عرض مشاركة واحدة
قديم 25-06-08, 04:04 PM   #3

عبير الرومانسية
 
الصورة الرمزية عبير الرومانسية

? العضوٌ??? » 9772
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 5,769
?  نُقآطِيْ » عبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond repute
افتراضي الجندي الابيض

قمت فزعة ووجدت أنني مازلت في فراشي ..
قالت فتاة لا أعرفها كانت تجلس إلى جوار سريري :
- هل انت بخير يا سيدتي .. هل أحضر الطبيب ؟؟
كان صدري يعلوا ويهبط وضربات قلبي تتسارع وأنا أتذكر ذلك الكابوس ..
لقد أصبح يطاردني حتى في الكوابيس ..
حمدت الله أنه كان مجرد حلم لا أكثر ..
خرجت الفتاة المسكينة مسرعة تنادي الطبيب ... يبدوا أنها خافت عندما لم أرد عليها ....
دخل الطبيب مسرعا .. لم يبد أنه طبيب كان رجلا عاديا ..
قام بسؤالي عن صحتي فقلت أنني أصبحت بخير وأن ذلك مجرد كابوس .. وضع جهازا على يدي وطلب مني أن ارتاح بعض الوقت ووقفت الفتاة إلى جانب سريري ..
قالت الفتاة بتردد:
- آنستي .. أرجوا أن لا تغضبي مني، فأنا لا أقصد أخذ مكان راجوي .. لكنني عينت من قبل الحاكم وصيفة لك .. أرجوكي نادني بـ " أوليسي" إن احتجتي إلى أي شيء ..
نظرت لها وحاولت أن ابتسم وقلت :
- شكرا لك أوليسي .. أنا لست غاضبة منك فأنت لا ذنب لكِ في شيء..
انصرفت الفتاة وجلست بالقرب من الشرفة .. كنت أراها ..الوقت كان ظلاما فلون السماء الأسود يوحي بذلك ..
بعد قليل خرجت الفتاة ثم عادت ومعها طاولة الطعام .. سحبت الجهاز المزعج من فوق ذراعي وقالت بلطف:
- سيدتي .. يجب أن تتناولي شيئا .. أنت لم تأكلي منذ الصباح ..
لم أشعر برغبة في تناول أي شيء ..
ثم بقيت فترة مستيقظة أفكر في الحلم حتى غفوت من تلقاء نفسي أخيرا ..
في الصباح قامت أوليسي بإيقاظي وجائت لوليانا لتطمئن علي ... وقالت:
- تبدين بحال أفضل ؟؟
- نعم .. شكرا لك ..
- كان أخي سمو الملك يود زيارتك ..ليطمئن عليك ..
- لا داعي لذلك، أنا بخير ..
- حسنا مارأيك أن نذهب إليه إنه يجلس وحيدا في حديقة القصر ...
قمت بارتداء ثيابي تلبية لطلب لوليانا وخرجت بصحبتها إلى حديقة القصر .. بينما نسير سألتني الأميرة باستغراب :
- لماذا تكرهين جاميان إلى هذا الحد .. في حياتي لم أر احدا كرهه على الرغم من كل مافعله ؟؟
نظرت للزهور في الحديقة وتذكرت الحلم ثم قلت :
- لا أعلم .. روحي لا توافق روحه ..
ضحكت الأميرة وقد أعجبتها جملتي الأخيرة ..وفي خلال لحظات رأيت الملك يجلس على أريكة نريحة لوحدة تحت ظلة جميلة صنعت خصيصا له..
وعندما اقتربنا شعر باقترابنا فالتفت ينظر ..
في الحال ابتسم عندما رآنا قادمتان ..وعندما جلسنا أمامه قال سعيدا والهواء يحرك شعره البني :
- كيف حالك الآن يا أجمل البنات؟؟
كان يخاطبني فابتسمت لوليانا وشعرت بالخجل ولم أستطع الرد ... ابتسمت فعاد الملك يقول :
- ما كل هذا الخجل .. ؟؟ هل تخجلين مني ... لا لقد أصبحنا أكثر من مجرد صديقين أليس كذلك ..
قلت وأنا أرخي نظري إلى الأرض :
- هذا أكبر شرف لي سيدي ..
ضحك الملك وهو يتبادل النظرات مع لوليانا التي كانت تضحك أيضا .. ومن بعيد اقترب أحد الحرس الخاص وقال شيئا بالهمس وهو يقترب من الملك ..
قال الملك :
- لا بأس لكن بسرعة ..
انصرف الحارس وقام الملك واقفا ثم قال :
- سأستذنكم لدقيقة فقد وعدت الجند بأن أرى مخططهم الجديد هنا ولكني لن أستطع ادخالهم لأن جاميان معهم أنت تعرفين القضية ..
ثم ضحك وقال مازحا :
- أخشى أنك ستمرضين بسببه في النهاية ..
قلت بهدوء :
- هذا الشخص لا يؤثر في أبدا سيدي ..
قال الملك .. وهو يجلس :
- هذا رائع إذا .. أتمنى ذلك لأنه مجرد جندي ..
ورأيت روسو الغاضب دائما يقترب وخلفه جنديان يرتديان الزي العسكري الكحلي مثل روسو ويتبعهما تالتن وجاميان ..
كان تالتن قد رآني ولكن جاميان كان ينظر حوله إلى الأشجار ..
نظرت إلي الأميرة لوليانا فقلت :
- لم لا نتمشى في الحديقة حتى ينتهون من خططهم ..
هزت لوليانا رأسها موافقة ووقفنا ومررت بجانب تالتن ، لم أنظر خلفي لكن الأميرة لوليانا ضحكت بعد فترة قصيرة وقالت ونحن نسير:
- مسكين جاميان .. لقد حطمتي قلبه .. لم ترينه كيف كان ينظر إليك بألم وانت تمرين متجاهلته ..
قلت بغيظ :
- ماذا يظن نفسه .. إنه لا شيء!!
ضحكت الأميرة لوليانا وقالت :
- يجب أن تغيري فكرتك عنه فهو الوحيد القادر على إعادتك إلى الأرض، توقعي أن تبقي أمامه أكثر من عشرة أيام ..
قلت باستغراب :
- هل هو من يقود المركبة ؟؟
- لا.. معه طيار واحد يدعى " سبيرسو" وهو أمهر الطيارين .. لكن جاميان هو الذي يقوم بباقي الأشياء .. ويقود مركبة هينوا عندما يغيب الطيار أو ينام لبعض الوقت ، إنه متمرس جدا ..
قلت :
- لن أعطيه اهتمام ولن أصدق أنه بريء من تهمة قتل راجوي ..
قالت الأميرة لوليانا بباندهاش :
- انت مصرة .. لا يمكن لجاميان أن يهز مركزه بجريمة قتل مجرد وصيفة لايعرفها حق المعرفة ...لا تنسي انه يسعى للقب الجندي الذهبي ..
- لقد أفشت اسراره ..
قلت ذلك بسرعة وانفعال ..
فقالت الأميرة :
- أي أسرار تقصدين ؟؟
حكيت للأميرة ماقالته لي راجوي قبل موتها ..
ردت الأميرة بكل بساطة:
- عزيزتي .. راجوي لم تقل لك أي شيء سيء عن جاميان حتى الآن.. انت لاتعرفين ماذا فعل جاميان في السنوات الماضية..
ذهلت ... ووقفت انظر حولي ثم قلت:
- أرجوك... أحكي لي عنه..

قالت الأميرة ونحن نجلس على كرسي كبير في مكان بعيد :
- جاميان ظل لغزا لا يستطيع أي شخص حله .. ولازال،، منذ ان بدأ جاميان عمله في سلك الجيش، كان والده ضابطا كبيرا .. وعندما رأوه رؤساء العمل ظنو انه مدللا ولا ينفع للعمل كجندي ،، بدأت أسطورة جاميان عندما قام في الحرب بقتل مئات الرجال من مملكة (تيمالاسيا) كان جاميان أصغر ولكنه كان الأقوى .. وكان فعله ذلك من الأمور التي أدت إلى انتصار بانشيبرا العظيم ...

صمتت الأميرة لوهلة ثم تابعت :
- بعدما قتل والده في لحرب .. ماتت أمه لسبب مجهول وانت بالطبع تعرفين ماذا فعل وكان يبرر فعلته بقوله " لن أخسر ابي وامي في وقت واحد "..
بعد ذلك .. لفت نظر والدي الملك الراحل فعينه في الحرس الخاص .. اكتشفنا بعد ذلك أن هناك لعنة ما تلاحق الجندي الجديد .. فقد كان كلما يغضب من شخص ما ...
يموت ذلك الشخص بطريقة مفزعة ولا يترك قاتله أي اثر خلفه .. اتهم الناس جاميان بالقتل ولكنه أخذ براءات متتابعة من المحكمة فلم يكن هناك أي دليل على أنه من قتل هؤلاء الأشخاص ..

سكتت الأميرة فقلت بعجلة :
- ماذا حصل ؟؟
قالت الأميرة :
- أصبح الجميع يتحاشى غضبه المفزع .. كان جاميان يحل الجرائم والألغاز بطريقة تنم عن ذكاء خرافي .. يشعر بوجود الأشياء المسروقة .. وبالفعل يتم ايجادها.. كان الأمراء يستدعونه ليحل الجرائم المعقدة وكان ينجح في ذلك .. انه ماهر جدا في التنكر .. حتى انني متأكده انه ليس طبيعيا ..
ظهر في ذلك الوقت الجندي تالتن .. كان منافسا قويا.. تالتن ذكي أيضا وقوي لكنه لا يضاهي جاميان في ذلك الآن أصبحا صديقين ولم يعودا يتنافسان مثل الماضي ولكن أخي ينوي القيام بمسابقة بينهما ..
سألت الأميرة بفضول :
- هل جاميان غضب من راجوي فماتت؟؟ هل تعتقدين ذلك؟؟
نظرت لي الأميرة بخوف وقالت:
- لقد قلت لوالدي كثيرا بأن يتخلص منه.. قلت له بصراحة .. اقتله .. كان والدي معجب بقوة جاميان واعطاه لقب الجندي الأبيض تأهلا له ليحصل في المستقبل على اللقب الذهبي .... أخي معجب به أيضا .. لكنه أحيانا يغتاظ منه .. هناك مشجعون لتالتن وآخرون يؤيدون جاميان ...
صمتت الأميرة وعادت برأسها للوراء وهي تضع يديها على جبينها وكأنها تشعر بالصداع ..
ترددت في قول ما أفكر به ..في الحقيقة كانت الأميرة محل ثقتي فقلت :
- لقد أخبرني جاميان بشيء غريب ..
رفعت الأميرة رأسها وسألت بفضول:
- وماهو؟
- ققال إن الملك سيطلب مني شيئا ؟؟
فتحت الأميرة عينيها مندهشة وقالت :
- ماذا ؟
- أنا أسألك .. لم يرد اخباري بذلك الشيء..
فكرت الأميرة باستغراب ثم قالت بغضب:
- إنه يريد أن يشعرك بالخوف فحسب .. ذلك الجاميان الخبيث !!
لا أدري لم شعرت بإحساس لم ينتتابني من قبل ...
إحساس أن الكل يتلاعب بي .. لا أدري ما أفعل .. كانت لوليانا محل ثقتي ولم تهتز تلك الثقة حتى الآن .. جاميان أكرهه .. الملك لا أحبه .. تالتن لا أعرفه .. روسو يخيفني منظره .. وصيفتي الجديدة خائفة وخجولة ..
يا اللهي ماذا أفعل ..
سكتنا لفترة قصيرة ثم قالت لوليانا :
- مارأيك يا انسة لندا ان نعود للملك؟ سنراقب ماذا يفعلون من بعيد ..
ابتسمت وقمنا نركض بمرح وقطفنا زهرتين ..
وصلنا إلى المكان ولم نجد أحدا سوى جاميان وتالتن ..
كان جاميان يضع السيف على رقبه تالتن الذي كان يمسك أيضا بسيفه .. وشهقت الأميرة بصوت خافت وقالت :
- ماذا هل ينوي جاميان قتل تالتن؟؟؟؟

نظر جاميان نحو الشجر الذي نختبيء خلفه ورفع السيف عن رقبة تالتن وهو يصيح :
- من هناك ..
ركضت الأميرة بخوف واختبأت خلفي <<< لم أكن اعرف انها جبانة لهذه الدرجة ..
اقترب جاميان وسار خلفه تالتن بعد ان أدخل سيفه ...
قلت بهدوء:
- يبدو انها كانت مجرد مبارزة عادية .. يبدوان متصالحان ..
كانت الأميرة ماتزال تمسك بثوبي وقالت بصوت خافت وهستيريا واضحة :
- الآن سيغضب مني وسأموت ..
اقترب جاميان من الأشجار فرآني ..
نظرت له نظرة حقد واحتقار .. كان ينظر إلى بهدوووء .. وقال تالتن بمرح :
- لقد قطعتم مبارزتنا ..لكن لا بأس، هل كنتما تشاهدانني وانا أخسر ؟
ابتسم جاميان وهو ينظر لتالتن، ورفعت الأميرة رأسها ونظرت إلى جاميان فقال جاميان للأميرة بسرعة :
- ماذا قلتي لها؟؟
شهقتت الأميرة بخوف وعادت خلفي مرة ثانية .. فلت بغضب متحفزة ضده :
- أنت ايها القاتل .. هذا يكفي .. لقد مللت منك ومن ألاعيبك السخيفة .. ماذا تظن نفسك ؟؟ هاه؟؟ هل تظن نفسك أنك الشخص الذي يحاسب الناس ..
رفع تالتن حاجبيه مذهولا وأدخل جاميان سيفه وظل خافضا بصره لثانية، ثم رفع رأسه وقال بصرامة بعد ان اختفت الابتسامة من وجه :
- لندا .. أرجوك أنا لا أكرهك .. , ولم أؤذيك .. فلماذا تقولين ذلك؟؟
قلت بغضب :
- انت بشع جدا .. وتخدع .. أنا لم اتخيلك هكذا عندما رأيتك ..
نظر لي جاميان ثم انصرف بسرعة يركض بعيدا ..
ابتسم تالتن بارتباك وهو يراقب جاميان وهو يختفي بين الأشجار وقال :
- لا بأس .. لقد كان جاميان يمزح مع الأميرة إنه لم يقصد شيئا .. آه .. أنا مضطر للذهاب ..
انصرف تالتن يركض بعيدا يود اللحاق بجاميان .. وقالت الأميرة وهي تقف إلى جواري أخيرا:
- لندا .. أنا مرتعبة من ذلك المدعو جاميان ..
قلت بحماس:
- لاتهتمي له .. إنه أقل من أن يؤذيكي ..

عدنا إلى القصر وكان الملك هناك .. ظل يعتذر لي لفترة بأنه تركنا كان السبب هو روسو، ولكنني قبلت اعتذاره وطلب مني الملك ان يصطحبني في نزهة بالحديقة وقال :
- أريد أن احدثك في موضوع مهم ..
- وماهو..
- ستأتين معي أولا..
- موافقة سيدي ..
كنت ولأول مرة أخرج مع الملك بمفردي .. وذهبنا وحيدين إلى الحديقة وسرننا قليلا بدون أي كلام .. كان الملك يسترق النظر إليّ ولكنني لم أنظر إليه فبدأ الحديث قائلا :
- لندا .. هل أنت متضايقة من البقاء هنا .. وأرجوك، لا أريد مجاملات..
نظرت إليه وتوقفت عن السير فتوقف أيضا وقلت وأنا متفاجأة من السؤال:
- أنا..؟ في الحقيقة .. لست متضايقة ولكنني أفضل العودة إلى الأرض .. هذا المكان لا يناسبني ..
ابتسم الملك وقال :
- هذا كله بسبب جاميان ؟؟ هو الذي جعلك تكرهين البقاء هنا ..لكن أليس هناك شخص آخر يجعلك تشتاقين إليه ..
كان الملك يحدق بوجهي وكنت أشعر بالخجل ولم أعرف ماذا أقول ، بقيت صامتة وأنا أنظر إلى الأرض وأظن وقتها أن وجهي كان أحمر من الخجل ..
اقترب مني ورفع وجهي برفق لأنظر إليه ... << كانت دموعي ستنزل من الإحراج وابتعدت عنه قليلا .. ونظرت بعيدا .. فقال :
- لندا .. أنا أحبك .. أنا أريدك لي ، أريدك أن تبقي معي مدى الحياة .. لماذا لا تشعرين بي .. لا أريدك أن تعاملينني كملك ..أريدك أن تعاملينني كحبيب .. أرجوكي....
تفاجأت من الكلام ونظرت للملك بذهول ..
تذكرت رغما عني كلام جاميان ... كان يرن كالصدى ..
" سيطلب منك ( أمرجيز) طلبا .. وعليك أن ترفضي ..
وماهو ذلك الطلب؟؟
لا .. أنت ستعرفين قريبا ..
هل أنت عرّاف؟؟ أنت تتكهن بأمور حصلت أو لم تحصل ويكون رأيك صحيحا؟؟
المهم أن ترفضي طلبه.."

شعرت فجأة بالغضب لأنني تذكرت ذلك المعقد .. فقال الملك بلطف :
- هل أزعجتك ؟
نظرت له وأحسست أن على وجهي كل علامات الكره فحاولت أن أغير تلك الصورة وابتسمت قائلة :
- لا .. لست منزعجة بالعكس .. أنا مصدومة بعض الشيء .. أريد أن أذهب .. هل تسمح لي ؟
قال الملك وهو يمسك بيدي :
- هل أوصلك ..
قلت بهدوء :
- لا لاتزعج نفسك .. ليس من المفترض أن يوصلني الملك بنفسه ..
انطلقت بسرعة أسرع في مشيي .. لم أنظر خلفي ..لم أتوقف عن المشي بسرعة حتى وصلت للقصر، دخلت بسرعة إلى غرفتي ولحقت بي " أوليسي" وهي تقول بخوف :
- سيدتي .. ما الأمر هل من خطب ما ؟؟
قلت بضيق وأنا ارتمي على الكرسي :
- لا شيء يا اوليسي لا شيء أبدا ..
نظرت لي بنوع من الشفقة ثم تركتني وخرجت ..
وبقيت أفكر ..

مضى الليل وقمت في الصباح وتناولت فطوري مع اوليسي .. تذكرت راجوي وشعرت ببعض الضيق .. ولذلك فقد خرجت اتنزه وحدي في الحديقة ربما استلهم بعض الهدوء .. وكأنني سمعت أقدام شخص ما تسير خلفي ..
شعرت بالاكتئاب الشديد وانا اتخيل ان ذلك الشخص أحد اثنين .. إما انه جاميان أو انه الملك ..
لم ألتفت خلفي وبقيت صامتة ورحل فزعا كل الهدوء الذي بدأ يتسلل إلى قلبي ...
سرت بسرعة ودخلت في الطريق المؤدي للحديقة الخلفية .. ثوان واختفى صوت الخطوات الذي كان يلاحقني ولذلك عندما نظرت خلفي لم أر أي شخص ..
شعرت بالهدوء ولكنني تجمدت فجأة ..
كانت هناك صدمة قوية بانتظاري، وانا اسير بالحديقة الخلفية .. اشاهد نهرا صغيرا من الدم يتدفق من خلف شجرة ضخمة توجد وسط الحديقة الخلفية ..
اقتربت بخوف وانا انظر ... وبسرعة ركضت محاولة اكتساب بعض الشجاعة لرؤية الشخص المصاب ..
وكان الفزع سيطر على قلبي وصرخت وانا لا أصدق ماتراه عيني ..


صرخت وصرخت وأمسكت بالأميرة لوليانا وهي تنزف .. أمسكت بيديها التي تقطعت شرايينها أحاول وقف النزف ولكن لا فائدة .. لقد كانت مطعونة في قلبها وفارقت الحياة منذ فترة ..
صحت بفزع وهستيريا وأنا أرى الدماء في كل مكان " لا .. لاااااااااااا ... لوي .. لويانا .. لا .. "
اقترب أهم بعد أن سمع صوت صراخي .. هناك المزيد من الجنود قدموا لم أرهم جيدا فقد ملأت الدموع عيني ..
أحدهم حملني ليبعدني عن المكان وكنت ابكي .. كانت ملابسي مغطاة بدماء لوليانا وحاولت أن افلت فقال :
- لا تخافي يا آنسة أنا تالتن ..
أعطاني منديلا وأجلسني على كرسي بعيد في الحديقة فمسحت دموعي وقلت وصوتي يرتعش من البكاء :
- ماذا .. مالذي حصل لها ؟؟ جاميان قتلها ..
جلس تالتن القرفصاء أمامي وقال :
- مستحيل .. جاميان كان معي منذ عدة ساعات .. يجب أن تتوقفي عن الشك فيه إنه شاب لطيف ولن يقتل الأميرة بالتأكيد ..
نظرت حولي ..
كان الرجال يركضون ويبدوا ان الخبر انتشر .. ورأيت جاميان يقترب من بعيد .. توقف على بعد خطوات مني وسأل قائلا:
- تالتن .. هل الآنسة هي من اكتشفت الجثة ؟؟؟
نظر لي تالتن وهز راسه موافقا .. فقلت وأنا أبكي بانفعال :
- ألا تلاحظ أنك تقتل ثم يكلفوك بالتحقيق لكي ترمي التهم على الآخرين ... لماذا أنت ذكي وتتكهن بالأمور وتعرف كل شيء ومع ذلك .. ياللمسكين .. لم تكتشف من قتل راجوي .. أتعرف لماذا؟؟ لأنه انت .. أنت من فعل ذلك ..
نظر لي جاميان بهدوء ثم نزل إلى مستوى رأسي وقال بصوت خافت :
- انا اعرف القاتل ..
وقف جاميان وهم بالذهاب فصحت :
- توقف .. ومن هو؟؟
كان تالتن يراقب الموقف بصمت والتفت جاميان وقال ببرود أعصاب :
- أحزري ..
قمت وواقفة و صرخت وأعصابي تفلت مني :
- أنت كاذب وقاتل ومغرور و .. و ..
أحسست بأن صوتي لا يكاد يخرج الدنيا بدأت تظلم في عيني ورأسي يدور .. سمعت صوت جاميان :
- هل أنت بخير ؟؟
رأسي يدور .. ولم أعد أسمع شيئا ....


لم أفقد وعيي لكنني جلست على الكرسي وحاولت ان أهدأ ..مر دقائق طويلة أشعر أنني غائبة عن العالم .. وبعد قليل بدأت أسمع صوت تالتن يقول :
- أنت السبب .. لقد جعلتها تفقد أعصابها .. لقد كرهتك حتى الموت .. لم تعد تسمع كلامنا الآن .. مالذي حدث لها ..
رد عليه جاميان :
- أنا .. لم أقصد ..
- أنت تزيد الطين بلة .. سوف تموت بين يديك وبعدها افرح جيدا ..
فتحت عيني ولكنني لم أر شيئا .. كان اللون الأسود حليفي فأغمضتها ثانية وسمعت الكلام بين جاميان وتالتن :
قال تالتن :
- هيا نحملها إلى القصر ..
- لكن لا .. أقصد .. حسنا ..
- ماذا ستفعل الآن أيها الذكي .. انها متأكدة منك ، تكفي تلك القصص التي تسمعها عنك!
- إن سمعتي سيئة جدا يا تالتن ..
أحسست أنهما يقتربا مني فقلت :
- لا ..
فتحت عيني مرة ثانية .. كانت الرؤية مشوشة جدا ولكن تالتن قال :
- آنسة لندا هل يمكنك رؤيتي ؟ هل تسمعينني ..
حاولت الوقوف واستندت على الشجرة، بدأت الرؤية تتضح فقلت :
- سأعود بمفردي .. لا أريد أن أمشي مع قتلة ..
ضحك جاميان فاستغربت .. حتى تالتن نظر إلى جاميان باندهاش .. جاميان يضحك من قلبه وقال أخيرا:
- قتله ؟؟ هل أدخلتي تالتن في شكوكك؟
قلت بغضب وأنا انظر للطريق :
- أنت لا تتدخل .. تالتن أفضل منك ألف مرة ..
وتركتهما وأسرعت الخطى وأنا اتنفس بصعوبة .. كنت اترنح في سيري وكان فستاني طويلا جدا ويعيق حركتي ..كنت سأسقط ولكنني تماسكت ..
نظرت أمامي ورأيت الملك يسرع الخطى وخلفه الجنود أمسك بي وكنت في الحقيقة على وشك السقوط .. وقال فزعا :
- لندا هل انت بخير .. لقد كنت ابحث عنك ..
قلت .. بتعب :
- نعم .. لكن .. يجب ان تمسك بقاتل لوليانا ..
كانت عيناه مليئتان بالدموع وقال بحزن :
- لن يحدث ذلك مجددا في قصر الملك .. أعدك .. قبل أن أعد نفسي .. والقاتل ستنزل به أشد عقوبة ..
ركبنا عربة صغيرة لتعيدنا إلى القصر وأسندت راسي بتعب على النافذه ...
كانت أعصابي مشدودة وعندما تذكرت لوليانا بكيت مرة ثانية فقال الملك :
- أرجوكي لا تجعليني ابكي .. سيكون هذا ضعفا كبيرا ..
نظرت له .. كانت وجنتاه قد صبغت بلون أحمر من كبت البكاء فقلت :
- لا تحزن يا سيدي .. ليتني أموت وارتاح مثلها ...
تفاجأ الملك وقال بسرعة :
- سوف أحميك .. لا تخافي .. لم أكن أظن أن قاتلا يتجول بحرية ويقتل هكذا..
قلت :
- جاميان هو القاتل..
فكر الملك لدقيقة ثم قال :
- مستحيل .. لكن لماذا تشكين فيه دائما ... أول مرة في حياتي أرى شخصا يكره جاميان ..
قلت بغيظ :
- انا أكرهه .. ومتأكدة انه هو الذي قتل راجوي ولوليانا ..
قال الملك :
- لا يمكن .. لقد كان معي هو وروسو وتالتن في اجتماع منذ ساعات وحتى وصلنا الخبر وافترقنا ..
سكتت افكر .. هل يمكن ان اكون كل هذا الوقت اتهم جاميان واسبه وهو بريء؟؟؟
شعرت بالخجل من نفسي إن كان ماأظنه عن جاميان ليس حقيقيا .. ماذا ؟ سألت نفسي .. لماذا افكر فيه الآن ..
طردت الأفكار الغبية من رأسي ..
هدأت قليلا عندما عدت إلى غرفتي ، وصممت أوليسي أن اتناول الغداء ..ولكنني كلما تذكرت منظر لوليانا شعرت بالغيظ والغضب ... جلست مع اوليس نتناول الغداء وفي الحقيقة لم أشعر بأي شهيه ولكنني ظللت أنظر إلى الغداء وانا اشعر بالقيء والحزن .
قالت أوليسي بتردد وهي تتناول معي الغداء :
- آنستي ... هل يمكنني أن أخبرك شيئا ..
قلت باستغراب فقد نطق أبو الهول :
- وماهو؟؟
- الوصيفات في القصر يتحدثن عنك بسوء .. ولا استطيع ان ادافع عنك ..
- وماذا يقلن؟
- إنهم يقلن أنك مذ دخلت القصر واي شخص يبقى معك وتحبينه يجب أن يموت ,, إنهن يقصدن راجوي والأميرة ..
ضحكت أخيراوقلت :
- هذا غريب جدا .. وليس صحيحا أبدا ..أنا لست متعجبه فأنا من كوكب آخر وبالتأكيد ستلقون اللوم علي .. لكن لا ..
نظرت أوليسي إلى الشرفة ثم قالت أخيرا :
- أحدهم قال لي انني سأقتل إذا بقيت جوارك فتره أطول واحببتك ..
تعجبت كثيرا من حديثها وقلت باندهاش :
- ماذا؟؟ ومن الذي اخبرك ذلك ، أهن الوصيفات أيضا؟؟
ترددت أوليسي .. تحركت عينيها بخوف ولكنها نظرت لي في النهاية وقالت :
- أخبرني بذلك الــ ... انــ .. أنه .. الـجندي الــ .... أبيض ..

صحت باستغراب:
- ماذا ؟؟ جاميان قال لك ذلك ..
وقفت اوليسي بفزع وقالت متوسلة :
- أرجوك يا سيدتي أخفضي صوتك .. سوف يسمعك .. إنه في كل مكان ..
وقفت أيضا ونظرت بحولي ثم قلت بفزع :
- ماهذا الذي هو .... في كل مكان؟؟
شعرت بارتباك اوليسي وقالت أوليسي بسرعة :
- هل انادي الخدم ليحملوا الطعام ؟؟
تهربت أوليسي من الموضوع فقد كانت خائفة .. لم أرد أن أضغط عليها أكثر وقلت:
- نعم ...
لكن الحقيقة تقال .. لقد ارعبني كلامها ..
*****
في صباح اليوم التالي لم أخرج إلى الحديقة ... لم استطع فعل ذلك مجددا فقد كانت حالتي النفسية صعبة جدا..
فضلت البقاء في غرفتي واغلقت الشرفة وجلست وحدي في الظلام ..
قليلا من الوقت مضى وانا على سريري أحاول ان اتذكر بعض اشياء عن الأرض .. الازدحام في شارعنا ..
عندما كنت استيقظ في الصباح واتمشى إلى منزل صديقتي إيميلي فهو قريب ثم نذهب معا إلى الجامعة ..نستنشق نسيم الصباح العليل ثم نلتقي بميرندا فنصبح الثلاثي المرح، تذكرت "فريد" صديقنا المجنون والذي يحب رياضة القفز من فوق الجبال المجنونة مثله .. كنا مشاكسات جدا ...
تخيلت انني كنت اذاكر للاختبارات وكانت ميرندا وايميلي تستذكران بعض دروسهما معي ونعيد المحاضرات ثم نرتبها ..
لم أتخيل ان جاميان كان يراقبني لمدة شهرين ... يعني قبل الاختبارات .. كيف لم الحظه ؟؟؟ كيف؟؟؟ هل كان ينتظر يوم ظهور النتيجة ثم يفعل فعلته؟

فجأة ..
سمعت طرقا على باب غرفتي .. قطعت سلسلة ذكرياتي
لم أرد .. كنت اريدهم ان يظنوني نائمة..
سمعت صوت اوليسي :
- آنستي إذا كنت مستيقظة يريد جلالة الملك مقابلتك ...
زفرت بضيق ولكنني لم استطع تجاهل الأمر ..
ارتديت ثوبا جميلا اختارته لي اوليسي ونزلت إلى الحديقة ، رأيت الملك يجلس على طاولة جميلة وأمامه كرسي واحد فارغ، من الواضح انه ينتظرني ...
عندما رآني الملك وانا اقترب وقف مشى بسرعة نحوي ثم ابتسم قائلا:
- أحببت أن اتناول الفطور معك .. أشعر انني لا أرغب بأي شيء قلت ربما نروح عن انفسنا ونزيل الحزن ان بقينا معا بعض الوقت ..
ابتسمت فأمسك بيدي وأجلسني على الكرسي ثم جلس أمامي .. نظر إلي ولكنني شعرت بالخجل ونظرت إلى يدي ..
قال الملك برومانسية:
- كانت لوليانا تحبك، ولطالما تمنت ان نصبح زوجين .. أنا ايضا أحبك .. واريدك أن تكوني ملكة بانشيبرا العظيمة.. أريدك ان تفكري، ستكونين اجمل ملكة في الكون..
تنفست بصعوبة وأحمر وجهي ولكنني ظللت أنظر إلى يدي ولم ارفع وجهي إلى الملك .. كنت اتمنى ان تنشق الأرض وتبتلعني .. فعاد الملك يقول وهو يضحك :
- ياه ! انت خجولة جدا ... من يرى جرأتك وأنت تصيحين وتهددين أعتى مقاتلينا لا يعلم انك بهذه الرقة ..
لم أستطع قول شيء ونظرت نظرة خاطفة للملك فرايته ينظر لي مبتسما ... فقلت:
- سـ ... سأفكر، مع ان الأمر لا يحتاج إلى تفكير ..فلن أحظى بملك مثلك في حياتي .. لكن امنحني فرصة ...
يبدو ان الملك كان سعيدا جدا، وبعد الفطور الذي لم استطع تناول شيء منه من شدة الارتباك عدت إلى غرفتي وفكرت ......
زوجة ملك شاب ولطيف ... ملكة ... حياتك ستكون بانشيبرا .. سيظل جاميان مدى الحياة كالشوكة في الحلق...
الملك ... يحبني جدا ...
أنا ... لا أعرف ... هل أوافق؟؟؟ ليس لدي خيار ..
لكن لن أعود للأرض إلا وانا عجوز هرمة ... هههههه ضحكت ...

لم أعرف ماذا أقول وخرجت لوحدي أمشي في ممر جناحي، كان ذلك الممر يعجبني فقد كانت نوافذه كبيرة وتطل على الحديقة كان وقتا طويلاا قد مضى وكانت الشمس قد بدأت بالمغيب ،، مشيت بهدوء وأنا أسترسل في افكاري ثم اصطدمت باحدهم ..
نظرت أمامي بخوف ...
كان جاميان ينظر إلي وهو يضع يده على غمد سيفه ..
بفزع ظللت أنظر إليه وتسائلت .. كيف لم أشعر به عندما دخل إلى هنا ؟؟؟

شعرت بالخوف .. ونظرت وانا في حالة فزع ودهشة وتحجر وهدوء ... فابتسم ..
لحظات وانا مازلت على وضعي تحولت ابتسامته إلى ضحكة ... ثم قهقهة مجلجلة ..
شعرت بالغضب والخوف فقلت :
- من الذي سمح لك بالدخول إلى جناحي الخاص ؟؟
هدأت الضحكة وظل مبتسما وقال بخفوت :
- أنا دخلت .. هل هناك مانع ؟؟؟
كنت اريد أن أصفعه ولكنني قلت :
- ماذا تريد .. الذي يتسلل مثلك إلى غرف الآخرين لا يفعل ذلك إلا ليقتل ..
تلاشت ابتسامة جاميان وقال :
- لا توافقي على الزواج .... أرجوكي ...
نظرت إلى الحديقة وخفت أن يرانا أحدهم من النوافذ الكبيرة فقلت وأنا أسير إلى غرفتي :
- تعال وإلا ستفضحني في القصر ...
دخلت وجلست على طاولة الفطور .. تبعني جاميان وسحب كرسيا آخر وجلس إلى جواري، نظرت له بعصبية ولكنه ابتسم ابتسامة كوميدية وقال :
- لا أصدق انكي ستتزوجين بـ أمرجيز .. لماذا؟؟؟
قلت باشمئزاز :
- وما شأنك أنت ... هل أنت والدي مثلا ؟؟ أخي ؟؟ قريبي ؟؟؟ أنت لاشيء
رفع جاميان حاجبيه وقال مكررا كلامي :
- لا شيئ؟؟
قلت بإصرار :
- نعم .. وكلامنا انتهى ...
صمت جاميان ... فنظرت إليه كان يفكر وقد تقارب حاجيه .. كان يبدو منزعجا جدا ، ورفع عينيه وقال :
- انت لا تعرفينه .. لكن لا ترفضي .. أقبلي لأنك إذا رفضتي سوف ينقلب عليك ومن الممكن أن يؤذيك .. أمممم
صمت ثانية وقال يحدث نفسه ..
" امرجيز .. أه ... سوف تقولين موا ... لا .. يمكن أن ..."
عاد ينظر إلي وأنا لم أفهم شيئا وقال وهو يقف :
- أنا ذاهب ... آسف لأنني ضايقتك لكن سأسلك سؤالا أخيرا..
قلت وانا متعجبة من تصرفاته الغريبة:
- وماهو ؟؟
تنهد بقوة ثم قال بألم وهو يقترب مني :
- هل تظنين فعلا أنني قاتل؟ وانني من قتل راجوي ولوليانا ..
لا أدري لم عجزت عن الرد .. كان وجهه الملائكي ينظر إلي ويتوسل لي ألا أخذله.. عيناه تشعرني بسحر ما ..
سحر يجعلني أصدق أنه بريء ... وحساس ...و ...
لم أعرف ماذا أقول ولكنني جاوبت بغير وعي مني كنت عاجزة عن أي شيء :
- لا ...أنا أشعر بأنك بريء ...
سألني وانا تحت تأثير سحره :
- هل تكرهينني ؟؟؟ لندا ... أجيبي أرجوك ..
أغمضت عيني محاولة عدم النظر إلى وجهه وقلت :
- أنا لا ... أكرهك ...
بقيت فترة قصيرة وكأنني أشعر ان جاميان لم يعد موجودا ... فتحت عيني بهدوء فلم أجده أمامي .. كان الباب مفتوحا ويبدو ان جاميان خرج بسرعة ... الغريب انني لم أشعر به أبدا وكأنني أغلقت عيني لمدة سنة ...
هذا الشاب يحيرني و يجعلني أحبه ... أحبه بشدة و أفكر فيه ... واخاف منه ..
ذلك الشاب يجعلني ... اصاب بالجنون..
لم استطع ان أهدأ..
بقيت افكر..
اوجعني رأسي من كثرة التفكير في لا شيء ..
كنت مغتاظة من نفسي ... لماذا قلت له انني اعتقد انه بريء وانني لا أكرهه..
هل هذه الحقيقة في داخلي ؟؟؟ هل قام بتنويمي مغناطيسيا؟؟
اشعر بالغيظ ...
واشعر بـ ...؟؟ لا أعلم انا أحاول أن اعارض مشاعري الحقيقية... صرخت داخل نفسي ... " اعترفي أنت تحبين جاميان ... هيا ... انت تحبينه أليس كذلك .."
لم أرد التفكير بالأمر ولكنني ذهبت بعد العشاء إلى فراشي ونمت...
حلمت حلما غريبا بأمي وأبي وكانا يوصلانني إلى المدرسة وأنا سعيدة بذلك .. استيقظت فجأة ولم أستطع النوم .. شعرت بقلق غريب جدا ..
وكأن أحدا ما اوقظني ، كان الوقت قد تعدى منتصف الليل بقليل .. واحسست بقلق شديد جدا على اوليسي .. لا أدري لما انتابني هذا الشعور مجددا ... ذلك الشعور المرعب الذي شعرت به قبل موت راجوي ولوليانا ...
ارتديت ثوبا لطيفا أبيض اللون لأستطيع التحرك به .. وليس مليئا بالتطريزات والأقمشة المتراكمة .. كان طوله يصل إلى نصف ساقي .. وبسرعة خرجت من جناحي وتوجهت إلى جناح الوصيفات ..
كان الجو صامتا وعندما اقتربت سمعت أصوات الوصيفات يتكلمن في داخل جناحهن ... طرقت الباب ..
فتحت أحدى الوصيفات واصيبت بالذهول عندما رأتني فقلت مبتسمة:
- أنا آسفة و .. ولكن أين أوليسي ؟ أريدها لثوان فقط ..
نظرت الوصيفة خلفي ثم قالت باستغراب :
- لقد ظننتك هي ... لأن الملك استدعاها منذ عشرون دقيقة أو أكثر بقليل ..
تركت الوصيفة وعدت .. كنت افكر متعجبة كيف يستدعي الملك أوليسي بعد منتصف الليل؟؟ لماذا؟؟ الساعة كانت تشير إلى الواحدة والنصف ،
قبل أن أصل إلى جناحي التفت عائدة إلى الجناح الملكي الخاص بالطابق الأعلى .. شعور غريب يجعلني فضولية جدا واريد ان ارى اوليسي ..
وقفت أمام صورة الملك الراحل والد لوليانا وتذكرتها عندما أخذتني إلى هنا للمرة الأولى ..
عندما اقتربت من غرفة الملك رأيت الحرس يقفون على البوابة ولكنني اقتربت بقدر المستطاع بحيث أرى الغرفة ولا يشعر بي الحرس، كان باب الغرفة موصدا ولكن الأضاءة كانت عالية بالداخل ،،
ثوان وفتح الباب فجأة .. رأيت أحد الحرس وهو يخرج من الغرفة ويحمل جوالا قماشيا كبيرا خرجت الدماء على سطحه ...
وسمعت الملك يقول :
- علق رأسها أمام غرفة الوصيفات حتى يتعظن ...

ارتعش جسدي وأحدهم يخرج بسيف الملك وهو مليء بالدماء لينظفه ... نزلت دموعي ساخنة وأنا أرتعد، لقد كانت هذه أوليسي، نعم ... الملك هو الذي كان يفعل ذلك .. ولكن لماذا ؟؟
لماذا يقتل الملك شقيقته ؟ وراجوي ؟؟ هل يحاول إخافتي ؟ هل هو من فعل كل ذلك فعلا أ أن أوليسي فعلت شيئا استثنائيا ؟؟
هل هو معقد أم أنه يثأر لشخص ما؟؟ لقد كانت لوليانا تتمنى دائما اسعاده ..
بكيت وجلست إلى جوار الحائط وانا في غاية الرعب والحزن والصدمة ...
لا يجب أن ابقى هنا ... أنا لم أعد أثق بأي شخص،، جميع من أحببتهن مؤخرا قتلن والملك ... كان هو قاتلهم بكل برود وشر ...
كان الحرس يتجولون وخشيت أن يراني أحدهم أو يسمع صوت بكائي المكتوم ..
حاولت مسح دموعي ولكنها ظلت تذرف رغما عني ..كان قلبي محطما ...
مشيت بحذر أحاول الخروج من الجناح الملكي قبل أن يراني أحدهم ونزلت بسرعة على الدرج إلى الجناح السفلي ..
ولكنني فوجئت بعشرات الجنود وكان احدهم يمسك برأس أوليسي الآخر يحمل الجوال الذي يرقد فيه جسدها ... نظروا إلي بشراسة وكنت ابكي .. وشعرت أنني في مأزق، لقد علم كل هؤلاء الجنود أنني تجسست على الملك ! وبدأو يتحفزون ضدي ..
لم يكن أمامي حل آخر .. حل غير متوقع .. نعم..

انطلقت بكل سرعتي وألقيت بنفسي من شرفة الطابق الثاني ... وقعت بقوة على الأعشاب وتدحرجت لم أشعر وقتها بأي شيء رغم الآم والجروح التي أصابتني .. وقفت بصعوبة وبدأت أجري وتوقفت انفاسي عن الدخول والخروج وأنا أراهم يقفزون خلفي وهم يحملون أسلحتهم الزرقاء التي تصيبني بالرعب ...
ركضت بكل قوتي وكان حذائي خفيفا جدا فآلمتي الصخور بعض الشيء .. كنت متقدمة عليهم بمسافة جيدة ... دخلت إلى الحديقة المشجرة وحاولت تضليلهم بين الأشجار، كان صدري يعلو ويهبط بسرعة .. لم يتخيل أحدهم أنني سأتوقف خلف أحدى الأشجار أراقبهم وهم يركضون كالمجانين إلى الأمام ..
بعد ما ركض معظمهم بعيدا عدت أركض نحو بوابة القصر الخلفية ... وعندما وصلت إلى هناك وجدت حراس البوابة الأربعة مقتولين .. تعجبت وفرحت وانطلقت اركض خارج القصر بكل قوتي .. كان شعري المنسدل يضايق وجهي ويلتصق بدموعي ..
كان الخوف يعتصر قلبي وركضت بسرعة صاروخية بين الأشجار حتى لا يجدوني .. لم أعرف إلى أين اتجه وماذا سيكون مصيري !!
ركضت وركضت وفوجئت بذلك البناء .. ذلك البناء الجميل الذي كان أول محطاتي إلى هنا .. والذي أخبرني جاميان أنه ولد فيه .. لم أقف طويلا أمامه واسرعت بالركض وانا اتركه خلفي ودموعي تذرف بغزارة .....
تعثرت ووقعت على الأرض الموحلة .. واتسخ ثوبي .. جلست التقط انفاسي وشعرت بالوحدة الشديدة والخوف والألم ، كانت يدي تؤلمني من أثر السقطة وكان هناك جرحا كبيرا في يدي ينزف .. لم استطع ايقاف النزف فشققت طرفا من ثوبي القطني الأبيض الذي اتسخ وأصبح بني اللون ..
ربطت يدي بقوة مع انها آلمتني جدا ولكن وقت الخوف لا يعي الانسان ماذا يفعل .. وتظهر الشجاعة والتحمل ..
كان منزل جاميان خلفي وسمعت أصواتا تتحدث معا ...
ميزت صوت تالتن كان يقول :
- الملك يستدعينا .. ألن تذهب ؟؟؟
- سأبحث عنها مع الجنود هنا أشعر انها بقرب القصر إذهب انت ..
قال ذلك أحدهم لم أعرف أهو صوت جاميان أم لا فقد كان منخفضا ودب الرعب في قلبي من جديد وقمت أركض بعيدا ... وركضت ركضت حتى تعبت ولكن ليس لي أي خيار ..
اما ان أموت أو ان اهرب..
شعرت بيأس عجيب جدا ..
لست على كوكب الأرض ، ليس هناك مركز شرطة التجيء إليه... ملك لديه سلطة يريد قتلي ..
ليس لي أي شخص أثق به .. او يهتم لأمري ..
ليست هناك سوى مركبة واحدة تدعى "هينوا" ولا يستطيع قيادتها سوى طيار واحد ومعه جاميان ...
إذن .. ليس هناك أي أمل .. ولكنني لن أسلم نفسي سأصعد إلى قمة ذلك الجبل وألقي بنفسي من فوقه ، لن يستغلني الملك ولن يقتلني ولن يهددني ...
نعم ... قلت لنفسي :
" لندا ... الموت أشرف لك من هذه المهزلة التي تعيشينها ... أمي، أبي سأزوركما قريبا .. لقد اشتقت اليكما فعلا "
كان هذا قراري الأخير .. للأسف لم يكن معي دفتر مذكراتي حتى أكتب نهاية تلك القصة التي بدأتها والتي لن يصدقها أي شخص كان على الأرض... ولكن ربما يتسلى بها أي شخص في بانشيبرا ..
كنت بالفعل أتسلق الجبل بروح رياضية وتوقفت عن البكاء وتحليت ببعض الشجاعة .. كان ثوبي وشعري متسخان ووجهي أيضا رجلي كانتا مجروحتان ويدي تؤلمني جدا ... ولكنني لم أستسلم واصلت الصعود رغم شعوري بالعطش .. ولماذا أشرب وأنا سأموت بعد قليل ..؟؟
عندما وصلت إلى نصف الجبل .. كانت الشمس قد بدأت تشرق .. لقد مر الوقت بسرعة .. كانت بانشيبرا قد بدأت تظهر أمامي ورايت القصر .. كان بعيدا .. ولكن المنظر رائعا ودمعت عيناي لأنه آخر منظر سأراه في حياتي ...
جلست استرح قليلا .. وشعرت ان الحياة لا تساوي شيئا أمام دوافع الإنسان .. ولكنها غالية جدا في نفس الوقت ...
كيف أقتل نفسي ؟؟ نعم لن أتردد سأقتل نفسي قبل أن يقتلوني .. لا أريد ذلك الملك أن يمس شرفي أو كرامتي .. سأموت عزيزة مستقلة بذاتي ..
نعم ... بكيت رغما عني .. وعندما ارتفعت الشمس قليلا أكملت صعودي فوق الجبل بإصرار وانا اشعربالانهاك والعطش .. ولكنني عندما وصلت للقمة.. كان بانتظاري شخص ما ...


كنت أصعد وأصعد واقتربت قمة الجبل أخيرا ... ولكنني قبل أن أصل رأيت تالتن يقف على القمة وينظر إلي باسما ..
هل هذه بسمة الانتصار؟؟ كان يفصل بيني وبينه متر واحد فقط .. فكرت أن اترك يدي وأسقط وبالفعل تركت يدي ولكنه أمسكني بسرعة ..
صرخت :
- دعني يا تالتن .. دعني ..
هتف تالتن بصعوبة وهو يسحبني:
- لا مستحيل... أنا لن أخذل جاميان ..
بدأت أبكي وأنازع حتى يتركني ولكنه كان قويا جدا وسحبني رغما عني مع ان الهواء كان شديدا بالأعلى وصاح تالتن وهو يهزني :
- انت أيتها الغبية هل تريدين قتل نفسك ؟
صرخت وأنا أحاول أن أتملص منه:
- الموت أفضل لي من البقاء معكم ...
عاد يصرخ تالتن وهو يحكم قبضته علي :
- لا ... سيعيدك جاميان إلى الأرض لقد وعدك .. لا أحد يعرف إنني وجدتك ، جاميان قتل الجنود على البوابة حتى يعطيك فرصة للهروب .. اسمعي ...
التقط تالتن أنفاسه ثم عاد يقول :
- عودي معي سوف نجعلك تهربين أنا وجاميان اتفقنا إننا لن نعيدك إلى الملك مرة ثانية، لا تخافي ..
توقفت عن الحراك فتركني تالتن ..ونظرت إليه بشك .. هل يقول الحقيقة؟؟ أم انه...؟
ابتعد قليلا ثم أخرج جهازا من جيبه وهو يراقبني بحذر ثم ضغط أزرارا وقال:
- جامي .. لقد وجدتها تعال بسرعة نحن على قمة افريدوتيا ...
سمعت صوت جاميان من خلال الجهاز :
- ماذا ؟؟ وماذا تفعلان بالأعلى؟؟ كيف صعدتما ؟؟
- جاميان ... تعال خذنا وكف عن الكلام .. لقد أقنعتها بصعوبة ألا ترمي نفسها هيا بسرعة وإلا سأنتحر معها ..
شهق جاميان مفزوعا وأغلق الخط ..
ونظر لي تالتن مبتسما وقال :
- كنت أصعد إلى خلفك طوال الوقت .. ولكنك عندما توقفت للراحة سبقتك إلى
هنا ..
نظرت بخوف وقلت :
- كيف لم أشعر بك؟؟
- كنت بعيدا عنك .. وحاولت إلا تريني لكنك كنت تبكين طوال الوقت.. لم استطع ان احدثك لأن جاميان لم يكن مستعدا لاصطحابك بعد ..
هدأت قليلا وجلست على أحدى الصخور المسطحة، ظل تالتن واقفا ينظر إلى كل مكان يبحث بعينيه عن جاميان ..
مرت عشر دقائق ورأيت مركبة طائرة تقترب فقال تالتن :
- هيا تمسكي بي .. إنه جاميان لقد جاء أخيرا ..
اقتربت وأمسكت بسترة تالتن .. كان الهواء شديدا بسبب المروحة الموجودة بالطائرة، كانت تشبه المروحية (الهيلوكوبتر) ..
أدخلني تالتن أولا وجلست في الخلف .. ثم جلس إلى جوار جاميان .. أغلقت الأبواب مرة ثانية اتوماتيكيا .. وألقى جاميان نظرة خاطفة علي ثم قال بسعادة:
- هل كنت تودين الانتحار حقا؟؟ هل نسيتي الوعد الذي قطعته لك؟؟
شعرت بالراحة وقلت :
- لا ولكنني وصلت إلى مرحلة لم أعد أثق فيها بأي شخص ..
التفت تالتن لينظر إليّ وعلى وجهه نظرة شريرة ثم قال :
- في الحقيقة ... لقد استدرجناك حتى نعيدك إلى الملك، هل تظنين أننا نضحي بألقابنا ومراكزنا من أجلك !

انخلع قلبي ونظرت بخوف .. يأسا عجيبا احتل كياني وتمتمت بألم:
- خونة!!
نظر جاميان إلي ثم عاد ينظر أمامه وقال :
- هل صدقتي حقا أننا سنسلمك للملك .. لقد كان تالتن يمزح معك ، ولو كان يتكلم حقا لشققته إلى نصفين ونتبرع بكبده للمحتاجين .. وقلبه لي !!
ضحك جاميان وتالتن بشدة وشعرت بالغيظ فقلت وانا انزل دمعة مكبوتة :
- أقسم أني سأضربك يا تالتن...
قال جاميان :
- هل أغضبك؟؟ حسنا سأريه ..
فتح جاميان باب تالتن ثم رفسه رفسة أطاحت به في الهواء، فعل ذلك في لحظة غير متوقعه وصرخت بخوف واندهاش وأنا أرى تالتن يطوح بعيدا في الهواء حتى اختفى عن المركبة السريعة ..
وقفت وصحت بذهول وأنا انظر إلى وجه جاميان:
- ماذا فعلت أيها المجنون !! لقد قتلته .. لماذا فعلت ذلك ...
كان جاميان مبتسما وقال :
- لا تخافي عليه إنه قوى كسور في بعض عظامه وينتهي الأمر..
ارتميت على مقعدي وأنا لا أصدق ما فعله جاميان .. لقد فقد عقله ..
ظللت صامته لفترة طويلة وهو أيضا .. شعرت بنعاس شديد ولكنني تمالكت نفسي حتى بدأت المركبة بالهبوط .. شعرت أننا سافرنا إلى مدينة أخرى فقد جلست قرابة الساعة داخل الطائرة الصغيرة..
توقفنا في النهاية أمام منزل صغير وجميل وقال جاميان لي أن أنزل .. كان المكان يذكرني بالريف ..
نزلت وكان الهواء عليلا ولكنه بارد بعض الشيء .. رن جرس جهازه الذي يشبه الهاتف وضغط عيه ثم قال:
- هل وصلت؟
سمعت صوت تالتن يقول بمرح كعادته:
- أجل لقد نزلت في المكان المناسب تماما ،، لم تكن مظلتي تريد أن تعمل ولكنها فتحت في اللحظة الحاسمة ... جاميان لقد ذهبتما في الوقت المناسب جنود الملك قلبوا كل شبر في العاصمة ولم يجدو لندا .. هيا تعال بسرعة لقد استدعاك الملك أكثر من مرة..
نظر جاميان إلي مبتسما ثم قال :
- حسنا أنا قادم ..
اقترب مني جاميان وأخذ نفسا عميقا ثم قال :
- خطة هروب جيدة من العاصمة ولكنها مؤقتة .. هيا تعالي معي ..
أمسك جاميان بيدي وسحبني إلى المنزل الصغير .. ثم قال:
- مار أيك سوف تبقين هنا مع أمي لبعض الوقت حتى تهدأ الأمور .. لن يتوقع أحد وجودك ..
توقفت وسحبت يدي بقوة .. شعرت بخوف لا مثيل له وقلت:
- لا .. لا أريد أن أبقى هنا..
تخيلت الجثة المحنطة داخل صندوق زجاجي و4هي تحدق بي ..
ابتسم جاميان وقال وهو يسبقني إلى المنزل :
- ليس لديك خيار آخر .. أم أنك لا تريدين العودة إلى صديقاتك وموطنك؟؟
طرق جاميان الباب وأنا لم أتزحزح شبرا من مكاني .. تسائلت ... لماذا يطرق الباب؟؟ هل هناك شخص ما بالمنزل ؟؟
ففتحت امرأة جميلة لديها شعر أحمر داكن وعينان زرقاوان ولكنها كبيرة بالسن بعض الشيء وعندما رأت جاميان صاحت بفرحة وضمت جاميان بقوة وهي تقول :
- جامي يا حبيبي .. أين كنت لماذا لم تتصل بي؟؟ هل انتهت فترة عقوبتك ...
ابتسم جاميان وقال وهو يمسك بيدها :
- أنا آسف .....
- ولماذا لم يأتي أخوك معك؟؟
انتبهت المرأة إلى وجودي فنظرت لجاميان باستغراب ... بالطبع كان منظري مزريا .. شعري متسخ ومتشاجر مع بعضه .. ملابسي مقطعة وثوبي أسودا بمعنى الكلمة ماعدا بعض اللون البني عند الأطراف ، كنت أنظر بذهول وأنا أتساءل هل هي والدة جاميان حقا؟؟
اقترب جاميان مني ثم دار خلفي ودفعني برفق من كتفي ناحية المنزل وهو يقول :
- أمي.. هذه الفتاة الجميلة أهتم لأمرها.. أريدك أن تضعينها داخل عينيك حتى أعود، إنها غالية جدا على قلبي .. لا أريد ان يعلم أحد بوجودها هنا حتى جارتك تلك العجوز الشمطاء التي تحكين لها كل اسرارك ..
نظرت المرأة إلي مبتسمة وقالت :
- يالها من فتاة جميلة .. تعالي يا حبيبتي ما هو اسمك؟؟
قلت بتردد:
- أ .. أدعى لندا..
- ياللاسم الجميل كصاحبته ..
تركني جاميان واقتربت مسافة كافية من المرأة اللطيفة فعانقتني ..
تركنا جاميان عائدا إلى المركبة فقالت المرأة:
- جاميان .. ألن تبقى بعض الوقت تبدو منهكا..
التفت جاميان وقال باسما بصوت مجهد :
- لا يا أمي .. ليس لدي وقت لا يجب أن اترك أخي لوحده..
وقبل أن يركب جاميان قالت والدته :
- دع أخيك يتصل بي بين الحين والآخر ليطمئنني على أحوالك ..
- حاضر يا أمي ..
كنت أراقب الوضع باستغراب .. جاميان لديه أم وهي على قيد الحياة وليست محنطة ولديه شقيق أيضا ؟؟؟
ما قصة هذه العائلة الغريبة ؟؟؟

دخلت مع والدة جاميان بعد ان راقبنا المركبة وهي تبتعد ..
أعطتني ثوبا وردي اللون يناسب مقاسي وبعد أن أخذت حماما دافئا ضمدت لي جرح ذاعي الذي تلوث بما فيه الكفاية ..
كانت والدة جاميان رائعة وتبتسم طوال الوقت وأصرت على تمشيط شعري بنفسها ثم ربطـته بربطة بيضاء اللون ..
كنت قد بدأت أرتاح ثم تناولت معها طعاما لذيذا وقلت لها:
- إنه لذيذ جدا وأفضل من طعام القصر في نظري ...
نظرت لي والدة جاميان وقالت :
- هل انت الفتاة التي ذهب جامي للأرض ليحضرها؟؟
- نعم ..
صمتنا للحظة ثم سألتها:
- من هو شقيق جاميان .. لم يخبرني أن لديه أخا..
ضحكت أم جاميان وقالت بمرح
- أخشى أن أخبرك فيقول لي جامي " انت تفشي أسرارنا كالعادة "..
كانت تمثل اسلوب جاميان وهي تقول الكلمة الأخيرة وضحكنا كثيرا ... فعادت تقول:
- لا أعرف اذا كنت تعرفينه ام لا انه يدعى تالتن ماكنزي ... واسمه الحقيقي هو جيرودا .. ويكبر جاميان بعام واحد فقط ..
وقف الطعام في حلقي من هول المفاجأة وشربت بعض المياه ..
قالت والدة جاميان بسرعة:
- هل انت بخير؟
- نعم .. لكنني لم أصدق بعد أن تالتن أخوه .. كانا يبدوان كصديقين، حتى أنهما لا يشبهان بعضهما أبدا ..
قالت أم جاميان وهي تهز راسها :
- انت لا تعرفين ماذا حدث .. ولكنني سأقص لك قصة عائلتنا عندما تستيقظين ، أما الآن فأنت تحتاجين إلى الراحة ...
شعرت بالغيظ فقد أصبحت فضولية جدا بشأن جاميان في الآونة الأخيرة ولكنني استسلمت قائلة :
- حسنا..
أوصلتني أم جاميان إلى فراشي وقالت باسمة:
- أنا الآن أمك ..أرجوك أريدك أن تعتبرينني كذلك وإذا احتجتي إلى أي شيء فقط نادني ..
ابتسمت وقلت :
- شكرا لك .. سأفعل بالتأكيد ..
كانت الغرفة جميلة جدا وتنم عن ذوق رفيع، تلك الغرفة مزينة بالزهور حتى لوحاتها، وهذا يدل على انها غرفة فتاة ..
ماذا؟؟
إنها لم تكن على علم بقدومي ؟!
أم ان تالتن أخبرها بذلك؟؟ لا أعلم ..
وتلك الثياب التي أحضرتها لي .. أممم يبدو انها كانت تعلم بقدومي ..
ظللت أفكر هكذا حتى غفوت ..

نمت نوما عميقا لا مثيل له فقد كنت أشعر بتعب شديد خاصة وان كل شبر في جسدي يؤلمني بسبب ذلك الركض الذي ركضته..
وعندما دقت الساعة جرس الرابعة عصرا بدأت أفيق من النوم ..
فزعت عندما رأيت الساعة فيبدو أنني نمت طويلا ..

******
جلست أتناول الغداء مع والدة جاميان ... تلك السيدة الجميلة كانت تبث في نفسي اطمئنانا لا مثيل له .. بعد ان انتهينا قلت لها :
- لقد وعدتني أنك ستقصين علي قصة عائلتكم، أعني تالتن وجاميان..
صمتت أم جاميان للحظة وكأنها تسترجع الماضي ثم قالت مبتسمة:
- كان الماضي جميلا ... رائعا ... كنا عائلة صغيرة مكونة من خمسة أفراد أنا و ديوفري والد جيرودا وجاميان وابنتنا تانوها ... ذهب ديوفري في رحلة إلى مملكة تيمالاسيا ووقتها كنا شابين ممتلئين بحب الحياة، لم تكن هناك خلافات بين المملكتين بانشيبرا وتيمالاسيا والتقيت به إن جاميان يشبهه كثيرا عدا لون العين ... أحببته وأعجبت به وهو كذلك وعندما تقدم لخطبتي كان يومها جنديا في جيش بانشيبرا وقد اعترض والدي على زواجنا وفضل أن اتزوج شخصا من تيمالاسيا مثلي ..
ومع مرور الوقت، تمسكنا ببعضنا أجبر أهلي وأهله على الموافقة على ارتباطنا وبذلك تزوجنا، عشنا في سعادة ورزقنا بفتاة جميلة واسميناها " تانوها " عندما بلغت العام الثالث كان معنا جيرودا وكنا نعيش في بانشيبرا العاصمة ونذهب إلى تيمالاسيا بعض الوقت ..

كنت استمع لوالدة جاميان بهدوء وانصات وعندما توقفت قلت بسرعة:
- أكملي أرجوك ...
- كان ديوفري مثاليا جدا ولطيفا، لم نكن نتشاجر مثل بقية الأزواج فقد كنا متفاهمين وكنت حاملا في أصغر ابنائي جاميان، لكن في ذلك الوقت ساءت الأحوال السياسية بين مملكتي بانشيبرا وتيمالاسيا مما دفع الجميع للتأهب لحرب غبية ..
وكان ذلك بسبب مقاطعة تتشاجر عليها المملكتين منذ قديم الأزل ، وبالطبع لقلادة إيموكيا التي دفعت ملك تيمالاسيا الجديد بالقول إنها كانت ملكا لجده الأول ...
كنت خائفة جدا على أهلي في تيمالاسيا وبدأ الناس في بانشيبرا يبلغون عن أي شخص ينتسب إلى تيمالاسيا فيسجن أو يوضع أسيرا ولذلك خاف علي ديوفري لأنني كنت على وشك الوضع، وكانت قريباته يكرهنني بسبب زواجي به لتمنيهن غير ذلك،، وفي ذلك الوقت ... بدأت الأزمة وشعرت بتعب الوضع وكانت المستشفيات البانشيرية تمنع معالجة أي
شخص تيمالي ..
تساءلت متشوقة :
- وماذا فعلتم ؟؟


عبير الرومانسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس