عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-13, 02:26 AM   #170

هند صابر

نجم روايتي و كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية هند صابر

? العضوٌ??? » 301727
?  التسِجيلٌ » Jul 2013
? مشَارَ?اتْي » 9,806
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Iraq
?  نُقآطِيْ » هند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond reputeهند صابر has a reputation beyond repute
افتراضي مشاعر شتوية............ الفصل الثامن

مشاعر شتوية

الفصل الثامن

اغمضت عينيها لاقتراب شفتيه كاد ان يقبلها لكنه لم يفعل اذ قال بصوت خافت: "انا اسف"
و تراجعت بتمايل عندما تركها و دخل المطبخ و صعدت السلم بإحباط شديد.
جذبت الغطاء عليها و اسندت رأسها على الوسادة و بقيت تتأمل النافذة التي تحدث اصوات خافتة بفعل قطرات المطر الذي بدأ يخف تدريجيا و عاد التيار الكهربائي......... اغمضت عينيها و استرجعت اللحظات لاسيما عندما وقف خلفها و امسك يدها لقد شعرت بارتجاف يده عندما بقي يحتضن كفها و كأنه فعل ذلك دون تخطيط و كأنه لا يريد ذلك...... ادارت وجهها الى الناحية الاخرى و تذكرته عندما قرب شفتيه من شفتيها جدا لكنه تراجع باللحظة الاخيرة..... لماذا لا يترك نفسه يتصرف على رسله ؟.... انها لم تضع امامه حاجزا او تبدي صدا..... هي اعطته الاشارة الخضراء اكثر من مرة و يبدو انه لم يفهم ذلك بعد!
استغرقت بالنوم و حلمت بالقلادة المقطوعة و كأن تشارلس قد اصلحها لها و وضعها في عنقها............
استيقظت باكرا جدا و قضت فترة الصباح كلها مع ربيكا التي كانت متغيرة المزاج هذا اليوم و غاضبة حتى اتعبتها جدا بطلباتها الغريبة و عنادها ثم ركضت الى الحمام و ارادت الاستحمام بالماء البارد و منعتها ساندرا برفق ثم بشيء من الحدة و نالت منها جزائها عندما اقفلت عليها باب الحمام و بقيت ساندرا تطرق قائلة: "ارجوك ربيكا لا تفعلين ذلك افتحي الباب"......... ضحكت ربيكا قائلة: "ابقي هنا الى الابد"
توترت و طرقت بقوة حتى اصابها اليأس و جلست على المرحاض و امسكت رأسها و كأنها تشعر بالوعكة......... ساد هدوء بالخارج و كأن ربيكا نسيت امرها و لويزا كانت خارج البيت لقضاء مشوار يخصها...... تعبت و تعرقت من شدة الاعياء.... ارادت ان تستحم إلا انها كانت تخشى ان تفتح عليها الباب فجأة او ربما تشارلس يأتي و يفتح الباب............. غسلت وجهها بالماء الفاتر و بللت عنقها و صدرها و عادت تترجى ربيكا ان تفتح لها الباب و لم تسمع منها جوابا...........
مرت ساعتين و هي حبيسة في الحمام و دمعت عينيها و ضربت على الباب بقوة شديدة مرارا و بعد مضي ساعتين اخر انهارت تماما و جلست بزاوية الحمام على الارضية و اسندت ظهرها على الجدار البارد و بردت فجأة كثيرا بحلول الغروب و اسندت رأسها على ركبتيها و استسلمت لوضعها حتى سمعت وقع خطوات في الغرفة و سمعت تشارلز يقول بصوت مستاء و متقد: "اين انت يا آنسة ساندرا بحق السماء اين انت؟"
ركضت الى الباب وقالت بضعف و تعب: "انا هنا في الحمام......... افتح الباب ارجوك لقد احتجزتني السيدة منذ ساعات"
قال و هو يضغط على يد الباب عدة مرات و بأنفعال: "اين المفتاح..... لا اجده..... تبا..... أي وضع هذا.... لقد وجدت ربيكا خارجه تتجول بالحديقة........ كدت اجن اول مرة يحدث هذا الامر"
و سمعته يبحث في الغرفة و صرخ بربيكا قائلا: "اين المفتاح ؟..... اجلبيه فورا"
كان صوته غاضبا و مرتفعا و كأنه افزع ربيكا التي قالت ببكاء: "لقد رميته من النافذة"
و شعرت به يخرج مسرعا و انهارت هي على الجدار و اغمضت عينيها لحين عودته.............. فتح الباب و دخل و تأملها كم هي متعبة و شاحبة و مثلجة......... قال و هو لم يقاوم غضبه: "كيف حصل هذا لك و لربيكا؟....... لقد وجدتها بالحديقة بهذا البرد ماذا لو فتحت الباب و خرجت الى الشارع؟...... ماذا لو كانت اضحوكة للناس و"
تهاوت و كادت ان تسقط لولا انه اسندها بسرعة و اخرجها و هي متهاوية على جسده الدافئ........... ابتعدت ربيكا و كانت ملوثة بالوحل و هزت رأسها بخوف و هو ينظر اليها بحدة و قال لها بقسوة: "سوف تنالين عقابك يا ريبيكا"
ساندرا و بسرعة وبالكاد تتمالك نفسها: "ارجوك لا تصرخ عليها انها غير مدركة لما تفعله"
اخذها بقوة و ادخلها غرفتها قائلا بخشونة: "ارتاحي الان فيما بعد لي كلام معك............ كل ما حدث يدل على اهمالك وعدم المامك بالأمور"
جلست على السرير و نظرت اليه باستياء و ذهب بخطى غاضبة.........
بعد ان غيرت ملابسها و رتبت شعرها بدأت تتحسن قليلا....... خرجت من غرفتها و هي تسمع توبيخ تشارلز وصراخه على لويزا التي عادت لتوها............. يبدو انه وصل مرحلة من الغضب و الهياج لما رآه من فوضى بالبيت و ذهبت هي مسرعة الى ربيكا و ادخلتها الحمام و جعلتها تغتسل وبدت المسكينة خائفة و مفزوعة من تشارلس هدأتها و قالت لها بلطف: "حسنا لا تخافين....... سوف لن اسمح له بمعاقبتك فقط انت لا تكرري ما فعلته"
قالت بخوف: "انت قلت نذهب الى الحديقة معا............. ذهبت و لعبت..... لعبت كثيرا مع بول..... باردة جدا..... جعلت بول يرتدي معطفه"
ساعدتها بارتداء ملابس مناسبة و ادخلتها بالسرير قائلة: "نامي الان و ارتاحي عزيزتي"
ربيكا و بتأمل: "انا سيئة لقد حبستك بالحمام و تشارلس غاضب جدا......... سوف يقيد يدي و يعطيني الدكتور حقنة مؤلمة.... انا مجنونة"
هزت رأسها نفيا قائلة: "لا لن يفعل اعدك بذلك"....... هبطت و في السلم توقفت عندما سمعته يقول و كأنه لم يهدأ بعد: "اعود من الخارج لأجد بيتي يعم بالفوضى ربيكا جالسة بالوحل و الاخرى حبيسة بالحمام و انت تتسكعين بالطرقات.... أي بيت هذا....... من سمح لك بالخروج و لماذا تأخرت؟ ألا تعلمين ان تلك الفتاة ما زالت صغيرة و غير ملمة بالعناية بريبيكا؟......... انا لا اثق بها لوحدها معها........ انا اصلا اجدها غير مناسبة لهكذا عمل و منذ رأيتها فوجئت كيف يبعثوا لي بها!"
لويزا و بتبرير: "يا سيدي الفتاة تبذل ما بوسعها من اجل راحة السيدة الكبيرة لا تجعل غضبك يفقدك قول الحق...... اراها تعاملها بمنتهى الرفق و الحنان و تمضي كل اوقاتها معها..... حتى ان السيدة تطلبها عندما تفتقدها قليلا و لم يسبق ان حدث ذلك مع أي واحدة اخرى و انت تعلم ذلك جيدا"
ساد صمت و دخلت هي و تأملتهما بهدوء..... نظر اليها ثم نهض و مر من جانبها و خرج من المطبخ و غلق باب غرفته بعصبية.
لويزا و بحزن: "اوه كم خفت عندما التقيته...... هذا خطأي لأني ذهبت دون ان اطلب الاذن منه....... كنت مضطرة فأولادي اجتمعوا لرؤيتي بعد ان أتوا من مناطق مختلفة و بعيدة"......... ثم ابتسمت بتألق و سعادة قائلة: "رأيت حفيدي الجديد انه جميل يشبه اباه"
اومأت هي متفاعلة معها و بعينيها نظرة حزن و استياء..... ان عدم اقتناعه بها بات يقلقها جدا و يغلق امامها ابواب الامل بالبقاء بهذا البيت الذي برغم خشونته وبرودته و وحشته قد وقع بنفسها و قلبها........... رغم صعوبة التعامل مع ربيكا و رغم كونها متعبة جدا و لا احد يحتملها إلا انها راغبة بالبقاء قربها........ ابدت لويزا استيائها مما حصل لربيكا و لها و اعلنت عن اسفها لكونها حبست بالحمام اربع ساعات و لامت نفسها لأنها تأخرت وساندرا اقنعتها ان الامر انتهى و الان كل شيء بخير...... لكن لو كان تأخر تشارلس اكثر لحلت الكارثة و لهربت ربيكا بالشوارع و حدث لها مكروه و هي لأغمي عليها بالحمام و لا تدري ماذا كان سيحل بها وقتها......... فركت يديها بتوتر قائلة: "اكثر ما ازعج السيد تشارلس ان اخته سوف تكون اضحوكة الناس و لم يفكر بأذيتها و تعرضها لمكروه وللبرد القارص بالخارج!............. لم يفكر انها ربما تقدم على احداث كارثة كأن توقد النار بالمنزل او ترمي بنفسها من النافذة او أي مصيبة اخرى"
اشارت لويزا قائلة: "اخفضي صوتك ارجوك..... لا تتحدثين هكذا عنه و تغضبينه اكثر"
هي و بضجر: "رغم ان الذي حدث لي بدون ارادتي فأنه رمى بكل اللوم علي.....انا ايضا تعرضت للضرر..... ألا يجب ان يعتذر مني على صراخه علي و على اخته المسكينة؟...... الذي حدث كان قدرا..... لقد اخافها و وعدها بالعقاب...... انه متحجر القلب تماما"
عضت العجوز على شفتها و ابدت خوفها و قلقها من احتمالية سماعه لذلك لأن الهدوء مطبق و صوتها مرتفع وكأنها متعمدة ان تجعله يسمع رأيها به.....
انهمكت لويزا بإعداد وجبة العشاء و بقيت هي جالسة و تتبادل معها اطراف الحديث الذي يخص اولاد لويزا ثم تحدثت بشأن دارين و كيف هي امرأة ودودة و ابلغتها لويزا عن رابطة الصداقة بينها و بين تشارلس و اخبرتها عن المشكلة التي تواجهها بشأن العقم الذي عند زوجها و كيف هي واقفة الى جانبه طوال سبعة اعوام و ذلك لأنهما متحابين...... ساندرا و بنبرة حالمة: "يالروعة الحب هذا...... تعلمين لويزا........ انا اود ان احب رجلا ما...... لكن لم اجد لا الرجل و لا الظروف المناسبة لذلك"
لويزا و هي تضع صينية المقليات في الفرن و بنظرة متفحصة: "هذا يعني انك لم تدخلي بعلاقة مع شاب بحياتك؟"
بقيت صامته وابتسمت ببهوت قائلة: "انا اجهل كل شيء عن الحب"
ثم نهضت و اعدت السلطات و ضحكت من لويزا لأنها بقيت مركزة بها باستغراب ثم خجلت من تصريحها هذا..... هذا يعطي انطباع للآخرين عن مدى سذاجتها و ايضا كأنها غير مرغوبة من قبل الرجال.....
قالت لويزا و هي تمسح سطح المائدة: "كونك جميلة و مليئة بالحياة توقعت انك قد خرجت من عدة علاقات عاطفية.............. معقول ليس لك حبيب؟" وأمضيتا الوقت بالحديث حتى اكتملت المائدة و ذهبت لويزا لمناداته و عندما سمعت ساندرا انه اعتذر عن مشاركتهم العشاء شعرت بالكآبة و السأم و تناولتا العشاء ببطء و سكينة حتى قالت بحزن: "بسبب وجودي اعتذر...... كأنه يكره رؤيتي"
لويزا و بسرعة: "لا تفكري هكذا...... لا علاقة لك بذلك".... ادركت ساندرا ان هذه المرأة تحاول التبرير فقط لتصرفاته الواضحة و اعلانه لانزعاجه منها هي سمعت كل شيء هو افصح امام لويزا عدم رغبته بوجودها بيتهم بصريح العبارة...... قالت لويزا فجأة: "ما بك عزيزتي؟...... أ تتوجعين؟"
امسكت بطنها و قالت بتعب: "نعم...... اشعر بالألم .....علي ان اذهب و استريح يبدو انني اليوم بردت كثيرا"
صعدت و القت نظرة على ربيكا واطمأنت عليها نائمة و مرتاحة و عندما اغلقت بابها اغمضت عينيها بقوة وهي تشعر بألم حاد لم تألفه و دخلت الى غرفتها بخطوات بطيئة و سرعان ما استلقت على بطنها و بدأ الالم يشتد عليها ويحتد بالتدريج.... وما ان مضي جزء من الليل حتى بدأت لا تحتمل ما اصابها و ارتدت روبها الاحمر و نزلت على عجل و هي تمسك ببطنها و تتوجع حتى جفت شفتيها..... القت نظرة في المطبخ و وجددته فارغا و اسرعت الى غرفة لويزا و طرقت على بابها عدة مرات وخرجت العجوز بملابس نومها و اتسعت عينيها عندما رأت ساندرا غارقة بدموعها .... قالت متألمة: "ساعديني ارجوك انني اتوجع كثيرا"
دخلت لويزا و تناولت ردائها السميك وارتدته و اخذتها الى المطبخ وقالت هي بقلق: "هذه المرة الاولى التي اتعرض لهكذا الم حاد لا ادري ربما سبب ذلك البرد هنا"
ربتت لويزا على كتفها و قالت بسرعة: "تعالي قرب المدفأة" وسحبت لها الكرسي قرب المدفأة و قالت هي ببكاء: "حاولت ان استوعب الالم دون جدوى..... اردت الانتظار الى الصباح و فقدت المقاومة............ اكاد اموت....اه"
وانحنت و هي تشد على بطنها بذراعيها و تجلس على الكرسي.......... اخرجت لويزا ابريق و وضعته على النار قائلة: "ساعد لك شراب الاعشاب ربما ذلك سيفيدك و ساعطيك مسكن"
ضربت بقدميها على الارض و عضت على شفتيها و هي تقاوم البكاء بصوت مرتفع.......... دخل تشارلس فجأة و النعاس باديا بعينيه..... و تطلع الى كليهما بتساؤل و قال: "ماذا يحدث الان؟....... ربيكا اصابها مكر وه ما؟" ثم نظر الى ساندرا المنحنية و لم تعد تصطنع الهدوء و سأل لويزا ما بها...... ثم قال بتركيز: "ما بك؟....... اجلب لك الطبيب؟"
رفعت بصرها و كان وجهها محتقنا و متعرقا و عينيها شديدتي الحمرة و استرعى ذلك اهتمامه و هي تقول: "سوف اتحسن لا داعي للطبيب"
اقترب و انجلى نعاسه و قال باستفسار: "ماذا اكلت اليوم؟....... تبدين متوجعة جدا"
لويزا و بسرعة: "ربما هذا الشراب سيفيدها..... اذهب و استرح انت يا سيدي....... ربما الامر لن يطول"
تطلع الى الشراب و قال بتركيز: "و ما هو ذلك؟..... و لماذا يفيدها؟"
ساد صمت و تطلع هو الى كليهما ثم تركهما و عاد الى غرفته............... قالت لويزا: "يبدو ان بقائك بالحمام لساعات ادخل البرد الى جسدك"
بعد لحظات اقبل هو و كان قد غير ملابسه و يريد ان يخرج بهكذا وقت وكان المطر غزيرا بالخارج ...... ذهب دون ان يتكلم مع احد.....ادخلتها لويزا في غرفتها قائلة: "ستمضين الليلة بغرفتي لأسهر عليك"
استمرت بالبكاء و ارادت هي الان الطبيب و بعد قليل سمعت اصوات كلام بالمطبخ بين تشارلس و جوزيف و خرجت لويزا و جلبتهما الى الغرفة....... القى جوزيف التحية و جلس امامها قائلا: "سلامتك يا آنسة........ تشارلز اتى الي ليسألني عن طبيب مناسب...... لكن قررت ان اراك بنفسي و عند الصباح من السهل جلب طبيب اخر اما انا فيبدو انني سأكون طبيب العائلة....... ماذا يحصل معك بالضبط؟ لا افهم شيئا من تشارلس"
نظرت الى تشارلس الذي كان محدقا بها و تناول جوزيف يدها و هي تقول: "آسفة لأني ازعجتكم جميعا بهكذا ساعة متأخرة"
جوزيف و بلطف و هو مرتديا معطف ازرق طويل و يلف عنقه بقماش سميك ازرق و شعره مبعثر و كأنه ايضا كان نائما: "استلقي من فضلك دعيني اقوم بمعاينتك على الاقل اعطيك مسكن يريحك الى الصباح"
قال تشارلس و هو يبتعد: "حسنا سأنتظر خارجا ابقي معهما لويزا"
فتح جوزيف حقيبته و قال بنبرة الاطباء: "بالتأكيد يصيبك هذا العارض يا آنسة لكون جسدك غير معتاد على هكذا طقس...... البرودة مطلقة في هذه المنطقة الجبلية...... لا تخافين انا الان سأساعدك"
و حقنها بمسكن و ابتسم مطمئنا و ربت على كف يدها البيضاء الناعمة ......... قالت بتوتر: "لي عتب عليك دكتور......اخبرتك امرا و طلبت منك السرية........ لماذا نقضت الوعد؟"
تلاشت ابتسامته و قال بتلعثم: "أ...... صدقيني...... حدث الامر دون ان اخطط له....... تشارلز مستدرج خطير و اوقعني بالكلام"..... ابعدت بصرها باستياء وقال باهتمام: "لم تعدي تثقين بي اعلم ذلك جيدا........ فعلت ذلك لصالحك....... انا اشعر انك راغبة بالبقاء بشدة في بيت فولرس و"
قال تشارلس و هو يدخل: "طمئنني دكتور؟" .... نهض جوزيف وتبادلت هي النظرات مع تشارلز الذي بدى قلقا و خرج مع جوزيف و بقيت لويزا معها..... اغمضت عينيها عندما سكنت اوجاعها و نامت بسرعة لأنها لاقت عذابا كبيرا و تعبت.

لا تدري كم استغرقت بالنوم في غرفة لويزا......... استفاقت على اثر لمسة يد دافئة قد مرت على وجهها البارد و عندما فتحت عينيها رأت تشارلس واقفا عند رأسها و عندما التقت عينيها بعينيه ابتسم بفتور قائلا: "كيف اصبحت الان؟"
اعتدلت ونظرت الى النافذة لتجد الصباح قد طلع و لويزا غير موجودة بالغرفة..... قالت و هي تتطلع بوجهه و ببهوت: "لقد عذبتكما معي...... آسفة"
هو و بشيء من الرقة بنبرته: "المهم انك بخير الان"
ثم اشار الى كيس الدواء قائلا: "جلبت لك الدواء حسب ارشاد جوزيف..... ارجو ان تتناولين العلاج بانتظام و إلا "........... و نظر اليها ممرا بصره بجسدها بالتدريج و واصل: "لا نعرف ماذا سيحدث بعد"
هي و بنبرة باهتة: "اشكرك على كل شيء...... لقد تكلفت خروجا عند منتصف الليل و جلبت لي العلاج الان....... اشكرك مجددا"... رمقها بنظرة غامضة و استأذن خارجا............
عندما تماثلت للتعافي في الايام المقبلة قررت ان تفعل شيئا في هذا البيت شيئا جديدا و تحدث تغييرا و لا تبالي بتشارلز اذا تضايق المهم انها ستفعل و هي واثقة ان ما ستفعله سوف يستسلم له بالنهاية لا محالة كما فعل حيال غرفته...........
قضت كل اليوم منذ الصباح الباكر و حتى الغروب تجري تغييرا في ديكورات الصالة و في المطبخ و الاروقة و قامت بشراء نباتات الظل و وضعتها في اركان البيت وبدت خضراء زاهية تشرح النفس و قامت بتنظيف الصالة و النوافذ و الستائر بمساعدة لويزا طبعا و غيرت اماكن الارائك في الصالة ورتبت التحف على مزاجها و رشت عطور الجو و فتحت النوافذ و جعلت الهواء الصافي المنعش يتبدل بالبيت ذهابا و ايابا من النوافذ اللامعة و في المطبخ غيرت ديكور المائدة و وضعتها قرب النافذة التي تزينها نباتات الظل الندية الحلوة............ كانت سعيدة بما تفعله و مفعمة بالحيوية و الامل و السعادة خاصة بعد ان تحدثت مع تشارلز امس و اخبرها انه سمح لها بمواصلة العمل هنا و لم يعد يريد رحيلها و ذلك بسبب رضا ربيكا عنها و قبولها بها............. قال قراره بمنتهى البرود و الجفاء و مع ذلك هي سعيدة لأنها احبت هذا المكان و احبت ناسه....... النشاط يتفجر بداخلها و كذلك الافكار الشبابية في تبديل اماكن اللوحات و كان لديها ذوق راقيا حتى غرفة تشارلس شملتها بالرعاية هي تدرك انه لا يوافق و سوف يوبخها لكن هي لم تسيء اليهم بعملها هذا بالعكس هي تقوم بخدمتهم و اسعادهم و على تشارلس ان يخرج نفسه من قوقعة الكآبة و القدم و اليأس...............
بحلول المساء كانت الصالة براقة و منيرة الاضاءة و زاهية................ قالت و هي تسير مع لويزا فيها: "ما زال امامنا الكثير...... هذا تغيير اولي و بسيط.......... لو كان الامر بيدي لغيرت ذلك الاثاث و السجاد بأشياء اكثر حداثة و اجريت تعديلات هائلة..... ان هذا البيت جميل جدا و ينقصه الكثير من الاهتمام و الترتيب"
لويزا و بقلق: "اخشى ان ذلك لا يرضي سيدي...... و اخشى عليك من غضبه"
توقفت و احاطت جسدها و تنفست الصعداء قائلة: "لويزا.......... لدي حدس بما ستكون ردة فعله ...... انا متوطنة لكل شيء"
لويزا و بإمعان: "اخشى ان يفكر بطردك مجددا"
ابتسمت بفتور و قالت: "لماذا يطردني و انا لا يهمني سوى اضفاء جو من البهجة في حياتكم الرتيبة....... لو كان هذا سببه لطردي فأنه مخطأ كثيرا و سيدرك ذلك بمرور الوقت"......... ثم ابتسمت بشيء من الثقة و قالت كأنها تحدث نفسها: "اشك انه قادرا على طردي"
اطرقت لويزا ثم خفضت بصرها و قالت: "منذ اتيت يا فتاة و كل شيء تغير...... انا نفسي تجدد الامل بداخلي.............. كنت سابقا اظن ان الحياة انتهت في هذا البيت و ستمضي سنوات بعد على هذا المنوال............. عشرة اعوام و انا اعمل هنا..... اعتقد يا ابنتي انه حان الوقت لنتكلم بجدية و اخبرك كيف كان هذا البيت"
وضعت ساندرا ذراعها على كتفي العجوز و سارتا معا الى المطبخ و قالت و هما تجلسان حول المائدة: "نعم لويزا انا بحاجة ان اعرف المزيد عن هذه العائلة و هذا البيت صدقيني انا متعاطفة مع السيدة الى درجة انني لم افكر بالأجر مطلقا"
سكبت العجوز الكاكاو الساخن بالفنجانين و قالت بتفكير و بطء: "قبل الحادثة كان هذا البيت يحفل بالخدم و الحياة الطبيعية......كان السيد تشارلس يبلغ الخامسة و العشرين من العمر و كان مفعما بالنشاط و الامل و الشباب و كانت له خطيبة جميلة بسنه من ايام الدراسة تعرف عليها و احبا بعضهما و عاشا قصة رائعة......... و كانت السيدة ربيكا امرأة ثلاثينية متزنة و حنونة و تشارلس يعتمد عليها بكل شيء..... ادارة البيت و ادارة شؤون حياته و يستشيرها بكل صغيرة و كبيرة بعمله و مستقبله اذ كانت بمثابة والدته..... و كان لها ولد جميل ثمرة عشق لرجل قام بخداعها و هجرها........ انا اتيت اعمل طاهية عندهم في تلك السنة قبل الحادثة بأشهر..... ارتحت كثيرا عندهم خاصة السيدة ربيكا كانت تحنو علي و تعطيني المال بكرم....... كانت جميلة و لطيفة و عاقلة في اتخاذ القرارات..................... كان هذا البيت يحفل بزيارات الاصدقاء و الاقارب و عائلة خطيبة السيد السابقة كانوا يأتون دائما و نسهر امسيات رائعة..... لم يمضي شهر على قرار زواج السيد حتى تغير كل شيء و استحالت الحياة هنا الى مأساة عندما..".............. توقفت و اغرورقت عينيها الصغيرتين بالدموع و هزت رأسها اسفا و هي تواصل: "لا استطيع نسيان تلك الاحداث الحزينة........ في يوم ما قرر السيد ان يذهبوا في رحلة الى البحر باليخت الخاص بالعائلة و كانت معه السيدة و الطفل و خطيبته و بسبب تهور السيد بقيادة اليخت و انشغاله مع خطيبته حدث اصطدام و غرق اليخت بهم و السيد انقذهم و لم يستطيع انقاذ الولد لقد فات الاوان".............. انهمرت دموع ساندرا التي قالت بحزن: "رباه...... هذا محزن"
واصلت لويزا بألم : "الصدمة كانت شديدة على السيدة اذ كان الولد كل ما تملك...... كذلك السيد تشارلز كان متعلقا جدا به الى درجة كان يصطحبه بأكثر مشاويره و يلعب معه كثيرا............. كانت الصدمة كبيرة عليهما معا...... السيد يعتقد انه السبب بدمار العائلة و السيدة لم تستوعب الصدمة اغمي عليها و دخلت في غيبوبة لمدة اسبوعين و بعدا استفاقت منها و هي على هذا الحال........ و السيد تحطمت احلامه و حياته و اصبح مختلفا........ عندما رأى اخته اصبحت هكذا كره الحياة........ جلب لها افضل الاطباء و سافر بها لعلاجها دون جدوى...... عندما عاد بها الى البيت و هي على حالها فوجئ بانسحاب عائلة خطيبته من حياته و بعدها تدريجيا خطيبته تخلت عنه و هاجرت مع عائلتها و لم يراها بعد طيلة الاعوام التي مضت...... تغير هو كثيرا و اصبح يتكلم قليلا و يقضي اوقاته بالعزلة و سرعان ما طرد كل الخدم و اصبح يتهرب من مقابلة الاصدقاء في البيت و حدثت مشاكل بينه و بين اولاد عمومته بشأن حالة السيدة و طالبوه ان تحرم من الميراث و تقسم ثروتها عليهم و هو رفض ذلك بشدة............. حتى انا طردني السيد لكن بقيت اكراما للسيدة التي كانت تساعدني كثيرا و اكراما له ايضا اذ كان متعاون معي و مع اولادي و ساعدنا كثيرا و اشترى لنا بيتا خاص بنا جميلا و واسعا...... الان انا اسكنت به عائلة و اتقاضى اجرا سنويا لأن اولادي يعملون بأماكن مختلفة....... لم اشأ ان اتركه في محنته هو والسيدة...... اقنعته انه غير قادر على ان يعيش وحده مع السيدة انهم بحاجة لمن يعد لهما الوجبات و يهتم بهما.............. منذ ذلك الوقت و انا ابذل مجهودي لخدمتهما حتى كبرت و تعبت فبدأ السيد يجلب مرافقات للسيدة لكن الامر لم ينجح معها........... سرعان ما يذهبن و يعتذرن بعدم قدرتهن على ارضاؤها و هي مخيفة و عدوانية و تضرب و تؤذي......... اول مرة تتحسن حالها منذ مجيئك يا ابنتي الينا........... اطلب منك ان تطولين بالك مع السيد فهو عصبيا بسبب ظروفه و انفصاله عن الفتاة التي عشقها و هو يفقد الثقة بأي امرأة...... يعتقد ان لا توجد فتاة ترضى ان تتزوجه و تمكث معه هنا و تحتمل حال اخته.............. و هو لا يريد ان يظلم امرأة معه و مع اخته و سرعان ما تتركه او يتركها بسبب تلك الظروف................. مرة واحدة جرب حظه و ذلك قبل عدة اعوام اذ تعرف على فتاة و طلبها للزواج لكن عندما عرفت بأمر اخته و ادركت انها مضطرة ان تعيش معها طوال الحياة طلبت منه ان يضعها بمصحة و شرطها هذا اثر به جدا فتركها فورا....... السيد يحب اخته جدا و قرر ان ينسى امره و يتفرغ لها طوال حياته الباقية"

تنهدت ساندرا و هي تسمع تلك القصة المأساوية الحزينة و شعرت بالشفقة و الحزن على ما اصاب العائلة تلك و اختنقت عليهما.............. تبا لخطيبة تشارلس كيف لها ان تتركه بمحنته...... امرأة لا تستحق حبه و كذلك الاخرى التي طلبت ان يترك اخته الوحيدة الكبيرة بمصحة و يعيش حياته؟..............لماذا عليه ان يضعها بمصحة و هي ليست مضطربة عقليا......... ان ربيكا مصدومة و بحاجة الى رعاية و حنان....... هي من ستفعل ذلك..... هي من ستداري على تلك المرأة حتى تتماثل للشفاء و لو كان شفائها مستحيل....... ستحاول و لعل السماء تساعدها.
تناولت ما في الفنجان ببطء و ادركت الان لماذا لا يوجد خدم في هذا البيت و لا اقارب ولا ضيوف و ادركت الظروف الصعبة الذي مر بها تشارلس.......... الحياة صلدت قلبه و قست عليه حتى جعلته خشن الطباع و قاسي الملامح و يضع الف حاجز امامه عندما يتعامل مع امرأة او أي شخص اخر.



التعديل الأخير تم بواسطة هبة ; 01-09-13 الساعة 11:57 PM
هند صابر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس