عرض مشاركة واحدة
قديم 29-12-07, 08:03 PM   #8

ورده قايين

? العضوٌ??? » 213
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 327
?  نُقآطِيْ » ورده قايين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس
:
" لا." أجاب دوغ وهو ما يزال ممسكاً بيدي سامنثا على صدره . " ولكني أرحب بفكرة المحاولة."
تنفست سامنثا عميقاً وهي تنظر إلى الومضات في عينيه . ثم تخلصت من قبضته وأحست بضعف غريب في ركبتيها . إن من عليه الارتباك هو دوغ وليس هي ." لا تهتم ليس لدي الوقت لممارسة ألعابك السخيفة ."
" بل لديك الوقت الكافي ." قال ذلك ودفع بها إلى الكرسي.
" ماذا يعني ذلك ؟"
" لاشيء سوى ذكرى جميلة شغلت ذهني هذا الصباح بينما كنا نتزلج ." وجلس أمامها.
" هل تريد اشركي بها."
" بالطبع ." أجاب دوغ مبتسماً ." إلا أنها ستروق لك."
" حسناً ؟ إني أنتظر."
" أعرف ذلك . وهنا يكمن الموضوع . إليك الوحي الذي أتاني بإيجاز."
قطبت سامنثا حاجبيها مرتبكة . آملة في الوقت نفسه أن يتخلص دوغ من اعتداده بنفسه لأن ابتسامته تغيظها.
وقالت له :" ما علاقة الانتظار بذلك ؟"
" ليس المهم الانتظار. بل من تنتظرين . تنتظرينني. هكذا ستكون حياتنا إلى أن تنسى والدتك الموضوع وتخلصنا من هذه اللعبة السخيفة . إلى ذلك الوقت إنك مضطرة لإنتظار ما آمرك به وفي أي وقت أقوله ." وابتسم ابتسامة ماكرة .
" هذا ما كنت أنتظره منذ اثنتي عشرة سنة . سامنثا آردن تحت سيطرتي."
" فكر بالأمر ملياً. إني أنا من يسدي لك خدمة . وهذا ما يجعلك تحت سيطرتي."
هز دوغ رأسه ." إنك مخطئة . أنت لا تقومين بذلك من أجلي بل من أجل دافيد وليندا ووالدتك. وهذا أمر علي تقبله . إنك مخلصة لعائلتك وتضحين بنفسك لأجل حمايتها. حتى لو اضطررت لمضاجعة رجل."
" لم أضاجعك."
" ماذا فعلنا إذن؟"
" أعني أننا تشاركنا السرير ، لكن لم نفعل ... هذا ما أعنيه ، ولاتدعي أنك لا تفهمه . لم يحصل شيءٌ بيننا تلك الليلة . والسبب الوحيد لبقائي كان دافيد . طالما أنك تعرف حدودك."
" كنت دائماً ملتزماً بحدودي معك . لقد أوضحت ذلك منذ أول مرة زرتكم فيها . فقد عاملتني كشخص قادم من تحت الصخور."
فقالت ساخرة :" لاتقل أني جرحت مشاعرك ."
" في الواقع ، هذا ما فعلته . إلا أنك لا تهتمين . كنت ما أزال أصغر من أعرف أن ثمة خطأ في شخصيتي . لقد حاولت قصارى جهدي اجتذابك ، لدرجة أني قدمت لك الهدايا ، لكنك كنت غير قابلة للرشوة . لقد كنت تشكرينني بتهذيب ، لكنه تهذيب مخادع وحقير ، وغير جدير بالتقدير. لقد كبرت بما فيه الكفاية لأكره وجودك إلى جانبي لأنك كنت دائماً تحتقرينني وتعرفين كيفية التخلص مني."
" يالدوغي الصغير المعرض للخطر . كيف لم أشكرك وبشكل مهذب على كل تلك الهدايا وأولها ذلك الكتاب الذي لا يغادر مخيلتي ، وعلى تلك القمصان والجوارب وأقواس الشعر سريعة العطب التي كنت تهديها لي ؟ إنها ملائمة لتسلق الأشجار ولصيد السمك."
" أعنين أني لو أهديتك صنارة لصيد السمك لكان حظي أوفر؟"
نظرت سامنثا ببرود نحو الطاولة :" لا يمكنك شراء اعجابي ولا تقديري حتى لو كان ذلك بمال الدنيا بأسرها . لقد كنت دائماً ألماً في رقبتي ومازلت ." حاولت النهوض ، لكنه أمسكها من رسغها.
" سأكون أكثر من الألم . لأني ..." وشد بأصابعه على معصمها . " ... كما قلت ، عندي قوة ." تفحصها بعينين ساخرتين ." إني أنوي استخدام القوة . لقد تمالكت نفسي لسنوات طوال . إن الوقوف إلى جانب أمك ، أفضل بكثير من رؤية ما يحدث لك . الآن غيرت رأيي . لقد غيرت رأيي . إن لوسي ليست عمياء. إنها تدرك تماماً كم أنت فاسدة."
الهدوء في صوته ملأها بهاجس الشر . انزوت في كرسيها ، وبدأت تحك معصمها الدافئ من أثر قبضته." إني لست ..."
" بل أنت كذلك . إنك تستحقين التوبيخ . إنك كثيرة الغضب تطالبين بالعيش على طريقتك ولابد أن والدتك سئمت من الدفاع عنك."
" ليس عليها القيام بذلك ..." اختفى صوتها عندما ما تذكرت موافقة أمها عنها.
تصريحها المخفق لم يؤثر بدوغ ، إذ بدت على شفتيه ابتسامة ساخرة " في إمكاني أن أضع حداً لعلاقتنا دون أن أعلم أحداً من أهلك ، لكن التسامح معك ربما يكون خطأ فادحاً . ربما أن أمك تصلي طيلة هذه السنوات لكي ألقنك درساً عجزت هي عن تلقينك إياه." مرر يده فوق الطاولة وأمسك ذقنها بشدة ." سوف نرى كيف سيكون ذلك إنتقاماً شيقاً."
" نعم ، إنتقام ؟" سمع صدى صوتها في أرجاء المطبخ .
" إنتقام ." ترك ذقنها ، ومسح وجنتها بأصبعه ." بعد سنوات من تحمل الإفتراء والاستخفاف ، أخشى أنه سيكون علينا التعاون ... وسيكون عليك السعي للمصالحة."
توردت وجنتاها . وقالت :" إنك مجنون لو اعتقدت أني أسمح لك ..."
" ستسمحين به . حسناً . ليس لديك خيار آخر . لا نريد شيئاً يسيء للنعيم الزوجي الذي يعيشه دافيد وليندا . أليس كذلك؟ دون أن نذكر التسبب لوالدتك بالحزن." وجاء صوته صارماً.
" إنك غاضب لأننا وضعنا سعادة دافيد في المرتبة الأولى قبل سعادتك .ألم نأسف بما فيه الكفاية لأجلك ؟"
اكفهر وجهه وقال :" ليس لذلك أية علاقة بمشاعري نحو ليندا ."
" لا أستطيع تصديق ما أسمع . فسبب كل ما نحن فيه هو تعلقك الشديد بها ، وعدم قدرتك على كتم حبك الشديد لها ."
ازداد دوغ غضباً . وقال :" إن ملاحظتك فجرت في حياتك مشاكل ما كنت أشك في أنك تستحقينها."
وقفت سامنثا وقالت :" إني في هذه اللحظة أعلن عن فسخ ما يسمى خطوبتنا."
هز دوغ رأسه قائلاً :" كلا . لا يمكنك ذلك . إنك لن تعودي عن كلمتك . قلت لأمك انك ستقومين بدور خطيبتي .كما قلت لي هذا الصباح أنك ستستمرين في اللعبة ولو أدى ذلك لموتك ." وقف دوغ وتوجه نحو الطاولة . وتابع حديثه وهو يواجهها :" هل تذكرين هذا الصباح عندما رفضت أن أرافقك مع صديقك إلى التزلج ؟ لكني فعلت ذلك رغماً عنك ، ألم أفعل؟ لم تستطيعي القيام بشيء لمنعي ، عندما أدركت أني أفرض سلطتي عليك . ليس بإمكانك أن تتحديني . إني أمتلك ..." أمسك بيدها وتابع يقول :" ... إنك لن تستطيعي القيام بأي شيء."
أحست سامنثا بيده القوية تضغط على صدرها ." ذلك ليس سوى ابتزاز ." فضحك بتهكم مما زاد في عصبيتها .
كافحت الرعب المسيطر عليها . إنه على حق . ليس لديها الخيار. خاصة عندما تكون سعادة أخيها متعلقة بتصرفاتها . وبعد أن وعدت أمها القيام بالدور . " لن أنام معك . لن أصل إلى هذا الحد معك ." صرخت في وجهه.
" سأخبر دافيد الحقيقة ." وبمجرد خروج هذه الكلمات أدركت أنها أخطأت خطأ فادحاً . تجمد دوغ في مكانه لدى سماعه هذه الكلمات.
فقال لها :" لا أنوي مضاجعتك رغماً عنك ."
فقالت له :" لا ، انني أفترض أنك فقط تحاول تمثيل دور الغبي عليّ."
" لا. إن الأمر هو مجرد إنتقام خاص . بيننا نحن الإثنين ." تمالك نفسه ، وبدأ يداعب خصلات شعرها ." لا أطالب بعقاب علني . يكفيني أن أدرك أن لدي السلطة عليك ، وأن أعرف أنك على علم بذلك ، وأنت تكرهين الأمر. وليس في إستطاعتك القيام بأي شيء لمنع حصول ذلك ." شد خصلة من شعرها بأصبعه واقترب منها أكثر ، وتابع قائلاً :" يكفيني أن أدرك أنك تتلوين كدودة في مهب الريح ."
" لا أصدقك . فكل ذلك غلطتك . وتستغل الموقف للوصول إلى مأربك."
" أعرف . انه ليس عادلاً ، أليس كذلك؟"
" لم أكن أعرف أنك تحب إثارة غضب الآخرين لهذا الحد."
" هناك أشياء كثيرة عني لا تعرفينها . وأول ما عليك تعلمه هو أن تعرفي متى يجب عليك أن تصمتي."
" أنا ..." وعندما رأت عينيه كتمت فوراً ما كانت تود قوله . إن دوغ يحثها على الاعتراض والجدال ، لتعطيه الجرأة على القيام بعمل ما . كانت تعرف حقيقة هذا الأمر.
كان يقف قريباً جداً منها ، وحرارة جسده تغطيها . نظرت إلى بشرته وإلى صدره . أمسكت أنفاسها." لماذا لا يقول شيئاً ؟ يفعل شيئاً؟" وضع إحدى يديه على كتفها والأخرى داخل شعرها.
" لحظة صمت." قال دوغ :" أوه . إنها قوة الابتزاز . ضرب ذقنها بلطف . أعرف أني سأدفع الثمن متى ينتهي الأمر ، لكن ، مهما كان الثمن ، فإن لحظات الانتقام هذه تساوي أكثر."
وطبع قبلة سريعة على شفتيها غير المستجيبتين ." لقد دعانا دافيد إلى العشاء مساء غد ... لا أشك في أنه فعل ذلك ليرينا بعض السعادة التي يعيش فيها . سأمر لآخذك الساعة السادسة والنصف . عليك التصرف بلباقة . إذا كنت تتمتعين بهذه المميزة." قال ذلك وأقفل الباب وراءه.
لم تره سامنثا حتى مجيئه لاصطحابها مساء اليوم التالي. وكانت طيلة الأربع والعشرين ساعة التالية تفكر بالأمر الذي أجبرها دوغ عليه . محاولة التوصل إلى طريقة تخلصها منه ، لكنها لم تجدها.
" إنها لا تستطيع إخبار أمها بشيء... إذ أنها ستضحك فقط ، وتقول إن سامنثا أساءت فهم ما يرمي إليه دوغ . حتى لو أن والدتها استجوبته ، لأقنعها أن سامنثا لا تفعل سوى القيام بدورها . كما أن إخبار دافيد أمر مستحيل . الشيء الوحيد الذي في استطاعتها إخباره هي الحقيقة . وإذا استطاعت إخبار دافيد بالحقيقة ، فلن تكون بهذه الورطة بعد ذلك
ليس لديها شك في أن دوغ مصمم على جعل حياتها جحيماً. الانتقام واقع ، لا محالة . كما لو أن الإفتراء والإزدراء اللذين وجهتهما له خلال الإثنتي عشرة سنة الماضية قد عادا للظهور. إنه يتدخل دائماً بما لايعنيه . إنه يحظى بتقدير والدتها وأخيها ، ويخدعهما بشخصيته المزيفة . إنه يمعن في خداعها بنجاح لدرجة أنهما لن يصدقا أنه يبتزها.
الابتزاز . كلمة تافهة . لفعل ماذا ؟ ليس للسرير. هو قال ذلك . لا . إنه لا يذهب إلى هذه الدرجة . لا يهمها تصريحه ، إنها لا تعرف عنه سوى القليل ، لكن ذلك يكفي لتدرك أنه لن يؤذيها جسدياً، أو يفعل شيئاً يسيء إلى دافيد أو إلى أمها.
هناك شخص واحد يريد دوغ تحقيره . هذا الإقتناع أتى من تفكيرها . ربما يكون دوغ قد وضع قواعد اللعبة . لكن هذا لا يعني إطلاقاً أن سامنثا ستتركه يربح اللعبة.
" على الأقل ، إنك جاهزة في الوقت المناسب ." كان هذا كل ما قاله وهو يفتح الباب الخلفي.
خرجت سامنثا قبل أن يتمكن من الدخول ." لمأكن متأكدة كم من الوقت يلزمك لاعطائي تعليماتي لهذه الليلة ." أحست بنظرته السريعة قبل أن تراها.
" أن أثق بك عندما تكونين مطيعة . ماذا تخبئين وراء هذا اللطف ؟"
كتمت ضحكتها لاختياره الكلمات المناسبة . نظرت مباشرة في الظلام وقالت :" ماذا يمكن أن أخبئ؟ لابد أنك أدركت أنك وضعتني في الزاوية . فليس لدي أي خيار سوى القيام بما تقوله."
" ضمن الحدود ، طبعاً."
" طبعاً. والآن ماذا بخصوص هذه الليلة ...؟ أتريدني أن أجلس إلى جانبك وأتلهف لكل كلمة تنطق بها ، أو عليّ أن أتظاهر بالخجل وأقبلك عندما أعتقد أن لاأحد ينظر إليَّ؟ وهل عليَّ أن أتحدث عن إطرائك لليندا ، وأشكر دافيد لأنه اصطحبك إلى منزلنا ؟ هل عليّ أن أوافقك الرأي في كل ما تقوله . وهل تسمح لي من وقت لآخر أن أبدي رأيي؟"
" لدي شعور بأن لديك الكثير من الأفكار الخاصة بك ."
" هل أنت مشغول البال؟"
" كلما كنت لطيفة أكون غير مطمئن لك ."
توجها إلى منزل دافيد وليندا الجديد في المدينة. كانت أضواء الشوارع خلفهما ويبدو خلالها ظل وجه دوغ ." إن نصيحتي الوحيدة أن تتصرفي بطريقة لبقة لا تثير الشك بمسألة خطوبتنا."


" أعدك بذلك."
" من الممكن أن أقول أي شيء عنك ، أعرف أنني لا أستطيع الوثوق بك."
شعرت سامنثا بالذنب ، وعادت بالذكريات إلى تصرف دوغ في اليوم السابق حين أبعدت كل الظنون. إنه يستحق ماكان يحصل له.
ساعدها دافيد على خلع معطفها ." ألا تخشين أن تصابي بمرضٍ في الرئة؟"
" آه دافيد ، لاتلعب دور الأخ الأكبر. إنني أرتدي هذا الثوب لأجل دوغ." قالت ذلك وهي تحاول كتم ضحكتها بسبب النظرة التي بدت على وجه دوغ ." إنها المرة الأولى التي يرى فيها هذا الثوب المرجاني . إنها متأكدة من أنه يستفيد من فتحة العنق المتسعة بشكل مثلث." عبثت بالأوراق الذهبية المتدلية من سلسلة الرداء الطويلة ." ما رأيك ."
فقال دوغ :" ألا تريدين أن تعرفي ؟"
" أعتقد أنه رائع . إنه تصميمباريسي."
التفتت سامنثا . كانت ليندا تقف على باب المطبخ ، ترتدي مئزراً مخرماً فوق فستان أؤرجواني ، وكانت تضحك." إن كل ما استطعت شراءه من باريس هو بعض الصابون." قدمت سامنثا إلى ليندا باقة من القرنفل الزهري. اختفى الإحراج عندما شهقت ليندا من رؤية الزهور.
قدم دوغ زجاجة من الشراب ودخلا إلى المطبخ وفتح دوغ الزجاجة ، وقدم كأساً لكل منهم." نخب الحياة الزوجية."
داتجهت سامنثا بسرعة إلى جانب دوغ . " لاتستعجل الأمر ، يا أخي العزيز . أريد أن أتمتع بخطوبة طويلة . فالكل يعلم أن المرأة ما أن تتزوج حتى تتنازل عن الكثير من حقوقها."
أمسك دافيد معصم زوجته ." هل الأمر كذلك ؟ هل تشعرين بأي ازعاج ، يا سيدة آردن؟"
" كلا." توردت وجنتاها من الحرارة أو ربما من الإحراج.
كان دوغ ينظر في كأسه ، عندما وضعت سامنثا يدها في يده." إننا ننتظر من دافيد أن يكشف لنا عن انطباعه الحقيقي . لكننا لن نكثر عليه من الأسئلة، هل سنفعل ذلك ، يا دوغ ؟" اتكأت على كتفه وكشفت عن جسدها لتتأكد من أنه ينظر إلى أكبربقعة ممكنة منه ." هل تعتقد أن علينا أن نحذر ليندا من عادة دافيد في أنه يرمي جواربه أينما كان؟"
ضحك دافيد ." هل يدرك كل منكما مميزات الآخر ؟ على الرغم من أكما تعرفان بعضكما البعض منذ زمن ، فلا توجد مفاجآت."
" آمل أن تكون على خطأ." لحقت سامنثا بالآخرين إلى غرفة الطعام لتناول العشاء . " يبدو هذا رائعاً." كان دوغ يمسك لها الكرسي ، وما أن جلست حتى وضعت أصابعها على وجنته ." شكراً لك ، يا عزيزي."
وضع يده فوق كتفها بقوة." لا أعتقد أنك بحاجة للقلق من غبائك ." ثم مال نحو أذنها وهمس." لو كنت مكانك ... لكنت قلقاً من أشياء أخرى."
ابتسمت سامنثا له بسذاجة . ثم تحولت للتحدث عن العشاء اللذيذ . كانت الملاحظات تدور حول محاولة دافيد طهو الفطائر المحلاة ، وأسباب فشله في ذلك. وتحادثوا كثيراً. كانت سامنثا مسرورة جداً لأن دوغ كان ينهي أحاديثه دون أي إشارة إلى أن المرأة التي يحبها متزوجة من الرجل الذي يجلس على رأس الطاولة.
كان دافيد يحق بزوجته عندما اقتربت منه لتناول طبقاً. ابتسمت له . شع الحب في عينيها الرماديتين. وضع يده بلطف على مؤخرة رجلها . أحست سامنثا أن دافيد وزوجته قد نسيا وجودها ودوغ كلياً.
حدقت سامنثا بدوغ . وجدته ينظر إلى ليندا ودافيد نظرة أدركت معها فشل دوغ في التخلص من مشاعره الحقيقية.
اتجهت سامنثا بسرعة باتجاه دوغ ، وهي تتناول طبقها بسرعة ونجحت في الإرتطام بكأسه المليء بالماء البارد.
فانسكب على بنطاله . أرجع دوغ كرسيه بسرعة إلى الوراء ، وهو يحدق بسامنثا غاضباً.
" آه . لا!" تناولت منديلاً وحاولت أن تنشف البنطال.
فانتزع المنديل من يدها ." أنا سأفعل ذلك ."
استعادت سامنثا المنديل من يده ومالت لتمسح الماء عن بنطاله ." أنا آسفة جداً."
" أيه . سوف ..." تحولت ملاحظته اللاذعة إلى صوت مخنوق.
نظرت سامنثا إليه بدهشة . فوجدت عينيه تنظران إلى صدرها . لقد نجحت في لفت نظر دوغ عن دافيد وليندا .
ابتلعت قهقهته العصبية ، ومالت ناحيته ، وبدأت تمسح نقاط الماء الوهمية عن كتفه ." أعتقد أنني أنهيت المهمة."
أمسك دوغ بمعصمها . أبعدها عنه قائلاً بغضب :" بالنسبة للآن ، حسناً. وسوف أهتم بالباقي لاحقاً."
لم يخطر ببال سامنثا أنه يقصد شيئاً غير الماء . قبل أ ينفجر غضبه . أضافت قائلة :" أعتقد أنه من الأفضل لنا أن نتمنى لكما ليلة سعيدة ، وذلك
ليتسنى لدوغ ، العودة إلى المنزل ... لتجفيف ثيابه." كان من لواضح أن المرح الذي يبدو في عينيها كان يزيد من غضب دوغ .
ودّعت سامنثا الجميع . كان الصمت مخيماً طوال الطريق إلى الفندق ر. وكانت متأكدة من أن دوغ سيناقش معها الموضوع.
لحقها إلى المطبخ وقال لها بصوت لا يسمح بالرفض:" سأتناول قهوتي الآن . بينما تشرحين لي السبب الذي لأجله سكبت عليّ المياه المثلجة."
وضعت سامنثا كوب القهوة على النار لتسخينه ." كنت تبدو وكأنك بحاجة إلى دوش بارد . حقيقةً ،يا دوغ ،إذا كنت لا تستطيع رفع عينيك عن ليندا فلماذا لا تبقى بعيداً عنها لفترة ؟ لقد كان في استطاعتك تقديم الاعتذار عن عشاء الليلة لأي سبب . لقد سئمت الجري وراءك للتدخل." ناولته كوب القهوة.
رجع دوغ في كرسيه إلى الوراء ، لف أصابعه حول الفنجان . كان يحدق بسامنثا وهي جالسة أمامه ." إنك مملة ." قالها وكأنه يختبر الكلمة ." لا . لا أعتقد أن الليلة كانت مملة . فرداؤك على سبيل المثال ... هل تسمين السير في المدينة شبه عارية أمراً مملاً."
" كيف تجرؤ على القول نني كنت شبه عارية ، علماً بأن للرداء أكماماً طويلة ؟"
" لابد أنهم استعملوا جميع القماش الذي لديهم لصنع هذه الأكمام ، فلم يتبقَ شيء لتغطية الصدر.هذا دون أن أذكر مقاس الرداء . لابد أنه أصغر من مقاسك بثلاث مرات ."
" إني آسفة إذا كان لم يعجبك . كنت فقط أقوم بلعب دور المرأة التي ترتدي ثياباً مثيرة لتعجب زوجها."
" لم أقل أنه لا يعجبني ." واقترب منها ." لقد تركت شيئاً واحداً بعيداً عن حساباتك ."ووضع يديه فوق كتفيها ثم أوقفها عن الكرسي وجعلها في مواجهته.
" الحسابات؟" بدا السؤال بريئاً أكثر مما هو إدانة ، ورأت الشعاع القاتم في عينيه.
وقال :" إني لم أخلق بالأمس . اعتقدت أن نظراتك المعذبة ووجنتيك الصغيرتين الناعمتين الدافئتين ..." ومرّ بإصبعه الدافئ عبر رقبتها العارية إلى أن وصل إلى آخر فتحة عنق الثوب المثلثة " ... وشفتيك المغريتين كادت تجعلني أصرخ بالاتجاه المعاكس . هل فكرت أنه لربما ..."
وضع فمه على أذنها " ... شيء كهذا قد يكون له تأثير معاكس تماماً؟"
" لا، أنا ..."
" أم أنك استمتعت بما تشاركنا فيه في تلك الليلة قبل زواج دافيد ؟"
" كلا ." أغمضت عينيها بهدوء ، بينما كان يطبع قبلة دافئة على رقبتها . كانت في خطر الوقوع تحت تأثير عاطفته الجياشة . كانت شفتاه تذيبان عظامها . إرتبك تفكيرها بسبب الإثارة . كان دوغ يدفعها قاصداً الثأر منها عما حصل الليلة . إنها تعرف ذلك . وعلى الرغم من ...
" إنه لمن الصعب تصديق أن سامنثا التي كانت تتسلق الأشجار ، هي التي توافيني بعطرها الفواح كلما تحركت ، لدرجة أنني أريد أن أدفن وجهي هنا ..." وأشار بإصبعه إلى نهديها وبدأ برسم دوائر أكثر إتساعاً عليهما.
أمسكت سامنثا يده وشدتها بهدوء نحوها . لم يقاومها. كانت تتساءل عما إذا كان هذا تصوراً أم أنها فعلاً تشعر بقلبها ينبض عبر يده.
" كان عليّ التذكر أن بعض الأمور يمكن البدء فيها دون توقف."
حدقت به سامنثا ." إذا كان هذا اعتذاراً لهجومك عليّ ، فإنه شيء تنقصه البراعة."
" أنت شيء آه." أجاب دوغ مبتسماً ." في استطاعتي في غضون دقائق ، أن أنالك على أرض المطبخ ، ولكن هذا يعلمك كيف تسيطرين على لسانك بالطبع لا . لماذا عليّ أن أعتذر؟ ليس لسبب ما حصل . إنك تستمتعين به مثلي أنا . لاتحاولي إقناعي العكس. إنك لا تستطيعين ذلك ." دفع بها إلى الكرسي ." أعتقد أنه حان الوقت لعقد هدنة."
" هل هذا يعني أنك أدركت أخيراً أنني الشخص المسيطر هنا ، وليس أنت ؟"
" إذا كانت هذه فكرتك عن السيطرة ، فليساعدنا الله جميعاً. اننا هنا بحاجة إلى هدنة، لأن استمرارنا في القتال ..." وشدد على كلمة القتال." على هذا النحو . قد يدفع أمك للتخطيط لتزويجنا قسراً."
" أوه ."
" أوه." قالها مقلداً لها . وضع مرفقيه على الطاولة أمامها ." إليك الإتفاق . أتراجع أنا عن قوتي وأنت تبدئين في ارتداء الثياب المحتشمة . إنك تفهمين ما أقصد ." ونظر إليها سريعاً ." كي لا تجد والدتك سبباً لهذا . ستكون تصرفاتنا ، فيما بيننا ، عادية عندما يكون دافيد وليندا غير متواجدين ، ونكون متحابين . عند وجودهما . تلاحظين أني قلت متحابين ولم أقل مثيرين ومغريين."
اتسعت عينا سامنثا ." ولماذا ، دوغلاس ، تحاول إغوائي؟"
" سامنثا !"
تراجعت عندما أحست بنبرة التهديد في صوته ." آه . حسناً إذا وعدتني بحسن التصرف سأفرد جناحيَّ."
" لايوجد شخص يشبه الملائكة مثلك الآن."
" إذا لم يكن في استطاعتي التجاوب معك فهذا لايعني أن في مقدورك الاستهزاء بي."
" حسناً. سيحتفظ كلانا بملاحظاته لنفسه ."
فقالت سامنثا :" بل يجب علينا التحكم بألسنتنا."
رفع دوغ فنجان القهوة ." نخب السلام ." وشرب كوبه بكامله .ثم وضع الفنجان على الطاولة ووقف ." تصبحين على خير."
حدقت به ثم نظرت إلى الطاولة ." دوغ ، هل في إمكاني أن أسألك سؤالاً واحداً؟"
" أجل . لكنني لا أعدك بالإجابة عنه."
" كيفغ تكون مغرماً بليندا وتقبلني بهذا الشكل ؟"
" لاتوجد علاقة بين الأمرين . ليندا ... هي ليندا . وأنت ترتدين ثوباً مثيراً جداً . فماذا يحصل ، عادةً ، عندما تلبسينه؟"
" لم أفكر يوماً بارتدائه . كما سبق وقلت . إنه الزي غيرالمناسب لمتسلقة الأشجار."
" لاأصدق أني قلت شيئاً كهذا ." انحنى دوغ وقبل أنفها .
" على كل حال لقد تغيرت كلياً بطلة تسلق الأشجار عما كانت في تلك الأيام."
" لكني لا أزال أتسلق الأشجار." لم تعرف سامنثا لِمَ كان عليها إخباره بذلك.
اكفهر وجه دوغ ." لم أفاجأ قط ."
كانت أفكار سامنثا بعيدة عن رائحة البخار التي تتصاعد من الفطائر التي كانت تخرجها من الفرن . هدنة . هل من الممكن أن تهدأ حرب بدأت منذ أكثر من عشر سنوات ، في ليلة واحدة ؟ كانت تشك في ذلك قليلاً . إن كل النوايا الحسنة لن تحسن الأمور إذا عاد دوغ إلى تكبره الطبيعي . إلى أنانيته ، وتصرفه السيئ . وابتدأت الشكوك تراودها . إنها تتوقع حصول كارثة ، وتلوم دوغ لخرقه الهدنة . إنها لم تره منذ عقد اتفاقية الليلة الماضية . هذا يعني أنه يصعب عليه التخلي عم عادة كرهه لها . وضعت القماش المطرز حول الفطائر . لم يقل دوغ أن عليهما أن يتحابا . كل ما عليهما فعله هو تجنب السلوك الذي كان دوماً يؤدي إلى خلافاتهما . بالتأكيد إنهما ناضجان بما فيه الكفاية لذلك ؟


" سامنثا هل ستضيعين وقتك باللعب بالخبز طوال اليوم . كنت أتمنى أن ترتاح والدتك قليلاً منذ عودتك إلى المنزل." قالت ماري وهي تنظر إلى الفرن ." إنها لاتبدو بحالة جيدة هذا الصباح."
أخذت سامنثا الخبز إلى غرفة الطعام وهي تفكر بأمها.
لقد مضى وقت طويل وماري تعمل في الفندق ، لذا فإنها تعرف السيدة آردن حق المعرفة ، وإذا قالت ماري إن هناكشيئاً ليس على ما يرام ... لقد بدت أمها شاحبة هذا الصباح . توجهت سامنثاإلى والدتها تسألها :" هل أنت على ما يرام ؟"
" إني تعبة فقط ." فركت السيدة آردن رقبتها من الوراء.
" يبدو أنني نمت بوضع غير مريح الليلة الماضية . إن كتفيّ ورقبتي تؤلمني قليلاً .هذا كل مافي الأمر."
" لِمَ لا تجلسين وترتاحين قليلاً؟ إنني ، وماري ، سنقدم الفطور."
هزت أمها رأسها وهي تقول :" في ما بعد ."
وهذا يعني ، أبداً على الإطلاق . لايبدو كل شيء أنه يسير على ما يرام . نظرت سامنثا في أرجاء الغرفة الواسعة . كانت قطعة الأثاث المصنوعة من خشب السنديان ، والمنقوشة ، والتي كانت بموازاة الحائط ، تتناسب مع شكل البيت الفكتوري ، بينما أوراق الجدران تؤمن ستارة تعلق عليها جميع صور العصافير والنباتات التي جمعتها والدتها.
وأواني الخزف التي تعتبر من ميراث العائلة ، موضوعة على مدفأة من الرخام تتوهج بنيرانها . ويوجد حوالي اثني عشر شخصاً جالسين حول الطاولات الصغيرة المغطاة بالأغطية الوردية .
كان آيك كلايبورن جالساً حول طاولة معدة لشخصين.
" لاأعتقد أن في إمكانك الانضمام إليَّ." قال لسامنثا وهي تضع سلة الفطائر على طاولته.
ومضت عينا سامنثا حين خطرت لها فكرة ." هل تسدي لي خدمة ؟ أدعُ والدتي لتناول الإفطار معك لكن دون أن تعلمها أني اقترحت ذلك ، بطريقة لاتستطيع معها الرفض."
وأضافت :" انها تبدو تعبة هذا الصباح . لكني لاأستطيع إجبارها على الراحة ولو لدقيقة واحدة." عندما طأطأ رأسه ، نادت امها " إن السيد كلايبورن يتذمر من تناول الإفطار وحيداً."
ضحكت السيدة آردن ." حسناً . ليس في إمكاننا ترك ضيوفنا منزعجين . لماذا لا تنضمين إليه ، يا سامنثا؟"
فابتسم السيد كلايبورن للسيدة آردن ." أتعلمين ، يا لوسي ... إنك لاتمانعين إذا دعوتك باسمك ، كما يفعل ابن شقيقي ، أليس كذلك ؟ ... إن رجلاً في مثل مركزي اعتاد التعامل مع النخبة . فلماذا علي تناول الإفطار مع موظف ، حتى لو كان محبباً مثل ابنتك ، بينما في استطاعتي عمل ذلك مع المدير ؟" وسحب الكرسي الأخرى ، وقال :" خاصة عندما يكون المدير جذاباً على هذا النحو ."
" هل تحصل دائماً على ماتريده ، سيد كلايبورن؟" سألته السيدة آردن وهي تجلس على الكرسي .
لم تصدق سامنثا أن الأمر كان بهذه السهولة . وبينما كانت تحمل قطع اللحم من الفرن إلى الطاولات ، دهشت لرؤية والدتها تضحك ، وتتمتع بالحديث مع السيد آيك كلايبورن . ليس لأن والدتها ليست مضيفة رائعة ، بل لأنها اعتادت على التأكد من أن كل شيء ، يسير على ما يرام في غرفة الطعام . لم تفكر سامنثا أبداً أن هذا التقصير من أمها عن الاهتمام بالفندق عائد لثقتها بابنتها. وعندما عادت سامنثا إلى المطبخ لإحضار أطباق التفاح المطبوخ أخبرت ماري بشكوكها.
" لِمَ لا؟ إن مظهر أمك جميل . وقد مضى وقت طويل على وفاة والدك لقد حان الوقت لأن تجد شخصاً آخر ." نظرت ماري إلى سامنثا قائلة :" لاتقولي إنك تعترضين على ذلك ؟"
" لا. بالطبع لا . " أخذت أطباق التفاح وعادت لتخبر ماري بما يحصل ." أعتقد أنه يقنعها بقضاء النهار معه ." نشفت سامنثا المقلاة التي ناولتها لها ماري . ودون وعي قالت ." أتعلمين أنه لم يخطر ببالي أن والدتي ، حقاً ، تحتاج لشخص آخر."
" ربما لم تكن كذلك في السابق . لكن الآن بعد زواج دافيد ، وأنت على وشك ذلك . إن دوغ تحت قدميك منذ زواج دافيد."
" إن دوغ دائماً على هذه الحال."
هزت ماري رأسها قائلة :" حسناً. لا تخبريني ولكن لدي عينان في رأسي . إن التفكير بك وبدوغ شغل تفكيري كثيراً خلال السنوات الماضية ."
" أنا ودوغ ؟ لطالما كرهنا بعضنا ."
" إذاً ، فاليوم تتوقفين عن الإشمئزاز منه ، سأقلق ، لو كنت مكانك . إنك بحاجة لشيء لينقذك من الإهمال . إذا لم تكوني حذرة ، فقد يكون الحب."


ورده قايين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس