عرض مشاركة واحدة
قديم 25-06-08, 04:38 PM   #9

عبير الرومانسية
 
الصورة الرمزية عبير الرومانسية

? العضوٌ??? » 9772
?  التسِجيلٌ » May 2008
? مشَارَ?اتْي » 5,769
?  نُقآطِيْ » عبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond reputeعبير الرومانسية has a reputation beyond repute
افتراضي الجندي الابيض

عدت إدراجي إلى غرفة الضيوف وطرقت الباب فدعاني عمي مايكي إلى الجلوس ، شاب ظريف يجلس مبتسما وإلى جواره فتاه .. أظن أنني رايت الفتاة من قبل في مكان ما فوجهها يبدو مألوفا بالنسبة لي ..
وقف عمي وقال يعرفني :
- السيد ونبيرج ، وليام ونبيرج ...
- تشرفت بمعرفتك ...
- وأنا أيضا ...

تابع عمي :
- الآنسة ليلي وينبرج ..
- مرحبا ..
- أهلا بك ..
جلست إلى جوار عمي فقال بعد أن جلسوا أيضا :
- لقد جاء السيد ونبيرج إلى هنا لكي يراك ..
قلت باندهاش :
- حقا ؟ ولكنني لم أقابله من قبل ..
تساءلت في نفسي إن كان خاطبا آخر ...
ابتسموا وتبادلوا النظرات فقالت الآنسة :
- ألا تتذكرينني ،، أنا شقيقة الشاب الذي كاد يصدمكم منذ شهور .. الحادث ، هل تتذكرين ..
آه .. أنها الفتاة الرقيقة التي كانت تبكي في المشفى ..
ثم قال السيد وينبرج :
- كنت اود شكر صنيعك معي ومع اختي،، فقد كنت طيبة جدا ..
رمقني عمي باعجاب وقلت بخجل :
- لا داعي للشكر ،، لكنني طلبت من الطبيب أن لا يخبركما بالأمر ..
كنت خجلة جدا وقال عمي :
- السيد وينبرج دعانا لقضاء أجازة منتصف العام القادمة في مزرعته بالريف ،، فما رأيك ؟؟
قلت بامتنان :
- شكرا لك يا سيد وينبرج على الدعوة الرائعة ،، سوف نتشرف بتلبية طلبك بالتاكيد ..
- هذا ماكنت أتمناه ..
بعد وقت قصير ودعنا السيد وينبرج وشقيقته
وفوجئت بكم الهدايا الذي احضراه لي ولعمي مايكل ..
وقال عمي ونحن نعود إلى غرفتي :
- لكم أحب الريف!!
قلت ساخرة منه :
- أنت تحب اميركا ..
أمسك عمي براسي وضحك ضحكة كوميدية ثم قال :
- أنا احب الهند !!


عدنا للضحك مرة أخرى فقلت :
- صحيح مايكي ،، ألا تفكر بالزواج أم أنك تنوي أن تصبح عازبا مدى الحياة .. لديك الريف ولديك الهند ،، وبالطبع اميركا ..
ضحك عمي وقال ساخرا :
- اصمتي أيتها العانس !!
ركضت خلفه وأطحت به أرضا ثم أنهلت عليه ضربا وركلا .. كان يدافع عن نفسه فأوقعني أرضا وضحكنا طويلا حتى انقطعت أنفاسنا ..
نظر لي عمي مايكي بعد أن توقفنا عن الضحك وقال :
- ما رأيك في جيمس وورثنجتون ؟
ابتسمت ثم قلت بسخرية :
- هيا ،، كف عن هذا لقد أخبرني عمي جوردن بالأمر ..
ضحك عمي وقال :
- حسنا أجيبي عن السؤال ...
- أنت تعرف أنني لا أحب سوى جاميان ..
نظر عمي باندهاش وقال :
- جاميان !؟ أما زلت تفكرين في ذلك الشيء الفضائي ؟

قلت بغضب :
- هيا كف عن إغاظتي،، انت تعرف أنني أحبه ..
- حسنا أين هو ؟؟
صمتت لوهلة وترقرت عيناي بالدموع فقلت :
- لا أعرف ، لكنني أشعر أنني سأراه قريبا ..
- لا أريدك ان تعيشي في أحلام خيالية ، أرجوك لندا .. عودي على الواقع ..
نظرت لعمي مايكل وقلت بحزن :
- لقد كنت أظن أنك الوحيد الذي صدقني ..
- أنا أصدقك ...
- لماذا تقول إذا أنها أحلام خياليه ..
- لأنني لم أر ذلك الشاب الذي تتكلمين عنه حتى اللحظة ،، أنا أنظر في كل العيون أبحث عن عين ارجوانية ..

ضحك عمي مرة ثانية ولكنني قلت :
- يكفي ،، أنت تتعمد إغاظتي ..
- لا .. أقسم لك .. لكن هذا العرض الثاني للزواج بك ..
- العرض الثاني ؟؟
- نعم ألم يطلب منك ملك بانشيريا ان تتزوجيه ..
- تقصد بانشيبرا ؟
- نعم ..

ضحكت وقلت :
- حسنا فهمت ،، أنت تتذكر كل شيء بالتفصيل ..

ضحك عمي وخرج من الغرفة وتوجهت نحو مكتبي وأعددت مذكراتي حسب جدولي في الجامعة ثم تناولت العشاء مع عائلتي وذهبت للنوم ...
في اليوم التالي عدت من الجامعة مرهقة وكانت اختبارات نصف العام قد اقتربت ، ولذلك فقد بدأت بتجهيز نفسي للدراسة بجد فلم يتبق سوى اسابيع ..
في تلك الأثناء طلب عمي جوردن قراري النهائي على الموضوع فقلت أنني لن أفكر بالزواج الآن وقد أخبرته أنني لا احبه ..
عمي جوردن كان غاضبا مني واتهمني بأنني هوائية ولا أفكر في مصلحة نفسي لأنني أرفض شابا رائعا مثل جيمس ، وبسبب شيء تافه في نظره وهو الحب وعدم الحب !!

في تلك الأثناء حاولت تجاهل الكل وتفرغت لدراستي فلم يتبق سوى اسبوعان على بداية الاختبارات ..


في الحقيقة كنت لم أيأس بعد من أن ارى جاميان مرة أخرى ،، كنت اذاكر كثيرا وفي وقت الراحة كنت أفكرفيه رغما عني ..
أقسمت أنني سأضربه عندما أراه .. وضحكت على تخيلاتي كثيرا .. ولكن .. يبدو الواقع أنني لن أراه مجددا فعلا كما قال عمي مايكي ......
وبالطبع كانت أيام الاختبارات مملة وكريهة كالعادة ،، ومرت أيام الاختبارات ببطء شديد وكنت اطمئن بالهاتف على صديقتاي ميرندا .. و ايميلي التي تذاكر بجد حتى لاترسب مجددا..
تلقيت بعد الاختبارات مكالمة من صديقتي الحبيبة بريا ،، وكانت سعيدة جدا لأن وضعي مستقر ..
وأخيرا انتهت الاختبارات وأخبرني عمي مايكي أن علي أن اتجهز لأننا سوف نذهب إلى الريف عند السيد وينبرج الذي عاد للاتصال بعمي مايكي مرة أخرى مؤكدا موعد حضورنا ..
ولهذا انطلقنا بعد يومين فقط ..
ذهبت مع عمي مايكل فقط وكونا ثانئيا رائعا خلال الطريق فقد كنا نصيح ونلعب طوال الوقت مع انه كان يقود السيارة إلا انني كنت اجعله يغني رغما عنه واضحك عليه ..
وصلنا أخيرا وكانت مشاهد الريف رائعة حقا ،، وبعيدا عن تلوث المدينة وضبابها وزحامها ..
من بعيد شاهدت الشاطيء ولكم كان رائعا ...
اتصل عمي بـ وليم وينبرج ، فقال له وليام أن يتجه نحو الفنار القريب ..
ظللنا نبحث عن الفنار حتى قال عمي :
- يبدو أننا ضللنا الطريق ، أو انك اخذت الفنار الي ايموكيا ..
ضحكنا بشدة ..
ثم سرنا بالسيارة لبعض الوقت حتى رأينا الفنار من بعيد ،، وقلت مندهشة :
- إنه يشبه الفنار الذي كان في ايموكيا ..
ضحك عمي وقال :
- كل فنار يشبه الآخر .. لا تقلقي بهذا الشأن ...
وصلنا عند الفنار ونزل عمي ثم اتصل بـ وليم مجددا، الذي لحق بنا بعد قليل ثم ابتعدنا عن الفنار قليلا حتى وصلنا إلى مزرعة ريفية جميلة .. كان هناك كلب أبيض صغير يركض هنا وهناك خلف الأوز ..

والمنزل كان جميلا جدا ،، وكانت الآنسة ليلي ومعها فتاة أخرى في استقبالنا وكان هناك رجل مسن قدم أيضا لتحيتنا وعرفنا وليام وينبرج على الرجل المسن أولا :
- والدي السيد شون وينبرج ..
صافحناه وابتسم بسعادة ثم تعرفنا على الفتاة الأخرى وهي صغيرة في السن تقترب من الرابعة عشرة من العمر وهي شقيقة ليلي ووليام وتدعى أليس ..

بعد ان دخلنا حملت أليس حقائبنا وركضت بسعادة .. كانت فتاة ممتلئة بالحيوية وأخذتني بسرعة ومعها ليلي لكي أشاهد الغرفة التي أعدوها لي بالطابق الثاني ،، يالهما من فتاتان رائعتان ..

كانت أليس مختلفة عن اختها الرقيقة فهي مشاغبة ولديها شعر أسود وعينان زرقاوان صافيتان .. أما ليلي فقد كان لديها شعر بني فاتح وعينان بنيتان مثل شقيقها الأكبر وليام ..
توجهت مع الفتاتان إلى غرفتي التي اعدوها لي فرأيت أنها رائعة وقد زينوها بالزهور ووضعوا ستائر وردية وبيضاء ،، كانت رائعة جدا وقد رسمت أليس صورة طبيعية جميلة وكتبت عليها لندا ثم علقتها فوق النافذة ..
سعدت جدا لحفاوتهم بي ..
ثم توجهت معهم الى الأسفل ووضعنا طعام العشاء ثم جلسنا ، حكى لنا السيد شون وينبرج عن اليوم الذي حصل فيه الحادث لويليام ..
قال السيد شون :
- كان ويليام في ذلك اليوم غاضبا من اخته ليلي لأنها تشاجرت مع مروض الخيول، ولهذا فقد جاء يشكو لي فأخبرته أن لا يتدخل فيما لا يعنيه فترك البيت وغضب وخرج ..
ابتسم ويليام وقالت ليلي :
- إن ويليام غضبه مفزع جدا وانا اشفق على خطيبته منه ... لا اعرف لماذا تحبه وكيف ؟

ضحكنا جميعا وقالت أليس بمرح :
- عندما دخلت اختي ليلي إلى المشفى كانت ترتدي ملابس المخصصة للعناية بالخيول ،، فظن الأطباء أنها معدمة وطلبوا مساعدتك ..

عدنا للضحك فقالت ليلي :
- لقد أصبت بإحراج كبير عندما قال لي الطبيب أن هناك فاعل خير قد تبرع لي بمبلغ كبير من المال ...
قال وليام بابتسامة :
- لقد أصرينا أن نعرف الشخص صاحب القلب الكبير ..
ابتسمت بخجل وقال عمي مازحا:
- إنها تحب المساعدة دائما ...
ضحك الجميع علي وانا ابتسم بخجل، ولم استطع قول أي شيء ..
تكلمنا كثيرا وحكينا أشياء كثيرة عن عائلاتنا ،، كان السيد شون وينبرج يقص لنا قصصا شائقة كعادة المسنين دائما ..

وفي صباح اليوم التالي استيقظت وأنا لست مصدقة أنني في الريف ،، فتحت النافذة وشاهدت المناظر الرائعة والفنار البعيد الذي يشبه فنار ايموكيا ..
كان الهواء منعشا جدا ونزلت بسرعة إلى الأسفل لأدهش أن الجميع كان مستيقظا عداي ... وضحك عمي علي ..

وبعد أن تناولنا طعام الأفطار خرجت أركض بصحبة ليلي وأليس في المزارع القريبة ولعبنا كثيرا قرب الشاطيء الذي كان يبعد عن منزلهم مسافة كبيرة ..
استأذنت ليلي لبعض الوقت لكي تحضر بعض الأغراض إلى المنزل بينما تمشيت مع الجميلة أليس حتى عدنا إلى المزرعة مجددا .. وقبل أن نصل إلى المزرعة قالت أليس بنبرتها المشاغبة :
- آنسة لندا ... مارأيك في ان نذهب إلى حقل الخيول القريب ،، سأريك شيئا رائعا، لكن هذا سر ..
قلت باستغراب :
- سر؟
- نعم ... أعني انك لن تخبري احد أنني أخذتك إلى مروض الخيول غريب الأطوار ..
قلت بفضول :
- مروض الخيول ؟ ولما نذهب ..
سحبتني أليس من يدي وركضنا وهي تقول :
- أنت لن تمانعي فسوف يعجبك ركوب الخيل كثيرا .. وبالذات فرسي لورا ،، ستعجبك ...


ركضنا كثيرا حتى اقتربنا من الفنار ،، كان هناك سياجا حول المزرعة وكوخا كبيرا واصطبل للخيول ..
أعدت النظر إلى المكان بدقة ،، شعرت برغبة عارمة في البكاء لأن ذلك المكان لم يكن غريبا عني أبدا ... أنا اقسم أن هذا هو المكان الذي قمت فيه بحل لغز الايموكيا.. نعم ..

وقفت صامته اتأمل التلة الصخرية ، الفنار،، المنزل والسياج ... كل شيء كما هو لم يتغير منه شيء عدا طريق العودة المليء بالزهور الوردية والموجود في ايموكيا فقط .. تنهدت بقوة ولاحظت أليس انفعالي فقالت :
- المكان جميل ...
- نعم .. انه جميل فعلا ..

دفعت أليس البوابة الخشبية ودلفنا معا إلى داخل المزرعة ،، كان الجو مشرقا وليس ضبابيا كما كان في لغز ايموكيا .. هناك خيول تركض وقد خلب جمالها لبي وقلبي ..
بيضاء وسمراء وبنية .. خيول جميلة في كل مكان ..

ركضت خلف أليس إلى اصطبل الخيول وكان هناك شابا يعتني بأحد الخيول ويعطينا ظهره، كان يرتدي قميصا بلا أكمام وسروالا أسود وحذاء العمل في الحقل ،، فتوقفت أليس وقالت بالهمس تحدثني :
- إنه مروض الخيول .. ويدعى سايمن ،، احذري منه فهو غريب الأطوار قليلا..
ابتسمت ومشينا بهدوء متجهات إلى نحو الاصطبل وعندها هتفت أليس :
- هيه ! سايمن ... انظر من جاء ليراك ..
التفت الشاب بهدوء ونظر إلينا ..
ولكنني توقفت عن السير من أثر الصدمة التي اصابتني وشهقت غير مصدقة مما لفت انتباه أليس التي قالت باندهاش :
- ماذا ؟؟ مالأمر ..
وضعت يدي على صدري وتنفست بصعوبة ..
لم أصدق أنني أرى مروض الخيول هو نفسه .. جاميان !
لا .. أنا لا أصدق ..
نظر إلينا الشاب واقترب منا ثم قال لـ أليس بهدوء :
- من هي ؟ أنا لم أرها هنا من قبل ..
دققت النظر في ملامح الشاب مروض الخيول ،، لا يمكنني أن أخطأ بشكل جاميان ، إنه هو .. حتى لون عينيه الارجوانيتان ..
ابتسمت أليس وقالت :
- إنها الآنسة لندا .. لقد اخبرتك عنها الأسبوع الماضي ..
قال جاميان بهدوء وهو ينظر لي نظرة عادية :
- مرحبا يا آنسة ..

ثم خلع قفازيه المتسخين ورماهما أرضا وقال :
- ألا تحبين أن تجربي ركوب الخيل ؟ سأحضر لك واحد رائعا ..
هتفت أليس بفرح :
- نعم ، هيا سايمن ..
كنت ما زلت في حالة صدمة فنظر لي جاميان بدقة ثم قال ببطء :
- هل هناك شيء يزعجك يا .. آنسة ؟
عدت أنظر إلى جاميان بحالة غير واعية من الذهول وقلت بلا وعي :
- جاميان ... ماذا تفعل هنا ؟؟

عاد الشاب مروض الخيول ينظر لي باندهاش وقال بسرعة :
- ماذا ؟؟ ماذا تقولين ؟
حدقتت أليس بوجهي وقالت :
- هل تعرفينه ؟ إنه يعمل هنا منذ شهور ولكنه لا يعرف شيئا عن عائلته ..
أغمضت عيني بألم وأنا احاول استيعاب ما يحصل ثم قلت :
- أنا آسفة .. ولكن ..
- ولكن ماذا ..
قالتها أليس بلهفة ثم تابعت :
- آنسة لندا ... أنت تعرفينه ... من هو ؟
خفت أن أتسبب بالمشكلات لجاميان وقلت بحزن ودموعي على وشك النزول :
- هل .. هل فقد ... ذاكرته ؟
قالت اليس وهي تتطلع إليه :
- نعم ، أظن ذلك .. فقد أصيب أصابة بالغة ..
لم استطع تحمل ذلك وجلست على الأرض وأنا أشعر بإرهاق ذهني شديد وصداع غير طبيعي .. واقترب جاميان ثم قال يخاطب أليس :
- هل هي بخير ...
رفعت راسي ونظرت إلى جاميان ثم قلت بانفعال :
- لا أصدق أن هذا حصل لك جاميان !! كيف يمكنك نسياني ؟؟ وجيرودا ؟ أين هو؟
شعرت أنني أفقد عقلي ببطء وصرخت :
- وهذا المكان ؟؟ هل هو لغز آخر ... لماذا أنت هنا .. وفي هذا المكان بالذات .. أهي لعبة ****ة ؟؟
نظرت أليس بخوف نحوي ثم قالت تخاطب جاميان :
- سايمن ،، إنها غاضبة .. علي ان أحضر المساعدة .. لا تغضبها أرجوك ..
ركضت أليس بسرعة وأخذت فرسا ركضت به إلى خارج مزرعة الخيول وقال جاميان بهدوء :
- أنا لا أفهم سبب حزنك .. وإن كنت عرفتك في الماضي فأرجو ان تسامحيني لأنني لا أتذكر أي شيء ...


نزلت دموعي رغما عني وبكيت ،، ولكن جاميان جلس إلى جواري وحدق بوجهي بدون أن يتكلم فقلت بصوت مرتعش :
- أنت كل شيء بالنسبة لي ... لقد أحببتك أكثر من أي شيء وبحثت عنك في كل مكان ... إن هذا مؤسف حقا .. مؤسف ...
لم يتكلم جاميان ولكن تنفسه ازداد سرعه ونظرت إلى وجهه ،، عيناه الارجوانيتان ، كنت اخاطبهما ..
لم يتكلم مع أنه حاول أن يقول شيئا وشعرت بأنني أثقلت كاهله بأمر لاذنب له فيه .. ولذلك فقد وقفت وابتعدت .. ابتعدت وانا اشعر انني ابتعد إلى الأبد ..
ظللت أبكي حتى خرجت من مزرعة الخيول ..
وفي الخارج رأيت أليس تركض وبصحبتها عمي مايكل وشقيقها وليام وعندما رآني عمي وانا أبكي فزع كثيرا وصاح وليام :
- هل أغضبك مروض الخيول،، هل آذاك في شيء ..
لم أستطع أن أجيب من كثرة البكاء فتوجه وليام إلى داخل مزرعة الخيول بينما قال عمي برفق :
- لندا ،، لم تبكين هكذا .. مالذي حصل ..
كانت ليلي قد جاءت هي الأخرى في تلك اللحظة وقلت بصعوبة :
- مـ .. مروض الـ .. خيول ..
قالت ليلي بفزع :
- ماذا فعل مجددا ؟؟
قلت لعمي مايكل وانا ابكي :
- إنه .. هو ... جاميان لكنـ ..
فتح عمي عينيه في دهشة وهتف متعجبا :
- لكن .. ماذا؟؟

نظرت لعمي بحزن فتركني ولحق بوليام إلى داخل المزرعة عندها اقتربت ليلي ومسحت على شعري ثم قالت برقة :
- هل كنت تعرفين ذلك الشاب ؟ هل قابلته من قبل ..
قالت أليس بلطف :
- إنها تعرفه ياليلي ... أخيرا تعرف عليه شخص ما ...
ظللت صامته وحاولت أن اتوقف عن البكاء ثم سرت مع ليلي وأليس وعدنا إلى المنزل مجددا ..
جلست حزينة طوال الوقت ، بأي طريقة ممكنة كنت احاول اخفاء حزني ولكنني لم استطع ابدا ، وعندما عاد عمي ووليام طلب مني عمي أن يحدثني على انفراد ..
تمشينا معا في المزرعة ولم نتكلم .. فقال عمي أخيرا :
- نعم ، مثلما تخيلته .. يبدو انه محارب قوي فعلا .. لكنني لا اريدك أن تحزني ، يجب أن تنسيه لأنه لم يعد يعرفك ..
شعرت بحرارة دمعي مرة أخرى ولم أقل شيئا فعاد عمي يقول :
- انت فتاة عاقلة يا لندا وأظن أنك ستتغلبين على الصعوبات بسرعة ،، جاميان يعيش هنا سرا بين عائلة وينبرج ،، وقد اعطوه اسم سايمن وهم لا يعرفون حقيقته أو من أين جاء ، لقد وجدوه مصابا قرب مزرعة الخيول وعنندما افاق كان لا يتذكر أي شيء ... هذا ما اخبرني به وليام ... يقول وليام أنه غريب الأطوار وأن الكوابيس تنتابه كثيرا كما أنه يصاب بحاله هيستيرية مفاجئة فيضطر وليام إلى حبسه بالمنزل البعيد والابتعاد عنه لفتره ..

شعرت بالحزن وقلت بألم شديد :
- لا يمكنني التخلي عنه .. إنه تائه ،، تلك النظرة الحائرة لم أرها في عينيه من قبل ،، علي أن أساعده ..
توقف عمي عن السير وتطلع إلي قبل أن يقول :
- وكيف يمكنك مساعدته؟ إنه فاقد كليا لذاكرته .. كما انه يعيش هنا سعيدا بين عائلة وينبرج ويحب تربية الخيول والعناية بها ...
- هناك أمر غريب ..
قلت ذلك وانا اسحب نفسا عميقا فسألني عمي :
- ماهو ذلك الأمر ..
- المكان الذ يعيش فيه جاميان ...
- مابه ..
- إنه هو .. نفس المكان الذي حللت به لغز ايموكيا ، لم يتغير منه شيء .. أذكر أنني وصفته لك ، الاصطبل ،الكوخ الكبير ،المزرعة والفنار الذي يعلو التله..
- هذا غريب ..
- أنا متحيرة .. متحيرة جدا ..
بكيت رغما عني فضمني عمي مايكي برقة وقال يحاول تهدئتي :
- أعدك أنني سأحاول إيجاد حل بأي طريقة .. الآن كوني قوية مثلما عهدتك وكفي عن البكاء فهو لن يعيد شيئا مما فقدناه ..

******
عندما عدنا إلى المنزل كانت الفتيات في حالة قلق علي وتوجهت إلى الغرفة ،، بكيت فترة طويلة وتركني الجميع حتى أهدأ ،، في اليوم التالي كنت حزينة بسبب ما حصل لجاميان ولذلك فقد صعدنا إلى سطح المنزل وجلسنا نتكلم عنه ... مروض الخيول ...
قالت ليلي :
- كان ذلك من شهور مضت ، قبل حادثة أخي بقليل ، عندما كنت اركض متجهه إلى مزرعة الخيول بصحبة أليس ...
تابعت أليس بانفعال :
- تعثرت ليلي بمروض الخيول وكان يرتدي زيا غريبا وكأنه رائد فضائي ووجدنا معه بطاقات ..
ثم وقفت أليس واتجهت إلى الأسفل وهي تقول :
- سأحضرها ..
تابعناها بنظرنا حتى نزلت وعادت ليلي تقول :
- كانت إصابته بالغة جدا وكان ينزف بشدة وكأن شيئا حطم عظامه ،، حاولنا مساعدته طبيا وأحضرنا له طبيبا في المنزل فقال ان علينا نقله للمشفى ولكن ذلك كان مستحيلا لأننا ... لم نفهم شيئا من الهويات التي كانت معه .. وكان شفاؤه بطيئا ،، فقد شفي أخي وخرج من المشفى وكان مازال سايمن مريضا ، وعندما شفي لم يعرف اسمه ولم يعرف عائلته وقال الطبيب أنه فاقد لذاكرته بسبب الإصابة وربما يستطيع التذكر بعد أن يشفى تماما ، وكان يذهب إلى مزرعة الخيول دائما حتى أثناء مرضه وسميناه مروض الخيول لأنه استطاع ترويض احدى الخيول البرية بعد شفاؤه .. ثم بدأنا ندعوه سايمن على اسم جارنا القديم ..
رأينا أليس تصعد الدرج وهي تلوح ببطاقات في يديها، ثم سلمتها لي فرأيت بطاقة جاميان الشخصية وكان هناك شعار القصر في بانشيبرا فوقها ورمز الجندي الأبيض .. جاميان ديوفري ..
البطاقة الثانية كانت بطاقة جيرودا العزيز ،، وكانت تشبه بطاقة جاميان عدا أنها تحمل شعار الجندي الأسود وكانت مكتوبة بلغة غير مفهومة لكنني كنت اعلم ان الاسم المكتوب .. تالتن ماكنزي ..

شعرت بالحنين عندما شاهدت بطاقة جيرودا وتمنيت أن اعرف مكانه ثم أخذت البطاقات ووقفت قائلة :
- هل شاهد جاميان تلك البطاقات ؟؟
- جاميان؟؟؟؟؟
- أ.. أقصد سايمن .. هل شاهدها ؟
- لا ..
لا أدري لما شعرت بالحماس وقلت :
- ارجوكما ،، دعونا نذهب إليه .. الآن ..

اندهشت ليلي وقالت :
- لماذا؟
قلت وانا انظر في البطاقات :
- أنا احاول استعادته فحسب .. اريد ان اعرف ما الذي جرى له ..
تسائلت أليس :
- وكيف التقيت به ؟؟
- في لندن ...
- وماذا كان يعمل ..
- لا أعلم عنه المزيد ..
قلت ذلك ثم انطلقت نازلة السلالم تتبعني الفتاتان المتعجبتان ،، وتوجهنا من فورنا إلى مزرعة الخيول ركضا ..

وعندما وصلنا إلى هناك كان جاميان يدخل الخيول إلى الاصطبل وعندما رآنا دخل بسرعة إلى المنزل وترك الخيول .. فقالت ليلي :
- يبدو أن وليام أمره بعدم التحدث إلينا ظنا منه أنه ضايقك ..
كنت أشعر بألم شديد على جاميان الذي تغير وصار يخاف من الأوامر ،، تذكرت جسر الرؤوس الذي تداولته الألسن ، أين ذهبت كل القوة والشجاعة ..
لقد تغيرت يا جاميان واصبحت شخصا لا اعرفه !!

طرقت أليس على باب المنزل صاحت :
- هيا سايمن! بربك كف عن هذا واخرج ،، الآنسة تريد التحدث إليك ..
فتح جاميان الباب ببطء ونظر لنا بنصف وجهه من خلف الباب ثم قال بخفوت :
- لا يسمح لي بالتحدث مع الفتيات ..
قلت بسرعة :
- أهذا أمر آخر من روسو؟
شهق جاميان بطريقة غير متوقعة وأغلق الباب بقوة حتى أن بعض الغبار قد انتشر على ملابسنا .. وقالت ليلي بخوف :
- أخشى أن تصيبه الحالة ..
لم أعر ذلك الأمر اهتماما ،، وتوجهت نحو الباب بحزم ثم طرقته بعنف وصحت :
- جاميان ،، افتح الباب ... لا تكن هكذا .. ضعيفا ،، ليس هذا هو المقاتل الذي أعرفه ،، جاميااااااااااان افتح ..
أمسكت ليلي بذراعي وقالت متوسلة :
- أرجوك سوف يصاب بالحـ ...
قبل أن تكمل كلمتها فتح جاميان الباب وانقض علي ،، ركضت الفتاتان المفزوعتان وأمسك جاميان برقبتي بقوة وأطاحني أرضا وظل يصرخ :
- أنت لا ... تتدخلي ... هذا ليس من شأنك .. ليس من شأنك .. انا لست ضعيفا ولست أنا .. أنا لست أنا ... أنا ... لست ...

كنت أختنق وسمعت صراخ الفتيات من بعيد،، كان وجه جاميان شرسا جدا لدرجة لم أرها من قبل وسقطت البطاقات من يدي وحاولت أن أقول شيئا ولكنني لم أستطع .. لقد أصيب جاميان بحالة هيستيرية حقيقة لا أعرف ما سببها ..
صرخ وشد على رقبتي :
- ليس من شانك .. ليس من شأنك ..
نزلت دموعي رغما عني وقلت بصعوبة شديدة حتى كاد صوتي لا يخرج :
- جـ .. جامي أنا ... لـ .. لندا ...
اتسعت عينا جاميان كأنما كلماتي خاطبت شيئا ما في عقله الباطن ،، وترك رقبتي أخيرا ثم ركض بسرعة إلى داخل المنزل وهو يتخبط في الجدران والأبواب ،، نظرت حولي فرأيت ليلي تمسك بعصا كبيرة كانت تود ضرب جاميان بها ..
وعندما بدأت التقط أنفاسي القت ليلي بالعصا ،، وركضت نحوي وهي تقول وصوتها يرتجف :
- هل انت بخير ؟؟ لقد ذهبت أليس لتحضر النجدة ..
نظرت إلى ليلي بشرود ثم أخذت البطاقات التي سقطت مني وركضت إلى داخل المنزل ألحق بجاميان وليلي تصرخ وتحذرني ...
لا أدري ماذا أفعل .. كنت أحبه ولا اريد رؤيته بهذا الحال ..
رأيته يجلس على أريكة كبيرة أمام شرفة تطل على الاصطبل البعيد .. كان يتنفس بسرعة ويخرج صوت تنفسه عاليا كأنما يشهق من كثرة البكاء ..
اقتربت خلفه وقلت بهدوء :
- جامي .. أنت أقوى من كل هذا .. أقوى من كل ما يحصل معك ،، يجب ان تتذكر أرجوك .. أنت ثروتي الوحيدة .. هيا ماذا يعني لك أنك حصلت على لقب الجندي الأبيض ؟؟
لم يلتفت جاميان نحوي وظل على وضعه فالتفت وواجهته .. نظرت إلى وجهه كان الانفعال والخوف يملأ ملامحه الجميلة وأعطيت له بطاقته وسألت :
- من هذا ؟
نظر جاميان بصعوبة إلى البطاقة ولم يرد .. فكررت :
- أرجوك .. من هو؟
قال بصعوبة :
- إنه أنا ...
ابتسمت وقلت بلطف :
- هذا رائع .. حسنا ومن هذا ؟
ناولته بطاقة جيرودا فأمسكها وحدق بالصورة لبضع ثوان ثم قال :
- لا .. أعرف ...
قلت بإصرار :
- بلى .. أنت تعرف ..
عاد ينظر على وجهي وظهر الانفعال عليه وصاح :
- لا اعرف ، لا اعرف ،، لاااااا اعررررف ..
صرخت :
- بلى .. انت تعرف ..
صرخ جاميان بصوت مرتعش :
- ماذا تريدين مني ...
جلست على الأرض بتعب ورميت البطاقتين أمامه ثم سمعت صوت خطوات تدخل إلى الصالة وبعدها صوت عمي :
- لندا .. ماذا تفعلين ..
نظرت إلى عمي بتثاقل وقلت بإصرار :
- أرجوكم دعوني اتحدث معه لبعض الوقت ..
قال وليام معترضا :
- لا تكوني مجنونة .. هيا اخرجي ..

نظرت فرأيت جاميان يمسك بالبطاقتين ويتطلع فيهما للمرة الثانية .. فقلت :
- سأبقى لدقائق فقط ..
كان الجو هادئا فانسحبا إلى الخارج بعد أن قال عمي :
- سنبقى في الخارج .. لا تتأخري ..
كان وليام يريد الاعتراض ولكن عمي خرج فلحق به مسلما بقرار عمي ..
نظرت إلى جاميان وقلت بعد أن خرجا :
- جامي ، أنا لا أريد أن أقسو عليك ، لكنني لا أتخيل أن أفقدك .. وشقيقك جيرودا ، إنه لا يعرف كوكب الأرض جيدا ما حالته الآن ، مالذي حصل ؟؟ أي حادث وقع لك .. أنا قلقة عليك جدا .. جدا ..

فكر جاميان لبعض الوقت ثم تمتم :
- جيرودا ... أنا .. أحلم به ليلا ..


قلت بسعادة :
- حقا ؟؟
- وأحلم بك ... وبآخرين ..
قال ذلك ونظر إلى وجهي فشعرت بالحزن وقمت لأجلس إلى جواره على الأريكة وقلت :
- نعم ،، هذا رائع .. سوف تتذكر كل شيء قريبا .. لكني أريدك أن تتمع بالاصرار الذي كنت تتحلى به في السابق .. عندما كنت في بانشيبرا ..
تمتم بهدوء :
- بانشيبرا ؟
- نعم يا عزيزي ..
- تلك الأسماء ليست غريبة عني ..
ابتسمت وقلت بلطف :
- نعم .. وهذا يعني أنك تعرف .. ولكن هناك أمر طارئ عليك .. أليس كذلك؟
أطرق جاميان ولم يقل شيئا فوقفت وتركته لكي اخرج وقبل أن أضع يدي على مقبض
الباب التفت جاميان وقال بارتباك :
- أنا أتذكر أنني ركضت على شاطئ البحر... معك .. ولكنني مشوش جدا .. هناك بعض الأشياء في عقلي لا أستطيع ترتيبها ..
عدت مرة ثانية ووقفت أمامه ثم قلت :
- جاميان .. أخبرني ،، مالذي تذكره ؟؟
تردد جاميان للحظات ثم قال ببطء:
- بعض الصور في مخيلتي ..
- أخبرني عنها ..
- رجال لا أعرفهم .. هناك حرب ما وخيول و .. ونيران .. أنت ..
- أنا؟
- نعم .. أنت تبكين وتصرخين بوجهي ..
أمسك جاميان برأسه وكأنما أصابه صداع مفاجيء فقلت :
- حسنا لا ترهق نفسك .. يمكنك التذكر بهدوء ،، ما رأيك أن أحكي لك عن نفسك؟

نظر لي جاميان بتعجب وقال :
- تحكين لي عن نفسي ؟
- نعم ..
ثم أمسكت بيده وقلت بحماس :
- هل نتمشى عند الشاطيء قليلا ؟ مارأيك؟
- حسنا ..
وقف جاميان وخرجنا معا إلى الخارج وعندها قابلنا عمي مايكي الذي كان يتحدث مع وليام وليلي ..
كانت حرارة الشمس قد انكسرت قليلا ونظروا جميعا لنا فقلت :
- سأذهب بصحبة جاميان لبعض الوقت إلى الشاطيء إن كنتم لا تمانعون ...
نظر عمي مايكي إلي مبتسما وقال مازحا :
- يالك من فتاه !!
ابتسمت لعمي مايكل وقال وليام :
- سايمن .. احترس ، هل سمعتني جيدا ؟
هز جاميان رأسه موافقا ثم سرنا معا متجهان نحو الشاطيء وعندما ابتعدنا مسافة كافية بدأت أحكي له عن الكثير من الأشياء ...
كان يصغي بهدوء حتى وصلنا إلى الشاطيء وجلسنا على الرمال، نظر لي لوقت طويل وهو يسند رأسه على كفه ..
حكيت له أغلب الأشياء ، حتى كأنه عاش فيها مجددا ولكنني لم أقص له بالتفصيل وأغفلت بعض الأشياء التي تخص قصصنا معا ،، حكيت له عن نفسه وعن جيرودا وعن والده ووالدته فقط ،، عندما انتهيت شعرت بالقلق لأجله فقد كان هادئا جدا ولم يبد أي تعليق عن ما حكيته له فقلت :
- هل تذكرت شيئا مما حكيته لك ..

عاد جاميان ينظر لي بصمت ..
شعرت بقلق شديد وقلت :
- هل أنت بخير ؟؟
لم يرد جاميان مرة أخرى ونظر إلى الشمس وهي تغرب مودعة ذلك اليوم ..
عصف الخوف بكياني فقلت وأنا أقف :
- سوف أذهب .. ربما أنت مرهق ،، لكن .. هل سأراك غدا ؟ فهو آخر يوم لي هنا..
وقف جاميان ونفض رمال الشاطيء من فوق ملا بسه ثم نظر لي وابتسم أخيرا .. كان هذا هو جاميان الذي اعرفه وقال بهدوء :
- سأراك غدا .. و ..
- ماذا ..
- شكرا لك ..
ابتسمت ولوحت بيدي مودعة له وركضت بسرعة عائدة إلى المنزل ،، كنت لا أريد أن اتركه أبدا ولكن كان يجب علي فعل ذلك ...
يجب أن أعطيه الوقت ليفكر ، لكنني أخبرته عن نفسه ، عن لطفه وشجاعته، أخبرته عن الرجل الوحيد الذي أحببته في حياتي .. كان يجب أن يعرف هذا إن لم يتذكره ..
عدت إلى المنزل بنفسية مختلفة ،، عندما دخلت ابتسمت وفرح الجميع لفرحتي ، كنت أشعر ان هناك أملا كبيرا وقمت بتحضير العشاء مع الفتاتان اللطيفتان ..
كانت آثار يدي جاميان مازلت على رقبتي وكان عمي مستاء جدا ولكنه توقف عن لومي عندما شعر بأنني مرتاحة وسعيدة ..
في تلك الليلة لم أستطع النوم وبقيت أنظر إلى الفنار الصغير الذي يذهب ضوءه ويجيء ممتدا على شاطيء البحر ،، إنه حقا رمز كبير للأمل في وسط سواد الليل وألمه ... لا أعرف كيف أخذني النوم على الكرسي الذي كنت أجلس عليه ولم اشعر إلا بـضوء الصباح يوقظني وهو يرسل أشعته على وجهي ..

نظرت إلى الفنار وابتسمت ، كان مايزال يعمل رغم بزوغ الفجر ،، وأخرجت رأسي ونصف جسدي من النافذة محاولة رؤية كوخ جاميان الخشبي ولكنني لم استطع رؤيته ولذلك فقد نزلت إلى الأسفل ولم يكن أي شخص قد استيقظ بعد ..
فتحت البوابة وخرجت إلى المزرعة وركضت على العشب والهواء يحرك شعري ، ومشاعري ..
كان الجو رائعا وظللت أدور حول المكان وتمنيت أن أعيش في هذا المكان الرائع ..
مع الهواء العليل شممت رائحة شيء يحترق ..
من بعيد لاح لي دخان كثيف في الأفق وكأن مزرعة احترقت أو منزلا ،، كان الدخان الأسود يتصاعد على شكل عامود في السماء .. تساءلت كيف لم أشاهده عندما نظرت نحو الفنار ..
خفت كثيرا فقد كان قريبا من مزرعة الخيول ..
عدت إلى المنزل بسرعة ودخلت غرفة عمي مايكل ، كان نائما واقتربت منه وقلت بهدوء وتوتر :
- مايكي ... مايكي ...

فتح عمي عينيه ببطء وقال :
- مه .. ماذا ؟؟
- يبدو ان مكانا ما يحترق ..
فتح عمي عينيه جيدا وجلس بفزع قائلا :
- حريق ؟
قلت بخوف :
- علينا أن نسرع فهو قريب من مزرعة الخيول ... الحق بي ..
صاح عمي :
- لندا .. انتظري ...
قبل أن اسمع المزيد كنت قد خرجت بالفعل وبدأت أركض نحو مزرعة الخيول وساعدني سروالي الجينز على الركض جيدا ..
وكلما اقتربت من مزرعة الخيول زادت رائحة الحريق واقتربت من مصدر الدخان، وفي تلك اللحظة صرخت بفزع وأنا أرى كوخ جاميان الخشبي هو مصدر الدخان ..
لم يكن يحترق ..
لكنه ...


لقد احترق فعلا....

وبالكامل !!


عبير الرومانسية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس