عرض مشاركة واحدة
قديم 24-03-12, 12:38 PM   #1198

malksaif

نجم روايتي وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية malksaif

? العضوٌ??? » 120710
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,545
? الًجنِس »
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » malksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond reputemalksaif has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي عاشق ليل لا ينتهى

الفصل التاسع عشر ...

مرت حوالى الساعة ونحن نكوى بنار الإنتظار , تحرقنا لهيب الظنون , تهيىء لى الشكوك السوداء أفاعى تلتف حول عنق صغيرى تريد وأد شجاعتة ....الألم يستنزفنا جميعاً شيئاً بشيئاً يستلب كل القوى الكامنة والإيمان بأن الأمور ستؤول للأفضل يضمحل ويضمحل حتى إقترب من التلاشى ..خرج عمرو وقال " سأعود مرة أخرى...صلاح يريدونك بالداخل لبعض الإستفسارات الأخرى .." عندما إقترب منة صغيرى أمسك ذراعة يوقفة وهمس بأذنة " جاريهم ...أو ستؤذى نفسك وعائلتك .." التفت الية صلاح يحرقة بشرارات عينية الغاضبة ونزع ذراعة وإتجة للداخل وسط ذهولنا العاجز المقيت ..لا نستطيع فعل شىء ...كل حركة محسوبة علينا ومفخخة فربما ينتظر هذا الضابط الظالم عرفان لحظة خروجنا عن السيطرة ليحكم قبضتة أكثر على الصغير .... علمت من ملامح عمرو الغامضة صعوبة المفاوضات , فأخذت أضرب الحائط بقبضتى بعنف ..مرت ساعتين وتلاهما ساعتين أخرين يرفضون دخولنا أو حتى دخول عمار وكلماتة التى أثارت فوران غضبى أكثر "أن لا شىء بيدنا سوى الإنتظار ..."
بعد بعض الوقت سمعنا صوت إرتطام وتأوة فهببنا متجهين نحو الغرفة فمنعنا العسكرى ورفاقة بحزم مطيع لسيدهم ....عاد عمرو بخطوات واسعة وجهة مسترخى بعض الشىء وقال لعمار " تحدثت مع بعض أقاربى من ذوى النفوذ وواثق أننى سأستطيع هذة المرة التأثير علية "..دلف للداخل وسط موجة من الفزع تلفنا بشرنقة صمت كئيب , لم أعد أشعر بهم حولى ...شعرت بالأيام تركض للخلف , تركض لتوصلنى لنفس ما حدث معى بنفس التجسيد والذل والمهانة فكرهت الوطن ..كرهتة بكل وجدانى ..بغضت أهلى الصامتين الخانعين الذين توارثوا نقمة الإختباء مع موروثاتهم الأساسية ...جعلوهم يتجرعون ذل اللامبالاة مع لقمة العيش الجافة التى لايستطيعون الإستغناء عنها , زرعوا الوهم بدواخلهم على إنهم من يقطعون الأرزاق ويوصلونها ...تنحنى وتصمت وتتظاهر بأن كل شىء يسير على أفضل ما يكون ...تصبح مواطناً محترماً فاقداً لأقل حقوق المواطنة ...تتحدث وتعقب عما تراة يقطع لسانك ويذبح فكرك وعقلك على مقصلة الظلم والإستبداد ...شعرت بيديها تتلمس ذراعى لتعيدنى الى وجوههم الضعيفة المنصاعة فأغمضت عينى بقوة لاأريد التفكير بهم هكذا لأننى أصبحت بمكانى هذا واحداً منهم بكل عيوبهم ..هزتنى برفق وقالت بإبتسامة متوترة " سيكون بخير ...ثق بة ..إنة قوى .... سيكون بخير .." تأملت ملامحها وكرهت إنعكاسى الشاحب العاجز بعينيها فأشحت بنظرى بعيداً فإبتعدت خطوتين بإضطراب ....فى تلك اللحظة ظهر عمرو صديق علىّ متجهم الملامح تشوب نظراتة كبرياء مجروحة وقال" إطمئنوا كل شىء على خير ما يرام ...الضابط يريد فقط إمضائة على التحقيق وسيرحل معكم ..."تعالت الهمهمات الشاكرة لله ثم أخذنى عمرو بعيداً عن الجمع وقال " علمت أنك السيد أركان من وصف علىّ ..إن عرفان ليس بالند السهل حاول تعقيل أخيك الصغير إنة يعبث مع قنفد سام سيمحية من على وجة الأرض لو علم بتصميمة على ما يفعلة ..هذا الموقف لم يكن سوى شدة أذن خرقاء.." شعرت بالنفور من ذلك الشاب المتعدد الأوجة وقلت " لماذا دخلت كلية الشرطة ؟.." تعجب لسؤالى إلا أنة ذكى وسريع البديهة فقال " بكل مجتمع هناك الصالح والطالح ...كما فى عملنا هناك النوعين أيضاً فلا يمكنك الحكم بفساد الكل لأن أحدهم وحش كاسر أعطاة أسيادة سلطة كى تكون سوطاً يضرب بة من يرفع عينة فى عينهم ...والناس هم من ساعدو على تدشين تلك السلطة سيد أركان هم من إنحنوا ومكنوا هذا الوحش من السيطرة عليهم ...دخلت هذة الكلية ونيتى حماية الوطن ولكن الوطن ظهر بثوب أخر غير ما إعتدت على رؤيتة بة .." فقلت " أنت الأن تطلب منى أن أجعل أخى ينحنى لهم ..أهذا الوطن الذى تريدونة حقاً؟..." حدق بملامحى ثم أفرج ثغرة عن إبتسامة واهنة وقال " ليس من العقل أن تعرف أن هناك عاصفة قادمة وتقف بمواجتها عارياً على الرغم من يقينك أنها ستبيدك , الحكمة أن تنحنى وتبتعد عن طريقها حتى تمر ثم تبدأ ببناء حصون تحميك من غدرها كلما أطلت برأسها ..والوطن شأنة كبير وما نريدة يعتبر صفر على الشمال أمام ما يحدث بالفعل ..."...نظر بساعتة وتابع متهرباً " يجب أن أذهب ...أعتذر إن كان بكلامى شىء ضايقك ولكنها الحقيقة المرة التى نأبى الإعتراف بها ...إرسل تحياتى لعلىّ .." صافحتة وقلت " شكراً لك .." أجاب بإبتسامة خفيفة " لم أفعل شىء صلاح كان سيخرج بأى حال من الأحوال فلا شىء يدينة وقد قيد التحقيق كبلاغ كاذب ...السلام عليكم .."..

مرت عدة دقائق وخرج صلاح متجهم الوجة بكدمة فى شفتة السفلى فشل بإخفاؤها بيدية فتصلبت بمكانى كمن تلقى صفعة مدوية بكيانة ..حاول رسم ضحكة مزيفة لم تقنعنى وقال " أنا بخير لنذهب .." ملامحهم المشفقة تعجز عن وضع الكلمات بنصابها فلزموا الصمت المقيت والإنهزام المفجع ...شبك يدة بذراع والدى وقبل رأسة وهمس " أنا بخير ...لنذهب هيا بنا .." تحركوا خطوات للأمام , لم أستطع السير وكأن شيئاً لم يكن ....شعرت بنفسى أعود من غيبوبة الذهول لقد ضرب صغيرى هذا الأرعن الخائن طار صوابى وإتجهت نحو مكتبة فوقفت ليل بطريقى وقالت " أركان ..أرجوك لا تفعل " كأنها كانت تراقبنى وتعلم بما يعتمل بوجدانى ..فقلت " سأتحدث معة فقط .." هزتنى من كتفى وقالت بإنفعال " أركان ليس الزمن المناسب ولا المكان عصبيتك ستزيد من حجم المشكلة ... أرجوك فقط دعنا نمضى بطريقنا .....لن يرحموك إنك بعقر دارهم ...لا تتحامق من أجل أخيك الصغير ...." إقترب من دائرة جدلنا عماروقال " هنا لاوجود لحقوق الإنسان أركان ...لا تضخم الأمور فلا مجال لهذا الأن .." شبكت يدها بذراعى وسرت معها وأنا غارق فى إنقباضة عاصفة لا أستطيع التحرر منها وأقسمت على العودة للإنتقام من هذا الوغد ..... توجهنا للسيارات بعد أن أخبرتنا شمس بإستقرار حالة والدتى وإصرارها على الذهاب للمنزل فقررنا إصطحابها انا وعمارلوجود زوجتة بصحبتهم , وصلاح ووالدى وعبد الرحمن سيسبقوننا على المنزل , تحدثت معة قبل ركوبة سيارة عبد الرحمن وأخبرنى إن الأحمق ضربة عندما واجهة بأسماء من يرتشى منهم ......لمعت الشجاعة التى لاتنطفىء فى بؤرة عينية وتابع " لاتقلق أركان ..تلقيتها كرجل وسأعيد هديتة الية كرجل أيضاً مهما طال الوقت وإن لم يكن سيطول فالفرج قادم عن قريب ..." نظرت لة مندهشاً من صلابتة وكلماتة المفخخة بالألغاز .....غمزنى بصدرى وأكمل " أنا بخير فلا تنظر الىّ هكذا " مسحت وجهى بيدى ولم أستطع الرد على تصميمة وقوتة التى فاقت قوتى وأبهرتنى ..دق هاتفة فأجاب يقول " يا أهلاًَ بأصحاب الأيدى الثقيلة ..عرفت الأن لما وافقوا على ضمك للشرطة رغم عدم وجود واسطة لك يدك كبيرة الحجم هى السبب قبلها كل صباح ومساء يا أبو عليوة ..." صمت قليلاً ينتظر ركوب والدنا الذى كان يتحدث مع عمار وقال " لا تأتى علىّ الأمر قد إنتهى ...."ركب السيارة وإنقطعت باقى كلماتة المختلطة بروح الشباب التى لاتستطيع معرفة سر مزاحها وجديتها ....تابعتهم بنظراتى حتى تحركوا بإتجاة المنزل والتفت لأجد ليل توشك على الركوب مع عمار فأسرعت لإعتراض طريقها خوفاً من أن يتفوة عمار بشىء وأنا واثق أن ليل ستلح لمعرفة ما كان مقصدة من كلماتة التى أطلقها بمكتبة .......قلت " هيا ليل ستأتين معى .." فقالت بهدوء " ما مشكلة سأركب مع عمار فهو يجهل طريق المشفى .." فقلت بتصميم عنيد " سأقود برفق حتى يستطيع اللحاق بنا .."ثم تابعت لرؤية علامات العناد قادمة بالطريق " أريد الحديث معكِ..." فضاقت عينيها , قال عمار " لا مشكلة ليلى سألحق بكم ..." ...
إنطلقنا بطريقنا ...وجدتها تفتح حقيبتها لتخرج حبة صغيرة تضعها تحت لسانها فقلت " هل هناك مشكلة ..؟"فقالت "مجرد صداع .." ساد الصمت لدقائق فقالت بإضطراب" لا أعتقد أن الأمر إنتهى عند هذا الحد ..." أجبت " لا ....لم ينتهى فهذة فقط البداية ..." تنهدت بعمق وقالت " ياالله ..." قلت " كل شىء سيكون على ما يرام ليل , لن أجعلى يتأذى .." قالت بثقة وهى تتأملنى " واثقة من ذلك ....أنا قلقة على والدتك لم تعد تستطيع تحمل الضغط العصبى هذا ..."فقلت " أعلم ولذلك سنحاول السفر لسيناء لبرهة حتى تستقر الأوضاع ها هنا .." رفعت طرف شفتها بسخرية وقالت " أنت تحلم صلاح من المستحيل أن يهرب .." ..لا أعلم لما ضربتنى حروفها فى الصميم وقلت " إنة لن يهرب إننا فقط نحاول حل الأمور بطريقة لا تجلب علية المشاكل .."..حررت شعرها الطويل من ربطتة البلاستيكية , وأخذت تدلك رأسها بعفوية أفقدتنى السيطرة على عيناى المشتاقتان لها ,وقالت وهى تستند برأسها على الكرسى وتغمض عينيها بإسترخاء أظهر تعبها وإرهاقها المتزاحم " لاأعتقد أنة سيوافق .." صمت وأنا أراقبها وإشتدت يدى على المقود ومشاعر بركانية تثوربوجدانى فقلت " يجب أن يوافق ..." سرقت نظرة لملامحها فوجدتها تراقبنى بنصف عين وتقول "هل تخشى أن يصبح مثلك؟؟ ....." إبيضت مفاصلى من شدة ضغطى على المقود وشعرت بكرة من نار تهبط لأحشائى فقلت " ماذا تقصدين ؟..."..ظلت تراقبنى بنظراتها الفولاذية وأجابت " أن يصبح مثلك ويتعرض لنفس ظلمك الذى أجهل ماهيتة ..." حدقت بملامحها وقلت " من قال لكِ أننى تعرضت لظلم ما ..؟" تنهدت وأغمضت عينيها وهى تقول " سمعتك تخبر صلاح بالأمس أنك تعرضت لظلم كبير غير مجرى حياتك .." زفرت بإرتياح وشعرت بإطمئنان يسرى بأوردتى ما لبث أن تدهور حين قالت " لم نكمل حديثنا عما كان يقصدة عمار .." فركت صدغى بعصبية وفكرت لاأستطيع مواجهتها بمشاعرى الأن ستثور كبركان بلافات حارقة تهدم كل من يقترب منها فقلت برجاء " هل من الممكن أن نؤجل الحديث بهذا الأمر الأن ليل فلا أستطيع تحمل ضغط أكبر من هذا ..هل تسمحين ؟.." إعتدلت بجلستها وقالت وهى تعبث بحقيبتها " لاأعلم ولا أستطيع أريد أن أعلم ماذا فعلت لأؤذى بلال ...إن التكهنات تنهش تفكيرى ..ولكنى مقدرة لما انت فية و..." قاطعتها قائلا " ياليل ليس لك ذنب بما فعلتة أنا إنة شىء يخصنى وحدى وإذا كان عمار يعتقد بأى شىء أخر فمعلوماتة خاطئة " نظرت لى بتوتر وقالت " لا أفهم.." قلت بهدوء ثابت " فقط إتركى هذا الأمر ليل قليلاً... فقط قليلاً .." تنهدت وقالت "أيا كان .."وصلنا الى بوابة المشفى الرئيسية فهبطت قبل أن أتوجة للموقف الخلفى وقالت " إلحقوا بى ...سأدخل من هنا .."..راقبت خطواتها المسرعة نحو الباب الزجاجى ببنطلونها الضيق وبلوزتها القصيرة المحتشمة ببعض الأعراف ولكن ليس بعرفى ...ولاأعلم لما إصطدمت عيناى بالمرأة الأمامية لأجد عمار يراقبها تارة ويراقبنى تارة فأطلقت بوق غاضب ثم توجهت للمكان المخصص لركن السيارات ولكن ليس قبل أن ألقى نظرة على وجهة المتجهم ...

أرهقتنى شمس بالمكالمات الهاتفية حتى إضطررت لوضعة على الصامت ولا يصدر منة سوى رعشة الهزاز ..دلفت من البوابة ورأسى متخم بالأسئلة التى لاتتوقف كينبوع متدفق لا ينتهى ...يحيرنى غريب الدار لحد الجنون والتفكير ببعض الأوقات بطريقة غير واقعية البتة ...قابلت تلك المرأة الفاتنة زوجة عمار بعينيها الخضراوتين الناعستين وشعرها الذهبى بحمرة طفيفة كوقت الغروب تقف عند موظف الإستقبال تسألة عن شىء , أخبرتنى شمس عن وصولها الجرىء وتعريفها بنفسها وأعى جيداً إنها تعرف عمتى أم طلال من بلال وقد كنت أسمعهما يتحدثان كثيراً على الهاتف فى حين كنت أرفض بتاتا أية علاقة بزوجات أصدقاء زوجى كنوع من رفضة الأساسى بعد نكبة زواجة الثانى , كنت أشعر بعمتى تتعمد مضايقتى ومحادثة هذة المرأة أمامى حتى كنت أبغضها بدون أن أعرفها تقدمت وقلت برسمية " هل هناك مشكلة ؟.." إلتفتت وحين رأتنى إتسع ثغرقها الرقيق عن إبتسامة ترحيب وأجابت بعربية مكسرة أثارت إعجابى وإحترامى" أم طلال مصممة على الذهاب للبيت والإدارة مصممة على عدم إمضاء أوراق خروجها الا غداً حتى تطمئن على صحتها .."
فقلت موجهة حديثى للموظف المسئوول" سأمضى على أية إقرارات ..أعلم عمتى جيداً لن تستريح سوى بمنزلها .." وهكذا دلفنا سوياً للداخل بصمت حتى وصلنا للغرفة شمس عينيها لاتزالان تحملان أثار الدموع ميساء وريان شاحبتى الوجة وعندما لمحونى إندفعوا يسألون عن صلاح الدين فطمئنتهم ودخلت لعمتى المستكينة بهدوء على فراشها بعد سماع الأخبار الجيدة ربت على يديها وقبل أن أتفوة ببنت شفة وجدت عمار وغريب الدار يدلفون للداخل ..عندما رأتة والدتة ترقرقت دموعها بإباء عجيب فإحتضنها بسكينة وقال " كل شىء على ما يرام كما وعدتك فقط لا تقلقينى عليكِ هكذا حبيبتى " زاد تشبثها بة وظهر بكاؤها المتماسك الذى قطعة عمار بقولة " أم طلال صدقينى لا شىء قد لحق بصلاح إنة فقط بلاغ كاذب .." هزت المرأة الكبيرة رأسها وقالت بإبتسامة واهية " بارك الله لى فيكم ...أنا بخير عندما يكون أطفالى بخير ..هيا أريد رؤيتة " إنزويت بركن الغرفة أراقبهم بلهفتهم وضياعهم وحزنهم الذى جعل هماً يسحق ضلوعى ويفتت أوردتى.... الحزن والأشياء السيئة تلاحق هذة العائلة بتزمت وكأنها تأبى تركها تستريح ولو لوهلة..راقبت ولدها وهو يساعدها على النهوض بعد أن أخبرتة شذى بما حدث مع موظف الإستقبال وعدنا جميعاً للمنزل , شمس تتشبث بيدى فى الكرسى الخلفى كطفلة صغيرة فقلت بهمس " أنا فخورة بكِ عزيزتى لدرجة لا تتخيلينها " ..طأطأت رأسها بخجل وهمست " لولا شذى ما عرفنا نتحرك ..." نظرت لها برهة ثم قلت " أعلم إنها ساعدتك ولكننى مازلت فخورة لتقبلك المهمة من البداية ..."..صمتت وهى تشد على يدى بسكون مضطرب , بجوارها تقبع ريان نائمة على صدر ميساء بإرهاق واضح وعمتى تجلس بثبات مهتز على الكرسى الأمامى بجوار غريب الدار ويحتضن يديها بحنان أفزعنى ويتبادل معها أحاديث خفيفة تجعلها بأكثر الأحيان تبتسم ....وصلنا للمنزل بسرعة البرق بعد أن ودعنا عمار وشذى فى مفترق الطريق على وعد بزيارة قريبة ...
كان الإستقبال حافلاً وأخذت عمتى تحتضن صلاح الدين طوال جلستنا حتى إنة نام على ركبتها وسحبة أركان سحباً ليعود بة للمنزل قبل أن يأخذ مكان عمى عبد الله بجوار والدتة ....نال التعب منا جميعاً فقد أوشك الليل على الإنتصاف وغطت الحلكة الشارع الهادىء فعاد الرجال الى بيتهم ورجع عم عبد الله الى غرفتة بعد علمة بسفر سلمى مع طفلها الى سيناء مفاجئة بعد مغادرتنا مباشرة بحجة جلب باقى أشياؤها لتستقر بمنزل بلال ....إطمأننت على أطفالى بعد أن نظمنا فوضى المنزل لنتمكن من النوم ... ...ريان كانت أحسن حالاً من طلال الذى نام بسريرة وكان ينتفض من شدة الغضب والحزن دون أن يتحدث كعادتة ...لم يقل أو يشير بشىء منذ وصولنا من المركز فقط " إتركينى لأرتاح قليلاً أمى ..." شعرت أن طلبة لتلك الراحة سبباً عابثاً لينفرد بنفسة ...توترنى أفكار طفلى السابقة لسنة وألوم نفسى دوماً لأننى رسخت بة قوة وصلابة لم تكن تلائم من هم بوضعة ...فشخصيتة تحملة أحلام زاخرة بأشياء لا تمت بصلة لواقعة.......قبلتة وسرت نحو المطبخ لأحضر بعض القهوة ....إرتشفت رشفة صغيرة وراقبت سخونتها اللافحة وأنا أدلف لغرفتى الهادئة ....الخوف يعتصر عقلى وتتلقفنى الأحداث محاولة إستخلاص طريقة للفرار من ذلك الشرك الذى قيد صلاح الدين إلا أننى كنت واهمة ...نظرت لهاتفى الملقى على المنضدة القصيرة فتناولتة ونظرت بالساعة فوجدتها الثانية بعد منتصف الليل ...دققت على رقم صلاح لأطمئن علية ..رن لوقت طويل قبل أن يأتينى صوتاً جوهرياً عميقاً وعبارة مترددة " مرحباً ليل ..." فأجبت " مرحباً....هل صلاح بخير أردت الإطمئنان علية ؟.." فقال بثقة " إنة بخير لقد ذهب لينام ونسى هاتفة فى جيب سترتة بالخارج فأحببت طمأنتك .." لاأعلم لما فتح نفق مضىء بداخلى وشعرت بقلبى يخفق بجنون فسعيت لإنهاء المكالمة فقلت " حسناً ..شكراً لك ..تصبح على خير .." صمت قليلاً قبل أن يجيب " حسناً ...هل تريدين النوم حقاً كنت أريد الحديث معكِ قليلاً وأخشى إزعاجك .." جلست على حافة السرير بإنفعال وقلت " لا ....لا تزعجنى , حقيقة أشعر بالأرق ..لا أستطيع النوم من القلق والتوتر على مصير صلاح ...وحال العائلة بأكملها يرهقنى ..."أجاب بشجن " لاأستطيع النوم أنا أيضاً...يثير جنونى أخى الصغير الذى توسد ركبة والدتة وغرق بنوم عميق وسط نوبة قلقنا تلك .."....ضحكت وقلت " أشعر بالحسد إتجاهة ...أتمنى أن يعطينى بعضاً من هدوء بالة ذلك ..." صمت قليلاً ثم قال" هل تصدقين عندما سألتة أجابنى بقولة أن الأقدار مقدرة وعسى أن تكرهوا شيئاًوهو خيراً لكم وأن الله لن يرضى بالظلم ...طالما هو ليس ظالماً سينام ملء جفنية ...يعيدنى لنقطة البداية هذا الشاب يجعلنى أشعر بمدى بعدى عن ربى ....تقلقنى كلماتة التى تشبة كثيراً كلمات طلال أخشى أن يواجة يوماً نفس مصيرة ..فراقة سيحطمنى " قلت بتفائل " هو أفضل منا جميعاً يروق لى صمودة وتفكيرة هذا المشاغب ...لقد وضع ثقتة بربة وربة لن يخذلة ..هل تعلم لقد أثارت كلماتة طمأنينة سلسة بداخل قلبى ..." تنهد بألم إخترقنى " كم أتمنى أن لا توأد ثقتة تلك فى المستقبل ويظل هكذا ..." ساد الصمت برهة وسأل " هل نامت ريان لقد كان يوماً حافلاً لها ؟..." قلت بقلق " نعم نامت لماذا ريان بالذات من سألت عليها .." وردتنى كلماتة التى أصابتنى بصاعقة من الخيبة لما فعلتة مع إبنة خالتها فقلت " من أخبرك بهذا ؟.." أجاب " صلاح الدين أخبرنى قبل أن يخلد للنوم وأحببت أن تكونى على علم كى توجهى سلوكها بتلك المرحلة ...ريان لا تعرف كيف تتعامل مع من حولها ليل ....بلال جعلها ضعيفة لحد الإختباء وراء قناع من الشراسة المزيفة ..." كنت أستمع الى كلماتة التى إنهمرت على رأسى كوابل من الرصاص وزعزعت ثقتى بميساء وأفقدتنى المشاعر بإبنتى ...سمعتة يقول " ليل أعلم ما تعانينة الأن فلا تحملى نفسك مالا طاقة لكِ بة ..ميساء تمر بمرحلة مراهقة تحتاج فقط للملاحظة وريان أنبت نفسها بنفسها وإعتذرت لميساء وهم بالمشفى ...هم يحتاجون المراقبة غير الملحوظة فقط فى الفترة القادمة ويجب ألا تشغلنا مصائبنا الكبيرة على تجاهل الصغار فتتفاقم مشاكلهم لتصبح صعبة الحل ..." إستمعت لكلماتة بشرود وأوجعنى كم هو صائب بحديثة فقلت محاولة التماسك " حسناً أركان ..حسناً..." ساد الصمت برهة وقال بإبتسامة تراءت أمامى جلية " أصبحتى تنادينى أركان ليل أظن أننا بطريق الصداقة وتوقفنا عن كوننا أعداء ..." سقط قلبى بقدمى وشعرت بكهرباء عالية تضرب أطرافى كإعصار متمرد وقلت بتعثر " إنك تخترق حصونى بطريقة غير شرعية ..." إنفجر ضاحكاً وهمس "إذا كانت الطريقة غير الشرعية هى الأقرب فى الوصول لقلبك مستعد للتعامل بها دوماً.."...صمت ولاذت روحى برهبة المشاعر تنهل منها الأرض الجدباء بداخلى ...سمعت صوتة يصل لى مترددا حين قال " هل يستطيع صديقك الجديد إخبارك بشىء .." ضحكت وقلت " ها قد بدأنا..أعلم أن تلك الصداقة ستكون على رأسى .." ضحك وتابع "حسناً ..ملابسك ..." فغرت فاغى من الدهشة وقلت مقاطعة إياة " غريب الدار لا تبدأ بهذا الأمر أنت لا تفقة شيئاً فى تمديد عمر الصداقة بأية حال ...متعجل للشجار على ما يبدو .."ضحك وهو يلمح نبرة المزاح فقال بتنهد " حسناً لم يحتمل أحد صداقتى طوال عمرى إلا جورج مضطراً وليس مخيراً..يجب أن أحسن طرقى على ما أظن .." إستندت بظهرى على الحائط وإرتشفت بعض القهوة وأنا أقول بمرح" ينبغى عليك ذلك ..." جرفتنا الأحاديث حتى الصباح الباكر , قص علىّ ما حدث فى الولايات المتحدة والسجن الذى تعرض له وشعر بأواصر المشاعرتحتوينا ولأول مرة بحياتى أتعاطف مع أحد لدرجة البكاء حتى إن دموعى إنهمرت لفترة كبيرة بدون أن أشعر وحرصت على أن لايعرف بما تبعثة فىّ كلماتة وصوتة المتلهف لمعرفة وقع ماضية على خلجاتى ....

تقول لى أمى دوماً أن المسامحة والعفو صفات من صفات رب الخلق من يسيرعلى حذوهما يصبح أقرب لربة ...عندما رأيت ريان وهى تتشبث بى عند القبض على صلاح أوجعنى صدرى من شدة الألم وشعرت بقلبى يصفو وأنسى كل ما بدر منها نحوى ..أخبرتنى أنها نادمة وأنا أصدقها , أريد أن أكون الأفضل والأقرب من صفات ربى فسامحتها على ما إقترفتة بحقى ...عندما قبضوا على صلاح شعرت بشىء ينتزع من قلبى بعنف ساحق ...ظللت منهارة فى البكاء حتى إطمأننت علية وسط نظراتى أمى المؤازرة التى شعرت بها تخفى شيئاً عنى أجهلة ....عندما رأيت عودتة ذبحتنى تلك الكدمة على شفتة وعلمت أنة تعرض للضرب ....أردت الركض بكل قوتى لنزع أحشاء ذلك الوغد الذى ضربة ..كان هو من يمازحنا ويخفف عنا وطأة ما حدث على الرغم من أنة من المفترض أن يكون هذا دورنا ..عندما رأى دموعى إقترب منى وهمس " هل كنتِ تظنين أننى سأريحك من وجهى لعدة أيام يالكِ من واهمة ..وما هذة دموع أم ماذاا ؟.." وكزتة بعنف فى كتفة فتأوة بسخرية ....أردت إيذاؤة كما ألمنى بكلماتة لقد إنشطرت روحى عندما قبضوا عليك أيها الأحمق ...ضايقتنى مشاعرى إلا أننى أحببتها وغرقت فيها وسط نظراتة المتفحصة التى أخذ يختلسها بين حين وأخر وسط جلستنا العائلية ...حتى عندما توسد ركبة والدتة وغرق بالنوم بعد ذهاب والدة وعمة للصلاة غمز الىّ بعينة قبل أن يغفل وإبتسامتة لا تفارق شفتية ....


مرت الأيام مسرعة وتجاهلنا جميعاً ما حدث بمخفر الشرطة ..صلاح الدين متكتم بدرجة مريبة ولا يريد فتح أية نافذة للحديث عما حدث حتى معى ....صحة والدتى أصبحت أفضل ...وأنا سعيت بكل جهدى ترتيب أوراق بلال المعقدة وتسديد ديونة الكبيرة بمساعدة ليل ..أصبحنا صديقين جديدين ..سمحت لى أخيراً بالدخول لحياتها ومحيطها ...حال العائلة كالقطة التى تقبع على صفيح ساخن تنتظر الصدمة القادمة بتوتر ...أشعر بوالدى ورغبتة فى الحديث معى ولكن إنشغالى بأمور بلال المادية لم تترك لى لحظة فراغ ..السفر المستمر من سيناء الى القاهرة كان مرهقاً وأيضاً شعورى بغضب كامن بداخلى يأبى مد جسورى الية لقد ضحى بى من أجل توأمى لاأستطيع نسيان تلك الحقيقة المروعة .....عدت من سيناء منذ ساعتين ودعانى سلامة لتناول الطعام بالخارج فاليوم عيد الشرطة وإجازة رسمية من العمل ...جمعنا كى يصفى الخلافات بينى وبين عمار ..لاحظت تلك الحركة الغريبة بالشوارع وتوافد الشباب بإتجاة ميدان التحرير بصورة متقطعة ...كنا بوسط الغداء ثلاثتنا وسألنا عما يحدث فأخبرنا أحد الشباب أن مصر تقوم بثورة للإصلاح ...سخر عمار وقال " سيسحلهم الأمن المركزى مثلما حدث يوم 18 يناير .." فقلت بتعجب " ماذا حدث يوم الثامن عشر ؟؟.." أجاب وهو يعود لمكانة " بعض الشباب من حركة تدعى 6 ابريل وحركة كفاية خرجوا ليعلنوا تحديهم للشرطة وللسلطة الحاكمة لتدهور الأوضاع وتعذيب الشباب من القوى السياسية المعارضة وتلفيق الإتهامات لهم ..."غضبت لتقصيرى بمتابعة ما يحدث فى بلدى فجلست أراقب التطورات والإحتشادات الغفيرة المتجهة لميدان التحرير ..فتح سلامة حواراً لا يمت بصلة لما يحدث وإندمج فية عمار وكأن ما يحدث بالخارج لا يهمهم مثقال ذرة , ضايقنى موقفهم ولامبالاتهم الباردة فأخذت مفاتيح سيارتى وقلت " يجب أن أعود للمنزل الوضع ها هنا ليس مستقراً وأخشى أن يصيب أحد من المنزل بأذى .." قال عمار " إنها مجرد زوبعة أركان سرعان ما ستنتهى .." صممت على الرحيل للشعور الذى غمرنى بقرب حدوث شىء عظيم ...وتذكرت كلمات صلاح بقرب موعد الفرج أيكون أحد المشتركين أم يعرف عنها شيئاً... حركة المواصلات بطيئة للغاية ...الأمن المركزى منتشر بكثافة فى النقاط الضرورية وصلت للمنزل بعد حوالى النصف ساعة فوجدت ليل تجلس بجوار شمس ووالدتى يشاهدون ما يحدث بالتلفاز ...فقلت " السلام عليكم .." ردوا السلام بتوتر فقلت "أين الأطفال ؟.." أجابت شمس "بغرفهم إلا طلال فقد ذهب للنادى .." جلست بمقابلتهم ودلف والدى الى المنزل وهو يقول " الشوارع شبة متوقفة هل عاد صلاح الدين وعبد الرحمن ؟" هزت شمس رأسها وقالت ليل " لم يعودا بعد ...تحدثنا مع طلال منذ قليل وهو بخير ...وصلاح أخبرنا أنة ربما يتأخر بالعمل" شعرت بقلقها يصل الىّ فقلت " فيما تفكرين ليل ؟"...نظرت لى بإهتمام كأننى جذبت حبل شكوكها وقالت " لاأعلم أشعر بثقل يقف على صدرى ....أريد الإطمئنان عليهم قلبى غير مرتاح .." واستها شمس بقولها " سيعودون ليلى قريباً..." ما كادت تنهى كلماتها حتى دخل عبد الرحمن وجلسوا جميعاً يشاهدون ما يجرى ...تجمع أفراد من الشعب من بين جميع الأعمار يحملون لافتات تندد بالظلم الإقتصادى والإجتماعى والإنتهاكات التى تقترفها أجهزة الداخلية بحق المواطنون البسطاء ....كرديون من الامن المركزى يحيط بحاملى لافتات التنديد التى كان أبرزها " يوم الغضب وعودة الحقوق .." بعض المناوشات التى حركت الشباب نحو بعض أفراد الشرطة الذين بدأو بتفريقهم بخراطيم المياة والهروات , قنوات الإعلام الوطنية تعرض برامج للطبخ وأفلام قديمة مهترئة فى حين تعرض قنوات فضائية ما يحدث بين خلجات الوطن بالصوت والصورة مزدانة ببعض الأراء التى لا نعرف صوابها من خطؤها...ما شاهدناة يتأرجح بين الإستغفال والتحريض المفرط ....لا أحد يعلم من هؤلاء بالميدان أهم ثوار حق أم جماعات وقوى سياسية تريد قلب الحكم لمصالحها الخاصة .......مرت ساعتين حتى وصل توتر الأحداث مع توتر مشاعرها للذروة إستأذنت أمى لتأخذ دوائها وترتاح قليلاً....وليل دلفت لغرفتها للحظات ثم خرجت وهى ترتدى بنطلون من الجينز الواسع وبلوزة سوداء فوقها سترة من الجلد قالت بهدوء" سأذهب للنادى لأحضر طلال ..." وافق والدى على قرارها وقال " عبد الرحمن لتذهب لصلاح بمقر عملة ..أنا لم أعد أحتمل المكوث هكذا " قال عبد الرحمن " حسناً....سأذهب لإحضار صلاح وأنت أركان إذهب مع ليلى .." هب والدى ليرافقنا ومعة شمس فقلت " لا أبى لا نضمن ما سيكون علية الوضع نريدك هنا مع والدتى وباقى العائلة ...وأنتِ شمس من أجل ميساء وريان ووالدتى لا نريد زعزعة هدوءهم"....أخرجت سلاحى المرخص الذى أحتفظ بة دوماً فى جيب سترتى وأعطيتة لوالدى فى السر بعيداً عن أعين والدتى وشمس وسط نظراتة المندهشة فهمست " تحسباً للظروف ربما تحتاجة ..."

الشوارع بالفعل شبة متوقفة كان النادى يقع على مقربة من المنزل فدلفت للداخل ولم أجد أثراً لطلال ولا لأصدقائة فسألت المسئوول الذى واجهنى بذهابة لميدان التحرير رغم محاولتة جعلهم يتراجعون إلا أن ولدى صمم على الذهاب ...إخترق سهم مشبع بالسموم قلبى وحطم أضلاعى ..فسحبنى أركان بسرعة البرق الى السيارة ووحاول الوصول للميدان من طرق جانبية يتعثر فيها مرور السيارات إلا أنها كانت أيضاً بطيئة فقال .."سنسير على أقدامنا هيا بنا"... ركض وأنا من خلفة نسابق المارة الكثيرون المتجهين صوب الميدان الذى إكتظ بالشباب ....لم يكون رواد الميدان جميعهم من نشطاء الثورة ...بعضهم أباء مثلنا يهرولون للبحث عن أطفالهم وأخرون فضوليين يركضون بسخرية يموتون شوقاً لرؤية المواجهات التى ستحدث بين قوات الأمن والمتظاهرين الذين إذداد عددهم مع تدفق قوات الأمن المفرط وتمركزة أمام المنشأت الحكومية بمجمع التحرير ومتحف الأثار وأخرون يسعون لرؤية تطور الأمور ليركبوا الموجة بدون أن يعرضوا أنفسهم للخطر ...يراقبون ويتحينون الفرص...وقشرة أخرى ذاقت من مرارة الحياة ما كفاها وفاض عن تحملهم ...وجوههم حفرتها أيدى الفقر المقع الذى ترك بصمتة على ملابسهم المتسخة من أثار عملا مضنى أو ظلم يفوق التصور ....وصلنا الى الميدان عند الساعة الخامسة مساءاُ ..هاتف طلال لايزال مغلقاً وكلم عبد الرحمن أركان وأخبرة أن صلاح لم يذهب للعمل اليوم فنظر لى وعيناة تحمل رهبة إجتاحتنى برعونة قاسية فصغيرانا يقبعون هنا وسط تلك الحشود الغفيرة التى تسلمت لعبة الكر والفر مع قوات الأمن ..أمسك يدى بحزم وقال .." لاتفلتيها ...." فقلت بإصرار " لن أفعل .." شرعنا بالبحث وسط هتافات عاصفة ضد نظام الحكم والحاشية ....إختلفت الملامح والوجوة والملابس والشخصيات ...إلا أن نظرة عيونهم المصممة كانت بأوج حماستها وخوفها ...راقبت محياهم الغاضب بحثاً عن صلاح وطلال فوجدتهم جميعاً يشبهون صغيرانا وكأنهم تجسيدا لهم ....كان الهاتف لايفارق أذنى أحاول الدق على صغيرى وصلاح حتى أتانى صوت صلاح مطموساً بهتافات عالية وقال " لاتقلقوا ليل إننا بخير ..." إنهمرت دموعى وأنا أسألة " طلال صلاح هل هو معك ...؟...." فقال " نعم ليل ..نعم إنة معى ..." قلت بصراخ حتى يصلة صوتى " أين أنتم ؟...أين أنتم ؟.." لم يسمعنى فأخذ أركان الهاتف وسألة عن مكانهم فأخبرة وهو يسد أذنة الأخرى بيدة كى يستطيع سماعة ...أغلق الهاتف وسحبنى بخطى متعثرة تغشى الدموع رؤيتى الضبابية وقلبى يقفز هلعاً من القادم ......

ما يحدث يصيبنى بالذهول وماهية الأمر يرجنى بقوة ...هل بالفعل ثار الوطن وتكلم أخيراً....هل يدافع عن أبناؤة ضد فساد وظلم حكامة ...قلقى على الصغيرين تلاشى وأنا أسمع صوت قرعات طبول الحرية تقترب ..أخبرنى عمار إنها مجرد زوبعة ياليتة كان هنا ليرى إنها ليست زوبعة إنما إعصار عاصف ومدمر ....لن يخضع ...تقدمت بين الجموع ممسكاً بيد ليل بقوة كى لا أفترق عنها بإتجة المكان الذى حددة صلاح ..فرضت السماء حلتها السوداء ...وأضيئت أنوار الميدان المشتعل بالغضب والصمود...عندما لمحت ليل طفلها وهو يحمل علم صغير لمصر مكتوب علية حرية .....فكت يدها وركضت نحوة وأخذت تحتضنة بقوة ..ضحك وهو يشير بيدة " ما بها أمى ؟..." دفعتة عنها قليلاً وأخذت تعنفة بالإشارات الغاضبة من يديها فضحكت وأنا أقترب من صلاح ..وقلت " هل أنت بخير ؟.." هز رأسة بفرح وقال "ألم أقل لك أن الفرج قريب .." نظرت للحشود وقلت " هل تظن أن هذا سينجح ؟..."لمع التحدى بعيناة وقال " نموت ولن نخضع ..."حدقت بة قليلاً وسط صوت الهتافات المجلجلة التى وصلت عنان السماء "تحيا مصر ...بلادى بلادى لكِ حبى وفؤادى ... حرية ...حرية ...جايين ...يابلدنا نوفى الدين .....يلا يا مصرى صحى الروح ... الحرية باب مفتوح...." إبتسم وهو يرانى أستمع للنداءات وقال وهو يهزنى من ذراعى " الوطن الذى كرهتة طوال عمرك أركان يثور من أجلنا وبنا ..." قاطعتة ليل قائلة " لن يتركوكم صلاح ..أحلامك عمت بصيرتك عن واقعك ...سيذبحوكم على قارعة الطريق ...لترحل معنا قبل فوات الأوان ..." تغيرت ملامحة وقال بجمود " خوفنا هذا هو سبب حالنا الأن ليل ...صوتنا المنخفض وظهرنا المنحنى هو من جعلهم يسلخون حريتنا من أفكارنا ودواخلنا ..لقد قامت ثورة الإنتفاضة من الظلم ولن نعود إلا عند تحقيق مطالبنا ..." نظرت لى تطلب مساندتى ولكننى كنت أقف مع صغيرى قلباً وقالباً فقلت بصوت عالى " هيا لأوصلك للمنزل مع طلال .." غضب طلال وأخذ يشير بيدية أنة يرفض العودة وسيبقى بالميدان وقبل أن ننطق بشىء إقترب منة صلاح وأشار " لقد رأيت ما حدث منذ ساعات ...لاأستطيع حمايتك ها هنا وهكذا سأكون مشغول البال عليك ..ولن أستطيع إكمال دورى ..لتذهب مع والدتك وأقسم أنة حين إستقرار الأوضاع سأحدثك لنحتفل معاً..." سقطت دموع الصغير ودفع صلاح برفق شاعراً بالخيانة وأنة لم يدافع عنة كما ينبغى فسألت ليل بذهول " ماذا حدث هنا منذ ساعات صلاح ؟.." وقف على قدمية معتدلاً وقال " كانوا يطلقون الغاز المسيل للدموع ففررت من أجل طلال خوفاً علية ..."...أمسكت يدة بحزم وقالت " صلاح ستقتل ها هنا والدتك ووالدك لن يحتملا .." إلا أنها واجهت قناعاً من الحزم والتصميم على رأية فتنهدت بغيظ من موقفة ...جاء بعض أصحابة وقالوا " صلاح نريدك عند شارع مصطفى محمود الأمن يحاول فرض كرديون أخر ليمنع الناس من الإنضمام إلينا وأن يقسموا المظاهرة الى إثنين ليضعفونا .." تغضنت ملامح صلاح وقلت بثبات " لنذهب قبل أن تتفاقم الأمور ...." قبل رحيلة سألتة إن كان يريد شيئاً لأجلبة لة عند عودتى فلمعت حدقتية بالسرور لقرارى الجديد وقال " بعض زجاجات المياة فقط ..." إصطدمت بعينا ليل ونحن فى طريقنا للسيارة وهى تمسك بيدى طلال وقالت بغضب " كيف تسمح لة بما يفعلة أنت لاتعلم كيف ستسحلهم قوات الشرطة فهذا يعتبر إنقلاب على الحكم ..."قلت بهدوء ونحن نبتعد عن الجموع " إنهم يطلبون أبسط حقوقهم ليل ...لقد ملوا الوجوة وضاقت بهم الحياة الواسعة ...حجموا أحلامهم ودمروا مستقبلهم ونهبوا خيرات البلد ...أعى المخاطر جيداً ولذلك سأعود من أجلة .." تشتت نظراتها ولم ترد ..أوصلتها للمنزل وقلت " ليل طمأنى والدى ووالدتى وسأكون على إتصال دائم بكِ" لم تجيب وأدرات وجهها بغضب فأخذ طلال يشير الى طالباً وعدى بأن أعود لإصطحابة ..فوعدتة وأقسمت على ذلك ...وقفت أراقب مغادرتها صوب المنزل حتى أغلقت بابة الضخم فعدت أدراجى الى الميدان وقلبى يقرع بخفقات عالية رهبة وخوف مغمورين بسعادة مشتاقة ....



malksaif غير متواجد حالياً  
التوقيع









رد مع اقتباس