[عيون الرشا]

4

لكن الفضول بدء يداخله افكاره بل يشاركه ..أنه يبحث عن جواب ..وجواب منها فقط ..أنه يريد ان يتلمس وجهها ليرسم شيء بسيط عن ملامحها في مخيلته او يتلمس جسدها ليتعرف على هيئته ..أنه مراوغ ..وذكي في الوقت ذاته ..وفجأءة داخلته فكرة ماكرة ..
-" اشعر بالعطش ..هل يمكن ان تجلبي لي قدح ماء من فضلك " ..قالها وهو يضمر فكرة في باله ..همت ذاهبه إلى المطبخ ملبيه طلبه ..لحضات مرت حتى جاءت بطلبه لتجده واقعا في المسبح قريبا من حافته وهو يطلب مساعدتها في اخراجه ..اصابها الذعر لحضتها ووقع قدح الماء من يدها ..اسرعت بخفة ناحيته تمسك بيده وتخرجه ..لم يكن وزنه خفيف ..لكنها اثقلت على كاهلها لتنجح في اخراجه ..وهي تفكر ماذا حدث لو مكروه حصل فيه عندها يحدث ما لا يحمد عقباه ..امسك بيدها ومن ثم تشبث بكتفها وتلمس رشاقتها وضحكة ماكره كانت في داخله ...لقد نجح في ان يجيب على جزء من سؤال راوده ..كيف هي ؟؟...إنها رشيقه ..فبعد ان ذهبت لتجلب قدح الماء ..نهض متقدما نحو المسبح ..ليوقع نفسه فيه ..أنه يجيد السباحه لكن سيكون الامر منطقيا اذا كان قد وقع قرب حافته بطريق الخطا ..وهو بحاجة إلى من يخرجه منه ..ومن عساه يفعل هذا غير ليلى ..أنها فتاة بسيطة وربما ساذجه ..وقد تلمس هذا من خوفها والرعب الذي داخلها حينها..جلسا قرب حافة المسبح ..كان هو مبلل الهندام ..والشعرالذي اضيف عليه رونق السحر مما جعل ليلى تمعن إليه وبعينيه الرصاصيتين ..أنه جذاب بالفعل ..وعيناه اسرتين .
-" هل انت بخير؟" قالتها بصوت يضم بين طياته قلق ..لا شك انه ارعبها
-" اطمئني ...انا بخير ..شكرا لمساعدتك لي " ..قالها ببراءة وهو يضحك من اعماق قلبه بخباثة.
-" هذا واجبي ..لكن ارجوك كن حذرا .." اجابته وهي تتنهد ببطأ وكانها تحاول تهدئة اعصابها ..لم يكن سهل ما شهدته ..اقفلا راجعان الى حجرته ..هيئت له هندام طلبه..خرجت ليغيره في حمامه الخاص بحجرته ..عادت إلى حجرتها لتغير ملابسها المبلله على اثره هي الاخرى وصورة واحده معلقة في مخيلتها ..عيناه الرصاصيتين وشعره الاشقر المبلل ..انه شاب قد تحلم به اي انثى لكن من الصعب ان تحلم به هي !!!
5
ارتمت ليلى في احضان امراة قد ناهزت العقد السادس ..إنها جدتها ...امراة سمراء البشرة تضم تجاعيد ترك الزمن عليها بصمته اضافة الى شعرها الفضي الذي ضمته تحت وشاح اسود اللون ..
-" كيف حالك يا بنتي " ..
-" بخير ..لقد اشتقت لك ..اخبريني كيف انت ؟ " لقد مضى على غيابها عن جدتها ثلاثة ايام ..كلاهما لم تعتادا هذا ..
-" اطمئني عزيزتي ..انا بخير ..انظري لقد طرزت لك شرشف .." قالتها بصوت سعيد وهي تمسك بيدها شرشف وردي اللون وتنشره مبينة عن نقشة لعصفورين مطرزين بالوان زاهيه .." لقد قضيت معظم وقتي في عمله ".
-" أنه رائع جدتي " .
-" والان اخبريني كيف هم الذين تعملين عندهم وكيف حال المريض ؟ " .
-"أنهم اناس اثرياء ومرفهون ..الاب يخرج صباحا وياتي عصر اليوم ..المراءة استاذه الجامعة ..الفتاة جامعية وتذهب احيانا الى النادي لقضاء بعض الوقت مع اصدقائها ..ولديهم خادمة ..أما غزوان ..المريض الذي اعتني به فهو مستاء لما حصل له ويائس رغم ان الاطباء اكدوا في امكانية شفاءه. "
-" سادعو الله ان يشفيه " .
-" انه جميل الوجه ووسيم المظهر ..."
-" الجمال ليس كل شيء يا ابنتي " قاطعتها وهي تمعن إلى ملامح وجهها الهادى وعيناها التي تضم بريق البؤس ..
-" ان لا احسده ..لكنه يملك كل شيء يجعل من حواء تقع في غرامه "
-" ربما هناك الكثيرون منه في هذا العالم لكن اكيد القليل من امثاله من يناسبنا" ..انها لا تريد ان تذهب باحلامها بعيدا ...لقد علمتها دوما ان تكون واقعيه بعيدا عن الاحلام وان الحياة ليست بسمة كما يظنها البعض لكنها كفاح لا يخلو من تعب ..ربما هذه الجدة تملك نظرة متشائمة نحو المستقبل او ان لها نظرة سديده ..كل شيء سيكشفه الزمن شئنا ام ابينا لكن بعد ان ياخذ ضريبته ..

يتبع بقلم رشا الصيدلي