عرض مشاركة واحدة
قديم 14-07-12, 01:13 AM   #10

اسراء عبد الوهاب

نجم روايتي وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية اسراء عبد الوهاب

? العضوٌ??? » 121004
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 209
?  نُقآطِيْ » اسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond reputeاسراء عبد الوهاب has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثاني ..
لم يستوعب ما فعله منذ قليل، كيف لم يسيطر على نفسه، لقد فضح نفسه أمامها ،، ولن يستطيع رؤيتها من جديد، والأدهى من ذلك أنه تخلى عن تلك المذكرة التي أدمن قراءتها ،، فرك رأسه وهو يدمدم "غبي ،، كيف لم أسيطر على نفسي؟" رد عليه فراس الذي احتل مكان السائق متذكراً ما حدث منذ قليل عندما تركه عدي وتوجه إلى طاولة بها فتاتين وقدم لإحداهما كتاباً صغيراً أزرق اللون ،، إنه نفس الكتاب الذي لم يفارق يد صاحبه من أيام، تشجع فراس وهو يقول "من كانتا؟" خرج عدي من أفكاره وأخذ يحدق بصديقه دون أن ينطق ،، قال فراس "أقصد ،، لقد تصرفتا بخوف زائد، لم أفهم رد فعلهما" هز عدي رأسه دون إجابة لكن فراس لم يتوقف عن السؤال "هل تتبعها حقاً؟" زفر عدي بضيق وأخذ يحدق في الطريق ،، لم يرد أن يتحدث، كان يحس بالاختناق، عاد له ذلك الإحساس القاتل الذي ظن أنه تخلص منه مسبقاَ، إحساس مقيت بالوحدة، بالفراغ، تلك الفجوة التي احتلت وسط صدره وأبت أن تطمر،، حتى بدأ بقراءة تلك المذكرة، فتلك الكلمات لم تكن عادية، بل كانت بنظره أدهى من السحر ،، استطاع أن يلمس كل كلمة، كل حرف كتب في تلك الأوراق، استطاع أن يستوعب تلك الأحاسيس الخفية التي اختبأت بخفة بين طبقات الحبر، استطاع أن يثق بقلبه من جديد ويتعلق بكاتبة لم يعرفها يوماً ،، وبسبب حماقته اليوم محا كل أمل في أن يتعرف عليها ،، دمدم من جديد "يال غبائي!!" تذمر فراس الذي أحس بأن عدي يريد تقصيته عن الموضوع فقال بعصبيه "حسناً إن كنت لا تنوي إطلاعي على الأمر، على الأقل توقف عن إثارة قلقي" قال عدي ببرود "لا تقلق،،" ... "كيف تريدني ألا أقلق وأنت تنزلق من حالة سيئة لأسوأ منها .." قاطعه عدي بعد أن ازداد غضبه "أنا بخير، بل بأحسن حال" أجابه فراس "من تحاول أن تخدع ،، أنا أم نفسك" لم يستطع عدي أن يرد عليه ،، لم يمتلك الطاقة لخوض حوار كهذا خاصة أنه يعلم بخسارته منذ البداية ،، أكمل فراس بهدوء "ما أحاول قوله أنك ما زلت تائهاً بسبب غادة ،، لا تحاول أن تدخل في متاهات جديدة" جز عدي على أسنانه ،، ليس لعتاب صديقه، بل بسبب تلك الحروف التي سقطت كسوط بارد على قلبه ،، مع أنه افترق عن غاده منذ مدة إلا أن مجرد ذكر اسمها أو سيرتها يرتجف قلبه وتقشعر كل خلية في جسده ،، كان رد فعله معتاداً لدى فراس الذي لام نفسه على ذكرها من جديد، فقال بعد أن أحس بالندم "أنا قلق لأجلك يا عدي، لا أحب رؤيتك بهذه الحالة" رد عدي بنفس البرود الذي رد به مسبقاً "لا تقلق.."
***
عادت سمر مصدومة إلى منزلها ،، تجنبت تناول الغداء متعللة بألم في معدتها، حمام ساخن وارتمت في حضن فراشها مع تلك المذكرة، لم تستطع أن تميز إحساسها ،، كادت تطير من الفرحة ،، تلك الذكريات التي سحقتها قبلاً ولا زالت تؤلمها ،، والتي تعلم أنها ستتألم بمجرد قراءة أول سطر منها عادت أخيراً ،،
لم تستوعب الأمر وظلت متسمرة طول الطريق ولم تسمع تلك الكلمات التي قالتها صديقتها.
ثم ما لبثت بقرص كتفها لعلها تحلم ،، لا لم تكن تحلم ،، حقا إنها مذكراتي، فرت أوراقها لتجد ذلك المنديل الذي تركه الشاب على الطاولة، أضحكها خبث حركتها عندما تظاهرت برميه أمام أبرار بينما في الحقيقة قامت بدفنه بين الصفحات ،، مسدت ذلك المنديل الذي تركه 'منقذ ذكرياتها' ثم قربته من أنفها بحذر ،، بادرت باستنشاق رائحته ثم عادت بنظرها إلى المذكرة "حمداً لك يا ربي" هكذا ظلت تدمدم بسرها حتى غرقت بنوم عميق فارق عينيها منذ أيام
***
مرت الأيام ولم يجرؤ عدي على متابعته لصاحبة المذكرة ،، بل قرر أن يتجاهل كل ما قد يمليه عليه قلبه ويعود إلى عمله وحياته الطبيعية ،، فعدي شاب يافع يبلغ من العمر 27 عام، اعتاد الإقامة في مصر بعد تخرجه من كلية الصيدلة بدبي موطن والده ومسقط رأسه، بينما والدته من أصول مصرية، كان يدير شركة والده للأدوية، أو بالأحرى؛ الفرع الذي افتتح على شرفه ،، كان بمثابة هدية التخرج من والده.
تعرف عدي على غادة من أكثر من عام ونصف، فقد تقدمت لوظيفة مندوبة مبيعات بعد أن أنهت عامها الثالث في كلية الصيدلة ،، لم تكن تلك الفرصة التي انتظرتها لاكتساب الخبرة ومع ذلك تقدمت لها، ربما لن تنفع لكنها لن تضر، هكذا كانت تفكر وقتها لكنها الآن تندم على ذلك القرار وتتمنى لو عادت بالزمن لتسحبه من جديد...
***
"خرجت اليوم للقائه ،، لم أحب ذلك خاصة أن والداي لا علم لهما بالأمر، لم أفعلها قبلاً ولن أفعلها ثانية، مع أنني أثق به كثيراً لكن أيضاً لن أخالف المعتاد ،، سنخرج كثيراً ونقضي الأيام مع بعضنا لكن ليس الآن، سنتين أو ثلاثة وسيصبح كل شيء رسمي..." أغلقت سمر مذكرتها وهي تتذكر وقت كتابتها لهذه الكلمات ،، كم كانت ساذجة وقتها، صدقت فعلاً بوجود الحب ،، ظنت أنها ستعيش أجمل قصة للأبد ،، ستحكي لأبنائها كيف تعرفت بوالدهم، كيف وكيف وكيف ... زفرت نفساً حاراً توقعت أن يتبعه عبرة، توقعت أن يعاودها ذلك الألم من جديد، لكن شيئاً لم يحدث، لم تبكِ هذه المرة، شعرت ببعض الضيق لكن الحزن لم يسيطر عليها، هل فعلاً بدأت جروحها بالالتئام، هل كان لتلك الأيام التي فارقت فيها مذكراتها ذلك التأثير السحري؟ وإن كان لماذا ما زالت متعلقة بهذا الكتاب، كما أن خيالها بدأ بنسج لها تخيلات بذلك الشاب الذي تبعها يوماً، تخيلات تثير ضحكها أحياناً وتجعلها متوترة سريعة الاضطراب وكثيرة الالتفات حولها أحياناً ،، سارعت بوضع المذكرة تحت وسادتها سريعاً عندما دخلت عليها والدتها "سمر عزيزتي ،، هل ما زلتِ مستيقظة؟" جلست سمر على السرير وضمت قدميها لتسمح لوالدتها بالجلوس، "أرت أن أحدثك بشأن موضوع ما" استغربت سمر من نبرة القلق في صوت والدتها فهزت رأسها دون أن تجيب، تحدثت السيدة سلمى كمن استغرق أسبوعاً يرتب كلامه "لقد حصل والدك على فرصة للسفر، لقد رشحته الشركة كي يكون وسيطاً بينها وبين أحد الشركات في إيطاليا وهو يجد أنها فرصة لا تعوض"
قالت سمر دون تفكير "رائع ،، إنها حقاً فرصة لا تعوض" ثم تسمرت قليلاً وقالت "ما المشكلة إذاً؟"
قالت الأم "لا توجد مشاكل ،، لكن هناك اقتراح أن نذهب جميعنا إلى هناك، ليس هو فقط" فكرت سمر قليلاً قبل أن تستوعب الأمر ثم قالت "لكن صديقاتي، دراستي هنا كيف أتركها؟"
قالت الأم "عزيزتي لقد قلت بنفسك أنها فرصة لا تعوض، لقد تنازل والدك عن فرص كثيرة كهذه من قبل كي يكون معنا، لا أريده أن يفوت الآن أمراً كهذا ،، سيكون في صالحنا جميعاً"
قالت سمر بصوت مبحوح "هل الأمر إلزامي أن نذهب معه؟ أعني ألا يمكن أن يذهب هو ونبقى نحن هنا"
ردت الأم بعد فترة "نعم، لكن سيكون ذلك صعباً عليه"
ردت سمر "ماذا لو ذهبت أنت معه ،، وبقيت أنا هنا، آتي لزيارتكن في العطلات ،، لي أصدقاء لهم نفس الوضع"
ترددت الأم "لكن..."
قاطعتها سمر "لا تخافي يا أمي سأعتاد الأمر، وسأعتمد على نفسي"
تضايقت الأم من رد فعل ابنتها وقالت "لكن ،، لكنني أريدك أن تسافري معنا يا سمر"
قالت سمر بعفوية "أعلم أنه من الصعب أن تتركاني هنا ،، لكن .." لم تعلم ما الذي يجب أن تقوله أي عذر تستخدم، هي لا تريد أن تبتعد عن وطنها أولاً، ولا تريد أن تترك أصدقائها ،، والأهم، أنها لا تريد الرحيل الآن فلربما يجد في الأمور جديد وتلتقي ... يا إلهي ،، كيف أفكر هكذا ،، هزت رأسها بعصبية وهي تتصنع أي عذر"دراستي هنا يا أمي، كيف سأحل هذه المشكلة إذاً؟"
أجابتها الأم "ليست مشكلة، تستطيعين الالتحاق بجامعة خاصة هناك، وستتحمل شركة والدك كل المصاريف ،، كما" تقطع صوت والدتها ثم أكملت "كما أن مستواك الدراسي ليس بالجيد ،، ولا حتى بالمستوى المقبول، بدأت تهملين كليتك من فترة ،، فكرت أنه ربما يساعدك تغيير المكان بالتقدم ،، ولو قليلا"
سمر"لكنني أريد أن أكمل دراستي هنا، أعلم أنني قصرت قليلاً.." عدلت كلماتها تحت سطوة نظرات والدتها "حسناً ،، قصرت كثيراً بنهاية العام الماضي" أكملت والدتها "وبداية هذا العام أيضاً" أقرت سمر بخجل وأكملت "حسناً ،، هل لي بفرصة ثانية، أعدك بأنني سأزيد جهدي" هزت الأم رأسها "ليس كافياً" فقالت سمر بعناد "حسناً ،، سأحصد أعلى الدرجات حتى نهاية العام، لن أفوت شيئاً وإن لم أفعل سيكون القرار قرارك"
ترددت الأم "وكيف ستعيشين وحدك ،، لن تستطيعي، أنتِ حتى لم تغسلي ثياباً من قبل"
سمر "سأتعلم ،، وغسالتنا لا تحتاج سوى كبسة زر"
أكملت الأم "ولا تتناولين طعامك حتى يذكرك أحد به"
سمر "هل سأسافر لمجرد أنني أنسى تناول طعامي، سأتذكر يا أمي ،، لا تقلقي"
زفرت الأم وهي تقول "كما تريدين!" ثم قامت على عجالة ،، قالت سمر "تصبحين على خير" لم تعلم إن كانت حقاً سمعت رد والدتها أم أنها متضايقة ،، عادت لتتمدد على السرير وهي تفكر، ثم مالبثت أن التقطت هاتفها واتصلت بأبرار تخبرها عن الأمر ،، فهو في نظرها مغامرة جديدة، لا بد أن تتمسك بها
***
استيقظ من نومه في منتصف الليل لا يعلم ما الذي أصابه، هاجس غريب يلح عليه أن يتصل بها، بعد هذه المدة التي زادت عن نصف العام يريد أن يتصل بها الآن ،، ارتجفت الهاتف بيده عندما وصل إلى اسمها، ما زال لا يعلم سر تأثيرها عليه إلى هذا الحد ،، أغلق هاتفه ثم أعاد فتحه أكثر من خمس مرات حتى تشجع وضغط زر الاتصال ،، لم يجرؤ على إلغاء المكالمة بعد أن بدأ الرنين لكنه تمنى من أعماقه ألا تجيب عليه، ليس الآن ،، لست مستعداً بعد ،،
على بعد عمارتين كانت غادة تجلس في فراشها متسمرة أمام تلك الأرقام المألوفة التي لم تتجرأ على نسيانها أبداً حتى بعد أن حذفت صاحبها من السجل، لم تُرِد أن ترد ،، لا يجوز أن أرد عليه، لا يستحق أن أرد عليه ،، أرادت أت تلغي الاتصال حتى لا يتصل مجدداً ،، لكنها فوجئت بإصبعها يضغط زر الرد ،، وفوجئت بحنجرتها الجافة تُخرج صوتاً ضعيفاً يكاد يكون همساً "ألوو..."



التعديل الأخير تم بواسطة small baby ; 07-03-13 الساعة 01:26 PM
اسراء عبد الوهاب غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس