عرض مشاركة واحدة
قديم 21-06-11, 07:54 PM   #3

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

إرتعشت أيفين في الماء كما سبق أن أرتعشت في الكنيسة يوم دفن والدها , كان كله حيوية , وفي يوم منحوس مات أثر رفسة حصان أحد الصيادين , وصمت صوته الحنون إلى الأبد.
أحدى الجارات ربطت لها شعرها , وهو في لون أوراق الخريف , بقوس أسود كبير , وكان أبوها يقول أن شعرها كمطر الغابات ناعم ورائع.
بعد الدفن لم تنعم ألا بالقليل من أسباب الراحة , فهي مجرد أبنة حارس يتيمة , الأذرع الحنونة لم تعد تمتد إليها , خدّرها الحزن , وحبست دموعها في كيانها , نقلوها إلى البيت الريفي , ووضعوها في غرفة صغيرة , وفي اليوم التالي بدأت تعمل في غرفة أطفال كان يشغلها طفلا أبن أيدا ساندل وزوجته.
كل شيء تغيّر بسرعة وبشكل محيّر , كانت أيفين قبل يوم حرّة تجوب البرّية , وبعده أخذت تتلقى الأوامر من آل ساندل , وبمرور بضعة أشهر في خدمة الطفلين , شرعت أيدا تستخدمها كخادمتها الخاصة , وعادت إلى ذاكرة أيفين سهرة الصيد الراقصة , بعد عام من وفاة والدها , تذكرت وصول الضيوف في عطلة نهاية الأسبوع , والساعات الطويلة التي كانت تقضيها في ترتيب شعر أيدا , ومساعدتها لها في إرتداء ثيابها , وسماع الموسيقى تنساب إلى الرواق حيث تجلس عند السلم المؤدي إلى العلية , وتذوب في أحلام مستحيلة.
كان في إمكانها أن تهرب وتمارس عملا في المدينة , ولكن ماذا تعرف عير حمل صواني الشاي , وإصلاح الثياب , والمشي مع كلاب أيدا وتأمين قصصها ودعك قدميها.
كان في إمكانها أن تهرب..... وقد هربت الآن ...... جرفها البحر وهي في قميص النجاة أشبه بحطام سفينة , تكاد تموت بردا وذعرا , والظلام يزحف حولها , وضاعت نظارتها التي كانت أيدا ساندل تصر على أنها ضرورية لها , وأنطلق شعرها من عقدته المحبوكة في مؤخرة عنقها , وألتصق ثوبه الصوفي بجسمها النحيل , وشعرت بالدوار كطفل إستبد به النعاس.
ترى هل يغشاها النوم الأبدي الذي لا صحوة منه؟ وهل ستحظى ثانية بشبح الفارس الطويل القوي يضمها بين ذراعيه ويقول لها أنها ستصبح أميرة في قلعتها الخاصة؟ وبينما الأمواج تغطيها تساءلت هل سيكون ذلك مؤلما؟ لم تسمع في الليل غير دقات هي بالتأكيد دقات قلبها ترن في أذنيها وتشتد , وفجأة أصبح كل شيء مجرد أمواج كثيرة تطوقها في مثل بياض البرق.
صرخ أحدهم.... وأمواج أخرى كثيرة تغطيها وتخنقها , ثم , صوت لطمة على الماء تقترب منها , ويدان من حديد تطبقان عليها , ولغة لم تستطع فهمها , وأحست برجل يمسك بها وهي تتعلّق به كأنه صخرة في البحر المضطرب.
إستيقظت أيفين فيما بعد لتجد نفسها متدثرة بأغطية في مضجع حجرة صغيرة , كانت ترقد مذهولة وتشعر بحركة الزورق , وبدفء جميل يسري في أطرافها , وكان معنى هذا أنها في أمان ولم تغرق.
وأتسعت عيناها حينما أنفتح باب الحجرة ودخل رجل يرتدي قميصا صوفيا سميكا عالي الرقبة , كان نحيل الوجه أسمر البشرة أقبل ناحية المضجع وأنحنى فوقها وتأمل وجهها بعينيه السوداوين وسألها بالأسبانية عن حالها.
لم تفهم قوله أبتسمت له , أنه الشاب الذي أنتشلها من البحر وأنقذها , وبكل أمتنان قالت :
" شكرا لك".
أبتسم لها كذلك وتركها تستريح من محنتها , كان وسيما قوي البنية كأنما لا شيء يخيفه , وأدركت أن فارسها البحار المنقذ أسباني لطيف.
وصل الزورق إلى الميناء مع طلوع الفجر , وقدّم لها البحار أبريق قهوة ساخنا وقميصا صوفيا وبنطلونا من الجينز وما أن أرتدتهما حتى كانت الشمس تنفذ من كوة الحجرة , وبنظرة إلى الخارج تبينت أيفين وسوّ الزورق عند شاطىء أشبه بحاجز رصيف ناتىء , كما تبيّنت أن الرائحة التي تفوح في الهواء هي رائحة أشجار صنوبر عالية قريبة من الشاطىء , صعدت سلما ضيقا إلى سطح الزورق , كان زورق صيد بمحرك آلي , ألتصق برصيف الميناء الحجري , وكانت على الرصيف فتاة تداعب نسمات الصباح بأطراف شالها الذي غطّت به رأسها , تحملق بالزورق عندما قفز منه منقذ أيفين وأحتواها بين ذراعيه , تعلّق كل منهما بالآخر , وراحت أيفين تراقبهما وهي تحس بشعور الوحدة ينتابها.
أنتظرت أيفين بضع دقائق , ثم مشت فوق الزورق بأتجاه الرصيف حيث أمتدت إليها يد الشاب القوية , كان شعرها قد جفّ ولمع من أثر الملح وأنسدل على كتفيها , وقميصها المستعار يتدلى فوق الجينز , وبدت كشريدة عصفت بها الأمواج.
تطلعت إليها المرأة ذات الشال بفضول , كانت جميلة وسمراء كالشاب البحار , وإبتسمت أيفين عندما قدم لها المرأة ببساطة قائلا بالأسبانية :
" زوجتي ماري لويز".
الآن بعد زوال الدوار فهمت أيفين قوله , أذ عادت تتذكر بعض الكلمات الأسبانية التي تعلمتها مع أيدا ساندل , وأبتسمت شبه إبتسامة حين أدركت أن فارسها المنقذ رجل متزوج سعيد!


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس