عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-11, 11:29 PM   #16

* فوفو *

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 6485
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 93,121
?  نُقآطِيْ » * فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute
افتراضي

و تغير الطقس و بدأ المطر ينهمر ، و لكنها استمرت كل صباح بالذهاب إلى النهر تحمل ألوانها و أقلامها و فراشيها. كانت تلجأ إلى تحت شجرة على ضفة النهر ، أو تجلس في المغارة التي أكتشفوها مع الأطفال يوم أتوا إلى هناك. و أخذت ترسم سطح التلة المليء بالأشجار و مياه المطر تسيل منه ، و القطرات و هي تتساقط فوق ماء النهر. و حركات الماء المضطربة بفعل الرياح ، و الغيوم الرمادية الثقيلة تشرف على الوادي الضيق الذي يسير خلاله النهر.
ثالث يوم ، بعد ظهر مليء بالمطر ، عادت إلى الفندق و قد بللها المطر ، شعرها مبلل على الرغم من القبعة ، و قدماها غارقتان بالمياه ، و الماء يثقل معطفها.
في مدخل الفندق ، خلعت القبعة ، و أفلتت شعرها و نفضته ، ثم علقت المعطف ، و خلعت حذاءها المبلل ، و هرعت نحو دفء النار.
و أملت أن لا يكون هناك الكثير من ضيوف الفندق ليروا قدميها الحافيتين.
من الأفضل لها أن لا تنظر من حولها. و الأفضل أيضا أن تتوجه فورا إلى الدرج صاعدة إلى غرفتها. شيء ما جعلها تقف.. صوت ينادي بإسمها... لن تستدير.. إنها تخيلات.. لا أحد هنا يعرف إسمها الأول ، لا بد أنها لحلمها الطويل بهذا الصوت قد بدأت تسمع رنته في أذنيها. يتردد صداه حتى إعتقدت أنه حقيقي.
و لكنه ها هو من جديد.
-بليندا...
و أمسكت بياقة كنزتها العالية و استدارت.. كان يقف هناك.. في منتصف القاعة. يداه في جيوبه ، وجه قاس و جدي.. بعكس لهيب النار المتأججة ، و عيناه القاتمتان لا يمكن سبر غورهما.
حاولت أن تلتقط كلمة "غارث" و لكن الكلمة لم تخرج. في منتصف الغرفة ، واجها بعضهما البعض.. ماذا هناك ليتكلما حوله؟ بعد كل أيام الإنتظار هذه ، من الشوق إليه ، لرؤيته ، لسماع صوته ، للمسته ، كان هناك صمت فقط ، صمت فارغ ثقيل ، مشحون... و كسر الصمت:
-أنت مبتلة.. الأفضل أن تغيري ملابسك!
-نعم...
و استدارت و تابعت صعودها فأوقفها الصوت ثانية:
-بليندا.. هل أصعد معك إلى الغرفة؟
إنه زوجها.. و له كل الحق.. "و لم لا؟" صوتها كان فيه عدم الاكتراث ليغطي العاصفة التي كانت ترعد داخلها ، ترجف أطرافها ، و كأن صاعقة ضربتها. و عندما دخلت و إياه و أغلقت الباب وجدت أنها ترتجف.
عزلة الأيام الفارغة الماضية كانت قد كبرت من حولها ، غطتها و كأنها جلد آخر فوق جلدها. لم يعد غريبا عليها أن تبقى وحيدة. كان الأمر و كأنها تكافح لتشق طريقها عبر ضباب ضاعت فيه لعدة أيام ، و فجأة حصل اتصال بشري ما ، لم تكن مستعدة له ، أصبحت منطوية على نفسها ، في أعماق كهف في عقلها. و ها هي الآن و قد أعماها ضوء النهار الباهر.
لقد أتى زوجها يبحث عنها.. و لكن.. لماذا؟ هل ليشرح لها ما يشعر به إتجاه لوسيا؟ كي يطلب الطلاق؟
و بينما كانت تجفف نفسها و تغير ثيابها ، وقف غارث يحدق من النافذة. لا يمكن أن يكون المنظر هو الذي يجذبه. لقد كان الطقس بعد الظهر هذا معتم ، و عاصف ، و كأنه نذير لمستقبل زواجهما.
لقد قالت عمته "ستعرفين.. كيف يشعر تجاهك ، إذا كان يحبك سيفتح لك ذراعاه. و إذا لم يكن.. حسنا...".
أنه لم يبق يداه في جيوبه فقط ، بل أدار لها ظهره. لقد حصلت على الجواب.. و سألها دون أن يكون لصوته معنى:
-في أي وقت يقدم العشاء هنا؟
و أخبرته الموعد و هي تمشط شعرها ، ثم وضعت بعض المكياج.
-غارث.
فاستدار:
-هل حجزت؟
و أجاب:
-نعم.
و فكرت بجنون ، و لكن دون أن تكون متأكدة.. معي؟ و لكنه سؤال لم تجرؤ على طرحه. و جلست على السرير و يداها متشابكتان ترتجف و عيناها خائفتان ، مثل طفل ينتظر أن يقابل مدير مدرسته. و استدار ، و لكنه لم يتحرك عن النافذة.
-بليندا.. لماذا ابتعدت عني؟
ماذا تستطيع أن تقول له؟ لأختبرك إذا كنت تحبني؟ كم سيبدو الأمر غبيا.. و أخذ يسألها بطريقة بدا فيها غير قادر على طرح السؤال الصحيح:
-هل أنت.. هل.. هل هربت مع أحد؟
كل التعاسة التي عاشتها و أختزنتها في فكرها ، فجرت حواجزها ، و طغت عليها و لرعبها تحولت إلى نار تحرق جسدها بالغضب.
-أهذا ما تظنه بي.. أنني هربت مع رجل آخر؟ هل هذه هي الطريقة التي تفكر بها بأخلاقي؟ بكرامتي؟ حسنا.. سأقول لك.. لقد هربت مع شخص ما... و هو رجل.
و هرب اللون من وجهه ، وجفت شفتاه ، وثقلت عيناه.
-مع من؟
-مع من؟ سأقول لك مع من...
و توقفت برهة طويلة و هي تقاوم لإخراج الكلمات من القيود التي حبستها بها ، من الكبح الذي كبحت فيه نفسها .
-طوال الوقت الذي أمضيته هنا.. كل الأيام التي أمضيتها أتجول عند النهر ، أرسم ، أقرأ ، أو حتى أحدق ، كان معي رجل..
و رفعت عينيها إليه فتصلب ، تصلب كل جسمه ، و عقله ، و عينيه و فمه... و خفضت عينيها و همست:
-ذلك الرجل كان أنت...
و انهمرت الدموع على وجنتيها.
-لقد سرت معك.. تحدثت معك.. رسمت و أنت إلى جانبي... أنا.. أنا...
و توقفت عن الكلام ، لتتنفس:
-أنا حتى نمت معك.. كلما حاولت الهروب منك أكثر كلما تعلق بي طيفك أكثر... و ها أنت الآن قد عرفت ، و لكن لا تدع الأمر يقلقك ، إذا كنت أتيت تطلب الطلاق ، اطلبه... ربما أوافق...
و جفت عيناها الآن ، فتجرأت على النظر إليه ، كان و كأنه رجل تسلق إلى أعلى الجبل ، و لاقى كل ما هو صعب ، و وصل إلى القمة. و من تحته ، و حواليه هناك غرائب من الجمال لم يكن قد رآها من قبل...
و راقبت بسمته البطيئة السعيدة ، و الضوء يشع بهدوء من عينيه. فهمست:
-غارث؟
و رفع ذراعاه نحوها عبر الغرفة:
-بليندا... يا حبيبتي.. يا حبي...
و ركضت نحو هاتين الذراعين المنتظرتين ، و التفتا حولها و سحقتاها على جسده. و مر بهما الوقت ، دون نهاية ، دون قياس ، و بعدما هدأ شوقهما لبعض ، و قفا بهدوء ، و قناعة.. ينظران إلى بعضهما.. و قالت بليندا لنفسها و هي بين ذراعيه "لقد عدت أخيرا إلى بيتي". و جلسا في مقعد مريح معا. و قال غارث:
-كنت على وشك الجنون. عندما مرت الليلة الأولى عند عودتي و لم تعودي إلى البيت. تجولت كالتائه في المنزل ، دخلت المرسم ، غرفة نومك.. كنت في كل مكان ، ما عدا حيث أردتك بين ذراعي.. لقد اتصلت بصديقك ذو الشعر الطويل.. براد سترونغ.
-و ماذا قال لك؟
-قال إنه كان مدرك بأنك ستهربين مني ، و لكنه لا يعرف إلى أين. على الأقل عرفت أنك لست معه. و لكنني لم أتصل بنويل جيميز ، لذا فالقلق لم يغادر عقلي.. في الصباح التالي سافرت عند أمك.
-كل هذه المسافة؟
-لقد أقنعت نفسي بأنك هناك. و بقيت لتناول الطعام ، أمك قلقت عليك أيضا.. يجب أن نتصل بها لنعلمها أنك بخير..
و قطبت جبينها مفكرة ، و لكنه مسح على جبهتها باصابعه و تابع:
-أجل عليك أن تبدي القلق سيدة غاردنر.. لقد أخبرتني أمك كل شيء.. و أين يذهب المبلغ الشهري الذي تقبضينه.. ليس إلى جيبك و لا لحسابك في المصرف. بل لأمك. لا عجب أنك ذعرت يوم طلبت منك شراء السجاد. كيف دفعتي ثمنه يا مجنونة...
-من مدخراتي..
-أمك كانت تظن أنني أعرف؟ لقد قلت لها إنني عندما سأجدك سأضربك على قفاك لأنك أبقيت الأمر سرا. لماذا لم تخبريني يا حبيبتي؟ لماذا كنت تدعين أشياء؟ كنت تفهمت الوضع...
-اعتقدت أنك ستغضب لأن سبب زواجك مني قد ذهب.
و أمسك بذقنها و رفع رأسها نحوه:
-هل أقول لك الآن لماذا تزوجتك؟ لأنني من اللحظة التي شاهدت فيها الشابة النحيلة الجميلة التي دخلت غرفة عمتي ، عندما شاهدت عينيها الذكيتين ، الطائشتين ، المثيرتين ، وقعت فورا في حبها..
-من أول مرة التقينا؟ و لكنني يا غارث ، لقد بذلت جهدي لأجعلك تكرهني حتى لا تتزوجني.. لقد ادعيت أنني أرغب في المال لأنفقه على إحتياجاتي الشخصية الأنانية.. ليس لنني لم أحبك ، بل لأنني لم أكن أريدك أن تشعر بأنك تحت وطأة الالتزام بالزواج مني..
-الالتزام؟ لعن الله الالتزام! مع أنك دعوتني بعدة اسماء شنيعة و على الرغم من أنني طلبتك و وافقتي.. فقد كان علي أن أقنع نفسي بأنك ستتزوجيني من أجل المال فقط. و كان علي أن أضع الخاتم في اصبعك بأي طريقة لقد أقنعت نفسي بانك حتى و لو لم تحبيني ، فمع الوقت قد تحبيني و ترغبين بي.. و لهذا تركتك لوحدك ، على أمل أن تكتشفي بأنك تريدين فعلا أن تكوني زوجة حقيقية لي.
-غارث.. لماذا تركتني تلك الليلة حقا.. لماذا لم تتصل؟ أو حتى تكتب؟
-كنت غاضبا ، غاضبا بمرارة منك. لأن لديك أصدقاء رجال. منذ أن التقيتك لأشهر خلت كنت في قبضة مشاعر غريبة عني. على الرغم من عدم حبي للنساء ، كانت الغيرة مؤلمة. و هذا بالضبط سبب مشاجرتي معك.
-لا أتحمل التفكير بهذا الأمر.. لماذا ذهبت إلى لندن؟ لتكون مع لوسيا؟
-ماذا تقصدين بهذا الكلام؟ إنني على علاقة معها؟ يا إلهي.. سأضربك لأجل هذا.
-كنت غيورة.. و هذا ما حرف حكمي عليك.
-إنتهى الأمر. سأسامحك. كان علي أن أذهب إلى لندن لحضور سلسلة من الإجتماعات. لقد عادت لوسيا إلى عملها ، لذا سآخذك معي. لقد قررت العودة إلى الأرجنتين و سافرت يوم أمس لتنضم إلى طفليها. هل إرتاح بالك الآن؟
-و كيف عرفت أين تجدني؟
-بفضل السيدة إيلين دونيكان.. من الواضح أن السيدة هوغند قلقت لمظهري الضطرب. و أخبرت عمتي التي لم أكن أعلم أنها هنا ، و أتت عمتي لرؤيتي ، و أخبرتني عن الدور الذي لعبته في عملية إختفائك.. فثرت و غضبت و نعتها بأسماء مختلفة ، قلت إنك زوجتي ، و إنك من شؤوني الخاصة و ليس لأحد أن يتدخل. ثرت عليها و كانت تعلم أنني أنفس عن غضبي. فجلست تبتسم و تركتني أقول ما أريد. ثم قالت ثلاث كلمات ، أسم الفندق ، أسم البلدة ، و أسمك. و خرجت من المنزل قبل أن تنهي حديثها. و ها أنا هنا.
-و هل تريدني أن أترك عملي؟
-ليس قبل أن يكون هناك سبب واضح ، أو غير واضح.. و لكن دون توقفك عن الرسم تستطيعين الرسم حتى بوجود أقدام صغيرة تخطو على أرض المنزل ، أليس كذلك؟ في الواقع تستطيعين رسمهم.
-الأقدام الصغيرة؟
-لا أيتها المرأة الغبية... أطفالنا.
-نستطيع إقامة معرض للوحات العائلية.. أنت ، و أنا في الوسط يحيط بنا كل أطفالنا..
-يا إلهي.. و كم تنوين أن تنجبي؟
-لا تقلق يا حبيبي ، إثنان كفاية...
-هل قلت لك يوما كم أنا فخور بقدراتك الفنية؟ و لم أشكرك أبدا على اللوحة التي رسمتيها لي.
-لقد وضعت كل حبي في كل ضربة فرشاة بها. ألم تستطع رؤية ذلك؟
-قلت لك يا حبيتي.. أنا لا أفهم في الفن. لا في التقدير و لا في التصنيف. هل تعلميني...
فوعدته بذلك ، و تابع:
-أمامنا دعوة من رودريك سترونغ لزيارته في الخريف. علي أن أسافر إلى نيويورك بعد ثلاثة أشهر ، و لدي تعليمات صارمة بأن أصطحبك. أظن أن لديه لائحة من الناس ، أصدقاء عائلته ، يريد منك رسمهم!
-غارث.. أما زلت تكره النساء؟
-أجل.. و لكن باستثناء.. المرأة التي أحب.
في الصباح التالي أجريا اتصالين هاتفيين: الأول لوالدتها لتطمينها على سلامة ابنتها ، و الآخر للسيدة إيلين دونيكان في الفندق. و تحدثت بليندا معها.
-عمتي إيلين.. أنا سعيدة جدا.. شكرا لكل ما فعلتيه.
-هل نجح الأمر؟
-لقد نجح.. بشكل صاعق.
-هذا عظيم.. سأسافر الآن. و بعد تسعة أشهر سأعود ، لأحتفل بولادة ابن ابن ابن أخي أو بنت ابن ابن أخي.. أخبري زوجك بهذا.. إلى اللقاء يا عزيزتي!
و أقفلت الخط..
و استدارت بليندا و الدموع في عينيها إلى غارث:
-هل سمعت ما قالت؟
و هز رأسه:
-إنها عجوز تحب التدخل في شؤون الآخرين!
و انحنى عليها و همس:
-شكرا لله.
معا و ذراعيهما تلتفان حول بعضهما البعض دخلا غرفة الطعام لتناول الإفطار...


****************************

تمـــــــــ بحمد الله ــــــــــت


* فوفو * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس