عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-11, 02:09 PM   #2

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

1- مطر الغابات


دوّت صفارات الأنذار , وذعر الركاب , وإرتطمت زوارق النجاة بالماء , وأنقلب أحدها أثناء إنزاله من جانب الباخرة المائل , وأحسّت أيفين بلغريم بلفحة هواء الليل , وبهبوط مفاجىء في جوف البحر , فغطى الماء رأسها وكاد يلفّها إلى أن طغت على سطح الماء بفضل قميص النجاة الذي ترتديه.
كان ذلك أشبه بكابوس لا طاقة لاها على الخلاص منه , وكان رأسها يمتلىء بصرخات هلع الركاب , ولكنها في الوقت نفسه راحت تتذكّر الموسيقى التي كان الركاب يرقصون على أنغامها في صالون الباخرة , نغمات حلوة عاطفية تابعتها أيفلين بنقرات قدمها , وتاق معها قلبها إلى رفيق يراقصها.
ولكن أحدا لم يقترب منها أذ كانت تنزوي في سمت إلى جانب مخدومتها , ونظارتها على وجهها , وشعرها معقود كالعكعة , كانت السيدة ساندل تقوم برحلة بحرية في الشواطىء المشمسة بناء عل نصيحة طبيبها , وقد وقع أختيارها على أيفلين لمرافقتها بعدما تأملت حاشية بيتها , وكانت أيفين تعمل لدى عائلة ساندل منذ كانت في الخامسة عشرة , أولا كمربية للأطفال ثم خادمة ورفيقة للسيدة ساندل السريعة الغضب , وكانت أحتياجات أيفلين وأحلامها كفتاة في التاسعة عشرة بعيدة عن يدها وإدراكها .
ومنذ بداية الرحلة توقعت ايدا من مرافقتها أن تلازمها بإستمرار ,وقالت لها بطريقتها الحادة الآمرة:
" أنت فتاة عاقلة وتعرفين مكانك وحدودك , فلا تتوقعي المشاركة في اللهو والمرح مع ركاب الباخرة الشباب , أو السباحة دوما في بركة الباخرة أو الرقص والمغازلة".
وما دانت أيفين لتحلم بالوقوع في الغرام على ظهر الباخرة , ولكنها ودّت لو تتمتع بمشاركة من هم في سنّها ألعابهم على سطح الباخرة بدلا من مطالعة جين أوستن لأجل السيدة ساندل , وودّت شيئا من التغيير المبهج كأن تتنزه على سطح الباخرة برفقة أحد الشباب.
لم تجتذب هذه الفتاة الصغيرة ذات الثوب البسيط والنظارة التي تلازمها , أنتباه أي فتى على سطح الباخرة , لعلهم أفترضوا أنها خجولة للغاية , أو أنها تخشى رفيقتها مما قد يجعل صحبتها غير مثيرة , ولم يكن لديهم أية فكرة بأن تحت ثوبها غير الأنيق يدق قلبا فتيا دافئا يتوق للمغامرة.
مغامرة! لقد شعرت أيفين بتخدير حركة البحر وهي تطفو طوال الوقت مبتعدة عن الباخرة المنكودة , شيء ما قد أنفجر في غرفة محركها , وفي دقائق معدودة وبشكل جنوني غمرت المياه السفينة , كما غمرها دوي صفارات الأنذار , الكل فوق سطح السفينة , والكل أخذوا أماكنهم المحدّدة لهم ! وكانت أيفين أول الأمر هي التالية بعد السيدة ساندل التي ما عادت واثقة من شيء , وراحت في هلع اليائسة تمسك بحقيبة حليّها وحقيبة يدها , وحين أصبح أحد زوارق الأنقاذ جاهزا نحت أيفين جانبا , وبسبب أندفاع الركاب غابت السيدة ساندل عن أنظار أيفين , ولحظة أنقلب الزورق تناهت ألى سمع أيفين صيحة ربما كانت صيحة السيدة ساندل التي لم تعرف طوالها حياتها غير التدلل , والآن يتقاذفها البحر الذي قد يقسو عليها .
طغت أيفين فوق الماء وعادت برغم دوارها تدرك أنه لا توجد أجسام أخرى طافية تؤنسها , كانت صيحات ركاب الباخرة المنكوبة تتلاشى وراءها , وشعرت بصمت رهيب يلفها , ومع أن البحر كان يبدو خلال النهار أزرق دافئا , فهو الآن بارد , وكأن الحياة كلّها تخرج من أطراف جسمها.
رأت أن تغني أو تصيح صيحة صغيرة حزينة في سكون الليل :
" آه ".
ولكن لا مجيب ولا سميع , ولكونها خفيفة الوزن حملها قميص النجاة بعيدا عن سمع الركاب الآخرين , سرعان ما تكون وحيدة تماما وسط المحيط بين ساحل أسبانيا الصخري وساحل أفريقيا الشمالي.
يا له من أمر مخيف , أن أندفاعها في مياه غريبة أعاد إليها صور وحدتها في السنوات الماضية حيّة من جديد , وأخذت الذكريات تتكاثر عليها , وقد صدق قول الناس , أن المرء حين يغرق يعود إليه ماضيه حيا.
جاءت من مكان في سومر ست يدعى كومب سانت بليز , وكان هناك حجر فوق الأرض يسمى الملاك الأسود أعتادت يوم كانت طفلة أن تلعب حوله وتجمع الزهور البرية لتحملها إلى الكوخ الذي تعيش فيه مع أبيها حارس الطيور , فأمها مانت بعد ولادتها , وقد أحبّت هي والدها , الرجل القوي البنية بشعره الأحمر الداكن , والذي كان يعنى بطيور منتزه عائلة ساندل الواسع حيث البيت الريفي.
وهي تعلم أنهما من أقارب آل ساندل من ناحية أمها , ولكنها قرابة بعيدة , وكانت أحيانا تسمع مبكرا صوت أبواق الصيد حين يخرج رجال العائلة ونساؤها عبر أراضي الصيد لمطاردة الثعالب الحمراء , وبسبب الثعالب كرهت أيفين آل ساندل المتغطرسين غير الرحماء , وكانت تأمل أن لا تعمل أبدا في خدمتهم مثل والدها.
ما أعظم سومرست , هكذا كان يقول أبوها , لم تكن هناك زهرة برية لا يعرفها بإسمها , ولا طير لا يمكنه تقليده.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس