عرض مشاركة واحدة
قديم 03-04-10, 11:38 PM   #7

blue me

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وكاتبة وقاصة بقلوب أحلام

 
الصورة الرمزية blue me

? العضوٌ??? » 102522
?  التسِجيلٌ » Nov 2009
? مشَارَ?اتْي » 15,125
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Syria
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » blue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond reputeblue me has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك action
افتراضي

الفصل الثاني
ابنة عاقة

أصدر محرك سيارة أماني القديمة ضجيجا كبيرا قبل أن يتوقف تماما أمام فيللا والدها الكبيرة .. أعادت ظهرها إلى الخلف مسندة إياه إلى المقعد البعيد تماما عن الراحة .. وزفرت بقوة حامدة الله على وصولها سالمة الى البيت
هذه الخردة القديمة التي اشترتها مستعملة وتقودها منذ أكثر من عامين بحاجة الى تغيير .. ولكنها مضطرة لإحتمال ضجيجها ومشاكلها حتى تدخر ثمن سيارة جديدة .. وهي مستعدة لقتل نفسها شنقا قبل أن تطلبه من والدها ..
فتحت الباب الكبير للسيارة بحذر وبطء خوفا من أن يسقط إلى جانبها على قارعة الطريق ولكن عندما ترجلت من السيارة .. اضطرت لصفقه بعنف كي تتأكد من إغلاقه جيدا
كان الجو دافئا بالنسبة لإحدى ليالي منتصف شهر أكتوبر .. وضوء القمر الشاحب الذي اتخذ شكل هلال لم ينجح في تخفيف الجو الكئيب للمبنى المكون من طابقين . والمحاط بحديقة صغيرة
من الغريب أن تشعر كل مساء بأنها مرغمة على العودة الى المكان الذي ولدت فيه وعاشت قرابة الخمسة وعشرين عاما .. نظرت الى ساعة معصمها .. التاسعة ليلا .. هذا يعني المشاكل .. فقد تأخرت 3 ساعات عن موعد عودتها المعتاد الى البيت .. لابأس .. لقد اعتادت على الجدال مع والدها العجوز كل ليلة تقريبا .. وربما ستفسد ما تبقى من ليلتها برؤية وجه ابن عمها الوسيم في حال كان موجودا ليناقش والدها في أمور العمل كالعادة .. ثم ترى وجهه الجميل مجددا في أبشع كوابيسها
لمحت سيارته الأنيقة تقف خلف سيارة والدها .. فزفرت بقوة وقد أحست بالامتعاض .. إنه موجود .. ثم لمحت سيارة جودي البيضاء الصغيرة . هذا لا يعني أنها موجودة
فغالبا ما تخرج برفقة خطيبها المتأنق الشبيه بالدمى المحشوة .. دون أن يحاسبها أحد على الوقت الطويل الذي تقضيه خارجا معه .. ما دامت الإبنة العاقلة والمطيعة في البيت
زفرت بضيق متمنية لو أنها كانت تنتمي إلى عائلة أخرى تقل ثراء وتعقيدا عن عائلتها .. كانت أنوار حديقة المنزل مضاءة جزئيا .. بفوانيس صفراء منحت المكان طابعا خياليا وقد انعكست أضوائها على النباتات الخضراء التي اصطفت بتناسق حول ممر حجري مؤدي الى الباب
دست مفاتيحها في قفل الباب الزجاجي الضخم وفتحته ثم دخلت
لجزء من الثانية تنفست بارتياح لعدم وجود لجنة الاستقبال التقليدية في انتظارها .. ولكن أملها خاب عندما هدر صوت والدها الجهوري يقول بصرامة :-
:- أين كنت حتى الآن ؟
رفعت عينيها نحو الرجل الستيني النازل عبر الدرج الرخامي الفخم الرابط بين الطابقين مستعينا بعصاه الثقيلة التي قلما فارقته .. وروبه المنزلي يحيط بجسده الرياضي الممتلئ .
تصلب جسد أماني بتوتر لرؤية والدها وانتظرت حتى أصبح يقف على بعد أمتار منها وكرر سؤاله الصارم :- ينتهي دوامك في تمام السادسة .. فأين كنت حتى الآن .؟
بذلت جهدا خرافيا لتسيطر على التأثير الأزلي لمهابة والدها عليها .. ثم قالت بهدوء يميل الى البرود :-
:- لم لا تسأل صلاح ؟ فجواسيسه يخبرونه بالتفصيل أين أقضي كل دقيقة منذ خروجي في الصباح وحتى عودتي في المساء
التمعت عينا والدها الخضراوان والشبيهتان بعينيها .. صاح بغضب :-
:- تكلمي عن ابن عمك باحترام وإلا أجبرتك على هذا
التقت عيناهما لدقيقة كاملة .. خيم خلالها صمت مشحون بالتوتر قبل أن تقول ببرود :- أنا متأكدة بأنك قادر على هذا .. فأنت تحقق كل ما تريده بإحدى الطريقتين .. إما بنثر أموالك هنا وهناك وإما ......
نظرت إلى عصاه السوداء الثقيلة ذات الرأس المدببة .. وإلى أصابعه التي أحاطت بها بتوتر .. وسرت في جسدها رجفة خوف جاهدت لإخفائها .. ثم قالت باقتضاب :- لقد مررت على الميكانيكي ليلقي نظرة على سيارتي .. مؤخرا تصدر أصواتا مزعجة عندما أقودها
لم يظهر على وجهه أي تعبير يذكر .. ثم قال بجفاف :- تعرفين تماما سبيلك الى التخلص منها
قفز الازدراء الى ملامحها بلمح البصر وقالت بإباء :- تعجبني كما هي .. ولا أحتاج الى غيرها أو أي شيء آخر منك .. أو منه
وبدون أن تتيح له فرصة للتعليق .. تركته هاربة الى المطبخ فاللجوء الى غرفتها يعني المرور الى جانبه .. ومازالت تذكر نتائج اخر مرة اقتربت فيها منه الى هذا الحد
أزعجتها إنارة المطبخ الخافتة .. ولكنها لم تهتم بإنارة المكان .. فتحت الثلاجة وتناولت زجاجة مياه معدنية وحاولت أن تتذكر آخر مرة تبادلت فيها حديثا وديا مع والدها فلم تنجح... ولكنها مدركة بأن أكثر من خمس سنوات مرت منذ أعلنت الحرب بينهما ..وانتهى خلال لحظة واحدة كل ما يشير الى روابط الدم بينهما
صفقت باب الثلاجة بعنف عندما أحست بالشبح الذي تسلل دون أن تشعر .. استدارت لتجده عاقدا ساعديه أما صدره .. مستندا الى خزائن المطبخ وينظر اليها بهدوء واثق مستفز
تغلبت على قشعريرة الخوف التي أصابتها بتأثير نظرته المظلمة كظلام المكان وقالت ساخرة متصنعة القوة:- لماذا لا تدهشني رؤيتك وأنت تتسلل كالأشباح في الظلام داخل منزل لا يرغب سكانه في وجودك فيه ؟
قال الشبح بهدوء :- أذكرك يا ابنة عمي العزيزة بأنك الفرد الوحيد في المنزل الذي يرفض وجودي فيه .. فعلى حد علمي .. عمي يعتبني كالإبن له وجودي تهتم لأمري كأخ أكبر لها
قالت باشمئزاز :- أفضل الموت ألف مرة على أن أحظى بأخ مثلك
لوى فمه ساخرا وهو يقول :- أبادلك الشعور تماما يا عزيزتي .. فآخر ما أريده هو أن أكون أخا لك
تراجعت بضع خطوات مبتعدة عنه وهي تصيح بشراسة :- لن تكون أي شيء إطلاقا بالنسبة لي يا صلاح
مط شفتيه متأسفا على عنادها وقال :- سنرى
.. واجهته بنظراتها المتحدية بينما اكتفى هو بتأمله المستفز لها .. تأملت بدورها قامته المتوسطة الطول التي لم تخفي تناسق جسده القوي .. كان ابن عمها وسيما كأي فرد آخر في العائلة ولكن وسامته كانت دائما من ذلك النوع المزعج .. الذي يعطي شعورا غريبا بالحذر وعدم الراحة .. قال أخيرا بهدوء :-
:- سمعتك تتحدثين الى عمي قبل دقائق .. متى ستتوقفين عن محاربته وإزعاجه يا أماني .. إنه والدك إن كنت قد نسيت
نظرت إليه قائلة بمقت :- بسببك أنت انتهى كل ما يربطني به كإبنة .. فإياك أن تقدم لي المواعظ .
اقترب منها خطوة وهو يدس يديه في جيبي سرواله الأسود الأنيق وهو يقول بحزم :- بل بسبب عقوقك وشذوذك أنت يا أماني .. تصرفاتك المتهورة والوقحة هي ما كادت تودي يحياته يوما .. وبحياتك أنت أيضا
أجبرت نفسها على التسلح بالهدوء .. فصلاح بارع للغاية في إفقادها رصانتها .. وإشعال كل كراهيتها بكلمة واحدة . قالت بتهكم :- وكأنك تهتم حقا لصحته .. أعلم تماما بأنك تنتظر موته بفارغ الصبر كي تضع يدك على أمواله شاكرا حظك لعدم وجود وريث ذكر له بين أبنائه .. الشيء الوحيد الذي يخيفك من حدوث هذا هو فقدانك الامل مني .. فأنت مازلت متأكدا بأنه قادر على إرغامي على منحك ما تريد .. ولكن هذا لن يحصل يا صلاح .. لا الآن ولا لاحقا
استحالت ملامحه الوسيمة الى جليد فعرفت بأنها قد نجحت في إثارة غضبه .. فصلاح كوالدها تماما .. رجل اعتاد على الحصول على مراده مهما كان الثمن .. وهي كانت الشوكة الوحيدة التي تمكنت من وخز كبرياءه وكرامته .. اقترب منها فتراجعت بتوتر حتى التصقت بالثلاجة .. وأحست ببرودة المعدن خلف ظهرها .. تبينت في الظلام ملامحه الشيطانية .. وانتابها رعب كبير لاستعادتها تلك الذكرى التي لم تنجح السنوات في محوها .. قال ببرود جمد الدماء في عروقها ..:- ستكونين زوجتي يا أماني .. شئت أم أبيت .. بحياة أبيك أم بعد مماته .. سأجبرك على هذا ولو كان أخر ما سأفعله في حياتي
قربه الكبير منها حرك الغثيان داخلها .. ولكنها سيطرت على ملامحها وبرودة أعصابها حتى تراجع فجأة دون أن يلمسها قائلا باستفزاز :-يمكنك الذهاب الى غرفتك الآن لتتقلبي طوال الليل بين أحقادك .. فمهما طال الزمن .. ومهما ظننت بأنك قد حققت كيانك واستقلالك .. ستكتشفين في النهاية بأن مكانك تالطبيعي هو هنا .. تحت قدمي
جاهدت لتمنع نفسها من الجري الى غرفتها .. بل صمدت أمامه رافعة رأسها بتحدي للحظات ثم قالت بشجاعة :- في اليوم الذي سيحدث فيه هذا سأكون ميتة يا صلاح .. أؤكد لك هذا
ثم تركت المطبخ مندفعة الى الطابق العلوي .. لم تتجه الى غرفتها .. بل الى الحمام حيث أقفلت الباب ورائها .. ثم أفرغت معدتها في الحوض قبل أن تنهار على الأرض بإعياء مكافحة دموع الضعف المهددة بخذلانها .. لاأحد يعرف كم يكلفها الصمود أما والدها رحل الأعمال القاسي (محمود النجار ) وابن عمها المشابه له في لؤمه وتسلطه .. لا أحد يعرف كم تبذل المستحيل لتكافح الذكريات .. وكيف تحاول جاهدة قبل الآخرين أن تنتقم من نفسها قبل الآخرين على أخطائها السابقة .. وكيف تصر بقسوة على عدم الوقوع فيها مجددا
لم تحسب الوقت الذي قضته هناك قابعة في زاوية الحمام تلملم شظايا روحها قبل أن تستعيد شجاعتها وقوتها .. وتقف مكافحة ضعفها .. مقررة بأن الوقت ليس مناسبا بالمرة للإنهيار


blue me غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس