عرض مشاركة واحدة
قديم 08-07-10, 02:19 PM   #23

هبة

روايتي مؤسس ومشرفة سابقة وقاصة في منتدى قصص من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية هبة

? العضوٌ??? » 3455
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 23,166
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » هبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond reputeهبة has a reputation beyond repute
افتراضي


الجزء العِشرين و الأخير

تأملت سَميرة عبد الوهّاب و هو يجمع ملابسه في حقيبته .. عقدت حاجبيها بحدة و اقتربت منه قائلة :
" عبد الوَهاب إلى أين ؟!! "
رفع رأسه و نظر لها لبرهة ثم ابتسم :" سأحاول أن أعود لزوجتي "
انفرج فمها بفرحة :" أحقاً ؟!! مَبروك مُقدماً .. "
و ضحكت بمَرح :" ربـاه أنه لأمر يُسعدني بحق .. أتمنى لكما كل خير "
انتبه لها و هي تمسح دموعها بتأثر :" إذاً ستغادر للأبد ؟!"
ابتسم ابتسامة عريضة و قال :" سميرة .. أنا سُعدت بمعرفتك طول هذه الفترة .. و سامحيني إذ بدر مني أي سوء .. تعلمت منكِ معنى التنازل و التواضع .. أنني بحاجة للتواضع قليلاً لكَسب زوجتي .. أشكركِ "
تأملته طويلاً و هو يجر حقائبه و من حوله طفليه يحومان ..
--
راحت تكنس الطابق العِلوي بعد أن غادر عَبد الوهاب .. بعد وِداع حميم مليء بالدِموع .. انتبهت على اقتراب حَبيب منها .. قد وقف مطولاً لم يتجرأ على البِدء بالحَديث ..
رشقته بنظرة لاهبة ثم عادت لعملها .. شعر بغصّة .. اقترب منها قليلاً ثم قال بهمس :
" هل تَكرهينني يا سَميرة ؟! "
تَنهد بضيق و هو يراها صامتة و هرع لغرفته مسرعاً ..
تَنهدت سميرة بارتياح ثم انتبهت على رنين الهاتف من الردهة السُفلية .. ركضت مسرعة تتخطى الدرجات للوصول للهاتف .. رفعت السماعة :" آلو "
ظنت أنه حُسين .. لكن .. للأسف لم يكن هو .. سمعت صوت رجل كهل :" مَرحباً .. هنا نُزل أليس كذلك ؟"
هزّت رأسها قائلة :" نعم سيدي
هل تريد استئجار غرفة ؟"
" لا .. أريد السؤال عن مستئجرة لديكم تُدعى سُهى .. هل لا تزال موجودة ؟! "
نظرت سَميرة لغرفة سُهى ثم قالت :" نعم .. من تكون ؟"
" أنا والدها "
رفعت سَميرة حاجبيها بدَهشة ..:" والدِها ؟!!!!!!! "
" نَعم .. سألت عنها في المَدرسة التي تَدرس بها أخبروني أنها سجلت رقم هذا النُزل في استمارتها .. بربك أريد سَماع صوتها "
شعرت سَميرة بالشفقة ناحية هذا الرجل المسكين فقالت :" لَحظة من فضلك .. سأناديها"
أسرعت لغرفة تلك الفتاة صائحة بها :" سُهى والدك يريدك على الهاتف "
استدارت سُهى لسميرة و هي تُمسك بالمشط و فتحت عينيها بصدمة :" والدي ؟!!!! "
--
تأمل العم طاهر سُهى و هي تجهش بالبكاء مم*** بسماعة الهاتف :
" أبي .. اشتقت إليك .. هل صحتك على ما يرام .. لا تقلق .. أنا لم أخطا بشيء .. حاولت أن اركز على دراستي .. لم ألهو يا أبتي أبداً .. سامحني .. اشتقت إليك "
ابتسمت سَميرة و هي تتأملها .. و شعرت بالاطمئنان على هذه الفتاة .. التي بالكاد تتفهم معاني الحياة الكثيرة ..و اطمئنت أكثر و هي ترى سُهى تسرع لجمع ملابسها في حقيبتها للمغادرة ..
سُهى .. وجدت انها يجب أن تعود لذلك المأوى .. هروباً من الذئاب التي تتستر في الليالي الحالكة .. طلال لم يكن إلا ذئبا أسوداً انقض على فريسته و التهم القليل منها ثم مضى ببساطة تاركاً إياها تنزف بجروحها..
سُهى كانت تتحرك مع مشاعرها المتدافعة .. فما إن دفعتها مشاعرها إلى أبيها .. إلا و قد جمعت ملابسها للرحيل ناسية الحُب الأخير .. حُسين ..
نسته تماماً .. نست انها تترقب عودته .. نست كل شيء .. و ركضت نحو ذلك الحضن الأبدي .. لم تكن إلا مُراهقة .. مُراهقة و حسب ..
--
بعد يومين من فراق سُهى .. تُصدم سَميرة بفراق شخص جديد غير متوقع أبداً ..فتحت غرفة حَبيب للتنظيف ظناً منها أنه ذهب للعمل ..اقتربت مذهولة و هي ترى الخزانة مفتوحة و فارغة ..
العطور و المزيلات اختفت من أمام المرآة .. اقتربت لترى ورقة مطوية جيداً ملقاة على السرير .. انتشلتها مُسرعة و بدأت تنهب الحُروف نهباً ..
" مَعشوقتي سَميرة .. لأني أهواكِ .. فأنا خارج دون رجعة .. مثلما غادر غيري .. فأنا الذي يجب أن يغادر .. أنا المجرم هنا .. أنا الذي اعتديت على شرف ابن خالتي حُسين .. و حطمت حياته .. أنا الذي فضحته و زدته كآبة .. أنا الذي أحببتك بكل جوارحي و صعب أن أراك تكرهينني ..
سَامحيني يا جوهرة .. سامحيني .."
اهتزت حدقتا سميرة و هي تتأمل الحروف .. عقدت حاجبيها باستنكار !!!!! ثم همست :
" ابن خالته و هو الذي ........ "
نبض قلبها بشدة و انهارت باكية ..
--
وائل وقف لبرهة أمام المرآة .. تلمس وجهه بضيق .. ثم باشر بإزالة الحلق من لحمه .. انتفض متألماً ..لكنه تأمل نفسه جيداً بعد أن أزال كل الخُردة من وجهه و من رقبته السلاسل و الأساور التي تلف يديه .. فكّر لبرهة في السبب المنطقي من تشويه نفسه بهذا الشكل ..و وجد أنه لم يفعل ذلك إلا تقليداً ...
فما أبشع أن نشذ عن قيمنا و أخلاقنا لأجل تقليد أمة غريبة ..
..
راح العم طاهر ينسق المزروعات في الحديقة بسعادة غامرة .. انتبه على سيارة مُقبلة توقفت أمام المنزل مباشرة ترجل منها رجل .. نهض طاهر مصدوماً بعد أن استوثق هويته.. و صَرخ :" حُسيـــــــن ؟!! "
أزال حُسين النظارة السوداء من عينيه و رمق طاهر بابتسامة فرح .. فأقبل طاهر مُسرعاً .. تعانقا بقوة .. و قال العم طاهر بحماس :" حُسين لكَم اشتقت لك يا وَلدي .. مضت ثلاثة شهور و أنت منقطع عنا "
شع وجه حُسين بابتسامة تنم راحة كبيرة و قال :" أنا أيضاً اشتقت لكم كثيراً .. "
--
تسّمرت سميرة و هي تستمع لصوت مألوف للغاية على باب المنزل الرئيسي ..لا شبيه لصوته .. أسرعت خارجة من المَطبخ لترى حُسيــــن !!!
تلاقت أنظارهما و توقف الزمن لبرهة .. تأملها طويلاً .. سَميرة هي .. هي .. لم تتغير .. ذات الابتسامة اللطيفة ..
حانت منه ابتسامة و هو يتأملها بخمارها الزهري .. و عينيها الفيروزتين تلتمعان بدموع الفَرحة .. صاحت :
" حُسيـــــــــــن ؟!!! "
اقترب مُبتسماً و همس :" سَميرة .. مضى وقت طويل "
--
في مكان آخر يعج بالزغاريد الفَرحة .. صَباح تضحك بفرح و هي ترى طفلها يرقص بطريقة طريفة على المَسرح يشاركه عدد من الأطفال ..ثم تلتفت لسُهى قائلة :" ياه .. من كان يتوقع أن حُسين يتزوج سَميرة "
و غمزت لها :" يا ترى هل تغارين ؟!! "
لكزتها سُهى بحدة ثم قالت بدلال و هي تنسق شعرها المصفف و فستانها الطويل الأزرق :
" كفى لا تقولي هذا .. لا أغار أبداً .. لأن تلك مجرد مشاعر سخيفة لا أساس لها ..علي الانتباه لدراستي القادمة في الجَامعة "
نظرت لها صباح بابتسامة ذات معنى ثم همست :" أها .. أصبحتِ عاقلة إذاً .. و كيف حال أبيك ؟"
ابتسمت سُهى :" بخيــر .. لم أكن أظنه سيسامحني .. كم هو حنون "
--
في جانب آخر و في قاعة أخرى خاصة بالذكور .. ابتسم حُسين و هو يربت على كتف وائل :
" تغيرت كثيراً .."
ابتسم وائل باعتزاز .. و أقبل عبد الوهّاب بطفليه قائلاً :" حُسين .. سَميرة أمانة برقبتك "
ابتسم حُسين لكن ابتسامته تلاشت فوراً .. و هو يرى شخص ما يقترب .. يتخطى الحضور .. يقترب !.. يقترب ..
تتضح ملامحه .. يرفع عينيه .. يبتسم .. تتضح أسنانه ..
يقف قريباً جداً .. و الجميع يبتعد ..
تأمله حُسين ثم ابتلع ريقه .. اهتزت حدقتا عينيه بارتباك ..و مد أصابعه ليرخي ربطة عُنقه ..حتى همس بضيٌق :" حَـ .. حَبيب "
وقف حبيب بأسى و هبطت عينيه بخجل .. تردد فيما سيقوله .. لكنـه رفع عينيه بجرأة مجدداً مع نظرات الجميع و قلق طاهر ..
رمق حُسين طويلاً و أمامه ينطلق قطار الذكريات ناثراً رماد الحُزن .. تذكر حَبيب الماضي المشوه و البراءة المُدنسة .. تذكر ذلك الفتى الذي لم يبلغ الخامسة عشر ربيعاً .. منكباً على وجهه فوق الوسادة الملطخة بالدم .. و على وجهه البريء علامات عنف شديد و في عينيه موت ..
نعم موت ..
لطالما عاش حبيب على جثمان حُسين ..و حان الوقت لاحياء هذا الجثمان من جديد ..
اعتنق حبيب حُسين بقوة .. بينما أغمض الآخر عينيه بسكون ..
صاح حَبيب مجهشاً ببكاء مؤثر :" حُسيــــــن .. اعذرني"
حوّل العم طاهر نظرات لائمة لحَبيب و كان عبد الوهاب يتوقع من حُسين ردة فعل عصبية للغاية .. فزمن الاعتذار ولى ..
تلفت حَبيب حوله ثم همس بأذن ابن خالته بارتباك :" حُسين .. أخبرت سَميرة .. أخبرت سَميرة أنني المذنب .. أرجوك حُسين سامحني و استر على ذنبي .."
رفع حُسين عينيه السوداوتين ناحية حَبيب ..ثم همس :" لماذا؟!! .. لماذا أخبرتها ؟! "
هبط حَبيب بعينيه ثم همس :"لأنها لك الآن للأبد .. و يجب أن أنساها و قبل ذلك .. يجب أن تعرف الحَقيقة كاملة .."
اشاح حُسين بوجهه بضيق فانفعل حبيب :" حُسين ألست راضياً "
زفر حُسين و هو يتأمل الحضور .. حبات العرق تتلألأ على جبينه الأبيض .. راح حَبيب يتأمل ابن خالته مطولاً و أيقن أنه لا فائدة ..
تنهد حَبيب هامساً :" لا بأس .. سأغادر الآن حتى لو لم تسامحني .. و .. و لكن .. "
و رفع رأسه بابتسامة عريضة و قال و هو يحارب عبراته :" مبروك لكما .. أنكما تناسبان بعضكما البعض .. اهتم بها حُسين "
و استدار حَبيب يجر أذيال الخيبة ..ازدحمت بباله الأفكار البائسة .. لم يجد شيئاً يستحق الابتسامة .. الدُنيا اسودت أمامه .. سمع صوت الموت المرعب يتكرر في أذنه يكاد يصمها ..
سَرح حُسين بفِكره .. تمنى لو يبتعد ذلك الانسان قدر الامكان عن عالمه الذي تشاركه الآن سميره فيه .. و اكتشف أخيراً أن رابطة القرابة قوية بما فيه الكفاية .. لم يستطع أن يصمت أكثر وهو يراقب حبيب الذي يبتعد و يبتعد .. تاركاً كل شيء .. تاركاً سميرة و تاركاً حُسين ..
صاح :" حَبيب مَهلك "
استدار حَبيب بُسرعة .. يتأمل حُسين .. الذي أكمل :" حبيب .. سَامحتك .. سأنسى كل شيء"
فتح حَبيب عينيه بصدمة .. و هو يرى خيال ابتسامة على وجه حُسين ..
--




و في النهاية فإن صوت الموت قادم .. يتسلسل بين الأزقة و الممرات الضيقة .. يأتى من النافذة و ينحشر تحت غطاء السرير .. صوت مرعب كعاصفة من الجن .. كزوبعة مريعة قادمة من صحراء ماضينا ..
لكنه يتحول لصوت شادي إذاً ما أردنا ذلك ..



تمت
الساعة الواحدة و الثلث صباحاً
يوم الأحد الموافق 14 – 3 – 2010 مـ


أنهيت قِصتي الثانية صوت الموت ..و أتمنى أنكم استمتعتم بقراءتها ..
شعرت بالطَبع أني ارتبكت اخطاء كثيرة في القصة من حيث كتابتها و أفكارها و تنظيمها ..

و لكني شعرت أنها بداية و لابد أن يتعثر كل منا في بدايته حتى يتقن السير جيداً ..
و أنا مُتحمسة جداً لكتابة قصة جديدة بفكرة جديدة ..

إلى من قرأ قصتي شكراً جزيلاً .. أتمنى أن تكون قصتي في مستواكم الفكري .. و الأدبي ..

أختكم سلمى


هبة غير متواجد حالياً  
التوقيع






اللهم ارحم والدى برحمتك الواسعة ...إنه نزل بك و أنت خير منزول به و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غنى عن عذابه ... آته برحمتك رضاك ... و قهِ فتنة القبر و عذابه ... و آته برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ...
رد مع اقتباس