عرض مشاركة واحدة
قديم 09-03-12, 11:49 PM   #1042

malksaif

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية malksaif

? العضوٌ??? » 120710
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,545
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » malksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي عاشق ليل لا ينتهى

الفصل السابع عشر ...

غيمت شمس الغروب على الأجواء ...مر اليوم مرور السحاب ولم نرى أياً من رجال العائلة سوى عم عبد الله المتجهم الملامح ...هربت ليل لعملها ومكثت أنا مع تلك الصديقة التى أخذت تتفحصنى بنظرات ضايقتنى وحاصرتنى ...فهربت أنا الأخرى لغرفتى وبداخلى سؤال شائك ..كيف تركت ليل صديقتها هنا ولم تأخذها معها للمحل ؟....هناك شىء مريب يحدث ويحاول جميعهم طمسة ...طرقات على باب غرفتى جعلنى أهرع لحجابى وأرتدية ...قلت "أدخل" فدخلت أم طلال بملامحها الهادئة التى تشوبها تحفز خفى قالت "أريد الحديث معك شمس ..." قلت لها وأنا أرشدها لتجلس "ما الأمر عمتى ؟..." دخلت بصلب الموضوع مباشرة وقصت لى عن زوجة بلال الثانية تلك الغريبة التى لم أرتح لها ....قدمت أعذار كثيرة لولدها المتوفى مما ضايقنى منها ولكننى أخفيت تذمرى وراء هدوء منتظر , قالت " لم يكن سعيداً مع ليل شمس تعلمين ذلك جيداً وكنت دوماً شاهد عيان على مشاكلهم ونكباتهم ..سعى ليجد لنفسة طريقا جديدة يرتاح فية "..مبررات واهية أثقلت قلبى وسقطت أم طلال من عينى لوهلة وهى تشيد أوهام بالية لتقنعنى بصحة ما فعلة فقيدها ...أجبتها بجملة واحدة ألجمتها عن ذلك التعييب المفرط بحق ليل وقلت " لقد كسر ولدك ليلى عمتى لو كان طلال على قيد الحياة لما رضى بتاتاً بما فعلة بلال " هبت واقفة وأخذت تفرك يديها بإنفعال وتتمتم "لا تضغطى على مشاعرى بذكر طلال شمس تعلمين كم أنتى غالية عندى ولكن الظروف الأن ليست كما كانت ..أركان قد عاد ولا أريد طفل بلال أن يتربى بعيدا عن إخوتة ..أريد لم شمل العائلة مرة أخرى شمس " إقتربت منى وهى تمسح دموعها " سنموت ياشمس ولن يتبقى لكم سوى بعضكم البعض أريدكم مجتمعين وأقوياء ...ليلى ترفض وجود سلمى وطفلها ولا أريد إغضابها بإخبار اطفالها بنفسى لان عمك أبو طلال قد حذرنى من ذلك "..تنهدت وأنا أجذبها برفق لتجلس بجوارى وربت على يديها وقلت " ماذا تريدينى ان افعل عمتى ؟"...قالت بأمل متفجر من محياها " أريدك ان تقنعى ليل بضرورة اخبار الاطفال بوجود أركان الصغير أريدهم جميعا تحت جناحى حتى مماتى " إنتفضت اوصالى وقلت بتردد "عمتى تطلبين شيئا مستحيل نعم يجب ان نخبر الاطفال بوجود اخيهم ولكن ليلى لن توافق ابدا ببقاء هذة المرأة معها تحت سقف واحد "...خبطت عمتى على ركبتها وقالت بتصميم عنيد " لن يفارق أحفادى مكانى شمس أخبرى أختك بذلك "...حاولت إيقافها للتفاهم معها ولكنها لم تعطنى مجال للحديث وتركتنى واقفة أنتفض من كبر الموقف والمسئوولية التى القتها على كاهلى ...تلك المرأة المقربة الى روحى فقد حملت حبيب قلبى ذات يوم ومنذ رأتنى وكأنها إستشعرتة بقسماتى ..لم تكن تعرف عنى سوى إسمى وشكت فى ّ منذ رأتنى وواجهتنى وأخبرتها بكل شىء فأصبحنا مقربين للغاية منذ زواج ليلى ببلال ...لم أراها قط بذلك الحزم والتصميم ..جلست بإنهاك على سريرى ودموعى تسقط بدون أن أستطع كبها وألم غائر بداخلى...توتر جعل أطرافى تنتفض.... كيف سأخبر ليلى ؟..ستشعل نار الجحيم بداخل المنزل إذا جرؤ أحد وإقترب من أولادها ..أة ياليلى ماذا أخفيتى بداخل كهفك المظلم أيضاً؟..كيف تحملتى ذلك الذل ؟....

صلينا الفجر أنا وصلاح الدين بمسجد الحى وفوجئنا بوجود والدى وعمى قبلنا ...لم يكن هناك مصلين كثر بذلك الوقت الصباحى البارد وصلينا جماعة خلف والدى ..تبخر كل شىء بداخلى حين أسلمت أمر تلك الدقائق الية ..راحة تتسلل بخفة بشرايينى وسكينة دبت بكامل روحى الى جانب أمل فى شىء حسناً سيحدث , ماهو ؟..لا أعلم ..إنتهت الصلاة وتوجهنا للمنزل مزاح خفيف الظل بين عبد الرحمن العائد من سفرة منذ ليلتين وصلاح الدين ... نظرات يلفها الحذر وجهت لوالدى من قبلى ومن قبل صغيرى ..فهو لم يعتد بعد نظرة اللوم التى وجهها لة والدى والتى كانت تحمل أسئلة متعددة عن كيفية تعاملة مع الوضع ...قبل ذهابنا للنوم طرقت على باب غرفة صلاح لأطفىء نار الشك بداخلى نحو ذلك الشاب الفاسد الذى رأيتة يقف معة وكنت قد نسيتة بغمرة عودتى الية ..فتح الباب وهو يستعد للنوم وقبل أن يرتدى قميصة لمحت تلك الندبة الغائرة بصدرة فهببت من مكانى وأوقفت يدة عن اخفاؤها وقلت بذهول "ما هذا ؟" ..إبتسم وهو يدارى الأمر ولا يريد التحدث فقلت بتصميم " صلاح الدين ما هذا ؟.." فقال " حادثة منذ كنت مراهقاً تعاركت مع بعض الصبية وكانوا يطاردوننى بسيارة نصف نقل ذات شفرات معلقة بوجهها وإصطدموا بى ..قلت بدهشة جارفة " هل كنت تركض على الأرض وهم يطاردونك بسيارة "...ضحك يحاول قلب الأمر الى مزاح " نعم واجهت سيارة شرسة وحدى ألست قوياً ؟" فقلت بتحد " ماذا حدث بينك وبينهم ..؟" أجاب وهو يتكىء بمرفقة على السرير بجوارى " لا تضخم الأمر أركان لقد كان تحدٍ صبيانى و ولى أمرة ؟.." فقلت مباغتاً " وهل لوجودك مع ذلك الشاب الفاسد الذى منعك والدك من مصاحبتة تحدً أخر صلاح ؟"...سرت الدهشة بملامحة وإستقام بجلستة وقال " من أخبرك ؟"..هببت واقفاً وقلت " لم يخبرنى أحد ..رأيتك برفقتة وكانت ليل معى وتعجبت لوجودك برفقة هذا الولد ؟..ما الذى يحدث ؟"..قال بعناد " يريدون نهب كنوز الوطن أركان هؤلاء الحمقى .." سرى قلق خفى بداخلى وقلت " هل تساعدهم ؟".. إنفجر ضاحكاً وقال " لم أصل لواقعية ماضيك عزيزى .." تلونت ملامحى وظهر توترى بوضوح وقلت بجدية "أخبرنى ماذا يحدث معك أيها الصغير وكف عن المراوغة .." قلب شفتية بتبرم وقال بهدوء " هذا الولد يدعى مجدى وهو وسيط بين الرأس الكبيرة ويريد تضامنى معهم لينهبوا ربع المقبرة التى إكتشفنا أثار وجودها الأولية ..يخططون لذلك "..أجبت بلا تردد " لما لم تبلغ الشرطة والحكومة ..؟.."إنفجر ضاحكاً حتى دمعت عيناة وأنا أقف فى وسط تيارات إندهاش وصلت بإرتفاع درجاتها للذروة ..فلما رأى عبوس وجهى تنحنح وأجاب " إنهم هم الحكومة والشرطة من يريدون سرقة الأرض أركان ..من العائلة الحاكمة ياأخى" جلست على حافة السرير وقلت بإنفعال " ماذا تعنى ؟"...أجابنى بسخط لاح بعينية "المسئوول عن إكتشاف هذا المكان عالم أثار مرموق ويشغل كرسى هام فى الوزارة عندما إكتشفت تلك المقبرة الخاصة بإحدى عشيقات فرعون والتى كانت الأقرب لقلبة وكانت ممتلئة عن أخرها بأصناف من الحلى والقرابين الذهبية فقد كان ذلك الفرعون الصغير يخطط لحياتة معها حيث ستلتقى أرواحهم بمقبرتها ويعيشون حياتهم الثانية سوياً .... وجدت وجوة غريبة تتردد على المكان ومن حسن حظى أن تلك المقبرة تقع بالمنطقة التى تقع بنطاق مسئوليتى , كنت أقوم بالمعاينة كل مساء وبرفقتى عالم أثار يونانى , إكتشفت فقد بعض الحلى الصغيرة الخاصة بأصحاب المقبرة فسألت عنها فى حين تم ترحيل العالم اليونانى لبلادة بشكل مفاجىء مما أعطى إنذارات بداخلى فقررت مواصلة التحقيق حتى ردعنى هذا المسئول الكبير ..وبدأ مجدى يتودد الىّ رغم أنة كان ألد أعدائى بطفولتى ومراهقتى ..تغاضيت عن معاركنا القديمة ومددت يد الصلح فهو جارنا وقد سافر وعاد بحلة جديدة وأنيقة مما جعلنى أظن أنة عدل من حالة السىء حتى بدأ الحديث وعرض الرشاوى لإسكاتى وكان أخر محاولة تلك التى شاهدتها "...إستيقظت كل حواسى المتعبة وإشتعل عقلى بفكرة واحدة وقلت "إذا كانت القيادات التى تحمى كنوز الوطن هى التى تسرقها فإلى من ستلجأ؟..لا يمكنك مجابهتهم وحدك .." لمع بريق التحدى الخاطف بعينية وقال بزهو " الشباب هم من سيمنعوه أركان ..وقود البلد وعمادها هم من سيقفوا للظلم الذى وقع على عاتقنا منذ وقت طويل "..رفعت حاجبى بسخرية وقلت "أنت أحمق صلاح إذا ظننت للحظة أنك وبرفقة بضعة شباب ستتمكنون من إيقاف هؤلاء الحيتان ...رغم غربتى إلا أن أخبار البلد كانت تصلنى كأننى أعيش فيها ..الأمن المركزى والمخابرات ستسحلكم وتمتص إرادتكم قبل أن ترمشوا بعيونكم وخاصة شاب ذو أصول سيناوية مثلك "..دقق النظر بملامحى وقال بشجاعة " لن أصمت لهم ولن أنخفض ليمروا على رقبتى ..سأدافع حتى أخر قطرة بأنفاسى..لن يضيع إسم صلاح الدين الذى أسميتنى بة أدراج الريح يكفينى فخراً أنهم لن ينتصروا على روحى الرافضة " فخر وزهو تفجر بأوردتى للهجتة الحماسية ولكن سرعان ما تقلصت وحل محلها الخوف , إنقبض قلبى لما قد يحملة لة المستقبل , قطع توارد تكهناتى صوتة يقول " هذا الأمر يحتاج جلسة طويلة أركان وواثقاً من أنهم لن يستطيعوا لمس شعرة منى فى ذلك الوقت "...تنهدت وزاد ثقل القلق على صدرى وقلت " سأفكر فيما قد نفعلة ..لا أعلم كيف تستطيع النوم وورائك هذا الموضوع الخطير "..تظاهر بالنوم وتدثر بغطاؤة وقال " هكذا ..ببساطة" ..فتح عينية نصف فتحة وقال " لا تقلق أركان دعها لرب الخلق يدبرها ..ما كتب سيحدث مهما طحنتنا الأفكار ..." وقفت ممسكاً بباب غرفتة وأنا أبتسم لكى أخفى هلعى علية وقلت " يالك من عاقل أيها الصغير ...غلبت لقمان الحكيم هل هناك عرق يربطك بعبد الرحمن "ضحك من تحت غطاؤة وقال " نعم ياصاحبى فنحن من أل عبد الله البدوى " أغلقت الباب وتمتمت "تصبح على خير ".فقال وهو يكشف الغطاء ويتمطى ليأخذ السرير بأكملة " قل صباح الخير " ..أغلقت الباب وتوجهت نحو غرفتى ...نعم نحن أل عبد الله البدوى المنكوبين أيها الشاب مشتعل الحماسة ...خفق قلبى بقوة مروع من الأقدار وتلاعبها , أعتصر عقلى لأخرج بأية فكرة قد تساعدنى على إنقاذ صغيرى , ضيعنى النوم بغياهبة وإستسلمت بعد مصارعة مع سلطانة ....لقد كانت ليلة طويلة , أنهكت قواى وإخترقت أشياء كثيرة بداخلى ....

إستيقظت بعد أربعة ساعات تماماً على صوت دقات هاتفى ..لقد كان عمار وقد عاد من سفرة ويريد رؤيتى ورؤية ليل ...إتصلت بها وإتفقنا أن أمر عليها فى المحل التجارى الذى لم أزرة بعد ...كان صباحاً جديداً مشرقاً أشعة الشمس البازغة تدفىء الأجواء ..المطر لم يتساقط منذ يومين مما جعل الأنحاء صيفية الحلة ..الأحلام عن مصير صلاح الدين لم تفارقنى ولا أعلم هل عقلى الباطنى المعتاد على الأشياء السيئة هو من صور لى ظلامها أم ماذا ؟......عبثت بهاتفى لدقائق وأنا مستلقى على ظهرى ثم وقفت وبنيتى الذهاب لمكان كان يجب أن أزورة منذ حضورى ولكننى أرجأت زيارتة كثيراً ..أنبت عبد الرحمن كثيراً لعدم دفن بلال الى جوار طلال بسيناء ولكنة صرح بأن والدنا هو من رفض سفرة لسيناء وصمم على دفنة هنا ...تعجبت كثيراً لموقف والدى ولازلت ..أخذت حماماً سريعاً وصليت الضحى ثم توجهت نحو المقابر ...بداية الفراق الأبدى ...كنت قد أخذت عنوانها من عمى عبد الرحمن , قدت سيارتى حتى وصلت الى مكانها ...ساقاى تنتفضان من الرهبة , تتقدمان خطوة وتتأخران خطوتين , ينوء المكان بزخم الموت , رجفة إجتاحت قبضتى الثابتة , إقتربت خطاى من قبر توأمى وبداخلى أنا من زهقت أرواح بشر خشية ملتهبة منة , رغم أنة مدفن جامد لن يستيقظ منة توأمى ليلومنى ويعاتبنى ...ولكننى لم أجرؤ على الذهاب فيما قبل والأن تعترينى رعشة خوف قاتمة وأكثر شىء يلح على ذاتى رؤية مثواة الأخير ...وصلت بسيرى الى تلك المقبرة الأسمنتية الملصق عليها جدار رخامى نقش علية إسم توأمى وأية قرآنية صغيرة .....قرأت الفاتحة على روحة وتلمست قبرة بخفة مرتعشة ...لقد مضى بطريق لا يؤوب منة الراحلون , ما كان شعورك نحوى عند وفاتك يا أخى ؟...رغم كل الذنوب التى إقترفتها إلا أننى غاضب وحزين ..يقطع نياط قلبى فراقك هكذا ....آة يابلال ماذا أفعل ياأخى ؟..أخبرنى ؟...تنهشنى الأقدار وما تلقية بدهاليزى حالكة الظلمة ....تساقطت عبرة يتيمة على وجنتى مسحتها بعنف وتنفست بعمق , أملأ رئتى بهواء يحمل عبقة ....جلست أمام مقبرتة وأخذت أتحدث وأتحدث ..تارة أقص علية بعضاً من ماضى وتارة أستسمحة لهروبى وعشقى لزوجتة ...شعرت بة يجلس أمامى يسمعنى وبعينية نظرة مؤنبة لما فعلتة رغماً عن إرادتى ...

لعنت كل شىء وكرهت عودتى وأنا جالس بجوارة ولأول مرة منذ عودتى ينتابنى ندم جارف لرجوعى اليهم ..كان الأفضل أن أظل غريب الدار ولا أنكأ جروحهم هكذا ......إنقضت نصف الساعة ولم أستطع التحمل فرحلت عن ديار توأمى أحمل مشاعر متضاربة وأفكار غاشمة بالهروب مجدداً....مررت بوالدتى قبل ذهابى لليل ..قبلت يديها وجلست معها أحاول الترويح عنها وعن حالة القلق التى أراها تقفز من عينيها السوداوين على أبناؤها وأحفادها ..كلما تطرقت لأمر ليل إنسحبت بسلاسة وأدرت دفة الحديث الى أمر أخر ....إنضمت الينا زوجة بلال ...تلك المرأة التى أعرف تصنيفها جيداً ..تلك هى مكسور الجناح التى يقصدها والدى , ضعيفة الشخصية التى تختبىء خلف ظلال الرجل أياً كان نوعة , أعى جيداً عشقها الغير مشروط لبلال حتى أننى واثق بأنها تعلم كل سلبياتة وتخفيها تحت قناع البراءة لأنها لا تريد فقدان السند والرعاية منة وهو على قيد الحياة ومن العائلة الكبيرة بعد مماتة , أشفق عليها وعلى نوعها رغم غضبى منهن ....إقتربت منى وهى تبتسم لتصافحنى وتتأمل ملامحى بقوة أكبر من المرة السابقة ثم قالت " سبحان الله كم تشبهة .." إبتسمت وأنا أتناول أركان الصغير من يديها وبداخلى هاجس مرضى وأنا أتأمل ملامحة الدقيقة وهو يمص إصبعة بفمة ويتأملنى كأن بيننا سابق معرفة ...غمرنى الألم وفكرت هل تركت طفلك بإسمى لتعذبنى بلال؟..لتذكرنى بك ؟..هل كنت تشعر بقرب وفاتك وعودتى أية هواجس إنتابتك لتسمى طفلك المعافى بإسم من يفترض أن تكرهة ملء السماء والأرض ..أم فعلت ذلك لتضمن ولائى لعائلتك المرفوضة ؟.... قبلتة والرجفة تعترينى ثم سلمتة لوالدتة لتلك القشعريرة الباردة التى اجتاحت عمودى الفقرى عند ملامسة هذا الكائن الضئيل الحجم ....

" ميساء ...تأخرنا "كان هذا نداء المزعج المبكر لا أدرى لما صممت خالتى ليلى على أن يوصلنا للمدرسة اليوم أنا وريان وطلال ...ركضت مسرعة للخارج كى لاأسمع تذمر أكثر إندسست بجوار ريان وعندما تلاقت عينانا بالمرأة الأمامية إنفجر ضاحكاً فرفعت حاجبى بدهشة علام يضحك هذا المدلل ..سرعان ما تتابع ضحك ريان وطلال نظرت على وجهى بالمرأة فوجدت المشط معلقاً بمنتصف شعرى , يا إلهى لقد بحثت عنة بكل مكان فقلت مهاجمة إياة " هذا بسبب تسرعك ومناداتك المستمرة ميساء ميساء وكأن اليوم سينتهى" ..خلصت شعرى من المشط الذهبى الصغير وأخرجت رباطة وأحكمت غلقها وسط نظراتة المتأملة المختلسة والتى كانت سبباً إضافى لحنقى علية فقلت " إلام تنظر هكذا ؟.." إبتسم وظهرت غمازتية وقال " لم أرى شخصاً ينسى مشطاً بشعرة من قبل وأحب الأشياء الغريبة ومراقبتها ..." ضيقت عيناى بتهكم وقلت " هاة هاة هاة أضحكتنى للغاية .." غمزتنى ريان وهى تخرج هاتفها المحمول وتهمس " أتركية وشأنة ميساء أنظرى لدى مفاجأة لك ..." نظرت على شاشة محمولها فوجدت صورة عفوية للأستاذ براء وهو يشرح درس الأمس عرفتة من ملابسة التى كان يرتديها فأطلقت شهقة ذعر وأغلقت الهاتف بسرعة ..الحرارة إجتاحت جسدى بأكملة وسط ضحكاتها المتواصلة التى أثارت فضول صلاح وطلال الذى كان غارقاً بجهاز الكمبيوتر المحمول خاصتة ...حمدت ربى أنة أثر الصمت عندما غمزة طلال بإشارات يدية " فتيات حمقاوات لاتأبة لهم ..." إبتسم صلاح وتزايد تحديقة بوجهى المشتعل من رعب الموقف ... تابع تورد وجنتى بسكون حتى إستطعت السيطرة على هيئتى ...أنزلنا أمام المدرسة وريان لازالت تضحك وعندما تركنا وذهب صرخت بوجهها " لماذا فعلتى ذلك ريان أخطئت ببوحى لكِ بسرى .." تغضنت ملامحها ووكزتنى بكتفى وقالت ببراءة " أيتها البلهاء لقد جازفت وصورتها من أجلك .." فقلت بإنفعال " ريان لاأحب هذة الممارسات ولا أريد رؤية صورة... ليس معنى أننى معجبة به أن تنتهزى الفرص لتكديرى .." قالت ريان بمدافعة " لم أفعل ذلك ريان لقد أردت مساندتك لا أكثر ولا أقل ..وإذا كنتِ لاتريدين حسناً سأعى ذلك المرة القادمة .." تركتنى ورحلت قبل أن أتلفظ بحرف ...
مضى اليوم وبداخلى خوف حقيقى من أن تفعل ريان إحدى حركاتها البلهاء فتفضح أمرى ...نهرت نفسى وإكتسحنى الغضب لإخبارى لها بما حدث ...تضاءلت ثقتى بها بعد حركتها تلك ومضى النهار وأنا أصب جام عصبيتى وإنفعالى على رغد التى أخذت الأمر بروية وبمزاح ...جاء وقت الإستراحة جلست على المقاعد الخشبية برفقة رغد فى حين تجمعت ريان مع صديقاته المعتادات يتبادلن الرسائل والصور ونغمات الأغانى عن طريق البلوتوث ...حاولت التركيز بكتاب التاريخ بلا جدوى فقررت الذهاب للفصل بعيداً عن ضوضاء الفتيات ما كدت أمر بجوارهم حتى قالت إحدى رفيقاتها من أرسل لى صورة الأستاذ براء ومن صورها أيتها الخبيثات ..هاتف من هذا ؟؟"..صدحت الكلمات بأذنى وتوترت دواخلى ..نظرت لريان نظرة لوم ورجاء ألا تتحدث ...أسرعت الخطى بإتجاة الفصل لمست رغد كتفى وقال "ما الأمر ميساء إنك تنتفضين يافتاة ؟..هل أنتِ مريضة ؟"..شعور بالبكاء خنقنى , وسرى الخوف والذعر بأوردتى كالنار بالهشيم ...

حلكة عمياء لفتنى وأنا أراقب الغزلان البلاستيكية يتوجهن لأماكنهم ونظرات عابثة موجهى لى لمحتها بطرف عيناى ورأسى مدفون بكتابى حتى إقتربت منى هيفاء لتقول "كيف حالك ميساء وكيف حال اللغة العربية ؟" واجهتها بهجوم شرس " ليس من شأنك هيفاء .." وتبعتنى رغد بهجوم أشرس عندما شعرت بما يجرى وقالت " لما لاتذهبى لتقلمى أظافرك أيتها الفاسدة .." إمتقع وجهها وهمست " أغبياء .." وهى تعود لمكانها فى نفس اللحظة التى دخل بها الاستاذ براء للفصل ...فتعالت صيحات وقهقهات جعلتنى أتمنى أن تشق الأرض وتبتلعنى ..لاحظ التوتر ورمقنى بنظرة متفحصة ثم أوقف الهرج والضحكات بطرقة عالية من كتابة على المنضدة وبضع كلمات توبيخ ..جعلت حالتى تسوء أكثر وأكثر ..كم كسرتنى ريان , نظرت لها بإحباط إستوطننى فلا فائدة من تغييرها ..رغم ملامحها المتجهمة إلا أننى كرهتها وكرهت عودتى لمنزل يحتوينا سوياً....بعد محاولات منهكة تمكنت من السيطرة على نفسى وتجمدت الدموع بحنجرتى ....غصة علقت بداخلى لتجرح كيانى بجرح غائر ..شعور الخيانة كريه يقتات على كل شىء حسن بدواخلى, يطمسة بلا هوادة ...تأجج شعور الكراهية والغضب حتى وصل لأقصى مداة عند نهاية اليوم الدراسى ..لم أنتظرها أو أنتظر صلاح بل أسرعت راكضة الى لامكان ..حاولت رغد أن تلحق بى ولكنها لم تستطع لأننى أطلقت العنان لساقى لأهرب بعيداً عن ذلك المكان المشؤوم ...
وصلت بركضى الى كورنيش النيل ...تأملت إنعكاس الشمس على صفحتة مما جعل المياة تتلألأ كحبات الماس ..سقطت دموعى ولم أستطع كبتها أكثر من ذلك ...شعرت بالحرج من نظرات العابرين المارقة , فتوجهت لركن تظللة الأشجار..الحيرة تعصف بى , وأمقت مجرد التفكير بالعودة للمنزل ..ولكن والدتى ستقلق ...أخشى أن يفتضح أمرى بينهم أيضاً...كيف سأتعايش مع ريان بعد ذلك إبنة خالتى التى كشفت سرى لألد أعدائى ..غبية ميساء , غبية ..كيف تأتمنيها على سر كهذا ؟؟.....مرت حوالى الساعة وأنا جالسة هكذا شريدة , مهجورة بملابسى وحقيبة مدرستى ...هاتفى لم يصمت لحظة عن الدق والدتى وريان ورغد وصلاح ...لم أرد إجابتهم ولا أعلم ماذا سأخبرهم عند رجوعى الملزم اليهم ....هممت بالذهاب وإذا بوجة حانق بعينين فضيتين يمتزجان بحمرة الغضب يدقق بملامحى فقلت بصدمة " صلاح كيف عرفت مكانى ؟"...فتح الطريق أمامى وقال " لنتحدث بالطريق والدتك تكاد تجن عليكِ.."ركبت السيارة بجوارة وإنكمش تفكيرى كما إنكمش جسدى وأنا أتشبث بحقيبتى ووجهى تظهر علية علامات البكاء بوضوح ..توقف أمام كافيتريا على الكورنيش وقال " لنشرب شيئا قبل ذهابنا للمنزل فلو رأتك والدك هكذا ستفقد عقلها .." مشيت خلفة بإستسلام ليس من طباعى ولكننى لم أستطع مواجة أى شخص فقد حطمنى موقف ريان ....دق بهاتفة على والدتى وقال بعملية " نعم انها معى شمس لا تقلقى ...تحدثى مع والدتك "..تفحصنى بعينية فزغت بناظرى الى الناحية الأخرى سمعت صوت والدتى المذعور تقول ميساء هل انت بخير حبيبتى لااعلم كيف غفل عنك صلاح حين احضر ريان ..." التفت أواجة عينية بعرفان جميل فأشاح بوجهة وبؤس قاهر على محياة ..أغلقت الهاتف وتنحنحت فهبط من السيارة وقال " لندخل ... "أعطيتة الهاتف وقلت "شكراً إخفائك أمر إبتعادى عن والدتى ..." لم يرد وأزاح كرسيا لأجل بمنضدة جانبية بعيدة الى حد ما عن رواد المكان ...قال " ماذا ستشربين ؟"...قلت بوجوم " أى شىء .." إستدعى النادل وطلب كوبين من عصير الفراولة ..أثر فىّ تذكرة وطلبة لما أحبة بعد ذهاب النادل قلت " كيف عرفت مكانى ؟.." أجاب ببرود " أخبرتنى رغد أنة مكانك المفضل حين ينتابك الغضب .." فقلت مدافعة " لم أكن غاضبة .." زفر بغيظ وقال من بين أسنانة " لاتتحامقى ميساء أخبرتنى ريان بماحدث .." جحظت عيناى بمقابلة عينية المشتعلتين بالغضب ولم أستطع إخفاء دموعى فإنهمرت على وجهى وأنا أقول بإنفعال " لقد طعنتنى بظهرى لم أعد أريد رؤيتها أو السماع عنها .." أمسك يدى وشد عليها وهو يقول بتردد " هل ما قالتة صحيح ؟..." إنهمرت الدموع أكثر على وجنتى وتعالى صوت شهقاتى مما جعلة يبتأس ومد يدة بمنديل وهو يقول بمزاح مؤلم" الناس تنظر الينا ميساء سيظنوننى قد إختطفتك بملابسك وحقيبتك المدرسية تلك ..؟"تزايد نحيبى وقال " حسناً إذا كنتِ لاتريدين التحدث بالأمر .." قلت من بين دموعى " لاأريد أن أتحدث وأصرخ أيضاً .."قال بود " حسناً أنا أسمعك .." قلت " أشعر بالغضب صلاح .." خبطت صدرى وتابعت " غصة حارقة تقف هنا ..تأبى النزوح ...ريان طوال عمرها وهى تؤلمنى و توجعنى بكلماتها ولكن موقف اليوم فاق كل ظنونى بها وفاق الوصف لبشاعتة ...لا أعلم كيف سأواجهها هى أولاً وكيف سأقف مرتفعة الرأس كما كنت من قبل أمام تلك الفتيات الغبيات رفيقاتها ..." تلعثم وهو يمسد رقبتة " هل تحبين هذا المدرس حقاً ميساء .." تخضب وجهى وقلت " أننى أكن لة الإحترام والإعجاب لا أنكر ذلك ولكن هذا ليس مبرراً لما فعلتة ..." ساد السخط ملامحة وقال بكبرياء مرحة تنضح توتراً " ليس مبرراً وهى مخطأة ولكن لن تسمحى أن يكسرك شىء أمامهم ..كونى قوية وسليطة اللسان كما عهدتك دائماً ..أم لا تتواقحى إلا علىّ فقط .." ضحكت من بين دموعى وقلت " أشعر بالقهر الشديد والضعف ..ربما أكون منحرفة الطباع ولكننى من الداخل هشة للغاية لاأقوى على مواجهتهم ..أرجوك صلاح فلتقنع والدتى بأن أخذ هذة السنة من البيت إنها تستمع اليك .." أسند ظهرة العريض على الكرسى وربع يدية أمام صدرة وقال " مستحيل .." فقلت بغضب " لن أستطيع مجابهة الأمر .." ..قال بتصميم عنيد " ميساء التى أعرفها لا تنكسر بتلك السهولة ..ستعودى شامخة متدثرة بكبرياءك وعنادك لتوقفى كل بلهاء منهن عند حدها ..." عاد النادل بكوبى العصير وضعهما وذهب فقلت " وريان ..؟" إرتشف بعض عصيرة وقال " عندما أحضرت ريان من المدرسة كانت منفجرة بالبكاء وعندما سألتها عما حدث قصت ما فعلتة وقالت إنها لم تقصد البوح بسرك ولكن من غبائها وضعت إسمك تحت صورة مدرسك ولمحتة تلك الفتاة لاأتذكر إسمها ..." غرقت بالتفكير فى موقف إبنة خالتى هل هو خدعة أخرى من خدعها لتبرىء نفسها أمامى ...نظرت لة وهو يراقب النيل وروعتة ونسمات الهواء تحرك شعرة بعفوية عقدة حاجبية تأبى الإنصراف رغم مزاحة المتكرر فباغتة بسؤال يحوم بعقلى بلا هوادة وقلت " لما أنت هادىء هكذا ؟..ظننت أنك عندما تعرف ستشنقنى حية وتذبح مدرسى .." غص بشرابة وقال بسخرية " أيتها الحمقاء أتريدين قتلى أنا الأخر بعد سلخكم أحياء .."ضحكت وأنا أشرب كوب عصيرى مرة واحدة كعادتى وعندما إنتهيت تحت نظرتة المتأملة المتهكمة وقال " لازلتى كما أنتِ بتلك العادة التى أمقتها ..كيف يتسع تنفسك لشرب كل هذا الكوب مرة واحدة ..أخبرينى " تناسيت حزنى ودموعى التى أحرقت بشرتى وقلت " سر المهنة ..ربما يوم أعلمك إياها والأن أخبرنى السبب ؟؟.." تردد قليلاً وأشاح بوجهة بعيداً ثم أخرج حافظة نقودة وترك الحساب وقال " لنكمل حديثنا بالسيارة ...لاأريد إثارة ذعر من بالمنزل لغيابنا .." شعرت بتهربة ولكننى لم أترك لة الفرصة إقتربت منة وقلت بإصرار "أخبرنى ؟.." فقال وهو يبتسم " ألا تملين ؟" هززت رأسى بالرفض فتأملنى قليلاً ثم قال " ربما لأننى أكبرمنكِ سناً وأعرف طبيعة ما يحدث لكِ..."...ركبنا السيارة وقلت بوهن " لم تقنعنى .." فإنفجر ضاحكاً وقال " هل تريدننى أن أذهب لأعلق مدرسك من عنقة كى أكون عند حسن ظنك ..وأقنعك " حدقت بملامحة الصلبة وحديثة الهادىء وكأننى أراة للمرة الأولى وقلت " لا تفعل ....أحبك هكذا ..." حدق بعينى قليلاً وتجهمت ملامحة ثم لاح شبح تفكير عميق بعقلة ....فتوترت وإنسحبت بنظراتى بعيداً عن مرمى نظراتة الفولاذية ....شغل السيارة وإنطلقنا للمنزل وبداخلى فوضى من الحواس الغريبة ....

نظرت بساعتى للمرة الخمسون بعد مغادرة رحمة ...لقد تأخر عن ميعادة ما يقارب العشر دقائق ..أمقت عدم الإنضباط بالمواعيد ...حاولت التركيز بمراجعة حسابات اليوم ولكن عقلى الأحمق يفلت ليهرب بعيداً عنى ويحضر طيفة أمام عيناى ...منظرة وهو يصرخ بوجهى بالأمس يثير غضبى وضحكى بآن واحد ..يقلقنى قلقة علىّ , يوتر أجزائى ويجعل تكهنات حمقاء تعبث بأفكارى , أخرجنى من شرودى صوت فتح الباب الزجاجى لتدخل هبة نسيم عليلة تطغى على المكيف الدافىء ...حدقت بطيفة الذى تمتم بسلام مختصر ثم أغلقت أوراقى ما كدت أنطق بتأخرت حتى باغتنى بإعتذار رقيق قائلاً " أعتذر لتأخرى الزحام خانق للغاية , حسبت دقائقى على ما تعودت علية بأمريكا ولكن هنا الوضع مختلف " ..راقبت ملامحة الواثقة الثابتة وشىء غريب دافىء يسحب لكيانى ..أجبت محاولة كسر حاجز تلك المشاعر المزعجة " نعم الوضع هنا مختلف كثيراً عن هناك ...لنذهب الأن كى لانتأخر على موعدنا .." تجول بنظرة سريعة على المحل الصغير المكتظ بملابس جديدة تنضح منها رائحة معطرات الملابس وقال بود " مقر عمل لطيف للغاية ليل ..يناسبك "...حدقت بة محاولة فهم كلمة يناسبك , قلت وأنا أرتدى معطفى وقبعتى " ما معنى يناسبك ..؟"..رفع حاجبة مستغربا إستفسارى على غير عادتى فى تجاهلة وأجاب " عملى , بعيد عن الضوضاء , تمتزج فية كل أنواع الملابس كما تمتزج بداخلكِ الطباع ...يشبهك كثيراً"..صمت وأنا أمر من أمامة وأجيب بسخرية " نعم يشبهنى ..فأنا من شيدتة منذ أحجارة الأولى وأجد بة كثيراً من ذاتى "...ساعدنى بسحب الباب الحديدى وغلقة ثم مسح يدية بمنديل ورقى بأناقة وتوجة لسيارتة وملامحة تحمل علامات إستفهام غامضة ...لاإبتسامة ولا إحتكاك متعمد ألا يزال غاضباً مما فعلتة بالأمس ..إذن ليصدم رأسة بأقرب عامود إنارة ...زفرت بحنق وهو يفتح باب سيارتة ..وجلست ثم أغلق الباب بهدوء وإتجة لمقره إرتديت قبعتى رغم دفىء الأجواء إلا أننى أردت شيئاً يشغلنى عنة ولو بدقائق ....مكتب عمار محامى بلال يبعد عن محلى قرابة النصف ساعة وبذلك الوقت يأخذ ساعة لإزدحام الطريق بالعائدين من أشغالهم ...ساد الصمت بيننا وأنا أختلس النظرات لوجهة المتغضن , العابس وهو يضم حاجبية بنركيز شديد على الطريق ..فيما تفكر غريب الدار ؟..أى الأشياء تدور بداخلك ؟...تنهدت وأنا أفتح نافذة السيارة لأتنشق بعض الهواء البارد وأنا أنهر نفسى بقوة لإهتمامى المبالغ بة ..لا أعلم لما إصطدم عقلى بتلك الذكرى البعيدة وكأنها عمراً أخر حين إلتقينا أول مرة ...كنت عائدة من السعودية التى كنت أمقت معيشتى بها لإفتراقى المضطر عن رفيقاتى التى لم أعد أعرف أين إنتهى بهم الحال ..أبعدنى والدى عنوة عن كل شىء يخصنى كنت غاضبة وحانقة فى حين كانت شمس تتعجلها وسعيدة بها ...لم تكن تعرف إننا سنعود منها ببؤس أكبر , أول لقاء بيننا كان عاصفاً ..تأملنى بعينين مندهشتين مما ضايقنى وجعل أشياء غريبة تفتح أبوابها بغتة رغماً عنى وفقدت القدرة لبرهة على التفكير على عكس عادتى مما جعل إحساسى المترصد يرفع كل أسلحة الهجوم , يتأهب لمقاومة هذا الغريب الذى وتر دواخلى ...يا إلهى كم مضى من العمر ؟؟...تلك النظرة التى ثقبنى بها لم أتعرض لها بحياتى ولن أنساها يوماً ...إلا أننى بغضتة للهجتة المستفزة وتساؤلاتة عن منزل عمة وكأننا سرقناة ...يالحمقى كم كنت بلهاء فحين عدت للسيارة الى جوار والدى أخذت ألعن اليوم الذى عدنا بة ...ورأينا هذا المتحذلق ولكن لم يكن باليد حيلة ....قطع شريان ذاكرتى صوتة يقول " سأقف هنا لأشترى سجائر وأعود سريعاً..." هززت رأسى موافقة وراقبتة بسترتة القطنية الرياضية وبنطالة الجينز الثلجى اللون وهو يركض بخطوات واسعة الى ذلك المحل الصغير فى زاوية الشارع ..راقبتة يأخذ سجائرة ويدفع نقود ثم يحدث جدل لبضعة دقائق وإبتسامة هادئة ودع بها الرجل العجوز وهو يرفع يدة للسماء ويدعو للغريب الكريم ..
أدرت وجهى كى لايلاحظ مراقبتى لة ..أدار السيارة وقبل أن يشعل سجائرة قال " أيضايقك أن أدخن ؟" قلت بهدوء " لابأس ...رغم أنها عادة سيئة "..إبتسم وهو يمسح وجهى بنظراتة وهمس " نعم بعض أثار الغربة .."إلتفت ليعود للإنتباة الى الطريق وغرقت بفيضان غاشم من المشاعر العابقة بدخان سجائرة ...لم يكن بلال يدخن ..لاأعلم لما ورد هذا لذاكرتى فشعرت بالضيق و فتحت النافذة بحيث تسمح بمرو الدخان الى الخارج وقلت " هل ذهبت لزيارة والدتك اليوم ؟"قال بثبات " نعم كنت برفقتها قبل حضورى اليك "...سألت بتردد " هل لازالت ضيفتها هناك ؟"...تنهد وهمس " نعم ..عمار كان يريد حضورها إلا أنها رفضت وصممت على عدم الحضور برفقتنا .." سادت برهة قاتلة من الصمت , نارتغلى برأسى تذيب شرايين عقلى واحداً تلو الأخر فقلت بلا وعى " تحيرنى تلك المرأة وتثير هواجس الشك بداخلى هل تظن أنها كانت تعرف بما يفعلة أخيك ؟"التفت ليختلس نظرة سريعة وقال " بل واثق أنها تعرف كل شىء ..عمار هو من سيخبرنا حقيقة هذا الزواج من بدايتة فقد كان رفيق بلال المخلص كما أخبرنى صلاح الدين .."..قلت بتردد " أرى أنك إتفقت مع صغيرك .."..ضحك وأخذ نفساً عميقاً من سيجارتة وقال " نعم أقنعتة بوجهة نظرى ..كما سأقنع أناس أخرين قريباً"....رفعت حاجبى بسخرية وقلت " الأناس الأخرين متصلبى الرأى والرأس ويفهمونك جيداً فلا تحاول وتهدر طاقتك .." دق بأصابعة على المقود ولم تفارقة الإبتسامة وقال " لما تكرهيننى هكذا ليل ؟"...قلت وأنا أعبث بحقيبتى " لاأكرهك .." فقال " هل تحبيننى ؟"...فارت الدماء بداخلى وأحرقت السخونة المتأججة أحشائى وقلت " ما هذا الكلام السخيف ؟.." ضحك وأكمل " حسناً لا تكرهيننى ولا تحبيننى ..أقف على حافة الإحساسين صحيح ؟" إختلست نظرة لملامحة المتهكمة وقلت " توقف عن السخرية منى والصراخ بوجهى وربما تنحرف قليلاً وتكون على خط الصداقة "...قال " يعجبنى الأمر طالما لم تثيرى غضبى بملابس قصيرة وخروج بعض منتصف الليل للتمشى .." لم تضايقنى لهجتة المستفزة ولا أوامرة المضحكة لم أجيب وصمت ولا أعلم هل صمتى موافقة أم لامبالاة على كلماتة تلك ..عاد لعبوسة مرة أخرى ولكنة أخذ يتحدث بأشياء عجيبة وغريبة , ثرثرة لاتتعدى رصف الكلمات ...بعض الحديث بالسياسة ومقتة من نظام الدولة وتشعبة للحديث عن بلدتة الأم سيناء وظروفها المدقعة الفقر بسبب الحكومة , شعرت بضغينة غير محتملة على سياسة الوطن من قبلة ولكنى لاأعرف هل هى حقيقة أم مجرد حقد دفين نتاج الغربة وبرودها ...لم تشغلنى يوماً ظروف البلد السياسية او أى شىء يخصها كان يكفينى مسؤوليات عاتقى لتحرك عقلى بلا هوادة فلا يجد حتى دقيقة ليفكر فى غير أمورة ...إنحرف بنا الحديث حول مذاكرة الأولاد وحياتهم وطلب منى أن أسمح لة بأخذهم معة لسيناء بالأجازة ووافقت ..أصبحت كالمغيبة عن الوعى وأنا معة يختم الموافقات من شفتى بلا جهد شعرت بة رفيقاً قديماً يؤازرنى بأحلك أوقاتى ويمد يدة ليأخذ عنوة بعض مسئولياتى ليكمم بها عاتقة ...ما المقابل غريب الدار ؟..عودتك أم ماذا ؟
وصلنا لمكتب عمار فإرتجفت ركبتاى , أخر مرة كنت هنا عدت وبداخلى زاوية مظلمة سوداء الهوية ...تعثرت وأنا أخرج من السيارة فأمسك بيدى بسرعة البرق وتلاقت عينانا برهة ثم سحب يدة وكأن شعلة جمر أحرقتة زاغت عينية ودس يدة بشعرة وقال " هل أنتِ بخير؟"..قلت ودوامة ضائعة بداخلى " نعم بخير شكراً لك ."..صعدنا الدرجات ودلفنا للداخل ..قابلنا عماربعملية جامدة ..أعطاة أركان الأوراق وهو مكفهر الوجة وسأل بإتهام واضح " هل كنت تعلم بما يفعلة عمار ؟..." هز عمار رأسة بالنفى وقال لم أعرف بذلك الأمر مطلقاً أركان ..الذهول الذى إرتسم على محياة صدق إعترافة وهمس أركان بنفاذ صبر " كيف تكون محامية ولا تعلم شىء عن هذا ؟"...إنتفض عمار بغضب وقال " أتتهمنى بشىء ها هنا أركان تكلم بصراحة ؟"..قابلة غريب الدار بغضب أشد قسوة وصلابة " نعم عمار أعلم جيداً كم كنت صديقاً وفياً لبلال وأريد أن أعرف حقيقة هذة المتاهة التى نعيش بها .."..رد عمار بكأبة " لاأعلم سوى ظروف زواجة من سلمى أما تلك التصفيات التى قام بها بعملة لاأعرف عنها شيئاً.." كنت جالسة أراقب ما يحدث والصمت يغلفنى لاأقوى على كلمة واحدة وأنا أرى غريب الدار يتحدث ...قال عمار وهو يجلس بمكانة والإرهاق بادٍ على وجهة " سلمى كانت إبنة لرجل ذو نسب بعيد لكم كان يمتلك شركة مقاولات كبيرة بسيناء ضربت أسهمها بالبورصة فهبطت وعرض بلال على الرجل شراءها ولكنة قصم ظهرة بالسعر ولم يكن لة أى باب أخر سوى أخيك فوافق على البيع المبلغ الذى تلقاة كان بخساً أمام قيمة الشركة...بعد فترة علم بوفاة الرجل وعن تركة إبنة شابة تشاء الصدف أن تكون فى شركة بلال تتلقى تدريبها فيراها بلال ويصمم على تزوجها لإحساسة بالذنب مما فعلة ..." باغتة أركان بجمود " أشعر بالذنب من تضييع ثروة رجل خانتة الأقدار ولم يشعر لعمليات النصب التى فعلها "..زفر عمار بضيق " انت بالذات لا تتحدث أركان اذا كان بلال قد أخطأ فأنت ارتكبت كبيرة الكبائر بحقة وليلى معك "..إشتعلت عينا غريب الدار وإنقلب لونها الى الفضة المنصهرة فقلت " ماذا تعنى عمار ؟.."...نظرة واحدة من أركان لجمتة وأصبحت الجاهلة الوحيدة بينهما فجاء دورى بالصراخ" ماذا يقصد أركان ..ماذا تقصد عمار ؟..فليحدثنى أحدكم .." هب أركان واقفاً وقال " لقد إنتهى الحديث ها هنا ..عمار سنتحاسب فيما بعد وهذا وعد منى "..ضيق عمار عينية وظهر تحدٍ صارم بهما ..قال " هيا ليل لنذهب .." قلت بإصرار ثابت " لن أمضى من هنا خطوة واحدة إلا عندما أعرف ماذا يقصد بكلماتة الأخيرة .."سادت الرهبة والترقب الأنحاء نظرات عمار وأركان تتعارك بوضوح جلى ....بتر الصمت الكئيب ذلك صوت دقات على باب المكتب ويفتح لتظهر إمرأة محملة بأكياس مشتريات وتبتسم بوجوهنا ثم سرعان ما إقتربت وهى لاتزال ترتدى نظارتها الشمسية لتصافح أركان وتقول بعربية متعثرة " كيف حالك بلال ؟"..قدماى تجمدتا وأصبح الفلك يدور من حولى بعبارة واحدة كبيرة إرتكبتها بحق زوجى أجهل حدودها وملامحها ....قال أركان بصوتة الخشن الجوهرى "أدعى أركان أنا توأم بلال .." تخضب وجهها بالخجل وهى تخلع نظارتها وتنظر بذهول الى ملامحة وقالت بتلعثم يجمع بين اللغتين "أسفة للغاية ...كيف حال بلال ؟.." فركت جبهتى محاولة إخراج نفسى من تلك السخونة اللافحة التى تغرقنى وسمعت صوت عمار يقول " لقد توفى بلال شذى منذ أشهر عندما كنتِ بالخارج ...هذة شذى زوجتى ..." وضعت يدها على فمها وقال " ياربى أعتذر ..أعتذر حقاً لا أدرى ماذا دهانى اليوم ؟.." قال أركان بعملية " لاعليك ..سنذهب الأن اليس كذلك ليل ؟" نظرت لة من حفرتى السحيقة يمد يدة لى وعيونهم تترصدنى لفترة السكون التى إغتالتنى ...لمحت شبحة يقترب وقال " لنذهب الأن .." حملت حقيبتى بألية وخرجت مارة بزوجة عمار التى همست بصدق " أسفة للغاية ..."...
هبطنا بالمصعد الضيق الذى ضاق أكثر وشعرت بالهواء ينقص وينقص الى أن بدأ صدرى يعلو ويهبط , المرايا التى تلف جدرانها تنعكس فيها تجسيدنا واقفين بملامح ثابتة راقبتة مكفر الوجة وكأن حزن العالم يتربع برعونة بعينية ....فيما شاركتة لإيذاء زوجى وهو لم يكن هنا من الأساس؟؟ .....وضعت يدى على رقبتى أخلصها من قيد وهمى يخنق روحى ووجدانى كان الطريق للأسفل طويلاً وعندما وقف ذلك التابوت الحديدى إندفعت مسرعة بإتجاة الشارع الرئيسى أتنشق الهواء المفقود من رئتى , راقبنى ولم ينطق بكلمة واحدة ...فقلت " ماذا كان يقصد أخبرنى ؟" تسربل وجهة بالظلام وظل متلحفاً بصمتة البغيض الذى أكرهة ...
أجاب بعد برهة " لنمضى ليل وسنتحدث بالطريق ..أرجوكِ" ...ركبت السيارة وكلى متوقفاً عن العمل منتظراً إشارة الحقيقة التى أغفلها ويعلمها هو وعمار ...



التعديل الأخير تم بواسطة هبة ; 10-03-12 الساعة 05:48 PM
malksaif غير متواجد حالياً  
التوقيع









رد مع اقتباس