عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-11, 11:15 PM   #12

* فوفو *

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 6485
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 93,121
?  نُقآطِيْ » * فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس
زواج أبيض

أول فكرة تبعت صدمة كلماته كانت: "أمي! سأتمكن من مساعدة أمي!" و كان ينظر إليها و هي تفكر فسألها:
-أنت مترددة... لماذا؟ أخبريني هل لديك النية لقبول عرض نويل جيميز للزواج؟
-لا...
-و هل هناك نوع من الانجذاب ، إذا صح التعبير ، بينك و بين صديقك الفنان؟
-براد؟... لا.
-إذا بالتأكيد الميدان خال لي؟
و لم تستطع أن تجد ردا ، و سار نحو المدفأة و حدق بالنار قائلا:
-في الحقيقة لم أكن أتصور أنني من النوع الذي قد يتزوج. و لم يكن في نيتي أبدا أن أضع خاتما في اصبع إمرأة. و لكن بسبب مناورة ماكرة و واعدة من عمتي ، اندفعت نحو وضع لا مهرب منه. فإذا لم أتزوجك ستخسرين ذلك المال ، و معرفة أنني سبب حرمانك منه سوف تطاردني لما تبقى من حياتي... و لكن إذا تزوجتك...
و صمت طويلا ، ثم استدار من مواجهة اللهب ، و أعطى ظهره للنار ، و تابع:
-لقد اعترفتي بأنك تريدين المال الذي ستعطيك إياه عمتي.. هل تقومين... و أكرر.. هل تقومين بعمل أي شيء للحصول على هذا المال حتى أن تتزوجيني؟
-حسنا... أنا..
-أجيبي على سؤالي فقط!
-أجل يا غارث!
و أمسك بيديها المتشابكتين ، و أبعدهما عن بعضهما ، و سحبها لتقف على قدميها.
-حسنا.. سأسألك رسميا... هل تتزوجيني؟
و تنفست نفسا عميقا:
-سأتزوجك يا غارث!
-شكرا...
و ترك يديها و تحرك نحو النار ثانية ثم التفت إليها:
-سيكون زواجا بالاسم فقط. لن يكون هناك شروط. لن يكون عليك واجبات زوجية.. لن ألمسك ، إلا إذا طلبتي مني بالطبع! سيكون القرار لك بالكامل. و بالنسبة لي ستأخذين اسمي و لا شيء آخر. و سنستمر بالعيش مفترقين و بعيدين كما نحن الآن. و ستحصلين على المال ، و سيرتاح ضميري. هل يرضيكي؟
و أرادت أن تقول لا يا غارث.. أرادت أن تبكي ، أرادت أن تصرخ.. أنا أحبك. كيف سأتمكن من البقاء بعيدة عنك؟ و لكن إذا كان هذا ما يريده.. فهل تستطيع الرفض؟ إنه يصنع معها معروفا... يضحي بحريته... و السماء تعرف بماذا أيضا ، فعليها أن تطيع قوانينه! و قالت بهدوء:
-هذا يرضيني يا غارث.
و فكر للحظات و وقف قائلا:
-هناك شرط واحد ، سأطلب أن تلتزمي به... سوف تلغين كل علاقتك بنويل جيميز...
-و لكن يا غارث ، معرضي ، الذي يساعدني فيه..
و لكن النظرة في عينيه أوقفتها عن الكلام فهمست قائلة:
-حاضر يا غارث... و لكن... و لكنني عملت جاهدة لأحقق هذا المعرض.
-إذا كنت لن تتحملي فراق المال الذي ستحصلين عليه بعد الزواج ، فبصفتي زوجك سأصرف على المعرض.
بعد صمت مشحون.. تابع كلامه:
-غدا سأشتري خاتمين: واحد لخطوبتنا و الآخر لزواجنا ، الذي سيتم الأسبوع القادم ، و سأحصل على ترخيص خاص ، و تبعا للظرف الراهن سيكون زواجا هادئا ، هل لديك اعتراض؟
و هزت رأسها بالنفي.. فتابع:
-هل تريدين حضور عائلتك.
-أجل... أرجوك يا غارث.
-والداي غائبان في جولة حول العالم ، سأبرق لهم بالخبر... و تستطيعين دعوة من تشائين من أصدقائك. سيكون اثنان من زملائي شاهدان. أعلم أن على أهل العروس إجراء الترتيبات و لكن بالنسبة لنا أمك لا يمكنها ذلك.
-أنا آسفة يا غارث... و لكن...
-لا لزوم للشرح... أفهم الوضع تماما ، و أتحمل كامل المسؤولية...
-شكرا لك لتفهمك!
-سأحجز طاولة عشاء في أحد أفخم الفنادق ، و بعدها نعود إلى هنا لن يكون هناك شهر عسل بالطبع..
-أوافق على كل شيء تقوله..
-يا إلهي! ما هذه الطاعة! كم أنت راغبة بهذا المال! الأفضل أن تشتري لك ثيابا جديدة للحفلة و للمناسبات القادمة. إنك على وشك أن تصبحي زوجة مدير عالي المقام في مؤسسة عالمية و الزوجات تعتبر مساعدات للرجال في مثل هذا المركز...
-لا حاجة لأن تشعر بالخجل مني.. صحيح أنني من عائلة غير مرتاحة ماديا... و لكنني لست جاهلة للواجبات الإجتماعية... أعدك أن لا أخذلك ، و سأجعلك فخورا بي...
و حدق بها للحظات ثم تركها و انصرف.
كان غارث قد وعدها أن يأخذها من المنزل بعد إنتهاء موعد المدرسة لشراء الخاتمين... و بعدها سيحصل على الرخصة الخاصة بالزواج. و كانت بليندا قد اتصلت بأمها و أخبرتها عن الزواج. و بدت أمها مسرورة ، بعد دهشة المفاجأة ، ثم تقبلت الوضع دون سؤال. و أبلغتها بليندا أن غارث سيدفع لها مصاريف الانتقال.
و بينما كانت بليندا ترتدي ثيابها للخروج مع غارث ، دق جرس الباب. و خفق قلبها لدى سماعها الصوت. إنه زائر بالتأكيد. هل نسي غارث مفاتيحه؟ و لكن غارث لا ينسى شيئا.
و وقفت إمرأة شابة عند الباب تبتسم ، مدت يدها قائلة:
-آنسة هامر... لقد قال غارث إنك ستكونين موجودة.
و حدقت بها بليندا... المرأة طويلة ، أنيقة الثياب ، وجميلة... و قالت المرأة:
-أنا لوسيا اغنيس ، صديقة غارث.. أنا أعرفه من الأرجنتين. لقد أتيت إلى هنا لقضاء بعض الأعمال.
و مدت بليندا يدها مصافحة اليد الممدودة:
-أنا آسفة آنسة أغنيس ، أرجوك أن تعذريني... لقد كانت مفاجأة لي..
و ضحكت المرأة:
-آسفة لأنك لم تعرفي بقدومي.. بالمناسبة أنا السيدة أغنيس. لقد وصلت يوم أمس إلى لندن ، و أتيت إلى هنا صباحا.. و كنت أعرف أين يعمل غارث ، فاتصلت به و أعطاني عنوان المنزل و قال إنني سأجدك هنا.. لقد علمت أنك مدرسة.
و أخذت بليندا تفكر ، الخواتم التي سنخرج لنشتريها ، تراخيص الزواج... ماذا سيحصل الآن؟ هل أخبر صديقته بالخطبة و الزواج القادم؟
و قادت بليندا ضيفتها إلى غرفة الجلوس.. و قالت لوسيا:
-لن يتأخر غارث عن الوصول قال لي على الهاتف إنه سيأتي حالما يستطيع... هل تعيشين هنا؟
و أخبرتها بليندا كيف أن عمة غارث كانت تدعمها في أعمالها ، كي تشتهر لوحاتها ، و كيف أنها سافرت تاركة المنزل "براين ثورب" لبليندا و غارث مشاركة ، و تابعت:
-لدي مرسم فوق.
-و هل هو مليء بلوحاتك؟ كم أحب أن أراها!
في المرسم ، أعجبت لوسيا بأعمال بليندا ، و قالت لها بتقدير إن المرء ليس بحاجة لأن يكون خبيرا بالفن ليدرك قيمة لوحاتها.
-أحب أن أشتري لوحة... و لكن أعتقد أنها غالية الثمن؟
-سأعطيك لوحة لو شئتي.
و سرت لوسيا بالفكرة... و لكن يجب عليها الانتظار لتعرف أين ستبقى في المستقبل: في لندن أم تعود إلى الأرجنتين؟ و جلستا على الأريكة ، ثم قالت لوسيا:
-لقد كان زوجي صديقا لغارث. و كان كثير السفر ، و في إحدى المرات تحطمت طائرته.. و تركني مع طفلين. و كان غارث رائعا معي بعد وفاة زوجي. إنه من دعمني ماليا إلى أن وجدت عملا.. أنا أعمل الآن سكرتيرة. و أنا بارعة في اللغات.. و هذا يساعدني في عملي.
هكذا إذا.. عندما ترى بليندا غارث على إنفراد.. ستحله من وعده. إذ لا تستطيع أن تبقي رجلا على ارتباط معها و هو كاره ، رجل لا يحبها ، عرض عليها الزواج فقط بسبب وصية عمته الحمقاء.
عندما دخل من الباب قال صائحا:
-هل حضرت لوسيا؟
-إنها هنا يا غارث في المرسم.
و صعد السلم قفزا ، و للحظة حدق بزائرته و حدقت به ، ثم تقدمت منه و وضعت يديها على ذراعيه ، و وضع يديه حول خصرها ، و قبلها على خدها ثم أبعدها عنه قليلا و تمتم:
-أنت جميلة أكثر من الماضي... تعالي معي إلى غرفة الجلوس.. أرى أنك تواقة للحديث. سآخذك لتناول الطعام.. بليندا... إذهبي إلى غرفة الجلوس و سألحق بك.
و هزت لوسيا رأسها و خرجت ، و ردد غارث:
-بليندا.. يجب أن نؤخر ذهابنا لشراء الخواتم إلى الغد.. أعتقد أنك لن تعارضي؟
-غارث.. إذا كنت تريد...
و لكن غارث كان قد خرج ليلحق بلوسيا.
عندما حان وقت النوم ، لم يكن غارث قد عاد.. و في الصباح كان المنزل خاليا منه كما كان في الليلة السابقة ، لقد بقي طوال الليل في الخارج ، لقد بقي مع لوسيا..
و نهضت من سريرها و أرتدت ثيابها.. و بينما كانت تتحضر للذهاب إلى عملها رن جرس الهاتف:
-بليندا؟ أنا غارث. أنا في لندن ، لقد أوصلت لوسيا إلى الفندق. لقد تأخرنا كثيرا ، فلم أعد إلى المنزل... لقد بقيت هنا.
-فهمت...
-أرجو أن لا تكوني قلقة ، في الواقع أعتقد أنك لم تستفقدي لي ، أليس كذلك؟
أستفقد لك!.. لقد طاردني طيفك طوال الليل!
-ليس بالضبط... غارث إذا كنت تريد أن أحلك من وعدك الآن و قد عادت لوسيا.. فلا مانع عندي.. انسى أمر الخطبة. تظاهر أنها لم...
-سأعود وقت الغداء. و بعد المدرسة سآخذك لأشتري لك الخواتم ، و هذه المرة لن أخيب أملك.
خاتم الزواج كان عريضا من الذهب ، و خاتم الخطوبة كان مستديرا مرصع بالألماس. و وضع خاتم الزفاف في علبة ، و وضع خاتم الخطوبة في إصبعها ، دون قبلة ، حتى و لا إبتسامة.. و في الشارع خارج المحل شكرت بليندا غارث و لكنه لم يجب. و في الطريق حاولت أن تخبره بأنها لن تمانع إذا غير رأيه ، و سحب عرضه.. و لكنه لم يرد. و أغضبها تصرفه البارد فقالت له متحدية:
-ماذا تنوي أن تفعل؟ أن يكون لك زوجة بالأسم في المنزل ترعى شؤونك المادية و عشيقة في لندن تهرع إليها عندما تحتاج لحنان إمرأة و حبها؟
-إذا استمريت بهذا الكلام ، سأعتبر أنك تغارين.. و هذه ستكون مسألة غير مريحة في علاقتنا ، و هي تعني أنك ستورطيني بحالة عاطفية قد لا استطيع تحملها. و هذا ليس ضمن اتفاقنا...
-و لكنك ستتزوجني... فكيف تستطيع التكلم هكذا؟ ألا يعني الزواج لك شيئا؟
-أنت تعرفين لماذا سأتزوجك ، لذا لا تتظاهري بهذه البراءة. أنت تجرين وراء المال ، و لا أنوي أن يبقى وزرك في ضميري طوال حياتي.. و تستطيعين أن ترفضي الزواج مني.. و لكنك ستكونين و كأنك ترفضين المال أيضا...
و بقيت صامتة... فقال لها بلطف:
-لا.. في الواقع لا أعتقد أنك ستتراجعين و تلك الثروة في متناول يدك.
ثوب الزفاف الذي اختارته بليندا كان باللونين الزهري و الأبيض. و أطرى الناس بعد المراسم على مظهرها الجميل... أثناء المراسم بكت والدتها قليلا. و استمر براد بالابتسام و قد اقتنع بخسارة "فتاته" و زملاء غارث ، الكثير ، كانوا مقتنعين أن زواجهما هو عن حب. و جرت تعليقات عن مهارته في إخفاء سيدة أحلامه ، فكيف أنه خدعهم بتظاهره بكره النساء.
و أخذت "فلاشات" الآت التصوير تعمل ، طلب منهما أن يقبلا بعضهما ، و صاح أحدهم "أنظر في عينيها" و نظر غارث في عينيها و لكن كان ذلك و كأنه ينظر إلى مرآة في ضوء رديء.
و أقام غارث حفل استقبال في أفخم فندق ، و بعد تناول العشاء تدفقت التهاني و الأمنيات من الأقارب و الأصدقاء. و وصلت برقية من والدي غارث "غبطتنا بسماع النبأ كبيرة.. لقد تغلبت على كرهك للنساء. غبطتنا مماثلة للترحيب ببليندا في العائلة... الحب لكما معا". و جرى التصفيق و شرب الأنخاب للوالدين الغائبين. و همست والدة بليندا:
-لم أجلب الصغار معي.. ليس لدي مال لأشتري لهم ثياب جديدة.
-تبدين رائعة يا أمي.. هل هذا ثوب جديد؟
-أجل الثوب و المعطف ، و لكنني استعرت القبعة و القفاز. لقد أحببت غارث يا عزيزتي. يبدو لطيفا و يعتمد عليه. أتمنى لك السعادة. لا تتأخري بإنجاب الأطفال...
-أمي.. سأستمر بالعمل. لقد قررنا أن هذا أفضل... على كل أنا لا زلت في الثالثة و العشرين.
و أمتدت يد غارث و جذبتها إليه.
-ألا توافقين على اختياري لزوجتي يا حماتي؟
و عانقها بشدة ، و ومض "فلاش" آلة تصوير و صاح أحدهم:
-إذا كان هذا ما تدعوه "كراهية المرأة" فكيف سيكون شكلك و أنت "محب المرأة" يا غارث؟
و تمسك بفتاته أكثر و قال مبتسما لها:
-أسألوا زوجتي بعد أشهر من الآن.
زوجتي! يا لها من كلمة.. غارث ماض بتمثيليته إلى النهاية بإتقان. و كأنه فخور بها.. و يحبها... و قال لحماته:
-يجب أن تأتي لزيارتنا... لا تتأخري علينا ، و أحضري الأولاد معك. أريد أن التقي بأخي الصغير الجديد و بأخواتي الجديدات. ربما عندما أراهم سأعرف كيف كانت تبدو زوجتي عندما كانت بعمرهم.
زوجته ثانية! إنه يبالغ في التمثيل. و ضغطت بليندا على يده محذرة فاستدار و ابتسم لها. كان يعلم بالضبط ماذا يفعل ، و لا شيء في الدنيا سيوقفه ، بالطبع ليس ضغطة يد.
و إنتهى الإحتفال ، و أوصلتهما سيارة العريس إلى المنزل بعيدا عن المرح ، و الوجوه المبتسمة ، و تمنيات الحظ. و في ردهة المنزل وقفا و نظرا إلى بعضهما.
و أمسك بيدها و نظر إلى خاتم الزفاف الذهبي ، ثم نظر إلى الكلام المنقوش فوق باب غرفة الجلوس و قرأه بصوت مرتفع:
-غبي الرجل الذي يتخذ زوجة في حياته ، فيوم زفافه هو يوم مماته.
و جذبت يدها من ذراعه.
-و لكنك لا زلت حيا.. قد نكون متزوجين. و لكن لا تعتبر نفسك مقيدا بي. كان الزواج فكرتك.
-تصحيح... إنه فكرة عمتي!
-و لكنك كنت حرا... و لم يكن عليك أن تستسلم لهواها.
-لسوء الحظ ، لدي ضمير شديد التأثر. و لدي أكثر من شك في أنها كانت تعرف هذا. و هذا يعني أنها أيضا كانت تدرك أنني إذا استمريت في الوقوف بينك و بين المال فإن ضميري اللعين لن يتركني أرتاح لما تبقى من حياتي.
و تركها في الردهة لوحدها و ذهب. و بدل مسك الأيدي و الضم و الحديث العذب ، كان هناك الفراغ ، و التنهد ، و صدى يرن في داخلها و ظلال مجهولة للمستقبل. إذا كان هذا في أول يوم زواج لها.. فماذا يخبئ لها المستقبل؟
و خرجت نحو الحديقة ، و وقفت تتنشق عطر الأزهار و الورود ، رائحة المساء التي تعبق في الجو ، و لكنها سرعان ما عادت إلى المنزل ، و أقفلت الأبواب ، غير قادرة على التمتع بالهدوء و الصمت بينما هي في داخل نفسها تتعذب.
و صعدت إلى غرفتها ، و خلعت ثوب زفافها و علقته في الخزانة. و أرتدت ملابس عادية و خرجت حافية القدمين إلى المرسم و لكن بدل أن تأخذ الفرشاة لترسم ، و قفت تحدق خارجا عبر النافذة. و لم يكن هناك شيء مألوف في المشاعر التي في داخلها. و فتح باب المرسم ، فاستدارت. كان غارث يرتدي ثياب الخروج و سألته بصوت حاد:
-أين أنت ذاهب؟
-سأخرج.. لماذ؟ هل تريدين أن أبقى؟ لقد وعدتك أن لا ألمسك إلا بناء على دعوة منك! هل ستأتي الدعوة بسرعة؟
-إنه اتفاق عمل.. ليس أكثر بيننا. أنت قلت هذا. لقد وعدتني.
و أخرج ورقة من جيبه و قال:
-هذه وثيقة الزواج.
و رماها على الأريكة ، و شكرته ثم نظرا إلى بعضهما.
-هل كان عليك أن تدعو أمي لزيارتنا؟ كيف تستطيع أن تأتي؟ و ذلك الكلام عن لقائك بأشقائي ، هل كان عليك أن تنافق إلى هذا الحد؟ كل ما أظهرته لي من حب ، كان زائف و لا معنى له.
-لقد كان يوم زفافنا. كان علي أن أفعل شيئا نتذكره بشء من السعادة. حتى لو كان سببه لؤم سيدة عجوز. و كيف توقعتي أن أتصرف ، و كأنني في جنازة؟ و لديك الجرأة لدعوتي بالمنافق ، يا إلهي.. كم أنت ناكرة للجميل! بعد كل ما فعلته لأجلك لا أجد سوى الإنتقاد و الإهانة. لقد حصلت على خاتمي في يدك ، فلا تطلبي أكثر. تمتعي قدر ما استطعت بثروتك.. و لكن لا تعتبريني هدية على البيعة.
بعد لحظات سمعت الباب الخارجي يقفل ، و حدقت في الأرض لتجد بأنها تميل بها ، و رمت نفسها على الأريكة ، و خبأت وجهها بين ذراعيها و بكت إلى أن أقبل الظلام.
و أمضت أطول ، و أوحش ليلة عرفتهافي حياتها. و لم يعد غارث تلك الليلة. اليوم التالي كان يوم الأحد ، و شعرت بأنه لن ينتهي.. و عاد غارث قرابة المساء. و لم تذهب لرؤيته و لا هو سعى لرؤيتها.
و أخذت ترسم.. العمل وحده كفيل بإبعاد تفكيرها عن مشاكلها.. و تساءلت أين كان يا ترى. هل ذهب إلى لندن ثانية ليرى لوسيا؟ هل يحاول تعذيبها بقضاء ليلة زفافه مع لوسيا بدل قضاءها مع زوجته الشرعية؟
و خرجت إلى المدرسة باكرا صباح الأثنين. و اتصلت بالمحامي من هناك و أخذت منه موعدا وقت الغذاء.. و استقبلها بدعوتها السيدة غاردنر ، و صافحها بحرارة. و تفحص وثيقة الزواج و قال لبليندا إن المبلغ الشهري قد أصبح الآن لها. و سيرسله لها كل أول شهر ، و لكنها طلبت أن يذهب مباشرة إلى أمها.
و لكن المحامي أعترض قائلا:
-لا أظن السيدة دونيكان تحب أن يحدث هذا.. فالمبلغ لاستخدامك الشخصي سيدة غاردنر..
-إذا كان المبلغ لي ، فبالتأكيد من حقي أن قرر ماذا أفعل به.. أليس كذلك؟
و هز المحامي رأسه بالإيجاب..
-إذا أنا أريد أن أعطيه لأمي! أهناك مانع؟ على كل لدي زوجي الآن ليصرف علي. و هذا الأمر يجب أن يبقى سرا. لا أريد أحدا أبدا ، حتى زوجي أن يعرف بالأمر.
-سيبقى هذا سرا...
ذلك المساء.. كتبت رسالتين ، واحدة لأمها ، تعلمها بوصول المال إليها بإنتظام من الآن و صاعدا ، و الرسالة الأخرى للسيدة إيلين دونيكان تخبرها فيها بزواجها من حفيد شقيقها ، غارث غاردنر.
بعد بضعة أيام على الزفاف أتصل بها نويل جيميز و بادرها قائلا:
-حبيبتي أرجوك أن تقبلي إعتذاري ، لقد تخليت عنك لفترة طويلة ، و لكنني كنت مشغولا جدا.
و بهتت بليندا عندما سمعت صوته. لقد قال لها غارث أن تفسخ الصداقة بينهما.. إنه احد شروط الزواج. و لكن ماذا ستقول له؟ لست صديقتك بعد الآن.. و دائما؟
-أهلا يا نويل.. جميل أن أسمع صوتك.
-أنستطيع أن نلتقي؟ سأدعوك إلى العشاء ، غدا الساعة الثامنة مساء.
-نويل.. أنا.. سفة.. لأنني... تزوجت!
-أنت ماذا؟
-لقد تزوجت يا نويل.. تزوجت... غارث غاردنر.
-و هل لي أن أسأل متى؟
-السبت الماضي.
-أليس هذا أمر مفاجئ!... ليس الأمر حالة...
-لا.. ليس كذلك.. أخرج الفكرة من رأسك!
-آسف ، كنت أفكر بصوت مرتفع... و لكن لا يمكنك لومي.
و سمعت شخصا يتحرك خلفها ، و همس لها:
-أنت تعرفين ماذا قلت.. انهي علاقتك بنويل جيميز.
-نويل حول معرض اللوحات.. زوجي.. هو من يدعمني الآن و لكن.. و لكن أشكرك جدا يا نويل.. لكل...
-إذا كنت لن أشارك فيه يا حبيبتي ، فهو ملغى ، فصاحب "الغاليري" صديقي. و نحن نعمل معا. بدوني ليس هناك غاليري ، و ليس هناك معرض. تستطيعين القول لحارسك الذي أصبح الآن زوجك ، إنه يستطيع توفير دعمه المالي.
و أقفل الخط. لم يكن عليها أن تفسخ الصداقة. لقد فعل نويل هذا عنها. و كان غارث يقف متكئا على باب غرفة الجلوس و قال لها:
-هذه نهاية علاقة رائعة. لقد تحطم قلبي. ألن تنتحبي على حبك الضائع؟
-أنا لن أحصل على المعرض. لقد قال إذا لم يشارك به فلن يكون هناك تسهيلات لاستخدام "الغاليري". و بسببك خسرت أكبر فرصة لي. هل أنت مسرور الآن؟ لماذا لا تتبجح بانتصارك؟ لقد خربت مستقبلي العملي. و لن أحظى بفرصة أخرى أبدا.
-أبدا...
و بدأت بالبكاء. فقال لها:
-يا زوجتي العزيزة.. هناك أمكنة أخرى للعرض.
-أنت لا تفهم. إن الأمر صعب جدا على فنان غير معروف أن يحظى بمعرض يقبل حتى النظر إلى لوحاته. عليك أن تدور في كل لندن حاملا الرسومات. و عليك أن تدع مدراء المعارض يتفحصونها ، و ينتقدونها ، و يشيرون إلى أخطائك. و قد يقول البعض إنها جميلة ، و لكن لا تناسبهم ، و هذه طريقة مهذبة لقول "أخرج من هنا"
-استخدمي كمية المال الضخمة التي في حوزتك الآن. ستساعدك بالتأكيد لدفعك إلى عالم الفن.
-بهذا انت مخطئ لا تستطيع شراء عالم الفن.
-و ماذا يدفعك للظن أن عملك ليس بمستوى أن يكتسب عطف أصحاب المعارض عن جدارة؟
-لن أخدع نفسي.. أنا فنانة جيدة ، و لكنني لست لامعة. و عليك أيضا أن تضع الإطارات للوحاتك بنفسك ، و هذا يكلف المال ، و سيكون هناك إيجار الغرف في المعرض ، و مصاريف الدعاية في مجلات الفنون. و الصحف ، و الدعوات دون تدبير مقابلة مع الصحافة ، و النقاد و ما شابه.
لن أستطيع تدبير أمري بمفردي.. كان نويل سيساعدني.
-نويل.. دائما نويل.. إذا كان هناك نويل في حياتك طوال الوقت؟
-لا لم يكن الأمر هكذا! لم يكن!
و رمت نفسها على الدرج و بكت "كل هذا العمل" و انتحبت "لقد ذهب سدى" و وقف يراقبها.
ثم رفعتها يداه عن الدرج ، و قادها نحو غرفة الجلوس ، و نزع قطعة القماش الملطخة بالدهان التي كانت تمسح بها دموعها و أعطاها منديلا كبيرا قائلا:
-أظن أن هذا أنظف ، أقل تلوينا و لكن أكثر فعالية.
فشكرته و جففت دموعها. و جلس قبالتها و ابتسم:
-أنت تبدين و كأنك إحدى لوحاتك.
-صحيح؟
-أليس هناك غاليري في البلد؟ ألن يكون معرض محلي أفضل من لا شيء. و أقل كلفة بكثير؟
-ربما ، و لكن لن يكون له نصف الأهمية التي لمعارض لندن.
-أنا أعرف بعض أعضاء المجلس البلدي.. سأقوم بالتحري..
-شكرا لك..
و وقفت:
-سأغسل لك المنديل.
و لم يحثها على البقاء. بل هز رأسه ، و عندما وصلت إلى الباب قال:
-أنا آسف بشأن المعرض.
وهزت كتفيها و تابعت طريقها.
كان يلتقيان عند الإفطار كل صباح ، و لكن نادرا ما تبادلا الحديث. و مرة ، بينما كان غارث يدخل الحمام ، خرجت هي منه ، شعرها مبلل و مسترسل ، تعبق منها رائحة الصابون الذي استخدمته. روبها كان مفتوحا ، فلم تكن تعرف أنها ستلتقي بزوجها ، و ثوبها الداخلي كان قصيرا و يكشف الكثير ، و قد ارتفع عند الخصر ، متعلقا بالمنشفة التي كانت تجفف بها شعرها.
و نظرا إلى بعضهما لثواني.. و أحست بليندا أن أنفاسها قد علقت في رئتيها، تكافح لتخرج. شعرت بتأثيره عليها، بالجاذب الرجولي الذي يجذبها كطوق حول رقبتها. و كان عليها أن تكبح جماح نفسها لتبقى بعيدة عنه.
و تجولت عيناه فيها. و تحرك نحوها ، و لكنه كبح نفسه فورا و أدار ظهره لها و دخل إلى الحمام ، و أقفل الباب وراءه. و ركضت نحو غرفة نومها ، و أغلقت الباب و إتكأت عليه. تصرفها هكذا ، جاء من عمق مشاعرها. إنه زوجها و الرجل الذي تحب ، و أدركت الآن كم تتوق إليه بعمق ، أن يحملها و يجعلها زوجته ، لا بالاسم بل بالفعل.



* * *


* فوفو * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس