كان شعرها البني الكث منسقا فوق رأسها بجمال ... و حين وضعت عقدا و قرطين من الماس بدت سيدة صغيرة تملك حنكة و خبرة بإمكانها أن تواجه مفاجآت الحياة كلها . لكنها تمنت لو تشعر بذلك فعلا. في الوقت المناسب فرغت من زينتها و أخذ جرس الباب يقرع. تنفست بعمق ، ثم ذهبت لتفتح البال. و حالما فتحته ، أدركت أنها اقترفت غلطة حياتها. بدا الرجل طاغيا ، و او أنه لا يتحلى بمقياييس الوسامة التقليدية ... كانت تشع منه هالة من الكبرياء و الإرادة العنيفة . و منذ اللحظة التي تقابلت فيهما أعينهما ، أدركت جينيفر أنه أخذ يتأملها بتمعن. بدأ الحرج يغزوها فشعرت بالخجل من ثوبها و أحست بنظراته تخترقها أما هو فبدا واضحا أنه يستمتع إليها ، و هذا ما أغضبها ففي النهاية ليس إلا مجرد موظف . و الأسوأ أنها لمحت لمعانا ساخرا ، و كأنه فهم أفكارها فضحك منها في داخله. و باختصار ، كانت تتوقع دمية على صورة رجل و بدلا من هذا تملكها الارتباك . لم يخطر في بالها قط أنها ستقوم بهذه اللعبة المجنونة ... و أخيرا ، وجدت صوتها : مساء الخير يا سيد هاركر ... لقد تأخرت قليلا ، لكن هذا غير مهم. اعتذر بصوت لا يبدو فيه الاعتذار. - عفوك سيدتي لقد طرأت علي حالة مستعجلة لكنني الآن ملكك. ثم بسط يديه أمامها معلنا. - كل شئ جاهز ، حتى إنني نظفت أظافري لأجل المناسبة. و أدنى أظافره منها بأسلوب المزاح نفسه الذي يضايقها. هتفت فجأة : يا ألهي ! أية أزرار هذه؟. كانت تعلم أن ممثلا فاشلا لا يحتمل أن يشتري أزرارا ثمينة للقميص ، لكن هذه بدت سيئة حقا و كأنه اشتراها من بائع جوال. قال بغلظة : ما بها ؟ إنها أحسن ما لدي. اجابت و هي تبذل جهدها لتبدو مهذبة : لا تشكو من شئ ... إنها أعني ... إنها لا تتلاءم تماما مع ... عندي اقتراح ... انتظر لحظة . أسرعت إلى غرفتها أزرارا أرادت أن تهديها لدايفد بمناسبة يوم مولده القادم . كانت من الفضة مرصعة بماسات صغيرة كلفتها مبلغا كبيرا . و ما أرادتها حتى خفق قلبها لكنها كبحت شعورها ، ثم أطبقت يدها عليها . عندما من المافق أن يمد يده ، رفع حاجبيه بدهشة . أزالت الأزرار الرخيصة ثم ثبتت الأزار الغالية الثمن مكانها ، بعد ذلك رفعت إليه عينيها فرأته يحدق فيها ، و شعرت بسخونة تمتلكها و هي تقرأ السخرية الهادئة في نظراته. نظر إلى الماسات في أزرار القميص ، ثم التمعت عيناه و هو يرى الجواهر المرصعة في عقدها و قرطيها فتمتم يقول : أنا مسرور لأنني ألائم حليك. رفضت التجاوب مع سخريته ثم قالت : هذه مفاتيح سيارتي ، سيدهاركر ، هل نذهب ؟. عندما كشف الكارج عن سيارتها الفارهة ، قالت و قد أخذ الشك يتملكها : ربما من الأفضل أن أقود السيارة بنفسي. و مدت يدها تستعيد المفاتيح ، لكنه لم يتحرك بل أدهشها بصوته الحازم: اصعدي إلى السيارة إنني هنا لمرافقتك ، و سأقوم بالمهمة على أكمل وجه. لا يناسبك أن تقودي السيارة بنفسك فقد يدرك الناس أنك استأجرتني . اندفعت بعنف إلى المقعد المجاور للسائق ، ثم جلست بينما أخرج السيارة من الكاراج بخبرة تامة و كأنه يقوم بذلك يوميا . و تساءلت أين تراه تعلم هذه المهارة في قيادة سيارة قوية كهذه . سألها : من أي طريق ؟. - وسط لندن . توجه إلى (( ترافالغار سكوير )) ثم أدلك من هناك. و عندما أصبحا في الشارع ، قال بعفوية : أي قصة نويها للناس ؟. - قصة ؟. - قصتنا . إذا سألنا أحد ، فلتكن إجاباتنا مطابقة . متى تعارفنا ؟. - آه ، الأسبوع الماضي . - إننا حديثا المعرفة . لماذا ليس الشهر الماضي ؟. فردت بسرعة : كلا ، إنها مدة طويلة . - فهمت ... كنت تخرجين مع شخص آخر حينذاك ؟ لماذا لم تخرجي معه هذه الليلة ؟. - لأننا ... لأننا تخالفنا . - من نبذ الآخر ؟. - افتراقنا باتفاق مشترك. - أتعنين انه هو الذي هجرك ؟. - لم أعن شيئا كهذا . - هل سيكون موجودا هذه الليلة ؟. - ربما . - الأفضل إذن أن تخبريني باسمه من باب الاحتياط . فقالت بجمود : اسمه (( دايفيد كونر )). - هل تدربت على رواية على رواية قصة تعارفنا ؟. - كلا ... لا أدري ... سأفكر في شئ ما . قالت ذلك شاردة الذهن و شعور بالتعاسة يزداد في نفسها . - يدهشني أن أراك مشوشة التفكير . لقد اقتربنا من ساحة (( ترافالغار سكوير )) دليني على العنوان . - إننا ذاهبان إلى (( كيتسبي هاوس )) . حذار !. - آسف ، لقد انزلقت يدي على المقود . قال ذلك بسرعة ، لكنه في الواقع تلقى صدمة قوية إذ لا بد أن معارفه غير قليلين في ذلك المكان . و اتخذ قرارا سريعا . - الأفضل أن تعلمي أن اسمي الحقيقي ليس مايك هاركر . - أتعني أنه اسمك الفني في المسرح ؟. - كلا ، إنني ... لا بأس . اسمي هو (( ستيفن ليري )) . ها قد اقتربنا من المكان . أخبريني عنك بسرعة . |