عرض مشاركة واحدة
قديم 11-12-13, 07:24 PM   #23

مثير الجدل
 
الصورة الرمزية مثير الجدل

? العضوٌ??? » 307952
?  التسِجيلٌ » Nov 2013
? مشَارَ?اتْي » 81
?  نُقآطِيْ » مثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond reputeمثير الجدل has a reputation beyond repute
افتراضي

خطابه الأخير :

أنها لعبة القدر , مذ كنت في 13 من العمر وأنا أنتظر يوما كهذا , أيها الحشد , ومن يشاهدني ويسمع , أريدكم أن تمعنوا النظر فيا جيدا , وتستمعون بضميرا لما سأقول .

أنا الشخص الوحيد في هذا العالم الذي تخطيت الجدار , لم يستطع أحد أن يفعل ذلك , ليس قبلي وليس بعدي , أخبروا عني قصصا تعدت الخرافة حدا , قالوا بأني خرجت من ألا مكان وأتيت من العدم , أحدثت صخبا سمع ضجيجه قعر المحيط , حتى أنني أصبحت مثلا يحتذى به , لكني لست مهتما بذلك .

دعوني أخبركم حكاية الرجل (يشير إلى نفسه) الذي خرج من حلمه غاضبا وراح يشمل الجميع في شتائمه , ضاربا عرض الحائط كل الخطوط الحمراء , حيث كان يعود كل ليله إلى مخبأه الذي لم يعرف مكانا آخر غيره , يتقوقع على نفسه هناك , هارب من كل شيء , حتى الأموات في مقابرهم تلبد خشيت منهم , منزوي في تلك الظلمة الحالكة التي خلت من بصيص نورا عدى ذاك الخافت فوق رأسه , يتحاشى نظرات الناس الموجعة بنفس تلومه وضميرا يأنبه , يفكر في الأختفاء تارة , وتارة أخرى تراوده فكرة الهروب من هذا العالم الموحش , لكنه لم يفعل .

ظل يعيش في ماضيه المؤلم التعيس بعد أن تركه الأحبة وحيدا , أنتحر أحدهم يلعن فقره , والباقين هربوا معه ينتقلون من مكان لغيره , يفرون بمشاعرهم التي ماسكنتها الطمأنينة مرة من واقعا لم يرحمهم , يمرون على الجميع والآخرون ينظرون إليهم بنظرات مختلطة فأناس باعوهم بسعر التراب وآخرون بكوا عليهم , والدته هي الأخرى توفيت تندب حظها النحس ومرارة الأيام التي عذبتها بمرض خبث أصابها وأوجعها وأرق جفونها , تركت ملقاة على الأرض دون شفقة من أحد أو حتى نظره , تصرخ وتصرخ عل صوتها يسمع دون جدوى أو فائدة , حتى الهواء توقف عنها رحمة بحالها , شقيقه الآخر تذكره القدر في ظهرا وقتئذ كانت الشمس تحرق بلهيبها كل من تجرأ عليها , فأصابته بحراراتها أنتقاما وقتلته في مكانه , ولم ترحم جلوسه على كرسي مافارقه لحظة ولادته .

عاش يشتكي ضيم الفراق ليال وليال , يخفي كل أوجاعه بداخله كي لايراه أحدا أو ينظر في عينيه , ويكتشف شيئا أو أشياء وآلام تلبدت وأجبرته على العيش محاربا يخوض معارك عدة , يتما وتشرد , فقرا وتسول , ضياعا وقهر , ألما تآكله من الداخل , ومصائب توالت عليه.

نظر في المرآة إلى نفسه فلم يعجبه ما رأى , ترك كل ذلك خلفه راغما , فلم يعد يتذمر أو ينتحب كلمة واحدة حفظها ويقولها دائما : إليا إلي ! يرددها لحظة غدرا أو مشكلة تختبره الحياة التي لم ينجح فيها أحد , الجميع خرج خاسرا يجر أذيال الخيبة معه عدى فئة قليلة وقليلة جدا .

عرف بأنه سيكون على القمة وأعلى الهرم يوم ما سيأتي لامحالة , مكتوب قدر له أن يعيشه , كقصة حزينة خلدت بين أوراقها أرواحا عزيزة عليه تعذبت وعانت وفتكت بها الحياة مآس وأوجاع , دفنوا تحت ترابا سقوه بدموعهم وآلامهم , ليخرج منه أحدا يخبر العالم بما جرى , كيف عاشوا وماتوا , نكرة , لاذكرى لهم عدى الهموم والأحزان , بلا ضحكة أوحب أو عاطفة , قلوبهم ماشعرت بالراحة مرة , يلملمون جراحهم بأياديهم الجافة التي ما لامست النعيم قط .

أجلس اليوم أمامكم والعالم بأسره يشاهدني , تجول بي الذاكرة إلى وقتا بعيدا مضى , وعدا قد قطعته على نفسي , بعد أن قضى مضجعي وأرق جفوني , أن ماحدث لهم لن يذهب أدراج الرياح أو يضيع وسط الزحام , لو كلفني ذلك حياتي وما أملك , أطحت كل من حاول الوقوف بطريقي , أزحت كل حجرة عثرتني , شققت الأرض شقا وخرجت منها .

أنا (بول جاك) , أبن ذلك الأب , وصغير تلك الأم , ورفيق ذاك الأخ , كل مافعلته في حياتي لأجلهم هم , هم عائلتي , التي رحلت دون أن يعرفها أحد .

هنا تنتهي حكايتي , بعد أن نفذت وعدي وما أثقل كاهلي سنين طويلة , وأيام ما كادت تمر لظلمتها .

لكن قصتي لم تمت , بل ولدت لتبقى , ستخلدها أوراق الحياة القاسية وصفحات العمر التي أنطوت على ذاتها بعد أن كتبت فيها الشقاء والدموع والألم .

كنت هنا معكم وبينكم وداخلكم ضيفا ثقيل أو خفيف لا أدري , لكم الحرية كيفما أردتم , فلا يهمني ذلك , على أية حال , أني راحلا الآن , قد أعود بعدها وقد لاأعود , وداعا للجميع , تذكروا فقط بأن (فرانك) مر من هنا .



مثير الجدل غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس