عرض مشاركة واحدة
قديم 02-10-08, 10:01 AM   #5

اسيرة الماضى

نجم روايتي وناقدة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسيرة الماضى

? العضوٌ??? » 5714
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 2,703
?  نُقآطِيْ » اسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond reputeاسيرة الماضى has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الاول


قالت جيني متهكمة:" ألا تعتقدين أن هذا من لمسات السيدة شاترلي؟"
قامت سين بحركة خفيفة للموافقة على تلك الملاحظة مع أن انتباهها كان منصباً على المنظر الذي تشهده بدون تفكير.
لقد دعا الخادم المتعجرف سين وجيني لدخول غرفة الاستقبال الصغيرة منذ ثوان قليلة, في حين ذهب هو للبحث عن ربيكا هاركورت , سيدة المنزل الصغيرة . تمنت سين بشدة ان لاتكون السيدة الصغيرة في الحديقة. هي سيدة المنزل التي ذهب في اثرها ذلك الخادم المتعجرف, والا فان رحلتهما هذه تكون قد ذهبت سدى, حيث ان الفتاتين قدمتا الى العاصمة خصيصا لرؤية عائلة هاركورت, وقد اخذتا بمظهر منزل هاركورت من الخارج بما فيه الكفاية.
فالاراضي المحيطة به كانت كبيرة وشاسعة بحيث انها توازي حجم المنتزه الذي يقابلها. وعلى الرغم من ان المنازل الكبيرة القديمة كانت مالوفة في لندن, الا ان مساحة الاراضي المحيطة بمنزل هاركورت جعلت سين تتيقن من ان هذه الاراضي لها قيمة كبيرة لوجودها في قلب العاصمة.
في اعتقاد سين ان حاجة آل هاركورت للبستاني , هي بسبب مساحة هذه الاراضي الشاسعة. وياله من بستاني.
رجل طويل ذهبي الشعر كانه احد الهة الاغريق القدماء, في الخامسة والعشرين من العمر, ذو بشرة نحاسية اكتسبها من كثرة تعرضه للشمس, وقد لوحته كثيرامع انه شهر نيسان. ومع قدوم اشهر الصيف الحارة فإن بشرته معرضة للمزيد من السمرة.
بينما كان هذا البستاني يعمل في تلك الشجيرات الجاورة للبيت, دخلت جيني وسين الى الغرفة وكان واضحا انهماكه في عمله وبدا انه كان سيبقى كذلك لولا مرور فتاة شابة في العشرين من عمرها .مرت الفتاة في تلك الاراضي البرية التي تبعد بضع اقدام عنه لتدخل الى البناء الخشبي المبني في احد جوانب الحديقة بعيدا عن البيت. وماهي الا بضع ثوان حتى انتصب ذلك البستاني وتلفت حوله بانتباه ليتأكد من ان احدا لايراقبه قبل ان يدخل هو ايضا الى ذلك البناء الخشبي.
لقد جاءت ملاحظة جيني المتهكمة في نفس اللحظة التي دخل فيها البستاني في اثر الفتاة. وعلى مايبدو فان الفتاة التي عبرت الحديقة لم تنتبه لعمل البستاني هناك
وهي لاتبدو كخادمة او اي فتاة اخرى تعمل في المنزل.
فتسريحة شعرها الاحمر كانت مثبتة باحتراف, وزينة وجهها موضوعه باتقان , وزيها يحمل توقيع احد مصممي الازياء المشهورين.هذا ان لم تكن سين مخطئة .لقد تمنت الا تكون ريبيكا هاركورت , لان سين شكت في ان يكون هذا البستانب هو العريس الذي تنوي ان ترتبط به ريبيكا.
قام جيرالد, والد ريبيكا هاركورت , بتدبير موعد قدوم سين الى منزله اليوم, مدعيا ان ابنته بغياب والدتها تحتاج الى المساعدة في شأن تنظيم زفافها, حيث كان من المقرر ان يتم في شهر آب-اغسطس.
تنظيم حفلات الاعراس مع كل مايصاحبها من مشكلات, كان مجال العمل الذي تقوم سين بإدارته الذي يسمى" النعمة التامة."
خطرت لسين فكرة هذا المشروع في احد\ الايام الكئيبة, حين وجدت نفسها قدعلقت بمواجهة نهاية حياة مهنية اخرى, وقد عملت خلالها عند احد الممولين, الذي كان ذو مزاج مشاكس لاتحلو له المضايقات الا وهم مستغرقون في العمل.مما جعل سين لاتحبذ القيام به طوال ايام حياتها.فمشكلة سين انها لم تكن تعلم ماتريد القيام به . ففي السنوات الاخيرة عملت في مجالات عديدة, من موظفة استقبال في فندق الى مساعدة في مشتل زهور, ثمفي محل للوازم الافراح لمدة قصيرة من الزمن, بالاضافة الى اعمال الخدمة في المطاعم ايضا.ثم تدربت لتقوم بأعمال طباعة الاعلانات لاحد المسارح.وعرفت سين يقينا انها لاتصلح للقيام بعمل كهذا, فبعد ان طبعت مئات الاعلانات داعية الناس فيها الى حفلات ترافالجار, استشاط مديرها غضبا من اسلوبها الفاشل, وفي اعتقادها ان بعض البحارة ممن لبو الدعوة لك يكونوا هم ايضا سعداء بالحضور.ومن الواضح انه تدريب استغرق فترة قصيرة من الوقت.هذا ما كانت عليه حال حياتها المهنية, ولكن بعد ان امضت امسية كهذيان المرضى, تساعد مديرها في تقديم الاطعمة خلال احدى حفلات العشاء الخاصة في شقة احد وجهاء المجتمع, في تلك الليلة, قررت سين ان تحسم موقفها
في مايتعلق بتلك الوظيفة خصوصا, وبعملها في الشركة عموما, بعد ان بدأ مديرها يرمي السكاكين في ارجاء الشقة. عرفت سين وقتها ان مشكلة هذا الرجل ليست في طباعه الغريبة , بل في عقله!
وجدت سين نفسها عاطلة عن العمل من جديد وكان عليها ان تدفع ثمن الايجار والفواتير الى جانب التفكير في تمويل حياتها المهنية. واستعرضت كل الاعمال التي قامت بها بالتفصيل فوجدتها اعمالا غير منسقة واعتباطية. ولكن عندما جمعتها كلها من جديد لاحت لها فكرة" النعمة التامة"
من بين الانقاض . وكالة الزفاف الكامل... وجدت لتمحو اثار التعب والدموع عن العروس وعائلتها ... ولكن هل كانت تعني الدموع؟
لم يكن هذا النجاح في يوم وليلة, فبعد مضي ثلاث سنوات على انشائها للوكالة, حافظت سين على استمرارية العمل من خلال قيامها بتحضير مآدب العشاء في المناسبات. الى جانب اعدادت بطاقات الافراح, كي لاتلتزم بمهام اخرى كثيرة تكون غير مجدية. ففي الغالب كانت سين في انتظار " فرصة العمر" كما تدعوها جيني, ذلك الفرح الذي يتكلم عنه المجتمع طويلا, ويظهرمن خلاله اسمها في مثل هذه الحلقات الاجتماعية, وكم تمنت ان تغدو وكالتها معروفة حالما ترى المجتمعات المخملية كم ان عملها متقن.
بدا لها ان فرح آل هاركورت هو "فرصة العمر التي لطالما تمنتها." جيرالد هاركورت, رجل في الاربعينات, كان احد الضيوف في عرس نظمته سين خلال عطلة الاسبوع المنصرم. وكانت العروس ابنة احد اصدقاء جيرالد في العمل, وقامت بالتحضير لحفلة العرس مع تلبية متطلبات العروس, من طباعة بطاقات الدعوة الى تنسيق الوان الزهور الرائعة في باقة العروس.هذه الباقة التي التقطتها عندما رمتها العروس الى الحشد المتجمع وراءها قبل ان تمضي في رحلة شهر العسل التي اعدتها سين للزوجين السعيدين .قدم جيرالد باقة العروس لاحدى فتيات الشرف مرفقه بابتسامة ساحرة. وسأل سين عن " النعمة التامة" موضحا لها ان ابنته الوحيدة سوف تتزوج لاحقا خلال هذا العام , وان زوجته قد توفيت منذ اكثر من اثنتي عشرة سنة, الا ان ريبيكا, اي ابنته , تجد ان الامر كله اشبه بوجع رأس تعاني منه وحدها. غمرت السعادة سين لطلبه هذا, بينما كانت هي تساعد في التنظيف. ووجدت نظراته الطويلة المتميزة, وشعره الداكن المتموج بخصلات رمادية, وعينيه الزرقاوين الدافئين في وجه معافى وسيم الى جانب قوام مديد في بدلة من ثلاث قطع ارتداها خصيصا للمناسبة, انها اكثر من ان تسميها جاذبية عادية.انها فرصة العمر, فكرت سين. وكان من دواعي سرورها ان تأتي بنفسها من مكتبها الى منزله... فهي لم تكن تستطيع تحمل نفقات الايجار في لندن على حساب عملها, وحضورها الى منزل هاركورت , لتتكلم مع الابنة شخصيا بناء على موعد حضر له جيرالد حين تكلم مع ريبيكا عن الموضوع. ولكن ماذا لو كانت فتاة الحديقة هي ريبيكا هاركورت. وتولد لدى سين احساس بان هناك مفأجاة غير سارة في مايتعلق بهذا الزواج. هذا من دون ذكر العريس وهو مثل اغلب العرسان, فقد بد انه باق بعيدا عن وجع الراس بما فيه الكفاية, بشأن هذا الزفاف بالفعل.





كانت سين لاتزال تقف هناك تنظر في اتجاه الحديقة, حين فتح باب البناء الخشبي من جديد, ولكن بدا ظاهرا من حالتها المزرية انها كانت تبكي بغزارة. والقت نظرة حزينة اخيرة في اتجاة البناء الخشبي وهرعت عبر الحديقة الى المنزل.ليست عروسا سعيدة! التفتت سين متنهدة وهي مقتنعه تماما بان زيارتها اليوم الى هذا المكان ذهبت سدى. زقطعت افكارها عندما رأت باب الغرفة يفتح ليدخل شخص. لم تكن ريبيكا هاركورت.... بل كان جيرالد نفسه. حياها بحرارة مرحبا, يرتدي احدى بدلاته الخاصة بالعمل ويبدو شديد الوسامة والكياسة.
قال متأسفا:" انني شديد الاسف لتركك تنتظرين." وعبر الغرفة في اتجاهها. واضاف عابسا:" ولكننا نجد صعوبة في العثور على ريبيكا."
لمست سين ذراع جيني عندما احست ان مساعدتها على وشك البوح بأمر ظهور ريبيكا في الحديقة, فريبيكا هاركورت لم تكن تريد ان يعلم والدها بأنها كانت في اي مكان من الحديقة.هذا ان لم تكن سين مخطئة في تقديرها, الى جانب ان البستاني الشاب الوسيم هو ايضا لايريد! قد تكون سين على خطأ, طبعا, لكن بطريقة ماشكت بالامر.
ردت سين بنعومة:" هذا حسن تماما, فقد كنا نتأمل بيتك الرائع" ولكن في الواقع لم تعر امر المنزل كثيرا من الملاحظة. على الرغم من انها شاهدت الاناقة الكلاسيكية
للغرفة من مفروشات اثرية ولوحات عصرية معلقة على الجدران وزخارف تدل على الثراء الفاحش الذي كانت تعيره عائلة هاركورت الكثير من الاهتمام .هذا كله كان في غاية الجمال الا انه لم يكن يهم سين في شيء.
بدا جيرالد مسورا بملاحظتها متطلعا الى ماحوله بتقدير. كان من الواضح انه رجل يتمتع بما تستطيع الثروة ان تقدم له.
وبينما كانوا يتابعون حديثهم عن جمال المنزل ومحتوياته, قطع صوت رجل حديث جيرالد متسائلا:" الن تعرفنا ياجيرالد؟"
كان الرجل ذو صوت حريري ناعم. صوت عرفته سين على الفور.
لكن هذا مستحيل.ليس هنا. ولماذا هنا؟ تساءلت بفضول وهي تعلم انها لايمكن ان تكون مخطئة, اذ انها تستطيع معرفة ذلك الصوت في اي مكان . انه صوت وولف ثورنتون.
لم تستطع الحراك مع انها حاولتولكن مامن عضلة واحدة في جسمها بدت انها ستطيعها في هذه اللحظة.
احست بأن قدميها مثل اثقال حديد غرست في السجادة وجسدها ساكن ومشدود كأنه تمثال, وعرفت ان وجهها قد اصبح شاحبا شحوب المرمر , وراسها مشدودا بتوتر , وان عينيها مسمرتان على نقطة مافوق المدفأة. حاولت ان تتذكر ماذا ترتدي اليوم. ماذا ترتدي؟ وما الفرق في ذلك؟ وولف ثورنتون كان يقف في مكان ما وراءها, وشكت بانه سوف يكون سعيدا برؤيتها كما هي سعيدة برؤيته.هل تغير؟ هل تغيرت؟ لقد مضت سبع سنوات منذ ان رأته للمرة الاخيرة.بالطبع لقد تغيرت!, فشعرها, لم يعد ذلك الشلال الذهبي المموج باللون الفضي مثل القمر في الليل, كما كان وهي في العشرين من عمرها, ولكنه مقصوص الى حدود كتفيها بتسريحةمتماوجة تجعله يبدو كثيفا,فهكذا تستطيع ترتيبه بشكل افضل. وعيناها البنفسجيتان لم تعودا بريئتين وغير مكترثتين. ولكن باقي قسماتها بقيت كما هي بالطبع. انفها القصير والفم الكبير المبتسم, والوجنة المشدودة بحزم, ولاتزال تملك بعض الملابس التي امتلكتها نتذ سبع سنوات خلت, اذ انها لم تستطع استبدالها وهكذا تستطيع التأكد من انها لم تكسب اي زيادة في الوزن.
قال جيرالد محييا الرجل الاخر:" سعيد انا الان لانك استطعت المجئ فأنا نفسي قد اتيت من المكتب منذ برهة ومع اننا قررنا ان تلتقي هنا بعد كل ذلك, فان ريبيكا على مايبدو قد قامت باحدى اختفاءتها تلك من جديد." مجيزا لنفسه القول. قاطعه الرجل الاخر بنعومة:" سوف تظهر, هكذا تفعل دائما.
آ يالهي , ذلك الصوت , احست بقشعريرة في جسمها وبموجات من الرعب تح\جتاحها الان. اخر مرة رات فيها وولف ثورنتون اوضحت له تماما ماذا تفكر فيه ولم يكن هناك من سبب واحد لها للتيقن من ان السنوات الماضية التي مرت من دون اي اتصال بينهما, قادرة على تغيير مشاعره تجاهها.
هل يعقل ان يحدث لها هذا؟ طبعا, فوولف يدير صناعات آل ثورنتون , وجيرالد هاركورت يدير شركته الخاصة بنجاح كبير, فلم لايكون هذا الرجلان صديقين؟ ولكن لم كان علة هذين الرجلين ان يتقابلا هنا اليوم, وفي هذا المكان بالذات؟ لاحظت سين ان جيني تنتظر عند الباب, فما زال وولف يتمتع بتلك الجاذبية البدائية التي تجذب النساء اليه, والتي راتها سين مكرهه. انه ذلك الامر الذي تحققت منه سين والذي كان السبب في تحطيمها, والادهى انه كان يعرف كيف يستفيد منه.ادارت سين بحزم وجهها , وقد غلقت انفاسها بحنجرتها, التقت وولف للمرة الاولى بعد سبع سنوات . لم يتغير البتة, فشعرة الاشقر الداكن طويل لدرجة انه لا يتناسب مع الموضة السائدة . وبعض الخصلات الناعمة تغطي جبينه. وعيناه العسليتان محاطتان بأطول أهداب راتهما سين في حياتها. وانفه الكيبر الشامخ ولكن فمه تغير ولم يعد كما كان- لاحظت ذلك مقطبة جبينها- في الماضي كان فمه جذابا, اما لان فلا.
لقد اصبحت تعابير وجهه تنم عن حزن, وبدا انه قليلا ما يبتسم, والخطوط بجانب انفه وفمه لم تكن بسبب الابتسام, بل من القسوة التي حددت كل قسمات وجهه وعندما حدقت سين فيه جيدا, ادركت ان عينيه لم تعودا دافئتين بتاتا , ولكنهما قاسيتان وغير مكترثتين كالذهي الذي تشبهانه تماما.
لقد بدت عيناه قاسيتين اكثر عندما احس بنظرات سين المنصبة عليه, وللحظة بدا على ملامحه انه تعرف عليها على الفور, ورق فمه اكثر واطبق فكيه بقوة وتوجهت نظرات عينيه الفولاذية نحوها بتحد. كان في الماضي انسانا مجبولا بالرقة والحنان , ونعومة ملامحه كانت تجعل من الصعب على اي كان تحديد عمره... أما اليوم فهو يبدو في الخامسة والثلاثين بدون ادنى شك وعلى اقل تقدير. ازدرت سين ريقها بصعوبة ولم تشعر في حياتها بالرغبة في الفرار كما تشعر الان. وشعرت للحظة ان وولف قد يقتلها بالفعل.
تساءل وولف مسيطرا على اعصابه عندما استدار ليواجه الرجل الاخر, منتظرا ان يعرفه الى الضيفتين. " جيرالد؟" وكانه لا يعرفها اطلاقا! رفضت ان تصدق انه نسيها. لابد انه تمنى ذلك ولكنها عرفت من ردة فعله للحظة خلت, عندما نظر اليها للوهلة الاولى بانه لم يستطع نسيانها
قال الرجل الاكبر سنا مبتسما ببساطة, غير واع مطلقا للتوتر السائد في الغرفة:" آسف وولف" اضاف بخفة:" هذه لوسيندا سميث من وكالة النعمة التامة, ولكن اصحابها يدعونها سين كما اكدت لي."
بدا ان وولف لايجد اي روح دعابة باسمها او حتى بشخصها!ولكن نظرته المستفسرة التي القاها نحو الرجل الاخر , بدت متسائلة عن مدى قرب جيرالد منها باعتباره احد اصدقائها.
لقد كان سؤالا مثيرا, فمع دعوته لها للحضور الى هنا عندما تحادثا يوم السبت الفائت, قام جيرالد بدعوتها للعشاء خارجا ايضا.
رحبت بالموضوع الاول الا ان الموضوع الثاني ارتأت تأجيله لحين قدومها لمنزله. ولكن لم يخطر على بالها اطلاقا ان وولف ثورنتون سيكون حاضرا عندما يطرح ذلك الموضوع الثاني . ففي الحقيقة , كانت تستبعد دائما وبشدة اي لقاء مع وولف مجددا. وعرفت الحاضرين على مساعدتها مشددة على الامر:" انها مساعدتي جيني هاريسون."
بدت جيني ممتنة لسين لتعريفها لهما . فمع كل الانتباه الذي اعره وولف لسين , الا انها حفظت رباطة جأشها , حتى جيرالد بادبه الساحر رحب بجيني.
لم يكن شعر الفتاة يضاهي شعر ريبيكا هاركورت النحاسي, بل كان ذا لون خمري يتناسب مع بشرتها الشاحبة. مسكينة جيني تبدو اصغر بكثير من سنوات عمرها الثماني عشرة لانها كانت مسرورة لوجودها برفقة هذين الشخصين المميزين. وولف ثورنتون ليس رجلا مهذبا , فكرت سين بخفة, فقد تعمد اهمال جيني ونظر اليها بقسوة وفظاظة. ومن الواضح ان جيني كانت تشعر برهبة من هذا الرجل الذس كان يبدو قاسيا ومتوحشا. الانها انجذبت اليه. هذا الى جانب انها كانت تبدو مهتمة به من دون ريب.
اجاب وولف بنعومة:" انسة سميث؟"تورد وجه سين خجلا من تلميحه. طبعا ففي اخر مرة التقيا فيها كانت على وشك الزواج من روجر كولنز. اجابت بخفة ملتقية بنظراته ولكن هذه المرةبشيء من التمسك:" انني غالبا ما اكون فتاة شرف وليس العروس على الاطلاق, كما يبدو." لماذا يتابع وولف التصرف وكأنهما لم يلتقيا من قبل؟ لماذا لم يخبر جيرالد هاركورت انه يعرف تماما ماذا يسميها اصحابها وحتى اعدؤها ايضا؟
وان كان قد اندهش لعلمه بانها لم تتزوج بعد كل هذا. الا انه لم يظهر ادنى اشارة الى ذلك,
قال متحديا بنبرة خالية من الهذيب:" ولكن اغفري سؤالي. اذا كانت هذه هي الحالة... فما هي الخبرة التي تدعين معرفتها , وكيف تخولك تنظيم حفلات الاخرين , وخاصة كحفلة زفاف ريبيكا؟"
كان يقصد اهانتها وقد حقق مبتغاه! فهو يعرف انها تنتمي للطبقة العاملة وتكره المجتمعات المخملية الى حد بعيد, وكان يحاول ان يعيرها بفقرها . قاطعه جيرالد برقه غير منتبه لخلفيات الحوار الدائر بين سين وولف :" دعك من هذا ياوولف, ليس من الضروري, ان تدهسك عربة لتعرف عاقبة ذلك. ففي رايي لايوجد فرق كبير بين ان تدهس او تتزوج.
قال ذلك بحزن ظاهر حيث ان الجميع نظر ناحيته بسبب طريقته في التشبيع . هزت سين راسها قائلة:" اني لامل ان لا تتاح لك فرصة الكلام مع احدى زبوناتي والا فسوف اخسر مهنتي."
قال جيرالد مقطبا:" لنعد الى العمل." واضاف بشرود وهو يغادر الغرفة :" سوف اذهب للبحث عنها من جديد."
لم تكن سين اكثر امتنانا في حياتها من جيني لاصرارها على مرافقتها ذلك الصباح كما كانت في تلك اللحظة , والا لكانت بقيت بمفردها مع وولف في الغرفة.
آوه , لا. هذه مبالغةغير الظاهر ان وولف قد احتاج لاستعمال قوته الجسدية طوال حياته . فما من شك انه يستطيع بلسانه السليط ان يدمر كل من اتسوله نفسه ان يتحداه , وتحويل اي معترض الى مرتعد بنظرة من نظراته الباردة.
ساد سكون مطبق في الغرفة بعد ان تركها جيرالد و...... هل كان هذا ما رأته سين لوحدها؟ وجازفت بنظرة ناحية وولف الذي بقى واقفا يراقبها تارة بنظرات باردة حادة ويشيح طورا بعينيه عنها. جيني الطيبة. كانت تنظر الى وولف بعينين متاثرتين
شعرت سين با لاسى تجاه جيني بسبب تجاهل وولف لاعجابها به , مع انه لاحظ ذلك فجيني قليلة الخبرة ولابد ان عواطفها تجاهه ظاهرة بما يكفي لكي يلاحظ وجودها ومامن شك في انه معتاد على اعتبار نفسه جذابا من قبل النساء. ولكن مامن سبب يجعله متلاعبا الى هذا الحد. لم تتعود رؤيته مرتديا ثيابا رسمية كاملة كما هواليوم فبدلته ذات الثلاث قطع وقميصه الابيض الناصع , مخاطان بدقة متناهية. وربطة عنقه معقودة بشدة حول عنقه . ولا يضع اية مجوهرات. فلطالما رفض ان يستعملها الرجل وافضل حلية عنده هي ساعه تلف معصمه الايسر.
لاحظت سين باعجاب ان يديه مازلتا كما كانتا , يدي فنان ملهم, ومع ذلك قويتان تماما عند الحاجة, والاظافر مقلمة بدقة.
وولف رام جيمس ثونتون. كانت تتوقع ان تسمع اكثر عنه خلال السنوات السبع المنصرمة. ولكن الشيء والوحيد الذي سمعته هو ارتباط اسمه بصناعات آل ثورنتون. فصفحة المال والاقتصاد في الصحف غالبا ماتورد مقالات عن نجاح وتوسيع الشركة. لابد ان اعمال العائلة قد ازدهرت تحت رعايته, ياللغرابة! فهي لم تفكر بوولف كرجل اعمال, ولكن هذا مالم يكن عليه قبل سبع سنوات. قال متشدقابتحد:"اذا سين, اليس كذلك؟ سوف تقومين بهز عصاك

السحرية وتجعلين عرس ريبيكا كاملا." احست باحمرار وجنتيها من الاهانة التي قصدها من وراء تلميحه هذا . قالت بحزم:" اجل, اتمنى ذلك." تقدم بخطوات واسعة نحوها وقال:"فستان ابيض واسع, كعكة تزينها الكريما , حصان وعربة لنقل العروس والعريس الى حفلة الزفاف؟"
شحبت سين عندما استعمل كلماته كشفرات حادة بقصد جرحها, ولم ينس شيئا! واخذت نفسا متقطعا ثم قاطعته بحدة بينما اصابها مطبقة الى درجة انها احست بان اظافرها قد انغرست في لحمها:" ولكن تنظينم هذا الامر في لندن على شيء من الصعوبة." رد وولف بصوت اجش :" انا متأكد انه من الممكن تدبر الامر اذا كان هذا ماترغب به العروس حقا."
ازدردت سين ريقها بصعوبة, مشيحة بنظرها عن الوجه البارد الذي لايرحم , وقالت تسل جيني :" يبدو اني نسيت ان احضر دفتر ملاحظاتي , هل تستطيعين ان تذهبي الى العربة في الخارج وتحضريه لي؟"
لكن هذه المشادة مع وولف التي لم يلحظها احد على مايبدو , لايمكن لها ان تستمر . ومع انها كرهت هذه الفكرة , ولكنه اذا كان صديقا حميما للاسرة وزائرا دائما للمنزل فربما من الافضل لها الانسحاب بدلا من التورط في هذا الزفاف فهي تستطيع توفير الكثير من العناء على نفسها اذا اقتنعت بهذه الحقيقة الان.
وافقتها جيني على الفور موجهه نظرة مشوقة نحو وولف عندما مرت بجواره لتخرج من الباب . قال وولف بإزدراء متزايد ما ان اصبحا وحيدين " حسنا , سين." اضاف ونظرته الفاجرة تتفحصها قاصدا اهانتها:" كم من الوقت مضى وانت برفقة جيرالد؟"
تنهدت تنهيدة عميقة مبدية سخطها للملاحظة وقالت:"انا..." اضاف وولف بقصد ايلامها :" فقد ترك صديقته الاخيرة منذ بضعة اسابيع."
همست سين رافضة اتهامه واحست باحمرار وجنتيها ولكن من الغضب هذه المرة:" انا لست صديقته." وتساءلت في قرارة نفسها هل سيبقى الاحرار علامة على خديها كلما تكلمت مع هذا الرجل الكريه:" لقد تقابلنا للمرة الاولى يوم السبت الفائت ." لوى وولف فمه مستهزئا فبدت الخطوط على وجهه محفورة بعمق واضاف بتجهم :"لا.فمن الممكن انك لم تصبحي صديقته بعد, اصبري بضعة اسابيع! ولكن لاتوهمي نفسك باية امنيات رائعة للارتباط به جديا, لقد سمعت راي جيرالد بمسالة الزواج." اطلقت تنهيدة متثاقلة وهزت راسها رافضة :" اني لا اعلق اية امال زائفة او امالا من اي نوع اخر حتما , في مايتعلق بجيرالد فأنا ما بالكاد اعرفه."
رد وولف بكلام جارح وعيناه مقوستان متاملا فيها:" من الواضح ان جيرالد عنده بعض المشاريع في راسه لكل منكما , تتعدى امر الزفاف."
اخذت سين بعين الاعتبار الدعة الاولى للعشاء التي تلقتها من جيرالد , بدالها وولف احمق لامحالة. ولكن حتى اذا كان كذلك, فانه امر لايعينه اذا ماقررت هي وجيرالد المضي قدما في علاقتهما. وكونه صديقا لجيرالد لايعطيه اي حق بالتدخل
قال وولف برقة:" هذاما لن يحدث ابدا صدقيني." قال هذا فيما نظراته الثابتة تقرأ أفكارها.
تراجع راسهاالى الخلف مثل قطة تواجه ثعلبا.
كانت سين قصيرة القامة مع حذائها الذي تنتعله الخالي من الكعب. مرتدية سروالا اسود مع سترة تناسبه وقميص بنفسجية اللون, مما جعلها تبدو نحيلة , ورقيقة احست بانه يحاول ان يربكها , حسنا لن ينجح في ذلك. اخبرته بنزق وعيناها تلمعان:"علاقتي بجيرالد لاتعنيك."
اكد لها محذرا برقة :"سوف اجعلها كذك , ياسين."
عبست بوجهه والمرارة تملا وجهها الناعم
اكدت له سين :" هذا ليس من حقك, ياوولف, ليس من حقك مطلقا." فقال بقوة:" انا املك كل الحق اللعنة عليم!" ثم تابع وعيناه تلتمعان ببريق ذهبي عميق بينما كان يتقدم ناحيتها مهددا:" انت..."
قالت جيني بأنفاس متقطعة وهي تدخل الى الغرفة في تلك اللحظة:" لم استطع ايجاده, ياسين." اضافت ووجهها يتصبب عرقا:" لقد بحثت في مقدمة السيارة وفي مؤخرتها."
اخبرتها سين:" لقد وجدت دفتر الملاحظات ياجيني."
معترفة بذنبها مدركة انها قد اضاعت وقت جيني كما اضاعت

وقتها هي ايضا لمحاولة التكلم مع وولف على انفراد في ظل ظروف كهذه, فالاختلافات بينها وبين وولف كانت عميقة لدرجة انه لايمكن الاحاطة بها كلها خلال بضع دقائق من التحدث اليه على انفراد . واضافت:" لقد اكتشفت انه في حقيبتي , بعد ان تركت الغرفة على الفور. ولكن عندما عرفت هذا لم استطع اللحاق بك لاخبارك." وابتسمت معتذرة للفتاة الاخرى:" انني اسفة."
مع ان جيني لم تكن تنظر اليها ابدا , فقد كانت عيناها منتجذبتين ناحية وولف.
ادرات سين راسها بامتنان ناحية الباب عندما فتح ليدخل منه جيرالد, وتلحق به ريبيكا التائهة . تحول ارتياح سين الى انزعاج عندما اكتشفت ان ريبيكا هي فتاة الحديقة كل علامات البكاء الحديثة العهد ازالتها بواسطة الزينة المتقنة. ريبيكا هاركورت, قد تبدو جميلة بدون كل هذا الطلاء. فبشرتها مشدودة وقسماتها ناعمة ونضرة. وان كان هناك ك\من ملامح حزن عميق في عينيها الزرقاوين فان سين هي الوحيدة التي احست به.
" انني جد اسفة اذ تركتك تنتظرني ." صوت ريبيكا كان مبحوحا خافتا من البكاء تو انه هكذا بدا؟ لم تكن سين متأكدة
اجابت بارتباك:"لم اكن اعلم انك هنا." ولكن سين ارتبكت فالملاحظة لم تكن موجهه اليها , فريبيكا كانت تنظر الى وولف حين كانت تعبر الغرفة لتصل الى جانبه.
"مرحبا عزيزي"
ورفعت ريبيكا جسدها لتصل الى وجه وولف حيث طبعت قبلة خفيفة على وجنته." انني ممتنه لانك اسطعت المجئ من المكتب, وهكذا يمكن لكلينا ان نتكلم مع الانسة سميث عن ترتيبات الزفاف."
ادارت راسها نحو سين مرحبة بها بابتسامة . حدقت سين بها . فهي لن تستطيع الرد حتى لو حاولت وولف هو عريس ريبيكا..!
قال جيرالد متأسفا:" اتعرفين ياسين لقد اكتشفت فجأة عندما ذهبت ابحث عن ريبيكا انني لم اعرفك على وولف ." وعصر يدها معتذرا لعدم لياقته" هذا وولف ثورنتون خطيب ابنتي."
كان وولف العريس


اسيرة الماضى غير متواجد حالياً  
التوقيع
سكرنا ولم نشرب من الخمر جرعة
ولكن احاديث الغرام هي الخمر
فشارب الخمر يصحوا بعد سكره
وشارب الحب طول العمر سكران




اشعر اننى انفاس تحتضر....بين رحيل قادم... ورحيل ماضى.....متعبا كل ما فينى
رد مع اقتباس