عرض مشاركة واحدة
قديم 13-02-13, 08:25 PM   #11

قلوب أحلام

نجم قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية قلوب أحلام

? العضوٌ??? » 266960
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 334
?  نُقآطِيْ » قلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond reputeقلوب أحلام has a reputation beyond repute
افتراضي


الفصل الثامن



 
كما عهده طوال عمره، يافعا، قويا و ممتلئا بالحيوية لا يبدو عليه المرض ولا المعاناة... جلوسه فوق السرير الطبي في المستشفى البرهان الوحيد على أن صحته على غير مايرام.
لم يخفي روبيرتو امتعاضه لزيارته و كاثي المفاجئة، لكن مالذي توقعه بحق الله؟؟ انه شقيقه و لن يتركه بمفرده في هذه المحنة.
كالمعتاد مرغت كاثي شقيق زوجتها في كلمات حنونة و رقيقة و حاولت اقناعه كثيرا لمصارحة شقيقتها التي أتت الى صقلية بعد الظهر.
" أريد الطلاق..." اعترف روبيرتو ما ان تركتهما كاثي لبعض الوقت بمفردهما.
لم يستطع ادواردو اخفاء الصدمة من ملامحه لكنه استطرد بإستهجان:
" لماذا انتظرت كل هذه السنوات كي تطلب الطلاق؟؟"
هز روب كتفيه و للمرة الأولى تتبدل ملامحه و يبرز تعبه و ارهاقه الجسمي.
" أنت لا تفهم شيئا... لقد كانت بحاجتي... وبما أن القدر قرر أخدي قريبا ... فأريد تحريرها من لقب أرملة... أكره التسبب لها بالمعاناة ادواردو حتى بعد موتي ..."
شحب وجه ادواردو بعنف غير مصدق ولاء شقيقه لإمرأة تلاعبت به طول سنوات:
" أنت مريض روب... لا ... لا اتكلم عن سرطانك بل عقلك... أي رجل يتقبل كل هذه التضحيات من أجل امرأة؟؟ لما قبلت أن تنتسب فلور لك بينما هي ابنة أندريس؟؟"
هتف روبيرتو بحرقة: " فلور ابنتي و ليس ابنة ذلك الرجل... "
اتسعت عينا ادواردو الزرقاوين و شعر لوهلة بأنه لم يعد يفهم شيئا: " لكن... ليس هذا ما فهمته من كلامك في الهاتف..."
قاطعه روبيرتو بهدوء:" أندريس مجرد متبرع... أنا من عاش حمل فرجينيا و انا من حمل فلور بين ذراعيه عند ولادتها و انا من علمها امتطاء الدراجة و من نادته أبي... انها ابنتي و أحبها تماما مثل دافيد... من يجب ان تشفق عليه هو صديقك الكونت الذي لم يعش قط هذه اللحظات التي من المستحيل استرجاعها..."
صمت روب و لمعت عيناه بالدموع، أشاح بوجهه عنه العصف بالعاطفة و همس بضعف:
" لابد أنها تعرف الان... كنت مضطرا لترك مذكرات والدتها خلفي فهذه الاخيرة -و كما اعرف عنادها و عنفوانها- لن تخبر فلور الحقيقة بعد رحيلي..."
عبس ادواردو و تفاقم غضبه و حقده اتجاه زوجة أخيه، ليس فقط هو من يدفع ثمن أنانية فرجينا بل اندريس ايضا،قرر مصارحة اخيه بأفكاره و تقاسمها معه بالرغم من معرفته الاكيدة بدفاعه عنها:
" كلاكما ضحية فرجينيا... أنت و أندريس"
" لا تقسو عليها... لقد عانت الجحيم أيضا بسبب زواجها بي... في البداية ضننت انها نسيته مع الايام و بدأت تتعلم حبي... لكنني تفاجئت منذ سنوات بتألمها الصامت من خلال مذكراتها التي تنوي نشر اجزاءا منها في سيرتها الذاتية كما حال جميع الفنانين في العالم..."
" لم تجبرها للزواج بك..." علق ادواردو ببرود:
" فلنقل ان اعجابي الشديد بها آنذاك دفعني لخنقها و بشدة... استغليت ضعفها و اوقعتها في شرك الزواج في لاس فيغاس... "
هز ادواردو عينيه الى السماء و علق بمرارة:
" لا تنفك عن الدفاع عنها مهما فعلت"
" لكنها الحقيقة اقسم لك..." تمتم روب بحرارة " عندما وجدت زوجتك الهاربة و أخبرتك مكانها في روما... فرجينيا كانت تتردد بشكل منتضم على منزل شقيقتها و آنجلا الصغيرة آنذاك... رفضها لي في المزرعة جرح كبرياء الفتى العابث الذي كنته..." قاطعه برقة:
" لم تكن يوما عابثا روب..."
" هجرت خطيبتي بسبب قبلة تبادلتها و فرجينيا في الخفاء...تلك الليله... عندما هجرت كاثي خطيبها اندريس امام المذبح و هربت الى المزرعة..." هتف روب بمرارة" خنت خطيبتي على بعد خطوات منها و هذا لم يرقني... لاسيما ان المرأة التي شعرت معها بمشاعر جديده لا اهمها حقا فقد كانت منتشية فحسب بإنتصارها على عدوها اللذوذ و ابعاد شقيقتها عنه و افساد الزواج... "
التقط انفاسا عميقة و شحب وجهه أكثر و كأن التكلم عن الماضي لا يريحه البتة "عشنا الجحيم نفسه في تلك الفترة ادواردو... انت ببحثك المستمر على زوجتك الهاربة و أنا على المرأة التي فتحت لي ابواب الجنة قبل أن تدير لي ضهرها و تتركني في الجحيم... عندما عثرت على كاثي لم احسب و لو في الاحلام بأنني سأجد ايضا جينا... لم اصدق حظي... كانت نجمة مشهورة جدا... معجبيها كثر مثل نمل استراليا الأحمر... وحظوظي ضئيلة رغم خبرتي و ثقتي في اساليب اغرائي مع النساء... كانت بعيدة المنال مثل الشمس، استعملت كل الطرق المباحة و المحرمة لأتقرب منها مجددا و فلحت بصفة صديق لا غير... استغليت وجود كاثي في روما و كنت اتردد على منزلها الى ان نجحت بإقحام نفسي مجددا في حياة جينا... كانت تائهة و تعسة رغم شهرتها... بحاجة لكتف صديق تبكي عليه...و... و فضلت ان اكون صديقها بدل لا شيء... ثم بدأت تثمر جهوذي و استطعت كسب ثقتها... بعد عدة لقاءات و وجبات رومانسية اخبرتني بأنها تعشق اندريس و أنها تنتظر طفلا منه... لكنها ترفض ان يعرف بشأن حملها لأسبابها الخاصه التي ترفض مشاركتي بها... بالتأكيد توجعت بسبب غيرتي العمياء لكنني تمسكت بالفكرة الغبية الوحيدة التي لمعت في رأسي... عرضت عليها الزواج و رفضت بلطف... رغم ذلك قاومت و لم اتردد بخنقها و استغلال ضعفها و هشاشتها بسبب وضعها... تركت خلفي أعمالي و كل شيء ثم تبعتها الى 'لاس فيغاس'... تلك اللية قالت نعم أخيرا ووافقت على عرضي... كدت اجن من السعادة ادواردو... لم أعرف سبب استسلامها و لم يهمني ان اعرف اذا كان نتيجة خيبتها في حبيبها... لكن الليلة انتهت بنا متزوجين... " التقط انفاسا عميقة قبل ان يتابع ببعض الخجل " في الصباح سمعتها تبكي خلف جذران الحمام و تعمدت تجاهل الأمر... كما تجاهلت الكثير من الامور بعد ذلك... فكرت في نفسي فقط ، في حبي الشديد لها... وحاولت ما استطعت لإنجاح زواجنا... فكرة أن تعود يوما الى أندريس ديكاتريس كانت فوق كل تحملاتي "
" وقد نجحت روب... لا أظن بأنها كانت لتسعد لو تزوجت اندريس..."
ابتسم روبيرتو بحزن و تسائل:
" تظن ذلك؟؟؟ فرجينيا أحبت أندريس بعمق... تصرفتُ بأنانية و حقارة ادواردو... لو أحببتها أكثر مما أحببت نفسي ... لو كنت الصديق الذي اعتقدته أكون و آمنت به لفترة طويلة لأختلف مصيرهما ... كنت لأ تدخل بينها و بين الكونت ليعيشا بهناء معا و مع طفلتهما... بسببي ستعيش فلور أياما سوداء طويلة و فرجينيا أيضا... لا أجرؤ على تخيل ردة فعل الكونت..."
وأنا ايضا... فكر ادواردو بقرف.
مهما حاول شقيقه تحميل نفسه مسؤولية ما يحذث أو حذث فلا يجد تصرفاته قاسية بالعكس... تحمل طيلة سنوات أبوة ابنة رجل آخر، بالاظافة الى يقينه المستمر ان قلب زوجته ليس ملكا له.
اهتز هاتفه الخلوي مرة ثانية في جيب سترته الداخلي، الرقم المباشر للمكالمات العاجلة و الشديدة الاهمية.
استأذن من شقيقه المرهق بلطف و غادر غرفته بهدوء، في الرواق وجد كاثي جالسة على أحد المقاعد مثل الجماد تنظر امامها في الفراغ بوجه شاحب:
" 'دون ادواردو' الامر بغاية الاهمية..." سمع صوت سكرتيرته الشابة " الرجل الاوكراني الذي الغيت موعدك معه هذا الصباح يرفض قطعا الرحيل من مكتبك... يقول بأنها مسألة حياة او موت..."
" انا منشغل جدا أخبريه ان يعود غدا..."
" يقول بأنه غريب عن المدينة و قد تكبد مشقة السفر من بلده الى هنا في سبيل رؤيتك فحسب... يريد مكالمتك و يصر على ذلك... أه... حسنا سأخبره" سمع السكرتيرة تتكلم للشخص المعني ببعض التوثر قبل أن تهمس " يقول بأن الأمر متعلق بابنك مارك أنطونيو..."
تجمد ادواردو مكانه لثوان قبل أن يأمرها بجفاف:
" مرريه لي..."
بعد لحظات آتاه صوت غليض بلهجة صعبة الفهم و خشنة، شخص لا يتكلم حقا الأنجليزية و بالكاد يحفض جمل و كلمات منها:
" يجب أن أراك سيد ريتشي الأمر عاجل جدا..."
" لما تدعي بأن الأمر متعلق بابني؟؟" سأله بخشونة
" انا لا ادعي شيئا سيدي المحامي و لا يمكننا التكلم بالموضوع في الهاتف بالمقابل... الا اذا رغبت بأن أتصل بابنك في ايطاليا... كوني طبيب نفسي افضل رؤيتك أولا و استشارتك..."
طبيب نفسي؟؟؟ طبيب نفسي أوكراني في مكتبه بلندن و يهدد بإستشارة مارك في موضوع يبدو حقا عاجلا... هل هي مناورة جديدة من النصابين الأجانب للحصول على الأموال؟؟ سيعرف بالتأكيد و يتصرف مع الأمر... لقد مر بهذا مرات لا يتذكر عددها، وزن اسمه و ثروته بالاظافة الى اسم زوجته و ثروتها يجعلهما عرضة تهديد مستمر من قبل النصابين... بضيق فك ادواردو عقدة ربطة عنقه الحريرية و ادلفها في جيب سترته، ابتعد قليلا عن مسامع كاثي بالرغم من ان هذه الخيرة لا تبدو حقا ضمن عالم الأحياء في هذه اللحظة.
" لا بد ان سكرتيرتي أعلمتك بوجودي في صقلية ، لدي حل وسط... خد أول طائرة قادمة الى (باليرمو) لنتمكن من مناقشة الأمر البالغ الأهمية هذا المساء..."
" سيد ريتشي أنا ايضا انسان مشغول جدا بلإضافة لا أملك المال لأبدده على الطائرات..." قال الرجل بلهجة جافة و مرهقة نوعا ما.
" سكرتيرتي ستتكفل بتمويل كل شيء..." قاطعه ادواردو بصوت جليذي" لا أستطيع فعل أكثر من هذا... عودتي الليلة الى لندن ضرب من المستحيل اما ان تقبل عرضي أو تعود ديارك..."
بعد أن أغلق هاتفه دنى ادواردو اخيرا من زوجته و جلس بالقرب منها، التقط يدها في يدها و ضغط عليها برقة، هزت عينيها الرماديتين المثقلتان بعذاب كبير نحوه و حاولت الابتسام
" تؤلمني رؤية روب في المستشفى... "
قبل جبينها قبلة طويلة حانية و أجابها برقة:
" أنا أيضا حبيبتي... علينا التعايش مع الحقيقة و تقبلها "
" كم أكره قساوتك أحيانا..." همست من خلال دموعها " لكنك منطقي و محق... فليكن الله في عون فرجينيا و طفليهما..."
***
اعترضت فلور وهي تخنق ضحكتها في كتف الضخم الجثة الذي يحتجزها بين ذراعيه القويتين " تستطيع انزالي الان دراكو فأنا لست عاجزة استطيع المشي"
" و تحرميني من متعة حملك... ابدا" ابتسمت مجددا في الخفاء و تلذذت بالشعور المميز لعضلاته القاسية تحت ساقيها و عضلات ظهرها.
تسلق بها المعبر الضيق لليخت الابيض العملاق و ماهي لحظات حتى راقها روعة ما يحيط بهما من رخاء بينما يخطو بها برشاقة وكأنها لا تزن شيئا نحو الكنبات الكريمية اللون في ردهة شائعة بأرض خشبية مصقولة.
اطلقت تصفيرة اعجاب طويلة وهي تلتهم بعينيها ما حولها بإجلال صادق، هذا اليخت قصر حقيقي فوق الماء، الديكور و اللوحات و السجاجيد متناسقة بشكل صارخ و مقتناة بدوق راقي ومميز، النوافذ الزجاجية تطل على البحر المظلم و النائم، من المؤكد أن الرؤية تخطف الألباب في النهار و لا تريد تفويت ذلك، ارتسم على وجه دراكو المتغطرس ملامح الفخر بينما يهز حاجبيه الكثين معلقا:
" سعيد أن يثير المكان اعجابك 'كارا' ..."
" انه رائع بكل المقايس..." علقت فلور بينما يعود اليها بزجاجه شامبانيا فاخرة... نفس الزجاجات المعتقة و التي تزن ثروة لتفتح فقط لأناس مميزون.
" سوف نشرب نخبنا فلور ريتشي... " قال بصوت معسول وهو يملأ كاسا كريستالي بالسائل الذهبي اللذيذ " نخب لقائنا..."
ابتسمت له ابتسامة خاصة بينما تلتقط بأصابعها الطويلة ساق الكأس البلوري لتلامسه بكاسه الفوار بحركة أنيقة مغرية، سمعته يهتف بهدوء:
" نخب أجمل عينان ..."
عينا الكونت أندريس ديكاتريس... الم بحدة السيف اخترق صدرها بقسوة.
قربت حافة كأسها من شفاهها و شربت السائل دفعة واحدة، تريد نسيان واقعها المؤلم و التعس، تريد المجازفة هذه الليلة و المخاطرة... لا تعرف دراكو فالكوني معرفة شخصية وتجهل اي نوع من الرجال هو، لكنها تعرف هذه النظرات الجائعة و النهمة التي يرمقها بها بلا كلل او تردد، وان قرر اغرائها فلن تتحفض و لن تعترض، لما ترفض مواساته التي تحتاجها بشدة لنسيان جحيمها؟ بالاضافة... رجل كامل و يطفح اثارة مثله يعرف تماما كيفيه اشباع و ارضاء رغبات امرأة... سمعة الايطاليين في ميدان الاغراء شائعة منذ عصور و ستترك تعقلها جانبا الليلة.
أغمضت عينيها عندما تسارعت الفقاعات الصغيرة الى انفها لدغدغته وحرقه بلا رحمة، ضحكة منخفضة لرفيقها دفعتها لمواجهته مجددا بعينان غارقتان في الدموع، نظراته السوداء المتهكمة رمقتها بتسلية:
" رويدك كارا... لا أريدك ان تثملي... على الاقل ليس الان..." ثم أخد منها كأسها الفارغ ليضعه على الطاولة البلورية المنخفضة و يمد لها يده الخشنة " تعالي الى هنا جميلتي... سوف أريك اليخت و أعرفك على الطاقم... أشعر بأننا سنمضي وقتا طيبا معا"
بلا ثانية تأخير منحته يدها و تركته يقودها بينما نشوة حذيثة العهد تلف عقلها و تقف حاجزا بينها و بين الواقع... هذا الرجل الوسيم و الملتف الغموض يفتنها أكثر ثم أكثر.
***
أمام المرآة في غرفة نومها تأملت آنجلا فستانها و زينتها بعين ناقدة... رغم بطنها البارزة تبدو فاثنة.
شعرها الاشقر الطويل مصفف في جدائل ملتوية حالمة حولها، عيناها الزرقاوين تلمعان من خلال رموشها الكثيفة بفضل الماسكرا السوداء، ووجهها المنتفخ عادة متوهج الليلة، بفضل خبيرة التجميل التي أمضت ساعتين و نصف بمعالجتها بقطع الثلج و مواد كثيرة اخرى...
فعلت اليوم ما استطاعت لتهتم بنفسها و تغدو بأجمل حلة، كما تبدو عليه عادة بدون حملها الذي يبشعها و يذبل جمالها... عشاء الليلة في ستارهاووس يشبه ما يقيمه الكونت أندريس عادة، لكنها لا تتجمل لرجل آخر غير زوجها... ولا ترغب بإثارة اهتمام غيره بالتأكيد... زوجها الذي وضع بينهما مسافة منذ أمس و يرفض التنازل أو التراجع عن موقفه.
غدا سوف يسافر الى الاسكا، و تريد اذابة الجليذ بينهما قبل رحيله... تنهذت بعمق و لمّعت مجددا شفتيها الممتلئتين بأصبع أحمر الشفاه، عرفت على الأقل من الكونت بأن مساعده الخاص من سيرافق جوش في رحلته وليس سكرتيرة جميلة قد تستغل وحدتهما لترتمي على عنقه بدون ثانية تأخير... آه كلا... لن تغامر و تترك الفرصة لإمرأة.
فقط لو لم تكن حاملا... فقط لو لم تكن في أشهرها الأخيرة لما ترددت في مرافقته الى الالسكا...تحن لأيام الماضي عندما كانا يمضيان جل وقتهما معا، ملتصقين مثل أصابع اليد لا يفترقان الا للضرورة القصوى.. كل ذلك الامتلاء في علاقتهما... كل ذلك الكمال لم يعد سوى صورة باهتة لواقعهما... وهي الملامة الوحيدة.
ارتجفت بعنف رغم دفء الغرفة وهي تتحسس بطنها البارزة...ماذا لو أن الأوان فات و نجحت بقلب مشاعره ضدها؟؟ هزت رأسها بعنف ترفض بشدة هذه الفكرة.
جوش يحبها... مهما تصرفت بحماقة و مهما تغير مزاجها يحبها... أخبرها بذلك مرارا وعندما تزوجا في البندقية قال بأنه سيحبها الى ان يفرق الموت بينهما...
بعض الطمئنينة و الأمل داعب روحها المعذبة و ابتسمت ابتسامة لنفسها في المرآة.
" هيا آنجلا... اغري زوجك مجددا و احصلي عليه كما فشلت بقية النساء اللواتي مررن في حياته"
بثقة أخدت حقيبة يدها الحمراء المتناغمة مع فستان سهرتها و غادرت الغرفة مفعمة بالثقة و الاصرار.
راقبها جل وقته تتنقل بين جموع الرجال ببدلات السموكن و النساء بفساتين الكوكتيل، تمضي وقتها بإحترام المسافة الذي وضعها شخصيا بينهما، كانت انفاسه تنحبس في صدره كلما ابتسمت لأحدهم و ضحكت لآخر، تقابل نظرات الاعجاب -التي تلتهمها- ببعض الاغراء الذي بدأ يتلاعب بأعصابه، ضاق ذرعا بهذه السهرة الطويلة يريد فحسب ابعاد زوجته الشابة من حلبة المنافسة هذه و اخفائها الى الابد من أعين الرجال...
كان يقف مع والده غير بعيد عنها، هذا الأخير مسترسل في كلام مهم مع امبراطور نفط كوبي أقيم حفل هذا المساء على شرفه، فقد فورا خيط الحذيث المهم و استسلم للسحر الذي فثنه ويفثنه منذ سقوط عينيه عليها في أوكسفورد للمرة الأولى... وريثة ريتشي الحسناء و التي تزوجها بعد حرب طويلة مع العالم بأسره.
شعور مألوف بالفخر دغدغه بينما ينزلق بنظراته على منحنياتها الانثوية و بطنها البارزة... هذه الشقراء الفاثنة تحمل طفله... زوجته فقط...و مهما التهمتها النظرات الرجالية برغبه و مهما حسدته... فستحمل اسمه الى الأبد.
راقبها تتخلص من معجبها بلباقة و تحي آخر قبل أن تكتفي فحسب بالابتسام و تسرع بخطاها نحو مجموعته، نسي الجمود و البرود بينهما مؤخرا وعندما التقت عيناهما أخيرا لم يتهرب بنظراته المتلهفة و يتظاهر بالاهتمام القلبي بحذيث والده .
شعر بها تتردد لنصف ثانية قبل أن تحزم أمرها و تقطع المسافة بينهما، تخذير لذيذ لفه بينما يتسلل عطرها الى أنفه و يشله تماما.
" كارا..."
ابتسمت له ملئ فمها و تأبطت ذراعه بتملك انعشه، موجه مفاجئة من الرغبة طغت عليه و جعلته خائر القوى تقريبا، لم يعد مهتما حقا بأهمية الحفل ولا بإمبراطور النفط الذي توقف عن الكلام مع الكونت في هذه اللحظة لينصب بإهتمامه على آنجلا و يرمقها بإعجاب ... ما يرغبه بشدة هو اخد زوجته و الانفراد بها و روي عطشه اليها...
" اسمحي لي ان اخبرك بأنك بارعة الجمال كونتيسة " أخد يدها في يده و رفعها الى شفاهه في قبلة لم تروق البتة لجوشوا الذي شعر بنار غير مرئية تلتهم أحشائه بعنف" جميع الرجال يحسدون زوجك هذه الليلة... اعتبريني فرد من القائمة "
" يسعد امرأة في وضعي سماع اطرائك سيد باراديل.." وضعت يدها الى بطنها مشيرة الى حملها.
" سوف اسعد لو منحتني شرف افتتاح الحفل برقصة..."
" آسف 'سيد بارادايل'... هذه الرقصة محتجزة لي سلفا..." بإبتسامة مهذبة ابتعد من المجموعة و جر زوجته خلفه الى حلبة الرقص التي تم نصبها للمناسبة.
تنهيدة صغيرة افلتث منها عندما ضمها جوشوا بين ذراعيه ولفها دفئه الى حد الثمالة، كان رائعا جدا وسط بدلة السموكن التي يكرهها بشدة، زوجها الوسيم ... زوجها الذي لمعت عيناه الخضراوين البراقتين بغيرة عندما غازلها رجل الأعمال الكوبي... تمنت لو لن يفلتها ابدا فقط للاستمتاع بغيرته عليها... استرخت بين ذراعيه بإبتسامة رضى و آملت من أعماق روحها لو تستمر هذه اللحظات كل العمر.
هزت رأسها نحوه و التقت بنظراته الخظراء المشتعلة ...تسارعت أنفاسها و اندفعت الدماء الى وجنتيها...
" لما تتعمدين ذلك..؟؟"
حاجبيها الدقيقين تقوسا بعدم فهم شفاهها المغرية برطمت بإستياء:
" أتعمد ماذا؟؟"
" اثارة غيرتي..." أجاب بصوت أجش... سعادة عنيفة هزت كيانها القت نظرة حولها و تمتمت ببعض العتاب..
" لست انا من تلتهمها النساء بنظرات الرغبة في هذه اللحظة..."
أقطب جبينه و تغضن وجهه الوسيم قليلا وهو يأخد وجهها بين يديه و يعصره بشدة و كأنه ينوي معاقبتها على خيانته لعهوده لنفسه بتجاهلها " تستطعين الابتسام لكل رجال الحفل و تبتزيني بمناوراتك فهذالا يعكس حقيقه الوضع الا هو انك تحملين اسمي وحدي فقط... أنت ملكي آنجلا ديكاتريس حتى يفرق الموت بيننا"
***
أطباق متعددة و مميزة تسيل اللعاب، من مقبلات 'المزيديس' الى 'هورياتيكي' خليط من الطماطم الطازجة والخيار والبصل والزيتون والفيتا، والثوابل وزيت الزيتون.. الى سلطات ' مليزانوسلاطة' التي تتميز بالبادنجان و الثوم الطازج و سلطة الكافيار المضغوط، ثم ' الساجاكي' المكون من الجبن المقلي و المسقي بعصير الليمون الخالص.
طبق من 'كفثذكية' المميز بكور من اللحم المفروم المثبل بالزعتر و النعناع، فطائر صغيرة مصنوعة من السبانخ وجبن الفيتا، أطباق من 'الهورتا' الاعشاب المطبوخة مع زيت الزيتون و الليمون.
'البريام' خليط من البطاطا المحمصة، والباذنجان، والبصل، والثوم مع صلصة الطماطم وزيت الزيتون.
ثم ورق العنب المحشي مع الأرز واللحم المفروم والمغطاة بصلصة ليمونيه بالبيض المسلوق..
.قطع صغيرة من الأخطبوط، مقدمة بأشكال مختلفة: مع الليمون و مع زيت الزيتون والخل والثوابل المتنوعة.
وفي النهاية 'البقلاوة' و 'الكولوراكيا' للتحلية.
كل شيء كامل كما طلب السيد و الفضل يعود لديامانتي التي اصرت على تولي المهمة المستحيلة و المستعجلة، في البداية رفضت مدبرة المنزل قطعا عرض هذه الاخيرة، ضيفة سيد القصر في المطبخ؟؟ مستحيل...
لكن الطباخة التي تم استدعائها من العاصمة في آخر لحظة و المتخصصة في الاطباق المميزة لبلدان البحر الأبيض المتوسط تملصت بسبب ضيق الوقت و بعد المسافة، بيلا هي من تهتم بهذا النوع من الولائم المميزة و لسوء حظهم أنها ليست هنا.
" 'كومبليمينتي' (تهانينا) دونا ديامانتي... لو لا مساعدتك لما كسبنا المعركة ضد ضيق الوقت..." صفقت جوليا بيدها بحماسة و امتنان بينما ديامانتي تمسح يديها في مريولها و تنتزعه من حول خصرها.
" سعيدة جدا لأنني قمت بالمساعدة... الفضل يعود للجميع لولاكم لما نجحت بتهيء كل هذه الأطباق..."
" ضيف السيد صعب الرضى بشكل لا يصدق" ملاحظة ماريا غضنت وجه مدبرة المنزل التي رمقتها بقسوة
" لا تنسي مكانتك ماريا... "
" آسفة سنيورا بينا" احمر وجهها لكن عينيها تلمعان بينما ترمق برضى كل الاطباق الفضية المنتشرة على الطاولة الرخامية في قلب المطبخ " كيف تعلمت الطبخ اليوناني 'دونا ديامانتي'؟؟"
" عملت كممرضة عند عائلة يونانية في روما لثلاث سنوات و مدبرة المنزل كانت سعيدة بإعجابي الشديد للمطبخ الإغريقي... ليس هذا فقط... أتكلم اللغة بطلاقة"
بدت النسوة مأخوذات بنغمة صوت ضيفة سيد القصر، راقبتها سنيورا بينا تروي بحماسة ماضيها في كنف عائلة يونانية احبتها بشدة، جوليا و ماريا و فاليريا نسين تماما ان هذه الفاثنة الشقراء الذي تفنن الله في رسمها بدقة ستتسبب بطردهن ان اطالت البقاء هنا و اكتشف رب البيت سرهن.
" أظن بأن الوقت حان لتهيئي نفسك سنيورا ديامانتي العشاء سيقدم بعد ساعة في صالة الطعام ... لن ننسى لك هذه الخدمة القيمة شكرا لتعاونك و لطفك" لراحتها لم تعترض المرأة و رحلت بعد ان القت تحية حارة على البقية.
" أتمنى لو يتزوجها دون مارك انطونيو... انها كاملة... كاملة بشكل لا يصدق" رومانسية ماريا خلقت ضجة كالمعتاد.. غرق الكل في حذيث مكثف عن حياة السيد العاطفية الى ان انهت فاليريا بمرارة
" انهما قريبين للاسف و آمالنا مغتصبة سلفا... لكن القناص الذي لن يخطئها بالتأكيد فهو الضيف اليوناني المتغطرس.... أضع رأسي تحت مقصلة الرهان ان لم يختطفها بعد أمسية الليلة الى الأبد"
" أذكرك بأن زواج 'دون ليونيداس' بعد ستة أشهر... العالم بأسره يعرف ذلك" تدخلت جوليا ببعض التهكم .
" ... حتى رجل مرتبط و مفثون بزوجته سيسيل لعابه ككلب جائع أمام امرأة بجمالها الجليل... سوف ترين من منا على حق... صدقوني 'دون ليونيداس' سوف ينسى كليا انه على أهبة الزواج و انه وضع خاتم خطوبة في يد امرأة أخرى ما ان تقع عيناه على الفاثنة ديامانتي"
***
هز نيوس حاجبيه الكثين الشديدي السواد دون ان ينبس ببنت شفة بينما صديق طفولته يسترسل في شرح مختصر متجاوزا التفاصيل التي يريدها شخصيا.
الموضوع مع مشروع فرنسا انتهى، الاسهم عادت للارتفاع مجددا و الخطر غاب... على الاقل الان... ما فهمه من مارك انطونيو ان ما حذث متعلق بأمر شخصي... عائلي و يعده الا يتكرر مطلقا.
لكن في الاعمال لا يكتفي نيوس بالوعود و ينسى اصدقائه عندما يتعلق الامر بخسارة فادحة، يكفي ما تمر به اليونان من كوارث اقتصادية لن يغامر مطلقا بملايين اليورو.
يثق بمارك و مؤهلاته كرجل أعمال ناجح، لكن الأمر يختلط عليه عندما يتصل بعائلته، الشيء المناقض في شخصيته شخصيا.
" ارتفعت الأسهم بمئة و عشرين في المئة ... سويت المسألة و انتهى الأمر..."
المسألة لم تنتهي بالتأكيد، هذا الإنذار الطفيف يخفي كارثة حقيقة قادمة، ربما يحب المجازفة في ركوب الصعاب و الربح الهائل لكنه لا يريد المغامرة بشأن مشروع فرنسا... أحدهم يسرب معلومات سرية لمنافسيهم... ولا يوجد مرشح افضل من هذه القريبة المجهولة التي ظهرت فجأة في حياة شريكه و صديقه.
" نيوس قل شيئا حبا بالله لا تتطلع نحوي بهذه الطريقة المرعبة"
" هل تثق بها؟؟" سأل نيوس ببرود
" تقصد قريبتي؟؟؟ أؤكد بأن لا علاقة لها بتسريب معلومة واحدة، من المستحيل أن تفكر بها بسوء... لكن لما تدخل منزلي في سبيل الوشي بي...؟؟"
" مالذي يؤكد لك العكس؟؟ انت لم تكن تعرف حتى بوجودها قبل ثمان و اربعين ساعة..."
اكفهر وجه مارك كما توقع نيوس، ودار حول مكتبه ليثبته بنظرات جليذية:
" تفكيرك المتطابق مع تفكير جوشوا لا يروقني... أعرف تماما الى ما ترمي، ديامانتي لا تشبه والدتي ولا علاقة لها بما حذث في الماضي، اتت الى بيتي تطلب المساعدة، رجل مهووس بها يريد سجنها الى جانبه بالقوة و أنا منحتها مساعدتي و دعمي، ذلك الرجل ضرب في غفلة مني... وضربته لن تتكرر مجددا... لاسيما بعد أن يكتشف غدا صباحا بأن صفقته المربحة في كلومبيا صارت من الماضي البعيد... اذا كنت تشكك في كفائتي كرجل أعمال افضل أن نوقف شراكتنا حالا..."
لم يرد نيوس بينما استمر مارك بالاهتزاز غضبا.
بالتأكيد يثق بكفائة مارك و يحب جانب "المفترس" في شخصيته عندما يتعلق الامر بلأعمال، لكن ما لا يضمنه هو عاطفته الشديدة اتجاه افراد العائلة.
قد تكون قصة المرأة حقيقة و عدوهما الذي -ظهر فجأة - يتصرف بدافع الانتقام او الغضب بسبب كبريائه المجروح... كما ان هناك تفسير آخر... مناقض لما يريد مارك سماعه او حتى مناقشته...
مالذي يثبت حقا ان هذه المرأة قريبته؟؟ انه يعرف مارك منذ طفولتهما، درسا الاعمال في اوكسفورد و تقاسما لحظات و تجارب لا تعد و لا تحصى، مطلقا لم يسمع بهذه القريبة ولا حتى بإسمها الغريب...
بعد الذي فعلته امانويلا بعائلة آل ريتشي لن يتفاجئ اذا تبين أن هذه -الديامانتي- من طرفها للتجسس على الأوضاع، ولما لا جاسوسة رجل أعمال يريد كسب صفقاتهم بثمن أقل؟؟ هذا يحذث دائما في عالم الأعمال... وهو لا يثق مطلقا بهذه الدخيلة الغريبة الاسم.
" هل تعرف دراكو فالكوني؟؟" سأل نيوس متجاهلا استفزاز صديقه.
" من سمعته لا معرفة خاصة... أظن بأن غموض يلف أعماله... قد يكون من المافيا وقد تكون هذه مجرد اشاعات تحوم حول رجل ناجح كما تحوم حول العديدين من رجال الاعمال... "
كالمعتاد يحاول اعطاء تبريرات للاخرين... يرفض الحكم من خلال المظاهر... مهما دامت مناقشتهما و احتدمت عليه التصرف بمفرده، عليه الاعتماد على حدسه الذي لم يخنه يوما و على خبرة من يعملون لديه... في بادئ الامر يريد التأكد بأن هذه المرأة تقرب حقا مارك انطونيو... بعد ذلك سيسدد ضربات موجعة 'لدراكو فالكوني'... ولو ان مارك بدأ بصب لعنته سلفا على هذا الأخير و أفسد صفقته المتعلقة بالبن في كلومبيا.
طرقات خفيفة على باب المكتب وضعت حدا لأفكاره، راقب مارك يتوجه نحو الباب و يفتحه ببعض العصبية، تهادت الى مسامعه كلمات شبه هامسة بالايطالية، كتفا مارك المتشنجتين قبل بضع ثوان استرختيا و سمعه يرد على الدخيلة برقة..
لمح هاله من الشعر الشديد الاشقرار من فوق كتف صديقه، لون مميز جدا لا يراه عادة... هل هي تلك القريبة التي قلبت أعمال صديقه و اعماله رأسا على عقب و تسببت بمصيبة؟؟... هوس دراكو فالكوني أم جاسوسته؟؟
الفضول دفعه لتغيير وضعية جلوسه و استطاع الحصول على رؤية شبه شاملة لوجهها...
"θεός"
(رباه ) الكلمة وجدت مكانها بسهولة الى عقله بينما تقتحم ملامحها مجال بصره بوحشية و ضراوة... فجأة لم يجد اسم ديامانتي ساخرا ولا مريبا... بل مناسبا للفاثنة أمام صديقه بكل ما للكلمة من معنى.
انتبه نيوس الى انه احتفض بأنفاسه عالقة في صدره الى أن أغلق مارك باب مكتبه مرة ثانية و عاد الى مقعده، ترك الحرية لرئتيه بأخد هواء جديد ثم التقط قلمه الذهبي ووضعه في جيب سترته الداخلي...
" أفهم لما تتكبد كل هذا العناء ..." سخرية نيوس لم تؤثر البتة على مارك الذي ابتسم بلطف:
" انها قريبتي نيوس... لا اهتم لأمرها سوى في حدود قرابتنا... و لا ارمي لإغوائها"
الراحة التي تسللت الى صدره كادت تصيبه بنوبة هستيرية من الضحك، حبا بالله لما يشعر بالغيرة فجأة من نوع الصلة بين مارك وتلك... تلك... تلك الحسناء الشقراء المتوحشة الجمال والتي تشبه جنيات القصص الاغريقية؟؟
" كما لم تغوي امرأة منذ ست سنوات" وقف نيوس من مقعده بعد ان عاد اليه الاحساس التام بالواقع... ربما تلك الفتاة في نهاية الأمر ليست بهذا القدر من الجمال، عموما لم يرها جيدا... الضوء القوي خلفها ضبب رؤيته المتعبة فحسب... لا ينكر بأن له ضعف خاص اتجاه الشقراوات و ربما اختطف اهتمامه خصلاتها البلاتينية الرائعة و امتزج عليه الأمر.
" لا تنتقضني نيوس فأنت على اهبه الزواج من ارملة ابن عمك... اعرف بأنك لا تحبها و تفعل فحسب ما يرضي جدك المريض"
" بغض النظر عن أحلام عجوز متغطرس" تمطى نيوس بكسل، ملامحه مسترخية ببعض الرضى " ليز تناسبني بشكل شيطاني... انها سيدة مجتمع راقية .. انجليزية حتى النخاع ولا تنتظر مني وعودا بالحب.. "
" لديها طفلين من ابن عمك..." ذكره مارك
تجهم وجه نيوس وعلق بجفاف:
" يناسبني تبني نيقولا و ليو... انهما من اليونيداس و هذا يكفي..." وكي يضع حدا لملاحظات مارك التي يحفظها عن ظهر قلب تابع بصوت محايد" سوف أذهب الى غرفتي كي استحم و اغير ملابسي... "
لكنه لم يفلح بالتخلص من صوت صديقه الملام:
" أنت لست عقيما نيوس..." قاطعه بخشونة:
" اكد لي الطبيب بعد حاذثة روسيا بأن حظي في الحصول على وريث من صلبي يفوق الواحد بالمليار... بمعنى آخر لن احصل على اطفال يحملون دمي... أكره الآمال الزائفة لذا لن افوت فرصة الزواج من ليز فقط لأنني لا احمل لها مشاعر... هذا الزواج سيجلب لي الكثير من الامتيازات، سوف تبقى ثروة ليونيداس متحدة و احصل على طفلين يحملان دم اسلافي... بالاظافة... ليز لا تتوقع أن اكون وفيا... "
" يال غطرسة هذا الاعتراف..." ضحك مارك و ضرب على كتف نيوس" ارتاح قليلا قبل العشاء و شيء آخر... كن لطيفا مع ديامانتي ولا ترعبها ... اخفي جانبك البدائي و الدون جوان لهذه الليلة و كن انسانا طبيعيا... تذكر بأنها ليست عدوتك و انظر اليها كقريبة لي فحسب... لا تخفها كما فعل جوشوا و سأكون ممتنا لو أخفيت ايضا شراهتك نحو النساء"
" ان راقتني فسأضعها في سريري رغم تحفظك و تهديداتك المبطنة" تهكم نيوس.
" لن تغريها بالتأكيد لأنني أنوي منعك " أكد مارك بلطف لكن بصرامة.
انفلتث ضحكة متهكمة ناعمة من نيوس:
" كما سبق و بنيت حواجز بيني و بين آنجلا...؟؟"
" لم تحتاج حقا لردعي كي تفقه مشاعرها... كانت متيمة بجوشوا و مجروحة الفؤاد..."
فرك نيوس جبينه ببعض الارهاق و استعاد جديته ويثب واقفا:
" سعيد بصدق أن تتزوج ممن تحب و تسعد معه... بعض النساء تجدني نزاع الى التسلط ، دكتاتوري و مسيطر أحب النساء المتمرسات و آنجلا اضعف من ان تستحمل مزاجي الشيطاني او تتأقلم معه... ليز تدرك اي نوع من الالتزام تتعهد به بينما تقحم نفسها في حياتي... لست رجلا عاطفيا و أكره الرومانسيه.. بيننا عقد عمل بشروط محددة و سنلتزم به الى النهاية "
***
القت فرجينيا كتاب المذكرات بين السنة اللهب و انسالت دموعها في نفس الوقت الذي تقضم فيه النار ذكرياتها... ذكريا قلبت حياتها الى جحيم.
تنهدت بحرقة وتركت نفسها تنهار امام المدفئة و تترك دموع الذل تنهمر كما لم تفعل طول عمرها، انكمشت في قوقعة خيبة املها و دونت مآسيها فوق الورق... مآسي قرأتها فلور.
كيف وصلت هذه المذكرات الى هنا؟؟ لا تذكر بأنها تركتها على مرآى أحد، احتفضت بها في أشد الأماكن أمانا ببيتها و تركتها بعيدة جدا عن متناول يد أحد... الشخص الاخير الذي تمنت ان يتطلع على اسرارها كانت بالتأكيد فلور.
ابنتها... ابنتهما هي و أندريس.
الاسوء حصل وتجهل الطريقة التي ستخرج منها بأقل اضرار من هذه المآساة... لا تعرف كيفية التصرف مع شابة أخدت طباع والدها المتغطرسة و حدة مزاجها شخصيا... شابة مفعمة بالحقد و الكراهية اتجاهها.
(لا أريد رؤية وجهك في حياتي... فرجينيا) كلمات فلور القاسية ضربت بحدة بين جذران رأسها الى درجة الالم... وضعت يديها المرتجفتين على عينيها المتورمتين و تشكل وجه أندريس خلف جفونها المطبقة... عيناه الخضراوين تثبتها بغطرسة، نظراته بدت واضحة لدرجة مزعجة... ساخرة وشامتة... و كأنه يعلن فوزه بعد معركة دامت سنوات و سنوات...
معركة كانت الخاسرة الوحيدة فيها... كيف ستكون ردة فعله عندما يعرف بأن له ابنة منها و أخفتها بكل قوة؟؟ كم ترددت بإبلاغه قبل ست سنوات بينما تراه يتعذب بسبب فقدانه اليسيا... كم تآكلتها عتابات ضميرها و حتها حبها بالجري اليه و محي الحزن من وجهه الحبيب.
لكنها لم تجرؤ أبدا، لاحقته بلهفة خائفة عليه رغم المسافات الوهمية التي وضعها بينهما ما ان ارتبطت بروبيرتو...
و في ذلك المساء ... عندما رأته يخرج كالمجنون من ستارهاووس و سبقته بقلب النابض و مرتعد الى الشاليه الذي شهد اجمل ايام حبهما،أدركت بأن النطق بالحقيقة مستحيل... لاسيما و أن مشاعرها طفت على السطح ما ان واجهته و خذلتها ضربات قلبها.
نعم سنحت الفرصة لأكثر من مرة بالاعتراف له... نعم كان بإمكانها كشف اوراقها ... في البداية بينما توافق بجنون على خطط روبيرتو بالزواج لنسب جنينها الى آل ريتشي لم تفكر في المستقبل، ارادت فحسب حماية طفلها... حماية نفسها.
اندريس لم يحبها حقا.. لو احبها لما تركها ترحل الى امريكا لما خطب شقيقتها و جرحها جرحا عظيما و عيشها في مرارة و عذاب كبير.
الان بينما الوضع ينقلب عليها تجد نفسها امام باب مسدود و نفق مظلم... اين المفر؟
" جينا..." ابعدت يديها عن وجهها المتورم و بحثت برجاء عن مصدر الصوت لكنها ليست فلور بل شقيقتها كاثي.
تركت مكانها و ركضت الى احضانها منتحبة، شعرت بذراعيها تضمانها اليها بقوة و حنان مما دفع بعذابها الى الخارج بشكل اعنف..
" آه جينا... أنا آسفة لما يحصل"
لا تعرف مالذي تفعله كاثي في صقلية ولا في المزرعة، ما تحتاجه في هذه اللحظة هو كتف تبكي عليه كل دموع جسدها المتألم.
" أشعر بأنني أموت... " تنهدت جينا بعذاب و هزت عينيها الدامعتين نحو شقيقتها " كنت تعرفين؟؟"
هزت رأسها بالايجاب و بانت العاطفة على وجهها
" علمت بالامس فقط... أنا آسفة من اجلك و من اجل فلور و دافيد..."
دافيد... رباه... كيف سيتصرف عندما يعرف الحقيقة؟؟ هل سيطردها من حياته هو الاخر كما فعلت فلور؟؟ ينفرها دون ان يستمع لقصتها المخجلة و تفاصيل معاناة طويلة بسبب حب مفقود؟
دموع قوية جرت مجددا على خديها و غرست اصابعها في كتفي شقيقتها التي باشرت بترديد كلمات مطمئنة و هي تأخدها نحو الكنبة قبل ان تساعدها على الجلوس و تسقيها كوب من منها.
" فلور ترفض سماعي ومسامحتي..."
" حسبتها تعرف بأمر والدها منذ مدة..." اجابت كاثي برقة "أعرف بأن الوضع صعب على الجميع لكنها بالغة و ستتجاوز المحنة..."
فقط لو يكون حقيقيا ما تسمعه... لو رأت كاثي ملامح فلور لترددت قبل قذف كلماتها المواسية.
اخرجت شقيقتها منديل ورقي من العلبة الكرتونية و بحركات رقيقة قامت بمسح دموعها، شكرتها قبل أن تعصر بين يديها منديل نضيف و تتعلق به و كأنه طوق نجاتها
" لا أعرف ما ستكون عليه حياتي الأن؟؟؟ أشعر بفضوى رهيبة بذاخلي..."
" حبيبتي..." التقطت كاثي يديها وعصرتهما بحنان بينما عينيها الدامعتين تتطلعان نحوها بشفقة و عاطفة" سأكون بجانبك دوما..."
" آه كاثي... آسفة لانني لم اثق بك كفاية لأخبرك عما حصل ... كنت دوما نعم الشقيقه و الصديقة، لكنك كنت تتعذبين بسبب مشاكلك مع ادواردو في الماضي و تملكين الكثير من المشاكل لدا لم... لم اسر لك بهمومي... أشعر بالخجل لضعفي... كنت احمل طفل خطيبك السابق و أخرج بنفس الوقت مع شقيق زوجك..."
صمتت فرجينيا مرغمة عندما لاحظت تبدل ملامح وجه شقيقتها و تحللها، انتبهت الى ان شيء غريب يحذث... تملكها شعور سيء بأن كاثي التي اعترفت لتوها بمعرفتها سر فلور تجهله حقا.
" فلور ليست ابنة روبيرتو؟؟" صرخت كاثي بعدم تصديق..
" انا... انا... لكنك قلتي بأنك اكتشفت الامر بالامس"
" كنت اتحذث عن سرطان زوجك... عن ايامه المعدودة" شرحت شقيقتها بعنف و قد فقد وجهها كل اثر للدم "هذا مستحيل... تقصدين أن... ما افهمه بأن فلورانس ابنة اندريس؟؟ بحق الله قولي اي شيء... سوف اصاب بنوبة قلبية "
لكن فرجينيا لم تجبها و بدت بعيدة بآلاف الاميال عن الواقع... كانت تتأمل في كلام كاثي..
روبيرتو مريض؟؟
سرطان... و أيام معدودة؟
لكن...
ظلمة حالكة وقفت بينها و بين الواقع، بسبب اعصابها المتعبة سلفا منذ ايام و اكتئابها الحاد،ضربة الخبر القاسي كان اكبر مما تستطيع التحمل، تركت الضعف يجرفها بعيدا... بعيدا جدا عن الواقع و ماهي الا ثواني حتى أغمضت عينيها و استسلمت للظلام الذي جرفها.
***
" أتمنى أن الموضوع الذي تريد اطلاعي عليه يستحق كل هذه العناء"
الرجل الذي أربك مشاريعه و بنفس الوقت اثار فضوله كان بعيدا جدا عن الصورة التي رسمها في خياله، كان في الستينات تقريبا، رأسه اصلع تقريبا الا من بعض الشعيرات البيضاء التي تفرقت هنا و هناك، بدى صارم الملامح و النظرات، ولا يبدو حقا مستمتعا بالتنقل بين البلدان لملاقاته، في هذا المطعم البعيد عن ملاحقة البابارازي يستطيع التحذث اليه بكل سرية و معرفة أسباب اصراره على لقائه.
كانت حقا انجليزيته ركيكة لسوء حظ ادواردو الذي يجاهذ لفك رموز الكلمات التي يلتقطها من خلال اللهجة الطاغية للاوكرانية... هذا الرجل البعيد عن الشبهات يعرف عن نفسه، ما فهمه انه طبيب نفسي او مختص في الامراض العقلية...
" ما دخل ابني مارك انطونيو بعملك؟؟"سأله ادواردو بنفاذ صبر.
ترك زوجته تذهب بمفردها الى المزرعة بعد ان طارا في طائرتهما الخاصة الى صقلية بعد الظهر، هذه الأخيرة و رغم كل تبريراته لغيابه ساعتين على الأكثر لم تقتنع، و أغضبها تخلفه عن مرافقتها قبل أن تتبع السائق و حارسها الخاص على مضض.
و الان يجد نفسه عالقا أمام طبيب نفسي أو عقلي بالكاد يفهم ما يريده هذا الأخير منه، راقب بحذر الرجل أمامه يدلف يده الى جيب سترته الداخلي و يخرج بطاقة من الورق الامع قبل أن ينشرها فوق الطاولة، انتظر ردة فعل منه، لكن ادواردو استمر بالنظر الى الصورة التي أثلفت حواشيها تقريبا بدون فهم.
" أرجوك... أنظر الى الصورة ..."
بعد تردد أخدها ادواردو بين أصابعه و قربها من وجهه.
الصورة لفتاة قصيرة الشعر، هزيلة بشكل مقلق، تضم الى صدرها دمية رثة الملابس و متسخة، وجهها ملتفث نحو النافدة الوحيدة في الغرفة التي تشبه غرف المستشفى، حاول ايجاد الجواب الذي ينتظره منه الطبيب بلا جدوى.
أعاد الصورة فوق الطاولة و قال بجفاف:
" من هي؟؟"
" ليندا... " أجاب الطبيب بهدوء وهو يعيد مجددا الصورة اليه " أرجوك انظر اليها جيدا... الا تعني لك شيئا؟؟"
دون ان يأخد ادواردو عناء تنفيذ طلب الرجل امامه أخد كأسه الذي لم يلمسه منذ أن وضعه النادل أمامه و ارتشف منه ليهدئ القليل من سوء مزاجه و نفاذ صبره
" لا تعني لي شيئا... و لست بحاجة لتفحص الصورة مرة ثانية لأن ذاكرتي قوية ولم تخني يوما ... لو سبق و رأيتها لتعرفت عليها...ما علاقتي و علاقة ابني بكل هذا؟؟"
" لست متأكدا من علاقة كليكما لليندا..." أجاب الطبيب بصراحة و هو يلتقط الصورة و يتطلع الى الشابة ببعض الحسرة " ظننت بأنني بت على مقربة شديدة من فك سرها و اخراجها اخيرا من تلك المستشفى"
هز رأسه نحوه و انتبه لإستعجال ادواردو بمغادرة المكان:
" أعرف بأنك رجل مشغول سيد ريتشي... اريد فحسب مساعدتك لأتأكد بأن ليندا التي تم رميها منذ اربع سنوات في مصح الامراض العقلية في العاصمة 'كييف' ليست نفسها... حسنا قد يبدو لك الامر خارج المنطق و العقل... لكنني اشك بأن ليندا التي تم منحها الاسم من قبل ادارة المستشفى هي نفسها لينيتا دا ماتا..."
كاد ادواردو ان يختنق في شرابه، أعاد كأسه الى الطاولة و اشار الى النادل:
" شككت منذ البداية بأن هذا اللقاء اهذافه نصب و احتيال..."
" سيدي لست هنا لطلب المال بل لمساعدة امرأة مسكينة... و لمساعدة ابنك..."
وقف ادواردو من مكانه بعد ان دفع للنادل وتبث الرجل الذي يدعي بأنه طبيب بنظرات جليذية:
" احذرك... ان اقتربت من ابني او من اي فرد من أفراد عائلتي فسأتابعك قضائيا بكل التهم الممكنة..."
لايبدو الرجل حقا مهتما لتهديداته، الاصرار المرتسم على وجهه لم يترك مكانه للقلق او الخوف:
" لا بأس... تستطيع متابعتي قضائيا لا يهمني...اذا رفضت سماعي سوف اضطر لعرض صورة ليندا على المعني بالأمر... أظن بأنه سيأخد وقتا أطول بدراسة الصورة عكسك سيدي... " هز الرجل كتفيه و عاد يجلس في مكانه بهدوء " جمعت اكبر قدر ممكن من المعلومات على لينيتا دا ماتا... و اثار انتباهي بعض الشائعات التي تشير الى رفضك علاقتها بإبنك... ربما تعرفت عليها حقا ولا تريدها مجددا في حياة مارك انطونيو..."
" لينيتا ميتة..." قال ادواردو من بين اسنانه " ماتت بعد ولادة طفليها بسبب تأثرها بطلقتين ناريين "
" غريب... ليندا تملك ندبة عملية قيصرية... وندبتين أخرتين عند الصدر... بصمتين لطلق ناري..."
الصدمة شلت ادواردو لثوان قبل ان يحرره صوت العقل من التنويم المغناطيسي لهذا النصاب امامه، لكن لهجته تبدو صادقة وواثقة... دخل في معطف المحامي الذي يحفظه جيدا وعاد للجلوس في مقعده، سيكتشف ادعاءات هذا الرجل فورا، اذا كان يريد النصب بسبب هذه القصة التي اخترعها لربح ثروة و يظن بأنه من السهل ابتزازه و التلاعب به فهو واهم... كان في ريو دي جينيرو عندما تم دفن لينيتا... كان مع مارك انطونيو منذ استلام الصندوق من المشفى حتى دفنه في اعماق الارض بالمقبرة الصغيرة.
" اعطني الصورة "
بدى الارتياح على وجه الرجل الذي اخرج مجددا الصورة التي يبدو بأنها امضت وقتا طويلا في جيبه و التنقل من يد الى أخرى.
عاد يتفحص محتواها بإهتمام أكبر هذه المرة.
الفتاة الهزيلة لا تنظر الى الكاميرا، من التقط الصورة سرقها بغفلة منها، شعرها القصير أسود حالك بالكاد يصل الى أسفل رقبتها الطويلة، ملامحها ليست حقا واضحه المعالم، لا يتبين لون عينيها لكن بشرتها السمراء تبرز أصولها الاثينية... كل هذا لا يؤكد شكوك الطبيب و ادعاءاته.
أعاد اليه الصورة قائلا بحزم:
" ليست هي... "
" كانت تتكلم البرتغالية عندما وصلت الى المشفى، اليست هذه نفس اللغة التي يتكلمها البرازيلين؟؟"
" هذا لا يعني شيئا" أجاب ببرود " لا نذباتها ولا لغتها تثبت بأنها لينيتا داماتا... هذه الأخيرة فارقت الحياة منذ ست سنوات..."
" هل رأيت نعشها قبل الدفن؟؟"
" بالتأكيد..." صمت ادواردو فورا، لا أحد رآها... استلموا الصندوق محكم الاغلاق بسبب القانون الذي تفرضه المستشفى في حالة الوفاة المشوهة... رغما عنه تسلل الشك الى صدره، مالذي يحذث بحق الجحيم؟؟ لما يهم احدهم اختلاق أمر موتها؟؟ المستشفى سمعته جيدة جدا وبعيدة عن الشبهات من المستحيل ان يكون طاقم طبي بأسره تلاعب بشأن موتها... كل هذا لا معنى له...
" سيد ريتشي، لم آتي اليك بهذف الاحتيال ولا التلاعب، سقطت بالصدفة قبل عام على مقال الكتروني في الانترنيت يتحذث على الهجومات النارية و كان من ظمن صور الضحايا 'لينيتا دا ماتا'، أدهشني الشبه بينها و بين المريضة المجهولة الهوية و بدأت بحثي من يومها، عندما استلمنا ليندا كانت في حالة نفسية مزرية، بالكاد تنطق بكلمات برتغالية و تدخل في أزمات غيبوبة طويلة، وعندما بدأت بالتحسن تدعي بان أحدهم سرق طفلها لذا تحتفظ بتلك الدمية التي رأيتها و تتكلم اليها طول الوقت و كأنها طفل حقيقي... ليست مجنونة حقا لكنها تعيش بعيدا جدا عن الواقع... اذا كانت لك أدنى شكوك عن ظروف وفاة لينيتا دا ماتا فأطلب منك التعاون، أنا لا أملك المال الكافي لأوكل متحري خاص ولا أن أتحمل مصاريف السفر الى البرازيل لأخرج قبرها و التأكد بأن جثتها حقا في الداخل... "
بْلا... بْلا... بْلا...
لكن ماذا لو كان جزء من الحقيقة في كلامه؟؟ ماذا لو تبين في النهاية بأن موت لينيتا مجرد كذبة وهي حية ترزق في الحقيقة؟؟
لمعرفة الحقيقة أمامه حل واحد... الطيران الى 'ريو دي جينير' و النبش في قبرها... نعم... هذا هو الاختيار الاصح.
***
لا تعرف الى اين يأخدها... لكنها مستعدة لتبعه الى القمر ان طلب منها ذلك.
لم تنتهي حفل استقبال الكونت اندريس، لكن جوشوا ادعى ارهاق زوجته بسبب حملها وبدل اخدها الى جناحهما قادها الى سيارته و غادر ممتلكات ستارهاووس بسرعة جنونية.
منذ رقصتهما الاولى لم يتركها لرجل غيره، ابقاها الى جانبه طول الوقت و كم اسعدها اهتمامه و اثملتها السعادة..
بينما تتوقف السيارة امام منزل ريفي في حدود اوكسفورد، أطلقت آنجلا شهقة دهشة و حماسة بينهما يحملها جوشوا بين ذراعيه و يسرع بها الى الكوخ الذي راقتها أضوائه المرحبة و الرومانسية.
انتبهت الى النار الملتهبة في قلب المدفئة ما ان اجتازا عتبة الباب الذي اغلقة بضربة من قدمه..
" خططت لكل هذا؟؟"
" اتصلت خلال العشاء ليجهزو لنا جوا حميميا... أريدك لنفسي الليلة..." وضعها الى الكنبة وحررها من معطفها قبل أن يفعل الشيء نفسه مع معطفه، بعد أقل من ثانية أصبح بالقرب منها " هل لديك ادنى فكرة عن المعاناة التي تكبدتها لتجاهلك بينما كل غرائزي في حالة تيقض و تأهب مستمر؟؟ عشت الجحيم بفظلك..."
تبللت رموشها بدموع السعادة، هل يعقل أنها ماتزال تثير رغباته رغم شكلها الذي يشبه الحوت؟؟
" أنا آسفة..."
" فلتذهب اعتذاراتك الى الجحيم آنجلا... لا اطيق مزاجك البغيض منذ حملك..." هتف بصوت اجش بينما يده تتسلل الى سحاب فستانها كي تحرره " أريد ممارسة الحب معك الى ان انسى معاملتك القاسية في التوسكانا ولن افكر سوى في لحظاتنا هذه خلال رحلتي الى الالسكا..."
كهربتها عيناه الخضروان المتألقتين حتى الاعماق، و جن قلبها الذي بدأ بالقفز كالمصاب بمس في صدرها، مدت يدها الى وجهه لكنه رفض ملامستها، في سرعة البرق سجن يديها خلف ضهرها و همس قريبا من شفاهها
" قولي بأنك تحبينني..."
تنقلت بعينيها على صفحة وجهه الجميل قبل أن تستقر برغبة على شفاهه الغير بعيدة:
" أحبك بجنون... قبلني جوش"
" ليس بعد..." احتفض بيديها خلف ضهرها ونفخ برقة على خصلة ناعمة متهدلة بنعومة على وجهها الجميل " أحلم بك ليل نهار و تجرؤين على اتهامي بالخيانة... كيف يعقل أن تكوني عمياء الى هذه الدرجة؟؟ ثم تقررين استفزازي هذا المساء و معاقبتي بتقبل مغازلة كل المدعوين من الرجال ... ماذا لو تعمدت أنا اثارة غيرتك آنجلا؟؟ ماذا لو ... راقصت جميع المدعوات و غازلتهن.."
" توقف" صرخت به بعنف وهي تتلوى في محاولة تحرير يديها دون جدوى، تكره الاتجاه و المنحى الذي يتخده الحذيث، اشاحت بوجهها عن نظراته المشتعلة، و أحست بالنار تتسلل الى صدرها و تمنع عليها التنفس بحرية.. أمسك بدقنها و أرغمها على مواجهته، كان مستعدا للذهاب بعيدا بانتقامه الصغير في استفزازها لكنه توقف عندما لمح الدموع الرقيقة في عينيها:
" اذا قررت يوما تركي و النظر الى امرأة أخرى سوف أموت..." همست بصوت مرتعد " حبي لك يفوق طاقتي"
" و أنا أيضا..." هتف برقة وهو يلامس وجهها بأطراف أصابعه" لهذا أرفض أن نعيش هذا الجحيم مرة ثانية... ستكون المرة الأخيرة التي تحملين فيها آنجلا... أريد المرأة التي أغرمت بها و تزوجتها... لا امرأة مليئة بالمرارة و الغيرة و الشك... اريد ان نستعيد ضحكاتنا و سعادتنا... أن نسترجع أعوام زواجنا الأولى و نسترجع تواطئنا و تفاهمنا"
هزت رأسها بالموافقة، ابتسامة مشعة انارت وجهه الوسيم دنى منها و منحها القبلة التي انتظرتها بفارغ الصبر.
عندما ابتعد قليلا كي تستعيد انتظام انفاسها همست بصوت مشحون بالعاطفة فيما يتمم تحريرها من فستان السهرة.
" ماذا عن اتفاقنا بأن نرزق بأطفال كثر و نبني عائلة كبيرة؟؟"
" غيرت رائي..."
اجابها بينما يجثو أمام قدميها لينتزع حدائها العالي الكعبين بصبر أقل.
" الكونت يعتمد علينا ليملأ غرف ستارهاووس..."
" اذا كان الكونت متحمس جدا لملأ غرف قصره اللعين فلينجب أطفالا بنفسه..." لحق بالفستان و الحذاء جواربها من النايلون حملها بين ذراعيه ليضعها فوق السجاد الوثير ووسائد الريش أمام المدفئة المزينة بألسنة النار التي تتراقص على بشرتها الؤلؤية بإغراء " اما فيما يخصني... وجدت السعادة التي حلمت بها دوما"
" أحبك جوش..." صوتها الاجش و المشحون بالعاطفة دفعه للابتسام امام شفاهها المنفرجة التي تنتظر قبلاته بفارغ الصبر.
" أحبك آنجلا... و سأدق عنق اي رجل يحاول سلب ما هو ملكي"
***
بعدما استجمعت شجاعتها دخلت 'ديامانتي' أخيرا الى قاعة الطعام.
لا تعرف فيما يفكر حقا مارك أنطونيو بوضع هذا الفستان فوق سريرها مع جملة مختصرة" لا يناسبك الاسود".. ولا ما اوصل هذا الفستان -الذي اثار لعابها بعد الظهر- الى غرفتها.
بينما ترمي سالي فيليبو بتحديها للتسوق معا، اصر مارك بخروجها و لراحتها رافقتهما كاثي، فكرة ان يختطفها رجال دراكو لاسيما وقد عرف اين تقيم داعبت خيالها لا تنكر، لكن الحراس الذين رافقوهم متمرسين و محترفين ة اختفى قلقها رويدا و استمتعت بالحرية لبضع ساعات... سالي لم تتوقف من الكلام على مارك... ورسائلها كلها كانت واضحة و مفهومة، تقول بأنها تحبه و مستعدة للعيش في التوسكانا ان قرر النظر اليها اخيرا... لوهلة شعرت بالشفقة على الفتاة التي تبدو حقا متيمة بقريبها و أغرتها فكرة قذف امر زواجها في سبيل طمئنتها... لكنها تجاهلت شفقتها و احتفظت بسرها لنفسها.
بينما تتنقل سالي و كاثي بين محلات فاخرة تعرض منتوجات بأثمان خيالية، أثار اعجابها فستان معروض بلون الفضة، كان يكفي ملامسة ثوبه الحريري كي تنقض عليها كاثي و تصر عليها لتجربته.
عندما خرجت لرؤية نفسها في المرآة شلتها الصدمة، سالي اصفرت من الغيرة بينما كاثي... احمرت وجنتاها من الحماسة...
" سوف آخده..." قالت كاثي بحماسة
لم تفهم مطلقا بأن الفستان هديه لها الا عندما وجدته فوق سريرها بكل بهائه و جماله... بالاظافة الى حذاء من (كريستال سواروفسكي) كان معروض مع القماش الثمين... مفاجئة... يناسب قدميها تماما.
في البداية فكرت برفض ارتدائه، ثم تذكرت الضيف المتغطرس الذي امضت ساعتين في المطبخ مع الخادمات لتجهيز اطباق يونانية مميزة من اجله و بلعت اعتراضها.
ماذا لديها لارتدائه هذا المساء غير قطع سوداء مثيرة للشفقة؟؟ الم يقل مارك بأن ضيفه مميز؟ لم تحرجه بظهور ادنى من مستواه ولا المستوى الذي ينتظره منها... كل مجوهراتها الثمينة و ملابسها الراقية تركتها خلفها في منزل دراكو بروما... لاتملك سوى ما اهدته اياها كاثي، يجب ان تكون ممتنة لكرمها لا ناقمة.
عندما عاد جسدها لإحتضان الفستان الفضي مجددا شعرت بأنفاسها تتسارع من شدة الاعجاب، كان بسيط التصميم لكنه مغر و انيق بشكل مهول، من الحمالات الرقيقة حول الكتفين الى جيدها البارز بشكل انثوي رائع، كان نحيف عند الخصر و الوركين قصته تنساب على طول ساقيها و يلامس ذيله المطعم بالكريستال الأرض.
صففت شعرها الاشقرتصفيفة رومانية حالمة تناسبت بشكل صارخ مع التحفه على جسدها، جذائها التي جعدتها تركتها ترتاح على كتفها الايمن مما منحها بريق أميرة حقيقية... اكتفت بتسويد رموشها الطويلة و ببودرة الخدود لتخفي شحوبها، لامع الشفاه كان الخطوة الاخيرة قبل أن تبتعد عن المرآة لتلقي نظرة ناقضة على هندامها... غادرت غرفتها وهي تشعر بالثقة لكنها الان بينما تقتحم صالة الطعام ولا تجد اثرا لمارك انطونيو و عيناها تلتقطان فحسب شبح قامة مميزة ذكرتها فورا بدراكو، شعرت بالارتباك و رغبة عنيفة بالركرض الى غرفتها و الاختفاء.
" مساء الخير..." همست اخيرا لتندر الضيف بوجودها.
استدارببطء نحوها و ارتاحت عندما احتضنت عيناها ملامحه اليونانية البحتة البعيدة عن وسامة دراكو المتوحشة.
ربما يتقاسمان الطول المميز و القامة الرياضية، وسامة دراكو طافحة بينما هذا الرجل الذي يتطلع اليها بنظرات جليذية ليس وسيما بالمعنى الحرفي لكنه... مرعب و مثير للقلق مثل زوجها تماما.
كان يتفحصها ببطئ و اناة لدرجة دفعت الدماء الى وجهها... كان يشبه زبون متطلب يتفقد بضاعته قبل شرائها... ذبذابات غير مرئية من الكراهية هاجمتها بشراسه، لما تشعر بإشمئزازه منها بينما لم يسبق لهما أن التقيا قبل هذه اللحظة.؟؟
" لا بد أنك السيد 'ليونيداس'... انا 'ديامانتي سانتو بينيديتو' قريبه مارك انطونيو" مدت يدها نحوه و طالت لحظة تجاوبه مع عفويتها الى أن يأست، التوثر اللعين وجد طريقه سريعا اليها بفضل النظرات السوداء الغامضة التي يرمقها بها... تهيأ لها للحظه و كأنه سيرفض يدها و يتجاهلها.
" لا أتكلم الايطالية ..." أخيرا سمعت صوته، رنته هزت أعماقها كالزلزال و كأنه صرخ في مكبر صوتي و غرب طبلة أدنيها و الواقع ان كلماته الانجليزية اتت منخفضة و هادئة...متغطرسة تقريبا.
" لا أتكلم الانجليزية آسفة" هتفت باليونانية و شعرت بالاكتفاء و الرضى للمفاجئة التي ارتسمت على محياه المتحجرة عندما ارتفعت حاجبي المتغطرس امامها و كأنه بالكاد يصدق معرفتها لغته الأم... بالكاد لامس يدها الممدودة حتى سحبتها مصعوقة من الموجة الكهربائية التي حرقت بشرتها الرقيقة و سلبتها الاحساس بالواقع لثوان... أقطب جبينه اذ لم يفته ردها و بالمقابل... لايعجبه.
" قلما نلتقي بحسناوات تتكلمن اليونانية ... ترغبين بمشروب؟؟"
" نعم شكرا لك..." هجر الكأس في يده و كرجل تعود على ارضاء النساء بكل دقة قدم لها مشروبها المفضل دون ان يستشيرها ... حاولت التركيز على اي شيء الى حين وصول مارك و قيامه بدور المضيف بدلها، كانت تشعر بنظراته كماء النار ينساب بشكل مؤلم وحارق على عنقها... تقويرة فستانها عند الصدر ثم بشرة ذراعيها و تدويرة وركيها.
كانت تشعر به يلتهم كل قطعة من جسدها دون ان يلمسها حقا... رمقته من خلال رموشها بشكل متحفظ و هي تقرب كأسها من شفاهها لتروي ضمأ حلقها الجاف... كي تجده أقل وسامة من دراكو؟؟ ربما يملك ملامح اغريقية كلاسيكية لكنه فاثن و جذاب بشكل يرعبها.
"ماهي المواهب الاخرى التي تخفينها كارا؟؟"
اللهجة التي نطق بها جملته لم تعجبها حقا،أدارت وجهها نحوه و صعقتها نظراته السوداء الثاقبة، وضعت مسافة بينهما لتترك عطره الرجولي بعيدا عن متناول حتسة شمها و التي تخدرها تقريبا و تنمل حواسها، استجمعت رشدها الثالف و ردت ببرود مصطنع:
" لا أفهم قصدك..."
" بما أن قريبك ليس هنا دعيني أخبرك شيئا..." دنى منها لكنها لم تتراجع، كانت ضربات قلبها تتسارع كلما تقلصت المسافة بينهما، يبدو اقل وحشية من هندام دراكو الاسود دوما لكن احساسها يندرها بأن خلف هذا الطاقم الياقوتي الانيق شخص بدائي أشد خطورة من الرجل الذي هربت منه قبل يومين" اذا كنت قريبة مارك و تهتمين حقا لمصالحه أريدك خارج حياته فورا... اذا كنت جاسوسة دراكو فالكوني الذي كان من الغباء ليهاجمه في اعماله فستتملصين من عرضي بأي تبريرات لتتمكني من استغلال طيبته و العبث في اموره و نقل المعلومات"
شعرت بأن سطل ماء بارد هدق على رأسها، ياله من متغطرس وقح قليل التهذيب، كيف يجرؤ على اتهامها بالتواطئ مع زوجها للايقاع بقريبها؟؟ رأيه فيها لا يهمها بالتأكيد لكن ان يخلق المشاكل بينها و بين قريبها ما لن تسمح به... لمعت عيناها ببرود وتمتمت من بين اسنانها بغضب:
" هل من عادتك مهاجمة الناس و الحكم عليهم بهذه السرعة؟؟... لا تظن بأنني سأسمح لك بتحجيمي فقط لأن عقلك المغرور يختلق قصصا وهمية بشأني 'دون ليونيداس'... ما أصنعه في بيت قريبي لا يهمك... و اذا كنت تظن بأنني جاسوسة دراكو فهذا شأنك فقط..."
عليها الرحيل من هذا الوحش الأدمي الذي يقتص منها بنظرات جهنمية، قبل أن تصل الى البار الفكتوري حيث زجاجات الشراب بأشكال و نكهات متعددة لتترك كأسها الفارغ، شعرت بقبضة حديدية على ذراعها، بعد أقل من ثانية لم يعد يفصلها عن وجهه الرخامي سوى سنتمترات وهمية:
" لا تتلاعبي معي يا جميلتي فلا أتأثر بسهولة بمؤخرة بارزة ولا بصدر كبير شبه مكشوف... " اندفع الدم الى وجهها تحت ملاحظته الوقحة و اعماها الغضب،حاولت التملص بقوة من قبضته التي تكاد تسحق عضامها الهشة " سبق و تعاملت مع نوعك من الاستغلاليات و أحذرك يستسلمن ما ان يتعلق الأمر بي..."
" أترك ذراعي أنت تؤلمني..." تركها فجأة مما جعلها تختل في توازنها و تكاد تقع، لكنه لم يساعدها و لم يتوقف عن مهاجمتها بشراسة:
"اذا كنت حقا الضحية التي تكلم عنها مارك أنطونيو فأملك الحل لأزمتك... "
فركت ذراعها و قذفته بنظرات قاتلة:
" لا أريد مساعدة رجل همجي مختل عقليا..."
" احتفظي بإهاناتك لنفسك يا جميلتي فلا أفعل هذا لأجل عينيك الجميلتين ولا 'لمقاس 94 السيه'"
مقاس 94 السيه؟؟ فجأة فهمت ملاحظته المتجردة من اللباقة و احمر وجهها بعنف بينما تكثف ذراعيها على صدرها لتخفي ما يبدو واضحا أمامهن انه يتعمد ارباكها، في حياتها لم تلتقي رجل بغيض مثله و متجرد من التهذيب.
" اذهب الى جحيم..."
تجاهل هجومها و أشار لها بيده مهددا:
" سوف تقبلين عرضي لتختفي من حياة مارك اذا كنت حقا مهتمة بالتخلص من مهووس مثل دراكو فالكوني ... اذا رفضتي عرضي سأعتبرك المسؤولة الاولى على تسريب معلومات سرية الى منافسنا و سأجعل حياتك جحيما "
أعمت دموع الغضب عينيها، وتذكرت الساعتين اللتين أمضتهما بالتفنن في أطباق يونانية لشرف حقير مثله، لما لم تستعمل سم الثعابين بدل عصير الليمون الطازج؟؟ كان ليسعدها رؤيته متوجعا و ميتا... الحقير...
" ارى انكما تعرفتما على بعضكما..." قطع مارك أنطونيو حلوتهما، كم كرهت مجيئه في هذه اللحظة، كانت تتحرق لرمي المتغطرس أمامها بكلمات قاسية مماثله للتي جرحها بها قبل دقيقة، بلعت خيبتها و التقطت انفاسا عديدة لتستعيد هدوئها، رسمت ابتسامة صغيرة في زاوية شفتيها عندما تقدم منها، و كرجل مهذب... مهذب حقا لا يشبه الهمجي البدائي الذي يرمقها بسخرية في هذه اللحظة، أمسك يدها و قبلها قائلا بإعجاب:
" أنت رائعة عزيزتي..." ثم وجه كلامه بشكل غامض لضيفه المريب " كيف تجد قريبتي؟؟"
" لا أظن بأن رأئي يهمها فمن الواضح انها معتادة على المدح اينما تواجدت..."
فلتحترق في الجحيم... أعادت الكلمة من بين شفاهها و بلعتها بصعوبة، رباه... لما يصر القدر على وضع رجال من هذا الصنف في طريقها؟؟
***
" هيه... أنتِ أخرجي من سريري"
قبل أن تستعيد فلور إحساسها بالواقع و الخروج بشكل طبيعي من نعاسها الثقيل شعرت بالغطاء ينسحب بعنف من جسمها المتجرد من الملابس، آلام راسها كان أقوى من البرد الذي لفها، وضعت يدها على جبينها تحاول بعنف فهم ما يحذث حولها.
" ايتها العاهرة الصغيرة القذرة..." صوت متوحش عنيف ضرب بلارحمة في رأسها المتوجع.
كانت أحاسيسها المخدرة تندرها بأن شيء سيء يحذث، ماعاد لعقلها النائم تقريبا ذكريات رائعة من ليلة أحلام عاشتها بين ذراعي الرجل الأكثر اثارة، الأكثر اغراء و الأكثر جاذبية التقته في حياتها... ثم لقطات سريعة من ليلتها الساخنة، دراكو يغمس الفراولة في الشكولا المصهورة و يغرسها بين شفاهها، كؤوس كثيرة من الشامبانيا... ضحك و مغازلات و اغراء تطير في جو حالم و مليء بالوعود... لم تشعر في حياتها بالكمال مع رجل بينما تتشاطر معه الغرام كما أحست ليلة البارحة... كان رائعا و سخيا في ارضاء رغباتنا... و بينما تستسلم للنوم في الخطوط الاولى للفجر منهكة القوى بين حميمة ما عشاته و كمية الكحول التي استهلكتها... تستيقظ من أحلامها الوردية على صوت شيطاني ينعتها بالعاهرة القذرة.
رغم الام رأسها المبرحة استطاعت مغادرة السرير و التقاط الشرشف لستر نفسها، دفعت شعرها الطويل المشعث بعيدا عن وجهها، وارعبها منظر عشيقها الوسيم الذي تحول وجهه الى شيطان قادم من الجحيم.
" مالذي يحذث بحق السماء؟؟"
كان يرتدي بنطال البيجاما و يترك جدعه مكشوفا، عضلاته القاسية و المتناسقة التي تلذذت بتقبيل كل جزء منها طيلة ليلة البارحة. انحنى على ملابسها الملقاة على الارض و ألقاها على وجهها بعنف قائلا بوحشية:
" ارتدي ملابسك و ارحلي من هنا فورا... لا أريد رؤية وجهك اللعين هنا..."
" آه لكن كيف تجرؤ أيها الحقير..." صرخت به بعنف وقد بدا جسدها بالاهتزاز من شدة الغضب.
" ماذا توقعت فتاة سهله المنال مثلك في النهاية؟؟؟ موعد آخر و شموع؟؟ آسف أن اخيب ظنك.. مثلك من النساء لديها امتياز ليلة واحدة في سريري..."
" مثلي من النساء...؟؟" كادت تختنق من شدة غيضها" هل تعتبر نفسك مميزا؟؟؟ دعني أخبرك بأن الليلة كانت تافهة مع شخص نكرة مثلك... أنت لا تستحق العناء أيها السافل"
تأوهت بعنف عندما قطع المسافة بينهما بسرعة البرق و امسكها من شعرها بطريقة عنيفة:
" أخبري ابن عمك الحقير مارك انطونيو بأن زوجتي سوف استعيدها رغما عن أنفهما معا، و بأن الصفقة التي أفشلها سوف استعيدها بالمقابل... و اقسم بكل ما هو عظيم أن أجعل حياته التافهة جحيما لا يطاق"
ترك شعرها ودفعها عنه بإشمئزار الى ان اصتدمت بحائط المقصورة خلفها، بلعت ريقها بصعوبة:
" هل أنت متزوج؟؟"
" و هل يفرق الوضع مع ساقطة من طينتك؟؟ "
" أيها الحقير..." التقطت اول شيء سقط تحت يدها وقذفته به، استمرت قذفاتها بعنف الى ان تمكن من تهدئة نوبة غضبها الهستيرية بصفعة عنيفة على وجهها.
" ارحلي من حياتي لا أريد رؤية وجهك مجددا..." وضعت يدها علة خدها المتألم و انزلقت دموع الاذلال على وجنتيها." سوف يعيدك فرانكو من حيث اتيت"
ثم اختفى من المقصورة و أغلق الباب خلفه بعنف.




قلوب أحلام غير متواجد حالياً  
التوقيع
13th year anniversary celebration- احتفالية تأسيس روايتي الـ13

رد مع اقتباس