عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-11, 12:29 PM   #2

*my faith*

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية *my faith*

? العضوٌ??? » 170482
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 8,920
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Yemen
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » *my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute*my faith* has a reputation beyond repute
افتراضي

(1)


شرود



ها أنا أجلس بهدوء كعادتي مؤخرا .. مغمضه العينين .. ليفعلوا بي ما يشاءون ..

ولكني أتساءل .. هل ما أعيشه واقع .. أم أنني أحلم فقط ..
أتراني أعيش كابوس حقيقي .. لن ينتهي عندما أفتح عيناي ..
ولكن أيا كان ما أمر به الآن .. لابد له من الزوال .. الانتهاء .. يجب أن استيقظ ..
لن استطيع أن استمر أكثر من هذا .. ولابد أن تنتهي كل هذه الضوضاء التي تلفني ..
أن تنقشع تلك الأحاسيس البغيضة التي تحاصرني .. وتعتصرني دون أدنى رأفة ..
هل هذا هو إحساس كل فتاة يوم عرسها !!!..
أم هي أنا التي تشذ عن كل الفتيات ..
هل هذا بسبب كرهي له .. ولكني لا أكرهه مطلقا .. إنه فقط يسعى ليحتل في قلبي موقعا .. لم يعد شاغرا له ولا لغيرة من الرجال ..
تجسدت أمام عينيها صورة خطيبها .. وابن خالتها سليم .. لطالما كانا صديقين .. ولطالما استمتعت برفقته المحببة .. ولكنه لن يصبح صديقا لها بعد الآن .. فبعد ساعات .. سيتخذ صفه جديدة .. وسيرتبطان بعلاقة أقوى رغما عن كل أحاسيسها ..
تغضن وجهها وهي تسبح في بحر أفكارها .. فأتاها ذلك الصوت الناعم :
- لا تضغطي على عينيك هكذا .. استرخي .. حتى استطيع وضع الزينة على عينيك .
أخذت غزل نفسا عميقا .. وحاولت جاهده أن ترخي عضلاتها المشدودة .. وخاصة تعابير وجهها الذي يتفاعل بصمت مع أفكارها الكئيبة .. لا يجدر بي أن أتصرف بهذا الشكل وأنا العروس الجميلة .. التي ستزف بعد ساعات إلى حفلها الصاخب .. ليتم الارتباط بين أبناء الخالة .. وتكلل قصه الحب الطويلة والتي دامت عمرا كاملا من قبل سليم بمباركة الأهل وفرحتهم .. دوما ما كان سليم يعلن تعلقه بها منذ الطفولة وحتى الصبا .. إلى أن عبر عن ذلك الحب بقوه في شبابهما .. وكان الجميع دون استثناء يشعرها بأنها لا تملك خيار .. وأنها شيء يخص سليم وحده .. حتى أنهم باتوا يفسرون نفورها من عرضه للارتباط بها .. على أنه خجل .. وأحيانا كثيرة يترجم كدلال منها ..

عاد صوت تلك الفتاة اللطيفة يحدثها .. لينتشلها من شرودها .. وليخترق أفكارها المحتشدة :
- لقد انتهيت .
سمعت خطوات صديقتها المقربة سلوى تقترب منها بحماس .. وفي اللحظة التي فتحت عينيها .. رأت نظرات الإعجاب تلفها .. وتمتمت صديقتها ترقيها :
- ما شاء الله .. فاتنة كعادتك يا غزل .
يبدو أنها تمكنت من رسم ابتسامه وهنه على شفتيها .. فلقد بادلتها صديقتها الابتسام .. زفرت بسخرية لنفسها .. لقد أصبحت ماهرة بأسر مشاعرها .. ولكن ذلك الأسر لا يعني فقدانها للشعور .. فقلبها يتلوى ألما .. يحترق كل يوم .. ومع كل دقيقه تنقضي .. ويقترب معها اليوم المنشود .. يوم زفافها ..
كم ترثي لحاله وهو يقاوم بإصرار دون وهن .. ويدق طبول الاعتراض بصخب داخل صدرها .. لكن لا فائدة فهو العضو اليتيم في انتفاضاته الخرساء والتي لا تصل مسامع من حولها ..

وقبل أن يعاودها ذلك الشرود الذي أصبح رفيقها الدائم .. وونيسها الأوحد .. شعرت بأنامل توضع على كتفها برفق :
- تفضلي من هنا .. حتى ترتدين فستانك .
- حسنا .
لدقيقه لم تستوعب أنها تسمع صوتها .. لقد نسيت كم مضى من الوقت على استخدامها له .. فلقد آثرت الصمت المطبق في الفترة الأخيرة .. كم يدهشها قوة الاحتمال الجبارة التي تمتلكها .. هي لم تكن بمثل هذه السكينة من قبل .. بمثل هذه العقلانية .. ولا هذا الاستسلام .. لطالما كانت طائشة .. مدللة .. تسعى لفرض رغباتها على الكل .. ولا تهتم سوى بسعادتها هي ..

وقبل أن تنفذ رغبه تلك الفتاه اللطيفة التي تشرف على زينتها .. استوقفها شكل علبه الزينة الكبيرة مستطيله الشكل .. ولا تدري لما ذكرتها تلك المربعات الملونة فيها .. بأزرار جهازها الحاسوب ..
هل حقا هنالك رابط بينهما بالشكل .. أم أنها تلك الذكرى التي تأخذها على غفلة إليه .. إلى ذلك الحبيب الذي تتوق لرؤيته ولو لدقيقه واحده .. إنها تتذكره مع كل نفس يخبرها بأنها لا تزال على قيد الحياة .. بأن قلبها ينبض باسمه .. وأنه باستطاعتها محبته .. نعم .. فكل ما حولها يشدها إليه .. لا يترك لها مجالا للنسيان ..
للتعايش مع قدرها الجديد بعيدا عنه .. ((بعيدا عنه)) .. كم هي كلمه قاسيه .. أن تقضي ما تبقى من عمرها مع رجل لا تحبه .. بعيده كل البعد عمن تعشقه .. وتحس أنها خلقت من أجله .. بل أنها تكاد تجزم أن الله كونها من ضلعه الأعوج ..
عادت تداعب بأناملها البيضاء الطويلة تلك المربعات الملونة على علبه الزينة .. ولم تشعر بنفسها وهي تبتسم لذكرياتها .. لطالما رقصت أناملها بخفة على أزرار جهازها الحاسوب .. لتسطر له كل ما يختلج بداخلها .. من تناقضات .. من فرح .. من حزن .. ومن طيش مراهقتها .. أمنته على أدق أحاسيسها خلال الثلاث السنوات الماضية منذ أن كانت في السابعة عشر من عمرها .. معه لا تفكر بترتيب الكلمات .. بتنسيق العبارات .. لأنه يستطيع فهم ما يجول في خاطرها .. يملك القدرة على الشعور بها .. حتى وإن لم تكن أمامه .. وكم كانت هي تلتهم بنهم كل حرف يخطه لها .. وكل كلمه تضيء شاشة حاسوبها .. دوما ما كانت تتحسس عباراته .. وتوهم نفسها بأنها تستطيع بذلك لمس أنامله العزيزة ..

- غزل .. هيا يا حبيبتي .. إن الفتاة في انتظارك ..
هزت رأسها بخجل .. لقد أصبح هذا حالها .. العيش مع الأوهام .. مع الذكريات .. استنجادها بهذا الشرود الدائم .. كي تنسى كل من حولها .. بدلا من نسيانه هو ..
لحقت بمزينتها محاوله قدر الإمكان أن تستعيد ذلك الوجه الجليدي الذي تضعه على ملامحها .. والذي يقنع مشاعرها الصاخبة .. وتلك الأحاسيس الثائرة بين الحنايا .. التي تجرحها .. تسلبها إرادتها .. أو صبرها المزيف ..
تمشي بخطوات هادئة .. تحصي معها دقائقها المتبقية لتلقى حذفها .. نعم فبعد قليل سترتدي فستان إعدامها .. هل عادت تبالغ من جديد .. ولكن هذا ما تحس به .. انه لا يشبه ذلك الفستان الأبيض الطويل والذي لطالما حلمت بارتداؤه ..
تناولت فستانها من بين يدي مزينتها .. وأخذت تتحسس ملمسه الحريري الناعم .. بلا انه هو .. مثلما حلمت به دائما .. ولكن الاختلاف يكمن بداخلها هي .. إحساسها بأنها ستزف لغيره .. عيناه لن تراها .. ويداه لا تملكان الحق في لمسها .. إنها لم تعرف مثل هذه الأحلام إلا معه .. ومن أجله هو فقط .. نعم حلمت بأن تكون عروسته .. زوجه له .. وأم لأبنائه .. وكم هي تلك المرات التي تخيلت صغارهما .. وتمنت بكل ذره في كيانها أن يشبهونه في كل شيء .. ويحبونه مثلما تهواه هي ..

- فلتلقي نظره على نفسك بالمرآة ..
مره أخرى أتاها ذلك الصوت اللطيف .. ورأت ابتسامة رضى تطل من شفتي الفتاة التي خرجت لتكمل بقيه مهامها .. استدارت غزل لتواجه المرآة .. دققت النظر لتلك الفتاة ممشوقة القوام التي تقف أمامها .. بفستانها الأبيض والمطرز بآلاف اللآلئ .. فستان ناعم جدا .. يشبه دوقها هي بانتقاء الفساتين .. مكشوف الكتفين .. يلف صدرها بقصه أنيقة .. وينسدل بهدوء ليبرز ضيق خصرها .. ويرسم بخطوطه الناعمة تناسق أردافها .. ثم يتسع عند الفخذين بذيل طويل ناعم .. وعلى رأسها كانت تستقر طرحة رقيقه ترقد بؤلفة على شعرها الحريري كستنائي اللون المشابه للون عينيها .. والمعقوص أعلى رأسها .. لتسقط حتى تصل إلى الأرض وتستقر بجانب ذيل فستانها الأبيض ..
لم تستطع منع ابتسامتها .. ورأت خديها تتوردان .. لم تكن تشك أبدا بجمالها الذي يقترب من الفتنه .. لكن ما أشعل شرارات الحياء بداخلها ذلك الخيال الجامح الذي يجسده أمامها الآن .. ها هي تراه .. وتنظر بخجل لعينيه الرماديتين .. وجنون الحب يطل من خلال تلك النظرة الحادة والمميزة .. لو كان هنا حقا .. لكانت اسعد نساء الأرض في مثل هذه اللحظة .. لحظة أن تحضنها ذراعيه .. يلفها برفق ليسكنها في صدره .. ويعدها أنها ستكون ملكه دائما وأبدا ..

هزت رأسها بعنف .. وراحت تصرخ في سرها .. كفى .. كفى جنونا يا غزل .. ما هي إلا دقائق .. وستتجهين إلى تلك القاعة التي سينعقد فيها عقد قرانك مع سليم .. وتزفان سويا إلى حفلكما المنتظر .. وحياتكما الجديدة .. دوما ما تردد لنفسها مثل هذه العبارات .. ولكن قلبها المقاوم يحصن نفسه جيدا وببسالة ضد هذه الكلمات ..
وقبل أن تخرج من الحجرة اختلست نظره أخرى إلى المرآة لترى الحمرة تتزايد على وجنتيها .. وتلك الخاطرة المجنونة برؤيته لها تلهب مشاعرها ..
قابلت سلوى في الممر والتي راحت تحتضنها بحب وعينيها لا تخفيان حزنها الذي تحاول دائما مداراته .. إنها أكثر صديقه قربا من غزل وفهما لها :
- مبروك يا حبيبتي .. أنت في غاية الجمال .
- سلوى ؟.
- نعم ..
أجابتها سلوى بتوجس وكأنها شعرت بالمصيبة التي راح لسان غزل ينطلق بها مره واحده :
- لا أريد أن أتزوج يا سلوى .
اتسعت عيني سلوى بهول المفاجئة .. ثم تعقد حاجبيها بحيرة بالغه .. كما تعقدت الكلمات على لسانها .. فعادت غزل تتشبث بكتفيها :
- أرجوكِ .. انقديني ..
بدأت الدموع تتلألأ في عينيها البنيتين الواسعتين .. دموع لطالما حكمت عليها بالانتحار على مشارف جفونها .. وسمعت سلوى تجيبها بصوت وهن :
- غزل .. أنت تهدين يا حبيبتي ..
قاطعتها غزل بحدة وهي تهز رأسها يمينا وشمالا :
- أنا لا اهدي يا سلوى .. يجب أن تنقذيني .. أنا لا أريد أن ارتبط بسليم .
- وهل استيقظت الآن .. إنه يوم زفافك .. وسيعقد قرانك عليه بعد دقائق ..
عادت تحدثها بحدة وهي ترفع طرحتها أمام عينيها :
- ألا ترين أنت عروس يا غزل ؟.
- أعلم .. أعلم .. ولكني لا أريد ذلك .
عادت تنظر إلى صديقتها ملء عينيها .. محاوله إقناعها :
- خذيني إليه يا سلوى .. خذيني إليه .
صعقت سلوى من تلك الجملة المجنونة التي تتفوه بها صديقتها .. كانت تعرف من المعني بكلامها .. ولا تحتاج لسؤالها .. ولكن الدهشة سيطرت عليها .. فعادت غزل تتوسلها من خلال دموعها المتزايدة :
- أرجوك .. أرجوك .. أنت منقذتي الوحيدة .
- مؤكد أنك فقدت عقلك .. هل تسعين للذهاب لقبرك برجليك .. أتعلمين ما سيكون مصيرك عندما تختفين يوم عرسك .. هل تعلمين ماذا سيفعلون بك ...
- كفى لا تكملي .. أنا أعلم كل هذا .. ولكني لا أستطيع أن أعيش حياة .. لا يكون هو فيها يا سلوى .. لذلك لم يعد يهمني شيء .
- وماذا ستجنين من تهورك هذا .. وبعد كل ما بدر منه يا غزل .. ألم يكن هو من أجبرك على هذا الارتباط منذ البداية ..
راحت غزل تهز رأسها يمينا وشمالا بعنف .. وهي تسد أذنيها بيديها :
- كفى .. كفى .. لا أريد أن اسمع مثل هذا الكلام .. أنا أثق به .. ولا أملك أدنى شك بأنه يحـــ ......
بترت غزل جملتها الأخيرة .. أنه يحبها .. هي تعلم ذلك .. ولكنه لم ينطقها مطلقا .. أفاقت من شرودها الكئيب بسرعة عندما رأت العروستين اللتان كانتا تتزينان معها في نفس مركز التجميل يتحضران للمغادرة .. جذبت سلوى من ذراعها وهي تردف بنبره واثقة :
- هيا بنا .. دعينا نلحق بهما .
ارتدت سلوى عباءتها .. ولفت الحجاب حول رأسها وأسدلته على وجهها لتخفي زينتها .. أما غزل فقامت مزينتها اللطيفة بلفها بشال أبيض طويل من الحرير .. ليغطيها من رأسها حتى ركبتيها .. خرجت سلوى خلف غزل حامله لذيل فستانها الطويل .. وهي تشعر بالتيه .. فهي للآن لا تعلم ما تنويه تلك الصديقة الطائشة .. والتي أضحت الآن متأكدة من جنونها ..

رأت غزل تتجه نحو سيارتها الخاصة .. والمستقرة خلف البناية .. صعدت بالخلف .. وراحت تحثها بتوسل :
- هيا يا سلوى اصعدي .
استجابت لها دون وعي منها .. أدارت محرك السيارة وانطلقت بإحساس مجرم هارب من القضاء .. وكادت تفقد السيطرة على سيارتها عندما مرت بها سيارة سليم .. وفي نفس تلك اللحظة انخفضت غزل بجسدها كي لا تظهر من النافذة .. داهمتهما لحظه عارمة من الخوف والتوتر .. وبعد أن استردت سلوى بعض هدوئها وقدرتها على النطق .. راحت تصرخ بصوت مهزوز :
- لقد كنت دوما اجزم بجنونك .. وها أنا اجن مثلك أيضا .
لم ترد عليها غزل وراحت تطل على الشارع بعينين قلقتين .. فعاودت سلوى صراخها :
- هل تدركين ما هو مصيرك في بلد عربي وشرقي مثل بلدنا .. وأنت تشردين من حفل زفافك .
- اذهبي إلى بيته .
- أصمتي يا غزل .. متى ستستيقظين .. وتسمعين عباراتك الهوجاء هذه .
أجابت غزل بهدوء مخيف وهي لا تزال تشرد بعينيها من خلال النافذة :
- أنا لن أتردد لدقيقة بأن أرمي نفسي من باب السيارة .. لقد انتهت حياتي منذ أن تمت خطبتي على سليم .. ولن يضرني شيء بعد الآن .
حولت نظرها نحو سلوى المشدوهة .. وأكملت بنفس هدوءها :
- لذلك اسمعيني أرجوك .. لن يقدر احد ما أمر به سواك يا سلوى ..
- أنا أعرف يا حبيبتي .
كانت نبرة سلوى أكثر حنانا الآن .. وكانت عيناها تلمعان بدموع حبيسة وكأنها المرة الأخيرة التي ترى صديقتها الطائشة .. ابتسمت لها غزل مواسيه وعادت تخبرها :
- لقد اتفقنا مع أخي صخر وسليم بأنني سأنزل في الوقت المحدد .. وبأنك ستسبقينني إلى القاعة بسيارتك الخاصة حتى تستقبلين المدعوين مع والدتي .. وهم ينتظروني أسفل مركز التجميل .. وها أنت تتجهين نحو القاعة .
أجابت سلوى بسخرية :
- أوه .. يالها من خطه سهله .. وبعد أيتها الذكية .
لم تكن غزل تخطط لأي من ذلك .. وكان جنونها وليد اللحظة .. حتى أنها بدأت تشعر بأن هنالك فتاة أخرى بداخلها تنطق بلسانها .. وتفكر بدلا عنها .. بل كانت تخطط منذ أشهر في صمت لمثل هذه اللحظة :
- انظري .. كل ما هو مطلوب منك الآن .. أن توصليني إلى بيته .. ثم عودي إلى القاعة .. أنت لا تعلمين شيئا عني يا سلوى .. فلقد تركتني في مركز التجميل مثلما اتفقنا معهم مسبقا .. لذلك أنت لست محل للريبة .. ويجب أن تدعي البراءة .. بل القلق من اختفائي المفاجئ ..
تغضن وجه سلوى مره أخرى .. وفتحت فمها محاوله الاعتراض فلم تجد ما تقوله .. كما أنها كانت تقود سيارتها نحو الحبيب الغامض لهذه الصديقة المجنونة التي تجلس بالخلف .. والدموع لا تزال تلمع على وجنتيها ..
وما هي إلا دقائق معدودة حتى صارت غزل تقف أمام عماره طويلة .. راقيه المظهر .. صعدت السلالم بخطوات مرتعشة .. تهزها قوة ذلك النبض العنيف للمقاوم المنتصر .. يغمرها بشتى الأحاسيس .. وجل .. خوف .. توجس .. وأخيرا فرحة خجولة .. تطل بنشوة المخمور الغير واعي لأفعاله خلف كل تلك المشاعر العنيفة ..
توقفت أمام الشقة رقم 4 في الطابق الثاني للعمارة .. ورأت من تحت وشاحها الأبيض أنامل يدها اليمنى تتجه بتردد نحو جرس الشقة .. وفي اللحظة التي رأت فيها خاتم خطبتها .. توقفت أناملها .. انتزعت الخاتم من إصبعها .. وبحركة سريعة وأكثر توترا رمته بعيدا عنها .. وراحت تدق جرس الباب .. دقات متواصلة ملحه .. طال انتظارها .. وفكرت للحظه أنه لربما لم يكن في البيت .. أين عساه ذهب يا ترى .. هل من الممكن أن يكون قد أصاب نفسه بسوء .. عادت تدق الجرس بإلحاح أكبر .. وبمحاوله يائسة منها لتبدد أبخرة الشك التي تعتم أفكارها ..
وبعد زمن من الانتظار .. وقبل أن تنهار تحت وطأة قلقها .. سمعت خطوات ضعيفة تتحرك خلف الباب .. ثم صوت مفتاح يدور ليفتح باب الشقة الخشبي ..
أمام تلك العينين الرماديتين .. لم تعد قادرة على النطق .. نسيت ما جاءت لأجله .. بل وكيف يتصرف الناس الطبيعيين في مواقف مشابهه .. لكنها لو كانت طبيعيه لما كانت بموقف مشابه .. وبعد برهة من الارتباك نطقت دون وعي منها :
- هذه أنا ..
كان يقف أمامها بقامته الطويلة .. ويطل نحوها بعينيه الرماديتين المتسعتين من شده الدهشة .. وبفم فاغر .. لا تعرف لماذا أصبحت هشة لهذه الدرجة عندما رأته .. تنفست الصعداء من خلال دموعها التي حجبت عنها الرؤية فلم تعد ترى عينيه الحبيبتين .. ولا ذلك الوجه الأبيض الجذاب .. حتى أنها لم تلقي بالا لتلك اللحية التي أزداد طولها عن أخر مره رأته فيها .. لم يعد هنالك سبب يقلقها .. لم يعد هنالك هم يستدعي شرودها المزمن .. إنها بخير الآن .. وهي تقف أمام مرفأها الآمن .
نعم يكفيها رؤيته على قيد الحياة .. سماع أنفاسه المتوترة .. إحساسها بنبضات عنيفة في صدره تشاركها جنونها .. رؤيتها لتلك الحدة الطبيعية التي تطل من عينيه الرماديتين واللتان تغلبهما الذهول .. كان شعورا جميلا أن تدرك بأنه بخير رغم كل ما مر بهما .. فتعرف أنها كذلك ..
لم تشعر بالوقت الذي انقضى وهما يقفان بتلك الطريقة .. فإحساسها بالزمن قد انعدم أمام سحر عينيه .. ويكفيها أنها حيث يجب أن تكون .. حتى وإن لم ينطق كلمه واحده لكسر هذا الصمت القاتل .. أو لطمأنتها .. كعادته دائما !!!..



التعديل الأخير تم بواسطة jello ; 28-02-11 الساعة 07:25 AM
*my faith* غير متواجد حالياً  
التوقيع




رد مع اقتباس