عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-10, 05:52 PM   #11

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي


أدار ستيفن محرك السيارة , وأخذ يطلق الزمور تحية لبوب الذي وقف بعيدا يلوح لهما مودعا , أنزلت كولبي زجاج النافذة لتودع بدورها المستقبلين الذين بدأ شملهم يتفرق , وأخيرا أستراحت في مقعدها , وأخذت نفسا عميقا:
" كان الأمر رائعا".
" نعم".
أجاب ستيفن وكأنه ينتبه للمرة الأولى , وأمتزجت ضحكاتهما.
وأسترق ستيفن نظرة الى القادمة الجديدة , أبنة عم دارت الصغيرة , أنها صغيرة بالفعل لكنها ليست أبدا كما تصورها , وتختلف أيضا عما توقعته والدته وشقيقته سوزان , فبالأضافة الى جمالها كان لصوت كولبي طابع مميز يجمع بين الدفء والأنوثة الفائقة , أنه من ذاع النوع من الأصوات , الذي يجد الرجال أنفسهم يستمعون اليه بدون الأهتمام فعلا لما يقول , ترى كيف ستعاملها نساء المنزل , والدته وسوزان وروشيل تينانت التي فرضت نفسها كفرد من العائلة , برغم أنها لا تعني له أي شيء شخصيا , وتختفي كل رقتها وأدعاءاتها عندما لا يكون دارت موجودا.
وأخذ ستيفن يحدق في أسراب النعام وهي تهرول بعيدا عن المدرج , قبل أن يتفوه بأول شيء يرد على ذهنه.
" أتعقد أنك أفتقدت والدة دارت , يقال أنها كانت سيدة عظيمة".
بدا صادقا في قوله , لذا أجابته كولبي بعفوية:
" نعم , ولا زلت أفتقدها يا ستيفن , كانت أمرأة رائعة , طيبة , نشيطة ونقية , تحيط بها هالة من الأشراق".
" الرجال يتزوجون أمهاتهم أحيانا!
وبسرعة تدارك خطأه , فأردف موضحا:
"تعرفين ما أعني , أقصد أن الرجال يبحثون عادة عن الفتاة التي تشبه والدتهم ".
دهشت كولبي لما قال , وبلعت ريقها بصعوبة قبل أن تعلق قائلة:
" حسنا , أفهم فكرتك يا ستيفن , قل لي هل تتحدث بصورة عامة أم أنك تقصد شخصا معينا؟".
تفحصها ستيفن بلمحة خاطفة:
" الزمن وحده كفيل بالأجابة , آنسة كينغ ,من يعرف ماذا تخبىء له الأقدار".
" وماذا عنك؟".
أجابت كولبي حالمة , وفجأة تحول صوتها من الجدية الى المرح:
" أنظر ستيفن , ما أروع التلال أمامنا , الأعشاب الخضراء تتأرجح عليه وكأنها تتمايل فرحا بالضوء المنسكب شلالات من الفضة تتلألأ بينها الحصى كأحجار كريمة , كنغارا , ها أنا آتية اليك , أفتحي أبوابك لأسقبالي".
وكأن السيارة فهمت شوق الفتاة الى أرض أحلامها , فأسرعت تشق طريقها وسط النباتات الكثيفة التي أحتجت على الأستخفاف بها بأن أستجمعت عطرها ترسله موجات من الطيب تسلقت الأشجار الباسقة , التي تحول ظلالها الوافرة أكثر الأيام حرا الى نسمات.
وفكت السيارة الحصار الأخضر عنها لتركض غير مبالية برائحة المسك التي تداعب الهواء وكأنها تريد ملاعبته , وعندما يئست الأشجار من أستبقاء كولبي , أرخت أغصانها عن المنازل الصغيرة المحيطة بالمزرعة وبالبيت الكبير.
وتجولت عينا كولبي في الطريق المعبد بحصى بيضاء , لتستقر أخيرا على بيت طفولتها المنتصب بأعتداد , متوجا بالرداء القرمزي الذي خلفته عليه شمس المغيب ,كنغارا الرائعة! لم تنسها أبدا , هذه الواحة الصغيرة المستلقية بكسل في أحضان الزهور البرية , مستكينة الى الأيدي المحبة التي تعتني بكل حبة من ترابها.
حتى وهي طفلة , كانت تقف طويلا أمام أنعكاسات الشمس على السور الحديدي الذي يحيط بالشرفات كتخريج رقيق سهرت على نسجه أيدي النساء , فأستبقى نور الشمس ليعكسها مزيدا من الأضواء على عالم كنغارا السحري.
البيت الكبير رفض منذ تأسيسه كل مظاهر الحضارة الزائفة , وأستبدلها بجمال الأرض المتوحشة العذراء , فكانت كل حجارته جزءا من صلابة الصخر ونعومة الرمال.
كم هو جميل هذا البيت العريق , ربما أجمل أيضا من الأيام الخالية عندما كانت طفلة تسري الحرية اليوم لم تعد طفلة, والسنوات الطويلة الموحشة التي أرهقت كاهلها في أيام الغربة , أصبحت مجرد ذكرى.
وتوقفت السيارة أمام الشرفة الأمامية , حيث وقفت بيللا وسوزان تنتظران الضيفة الشابة , ونزلت بيللا الدرجات القليلة , وثوبها البنفسجي يتأرجح بأناقة حول جسمها الطويل الرقيق , مظهرها ومشيتها كانا كما يتوقع المرء من سيدة كنغارا أن تبدو وتمشي , حتى العم سيروس لم يكن ليستطيع وحده تدبير شؤون المزرعة الكبيرة بدون مساعدة سيدة قديرة تقف الى جانبه , لكنها لم تستطع أن تقنع والدها بذلك , فهذه المرأة ليست بالعمة راشيل , برغم شخصيتها المميزة وأناقتها الواضحتين حتى عن بعد.
وأجتازت بيللا الأمتار التي تفرق بينهما , وأتسعت عيناها الزرقاوان الباردتان عندما أستقرتا على كولبي , ثم أنفرجت شفتاها عن أبتسامة غاية في الجاذبية.
" أهلا بك في كنغارا يا عزيزتي , نحن سعداء لأنك معنا".
وتحولت الى أبنها قائلة:
" أنقل حقائب كولبي الى الشرفة يا ستيفن وأتركها هناك".
وصعد ستيفن الدرجات الأربع المؤدية الى البيت وهو يتظاهر أنه يعاني صعوبة بالغة في حمل الحقائب , أبتسمت بيللا لحركاته المسرحية وعلقت قائلة لكولبي:
" هذا هو ستيفن , تعالي الآن لأعرفك بسوزان , دارت أضطر للخروج , أحد الجيران أستنجد به لأمر ما".
ولحقت كولبي ببيللا , لتحيي الفتاة المستلقية بلا مبالاة على سور الشرفة الحديدي ,وفاجأهما صوتها الواضح الشاب عندما قالت:
" أنت لست كسائر فتيات دارت".
قالتها بأستغراب وكأنها ترى الأمر غريبا لدرجة لا يمكن معها تصديقه , أنزعجت بيللا , وأشتعل وجهها الجذاب غضبا , قبل أن تنظر الى كولبي معتذرة:
" كولبي عزيزتي , أود لو تعذرين سوزان , أنها تمر حاليا بفترة عصبية".
ورمت أبنتها بنظرة قاسية:
" أما أنت يا سوزان لو تتذكرين أبسط أصول الأدب".
" آسفة".
تمتمت سوزان الكلمة مرغمة , ومع هذا الأستقبال الجاف , وجدتها كولبي فتاة جميلة , أو كان من الممكن أن تكون جميلة لو أهتمت أكثر بمظهرها الخارجي .فهي طويلة القامة , رشيقة الجسم , ولها ملامح والدتها الجذاب , شعرها الأسود رفعته الى الوراء على شكل ذيل الحصان , أما سروالها وقميصها فكانا في حالة رثة.
وأبتسم ستيفن مداعبا شقيقته:
" لا تهتمي بها يا كولبي , أنها الأبنة الوحيدة والمدللة للسيدة كينغ , من مزرعة كنغارا".\تجهم وجه سوزان ,وأضطرت الأم للتدخل ثانية بما تبقى لها من صبر :
" يكفي يا ستيفن , لا أدري ما ستظنه كولبي بنا".
" فلنسألها , كولبي ما رأيك بنا؟".
ولمعت عينا كولبي بضحكة مكتومة :
" سأحتفظ بحكمي حتى أتعرف اليكم أكثر ".
وأستقرت ثلاثة أزواج من العيون عليها تتفحصها بأهتمام , سوزان كانت محقة , الآنسة كولبي كينغ ليست كما توقعوا , ثيابها البسيطة العملية تفضح بخطوطها المدروسة توقيع أشهر دور الأزياء , ألم يقل لهم أنها من الفرع الفقير من عائلة كينغ , وأن لا مال لديها يذكر؟
بشرتها المشرقة الفاتحة كانت مفاجأة لهم , فمعظم أفراد عائلة كينغ بشرتهم داكنة , دارت مثلا يبدو ببشرته النحاسية كالهنود الأصليين برغم عينيه الغريبتين الفاتحتين .
شعرها القصير الناري الخصلات يتوج وجها رقيقا , فيه خدان عالا الفكين , أما عيناها فواسعتان خضراوان تتألقان تحت حاجبين داكنين لهما حد السيف وميزات خاصة بهما ,وفي عينيها أيضا أعتداد واضح بالنفس , وأصرار التحدي مع لمحة من الشقاوة , بشرتها الصافية لا تشوبها نقاط النمش التي ترافق عادة ذوات الشعر الأحمر , نتيجة حساسيتهن لأشعة الشمس.
وأبتسمت كولبي للأنطباع المرتسم على وجوههم:
" ربما تطلعونني لاحقا على رأيكم".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس