عرض مشاركة واحدة
قديم 13-02-24, 03:43 AM   #1530

اسفة

مراقبة،مشرفة عالمي..خيالي,الوثائقية،البحوث والمعلومات،روايتي كافيه،(قاصة ولؤلؤة ألتراس،لغوية،حارسة السراديب، راوي)،نشيطة،تسالي،متألقةومحررة جريدة الأدبي، صحافية فلفل حار،كاتبة عبير alkap ~

 
الصورة الرمزية اسفة

? العضوٌ??? » 110863
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 48,686
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » اسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond reputeاسفة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك fox
?? ??? ~
دورى يادنياكماتشائين وأرفعي من تشائين وأخفضى من تشائين لكنك أبدالن تغيري من الحقائق ولا من المثاليات الصحيحة أو الأفكار السليمة التى تؤكدلنادائما إن الأهداف المشروعة فى الحياة لا بدمنالسعي إليها بوسائل شريفةوأن ما نحققه بغيرهذه الوسائل لا يحقق لنا أبدا
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مرحبا يا أحبة







كان معروفاً بتشاؤمه ونظرته السوداوية للحياة.
في الصباح كان يعبس ويتجهم في وجه موزع الجرائد، ثم يرغي ويزبد لمطالعته العناوين الرئيسية أثناء تناوله قهوة الصباح. أما إن حدث وسار أحد تلامذة المدرسة على الحشيش أمام منزله فكان عندئذ يقيم الدنيا ولا يقعدها.. يزعق بغضب ويطلق بعض الشتائم. أخيراً كان يجرّ نفسه جرّاً إلى مكتبه تحت طبقة ركامية كثيفة من غيوم الكآبة والحزن العميق.
في المكتب كانت كآبته تزداد شدة وحدة وكانت العياذ بالله مُعدية لدرجة أن الموظفين كانوا يسيرون بصمت مُقبض كئيب من أول النهار حتى نهايته. ولم تشرق بسمة واحدة في ذلك الجو الموحش.
عند الظهر كان صاحبنا يذهب إلى أحد ثلاثة مطاعم في المدينة. وكان يبدأ دوماً بالتذمر من قائمة الطعام، بعدها من الخدمة وأخيراً وليس آخراً كان يبدي امتعاضاً من نوعية الطعام.
بعد الظهر كان يمشي لربع ساعة في المدينة فيكدّر جوها تكديراً ولا يعود إلى مكتبه إلا بعد أن يكون قد ترك وراءه آثاراً شبيهة بتلك التي يخلفها الإعصار؛ إذ كان بارعاً في كسر خواطر الناس الطيبين بحيث كانوا يشعرون أن طاعوناً مرّ بهم ولم يسلم أحد من لمسته المميتة.
وأثناء عودته إلى البيت عند المساء كان يعرّج على المقبرة فيقف وقفات طويلة أمام ضريح زوجته التي توفيت قبل سنين ليعنفها على فراقه وتركه ليقوم بمعظم الأشغال المنزلية بمفرده.
أما العشاء فكان محنة كبيرة بالنسبة له لأنه كان يصغي أثناء تناول الطعام إلى مقدمي البرامج الإذاعية فلا يعجبه ما يسمعه من المذيعين والمعلقين والمعلنين والكوميديين.. أخيراً كان ينسلُّ إلى فراشه ويعاني من أحلام مريعة وكوابيس فظيعة.
غني عن القول أنه كان في منتهى التعاسة وكان يتعالج بالفيتامينات ووسائل الراحة والإسترخاء وأحياناً بالعمليات الجراحية.
ولكن ذات يوم حدث شيء لا يصدَّق، إذ تغيّر الرجل.
موزع الجرائد كان أول من لاحظ ذلك التغيير، ثم تلامذة المدرسة لدى اجتيازه لهم في طريقه إلى العمل. كان صاحبنا يضحك وكان بشوشاً. راح يحيي موزع الجرائد. وذات مرة تعثر أحد التلامذة أمام بيته وسقط فأسرع لمساعدته وسؤاله عما إذا كان قد تأذى من تلك السقطة.
كما راح يلوّح بيده لجيرانه ويوزع عليهم التحيات الطيبات ذات اليمين وذات الشمال، ويبتسم لموزع البريد بل وكاد يكتسح المدينة الصغيرة بهبّات قوية من الطيبة والفرح.
وفي المكتب أيضاً راح يصدح بالغناء دون عناء. وفي المطعم كان يؤكد للعاملين أنه لم يذق من قبل طعاماً أشهى. والقائمة تطول... وباختصار أصبح شخصاً آخر. ومنذ ذلك الحين لم يعرف المرض.
هذا التغيّر الذي طرأ عليه استمر لحوالي الأسبوع. وراح أهل المدينة يفركون أيديهم ويحكـّون رؤوسهم ويتساءلون عن سر هذا التحول الفوري الذي حدث لهذا الشكـّاء المتبرم بالحياة. أخيراً قرروا أن يرسلوا إليه وفداً ينوب عنهم في استطلاع جلية الأمر.
عندما وصل إليه الموفدون رأوه يأخذ حمّاماً شمسياً على الحشيش أمام البيت فكانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لهم. فسأله المتحدث باسم الوفد بدون مقدمات وبكل جرأة عن السبب من سعادته.
فأتى جوابه صريحاً عندما قال: "على مدى خمسة وعشرين عاماً كنت دائم القلق خوفاً من عدم العثور على السلام وراحة البال. أخيراً قررت الإقلاع عن القلق بالمرة وصممت على أنني سأرضى بحياتي بدونه."
وهذا ما ينبغي لنا أن نفعله أيها الأصدقاء. يجب أن نتحرر من أسباب الهم والقلق ونسمح لأنفسنا بأن تشعر بالارتياح. كل واحد يريد السعادة، لكن معظم الناس كذلك الإنسان أيام عهده بالشكاسة والنكد. فهم لا يرتاحون بما فيه الكفاية للحصول على السعادة. ولو أنهم أقلعوا عن القلق لاختفت التعقيدات من حياتهم ولأصبحوا أكثر قدرة على الإحساس بالراحة والطمأنينة.

"لا يخلو رخاء العيش من المخاوف والكوارث، ولا تخلو المصائب من الراحة والأمل."




هذا القول هو للفيلسوف التجريبي فرنسيس بيكون (1561-1626) الذي لا بد أنه استند في قوله هذا إلى تجربة شخصية.

يستدل من القول أن الرجل كان في رغد من العيش ومع ذلك لم يكن محصّناً إزاء الهموم والتحسيبات من ناحية، ومن مفاجآت الأيام وضربات القدر من ناحية ثانية.

وقد نستنتج أيضاً أنه اختبر الحظ العاثر فتعمق في تفكيره وحاول جاداً فهم الحياة على نحو أفضل، فأبعده ذلك التفكير المعمق عن شواغله وهمومه، وربما أحس نتيجة لذلك الإبتعاد بطمأنينة نفسية وأدرك ببديهته أنه لا زال في الدنيا أمل بتغير الأوضاع وتحسّن الأحوال.



اسفة غير متواجد حالياً  
التوقيع


رد مع اقتباس