحاول دفعه متمسكه ببقايا عقلٍ لها لكن همسته المنهكه شديدة الحوجة والاحتياج لها
" أحتاجك يا إلهي أحتاجك يا غدي "
همسته التي ذكرتها بالطفل الصغير الذي يبكي في الزاوي داخله كبلتها وأعجزتها وهي تضمه لها لا تبخل عليه بما يحتاج
صوته يطرب الأنثى بداخلها اشتياقاً ولمساته تتبتل بالشوق احتراقاً
قلبها يتقلب في لظى الشوق له حتى ما عاد للعقل مكان
هو رجل وهي زوجته وما بينهما حب لا يموت وإن أماتت الحياة قلوبهم
نضجت ملامح النيران وتبعثر الشوق في الأركان
لكن ومضات من الألم لمعت في أحشائها فتصلبت ثانية وبالتالية دفعته بكل ما أوتيت من قوة غير عابئة بأن لو قتلته كان أهون
لم تنظر لعيناه المتوحشتان لكن أنفاسه المشذرة بالحريق وصلتها إلا أنها شرعت ترتدي المتبقي من ملابسها سريعاً دون أن تنظر له
فقط أنفاسهم العنيفه هي ما تضج في الغرفة حتى أنها تشعر أنه سيقتلها اللحظة لكن لا تعلم أن ما قالته وهي منحنية الرأس قتله هو فللمرة الكم يكن أنانياً ويكاد يتسبب في ضرها
" لن يحدث يا أكمل
لن يحدث أن أسلمك نفسي بعدما عهدت لأبي طلاقي منك
لن يحدث أن أحني رأس أبي حتى وإن كان ما يحدث حلالاً لا تشوبه شائبة حرام
لن يحدث أن أحني رأس أخي الذي ينتظرني نائماً بسيارته في الأسفل دعماً لي
لم يكن علي أن أسايرك بالبداية لكنه ضعف أنثى طبيعي والحمدلله أننا لم نصل للنهاية إلا لما سامحت نفسي أبداً"
" غدي " همسها بنبرة ضعيفة خاذلة ومخذولة تأتي من أعماق سحيقة فهمست وهي ترتدي عباءتها :-
" انتظر ورقة طلاقي منك يا أكمل
حمداً لله على سلامتك لقد اتيت البارحه لأوفي كل ديون الزوجة الأصيلة لكن إلى هنا وانتهى"
...........................
يتبع


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس