2_ غدا ترحلين يبدو كل هذا جنونا. تمطت سارة بكسل كقطة كسول وهى تنظر الى النوافذالمفتوحة فى هذه الليلة الصيفية فيما النيران تشتعل فى المدفأة.لكن هذا كله لاءم مزاجها.فهواء البحر المشبع برائحة الملح الاذعة وتكسر الامواج على رمال الشاطىء والسنة اللهب المتراقصة على انغام الموسيقى المنبعثة من ((الستريو))تركت فى نفسها هدوءا بعد نهار مضن فى المكتب ،كان سببهمكالمة كينكايد ابمتلفة انهارت سارة فور
وصولها ليلة الجمعة لتنام حتى ظهر اليوم التالى .اضافة الى طبخ عشاء ايطالى ملىء بالحراريات لذلك المساء. والان...بعد ان تسللت اشعة القمر فحولت البحر الى كتلة فضية وبعد ان اضاء اللهب الاصفر زوايا المدفأة،تملكتها رغبة فى الجلوس على الاريكة التماسا للقراءة وهذا ما فعلته حقل. بدت البيجاما الرقيقة وهى تمد ساقيها قصيرة حتما،لكنها هزت كتفيها اذ ليس حولها جيران ،وان اراد احد التلصص فيجب ان يكون عملاقا كى يتمكن من الوصول الى امستوى الطابق العلوى ونوافذه،فهنا،على الشاطىء الرملى
الممتد على كتف مضيق دوفر فوق مياه القناة ليس هناك اى كثبان او تلال رملية او حبل.سرعان ما بدا راسها يميل...وكتابها ينزلق من يدها حالما داعب النوم اجفانها.ايقظها شيء ما بعد ساعة ،ظنته للوهلة الاولى حسيس خشبة تحترق،اغلقت الكتاب ثم وضعته على الرف الابيض قرب مصباح سارعت الى اشعاله.كان التعب الذى يجتاح جسمها يدعوها الى الايواء الى السرير لكنها كانت هانئة سعيدة هنا قرب النار،فأغرقت رأسها عميقا بين الوسائد واخذ تتأمل اللهب الاصفر الذى يعلق الحطب المتفسخ تقريبا فى المدفأة.
من الاسفل،سمعت مسكة الباب تتحرك فطار من عينيها كل نعاس وصرخ فيها كل عصب حذرا...لص يقتحم المنزل!وهى وحدها اذ لا جيران حولها ليسمعوا استغاثتها. لم تصدر قدماها الحافيتان صوتا فوق السجادة اثناء اقترابها من الهاتف الواقع فى الجانب الاخر من الاريكة لكنها وجدت الخط مقطوعا عندما رفعت السماعة ...تصاعد الذعر الرهيب فى عروقها .
فات اوان الهرب لان الباب قد فتح والخطوات الهادئة راحت ترتقى السلم.دفعتها بديهيتها الى المدفأة،فتصاعد صوت المعدن فوق المعدن وهى تمسك بمحرك النار المعدنى من مكانه. توقف وقع الاقدام لحظة جمدت حينها قرب المدفأة،تتمسك بكلتا يديها بمحرك النار،ترفعه كما يرفع لاعب البايسبول مضربه امامه. تحرك الطيف باتجاه الضوء القاتم المنبعث من نار المدفأة.كان الطيف يرتدى سروالا اسود يعلوه قميص فاتح.لم يبد من وجه الرجل سوى زوايا ومسطحات تتخللها نيران تنعكس عليه من المدفأة دون ان تكشف الا ملامحا قاسية اوحت
اليها بانه ينظر اليها بفضول،ان لم نقل بدهشة تقدم خطوة الى الامام.فقفز قلبها الى حلقها مانعا الكلمات من الخروج.تلاشت الظلال...لتجد نفسها تحدق فى عينين زرقاوين راحتا تتجولان ببطء واهتمام فوق جسدها،بدءا من اطراف عنقها الطويل نزولا الى ثنايا صدرها فرقة خصرها ووركيها،ثم انحدارا على مدى ساقيها العاريتين وصولا الى اطراف اصابع قدميها،ثم صعودا من جديد بالاتجاه المعاكس. لم تكن سارة تدرك،ان نور اللهب وراءها يجعل بيجامتها الرقيقة اكثر شفافية ذلك ان حواسها كلها كانت منصبة على عينيه اللتين بدتا تخرقان جسدها،فلم تع مدى الاثارة التى يبرزها رداؤها الشفاف.
عندما عادت العينان الزرقاوان الكسولتان الى وجهها تطوفان فى تقاطيعه الرقيقة الناعمة وفى تسريحة شعرها القصيرة الجميلة،اخذت سارة ترتجف،فاشتدت قبضة يديها على القضيب الحديدى حتى ابيضت مفاصل اصابعها...فاجأها الغريب بصوت مشبع بمعانى خفية.
-قال فريدى اننى سأجدكل شيء أريده فى هذا البيت،لكنى لم أفهم أنه عنى كل شيء اطلاقا.حركت سارة محرك النار وقالت بصوت خرج منها كالهمس:
-اخرج من هنا؟ سمعت ضحكته العميقة،فأرادت الهرب لكن قدميها المرتجفتين لم تعيناها على ذلك. لم يحدث ان خافت يوما كما هى خائفة الان اذ قد يصيبها مكروه كبير تحاول بائسة ان لا تتصوره.عادت للتحذير
-الافضل ان تخرج من هنا او سأستدعى الشرطة.نظرت الى الهاتف،ثم اقتربت منه.انها تعلم ان الخط مقطوع،ولكنها كانت تحاول اخافته.سمعت الضحك فى لهجة صوته:
-اسف،ولكن الهاتف مقطوع مؤقتا.
اثناء زفيرها المتهدج من السرعة والياس،صدرت عنها انة رعب جعلت شدقيه ينحرفان بابتسامة بدت لطيفة بشكل غريب مع انها ممزوجة بالتهكم:
-لماذا لا تقولين لى من انت وماذا تفعلين هنا؟
صدمها سؤاله حتى عجزت عن الرد.اذ بدا لها ان وجودها لن يقنعه بالذهاب وعليها ان تفكر بشيء اخر.فقالت كاذبة:
-يجب ان تعرف اننى لست هنا وحدى،لقد ذهب زوجى الى المخزن ليشترى شيئا وسيعود حالا لذا الخير لك ان تغادر المكان قبل ان يعود.فابتسم الدخيل:
-حقا؟هذا رائع.ربما عندما يعود ستضعين قضيب النار من يدك لتشرحى بعض الامور.
خطا خطوة الى الامام،فرفعت سارة القضيب الى اعلى استعدادا للضرب.قلبها كان يخفق فى ضلوعها،ومعدتها بدات تتقلص من الخوف.قالت تهدد مرتجفة:
-لا تقترب اكثر،او ساحطم راسك.توقف،لن البسمة الكسولة بقيت على شفتيه.وقفته المسترخية لم تخدع سارة فهذا الرجل النحيل المفتول العضلات،المتناسق التقاسيم قلدر على الانقضاض بسرعة حيوان مفترس قال لها وفى صوته تلميح الى انها لن تساويه قوة:
-اعتقد انك قد تفعلين هذا.فجأةوقعت قطعة حطب فى المدفأة مصدرة صوتآمرتفعا خلفها جعلها تظن ان هناك من يهاجمها من الخلف.وقبل ان تدرك ان الصوت كان لحطبة محترقة،احست بفكى كماشة تطبق على معصمها بينما تولت يد لخرى مسؤولية الامساك
بالقضيب الحديدى.خرجت صرخة((لا!))من حنجرتها عندما خلت يدها من السلاح.اندفعت افرازات الغضب فى شرايينها،فراحت يداها وقدماها تضربان دون وعى ودون ان تصيبا شيئا.فى البداية اكتفى الرجل بامساك ذراعها والابتعاد عن ضرباتها،ولكن بعد ان وصلت ضرباتها اليه،اتخذ اسلوبا اخر لان جسدها فجأة هوى الى الاريكة فتصاعد حذر بدائى فى قلبها المرتجف عندما احست بثقل جسده يضغطها فوق الوسائد.
من خلال انفاسها المرعوبة المتقطعة حاولت التخلص منه دون جدوى ...فرجولته ايقظت مشاعر الخوف والحذر فيها وزادت جنونها ووحشيتها.لكن اصابعه القاسية كانت تثبت كتفيها الى الاريكة حاجبة ضربات قبضتيها عن الوصول الى هدفهما،تاركة اياها اسيرة بين ذراعيه.
عندما ضاعفت جهدها اضعافا مضاعفة،احست بان حمالة البيجاما،تتمزق تحت اصابعه عن غير عمد،ولكن لمسة اصابعه على لحمها الذى اصبح الان عاريا جعل دمها يجمد فى عروقها من الخوف.حرارة جسده كانت قد اثرت عليها الان.سمعته يشتم قليلآ،عندما اطلقت تنهيدة خوف وغرزت أسنانها فى شفتها.فصاح بها بخشونة امرآ:
-هلا توقفت عن هذا؟لا اريد اذيتك.
دخلت كلماته الى ذهنها فتذكرت فورا شيئا سمعته او قراته عن نصيحةتقضى بعد دفع المهاجم ايا كان الى المزيد من العنف.توقفت تدريجيا عن القتال،مع ان كل عضلاتها بقيت متوترة تأهبا لحركته المقبلة متحينة فرصة للهرب.
حينما اصبح تنفسها اكثرانتظاما وعمقا قال:
-هذا افضل.انتقل الى جانبها،منحيا جسده عنها لا قبضته وكأنه عرف انها ستهرب عند اول فرصة سانحة.قالت له بصوت جاف:-اتركنى!
كانت تعلم انه لن يتركها لكنها كانت بحاجة لهذا الطلب كى يعلم انها لم تستسلم كليا...فأجاب- ليس بعد.
فى النور المعتم قليلا ،شاهدت لمعان اسنانه لكنه انه يبتسم.عندئذ تألمت لأنها عاجزة عن مواجهة قوته الطاغية. اخذ يدنو منها،فأغرقت راسها فى الوسائد،لكنه مد ذراعه فوقها ليضيء المصباح الواقع على جانب الأريكة الآخر.
-والآن الى ببعض الايضاحات ... ماذا تفعلين هنا؟ قطبت سارة بارتباك:-انا اسكن هنا.بدت فى نظرته سخرية ممزوجة بالشك:
-هل تملكين هذا المنزل؟-حسنا...ليس بالضبط.تعجبت لما تشعرها اسئلته بعدم الاطمئنان،فلها الحق القانونى المطلق فى ان تكون هنا.رفعت يدها اليسرى المتحررة لتمسح خصلة من شعرها البنى عن عينيها.لاحقت نظاته حركتها عندها كان يكرر جملتها:
-ليس بالضبط...ماذا عن زوجك؟لقد قلت انه عائد بعد قليل.ومع ذلك فليس هناك خاتم فى يدك اليسرى،ولا اثر لارتدائك الخاتم فيها. علمت انها علقت فى فخ كذبتها فندمت:
-من الواضح انك لا تنتظرين زوجا رغم ملابسك المغرية هذه. عادت عيناه الى البيجاما الرقيقة القصيرة التى لا تغطى الى القليل من اجزاء جسدها وقد زاد الطين بلة الرباط الممزق المتدلى الى صدرها.احست بالمرارة تتصاعد حالما تذكرن ان ما ترتديه يكشف اكثر مما يخفى.أردف:
-لا اظن قطعا انك تتوقعين وصول احد.-لن تكون واثقا من هذا.
-الن استطيع؟النساء عادة يتبرجن ويتعطرن فى نقاط محددة عندما ينتظرن حبيبهن ووجهك نظيف و....رفع ذراعها الى انفه،ليشم رائحة الصابون الصرف بدل العطر.فابتسم وتابع:
-كما انك لا تستخدمينعطر شانيل((5)).
انتزعت سارة يدها منه:-وماذا فى ذلك؟هذا ليس من شأنك أضف الى اننى لست مضطرة الى تفسير الامورلك.فأنت من اقتحم المنزل وهاجمنى...انت...توقفت عن الكلام،عندما تذكرت ان عليها ان لا تذكره بسبب دخوله،او بأنها تستطيع بسهولة وصفه للشرطة.
اللمعان القاسى،اكد لها وجهة نظرها.قال مكررآبقساوة باردة:-اقتحمت المنزل؟بارعة انت فى اختلاق الاقاصيص.
-اختلاق الاقاصيص...
-اجل الاقاصيص.تحركت يده،ثم اظهر لها مفتاحا.-لقد استخدمت المفتاح لأدخل.انت من اقتحمت المكان.
حدقت سارة الى المفتاح فاغرة الفاه.-هذا مستحيل!اذا اريتنى مفتاحا يعنى ذلك انه مفتاح المنزل؟
-صدقينى انه كذلك.لذلك حان وقت التوقف عن تمثيل دور البريئة؟-تمثيل؟
تجاهل سخطها:امامك خياران،فاما ان ترتدى ثيابك وتغادرى المكان...واعتقد ان لديك ثيابا اخرى غير هذه...او اذا كنت بحاجة ملحة للمكان لتنامى الليلة،أنصحك بمشاركتى فراشى.
مرر اصبعه على كتفها العارية باعثا رعدة مختلفة فى جسدها._فى الليلتين الماضيتين وجدت الفراش مريحا لكنه فارغ.
-الليلتين الماضيتين؟فقال ضاحكا بسخرية:
-انت تتهمنىبتلفيق الاقاصيص!ويبدو انك انت المتفوق فى هذا المضمار...انت لست سوى كاذب!تحاول دفعى الى التفكير فى ان لك الحق فى البقاء هنا...حسنا...لقد علقت فى الفخ الذى نصبته لنفسك. ـــــــــــــــــ يتبع.. |