عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-14, 09:59 PM   #2385

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي

وضعه أربعتهم في بيته الأبدي، أربعة من العمالقة يزفونه عريسا مخالفا في رداءه ما ارتداه ابنه بالأمس... مسربلا بالأبيض! أربعة من العمالقة حملوه جسدا خاويا من روح تطوف بهم، تبكي لألمهم، تصبرهم بقرب اللقاء، تسألهم حسن الدعاء، تنتظر رحيلهم لتعود لجسد ارتدته طويلا حتى عافته وعافها!!
عمالقة هم، عمالقة على الألم، عمالقة على الوجع، عمالقة على عثرات الزمن، عمالقة على سلطة الطغاة، ولكنهم أقزام، أقزام أمام فراق الحبيب، يتقزمون أمام رهبة الموت فماذا ان كان الميت هو ذلك العظيم الذي حملهم كتل من اللحوم الحمراء المتراخية، فبدموع العين سقاهم ومن لحم الأكتاف أطعمهم ليكبروا يتكبروا!
لاعنا أعوام الفراق... بيد مرتجفة وللمرة الأخيرة كشف كرم عن وجهه الغطاء مقبلا اياه قبلة بين الناظرين فيلهب وجهه بدمعة أحرقت العين لتغافله فيتلقاها عنه أبوه الحنون مرتشفا عنه ولآخر لحظة ما به من هموم! وبيد جزعة مسح عن والده دمعتة وخرج من القبر يتبعه أخوانه يهيلون على والدهم التراب متذكرين أننا منه بدأنا وله نعود وأننا لله وانا اليه لراجعون!!
.................................................. .................................................. .................
آآآآآآآآآه يا شريك العمر... آآآآآآه يا حبيب القلب... آآآآآه يا ذخر الزمن الطويل.... آآآآه يا من ارتضيتك للعمر رفيق... آآآآآآه يا من خليت بي بآخر الطريق... فهل لي من بعدك أنيس وهل من ونيس!!
تنشقت وتهدلت الدموع من بين الرموش المسبلة يصلها العويل وذكر المآثر والفضائل لزوجها المرحوم، شهقت... عمر مضى قد كانت لك فيه ظل أثير ليغافلها في لحظة من الزمن ويفارقها وحيدا ببيت خال من الزوجة والأولاد... لطالما أحببت لمة الأولاد والأصحاب... لطالما كرهت الوحدة أفكنت تعلم انك ستموت وحيدا!!
لماذا لم تنتظرها؟ لماذا لم تستبقيها؟ لقد كنت تعلم... تكاد تقسم انك كنت تعلم!! ألم تخبرها أنك ستزف اليوم عريس!! أيا زينة العرسان لم لم تنتظر عروسا من بعدك عافت الحياة، فانتظرت معها هنيهات!!
فزّت مخنوقة بغصاتها المتزاحمة من الكنبة الملقاة عليها وقد لفحوها بغطاء ظانين أنّها غفت بعد ابرة مهدئة غرسها فيها ابنها علّها تهديء وجع الفراق فمن أين للألم من سبات وأنّى للعيون أن تعرف النوم بعد أن فارقها قرتها... بأنين موجوع قطعت قلوب المعزيات تناشده الرجوع... تناشده الانتظار... تناشده المزيد من لحظات الزمن المسروق!!
أما تلك التي عانت من اليتم الأمرين فما ان وصلها صوت أمها حتى ذهبت اليها تهديها من الصبر ما لم تكن تملكه هي لولا سلوى رميت في قلبها قبل البلوى فسبحانك يا الله ما أرحمك!!
حضنت رأس خالتها بينما تقرأ عليها من كتاب الله ما تحفظ بينما تلهج بقلبها بدعوة بالرحمة لذلك الذي أبى الا ان يكون عظيما مؤثرا أولاده وسعادتهم حتى آخر لحظة!
نعم فقد فارق والدها حياته بينما هم يحتفلون بالزفاف الميمون، أبى أن يضيع على ابنه و عروسه ليلة العمر، فكما أخبرهم خالها ما ان خرجوا هم حتى أخبره أنه يشعر أنها ساعته الأخيرة وطلب منه أنه ان مات قبل انتهاءهم فلا يخبرهم حتى ينتهي العرس...
تذكر انهيار أمها عندما رأته ميتا، صاحت بجسده الخالي لما اعتبرته ظلما بحق سنين زواجهم الطويلة، ناحت وهي المؤمنة الطائعة فلا طاقة لقلبها على ألم فراقه، تذكر انهيار عمتها التي كان خالها قد اتصل وأعلم زوجها فلحقت بهم لتصدم بالخبر الذي قلب أسعد أيام حياتها لأسودهم بينما ترتمي على صدره باكية ترتجي ذراعه أن تحيط بها كما اعتادت دائما وقت حاجتها!
شهقت غزل لا اراديا وغصت بدموع صامتة بينما تتذكر تشبث يوسف وعمر كل بذراع من ذراعي جسده الخاوي يقبلها ويغسلها بدموع عينيه يطلبون سماحه، يطلبون رضاه، يستصرخه صغيرهم... أفلا ينتظر معه النجاح... أفلا ينتظر حتى يراه راميا عنه ثوب المدارس البالي و ويقبله في الصباح متمنيا له التوفيق والفلاح في أول أيامه الجامعية... بينما ذلك الصامد الصامت عصي الدمع راكعا قرب قدميه غامرا وجهه فيهما بوجل شديد و رجفة واضحة، ففقد الغالي أكبر من كل الدموع وما كان ليس له رجوع وان رجع فيقسم أن لا يتركه يوما... يقسم أن لا مغتصبة ولا أميريكية ستفرق بينهم أبدا... أما هي فقد انتحت جانبا وتكوّرت كما طفلة في زوايا القلب تبكي من كان لها أبا وذخرا، انتحت... فهم به اليوم أولى، أمّا هي فما لها الآن الّا الله!
ومع مرور الوقت ورغم شدة الموقف وفجيعتها الكبيرة وجدت غزل نفسها تنغمس في معمعة بيت الأجر والمعزين فلا أحد بقادر على ترتيب كل الأمور سواها فليمت من يمت... البطون عليها ان تملأ وكل عليه أن يأخذ واجبه أما الحزن فلينتظر فأمامها عمر له!
بعد عدة ساعات كانت غزل منهكة رغم مساعدة سراب لها الّا أنّ أعباء أسبوع كامل كانت تتكاتف على ضعف جسدها، وبينما ترش الهيل الناعم المطحون على حبات التمر لتقدمها لابنة خالها فتوزع منها على المعزين مع القهوة العربية التي يجب أن تستمر بالدوران عليهم، راقبت سراب بينما تغادر المطبخ بنظرة اعتذار لتجيب أحمد الذي يتصل للاطمئنان عليها لعدد نسيت حصره لكثرتهم...
كم تشفق عليها فها هي تدخل عليهم البيت لأول مرة كعروس، يستقبلها العويل والنحيب بدلا من الزغاريد ويسلم عليها المعزيين بدلا من المهنئين ونظرات شفقة بدلا من الفرح وكلمة تقبل الله أجركم بدلا من بالرفاه والبنين!
وفي الخارج في صيوان الرجال المفتوح للعزاء وبعد انتهاء الغداء الذي قدّمه اليوم الخال أبو خالد للجمع الغفير كان كرم يجلس بوجه مسود كظيم هموم الدنيا ترزح فوق كتفيه، مخنوق وبشدة فغير تلك الدمعة التي سقطت منه في قبر والده لم يستطع أن يذرف، رغم أنّه كان قد شجع اخوته على البكاء في المقبرة، بعد أن كان صف المعزين الطويل قد انتهى وقتها ولم يبق سواهم حتى التف اخوته حوله يريدون تقديم تعازيهم له، لاحظ الكتمة التي كانت ترزح على صدورهم فلم يتمالك نفسه وقتها من أن يلمهم كلهم حوله ليحتضنوا بعضهم معا بدائرة مغلقة فوجد نفسه يقول لهم وقتها: فشوا حالكم ولا تستحوا... اذا هالدموع ما نزلت كرمال أبو كرم لمين بدها تنزل!!
تبسم مصغيا لهمسات معتز و يوسف بجانبه يهمسون متذمرين على أحوال الناس التي تعتبر بيوت الأجر مناسبات اجتماعية يلتقون فيها يتبادلون أخر الأخبار، ينتقدون الطعام أو يسهون فيعترفون أنهم مشتهين المنسف اللذيذ فهذه فرصة مناسبة لأكله، وأحيانا يتمادون فيبدأ المزاح والتنكيت متناسين قراءة القرآن والميت الذي بسببه مجتمعين!!!
وجد كرم أنّ أفكاره تتوه منه لتسرح في سماء غزل، لا بدّ أنّها مرهقة مثله ان لم يكن أكثر فبينما هو جالس هنا هي تستمر في العمل الذي لا يعرف حزنا ولا فرحا، تجهم وجهه بينما يذكر ردة فعلها عند دخول عمتهم ام عماد عليهم صباحا نائحة صائحة مفجوعة على أخ لم تره منذ شهور، لم يغفل وقتها عن تراجع غزل من أمامها بينما شهقة فلتت منها دون شعور ونظرة عينيها فيها مزيج من رعب وذنب بينما بادلتها عمتها نظرتها بنظرة... حقد!
تفكر كرم كثيرا بالموضوع وشعر أنّ مفتاح السر للموقف كلّه هو عماد المختفي من أربعة سنين، أربع سنين رقم مميز صحيح! ترك كرم كرسيه وتوجه لعمه أبي عماد يستفسر منه عن كثير مما فاته!
.................................................. .................................................. .................
نهاية مناسبة ليوم كهذا! هذا ما كانت غزل تفكر فيه بينما تصعد الدرج لشقتهم برفقة ابنتي عمتها أم عماد، لقد تقرر أن تستقبلهم الليلة وكرم في شقتهم بينما تنام والدتهم في الطابق السفلي وهذا ما كانت له غزل شاكرة كثيرا فلا طاقة لها اليوم على تحمل المزيد من نظرات عمتها القاتلة!
ما ان دخلن الشقة حتى شعرت بقدمي كرم تلحقها حاملا بين ذراعيه فراشا أرضيا، أشارت للفتاتين بالدخول لغرفة الجلوس بينما بقيت هي وكرم وحدهم في البهو أمام الباب، نظرا لبعضهم صامتين لتنطق بعدها هي بهمس: شو بدنا نعمل هسة؟
رفع كرم حاجبيه بينما يقول لها متجاهلا المعنى الضمني لسؤالها: شو بدنا نعمل يعني؟ بدنا انام!
ورفع الفراش الذي بيده ليكمل: هاي فراش، وحدة تنام عالصوفا ووحدة تفرش عالأرض
وتحرك كرم قبل أن تعاجله: وأنا؟
نظر لها بينما يزفر الهواء بقوة وبقول بتعب: غزل من شان الله أنا هلكان ومش فاضي لحركاتك هاي هسة... أنا هيني سابقك لا تتأخري!
تلكأت غزل قليلا مع بنات عمتها اللواتي لا يرقنها ولا تروق لهن لأسباب بمجملها مرتكزة على غيرة بنات، ومع ذلك حاولت أن تقضي معهن أطول فترة ممكنة قبل أن تسمع صوته يناديها من داخل الغرفة لتبدأ حينها بنات عمتها بلمزهن أنّ زوجها لا يستطيع النوم بعيدا عنها!
شاهدته متكئا على ظهر السرير بوجه شاحب هدّه التعب، رأتهم جميعا اليوم بتسللون لغرفهم يسرقون لحظات من الراحة، الا هو فلم تره الا منذ اقل من ساعة بعد أن ودّع آخر المعزين ودخل ليسلم على أمها معزيا اياها فلم تقدر تلك الأخيرة الّا أن ترى فيه شبيها لأبيه فارتمت بحضنه تشهق نازفة من الروح فهدهدها هو وهمس في أذنها ما قلب شهقاتها استغفارات و استرجاع
نظرت اليه مشفقة، فما يحمله من حزن كبير، اقتربت منه ووقفت تفرك يديها بارتباك وخجل واضحين، نظر لها رافعا حاجبه مستفهما فهمست بتلعثم مجروح: عظم الله أجركم كرم
غاردها بعينيه ليتنهد بحرقة وألم وأغمض عينيه قبل ان يبدأ بسماع معزوفة من الغصات الجافة بلا دموع، فنظر لها وعرف أنها بحاجة كمثلهم كلهم لكتفه المواسية فقدمها لها راضيا راضخا فمن أحق منها فيه، سحبها من كفها لتسقط في حضنه، نازعته لتقوم فقال بصوت أجش مما فيه من حزن مكتوم: غزل... خلينا ننسى... اليوم بس خلينا ننسى كل اشي.. وما نتذكر غير أبونا... وأنا ما بدي منك اشي... والله العظيم ما بدي هسة غير اننا نحزن مع بعض ونواسي بعض!
وهكذا كان فمصيبة تصغّر مصيبة وفقد أبو كرم لم يكن بهيّن، ناسية خوفها ورعبها، دست نفسه أكثر به، تشهق وتغرق جسده العضلي بدموعها تبحث في حضنه عن رائحة أب غائب
أغمض كرم عينيه باحثا بشفتيه عن جبينها، مرتاحا بين دموعها التي كانت تطفيء نيران صدره قبل ان تطفيء ما بصدرها!!


bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس