عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-08, 09:40 PM   #11

لورا
 
الصورة الرمزية لورا

? العضوٌ??? » 143
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 4,146
?  نُقآطِيْ » لورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond reputeلورا has a reputation beyond repute
افتراضي


كان المطعم الذي أخذها إليه كيث قريبا من النهر وعلى مفترق طرق رئيسية طابعه عصري للغاية وكل شئ فيه حديث إلى ابعد الحدود مع أن هيلين وجدته جميلا جدا إلا إنها كانت تفضل مطعما اصغر حجما ولا يؤمه هذا العدد الكبير من السكان المحليين. ومع ذلك كان الطعام شهيا ولذيذا وأحاديث كيث ممتعة ومسلية انه يتحدث بذكاء وموضوعية عن مسرحيات أو حفلات شاهداها سويا ويتناقش بأسلوب علمي هادئ الكتب الناجحة التي تهم المتعلمين والمثقفين. وكانت هيلين سعيدة جدا بتبادل الآراء مع هذا الإنسان المطلع خاصة أن ظروفها لم تسمح لها بمثل هذه المناسبة منذ زمن طويل فحتى لو أن جايك أمضى معظم وقته داخل البيت بدلا من خارجه فانه لن يعتبر هذه الموضوعات الأدبية والفنية جديرة بالاهتمام انه يعتبرها مضيعة للوقت ومن يعرف تاريخ حياته يعرف السبب ففي صراعه القاسي وكفاحه المرير للصعود إلى قمة النجاح المادي والتجاري لم يجد متسعا من الوقت للآداب والفنون لذا ظل ذوقه الفني بدائيا وخشنا وظل بالتالي يرفض الخوض في أحاديث لا تعود عليه بفائدة مالية أو تجارية.
أوصلها كيث إلى منزلها بعد العاشرة بقليل وعندما أوقف السيارة وأطفأ محركها استدار نحوها ووضع ذراعه على كتفيها ثم سألها مترددا:
" هل ستدعوني السيدة إلى فنجان من القهوة؟ "
تطلعت هيلين بسرعة إلى ساعتها وقالت:
" لا اعتقد ذلك. الوقت متأخر والسيدة لايتمر نائمة منذ بعض الوقت "
رد عليها كيث بمرح ظاهر:
" اعرف ذلك "
تنهدت هيلين وقالت:
" كيث...أرجو أن لا تأخذ فكرة خاطئة عني! فبمجرد خروجي معك مرة أو مرتين لا يعني أنني . ."
قاطعها كيث متبرما:
" اعرف, اعرف انك متزوجة! ما هو الخبر الجديد في ذلك؟ وماذا يؤثر زواجك على علاقتنا؟ الكل يعرف أن . . ."
حان دورها لتقاطعه فقالت له بحزم وإصرار وهي تخرج من السيارة:
" شكرا على العشاء. اتصل بي بشأن الحفلة الموسيقية في الأسبوع المقبل"
ضم كيث شفتيه بشئ من العصبية وسألها:
" ألن تغيري رأيك؟ "
" بالنسبة إلى الحفلة الموسيقية؟ لا, ولماذا أغير رأيي؟ "
" أنا لم اقصد الحفلة واعرف تماما انك تعلمين ماذا اعني. حسنا يا هيلين تصبحين على خير "
" تصبح على خير يا كيث "
أخرجت هيلين مفتاحها من حقيبتها وفتحت باب المنزل في حين أطلق كيث العنان لسيارته. كانت القاعة غارقة في الظلام فأضاءت النور في المدخل قبل أن تغلق الباب وراءها ثم تطلعت بسرعة نحو القاعة وغرفة المكتب لتتأكد من عدم وجود أي إشارة إلى احتمال عودة جايك بصورة غير متوقعة من رحلته إلى الشمال. وضعت معطفها على إحدى المقاعد واتجهت مباشرة نحو المطبخ لتجد ملاحظة من السيدة لايتمر تبلغها فيها عن وجود قهوة وبعض المأكولات الباردة في قاعة الاستقبال فابتسمت هيلين بسخرية.
استدارت هيلين بسرعة عادة إلى قاعة الجلوس. تنهدت بانزعاج عندما شاهدت الكمية الكبيرة من المأكولات التي أعدتها السيدة لايتمر. كان واضحا ان مدبرة المنزل لم تتوقع عودتها بمفردها إلى البيت. اللعنة! وهل تظنها هذه السيدة طفلة صغيرة؟ إذا أرادت أن يكون لها أصدقاء فلماذا لا يحق لها ذلك؟ لماذا يجب أن تكون هناك دوافع وراء كل عمل يقوم به الإنسان؟ إنها تعرف كيث منذ عدة سنوات قبل فترة طويلة من غير انجرافها في علاقة عاطفية فلماذا يجب أن تكون الأمور مختلفة هذه المرة؟ هزت كتفيها وجلست بعد أن صبت لها فنجان من القهوة. لماذا أنهت أمسيتها بهذا الشكل؟ لماذا ساءت هكذا؟ تطلعت إلى ساعتها فلاحظت أن ستين دقيقة تقريبا مرت على عودتها. ماذا يفعل جايك ألان؟ وأين ممكن أن يكون في مثل هذا الوقت؟ شربت قليلا من القهوة وسألت نفسها عن أسباب هذه التساؤلات...فأغضبها اندفاعها يجب ألا تسأل عن مكان وجوده وعما يفعل في هذا الوقت وذاك. لا تهتم ويجب ألا تهتم أم أن من الاصح القول إنها عندما بدأت تعرف المزيد عن أفكاره ومشاعره أخذت أسئلتها وتكهناتها تتزايد يوما بعد يوم! عندما تزوجا كان الوضع مختلف إلى حد ما. كانت آنذاك دفينة الحزن والأسى اللذين غلفاها على اثر وفاة والدها. كانت فترة عصيبة جدا بالنسبة لها...صدمة قوية ومؤلمة وهي التي تربطها بأبيها علاقة وطيدة جدا وكان كلا منهما يعتمد إلى حد كبير على الأخر ربما بسبب قرار عائلته عزلهما والتخلي عنهما تماما. كان لكل منهما بالطبع أصدقاءه ووالدها يبدو دائما مفعما بالحيوية والنشاط, ساحرا, لطيفا, ومنسجما تماما بين أصدقاءها ولم تلاحظ إلا بعد وفاته كيف أن ما من احد أخر بات يعني لها الكثير في ذلك الوجود الغريب المصطنع الذي كانت تشاطره مع أبيها! حتى تهرب كيث منها لم يؤثر عليها كثيرا. كان عليها أن تتقبل واقعا جديدا في حياتها وهو انتهاء مرحلة معينة وبدء أخرى.
صبت لنفسها فنجان أخر من القهوة ولكنها زادت عليها هذه المرة القليل من السكر وعادت بها الذكريات مرة أخرى إلى تلك الفترة من حياتها. ولكنها لم تتذكر طول المدة التي احتاجتها آنذاك للشفاء تماما من تلك المشكلة النفسية والمعنوية. وجاءت بعد ذلك الفترات الطويلة التي يمضيها جايك خارج البلاد وعودته كل مرة بصورة مفاجئة لتشكل فواصل شبه ثابتة في نمط حياتها. وأصبحت كل فترة أكثر واقعية واقل رفضا. وبدأت بعد ذلك بصورة تدريجية تعيش حياتها الجديدة التي اختارتها لنفسها...تكرس نفسها ووقتها لتزيين بيتها وتجميله ولتحويل ذاتها وشخصيتها إلى ذلك النوع من الزوجات الذي يريدها جايك. ولكن الشئ الذي لم تكن تتوقعه كان ذلك الاتساع المتزايد في طبيعة العلاقة وذلك الاختراق المتواصل للقلعة التي بنتها حول نفسها بعد زواجها والتي اعتقدت أن من المستحيل الدخول اليها أو اختراقها. لم تأخذ الطبيعة البشرية بعين الاعتبار عندما صورت لنفسها المستقبل الذي تريده واكتشفت فجأة إنها وجايك يمكن في يوم ما أن يتصرفا مع بعضهما كزوجين عاديين.
شربت هيلين بقية القهوة وسارت نحو تلك الخزانة الخشبية الرائعة التي تضم الأجهزة الالكترونية المختلفة ووضعت شريطا يحتوي موسيقاها المفضلة وعضت على شفتيها بحزن وانفعال...إنها بالنسبة إلى جايك كهذه الأجهزة المتكورة والجميلة...مجرد شئ أخر يملكه لا أكثر ولا اقل! حتى الممتلكات المادية تحتج وتتذمر إذ حملها الإنسان فوق طاقتها تئن وتتعطل أما هذا الشئ الذي أضافه جايك إلى ممتلكاته الكثيرة والذي يسير على قدمين فانه لم يعترض أو يحتج حتى ألان! انه إنسان ألي! .
رفعت رأسها عن تلك الخزانة وتنهدت هل من حقها ان تحتج؟ إنها تأكل أفضل أنواع المأكولات وترتدي أجمل الثياب وأغلاها ثمنا وتشتري ما تريد...حتى بدون طلب الإذن من زوجها أليس هذا ما تتمناه أي فتاة لنفسها؟ ثم...أليس زواجها إقلاقا متواصلا لراحة عمها الذي لا أولاد له والذي يعرف ان أي ابن تلده هيلين سيرث قصر مالينز والأراضي المحيطة به بمجرد وفاة هذا العمّ! أليس ذلك انتقاما ممتعا من الرجل الذي نبذ شقيقه جيرارد وابنته هيلين وتنكر لهما في أتعس أوقاتهما! انه بالتأكيد يتمنى ألا تلد ابنة شقيقه ابنا يرث ممتلكات فورسايث.
وابتسمت هيلين بخبث! إنها وحدها تعرف مدى صعوبة هذا الاحتمال. . .








لورا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس