عرض مشاركة واحدة
قديم 16-02-10, 08:15 PM   #5

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

ركضت بسرعة نحو السيارة الصغيرة, فتزحلقت على العشب الجاف ولم يتوقف ألا عندما أرتطمت رجلها بأحدى العجلتين الخلفيتين , قامت لتفتح الباب , فكادت تدوس على المفاتيح التي رماها بيار في تلك اللحظة بالذات , أخذت حقيبتها الصغيرة وأقفلت باب السيارة مجددا , ثم بدأـ الصعود ثانية وهي تتمنى لو أنها كانت مرتدية ثيابا أخرى تناسب هذه المناطق الريفية ... عوضا عن الفستان الحريري الأخضر الذي يليق بعاصمة الأزياء نفسها .
كان بيار جالسا وراء مقود السيارة ,وقد أدار محركها أستعدادا للأنطلاق , فتحت الباب ودخلت بهدوء لتجلس قربه ,ولم تكد تغلق الباب وراءها , حتى أنطلقت السيتروين بسرعة جنونية , وكأنما صاحبها يريد الوصول الى وجهته في أقل وقت ممكن , قال لها بعد لحظات:
" سنتوقف في محطة الوقود الموجودة على هذا الجانب من القرية , لأبلاغ مارسيل عما حدث , لديه شاحنة مزودة برافعة , وأنا متأكد من أنه سيهب للمساعدة ... أكراما لعينيك , أنه يسألني دائما عنك , وعن موعد عودتك الى شامبورتن".
أدارت وجهها عنه بسرعة ,وركزت نظرها على تلك القرية الجميلة التي بدأت تلوح كالسراب وسط السهول الخضراء المحيطة بها من كل جانب , ها هي القرية التي تزوجت فيها , وها هو واحد على الأقل من أبنائها الطيبين يسأل عنها ! شعرت بتأثر شديد لم تكن تتوقعه, أحست أن شامبورتن بدأت تمارس ضغوطا نفسية عليها...لأقناعها بأنها جزء من هذه القرية الساحرة ,وبأنها أرتكبت خطأ فادحا عند مغادرتها.
لا , يجب ألا يحدث ذلك أبدا! ستقاوم كافة محاولات الأقناع والأغراء , الهادفة الى أيقاعها في الشرك ,وأهم من ذلك كله , أنها ستكافح بقوة أي محاولة قد يقوم بها الرجل الجالس قربها لأعادة تلك العلاقة التي تحولت خلال فترة وجيزة الى ألم ومرارة وعذاب ,ولذا , فأنها لم تنزل من السيارة عندما أوقفها بيار أمام المرآب الذي يعمل فيه مارسيل دوديه كلود, فضلت البقاء في السيارة وتحمل حرارة الشمس القوية والجو الخانق , كيلا تضطر لمواجهة هذين الشخصين اللذين سيفتحان بالتأكيد جراحاتكاد تنجح في تضميدها .
أستفاقت فجأة من أحلام اليقظة ... وأستعادة بعض الذكريات , عندما سمعت قهقهات بيار ومارسيل وهما يتطلعان نحوها , لا شك أنهما يضحكان عليها , بعدما أخبر بيار جاره .... وبشيء من المبالغة ... تفاصيل الحادث الذي تعرضت له , أبعدت وجهها عنهما دامعة العينين ومتوترة الأعصاب , لأن بيار لا يهتم بها أطلاقا.... بحيث أنه لا يتوانى عن التندر بمشاكلها أمام أي كان , رفعت رأسها قليلا , فشاهدت مارسيل قرب بابها , يبتسم لها ويحييها بطريقته المحببة المعتادة ,لم يعد بأمكانها تجنبه ... ولم يعد من اللائق تجاهله, أنزلت زجاج النافذة للتحدث معه , فبادر الى القول مرحبا:
" طاب نهارك , يا آنستي.... أوه , عفوا, سيدتي , أنا سعيد برؤيتك ثانية".
رفعت لهجته الودودة الصادقة معنوياتها بعض الشيء , فأبتسمت له وقالت بعفوية فوجئت بها:
" أسعد الله يومك , يا سيد دوديه .أنا مسرورة بوجودي هنا , وبمقابلة الناس الطيبين أمثالك , أرجو أن تعتني جيدا بالسيارة المستأجرة , وتحضرها الى القصر في أسرع وقت ممكن".
" سيكون ذلك من دواعي فرحي البالغ , يا سيدتي ... تماما كما كنت أشعر عند أصلاح دراجتك الهوائية , هل تذكرين تلك الأيام , عندما كنت تركبين الدراجة وتأتين الى القرية لشراء الحلوى من السيدة سوريل؟".
" طبعا , أذكر ذلك , كيف حال السيدة سوريل هذه الأيام؟".
" ليست جيدة على الأطلاق , أنها الآن في المستشفى الرئيسي للمقاطعة".
" أوه , أنا آسفة جدا لسماع ذلك".
" سأذهب وزوجتي غدا بأذن الله لزيارتها , ستسر كثيرا عندما أخبرها بمجيئك , الى اللقاء, يا سيدتي ".
أنطلقت السيارة الكبيرة مرة أخرى , ولكن بسرعة عادية جدا سمحت لأيلاين بالتمتع مجددا بالمناظر الطبيعية الخلابة , وقبل وصولهما الى بداية القرية ,تنهدت وسألت بيار بتردد:
"كيف حال الخال أرمون؟".
" أنه يموت!".
أخترق جوابه كخنجر حاد , فأحست بالدموع الحارة تحرق عينيها , تمالكت نفسها وسألته مجددا:
" ووالدتك؟".
" تمضي طوال الوقت الى جانبه , كما يجب على كل أمرأة أن تفعل عندما يكون زوجها مريضا , هكذا قالت لي , عندما نصحتها مرة بأخذ قسطا من الراحة".
أحست بوخز أنتقاده اللاذع للكيفية التي تركته بها في العام السابق , وشعرت بشيء من الندم لأن تصرفها هذا هو السبب المباشر لهذه السخرية الحاقدة , وضعت مرفقها على حافة النافذة وأسندت رأسها على راحة يدها , وأخذت تفكر بمارجريت .... والدة بيار وزوجة أرمون , تذكرت فورا أستياء جدتها ألانور , عندما علمت بزواج شقيقها أرمون البالغ من العمر آنذاك خمسة وستين عاما من مارجريت دوروشيه .... مدبرة منزله وأرملة جون دوروشبه, الذي تولى لسنوات أدارة كروم العنب الخاصة بعائلة سان فيران , ذهلت جدتها عند سماعها النبأ ,وصرخت قائلة:
" رباه, لا بد أنه جن! أمضى طوال حياته عازبا , ليتزوج مارجريت ؟ ثمة عزاء واحد فقط ,وهو أنها تخطت سن الأنجاب".
لم يعن هذا الأمر شيئا لأيلاين , لأنها كانت في الثانية عشرة من عمرها وغير عابئة أطلاقا بالأمور الحياتية المعقدة للراشدين , ولكنها لم تتمكن من تمضية ذلك الصيف كعادتها في شامبورتن , لأن جدتها أصيبت بجلطة دماغية حادة أدت الى وفاتها في المستشفى خلال أسابيع قليلة.
وجدت أيلاين الصغيرة نفسها فجأة وحيدة يائسة , لأن ألانور سان فيران كوبر لم تكن جدتها فحسب .... بل أهلها وعائلتها , فهي تحضنها بمحبة وحنان مذهلين منذ الرابعة من عمرها , عندما توفي والداها في تلك الحادثة المشؤومة.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس