عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-11, 11:27 PM   #14

* فوفو *

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 6485
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 93,121
?  نُقآطِيْ » * فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن
رحل في المساء



وصلت السجادة و ركبت ، و جرى دفع الفاتورة ، و هكذا تبخرت مدخرات بليندا ، و نظرت إلى الردهة و السلم بإعجاب للتغيير الذي بدا فيهما. و لو أن غارث قد أعجب بذوقها إلا أنه لم يقل لها شيئا.. فقد عادا إلى صمتهما ثانية.
و تمنت بمرارة لو أنها فنانة جيدة بما فيه الكفاية لترى ما تحت سطح مظهر زوجها الخارجي، و لكن دفاعاته ، بالنسبة لها ، كانت غير قابلة للاختراق. و لم تستطع أن ترى سوى ، البرودة الظاهرة ، الحقد ، بينهما.
يوم أفتتاح المعرض.. سألته:
-هل ستأتي لحضور المعرض هذا المساء؟
-لم أتلق دعوة.
-أوه يا غارث أنت زوجي.. و لهذا لم يبعث لك براد دعوة.
-و هل أنا زوجك؟ ما كنت لأعرف لو لم تقولي لي...
-أرجوك يا غارث... أريدك أن تحضر.
أريدك أن ترى اللوحة التي رسمتها لك.. إنها القطعة الأساسية في المعرض.. الجميع يقول إنها رائعة... و لكن كل هذا بقي في ذهنها و لم تقل له شيئا... و استمر الصمت لحظات طويلة ثم قال:
-لدي مؤتمر هام اليوم و غدا. و إجتماع قد يستمر إلى ساعة متأخرة...
-إذا لن تأتي؟
-سأحاول.. و لكنني لا أستطيع أن أعدك.
لو أنه أراد معاقبتها لما أستطاع أن يختار طريقة فعالة أكثر. و لكنها لن تدعه يتشفى برؤية خيبة أملها. و رفعت رأسها كي تقابل الإساءة بالإساءة..
-حسنا.. على كل ، براد سيكون هناك.
-إذا لن تفتقديني.. أليس كذلك؟
و أخذت نفسا ، و هي تكاد أن تبدأ بالإنكار، و لكنها رأت البرودة في عينيه فتوقفت ، ثم استدارت و صعدت إلى غرفتها...
و سمعته يقول من خلفها:
-أتمنى لك حظا سعيدا...
و أجابته بحدة:
-شكرا لك.
و وقفت تراقبه و هو يخرج إلى عمله.
طوال أمسية الإفتتاح ، و ما بين أصوات الضحك ، و الشراب ، و الإستماع للتقديرات حول عملها ، أخذت بليندا تنتظر قدوم غارث. لوحته سيطرت على كل المعرض ، و وقف الناس أمامها معجبين و معلقين.. و سألها مراسل صحفي محلي:
-أهي لزوجك؟ لقد فهمت ، و أعتقد أنها ليست للبيع.. و لكن لا بد أنك تلقيت عروضا لها؟
-العديد من العروض ، و لكن...
و تدخل براد قائلا:
-إنها تريدها لعرضها في معارض قادمة ستقيمها قريبا..
و قال المراسل:
-دعوني أعلم متى و أين سيقام المعرض القادم.. سأقوم بتغطيته!
و قال براد:
-لقد بعت خمس لوحات يا عزيزتي ، و تلقيت طلبات لثلاث أخرى... الأمر على ما يرام هذه الليلة.. ألم يظهر الرجل الكبير بعد؟
-لن يستطيع المجيء. لقد أخبرني بهذا.
-لن يستطيع أم لا يريد أن يقوم بمجهود ليرى أول معرض لزوجته؟
-ليس الأمر هكذا يا براد. لديه مؤتمر.. حسنا.. لقد تشاجرنا و لم يسامحني على ما قلته له.. ها قد علمت الآن.
-آسف لم أقصد أن أزعجك.. و لكن بطريقة ما يجب على أحد أن يفعل شيئا بخصوص زواجك هذا.. إنه يحطمك.
قبل إنتهاء موعد المعرض لتلك الليلة ، وصل غارث ، و إلى جانبه إمرأة عرفتها بليندا ، إنها لوسيا ، وقف غارث إلى جانبها ينظر من حوله.
-براد. و أمسكت بيده لتشعر بالطمأنينة .. وصل غارث.
-أنظري من أتى معه. من أين ألتقطها؟
-إنها أرملة صديق له عندما كان في الأرجنتين.
-ليس في الأرجنتين فقط يا عزيزتي... لديك الآن منافسة لك.
-براد.. لا تذهب.. تعال معي..
و رأهما غارث أخيرا ، و بينما هما يقتربان لاحظ أيديهما المتشابكة و قالت بليندا و عيناها تلمعان بسعادة مصطنعة:
-حبيبي... رائع أنك استطعت الحضور! و أتيت معك بالسيدة أغنيس أيضا. هذا جميل هيا أدخلا و أنظرا بنفسيكما إلى اللوحات.
و حدق غارث بوجهها الساخر بإرتياب ، و ترك لوسيا ، و تقدم من بليندا و قبل خدها. ثم رفع رأسها و نظر إلى عينيها الغاضبتين متأملا.. و مدت يدها مرحبة برفيقته.
-جميل أن أراك ثانية سيدة أغنيس.. هل كنت تحضرين المؤتمر أيضا؟
-أرجوك ناديني باسم لوسيا ، أجل.. كنت في المؤتمر.. ضمن السكرتاريا. لم أكن أعرف أحدا هناك ، فأشفق علي غارث. أموت شوقا لرؤية أعمالك الفنية. لقد أخبرني غارث عنها و نحن نتعشى سوية ، ثم طلب مني أن أحضر معه.
و ضحك الجميع ، ثم قدمت بليندا براد لها ، و وضع براد يده في ذراعها قائلا:
-إسمحي لي سيدة أغنيس ، بصفتي من منظمي المعرض أن أتجول بك لرؤية معرض زميلتي. و بصفتي فنان ، أستطيع أن أشرح لك كل شيء عن لوحات بليندا. مع أنه يجب أن أعترف أن بعضا منها أعلى من مستواي الفني!
و قادها بلطف ، و لكن بحزم.. و وقفت بليندا مع غارث!
-شكرا لحضورك.
-لقد أظهرت لوسيا الإهتمام ، لذا أحضرتها.
-غارث ، أريد أن أريك شيئا.
و أخذت يده ، و قادته إلى الناحية الثانية من الغرفة ، و أشارت إلى اللوحة ، المعلقة لوحدها ، ثم نظرت إليه. و بدا و كأنه يلتقط أنفاسه و هو يرى رسمه و قال و هو يتنفس بصعوبة:
-يا إلهي.. متى؟ كيف؟ و أين؟
و ضحكت ، و قد أسعدتها دهشته و سروره.
-يوم ذهبنا إلى الريف ، رسمت لك عدة رسمات من زوايا مختلفة!
-هل فعلتي هذا؟ ذكريني أن أضعك على ركبتي لأضرب قفاك!
-هل أعجبتك يا غارث؟
-و ماذا أستطيع القول؟ هناك جواب واحد.. أعجبتني كثيرا... كثيرا جدا.
-هل أنت صادق؟
-و كيف لي أن لا أكون صادقا معك؟
و سمعا صوتا يدعوها "سيدة غاردنر" و التفتا معا ، و لمع فلاش آلة التصوير مرة ، أثنان ، "شكرا" و ابتعد المصور. و أقبل براد لينضم إليهما قائلا:
-ستظهرين الآن في الصحف.
و ضحكت لوسيا لغارث:
-لأكون صادقا.. لم يكن لدي الوقت لأبتسم.. لقد حدقت فقط. ربما ستعكس الصورة ما كنت أشعر به.. مذهول تماما.. يجب علي أن أعتاد على زوجة لامعة في عالم الفن.
و وضعت لوسيا يدها على ذراع غارث ، و نظر براد محتارا لما يراه.. و قالت لوسيا:
-تعال لأريك باقي المعرض.. لديك زوجة تقرب من النبوغ.. و بما أن براد شرح لي اللوحات ، ربما أستطيع أن أشرحها لك. لن تمانعي يا بليندا أن أستعير زوجك ، أتمانعين؟
و ابتسمت بليندا ابتسامة مشرقة و هي تهز رأسها:
-خذيه يا لوسيا.. إنه لك تماما.
و بينما هي تستدير مبتعدة عنهما ، استطاعت أن تلاحظ بداية ابتسامة ساخرة على وجه غارث ، و مسح براد جبينه و قال:
-يا لها من ارملة.. من إمرأة. إنها الفتنة من قمة رأسها إلى أخمص قدميها. دعي عمك براد يقدم لك نصيحة.. إنها بحاجة لمراقبة.
و حان موعد الإقفال.. و قال غارث:
-سأوصل لوسيا إلى الفندق يا حبيبتي.
و لوحت له بليندا بروح طيبة:
-لا بأس يا حبيبي.. أراك فيما بعد.
و بعد أن ذهبا ، وضعت ذراعاها حول خصرها و أخذت تتجول في الغرفة.. كان عليها أن تتغلب على الألم لرؤيتها زوجها يتركها ليأخذ إمرأة أخرى معه. و نادت عبر الغرفة الفارغة تقريبا:
-براد.. أتود الذهاب معي؟
-حتى لا تكوني لوحدك؟ حسنا ، حبي. سألعب لعبتك.. إفعلي ما شئت و سألعب كما تريدين.
في السيارة قالت له بليندا:
-شكرا يا براد.
-لا تفكري بالأمر. لم أكن لأتركك تذهبين لوحدك لتحزني بعد نصرك هذه الليلة.
و عندما وصلا إلى المنزل ، كانت سيارة غارث هناك ، و فتحت الباب لتسمع صوت الضحك ينبعث من غرفة الجلوس.. إذا لم يأخذها إلى الفندق. لقد أتى بها إلى المنزل. و نظرت إلى براد قائلة:
-براد.. ماذا أفعل؟ هل أدخل إليهما.. أم..
و دفعها بلطف:
-إلى فوق يا عزيزتي.. و لنصدر صوتا بقدر ما نستطيع.
و صفقت باب المدخل بقوة ، و سعل براد و هما يذهبان إلى المرسم فوق. و لم يحاول غارث أن يخرج ليدعوهما ، و ساد صمت في كلا الطابقين ، ثم عاد الحديث و الضحك.
و شعرت بليندا بالنعاس عند منتصف الليل و قال براد:
-بالكاد تستطيعين إبقاء عينيك مفتوحتان. سأذهب الآن. إذهبي للنوم ، و إنسي كل شيء يا بليندا ، سوى أن تأملي.. يا إلهي.. لا بد أن الرجل أعمى لعدم قدرته على رؤية كل ما يريده من زوجة فيك. اعطيني نصف فرصته و... و ربت على رأسها.. ثم تركها و انصرف مسرعا.
كان براد داعمها و صديقها الوحيد في المعرض ، و استمر تدفق الزوار ، و العديد منهم يسأل عن الأسعار و عن اللوحات. بعد الإنتهاء أوصلها براد إلى المنزل و تركها عند الباب. كان المنزل يعطي صدى الفراغ ، بعد صخب المعرض. إذا.. لم يعد غارث بعد. لقد قال لها براد إن أمامها منافسة لها ، و يبدو أنه على حق ، و غارث يفضل رفقة إمرأة أخرى.
و تساءلت إذا كان يحب لوسيا ، فلماذا تزوجها؟ ربما في الأرجنتين ، كان قد سألها أن تتزوجه ، و بما أنها كانت لا تزال تحب ذكرى زوجها الراحل.. رفضت. و ربما تكون هذه الذكرى قد توقفت عن إيلامها. و هي الآن مستعدة للقبول بغارث ، و لأن تسمح له بأخذ مكان الرجل الذي خسرت حبه.
هل تكون هذه نهاية زواجهما؟ لوسيا أقرب بالسن من غارث ، و أكثر نضجا منها ، و مناسبة أكثر لتكون زوجة رجل في مثل مركزه. و إذا كان يحبها و يريد أن يتزوجها ، فكيف تستطيع أن تقف في طريقه؟ و دخلت إلى غرفته و استلقت على السرير و وجهها على يدها فوق الوسادة. و أغمضت عينيها.. و حلمت بأنها بين ذراعيه ، و سمعته يهمس لها ، يخبرها عن حبه لها ، و كم يرغب بها ، و كم هو بحاجة لها...
و استفاقت على ضوء.. كان في الجهة الأخرى من السرير.. لا بد أن شخصا قد غير مكانه.. و اتسعت عيناها.. هذه ليست غرفة نومها.. و حدقت بما حولها... لا... لا يمكن أن يكون غارث... و لكنه ظهر أمامها و هو يحل ربطة عنقه و يفك أزرار القميص... عيناه فيهما بريق الانتصار و شفتاه تبتسمان.
-حسنا.. هذا جيد.. لقد استفاقت أخيرا.. هذه هي الدعوة... و ليس لدي النية أن أرفضها!
-إنها ليست دعوة يا غارث.. إنها غلطة..
و عرفت حالما تلفظت بالكلمات كم أنها غبية. و ضحك:
-غلطة؟ غلطة أن تستلقي على فراش زوجك بإنتظار عودته؟ يا زوجتي الساذجة و الجميلة.. هذه علامات الزواج الجيد..
و حاولت الجلوس و لكنه أجبرها على الاستلقاء.
-ستبقين حيث أنت ، لا مجال للتراجع يا بليندا.. لقد وصلنا إلى درجة اللاعودة في علاقتنا.. نامي ثانية ، لن أتأخر سأوقظك عندما أصبح جاهزا..
و صرخت بجنون:
-سأعود إلى غرفتي.
فابتسم و أقفل الباب بالمفتاح من الخارج و حبسها حيث هي. في غيابه أخذت تذرع الغرفة ، و قد لفت روب المنزل حولها بقوة ، محاولة تهدئة الطبول التي تقرع في قلبها. كيف سمحت لنفسها أن تسير نحو الفخ؟ هل هي مشاعرها و قد انقلبت إلى خيانتها.. و أنها في عقلها الباطن أرادت لهذا أن يحدث؟ ألأنها تحبه و تريده ، أم ربما هذا سلاح ضد لوسيا؟ و لكنه سلاح خائب.. ماذا لو أنه استخدم حقه؟ لن يمنعه هذا من معاشرة لوسيا أيضا في أي وقت يختار.
و سمعته يعود ، و أدار المفتاح و زاد رعبها ، و ظهر هذا في عينيها ، و أختنق تنفسها في رئتيها. و دخل ، فرآها واقفة عند النافذة ، فقال:
-اخلعي روبك يا بليندا ، أم تحبين أن أفعل أنا هذا.
و أطاعته بهدوء و رمت الروب إلى الأرض ، و تقدم نحوها و عيناه تلمعان ، و لم تكن غلالة نومها تخفي عن نظره الشيء الكثير. و أمسك بها.. و لكنها جذبت نفسها مبتعدة. و سألها بلطف:
-لماذا أنت قلقة؟ لست وحشا. سأكون ألطف مما تتصورين...
و تحرك بسرعة و أصبحت بين ذراعيه ، و أخذ يسحقها. و سرحت بأفكارها و هي تقول لنفسها "لو أنه يحبني.. لو أنه فقط يحبني!".
و ماذا بعدما حدث؟ هل أصبحنا فعلا رجل و زوجته ، أم أن ما حدث كان عابرا. و دخل الغرفة من الحمام و قد لف المنشفة حوله. و نظر إليها مبتسما:
-تبدين رائعة بالنسبة لإمرأة تقسم بأنها تكره زوجها و تقول بأنه لا يحتمل.
و جلس بقربها و همس:
-لو بقيتي أكثر هنا فسأضطر للتغيب عن عملي ، يا حلوتي.
و أسرعت بمغادرة السرير و ركضت نحو الجهة الأخرى من الغرفة و ضحك لمنظرها المرتعب ، و التقطت الروب و ارتدته ، و أخرجت شعرها تحت الياقة ، و لحقت بها عيناه و هي تخرج من الغرفة.
و لم يمض وقت طويل لتستحم و ترتدي ثيابها ، ثم نزلت إلى المطبخ لتتناول فطورها. و كان غارث جالسا هناك يقرأ الصحيفة المحلية:
-إنها صورة جميلة.
و تقدمت إلى جانبه و حدقت من فوق كتفه.
-لا تبدو مندهشا في الصورة بل تبدو مسرورا بنفسك.
-و انت أيضا سيدة غاردنر. لقد كتب المراسل يقول: قالت الفنانة و هي تشير إلى صورة زوجها "زوجي ليس للبيع.. أريد أن أحتفظ به". هل تنوين حقا الإحتفاظ بي؟ هذه أخبار جيدة.
-لقد عنيت بكلامي الصورة. ما عنيته أن الصورة ليست للبيع. فقد أراد كثير من الناس شراءها.
-أتمنى أن يكونوا من النساء.. لا عجب في ذلك ، سيدفعن أزواجهن للغيرة.
-في الحقيقة أنت وسيم... لا بد أن لديك شيئا ما...
و حاول أن يمسكها و لكنها هربت منه ، و توقفت في منتصف السلم و نظر إليها من الردهة و قال:
-أنت ذاهبة في الإتجاه الخاطئ يا حلوتي... إذا أردت أن لا ألاحقك فلا تثيريني.. هناك زمان و مكان لهذا.. فانزلي إلى هنا!
و عادت للانضمام إليه في الردهة ، فقال و هو يفرك ذقنه:
-من سوء الحظ أنني مضطر للسفر مع الأخرين إلى لندن بعد إنتهاء المؤتمر.
و حاولت أن تخفي خيبة أملها ، فتابع:
-و لكن قد أتدبر الأمر و أتركهم في وقت مبكر...
و كان عليها الآن محاولة إخفاء سرورها. و أجبرت نفسها على أن يبدو قولها عاديا.
-سيكون علي حضور المعرض.. لذا الأمر ليس مهما على كلتا الحالتين.
-أنت باردة و ناكرة للجميل.. أليس كذلك؟ بعدما حدث الليلة الماضية بيننا؟.
-لا.. لا.. لم أقصد هذا.. أريدك أن تبقى معي هذه الليلة.. صدقا.
و قطب جبينه ، و بدا ظاهرا أنه لم يقتنع بصدقها.. فوضعت يداها على صدره و رفعت رأسها نحوه ببطء:
-إنني أعني ما أقول يا غارث.
فضحك و عانقها ثم أفلتها على مضض:
-سأرى ما أستطيع فعله.
و للمرة الأولى منذ زواجهما ، لوحت له مودعة و هو يخرج إلى عمله و مر النهار ، هرعت بليندا بعد المدرسة إلى المنزل و حضرت طاولة الطعام في غرفة طعامها لأثنين ، و حضر غارث ، و تناولا عشاءهما باكرا مشاركة للمرة الأولى.
و غسلا الصحون معا ، للمرة الأولى أيضا ، و خفق قلبها عندما قال غارث:
-هل من الضروري أن تذهبي إلى المعرض هذا المساء؟ ألا يستطيعون تدبير الأمر من دونك؟ لقد عدت خصيصا إلى المنزل بدل السفر إلى لندن.
و تنهدت.. ربما كلمة "حب" ليست موجودة في قاموسه. فكيف ستخبره عن حبها له؟ ربما سيشعر بالإحراج.. و يشعر بأنه وقع في فخ... و سمع تنهيدتها و فسرها بشكل خاطئ ، فقال:
-حسنا.. إذهبي ، إذا كنت مضطرة.. لقد أتيت معي ببعض العمل على كل الأحوال...
و شعرت أن الوضع ينزلق خارج سيطرتها ، و ارتفع ذعرها فقالت:
-لن أذهب يا غارث.. لقد تنهدت فقط لأن.. لأن.. سأتصل ببراد ، سوف يمثلني...
و أتصلت ببراد لتقول له أن ألم رأسها لن يسمح لها بحضور المعرض فقال:
-آسف لألم رأسك.. و لكن لا بأس سأراك غدا لأبلغك كيف كانت الليلة.
-شكرا يا براد.. لقد قلت لك هذا من قبل: أنت لطيف و خاصة معي.
كان غارث يقف إلى جانبها ، وجهه كان جادا و عيناه باردتان.. ما الأمر الآن؟ أسمع ما قاله براد؟ و تمنت لو لم تكن حساسة هكذا لتغير مزاجه. و قال لها:
-سأعمل قليلا في المكتبة.. لن أتأخر.. أين ستذهبين؟
-إلى المرسم... و ماذا غير ذلك؟
-إذهبي إلى غرفة الجلوس ، إقرأي ، شاهدي التلفزيون ، و سأنضم إليك حالما أستطيع...
كان هناك توتر غريب بينهما يجذبهما بعيدا عن بعض. كان هناك شيء ناقص في هذه الأمسية. لقد بدت الحياة لها رائعة في مطلع هذا اليوم ، كبريق الذهب ، و قد ذهب هذا البريق الآن ، و هنا و هناك لمسة من فقدان اللمعان ، مما يثبت ، ربما أن الأمر لم يكن من الذهب الحقيقي.
-سأفعل إذا كان هذا ما تريده يا غارث...
-و لكنك لا تريديني.. أليس كذلك؟ حسنا إذهبي إلى لوحاتك...
-و لكن غارث لما لا تفهمني؟ أنا أحب لوحاتي...
-حسنا.. أنت تحبينها.. إذهبي إلى المرسم إذا شئتي..
و تركها و دخل إلى مكتبه ، و وقفت في الردهة متسائلة عند أية نقطة بدأت الأمور تسوء ثانية. عند المكالمة الهاتفية؟ لا... بالتأكيد قبلها؟ لو أنها فقط لا تشعر بأنها غير قادرة.. ماذا كانت ستفعل لوسيا؟ لا بد أنها بخبرتها في الزواج.. تستطيع أن تدبر أمر زوج تعب و متوتر الأعصاب و خاصة إذا كان غارث غاردنر.
و دخلت إلى غرفة الجلوس ، وأغلقت الباب ، ووضعت جانبا كل تفكير بعملها .. ستثبت لنفسها قبل أن تثبت له أنها زوجة مخلصة تضع مصلحتها خلف ظهرها في سبيل إرضاءه.
عندما دخل غارث عليها الغرفة كانت متكورة على الأريكة تقرأ. و نظرت إليه مبتسمة ، ثم أطرقت. سرور غارث لرؤيتها هناك كان أفضل مكافأة لها على تضحيتها برغباتها الخاصة. و خفق قلبها بالسعادة لوجوده معها.. و لأنهما لأول مرة يتصرفان كما يتصرف الزوج الحقيقي مع زوجته.
-بليندا.. تعالي إلى هنا..
و نهضت من مكانها و أقبلت نحوه ، فأخذها بين ذراعيه و عانقها ، و بينما هما منسجمان هكذا ، رن جرس الهاتف فصرخ
-اللعنة!
و على كره منه ، سحب نفسه و ذهب إلى الردهة ليرد. و شاهدت النعومة و قد غادرت عيناه لسماع الصوت من الجهة الأخرى.
-ما الأمر؟
و لكنه لم يجب ، بل أعطاها السماعة.
-بليندا تتكلم.. براد.. هل حصل شيء في الغاليري؟
-لا.. و لكن معي صديق قديم.. آسف للأصوات المرتفعة هنا و لكن حضر مشاهدون كثر هذه الليلة و كلهم يتكلمون بصوت مرتفع و رفع صوته لتستطيع سماع ما يقول:
-نويل جيميز هنا. لقد قرأ عن معرضك ، و حضر ليراه ، و خاب أمله عندما لم يجدك.. تحدثي معه...
-حبيبتي... كيف حال أجمل فتاة عندي؟ لقد علمت من براد أن حياتك الزوجية لا تطاق مع كاره النساء ، قطعة الأدوات الإلكترونية الذي تسمينه زوجا لك.. يبدو أن زواجك منه يؤثر عليك سلبا.
هل كان يجب أن يكون هناك كل هذه الضجة ، و هل كان عليه أن يرفع صوته هكذا ليقول هذه الأشياء الرهبية بأعلى صوته؟ لا بد أن غارث ، الواقف قربها تمكن من سماع كل كلمة قالها.. فقالت له بضعف:
-لقد فهمت خطأ يا نويل..
-لا بأس ، إذا قررت أن تتخلصي منه و تهربي تذكري أنني أنتظر بذراعين مفتوحين.
-نويل.. لماذا أردت الحديث معي؟
-آه.. فهمت.. لا بد أن حارسك يستمع.. اسمعي هذا المعرض رائع..
و تحرك غارث مبتعدا.. و لا حقته بليندا بعينيها...
-شكرا يا نويل..
-في الواقع أنه جيد لدرجة أنني أسامحك و أعرض عليك معرضا آخر في لندن. دومنيك، صاحب الغاليري ، لن يعارض عندما أخبره عن نجاح معرضك هنا.. سأتصل به و أسأل متى يكون الغاليري عنده مؤمنا للعرض.. أيرضيك هذا؟
-هذا رائع يا نويل.. و ماذا عن المصاريف و ما إلى ذلك؟
-سأكون كبيرا و انسى خلافتنا.. سأدعمك ماليا كما وعدتك المرة الماضية. ستحتاجين لبضع لوحات أخرى ، لا تكفي هذه لمعرض ضخم في لندن.. هل تستطيعين تدبير الأمر؟
-إذا عملت بجهد كاف.
-جيد.. سألقاك و نتحدث بالأمر...
و ركضت عبر الردهة نحو غرفة الجلوس. و السعادة بادية في عينيها. و وقفت أمامه ، فلم يرفع نظره من المجلة التي كان يقرأها.
-نويل سيدير لي معرضا في لندن يا غارث. أتذكر المرة الماضية عندما سحب عرضه؟... لقد عرض أن يدعمني ثانية!
و لم يتحرك ، و لم يستجب ، و لم يرد ، بل بقيت عيناه تلمعان.. ثم جاء رده عنيفا ، و رمى المجلة من يده و وقف:
-يدعمك ، بماله؟ و تقبلين؟ و تعامليني مع عرضي لك بالدعم و أنا زوجك ، بالإزدراء؟ أتدركين بأنك بهذا إنما تقبلين مالا من رجل غريب؟
-لا أرى الأمر بهذه الطريقة!.. و لا أستطيع أن أفهم الخطأ بالأمر.
و دس يداه في جيوبه ، و كأنما ليمنعهما من الإمتداد إليها:
-لا تستطيعين!.. لا تستطيعين! و ماذا بخصوص الهبة الشهرية التي تصلك؟ لماذا لا تدعمين نفسك؟ لم تصرفي سوى القليل حتى الآن و لا بد أن معك مبلغا محترما.
و عضت على شفتها لتمنع نفسها من قول الحقيقة ، سيعلم يوما ما و لكن ليس الآن ، و تابع قوله:
-و شيء آخر ، هناك شرط وضعته ، و وافقت أنت عليه قبل زواجنا. بأنك سوف تنهين صداقتك مع نويل جيميز. لقد وفيت بوعودي لك فلماذا لا تفين بوعودك؟
-هل وفيت بوعودك؟ و ماذا حدث الليلة الماضية ، لقد وعدتني أن لا تلمسني إلا إذا...
-و ماذا عن تمثيلية نومك في فراشي.. ألم تكن دعوة؟
و أخذت تفكر يا إلهي ماذا نفعل ببعضنا؟ بعد هذه السعادة التي خبرناها أمس ، يحصل هذا الآن ، إننا نحطم بعضنا.. و تابع كلامه:
-لقد استعدتي صديقك نويل جيميز ليركض وراءك.. يا إلهي كيف تستطيعين الحفاظ على إهتمامهم بك؟ واقع أنك متزوجة يعطيهم دفعا لملاحقتك ، و هذا دون شك عائد إلى أنك تخبرينهم عن حياتك البائسة معي.. ألا يكفيك واحد... بل أثنان! ألست قانعة بفنان طليق الشعر يعيش على الطبيعة يركض خلفك مثل الكلب..
و انفجرت به قائلة:
-إنه ليس كذلك! ليس كذلك. براد جيد و لطيف و متعاطف معي. عندما أفكر بكل ما فعله معي ، و كم شجعني...
-لقد كنت وراء أثر خاطئ إذا؟ براد الفنان ، و مع أنك زوجتي ، فأنت تحبينه.. أليس كذلك؟ طوال المدة التي تزوجتك بها ، كان علي أنا أن أتخلص و أهرب ، فأنت واقعة بحب رجل آخر.
و توجه نحو الباب ، و التفت قائلا:
-سأذهب إلى لندن ، و سأخذ معي لوسيا ، خذيه و اشبعي منه فأنا سأترك و لا يهمني ماذا سيحصل لهذا الزواج اللعين.
و صعد إلى غرفته ، ثم عاد يحمل حقيبة ملابس ، و خرج من باب المنزل.. و ركضت وراءه و هي تصيح:
-غارث.. أرجوك أن تبقى!
و صعد في سيارته.
-غارث!
و أدار المحرك ، و ركضت نحو النافذة:
-كم ستغيب؟
و لكنه لم يرد ، و لم ينظر إليها ، لذا لم يرى الدموع المتدفقة على خديها و ضربت على الباب بيديها:
-غارث!
و انتحبت قائلة:
-قل لي! أرجوك قل لي؟
و قاد السيارة مبتعدا نحو ظلام الشارع.



* فوفو * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس