? العضوٌ???
» 6485 | ? التسِجيلٌ
» Apr 2008 | ? مشَارَ?اتْي » 93,121 | ?
نُقآطِيْ
» | | | | | | ولكن ذلك الحر اللاهب , والعرق الذى كان ينضح به جلد ميغ فى زحمة السير خارج قطار تولوز , لم يكن لينطبق عليه كلمة , دفء , التى وصف بها مخدومها ذاك , هذه المنطقة الجنوبية , فقد كانت السيارة التى أستاجرتها , أشبه بالفرن بينما كانت ما تزال فى مستهل رحلتها إلى هاوت أرينياك , فقد وصلت إلى فرنسا مبكرة يومين عن موعدها , وذلك لكى تمضى بعض الوقت فى التفرج قبل أن تستقربين آل دي بريسو كمرافقة للسيدة . كذلك , كانت هذه الفترة تساعدها على تمرين لغتها الفرنسية . فقد كانت متفوقة فى هذه اللغة بين تلميذات صفها فى المدرسة . كما كانت تحضر دروسا ليلية للتقدم بها .ولكن لم يكن أمامها فرصة لاختبار مهارتها فى تلك اللغة , فى قصر هاوت أرينياك , حيث أن السيدة مارغريت دي بريسو قد أبغت أثناء المراسلة , أن مارغوت لا تتكلم الفرنسية . وعندما احتجت ميغ على هذا القرار التعسفى بالإدعاء بأنها لا تحسن الفرنسية . قالت لها مارغوت ببساطة : " هذا شئ سيفيدك تماما إذ بإمكانك الادعاء بعدم الفهم إزاء أى سؤال لايعجبك ." فقالت ميغ بمرارة : " لا أريد الإدعاء بأى شئ ." فقد كانت تشعر بالذنب إلى درجة بالغة إزاء هذه اللعبة التي تقوم بها . ذلك أنها فى سبيلها إلى خداع امرأة مسنة شبه عمياء , وذلك لكي تساعد أختها فى العمل على هدم زواج حبيبها , وبالتالى تشريد امرأة غافلة بريئة مع أولادها . حتى ادراكها بأن هذا العمل سيعود بالفائدة على المربية إذ ستمتلك الكوخ , هذا الادراك لم يبعث العزاء فى نفسها أو يقلل من مبلغ الخسة التى تتنابها في عملها ذاك . كانت هذه الافكار تراودها وهي تنقر بأصبعها على عجلة القيادة فى انتظار الضوء الأخضر الذى لم يلبث أن ظهر لتتابع سيرها . كانت تتقدم بحذر بالغ أولا , لكى تعود نفسها على قوانين السير فى هذا البلد الغريب . وثانيا لكي تتعود على قيادة هذه السيارة التى وضعت تحت تصرفها . ولكنها سرعان ما أدركت أنها تسير فى طرقات جيدة اقل ازدحاما مما اعتادته فى انكلترا , ليبعث هذا فى نفسها الشعور بالارتياح . كانت السماء زرقاء صافية , ولكنها , وهي تسير نحو الشرق , لم تليث أن لمحت فى الأفق البعيد سحبا تتركام بصورة تنذر بالخطر . وفى الوقت الذى توقفت فيه لتبتاع طعاما للغداء , كانت تلك السحب قد حجبت السماء . وألقت نظرة قلقة على الجو المدلهم , وهى تقفل راجعة إلى سيارتها تحمل بعض السندويتشات وزجاجتى مياه معدنية . كانت قد صممت على أن تقوم بنزهة فى بقعة هادئة , واختارت , لذلك طريقا بعيدا عن الشوارع العامة لتتمكن من قيادة السيارة على مهل ولكى تتعرف إلى فرنسا الحقيقية . وبدا لها الآن , وكأنها على وشك أن تتعرف إلى جو فرنسا الحقيقى أيضا . إذ أنه , مع أن الحرارة كانت ماتزال مرتفعة , فقد كانت السحب تنذر بجو عاصف , ولكن , ما أن ابتدأت قطرات المطر تصفع زجاج السيارة الأمامى , حتى تخلت , مكرهة , عن قرارها فى تناول طعامها فى الهواء الطلق , لتركز اهتمامها على إيجاد مكان تمضى فيه ليلتها . وقد التقت فى آخر مدينة مرت بها , بفتاة رقيقة الشعور أرشدتها إلى فندق صغير يدعى الأوبيرج يقوم فى نهاية طريق جورج دي بيرون مشيرة إليه بعلامة على الخارطة التى كانت ميغ تحملها . وجدت نفسها تسير فى طريق متعرج تحف به صخور شاهقة . وما لبث أن الطريق أن أصبح فى محاذاة نهر غير عميق يتدفق فوق الحصى , لتعرف أنها قد وصلت الآن إلى الطريق المقصود الذى يقع الفندق فى نهايته . وعندما اشتد هطول المطر . فكرت فزعة بأن خير البر عاجله , فقد ابتدأ الرعد والبرق الآن فى التناوب , وأطلقت ميغ بعض الشتائم وهى تدير المساحة على الزجاج أمامها والتى لم تجد لها فائدة ملموسة أمام تدفق المطر الذى كانت الريح تصفع به الزجاج , مما جعلها لا تجرؤ على متابعة القيادة فى ذلك الطريق غير المستقيم . وهكذا , اتجهت بالسيارة إلى الجانب الصخرى من الطريق حيث أوقفتها هناك محتمية به . من ذا الذى كان يتوقع مثل هذا التغير السريع فى الجو . مع أن السيد أوتواي كان قد حذرها من تقلبات الجو السريعة هذه , منبها إياها إلى أن أفضل ما فى إمكانها أن تفعله فى هذه الحال , هو البقاء فى السيارة بدلا من تعريض نفسها إلى صاعقة البرق . وشعرت فجأة بالبرد , فتناولت سترتها من المقعد الخلفى تشدها على كتفيها . وألقت نظرة على النهر شعرت معها بقشعريرة باردة . كانت حرارة الجو فى انخفاض مطرد . وكانت مياه النهر فى ارتفاع حتى أصبحت متدفقة على ضفتيه . شعرت . بشئ من الفزع , وبأن هذا المكان غير مناسب للوقوف . ولكن , لابد لها من البقاء حيث هى إلى أن يخف هطول الأمطار على الأقل . ذلك أن العاصفة قد أصبحت الآن فوقها تماما . كما كان الرعد والبرق متزامنين معها تقريبا . وشعرت ميغ وكانها تحدق فى جدار من الماء . ربما كان من الأفضل لها لو أنها وصلت فى نفس يوم الموعد , فتجد من يستقبلها فى المطار كما كانت السيدة دي بريسو قد اقترحت . إذ أن هذا هو الطريق السوي الذى اعتادت هى أن تتبعه أكثر حياتها . | | | | | |