عرض مشاركة واحدة
قديم 17-06-13, 12:44 PM   #25

مغربيةوأفتخر
alkap ~
? العضوٌ??? » 296441
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 762
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » مغربيةوأفتخر is on a distinguished road
¬» مشروبك   fanta
¬» قناتك max
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس


-تمددت على الفراش وفكرت ان طوم سترانسوم يشكل لغزا محيرا. فقبل ساعة وصفته بأنه لا يطاف اما الان... الان ماذا؟ كانت لا تزال تحلل عواطفها المتضاربة عندما ساقها النوم الى عالمه...


حدقا ببعضهما البعض في معركة تحد صامتة حيث تألقت عينا فيفيان غضبا وشمخ انفها تمردا. وبالرغم من جسمها المتقلص نفورا واستياء فقد ادركت انها الخاسرة لا محالة. قالت في الاخيرة بنبرة لاسعة حانقة
-امرك يظهر ان ذهابي هو الخيار الوحيد. هل تسمح بأن اتي بدثاري؟
نادى احد العمال وكلمه بالكانتونية فأومأ الرجل وهرول بعيدا.
فقال طوم
-سيجلبه الى السيارة اوصيته كذلك بأن يخبر باركلي انك متوعكة ولا تريدين حرمانهم من متابعة السهرة.
-انت لا تطاق.
-هذا ما قيل لي قبلا. هل نذهب؟
-لا موجب لان تقبض على ذراعي.
فارخى رسغها وغادرا القاعة. لما اصبحا خارج البناء عبرا الشارع الى حيث اوقف سيارته وحالما اتخذت مكانها سمعا هتافا خلفهما فاستدارت واذ بجوليان يقطع الشاعر مهرولا وسترتها على ذراعه. هتف بقلق
-ماذا حدث؟ قال النادل انك اصبت بعارض صحي؟
لقد املت ان ينقذها جوليان لكن نظرة طوم الصارمة سحقت ذلك الامل سريعا.
اخذت نفسا عميقا واجابته
-لاتقلق يا جوليان. بدأ كاحلي يؤلمني فعرض الدكتور سترانسوم ان يوصلني الى البيت.
-لماذا لم تصارحيني بذلك؟ انها لشهامة منك ان تتدخل يا سترانسوم لكني لو علمت لقطعت السهرة فورا.
اجابه طوم بسلاسة
-لم تشأ الانسة كونيل ان تضطرك الى ترك ضيفيك الاخرين وبما اني سأضمد قدمها ثانية ارتأيت ان اوصلها بنفسي.
-اوه في هذه الحالة قد يكون من الخير ان تفعل. هل يمكنني المساعدة في اي شيء؟ اشعر اني المسؤول الوحيد عما حدث.
-بل الذنب ذنب الانسة كونيل لانها خالفت تعليماتي.
بدا جوليان منذهلا من هذه الادانة الصريحة. جلس طوم خلف المقود وادار المحرك. فوضع جوليان السترة حول كتفيها قائلا
-سأزورك عذا صباحا. يؤسفني ان السهرة انتهت بهذا الشكل يا عزيزتي.
اجابته وهي تبتسم بوهن
-لا عليك لقد استمتعت بها بالرغم من ذلك.
-تصبحين على خير اعتن بها يا سترانسوم.
انطلقا بالسيارة فلبست السترة والقت رأسها على ظهر المفعد.
كانت تحس صداعا وارهاقا وعدم قابلية لمواصلة الشجار. صحيح انها اغتاضت لانه ارغمها على قطع السهرة لكنها سرت ضمنا لخروجها من القاعة الخانقة والعابقة بالدخان.
فتح علبة سكائره وعرض عليها واحدة فرفضت شاكرة. فأشعل لفافة وسألها
-لماذا لم تستنجدي بباركلي؟
-فكرت في ذلك انما وجدت ان لا فائدة ترجى من ذلك فهو يتحاشى التورط في المشاكل.
-اتقصدين اني كنت سأحدث مشكلة؟
-ليس تماما انما لديك موهبة خاصة في تنفيذ رغباتك. أليس كذلك؟
-طبعا فلا جدوى من اتخاذ القرارات اذا لم يعمل المرء على تنفيذها.
-هل تثق دائما بصحة ارائك ووجهات نظرك؟
-بصورة عامة.
-لا ريب ان الثقة الشديدة بالنفس تزود المرء باكتفاء كبير.
-انها ضرورية للاضطلاعبأية مسؤولية فالطبيب مثلا عليه ان يتخذ قرارات سريعة ولا يسعه ان يتردد.
-اجل... كان معك صديقان هنديان. الن يتساءلا عن غيابك؟
-اخبرتهما اني سأغادر المكان.
صمتا فترة واخذ جفناها يرفان وهي تقاوم النعاس. ثم قال فجأة
-توقعت ان تقذفيني بعبارات نارية ام تراك تخططين لانتقام اكثر هدوءا؟
-ارهاقي يحول دون مشاجرتك. كان يوما طويلا.
فقال ضاحكا
-لقد ارحتني. انت عصبية المزاج يا فتاتي ولو ان كل مرضاي مثلك لاحتجت الى اجازة طويلة.
عندما وصلا البيت تناول حقيبته من المقعد الخلفي وفتح لها باب السيارة. كان الارهاق يشعرها بدوار وفي ضوء الردهة بدا وجهها شاحبا وقد احاطت بعينيها هالات سوداء. قال فورا
-اصعدي توا الى فراشك ودعي وصيفتك تساعدك. سأنتظر في غرفة المكتب.
ساعدتها كيم على الاغتسال وارتداء بيجامة قطنية. تدثرت بعباءة رقيقة واستلقت على الفراش ثم طلبت الى الفتاة ان تستدعي طوم.
قال وهو يدخل الغرفة
-ستأتي لك كيم بحليب دافئ. قد لا تحبين الحليب لكنه سيفيدك كثيرا.
ردت ببسمة خفيفة
-اذا رفضت شربه فسوف تسقطه في حلقي على ما اظن.
انتشر ضوء المصباح على شعرها المنسدل ومحياها الخالي من الزينة فبدت كطفلة مستسلمة.
جلس على حافة السرير وفحص كاحلها بأصابعه السمراء النحيلة التي تجمع بين القوة واللطافة. تألمت حين لمس موضع اللكمة ثم قال وهو يضمد قدمها برباط نظيف
-من حسن الحظ انك لم تتأذي كثيرا. هل شددت الرباط؟
هزت رأسها نفيا وودت لم تزيح خصلة الشعر التي هوت على جبينه. قالت فجأة
-كان لطفا منك ان تنجد الراقصة الصغيرة.
-اعتقد ان رفيقها لم يتعمد ايذائها. انه رجل مزارع ومن شأن اي واحد مثله ينعزل اسابيع طويلة في مزرعة نائية ان يتحامق بهذا الشكل. انه على الارجح شاب خلوق في اوقات الصحو.
تذكرت عيني الرجل المحمرتين الشرهتين ويديه الخشنتين اللتين كساهما الشعر الكثيف فقالت باشمئزاز
-بدا متوحشا.
قال وهو يثبت الرباط
-هناك عرق وحشي في كل منا لكنا نضبطه معظم الوقت.
طرقت كيم الباب ودخلت بكوب حليب على صينية. شربته فيفيان بامتعاض فقال طوم
-الان سأتركك لتنامي في سلام.
-بالنسبة الى فك الرباط هل ستأتي غذا ام اذهب انا الى العيادة؟
-سأزورك بعد الغذاء على الارجح.
ثم تناول يدها وقال هامسا
-نامي هنيئا يا صغيرتي.
بعد رحيله نزعت العبائة واطفأت المصباح. تمددت على الفراش وفكرت ان طوم سترانسوم يشكل لغزا محيرا فقبل ساعة وصفته بأنه لا يطاق اما الان... الان ماذا؟ كانت لا تزال تحلل عواطفها المتضاربه حتى ساقها النوم الى عالمه.
جاء السيد ادمز الى موبينغ بعد عشرة ايام. قال عندما التقته في المطار
-لا موجب لاسئلك ان كنت احببت الملايو فأنت تبدين فتاة مختلفة يا عزيزتي.
وافقته فيفيان مبتسمة
-هذا ما اشعره بنفسي. اني استمتع بحياتي كما لم افعل مطلقا من قبل.
بعد تناولهما الغذاء تطرق المحامي الى موضوع الارث فقالت الفتاة وفي عينيها ظلال قلق
-اعترف باني لم افكر في المستقبل بعد. كنت لفرط استمتاعي ارجئ التفكير باستمرار.
-افهم من قولك انك غير مستعجلة على العودة الى وطنك؟
فهتفت
-مستعجلة؟ لو اني اجد طريقة ما لبقاء هذا البيت مفتوحا لقضيت عمري هنا.
-اه اذا حزمت رأيك على ناحية معينة على الاقل.
فقالت باسى
-هناك فارق كبير بين التمني وتحقيق الامنيات.
-ليس دائما. بأي حال لا حاجة للاسراع في اتخاذ قرار. انا بادرت الى زيارتك لظني انك لم تحبي المكان.
قالت وهي تتلفت حولها بنظرة حانية عبرت عن شغفها بالبيت
-لا يسع المرء الا انا يغرم بكل هذا.
فعلق قائلا
-عندما اعربت عن رغبتك في الاستقرار هنا استنتجت انك اعجبت بالبلد وبالمنزل بشكل خاص.
-صحيح فالبيت رائع واعيش كالاميرات وحتى لو كان مجرد كوخ خشبي لرفبت في البقاء. هناك اشياء في هذه البلاد تسحر المرء. من الصعب ان افسر. ان الحياة في انكلترا تبدو كالحة جدا بالمقارنة. هل يوحي كلامي باني عديمة الولاء لوطني؟
-لا اظن ذلك يا عزيزتي فبعضنا يخلق للسفر ولايجاد مستقر جديد لنفسه. لقد امضيت زهاء اربعين سنة في سنغافورة واستطيع القول اني سأمكث فيها حتى مماتي. بالطبع انا فخور بجنسيتي الاسكتلندية وكثيرا ما احن الى التلال والاكواخ التي عرفتها صبيا لكن اذا رجعت اليها اليوم فسيبقى قلبي هنا.
-ادرك ما تقصد. انا لم يمض على وجودي هنا الا وقت قصير ومع ذلك اشعر بحيوية عجيبة... وتوجد اشياء كثيرة استطيع فعلها... سكان المستوطنة مثلا انهم يحتاجون الى من يساعدهم ويعتني بهم. اوه على فكرة لقد دعوت الدكتور سترانسوم والانسة بكستون الى العشاء.
حدتثه عن الانسة بكستون وكيف انها ستدرب اولاد المأوى على السباحة. ثم اردفت
-افكر ايضا في تأسيس حضانة لاطفال المستوطنة. انما قد يكون من السخف ان افعل ذلك لاني لن امكث هنا طويلا.
-لعله من الأفضل ان تنتظري قليلا.
فسألته
-هل تظن يا سيد ادمز ان هناك امكانية لاجد عملا في سنغافورة او في كوالا لامبور كي استطيع البقاء في الملايو؟
-اذا بعت المنزل فلن تضطري الى كسب عيشك وارجح كذلك ان تتزوجي في المستقبل القريب.
قالت ضاحكة
-وكيف اعتمد على زواج لم يحصل بعد؟ من جهة ثانية ينبغي ان اقوم بعمل مفيد اذ لا احد يعيش حياة ترف مطلق هذه الايام كما لا اريد بيع البيت لأي كان.
فقال المحامي
-ان مجموعة الجاد تساوي مبلغا كبيرا من المال سيمكنك من البقاء في البيت لمدة معقولة. في السنوات الاخيرة قدم عدد من خبراء الجواهر عروضا مغرية لابتياع القطع افراديا. لن نجد صعوبة في ايجاد شار.
-اجل فكرت في ذلك لكني اظن انها يجب ان تقدم الى متحف اذا لم يكن هناك بد من نقلها خارج البيت فأنا لا اريد المتاجرة بشيء امضى عرابي سنوات طويلة لجمعه.
تابعا الحديث حتى موعد الشاي وبعد ذلك دخل ادمز غرفته ليستريح فيما اشرفت فيفيان على التحضير لحفلة العشاء الصغيرة.
عند العشاء جلسوا جميعا يتسامرون وسرعان ما اكتشف السيد ادمز والانسة بكستون ان لهما اصدقاء مشتركين في سنغافورة وبما ان المحامي كان التقى طوم في مناسبات سابقة فسرعان ما اكتسب الحديث حرارة.
تحدثوا في مواضيع عديدة ثم انخرطت آنا وادمز في نقاش حول الثوانين المتعلقة بتبني الأطفال وقال طوم لفيفيان
-هل نتجول قليلا في الحديقة؟ لا اظنهما سيفتقدان غيابنا لعشر دقائق.
خرجا بهدوء من الابواب الزجاجية وعبرا الفناء المضاء بالمصابيح الى الحديقة. فهتفت فيفيان مشيرة الى اسراب من الذباب الناري المشع كالجواهر
-اوه انظر يا له من مشهد.
ثم سألته وهي تنظر الى وجهه المغمور بضوء القمر
-ترى اين تختبئ هذه الحشرات في النهار؟
-في النهار تصبح مجرد حشرات بشعة تختبئ في الفجوات.
-من الصعب تصديق ذلك. انها تبدو في غاية الروعة في ضوء القمر.
-نور القمر يؤثر ايضا على اشياء اخرى. انه كالماء اذ نظرت في بركة ورأيت فيها حجرا فانه يبدو لك قريبا من السطح لكن اذا مددت ذراعيك لوجدتيه بعيدا عن متناولك. نور القمر يشوه الحقائق بشكل ما.
فعلقت مبتسمة
-هل انت رجل واقعي بطبعك ام انك تصر كطبيب على رؤية الاشياء في الوانها الحقيقية؟
-اني كرجل وطبيب معا افضل الواقع على الخيال. ان الأشياء القيمة لا تحتاج الى ضوء لتظهر اصالتها.
كانا يعبران الدرب الضيق الذي يحيط بالمرج وعلى مقربة من السياج الكثيف الذي يفصل الحدائق عن الشجيرات البرية وفجأة قبض رسغها بقوة وهمس يأمرها
-لاتتحركي.
امتثلت لأمره وتجمدت مكانها وما هي الى لحظات حتى رأت شيئا اسود كحبل ملتو ثم ادركت انه ثعبان. بقي مكانه ساكنا لأقل من دقيقة وقد جعله سكونه اكثر شرا. ثم حرك رأسه قليلا وانسل ملتويا حتى اختفى في العشب القريب.
ارخى طوم ذراعها وقال
-زال الخطر. اتساءل ما الذي جاء به الى هنا؟ انهم يختبئون عادة في الوهاد.
-هل كان... ساما؟
-لا اعتقد ذلك ولكن لما المجازفة. ما بك؟
ارتجفت قرفا وقالت متلعثمة
-لاشيء... أشعر فقط...
فاحتواها فجأة بذراعيه وقال يطمئنها
-لقد رحل. لاتخافي. ان الثعابين والافاعي لا يلسعون الا عندما يؤخذون على حين غرة.
-آسفة لم ار ثعبانا من قبل.
-انك طفلة... وعلى فكرة سيقيم الجيش حفلة راقصة في الاسبوع المقبل. هل تودين حضورها؟
-اوه طوم كان بودي ان ارافقك لكن جوليان دعاني الى حضورها معه.
ترك يدها وتناول علبة سكائره فقالت بسرعة
-ليتك دعوتني قبله.
قال وهو يقدم لها العلبة
-من المؤكد انك ستستمتعين بصحبة باركلي.
تناولت لفافة وقالت وهو يشعلها لها
-انت لا توده أليس كذلك؟
-لااتعاطى معه كثيرا.
-انك تتهرب من السؤال.
فرد بصوت فاتر
-الشبان امثاله يحترفون اللطف مع النساء.
-انه انتقاد خبيث. اعلم انه يجب الغزل ولكن لا ضير في ذلك.
-شرط الا تأخذي غزله على محمل الجد.
-بالطبع لا. اننا مجرد صديقين.
فقال بحزم
-مادام يلتزم هذه الصداقة.
-ولماذا لا يلتزمها؟
-لان علاقاته السابقة مع النساء لم تقتصر على الصداقة.
قالت ببرود
-لم ادرك بأنك تعطي اذنك للشائعات.
-لا افعل. لكني اعرف نوعية باركلي.
-انك تظلمه كثيرا.
سألتني رأيي فيه واصريت على معرفته.
قالت بكبرياء
-اني فتاة راشدة وقادرة على اختيار اصدقائي.
-يا طفلتي العزيزة لم اقل لك عكس ذلك لا شأن لي بمن تختارين من الاصدقاء.
هتفت مغتاظة
-ليتك تكف عن تسميتي طفلة عمري اثنان وعشرون عاما.
رد بجمود
-آسف سأكف عن ذلك.
استلقت على سريرها الكبير ولاحقها السهد الى ما بعد منتصف الليل. اقنعت نفسها مرارا وتكرارا بأنه من السخف ان تدع جدالا تافها مع طوميثير اعصابها. وهمست بصوت عال
-لماذا؟ لماذا اكثرت بما يظنه عني؟
مرت الدقائق وعندما اشا عقربا الساعة الى الواحدة نهضت من الفراش واخذت تتجول في ارجاء الغرفة المعتمة وهي تتسائل عن الفارق الكبير بين علاقتها بطوم وعلاقتها بجوليان. فمع جوليان تشعر بالراحة والاسترخاء اما مع طوم فتنتابها سلسلة من العواطف لا يمكن التكهن بها وتراوح بين الهناء الطفولي عندما يكون لطيفا معها وبين العداء اللاسع عندما يسخر منها ويستبد بها. هذه الليلة كاد ان يبكيها فكرت بحرارة
-اني اكرهه اكره ثقته وتهذيبه البارد وتهكمه. اكره كل شيء فيه وليتني ما التقيته ابدا.
في تلك اللحظة عينها ادركت انها تحبه... ادركت ان الحب قد زحف في غفلة منها وبدون استئذان ليلف خيوطه حول قلبها. اكتشافها اشعرها بمرارة عميقة لان الوقوع في حب رجل كطوم سترانسوم لا يمكن ان يجلب السعادة ابدا.
عصر اليوم التالي سافر ادمز شمالا الى بينانغ حيث ينتظره عمل اخر ونصحها عند الوداع بأن تستمتع بوقتها اسبوعا او اسبوعين لبينما يجد لها عملا لائقا في سنغافورة او في اية مدينة اخرى في اتحاد الملايو.
لما رجعت من المطار وجدت جوليان ينتظرها فحيته بلهفة املت ان تلهيها رفقته المرحة عن افكارها المضطربة. قررا ان يسبحا حتى موعد الشاي ويذهبا من ثم الى السبنما في موبينغ.
استلقيا بعد السباحة على مناشف كبيرة تحت مظلة مخططة. ارتكز جوليان على مرفقه وقال وهو يراقب حركاتها الرشيقة.
-اتعلمين انك تصعبين على الوفاء بوعدي؟
-اي وعد؟
-بان لا اغازلك ثانية.
ادارت وجهها صوبه لكن عينيها المحميتين بنظارتين داكنتين لكم تكشفا له شيئا من رد فعلها. اقترب منها وازاح نظارتيها ثائلا
-هل لك ان تفكري الان؟ انا لا احب النكث بوعدي لكن اذا اصريت على ان تبدي كحورية جميلة فاخشى ان يتغلب الاغراء على ارادتي.
حدقت الى وجهه تبحث فيه عن جواب لسؤالها. انه وسيم جدا وبارع في الحب على الارجح. اضاف وكأنه قرأ أفكارها
-ما الذي يجعلك تظنين انك ستستمتعين الان بعناقي في حين انك نفرت من محاولاتي السابقة؟
قالت وهي تجلس الى جانبه
-لأن الأمور تغيرت وتعرفت اليك الان اكثر.
-انا ايضا ازددت معرفة بك يا دميتي. انت من النوع الذي يعتقد ان القبلات تعني الحب وان الحب يعني الزواج.
اجابته بهدوء
-انا لا أوهم نفسي بأنك تحبني يا جوليان اذا كان هذا ما تقصده.
-كلا لا اقصد هذا وما دمت قد ذكرت الامر فاعلمي اني لست واقعا في حيك بل لا اؤمن بوجود الحب. اما انت فتؤمنين به يا عزيزتي انما لا تحبينني لماذا اذا هذا الترحيب بقبلاتي؟
-بحق السماء هل عليك ان تحلل هذه الامور باستمرار؟
-ليس من عادتي ان احلل لاني لا اعرف فتيات كثيرات مثلك.
-لكنك تعتقد ان لدي دافعا خفيا؟
-اجل لابد من وجود سبب.
-ما اشد تواضعك اظن ان مطلق فتاة ترحب بغزل شاب وسيم مثلك.
قال باسما
-اطراءك لن يجديك نفعا يا فتاة وان كان ما تقولينه صحيحا فلماذا لم تنجذبي الى سحري من قبل؟
-اوه هذا اغرب جدل سمعته في حياتي خير لي ان اعود الى السباحة.
مدت يدها لتتناول قبعة السباحة لكنه اعتقل ذراعها وادارها صوبه وعانقها.
ازاحته بلطف وقالت
-لقد حان موعد الشاي. فسوف يطل تشن قريبا.
وغطست في الحوض قبل ان تعطيه فرصة للجدل. اشعل لفافة واخذ يراقب اطرافها السمراء وهي تسبح الى الجهة المقابلة حيث خرجت من الماء وجلست على الحافة تضحك من بعيد. وفجأة سألته
-هل لي ان اطرح عليك سؤالا خاصا جدا؟
-من كل بد فحياتي كتاب مفتوح وليست لدي اسرار اخجل منها.
-جوليان هل كنت على علاقة سابقة مع كارا ميتلاند؟
تقلصت يده وقال بوجه جامد
-لماذا تسألين؟
-لانه تكون لدي انطباع بانكما كنتما على علاقة في الماضي اما انك كنت تحبها او العكس.
-قلت سابقا اني لا اؤمن بشيء اسمه الحب وكذلك كارا لا تؤمن به على ما اظن. انها تحب الحرية والاستمتاع بالحياة.
اجابت فيفيان بتؤدة
-قد يكون ذلك مجرد ستار فهي لا تبدو سعيدة بالفعل. ربما هي ملت الاستمتاع بالحياة.
بعد تناول الشاي توجها الى موبينغ. كان الفيلم ملونا ويدور حول دراما عاطفية ذات حبكة مألوفة. جلسا في الصف الأمامي واصر جوليان على الامساك بيدها. بعد ذلك تجولا في السوق ثم عادا الى البيت.
حالما اصبحا داخل البوابة اوقف جوليان السيارة واخذها بين ذراعيه. لما اقترب منها انتزعت نفسها منه. فسألها
-ما الامر يا حبيبتي؟
-عناقك لا يعني لي شيئا.
-من السها ان اصلح ذلك.
هذه المرة الصقها به... ولما اخلى سبيلها انتابتها صدمة لكونها ادركت ان علاقة عابثة كهذه لن تبرئ قلبها الموجوع.
بدا ان جوليان استشف مشاعرها فقال
-اسمعي يا فيفيان انت فتاة محافظة لانك كالكثيرات امثالك لم تتح لك الفرصة لان تتخلي عن تحفظك. اما انا فشعاري في الحياة هو ان اعيش ليومي ولهذا السبب لا اعرف فتيات كثيرات على غرارك. لقاءنا اوجدته الصدفة واجد نفسي في وضع جديد وصعب نوعا لان تورطي مع فتاة محافظة يخالف قواعدي ولا ادري بالتالي كيف اتصرف.
-الا يمكننا ان نظل صديقين؟
-افهمتك قبلا يا دميتي اني لا اؤمن بوجود صداقة محضة بين الرجل والمرأة. لو كنت انت من النوعية الاخرى لكنا استمتعنا كثيرا وافترقنا وديا في نهاية الامر ولو كنت انا من نوعية اخرى لتبادلنا التنهدات الرومانسية والنظرات العذبة لكن كلا الحلين صعب بحكم الظروف.
لاذت بالصمت لعجزها عن الجواب. احزنتها فكرة انتهاء صداقتهما وادركت في الوقت نفسه صحة كلامه.
وعندما شيعته الى الباب قالت له مودعة
-سافتقدك يا جوليان. قد تكون خروفا اسود في قطيع ابيض ولكني اعتقد انك من افضل الناس خلقا.
احنى رأسه وقبل جبينها بلطف بالغ وما هي الا لحظات حتى كانت سيارته البراقة تنطلق بعيدا كالسهم.
بعد بضعة ايام وبعد ان اعادت الاطفال الى المأوى لفروغهم من درس السباحة بعد عصر صاخب امضته معهم دعتها الانسة بكستون الى العشاء. ولما انتهيا من تناول الطعام جلستا على الشرفة فقالت آنا
-لقد قمت بعمل انساني يتقاعس عنه معظم الناس. على فكرة لقد تخلف طوم عن زيارته الصباحية المعتادة. سيأتي غذا على الارجح. هل رأيته مؤخرا؟
فقالت فيفيان متظاهرة بالعفوية
-لم اره منذ سهرة العشاء.
-هناك رزمة كنت اعتزم ارسالها اليه مع البستاني فهل لك ان تؤدي لي خدمة وتوصليها الى بيته في طريق عودتك؟
وافقت فورا اذ لم تجد مبررا للرفض.
لكن حين عبرت البوابة ورأت سيارته متوقفة امام المدخل تخذ قلبها يخفق بانفعال. تركت المحرك دائرا وترجلت من سيارتها وفيما هي تصعد الدرج خرج الخادم. فأعطته الرزمة. ولما استدارت عائدة فاذا بها تسمع صوتا مألوفا ينادي
-لم كل هذه العجلة؟
-طلبت الي الانسة بكستون ان اوصل لك رزمة. ولم اجد ضرورة لازعاجك شخصيا.
- انت لا تزعجينني. تفضلي واشربي شيئا.
فتح باب السيارة فقالت متلعثمة
-كلا الوقت متأخر يجب ان اعود. ارجوك انا...
-اذ قدت السيارة بسرعة وذعر فقد تصطدمين باول شجرة. ادخلي.
تهدلت كتفاها وترجلت وهي تتنهد مستسلمة. ثم سألها وهما يدخلان غرفة الجلوس
-هل تسلمين الرزم دائما وكأنها قنابل موقوتة؟ اجلسي قبل ان تسقطي ارضا. لم كل هذا الذعر؟
-لست مذعورة. كل ما في الامر اني لم اعتزم القيام بزيارة رسمية من اجل تسليم رزمة.
رفع حاجبيه ولم يعلق. بعد قليل دخل الخادم بصينية شراب وطبق الساندويش.
وقال طوم
-لحم بقري بارد. فاتني اليوم طعام الغذاء. هل انت جائعة؟
هزت رأسها نفيا واخذت ترشف شرابها المثلج فيما انهمك هو في الطعام. تلفتت حولها تتفحص الغرفة وقد تغلب الفضول على اضطرابها.
بدا واضحا ان البيت يخص رجلا عازبا لخلوه من اية لمسة انثوية. وباسثتناء رفوف الكتب المتكئة على احد الجدران وكدسات الاوراق والمجلات على الطاولة لما اختلف المكان عن غرفة في فندق. لم تكن هناك زهور او وسائد او صور او زينة باسثتناء مدى محلية الصنع معلقة على الجدار المقابل للكتب.
جرع طوم كأسا اخرى من الشراب فلاحظت شعره المشعت والظلال القاتمة حول فمه. ثم رأته يمرر يده على عينيه وكأنه مصاب بصداع. قالت بصورة عفوية
-تبدو متعبا.
-كان يوما حافلا بالجهد. ثلاث ولادات تحطم دراجة نارية وفوق كل ذلك حادث انتحار.
ابتسم لها فترنح قلبها ونسيت لقاءهما البارد الأخير. بدا متعبا واحدث سنا واكثر ليونة مما ازال حواجز دفاعها وجعلها تسأله باسترخاء
-ماذا انجبت الامهات ذكورا او اناثا؟
-كلهم ذكور... لا تسلي عن فرح ابائهم احدى الامهات استعصت عليها الولادة فنقلتها الى المستشفى واظنها ستتخطى مرحلة الخطر.
تقدم الى الاريكة حيث تجلس وقدم لها لفافة ثم جلس الى جانبها فاستطاعت ان تشم رائحة المطهرات على جلده.
-وماذا عن الحادثة؟
-انه صبي ارعن كان يقود دراجته بسرعة رهيبة وصادف مروري بمكان الحادث قبل وصول الاسعاف. انه سينجو على الارجح. اما الفتاة التي انتحرت فقد تأخرنا في اسعافها.
سألته بوقار
-لماذا يقتل الناس انفسهم؟ لابد ان الانتحار يتطلب شجاعة فائقة.
-شجاعة ويأس. انها نهاية بشعة. هذه الفتاة في الخامسة عشر. خسارة كان بامكان آنا ان تساعدها وتعتني بأمرها.
اشاحت رأسها بعيدا. انها لا تنفعل بسهولة لكن تفكيرها في وصول تلك الفتاة الى حضيض التعاسة ولجوئها الى الموت كمهرب وحيد اشعرها بمأساوية الشباب والأمل فسد الأمل حلقها وارتجفت شفتاها.
ادارها طوم صوبه وهتف
-فيفيان لا تبكي يا عزيزتي. آسف. لم اقصد تكديرك.
صوته القلق ولمسته الحانية اثرا فيها جدا فألقت رأسها على كتفه وراح هو يمسد شعرها ويهمس لها مطمئنا. فحزنها العميق على الفتاة المستة اطلق عواطف حياتها الماضية المكبوتة وعجزت عن التحكم برد الفعل التي اجتاحها. وفي الاخير سكنت عاصفة عذابها وحل مكانها احساس رائع بالارتياح والاسترحاء.
ناولها منديلا كبيرا من الكاكي فمسحت به دموعها واطلقت تنهيدة طويلة. استكانت الى صدره العريض وحين سمعت دقات قلبه المنتظمة تصاعدت في داخلها موجة هناء رائعة.
-اتشعرين الان بتحسن؟
اومأت برأسها فأبعدها بلطف حازم فاذ باحساسها السعيد يخبو فجأة وينتابها حرج شديد من تصرفها الفاضح. احترقت وجنتاها وقالت بصوت مختنق
-آسفة جدا.
تطلع اليها لنظرة لم تفهمها وقال بهدوء
-ليس هناك ما يستوجب اسفك.
-ينبغي ان اذهب. تأخرت كثيرا.
نهض واقفا ولم يحاول اقناعها بالبقاء. ثم قال وهما يتوجهان الى السيارة
-كان يجب ان تأتي بكنزة. فطقس الليل بارد.
-لا عليك. سأطون بخير.
جلست خلف المقود وادارت المحرك فسألها
-امتأكدة من استطاعتك اجتياز الطريق الوعر في الظلام؟
-اجل لقد اجتزته عدة مرات من قبل.
-شكرا على ايصال الرزمة.
انحنى الى الامام فاحست للحظة بدفء يده الضاغطة على ذراعها ثم تمنى لها ليلة سعيدة وعاد الى البيت.
بعد حوالي ربع ساعة كانت تجلس في غرفة المكتب تحتسي شرابا ساخنا حين رن الهاتف في الردهة. سمعت تشن يرد على المكالمة وتسائلت عمن يمكن ان يخابر في هذه الساعة المتأخرة. اطفأت النور وخرجت الى الردهة فيما كان تشن يعيد السماعة الى مهدها. سألته
-من الذي خابر؟
-الطبيب يا سيدتي. اراد ان يطمئن الى سلامة وصولك.
- اوه... فهمت. ليلة سعيدة يا تشن.
-ولك ايضا يا سيدتي.
صعدت الى غرفتها وجلست الى طاولة الزينة تضع المساحيق المسائية على وجهها. ابتسمت لصورتها في المرآة وقد غمرها فرح مفاجئ.



نهاية الفصل الخامس


مغربيةوأفتخر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس