الجزء الثالث يوم ولد ستيفن في الصباح التالي ، وصلت جينيفر الى مكتبها متأخرة لإنها لم تنم إلا بعد قضائها الليل تتقلب على فراشها أرقة . شعرت بالذعر تفكر كيف استسلمت لجاذبية رجل لا تكاد تعرفه . ثم غفت أخيرا لتستيقظ و في ذهنها حقيقة واحدة : ألا ترى ستيفن ليرى مجددا إذ يمكن لهذا الرجل أن ينسيها نفسها و من تكون . إنها حفيدة (( بارني نورثون )) الناجحة الرائعة الجمال و هي قرة عينة . لكنها أيضا تلك التي تؤوي الحيوانات الشريرة الضالة ... لماذا ؟ لأنها تشعر أنها هي نفسها أسبه بالضالة الشريدة . و لولا هذه الحيوانات لشعرت بحياتها فارغة موحشة . و ها هي الآن امرأة عاملة في القمة و قد سئمت العمل . في أعماقها ما تزال تلك الصبية ذات العشر سنوات التي هجرها أبوها من دون أن يلتقي عليها نظرة واحدة ، و كم كانت شغوفة به !. فكرت في دايفيد الذي أحبت فيه الرقةو اللطف ، بينما لم يعجب به أحد من أسرتها . قال جدها إنه ممل ، أما تريقور فكان أكثر جرأة في تفسير ذلك : لن يشعل أبدا نهر التايمس. لكنها لم ترد رجلا يشعل نهر التايمس ، بل إنسانا أن تعتمد على ثباته . و قد ناسبها دايفيد من هذه الجهة تماما . كان كذلك على الاقل ، إلى حين خلافهما ... لكنه ذنبها أيضا كما أكدت لنفسها ، فقد جرحت كرامته بطريقتها الخرقاء في تقديم المساعدة . و عندما يتراضيان ستكون أكثر أكثر حذرا. دايفيد رجل مسالم جدير بالثقة ، صحيح أنها تمنت أحيانا لو كان أكثر حزما ، خاصة حين يمس ضعفه قلبها . لكنها تحمل في أعماقها قوة هادئة . و على قدر ما تحتاج إلى رجل تعتمد عليه ، فهي أيضا بحاجة إلى رجل يعتمد عليها ، إذ لا يمكنها أن تتخلى عن أي شخص بحاجة إلى حمايتها . و هكذا لم يكن على دايفيد سوى أن يبتسم قائلا : ماذا كنت لأفعل من دونك ؟ حتى تذوب أمامه حبا و حنانا ، و لهذا أحبت دايفيد بكل جوارحها . و لهذا أيضا لن تقع في حب ستيفن على الإطلاق ، فهو لا يملك ما ينبئ عن ضعف في شخصيته . أما ما حدث بينهما فشعور مختلف ...كان أشبه بتحذير من حواسها لئلا تقع في شباك الرجل غير المناسب . وصلت المكتب باندفاع و نشاط و بالكاد لاحظت نظرات موظفيها ترمقها بفضول . كالعادة ، استهلت مهماتها بتفقد أسعار أسهم الشركة . و ما أنجزت هذه المهمة حتى جلست تحدق في شاشة الكمبيوتر و هي تقطب جبينها . - لا يمكن أن يكون هذا صحيحا . لماذا ترتفع أسعارنا إلى هذا الحد منذ أمس ؟. لكن الأرقام نفسها عادت إلى الظهور ، و في الدقيقة التالية رن الهاتف بجانبها و إذا بتريقور يقول لها : الأفضل أن تأتي إلى هنا و تعلمينني بما يجري. اجتازات جينيفر الممر إلى مكتبه و قد تملكتها الحيرة ثم قالت له و هي تغلق الباب خلفها : لم أفهم أيا من هذا . - إنني أتحدث عنك و عن شركة (( مشاريع تشارترز )). - ليست لي أية علاقة مع (( مشاريع تشارترز )). فأجابها تريفور ساخرا : آه كلا ؟ كما أنك لم تكوني مع مديرها الليلة الماشية ، كما أظن. - إنك تعلم أني كنت الليلة الماشية .. في الحفلة مع مايك هاركر ..... كلا ، انتظر ... قال إن اسمه الحقيقي هو (( ستيفن ليري )). - إذاا أخبرك بذلك ، و لم تسمعي صفارات الإنذار ؟. و ألقى تريفور صحيفة على مكتبة ، فاتسعت عينا جينيفر و هي ترى صورتها و ستيفن يرقصان . أما التعليق تحت الصورة فيصف تفاصيل الحفلة ، كما تحدث عنها و هن (( ستيفن ليري )) مدير شركة (( مشاريع تشارتيريز )) ، و مالك أكبر قسم من الأسهم و مهندس نجاحها الرئيسي. قال تريفور: يظن الناس أننا نتعامل مع شركة (( تشارتريز )) و لهذا ترتفع أسهمنا بشكل سريع... قالت بذهن شارد: لا أفهم هذا . لقد أخبرني أن (( مايك هاركر )) هو ممثل فاشل. فرد أخوها و هو يصرف بأسنانه : لكن هذاليسمايك هاركر . - حسنا ، إنه الرجل الذي ظهر على عتبة بابي . هذا .... أنا لا أفهم . لقد وقفت و تحدثت مع عدة رجال . - مثل هذا ؟. وضع تريفور إصبعه على صورة إخرى فتنفست جينيفر بحدة و قد فهمت ما يعني ، لقد التقطت الصورة عندما كان ستيفن يراقصها . أخذت تتأمل الصور بذعر . كيف كانت تنظر إليه بتلك الطريقة ؟ و هو ؟ هل فقد رشده هو أيضا ؟ أم تراه يضحك لأنه نجح في خداعه ؟. قالت عابسه : أظنني سأتحدث إلى السيد هاركر ... أو ليري .... لأو مهما يكن اسمه. اتصلت بشركة (( مشاريع تشارتيريز )) فردت عليها السكرتيرة ، و بسرعة أمرتها جينيفر: أبلغي من فضلك السيد ليري أنني لا أعرف ما هي لعبته ، لكنني سأعرفها حتما . * * * * * * * * * * * وصل ستيفن إلة مكتبه فوجد الصحيفة ملقاة على طاولته ، و موظفيه مغتبطين لهذا الانقلاب المفاجئ . كانوا يعلمون أن ستيفن يفاوض منذ مدة لشراء شركة (( كير كسن ديبوتز )) الواقعة في نفس منطقة (( نوثون )). لكن كير كسن يظل يطلب ثمنا مرتفعا للغاية . و هكذا افترض الكل الآن أن ستيفن يقوم بلعبة خفية . |